اللفظين ، وتركوا الآخر الذي في معناه ، وإنما يستدل" سيبويه" بما ذكر من ذلك ، أنّ اللفظ قد تكون له حال ، لا تكون لنظيره لضرب من العلل.
قال سيبويه : (ومما جاء في الشعر على لفظ الواحد يراد به الجمع :
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا |
|
فإن زمانكم زمن خميص) (١) |
قال : وهو مثل البيتين الأولين أراد في بعض بطونكم ، ومعنى هذا البيت أنهم في زمن من مجاعة فيأمرهم أن يأكلوا بعض الشبع ، فإن الزمان فيه جدوبة.
قال سيبويه : (ومثل ذلك في الكلام قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً)(٢) ، و" قررنا به عينا" وإن شئت قلت : أعينا وأنفسا ، كما قلت : ثلثمائة وثلاث مئين ومئات".
وقد مر تفسير ذلك.
قال سيبويه : " ولم يدخلوا الألف واللام كما لم يدخلوا في امتلأت ماء".
قال أبو سعيد رحمهالله : يعني لم يدخلوا الألف واللام في" طبت به نفسا" ونحوه.
هذا باب استعمال الفعل في اللفظ
لا في المعنى ؛ لاتساعهم في الكلام ، وللإيجاز والاختصار. فمن ذلك أن تقول على قول السائل : " كم صيد عليه" وكم غير ظرف ؛ لما ذكرت لك من الاتساع والإيجاز فتقول : " صيد عليه يومان" ، وإنما المعنى صيد عليه الوحش في يومين ، ولكنه اتسع واختصر ؛ ولذلك وضع السائل" كم" غير ظرف.
قال أبو سعيد : اعلم أن هذا الفصل قد اشتمل على معان يكشفها التفسير ، منها أن تعلم أن في الظروف ما يجوز أن يستعمل اسما كزيد وعمرو ، كقولك : " صمت اليوم" على مثل : " ضربت زيدا" ، وتجعل" اليوم" مفعولا كزيد.
ومنها أن تعلم أن المبتدأ إذا كان بعده فعل فيه ضميره ، جاز أن يجري على المبتدأ من الاسم ما لزم ضميره من اللفظ ، كقولك : " زيد ضربته" يجوز أن يقال : " زيد" مفعول ، ونحن نعلم أن" زيدا" مبتدأ ، وإنما يراد ضميره مفعول.
__________________
(١) الخزانة ٣ / ٣٧٩ ـ ابن يعيش ٦ / ٢١ ، المخصص ١ / ٣١.
(٢) سورة النساء ، آية : ٤.