رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٣

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٣

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-091-9
الصفحات: ٤٢٨

وفي القوي : عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب ، قال : « فليقل ـ إلى أن قال ـ : فإذا ركع أجزأه إن شاء الله تعالى » (١).

وفي الخبر : عن رجل نسي أمّ القرآن : « إن كان لم يركع فليعد أمّ القرآن » (٢).

وهي ظاهرة في إجزاء الركوع وتسبيحه عن القراءة إذا شرع فيهما ، ولو وجب القراءة في الأخيرتين تداركا لما صدق معه الإجزاء جدّا ، هذا.

وفي الصحيح : في الرجل يسهو عن القراءة في الأوليين فيذكر في الأخيرتين ، قال : « أتم الركوع والسجود؟ » قلت : نعم ، قال : « إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها » (٣).

وفي قوله « أتم الركوع » إلى آخره ، إشارة إلى ما أفادته الأخبار السابقة من إجزائه عن القراءة قبله.

وفي قوله : « أكره » ردّ على أبي حنيفة ، حيث جعل الأخيرتين كالأوليين في تحتّم القراءة فيهما. وفيه حينئذ دلالة على أفضليّة التسبيح وكراهة القراءة ، كما اعترف به جماعة ، حاكين القول بها عن العماني (٤). ولكن الأحوط القراءة ، خروجا عن شبهة الخلاف في المسألة.

وفي أفضلية التسبيح مطلقا ، أم لغير الإمام الذي لم يتيقن عدم المسبوق ، أم القراءة مطلقا ، أم للإمام خاصة كذلك ، أم مع تجويزه دخول‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٥٤ / ١٣٤٠ ، الوسائل ٦ : ٨٨ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٨ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٧ / ٢ ، الوسائل ٦ : ٨٨ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٨ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧١ ، الاستبصار ١ : ٣٥٤ / ١٣٣٧ ، مستطرفات السرائر : ٩٨ / ٢١ ، الوسائل ٦ : ٩٢ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٣٠ ح ١.

(٤) منهم العلامة في المختلف : ٩٢ ، والشهيد في الذكرى : ١٨٩ ، والبهائي في الحبل المتين : ٢٣٢.

١٦١

مسبوق خاصة ، أم تساويهما ، أقوال مختلفة ، منشؤها اختلاف الأخبار في المسألة ، إلاّ أن أكثرها وأظهرها ما دلّ على الأول ، كما بيّنته في الشرح ، من أرادها راجعها ثمّة.

( ويجهر من ) الصلوات ( الخمس ) اليومية ( واجبا في الصبح وأوليي المغرب والعشاء ) الأخيرة ( ويسرّ في الباقي ) على الأظهر الأشهر ، وفي الخلاف والغنية الإجماع على جميع ذلك (١) ، وفي السرائر نفي الخلاف عن عدم جواز الجهر في الإخفاتية (٢).

وهو الحجة بعد التأسّي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح : قلت له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه ، فقال : « أيّ ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‌ء عليه » (٣).

ونحوه آخر ، لكن بزيادة في السؤال هي قوله : وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه وتبديل الجواب بقوله : « أيّ ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شي‌ء عليه » (٤).

ووجوه الدلالة فيهما واضحة ، سيّما بعد الاعتضاد بالأخبار الأخر الصريحة ، منها : « أن الصلوات التي يجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة ، فوجب أن يجهر فيها ليعلم المارّ أنّ هناك جماعة » (٥).

__________________

(١) الخلاف ١ : ٣٣١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨.

(٢) السرائر ١ : ٢١٨.

(٣) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٦٢ / ٦٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٣ ، الوسائل ٦ : ٨٦ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٦ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٧ ، الوسائل ٦ : ٨٦ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٦ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٠٤ / ٩٢٧ ، علل الشرائع : ٢٦٣ ، عيون الأخبار ٢ : ١٠٨ ، الوسائل ٦ : ٨٣ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٥ ح ١.

١٦٢

ومنها : لأيّ علّة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة ، وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ قال : « لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما اسري به إلى السماء كان أول صلاة فرض [ الله ] عليه الظهر يوم الجمعة ، فأضاف [ الله عزّ وجلّ ] إليه الملائكة يصلون خلفه وأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يجهر بالقراءة ليبيّن لهم فضله ، ثمَّ فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة ، وأمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ، ثمَّ فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة وأمره بالإجهار ، وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله تعالى عليه الفجر وأمره بالإجهار ليبيّن للناس فضله كما بين للملائكة ، فلهذه العلّة يجهر فيها » (١).

وضعف سندهما بالجهالة ودلالتهما بالأخصّية مجبور بالشهرة ، وعدم القائل بالفرق بين الطائفة ، مضافا إلى الأصول ، والإجماع المنقول ، والمعتبرة المستفيضة الصريحة في انقسام الصلوات إلى جهرية وإخفاتية (٢) ، وظاهرها التوظيف الظاهر في الوجوب ، سيّما بعد ضمّ الأخبار بعضها مع بعض.

خلافا للإسكافي ، فقال بالاستحباب (٣) ، ونسب إلى المرتضى حيث قال : إنه من وكيد السنن (٤).

وليس بصريح في المخالفة ، وعلى تقديرها فهو كسابقه شاذّ ، ومستندهما غير واضح ، عدا الصحيح في الجهرية : « إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر » (٥).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٥ ، علل الشرائع : ٣٢٣ / ١ ، الوسائل ٦ : ٨٣ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٥ ح ٢. وما بين المعقوفين من المصادر.

(٢) الوسائل ٦ : ٨٢ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٥.

(٣) كما حكاه عنه في المعتبر ٢ : ١٧٦ ، والمختلف : ٩٣.

(٤) نسبه إليه في المعتبر ٢ : ١٧٦ ، والمختلف : ٩٣.

(٥) التهذيب ٢ : ١٦٢ / ٦٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٤ ، قرب الإسناد : ٢٠٥ / ٧٩٦ ، الوسائل ٦ : ٨٥ ، أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٥ ح ٦.

١٦٣

وهو ـ مع قصوره عن المقاومة لما مر من وجوه عديدة ـ محمول على التقية ، لكونه مذهب العامة ، كما صرّح به جماعة ومنهم شيخ الطائفة حيث قال ـ بعد نقله ـ : هذا الخبر موافق للعامة ولسنا نعمل به ، والعمل على الخبر الأوّل (١). وفي عبارته هذه إشعار بالإجماع أيضا.

وأما الاعتراض على هذا الحمل بأنه فرع عدم وجود قائل به من الطائفة (٢) فغريب ، إذ ما دلّ على لزوم حمل الأخبار على التقية من الاعتبار والأخبار غير مشترطة لما ذكر بالمرّة.

وأما الاحتجاج للاستحباب بآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ) (٣) فلا وجه له ، لدلالتها بظاهرها على وجوب القراءة المتوسطة في جهرية أو إخفاتية ، أو استحبابها ، وكلاهما ينفيان رجحانهما في مواضعهما ، وهو مخالف للإجماع جدّا ، وكذا إن فرض دلالتها على التسوية بينهما.

وإن حملت على ان المراد من الوسط الوسط من الجهر فيما يجهر ومن الإخفات فيما يخافت فيه ، ومحصّلها حينئذ المنع من الجهر والإخفات الزائدين عن المعتاد ، كما فسّرته به كثير من النصوص (٤) فحسن ، إلاّ أنه لا حجة فيها على القائل بالوجوب ، بل هي مجملة تفسّرها الأخبار السابقة. وبالجملة فلا ريب في المسألة.

ويعذر الناسي والجاهل هنا إجماعا على الظاهر ، المصرّح به في التذكرة‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٦٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٣.

(٢) انظر المعتبر ٢ : ١٧٧.

(٣) الإسراء : ١١٠.

(٤) كما في تفسير العياشي ٢ : ٣١٨ / ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٧.

١٦٤

والمنتهى (١) ، للصحيحين الماضيين (٢).

ويختص الجهر والإخفات بالقراءة وبدلها دون غيرها من الأذكار ، بلا خلاف أجده ، للأصل ، والصحيح : عن التشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت ، للرجل أن يجهر به؟ قال : « إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر » (٣).

( وأدناه ) أي الإسرار ( أن يسمع نفسه ) ما يقرؤه ، ولا يجزي ما دونه إجماعا على الظاهر ، المصرّح به في المعتبر والمنتهى والتذكرة (٤) ، ونسبه في التبيان إلى الأصحاب ، مشعرا بدعوى الإجماع عليه أيضا ، فقال : وحدّ أصحابنا الجهر فيما يجب الجهر فيه بأن يسمع غيره ، والمخافتة بأن يسمع نفسه (٥).

وهو الحجة ، مضافا إلى المعتبرة ، منها الصحيح : « لا يكتب من القراءة والدعاء إلاّ ما أسمع نفسه » (٦). قيل : والظاهر من الإسماع إسماع جواهر الحروف (٧).

ولا ينافيه الصحيح المكتفي بسماع الهمهمة (٨) ، لأنها الصوت الخفي ، كما في القاموس (٩) ، ولا يعتبر فيه عدم الفهم وإن كان كلام ابن الأثير‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ١٣٤ ، المنتهى ١ : ٤٠٨.

(٢) في ص ١٦٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٣ / ١٢٧٢ ، وص ١٠٢ / ٣٨٥ ، قرب الإسناد : ١٩٨ / ٧٥٨ ، الوسائل ٦ : ٢٩٠ ، أبواب القنوت بـ ٢٠ ح ١ و٢.

(٤) المعتبر ٢ : ١٧٧ ، المنتهى ١ : ٢٧٧ ، التذكرة ١ : ١١٧.

(٥) التبيان ٦ : ٥٣٤.

(٦) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٤ ، الوسائل ٦ : ٩٦ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٣٣ ح ١.

(٧) الذخيرة : ٢٧٥.

(٨) الكافي ٣ : ٣١٥ / ١٥ ، التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٤ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٥ ، الوسائل ٦ : ٩٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٣٣ ح ٤.

(٩) القاموس المحيط ٤ : ١٩٤.

١٦٥

يقتضيه (١).

وأما الصحيح : « لا بأس أن لا يحرّك لسانه ، يتوهّم توهما » (٢) فقد حمله الشيخ على من يصلّي خلف من لا يقتدى به (٣) ، للخبر : « يجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس » (٤). ونحوه الصحيح في الصلاة معهم : « اقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس » (٥).

والذي يظهر للعبد من الجمع بين الصحيحين الأولين : كفاية سماع الهمهمة ولو من دون تشخيص الحروف ، ولكنه خلاف المتبادر من كلام القوم ، فالأحوط مراعاته.

ثمَّ إن ظاهر العبارة هنا وفي التحرير وبعض نسخ التلخيص ـ كما حكي ـ ونهاية الإحكام (٦) عدم منافاة إسماع الغير للإسرار في الجملة ، وهو خلاف ظاهر عبارة التبيان المتقدمة وكثير كالفاضلين في أكثر كتبهما ، والراوندي والحلّي والشهيد (٧) ، حيث جعلوا حدّ الإخفات إسماع النفس ، مؤذنين بخروج ما أسمع الغير عنه ، حتى إنّ الحلّي صرّح بأنّ أعلاه أن تسمع أذناك ، وليس له‌

__________________

(١) انظر النهاية ٥ : ٢٧٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٦ ، الوسائل ٦ : ٩٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٣٣ ح ٥.

(٣) كما في التهذيب ٢ : ٩٧ ، والاستبصار ١ : ٣٢١.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٥ / ١٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٧ ، الوسائل ٦ : ١٢٨ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٥٢ ح ٣.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦ / ١٢٩ ، الاستبصار ١ : ٤٣٠ / ١٦٦٣ ، الوسائل ٦ : ١٢٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٥٢ ح ١.

(٦) التحرير ١ : ٣٩ ، حكاه عن التلخيص في كشف اللثام ١ : ٢١٩ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٧١.

(٧) المحقق في المعتبر ٢ : ١٧٧ و١٨٠ ، والشرائع ١ : ٨٢ ، العلامة في المنتهى ١ : ٢٧٧ ، والتذكرة ١ : ١١٧ ، الراوندي في فقه القرآن ١ : ١٠٤ ، الحلّي في السرائر ١ : ٢٢٣ ، الشهيد في الدروس ١ : ١٧٣ ، والبيان : ١٥٨ ، والذكرى : ١٩٠.

١٦٦

حدّ أدنى ، بل إن لم تسمع أذناه القراءة فلا صلاة له ، وإن سمع من عن يمينه أو شماله صار جهرا ، فإذا فعله عمدا بطلت صلاته (١).

وظاهر الشيخ والفاضلين في المعتبر والتذكرة والمنتهى كونه مجمعا عليه (٢). فإن تمَّ ، وإلاّ فالأقوى ما عليه المحقق الثاني والشهيد الثاني وجملة ممن تأخّر عنهما من الفضلاء (٣) ، من الرجوع فيهما إلى العرف ، لأنه المحكّم فيما لم يرد به توظيف من الشرع ، ولا ريب أن إسماع الغير لا يسمّى فيه جهرا ما لم يتضمّن صوتا.

ومحصّل تعريفهما على هذا أنّ أقلّ الجهر أن يسمعه من قرب منه صحيحا مع اشتمالها على الصوت الموجب لتسميته جهرا عرفا ، وأكثره أن لا يبلغ العلوّ المفرط ، وأقلّ السرّ أن يسمع نفسه صحيحا أو تقديرا ، وأكثره أن لا يبلغ أقلّ الجهر.

ويعضد العرف ما في الصحاح : جهر بالقول : رفع الصوت به (٤). قيل : ويظهر ذلك أيضا من القاموس (٥).

مع أن ضبط التحديد الذي ذكروه يفضي إلى العسر والضيق والشديد غالبا ، والحال أنه لم يعهد منهم عليهم‌السلام المضايقة في أمثال هذا ، كما صرّح به بعض الفضلاء (٦) ، وصرّح آخر بنظيره ، فقال ـ تضعيفا لما ذكروه ـ : قلت : عسى أن لا يكون إسماع النفس بحيث لا يسمع من يليه مما يطاق ، ثمَّ‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٢٣.

(٢) الشيخ في التبيان ٦ : ٥٣٤ ، المعتبر ٢ : ١٧٧ ، التذكرة ١ : ١١٧ ، المنتهى ١ : ٢٧٧.

(٣) المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢٦٠ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٦٥ ، وانظر مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٢٦ ، والمدارك ٣ : ٣٥٨ ، والذخيرة : ٢٧٥.

(٤) الصحاح للجوهري ٢ : ٦١٨.

(٥) القاموس ١ : ٤٠٩.

(٦) السبزواري في الذخيرة : ٢٧٥.

١٦٧

قال : ويدلّ على السماع ما مرّ عن العيون (١) ، من أن أحمد بن علي صحب الرضا عليه‌السلام فكان يسمع ما يقوله في الأخراوين من التسبيحات (٢).

أقول : مبنى الاستدلال به على ما ظاهرهم الاتفاق عليه من وجوب الإخفات في الأخيرتين ، وعليه فالرواية صريحة في المطلوب ، معتضدة بالعرف واللغة والاعتبار ، كما عرفته.

لكن الأحوط ما ذكروه ، لشبهة الإجماع الذي ادّعوه ، وإن أمكن الذبّ عنه بأن عبارة التبيان (٣) غير صريحة فيه ، بل ولا ظاهرة.

وأما الفاضلان (٤) فهما وإن صرّحا به إلاّ أنه يحتمل ـ احتمالا قريبا يشهد له سياق عبارتهما ـ كون متعلّقه خصوص لزوم اعتبار إسماع النفس في الإخفات ، ومن السياق الشاهد بذلك عطفهما على الإجماع قولهما : ولأن ما لا يسمع لا يعدّ كلاما ولا قراءة ، ومنه أيضا قولهما ـ فيما عدا المنتهى في حدّ الإخفات ـ : وأقلّه أن يسمع نفسه.

وهو كالصريح في أن للإخفات فردا آخر أعلى من إسماع النفس ، ولا يكون إلاّ بإسماع الغير من دون صوت ، وإلاّ لتصادق الجهر والإخفات في بعض الأفراد ، وهو معلوم البطلان ، لاختصاص الجهر ببعض الصلاة والإخفات ببعض ، وجوبا أو استحبابا.

( ولا ) يجب أن ( تجهر المرأة ) في مواضعه إجماعا محققا ، ومحكيا في كلام جمع (٥) مستفيضا ، للأصل ، مع اختصاص النصوص الموجبة له‌

__________________

(١) العيون ٢ : ١٧٨ / ٥ ، الوسائل ٦ : ١١٠ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٤٢ ح ٨.

(٢) كشف اللثام ١ : ٢٢٠.

(٣) راجع ص ١٦٥.

(٤) راجع ص ١٦٦.

(٥) كالمحقق في المعتبر ٢ : ١٧٨ ، والعلاّمة في التذكرة ١ : ١١٧ ، والمنتهى ١ : ٢٧٧ ، والشهيد في الذكرى : ١٩٠ ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٦١.

١٦٨

وللإخفات ـ بحكم التبادر الموجب من سياق أكثرها وفتوى الفقهاء ـ بالرجل دونها.

ومنه يظهر عدم وجوب الإخفات في مواضعه أيضا ، كما صرّح به جمع (١).

ولكن ينافيه ظاهر العبارة ككثير ، حيث خصّوا الجهر بالنفي ، ووجهه غير واضح.

وفي الخبر : هل عليهنّ الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال : « لا ، إلاّ أن تكون المرأة تؤمّ النساء فتجهر بقدر ما تسمع » ولم يظهر بذيله عامل.

والظاهر جواز الجهر لها إذا لم يسمعها الأجانب ، كما صرّح به جمع (٢) من غير نقل خلاف.

وفي جوازه مع السماع قولان ، والمشهور المنع مع الفساد ، بناء منهم على كون صوتها عورة يجب إخفاتها من الأجانب ، وظاهر المنتهى وغيره وصريح غيرهما الإجماع عليه (٣). فإن تمَّ ، وإلاّ فما ذكروه مشكل ، وإن كان أحوط.

( ومن السنن : ) الاستعاذة بعد التوجه قبل القراءة ، للآية (٤) ، والمعتبرة المستفيضة فعلا في جملة منها (٥) ، وأمرا في أخرى (٦).

وتوهم الوجوب منها ـ كالقول به المحكي عن أبي علي ولد شيخنا‌

__________________

(١) كالمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٢٨ ، والمجلسي في البحار ٨٢ : ٨٣ ، والسبزواري في الذخيرة : ٢٧٥.

(٢) كالشهيد الثاني في الروضة ١ : ٢٦٠ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ١٣٤ ، والمجلسي في البحار ٨٢ : ٨٣.

(٣) المنتهى ١ : ٢٧٧ ، وانظر التذكرة ١ : ١١٧ ، وكشف اللثام ١ : ٢١٩.

(٤) النحل : ٩٨.

(٥) الوسائل ٦ : ١٣٤ ، ١٣٥ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٥٧ الأحاديث ٤ ، ٥ ، ٦ ، ٧.

(٦) الوسائل ٦ : ١٣٣ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٥٧ ح ١ ، ح ٣.

١٦٩

الطوسي (١) ـ مردود بإجماعنا على عدمه في الظاهر ، المحكي في الخلاف ومجمع البيان والمنتهى والذكرى (٢) ، وغيرها (٣). ويشهد له جملة من النصوص أيضا ، منها : « إذا قرأت بسم الله الرّحمن الرّحيم فلا تبالي أن لا تستعيذ » (٤).

ومحلها الركعة الاولى من كل صلاة لا مطلقا إجماعا ، كما في صريح المنتهى وشرح القواعد للمحقق الثاني وظاهر الذكرى (٥) وغيرها (٦) ، وهو ظاهر من الأخبار ، حيث لم يستفد منها الشرعية إلاّ فيها ، وإطلاق الآية يقيّد بذلك ، مع أن القصد هو التعوّذ من الوسوسة ، وهو حاصل في أول ركعة ، فيكتفى به في الباقي ، كذا في المنتهى وغيره (٧) ، وزاد في الأوّل فاستدل بالنبوية العامية أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا نهض عن الركعة الثانية استفتح بقراءة الحمد (٨).

وهي سرّيّة ولو في الجهرية ، بلا خلاف أجده ، وفي الخلاف الإجماع عليه (٩). والخبر الفعلي محمول على تعليم الجواز ، إذ ليس الإجهار بها حراما ، بل جائز وإن ترك المستحب ، كما صرّح به جمع (١٠).

و ( الجهر بالبسملة في مواضع الإخفات من أوّل الحمد ) مطلقا ( والسورة ) حيث تقرأ ، للإمام والمأموم ، وفاقا للأكثر على الظاهر ، المصرّح به‌

__________________

(١) حكاه عنه في الذكرى : ١٩١.

(٢) الخلاف ١ : ٣٢٤ ، مجمع البيان ٣ : ٣٨٥ ، المنتهى ١ : ٢٦٩ ، الذكرى : ١٩١.

(٣) انظر كشف اللثام ١ : ٢٢١.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٣ ، الوسائل ٦ : ١٣٥ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٥٨ ح ١.

(٥) المنتهى ١ : ٢٧٠ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٧١ ، الذكرى : ١٩١.

(٦) راجع كشف اللثام ١ : ٢٢١.

(٧) المنتهى ١ : ٢٧٠ ، وانظر كشف اللثام ١ : ٢٢١.

(٨) صحيح مسلم ١ : ٤١٩ / ١٤٨ ، بتفاوت يسير.

(٩) الخلاف ١ : ٣٢٦.

(١٠) منهم الشهيد الثاني في الذكرى : ١٩١ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢٧١ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ١٩٨.

١٧٠

في كلام جمع (١) ، بل المشهور في كلام آخرين (٢) ، وفي الخلاف الإجماع عليه (٣).

وهو الحجة ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة ، بل المتواترة (٤) ، ففي جملة منها مستفيضة عدّه من علامات المؤمن الخمس المذكورة فيها ، وهي : « صلاة الخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختم باليمين ، والتعفير بالجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم » (٥).

وليس فيها كغيرها التقييد بالإمام كما عليه الإسكافي (٦) ، ولا بالأوليين كما عليه الحلّي (٧) ، مع أنهما شاذّان ، غير واضحي المستند عدا لزوم الاقتصار فيما خالف لزوم الإخفات المجمع عليه ، على المجمع عليه والمتيقن من النص ، وهو عند الأول الإمام خاصّة دون غيره ، وصرّح بالاستحباب في الأخيرتين ، وعند الثاني بالعكس.

ويضعّفهما ـ بعد الشذوذ ـ الإطلاق المتقدم الراجع إلى العموم المقوّي بفتوى المشهور ، وتزيد الحجة على الثاني بعدم ثبوت الإجماع على وجوب الإخفات في الأخيرتين مطلقا حتى في البسملة إلاّ بنقله ، وهو موهون بمصير عامة الأصحاب ـ ولا أقل من الأكثر ـ على خلافه.

__________________

(١) كالعلاّمة في المنتهى ١ : ٢٧٨ ، وصاحب المدارك ٣ : ٣٥٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ١٣٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٢٠.

(٢) كالعلاّمة في المختلف : ٩٣ ، والشهيد في الذكرى : ١٩١ ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٦٨ ، والمجلسي في البحار ٨٢ : ٧٥ ، وصاحب الحدائق ٨ : ١٦٧.

(٣) الخلاف ١ : ٣٣٢.

(٤) انظر الوسائل ٦ : ٧٤ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢١.

(٥) التهذيب ٦ : ٥٢ / ١٢٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٤٧٨ أبواب المزار بـ ٥٦ ح ١ ، وانظر البحار ٨٢ : ٧٩ ـ ٨١.

(٦) حكاه عنه في المختلف : ٩٣.

(٧) السرائر ١ : ٢١٨.

١٧١

ثمَّ إن ظاهر سياق الأخبار المزبورة الاستحباب ، حيث ساقت الإجهار به في سياق المستحبات بلا خلاف ، مع إشعاره به من وجه آخر ، مضافا إلى التصريح بالإجماع عليه في الخلاف (١) ، وفي المروي عن العيون أن الجهر به في جميع الصلوات سنة (٢).

فالقول بالوجوب مطلقا ، كما عن القاضي (٣) ، أو في الأوليين خاصة ، كما عن الحلبي (٤) ، ضعيف ، يدفعه مع ذلك الأصل السليم عما يصلح للمعارضة عدا مداومتهم عليهم‌السلام بذلك ، مضافا إلى الاحتياط. ويدفعان بما مرّ.

نعم ، الأحوط عدم الترك ، للمروي في الخصال أنه واجب (٥) ، وعن الأمالي دعوى الإجماع على الوجوب (٦).

وضعف الأوّل سندا ، بل ودلالة ، لعدم الصراحة بعد ظهور كثرة استعمال لفظة الوجوب في المتأكّد استحبابه في أخبار الأئمة عليهم‌السلام ، مع كونه أعم من الوجوب بالمعنى المصطلح عليه الآن لغة.

ووهن الثاني بعدم ظهور موافق له عدا القاضي ، مع ظهور عبارة ناقلة في الفقيه في عدم الوجوب (٧) ، كما بيّنته في الشرح ، مع معارضته بنقل الحلّي الإجماع على صحة الصلاة مع ترك الإجهار (٨) ، مضافا إلى قصور لفظ الوجوب‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٣٣١.

(٢) عيون الأخبار ٢ : ١٢٠ / ١ ، الوسائل ٦ : ٧٦ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢١ ح ٦.

(٣) المهذّب ١ : ٩٢.

(٤) الكافي في الفقه : ١١٧.

(٥) الخصال : ٦٠٤ / ضمن ح ٩ ، الوسائل ٦ : ٧٥ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢١ ح ٥.

(٦) أمالي الصدوق : ٥١١.

(٧) الفقيه ١ : ٢٠٢. قال فيه : واجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم في جميع الصلوات ..

(٨) السرائر ١ : ٢١٨.

١٧٢

في عبارته عن إفادة معناه المصطلح عليه الآن ، لعين ما ذكر في ضعف دلالته عليه في الأخبار.

يمنع المصير إلى هذا القول وتعيينه ، سيّما مع إطباق المتأخّرين على خلافه ، هذا.

وربما يتردد في الاحتياط بالإجهار به في الأخيرتين ، لمعارضة وجهه من الخروج عن شبهة القول بالوجوب بمثله من شبهة القول بالحرمة ، كما عرفته من الحلّي ، مع تردّد ما في شمول الإطلاقات بالإجهار وجوبا أو استحبابا ، نصا أو إجماعا منقولا ، لهما. ولو لا ما قدمناه ، من عدم دليل على وجوب الإخفات فيهما عدا الإجماع الغير المعلوم الثبوت في محل النزاع إلاّ بدعوى الحلّي الموهونة بلا شبهة ، كما عرفته ، لكان المصير إلى قوله لا يخلو عن قوة ، وإن اعتضد خلافه بالشهرة.

( وترتيل القراءة ) بالكتاب ، والسنة ، وإجماع العلماء كافة ، كما حكاه جماعة (١). وهو لغة : الترسّل فيها والتبيين بغير بغي وتجاوز عن حدّ (٢) ، وشرعا ـ على ما في الذكرى وغيرها (٣) ـ : حفظ الوقوف وأداء الحروف.

أقول : ولعلّهما متقاربان مع ورودهما في النصوص ، منها في تفسير قوله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) (٤) قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « تبيّنه بيانا ، ولا تهذّه (٥) هذّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل » (٦).

__________________

(١) منهم : صاحب المدارك ٣ : ٣٦١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ١٣٥ ، وصاحب الحدائق ٨ : ١٧٢.

(٢) كما في الصحاح ٤ : ١٧٠٤.

(٣) الذكرى : ١٩٢ ، وانظر الروضة ١ : ٢٦١ ، والمفاتيح ١ : ١٣٥.

(٤) المزّمل : ٤.

(٥) قال في الصحاح ٢ : ٥٧٢ : الهذّ : الإسراع في القطع وفي القراءة. يقال : هو يهذّ القرآن هذّا ويهذّ الحديث هذّا ، أي يسرده.

(٦) الكافي ٢ : ٦١٤ / ١ ، الوسائل ٦ : ٢٠٧ أبواب قراءة القرآن بـ ٢١ ح ١. وفيهما : « بيّنه تبيانا ».

١٧٣

وبه فسّر علي بن إبراهيم في تفسيره (١).

ومنها : « هو أن تتمكّث فيه وتحسن به صوتك » (٢).

ومنها : « ترتيل القرآن حفظ الوقوف وبيان الحروف » (٣) ونحوه عن ابن عباس لكن مبدّلا بيانها بأدائها (٤) ، فلا يبعد استحبابهما.

وفسّر الوقوف بالوقف التام ، وهو الوقوف على كلام لا تعلّق له بما بعده لفظا ولا معنى ، والحسن ، وهو الذي له تعلق لفظا لا معنى (٥).

ومنه يظهر عدم وجوب الوقف مطلقا ، مضافا إلى الأصل ، ودعوى الإجماع في كلام جمع (٦) ، والصحيح المجوّز لقراءة الفاتحة في الفريضة بنفس واحد (٧).

نعم ، تجب المحافظة على النظم ، تأسّيا ، ووقوفا على المتيقن ، وحذرا من الخروج عن الأسلوب الذي فيه الإعجاز ، ولذا يجب فيها الموالاة العرفية المتحققة بأن لا يسكت فيها طويلا ، ولا يقرأ فيها قرآنا أو ذكرا بحيث يخرج عن كونه قارئا عرفا ، ولو أتى بهما مع صدق القارئ عليه عرفا جاز ، بلا خلاف يعرف فيه بين علمائنا ، كما في المنتهى (٨).

( وقراءة سورة بعد الحمد في النوافل ) إجماعا ، ولا فرق فيها بين‌

__________________

(١) تفسير القمي ٢ : ٣٩٢ ، المستدرك ٤ : ٢٧٠ أبواب قراءة القرآن بـ ١٨ ح ٢.

(٢) مجمع البيان ٥ : ٣٧٨ ، الوسائل ٦ : ٢٠٧ أبواب قراءة القرآن بـ ٢١ ح ٤.

(٣) الوافي ٩ : ١٧٣٩.

(٤) حكاه عنه في الروض : ٢٦٨ ، والبحار ٨٢ : ٨.

(٥) حكاه عن شرح النفلية للشهيد الثاني في البحار ٨٢ : ٨.

(٦) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٩.

(٧) التهذيب ٢ : ١٩٦ / ١١٩٣ ، قرب الإسناد : ٢٠٣ / ٧٨٣ ، الوسائل ٦ : ١٣٣ ، أبواب القراءة في الصلاة بـ ٤٦ ح ١.

(٨) المنتهى ١ : ٢٧٩.

١٧٤

الرواتب وغيرها ، ولا فيه بين ما وظّف فيه سورة خاصة وغيره إلاّ وجوبها شرطا في الأوّل دون غيره.

( والاقتصار في الظهرين والمغرب على قصار المفصل ) كالقدر ، والجحد ، والتوحيد ، وألهاكم ، وما شابهها ( وفي الصبح على مطوّلاته ) كالمدّثّر ، والمزّمّل ، وهل أتى ، وشبهها ( وفي العشاء على متوسطاته ) كالانفطار ، والطارق ، والأعلى ، وشبهها.

قال في المنتهى : قاله الشيخ ، وأومأ المفيد إلى بعضه ، وعلم الهدى (١). وعزاه غيره إلى المشهور (٢) ، معربين عن عدم دليل عليه من طرقنا ، ولذا اختاروا ـ وفاقا للشهيد في الذكرى (٣) ـ العمل بما في الصحيح (٤) وغيره (٥) من استحباب مثل الأعلى والشمس في الظهر والعشاء ، والنصر والتكاثر في العصر والمغرب ، وما يقرب من الغاشية والقيامة والنبإ في الغداة. وهذا أولى ، وإن كان الأوّل لشهرته مع المسامحة في المستحب ودليله ليس بعيدا ، سيّما مع قربه مما ورد من طرقنا.

( و ) أن يقرأ ( في ظهري الجمعة ) أي ظهرها وعصرها ( بـ ) سورة ( ها ) في الركعة الاولى ( وبالمنافقين ) في الثانية ، للمعتبرة ، منها الصحيح : عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ قال : « نعم » وقال : « اقرأ سورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة » (٦).

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٧٩ ، الشيخ في النهاية : ٧٨ ، والمبسوط ١ : ١٠٨ ، والمفيد في المقنعة : ١٣٥ ، وحكاه عن المرتضى في المعتبر ٢ : ١٨١.

(٢) انظر روض الجنان : ٢٦٣ ، والمدارك ٣ : ٣٦٢ ، والمفاتيح ١ : ١٣٦.

(٣) الذكرى : ١٩٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٩٥ / ٣٥٤ ، الوسائل ٦ : ١١٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٤٨ ح ٢.

(٥) الوسائل ٦ : ١١٦ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٤٨.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٥ ، التهذيب ٣ : ١٤ / ٤٩ ، الوسائل ٦ : ١٦٠ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧٣ ح ٣.

١٧٥

وفي آخر : « من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر » (١).

قيل : وهو ظاهر في شمول الجمعة للظهر ، لأن الثابت في السفر إنما هو الظهر لا الجمعة (٢). وفيه نظر.

وفي المرفوع : « إذا كانت ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك ، وفي صلاة العصر مثل ذلك » (٣).

( وكذا لو صلّى الظهر جمعة ) للصحاح المستفيضة ، في جملة منها : « ليس في القراءة شي‌ء موظّف إلاّ الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين » (٤).

ومنها : عن الجمعة ، فقال : « القراءة في الركعة الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين » (٥).

ومنها : رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بقل هو الله أحد ، قال : « يتمّها ركعتين ثمَّ يستأنف » (٦).

وفي الخبر : « من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٦ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٧ / ٢١ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٨ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧٢ ح ١.

(٢) انظر المدارك ٣ : ٣٦٧ ، والحدائق ٨ : ١٨٤.

(٣) التهذيب ٣ : ٧ / ١٨ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٥ ، الوسائل ٦ : ١١٩ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٤٩ ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ١ ، الوسائل ٦ : ١٥٤ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧٠ ح ١.

(٥) التهذيب ٣ : ١١ / ٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٠ / ١٥٦٨ ، الوسائل ٦ : ١٥٥ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧٠ ح ٦.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٦ / ذيل حديث ٦ ، التهذيب ٣ : ٨ / ٢٢ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧٢ ح ٢.

١٧٦

له » (١).

وظاهره كسابقه والصحيح الثاني المتقدم وغيرها وجوبهما فيها ، كما عن المرتضى والصدوق والحلبي (٢) ، وزادا فألحقا الظهر بها أيضا ، لظاهر الأمر بهما في الصحيح الأوّل من الصحيحين المتقدمين (٣).

لكنها محمولة على الاستحباب ( على الأظهر ) الأشهر ، بل عليه عامة من تأخّر ، للأصل ، وحذرا عن لزوم العسر والمشقة المنفيين في الشريعة.

وخصوص المعتبرة ، منها ـ زيادة على المرفوعة المتقدمة المصرّحة بالاستحباب ـ الصحيح : عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا ، فقال : « لا بأس بذلك » (٤). ونحو الخبر (٥).

وإطلاق آخر : رجل صلّى الجمعة فقرأ سبّح اسم ربك الأعلى ، وقل هو الله أحد ، قال : « أجزأه » (٦).

وفي الصحيح : سمعته يقول في صلاة الجمعة : « لا بأس بأن يقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا » (٧) والاستعجال أعم من الضرورة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٧ / ١٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٤ ، الوسائل ٦ : ١٥٥ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧٠ ح ٧.

(٢) حكاه عن مصباح السيّد في كشف الرموز ١ : ١٥٤ ، والمهذب البارع ١ : ٣٦٥ ، الصدوق في المقنع : ٤٥ ، الحلبي في الكافي : ١٥١ و١٥٢.

(٣) في ص ١٧٥ ، ١٧٦.

(٤) التهذيب ٣ : ٧ / ١٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٦ ، الوسائل ٦ : ١٥٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧١ ح ١.

(٥) التهذيب ٣ : ٧ / ٢٠ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٧ ، الوسائل : ١٥٨ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧١ ح ٤.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٤٢ / ٦٥٤ ، الوسائل ٦ : ١٥٨ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧١ ح ٥.

(٧) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٥ ، التهذيب ٣ : ٢٤٢ / ٦٥٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩١ ، الوسائل ٦ : ١٥٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧١ ح ٣.

١٧٧

المبيحة وغيرها.

وهذه المعتبرة ما بين صريحة وظاهرة في جواز الترك في الجمعة ، ففي الظهر أولى.

مضافا إلى عدم القول بالفرق أصلا إلاّ من الصدوق رحمه‌الله على نقل ضعيف أنه قال بوجوبهما في ظهر الجمعة خاصة لا جمعتها. وهي مع بعده لا يلائم عبارته التي وصلت إلينا (١) كما بيّنته في الشرح مفصّلا ، ولذا نسب إليه في الذكرى (٢) وغيرها (٣) ما قلنا ، هذا.

وفي الصحيح : عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيهما؟ قال : « اقرأهما بقل هو الله أحد » (٤).

وهو صريح في عدم الوجوب في الظهر أيضا ، بل يستفاد منه كون الظهر يطلق عليه الجمعة حقيقة أو مجازا شائعا ، فيحتمل لذلك الاستناد إلى الأخبار المتقدمة بعدم الوجوب في الجمعة هنا أيضا ، فتأمّل جدّا.

( ونوافل الليل جهر و ) نوافل ( النهار إخفات ) إجماعا منا ، كما في المعتبر والمنتهى والذكرى وشرح القواعد للمحقق الثاني (٥) وغيرها (٦) ، وللنصوص ، منها : « السنة في صلاة النهار الإخفات وفي صلاة الليل الإجهار » (٧).

__________________

(١) انظر المدارك ٣ : ٣٦٦ ، والذخيرة : ٢٧٩.

(٢) الذكرى : ١٩٢.

(٣) انظر المختلف : ٩٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٤ ، التهذيب ٣ : ٨ / ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠ ، الوسائل ٦ : ١٥٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٧١ ح ٢.

(٥) المعتبر ٢ : ١٨٤ ، المنتهى ١ : ٢٧٨ ، الذكرى : ١٩٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٧٥.

(٦) المدارك ٣ : ٣٦٨ ، والمفاتيح ١ : ١٣٦.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٦١ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٥ ، الوسائل ٦ : ٧٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٢ ح ٢.

١٧٨

وليس للوجوب ، بالإجماع ، والموثق : عن الرجل هل يجهر بقراءته في التطوع بالنهار؟ قال : « نعم » (١).

( ويستحب إسماع الإمام من خلفه قراءته ما لم يبلغ العلو ) إجماعا من العلماء ، كما في المدارك والمنتهى (٢) ، وللصحيح : « ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّ ما يقول » (٣) ولعمومه لما عدا القراءة أيضا قال ( وكذا الشهادتين ) بل مطلق الأذكار التي لم يجب إخفاتها. نعم يتأكّد فيهما ، للصحيحين الآتيين في بحث الجماعة (٤) إن شاء الله تعالى.

والمتصف بالاستحباب في الجهر بالقراءة عند من أوجبه القدر الزائد على ما يتحقق به أصل الجهر.

وهنا ( مسائل أربع : ).

( الأولى : يحرم قول آمين في آخر الحمد ) بل في أثناء الصلاة مطلقا ، وتبطل به أيضا على الأشهر الأقوى ، بل كاد أن يكون إجماعا منا على الظاهر ، المصرّح به في شرح القواعد للمحقق الثاني (٥) ، وبالإجماع حقيقة صرّح الصدوق في الأمالي والشيخان والمرتضى وابن زهرة والفاضل في ظاهر المنتهى وصريح التحرير ونهج الحق والنهاية (٦).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٦٠ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ / ١١٦٦ ، الوسائل ٦ : ٧٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ٢٢ ح ٣.

(٢) المدارك ٣ : ٣٧٠ ، المنتهى ١ : ٢٧٧.

(٣) التهذيب ٣ : ٤٩ / ١٧٠ ، الوسائل ٨ : ٣٩٦ أبواب صلاة الجماعة بـ ٥٢ ح ٣.

(٤) راجع ج ٤ ص : ٢٥٨.

(٥) جامع المقاصد ٢ : ٢٤٤.

(٦) أمالي الصدوق : ٥١٢ ، حكاه عن المفيد في المعتبر ٢ : ١٨٦ ، الطوسي في الخلاف ١ : ٣٣٤ المرتضى في الانتصار : ٤٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨ ، المنتهى ١ : ٢٨١ ، التحرير ١ : ٣٩ ، نهج الحق : ٤٢٤ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٦٥.

١٧٩

وهو الحجة ، مضافا إلى النهي عنه في المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد ففرغ منها فقل أنت : الحمد لله ربّ العالمين ، ولا تقل : آمين » (١).

والحسن المروي في العلل : « ولا تقولنّ إذا فرغت من قراءتك : آمين » (٢). والخبر : « أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : لا » (٣).

وعن دعائم الإسلام أنه قال : وروينا عنهم عليهم‌السلام أنهم قالوا .. إلى أن قال : وحرموا أن يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب : آمين ، كما يقول العامة ، قال جعفر بن محمد عليه‌السلام : « إنما كانت النصارى تقولها » وعنه عن آبائه عليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّتي بخير وعلى شريعتي ما لم يتخطّوا القبلة بأقدامهم ، ولم ينصرفوا قياما كفعل أهل الكتاب ، ولم تكن ضجّة آمين » (٤).

وقصور السند ، أو ضعفه في بعضها ، وأخصّيتها من المدّعى مجبور بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل الإجماع كما عرفت نقله مستفيضا.

( وقيل : ) والقائل الإسكافي (٥) إنه ( يكره ) ومال إليه في المعتبر (٦) ، للصحيح : عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٥ ، الوسائل ٦ : ٦٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ١٧ ح ١.

(٢) علل الشرائع : ٣٥٨ / ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٤ أبواب أفعال الصلاة بـ ١ ح ٦.

(٣) التهذيب ٣ : ٧٤ / ٢٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٦ ، الوسائل ٦ : ٦٧ أبواب القراءة في الصلاة بـ ١٧ ح ٣.

(٤) دعائم الإسلام ١ : ١٦٠ ، المستدرك ٤ : ١٧٥ أبواب القراءة في الصلاة بـ ١٣ ح ٣ ، ٤ ، بتفاوت يسير.

(٥) نقله عنه في الدروس ١ : ١٧٤ ، وجامع المقاصد ٢ : ٢٤٩.

(٦) المعتبر ٢ : ١٨٦.

١٨٠