قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الهدى إلى دين المصطفى [ ج ٢ ]

الهدى إلى دين المصطفى

الهدى إلى دين المصطفى [ ج ٢ ]

تحمیل

الهدى إلى دين المصطفى [ ج ٢ ]

16/362
*

معانيها «ذ ص ٧٣» ، فأقول : وقد جاء على مثل هذا الاستعمال قول لبيد بن ربيعة :

أليس ورائي ان تراخت منيتي

لزوم العصا تحني عليها الأصابع

وقول عبيد :

أليس ورائي ان تراخت منيتي

أدب مع الولدان أزحف كالنسر

وقول المرقش :

ليس على طول الحياة ندم

ومن وراء المرء ما لا يعلم

وهذه الأبيات وأمثالها لو طويناها على غرها لكانت على كل حال شاهدة بكثرة استعمال العرب للفظة «وراء» في المعنى الذي نحاه القرآن الكريم ، فإن وجه الاستعمال فيها وفي القرآن الكريم واحد ، لأن ما جعل الوراء ظرفا له في الشعر لم يقع في الزمان الماضي ليكون وراء بالمعنى المعروف ، وإنما هو مترقب في المستقبل فهو امام وقدام.

والتحقيق الذي توحي به كل فطرة سليمة ، ويشاهده كل فهم مستقيم هو ان «وراء» في الآيات والشعر مستعملة في معناها المعروف كناية ، عن كون مظروفها طالبا مستوليا كاستيلاء الطالب ، وقدرته على أخذ المطلوب إذا كان من وراثه ، قال تأبط شرا :

ووراء الثار مني ابن اخت

مصع عقدته لا تحل

ولا يسلم للآيات الكريمة والشعر المتقدم هذا البيان البارع لهذا الغرض العالي أو عبر بلفظة «امام» ولتنازل الكلام الى البساطة.

وقد جاء كثير من كلام العرب ما قد اخذ بمجامع البلاغة والبراعة ، وأوحى اسلوبه الخاص وصورته البهية بأسرار بديعة ومقاصد عالية ونكات شريفة لا يحيط بها الكلام البسيط إلا بتطويل ممل ، ولكن أصحاب صناعة النحو اضطروا في تطبيقه على صناعتهم التابعة للسان العرب لا المتبوعة ، والتجئوا اعتلالا الى التقدير ، وتوصلا الى الالمام بفهمه باسم التوسع مع انا نجد انه لو أظهرنا ما يقدرونه فيه لفات الغرض وانحل نظام الكلام.