وقال الله تعالى شأنه في أول سورة الاسراء (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ).
والمتكلف يريد أن يعترض على معراج رسول الله «ص» الى السماء فاعترض على هذه الآية الكريمة «يه ٢ ج ص ٨٥» وقال وقصة المعراج هذه اخذت من كتب الفرس ومن خرافات اليهود القديمة فانها مذكورة في كتبهم ٤٠٠ سنة قبل الهجرة.
قلنا : ان هاهنا حقيقتين «إحداهما» الاسراء برسول الله «ص» من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ، «وثانيتهما» عروجه صلوات الله عليه الى السماء ، والآية المذكورة إنما تعرض لفظها للحقيقة الاولى ، فالاعتراض عليها من حيث الحقيقة الثانية إنما هو من سوء الفهم.
أما الاسراء الى بيت المقدس فلا ينبغي أن يختلج الشك في إمكانه في قدرة الله إلا أن تأتينا دواهي الأيام بمن يطرح عقله ودينه وأدبه ويقول : «واستغفر الله» ان هذه القدرة مختصة بإبليس حيث تنقل بالمسيح من البرية مرة الى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في طرفة عين ، ومرة اخرى الى جناح الهيكل «مت ٤ ، ٥ ـ ٩ ولو ٤ ، ٥ ـ ١٠».
وقد أعطى رسول الله لقريش علائم شاهدها حال الاسراء به كنفار بعض إبلهم في طريق الشام وأسمائها وأوصافها وكلام أصحابها ، فلما وردت القافلة بعد أيام تحقق المشركون من ذلك ما ارغم آنافهم وألقمهم حجرا. وأما الحقيقة الثانية فإنه وإن شك فيها بعض بواسطة سفاسف قد قيلت في الطبيعيات والهيئة القديمة مما لا يختص شططه بالجحود لحقيقة المعراج ، بل أول ما يعود الى الالحاد والجحود لقدرة الله وإرادته واختياره.
والكلام على هذه إنما يلزم في مقابلة الطبيعي الملحد ، وسيجيء إن شاء الله في المقاصد.
وأما من يتظاهر باليهودية والنصرانية فيكفينا أن نحتج عليه في إمكان الصعود الى السماء ووقوعه بكتبه التي ينسبها الى الوحي حيث تذكر صعود البشر