وباحتجاج أنا جيله على ان أبناء القيامة لا يتزوجون بكونهم مثل الملائكة «مت ٢٢ ، ٣٠ ومر ١٢ ، ٢٥ ولو ٢٠ ، ٣٦».
واعترض المتكلف أيضا على القرآن وقال «يه ٢ ج ص ٦٧ س ٢٢» عدم تعيين عدد الرجال يدل على الجهل ، يعني بذلك عدد الرسل الذين أرسلهم الله الى ابراهيم.
قلت : وقد قدمنا لك ان القرآن الكريم لم يدخل شئونه مدخل التاريخ بل لا يتعرض في نصه وبيانه إلا لما كان مهما في الغرض المقصود ولا مداخلة هاهنا في الغرض للنص على كون الرسل ثلاثة أو عشرة ، فاكتفى بالاشارة الى الحقيقة بصيغة الجمع وضميره الدّالين على انهم لا ينقصون عن ثلاثة.
ولا تعجب من سخافة كلام المتكلف في اعتراضه هذا ، ولكن تبصر فيما جناه بهذا الاعتراض على نفسه وعلى كتابه وعلى قومه ، إذ حمل المتتبع على أن ينظر في توراته فيرى خبطها في هذا المقام ، فانها بينما تقول ان هؤلاء الرسل ثلاثة رجال وقاموا وتطّلعوا نحو سدوم ، وانصرفوا من هناك وذهبوا نحو سدوم «تك ١٨ ، ٢ و ١٦ و ٢٢» أذابها قد قالت وجاء الملاكان الاثنان الى سدوم «تك ١٩ ، ١» فانقلب الثلاثة اثنين.
ثم قالت أيضا في مخاطبة لوط لهؤلاء الاثنين وجوابهما له ، فقال لهما لوط : لا يا سيد هو ذا عبدك ، وجد نعمة في عينك عظمت لطفك ، فقال له : قد رفعت وجهك ، أنا لا اقلب المدينة ، أنا لا أستطيع ان أفعل شيئا حتى تجيء الى هناك «تك ١٩ ، ١٨ ـ ٢٣» فانقلب الاثنان واحدا ، وحق للمتكلف أن يفتخر بتوراته ويقول ان الناس من هذا المقام أخذوا علم الحساب ووضعوا اصوله واستخرجوا قواعد الجبر والمقابلة.
ولعل المتكلف يقول : ان هذا المقام من مجاهرة التوراة بالثالوث ، فنقول له : ان توراتك ثلّثت وثنّت ووحدت موضوعا واحدا من الملائكة ، وان المعروف منكم وممن تقدمكم بعقيدة الثالوث كالبراهمة والبوذيين وغيرهم من الامم القديمة (١) إنما هو التثليث في الذات الإلهية تعالى الله عن ذلك ، فتجعلونه
__________________
(١) انظر كتاب العقائد الوثنية في الديانة النصرانية ص ١٧ ـ ٣٣.