تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

سيف بن عمر ، عن المقدام الحارثي ، عن الشعبي قال (١) : قال عمرو بن معدي كرب :

إني حامل على الفيل ومن حوله ـ لفيل بإزائهم ـ فلا تدعوني أكثر من [جزر](٢) جزور وبعيره ، فإن تأخرتم عني فقدتم أبا ثور ، وأين لكم مثل أبي ثور ، فإن أدركتموني وجدتموني وفي يدي السيف ، فحمل فما انثنى حتى ضرب فيهم ، فستره الغبار ، فقال أصحابه : ما تنتظرون ما أنتم خلقاء أن تدركوه ، وإن فقدتموه فقد المسلمون فارسهم ، فحملوا حملة ، فأفرج المشركون عنه بعد ما ضربوه وطعنوه ، وإنّ سيفه في يده يضاربهم به ، وقد طعن فرسه ، فلمّا وافى أصحابه وانفرج عنه أهل فارس ، أخذ برجل فرس رجل من أهل فارس ، فحرّكه الفارسي فاضطرب الفرس ، فالتفت الفارسي إلى عمرو ، فهمّ به وأبصره المسلمون ، فغشوه ، فنزل عنه الفارسي ، وحاضر إلى (٣) أصحابه فقال : مكنوني (٤) لجامه ، فمكّنوه فركبه.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، نا محمّد بن محمّد بن أحمد بن المسلمة ، أنا علي بن أحمد بن عمر نا محمّد بن أحمد بن الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا إسحاق بن بشر قال : قال ابن إسحاق.

فلما فتح الله للمسلمين يوم القادسية على عدوهم ، وأصابوا عسكرهم وما فيه ، أقبل سعد على الناس يقسم بينهم الأموال ويعطيهم على قدر ما قرءوا من القرآن ، فأراد التقصير ببشر بن ربيعة الخثعمي ، ويزيد بن جحفة التميمي ، وكانوا أشد أهل العسكر ، ولم يكونوا بلغوا في القرآن ، فأبوا أن يأخذوا قسمته ، إلّا أن يفضلهم على الناس ، فقال عمرو بن معدي كرب :

أمن ليلى تسرّى يعد هدء

خيال هاج للقلب ادّكارا

يذكرني الشباب وأمّ عمرو

وشامات المربّع (٥) والديارا

وحيّا من بني صعب بن سعد

سقوا (٦) الأرصاد والدّيم الغزارا

ألا أبلغ أمير المؤمنين (٧) سعدا

فقد كذبت أليّته وجارا

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٢ / ٤١٩ (ط. بيروت) حوادث سنة ١٤.

(٢) زيادة عن م والطبري.

(٣) الأصل : وإلى ، والمثبت عن م والطبري.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي الطبري : أمكنوني من لجامه ، فأمكنوه منه فركبه.

(٥) المختصر : المرابع.

(٦) الأصل وم : سقوه.

(٧) كذا بالأصل وم : أمير المؤمنين ، وفي المختصر : أمير القوم.

٣٨١

وحرّق نابه ظلما وجهلا

عليّ فقد أتى ذمّا وعارا

هبلت لقد نسيت جلاد عمرو

وأنت كخامع تلج الوجارا

أطاعن دونك الأعداء شزرا

وأغشى البيض والأسل الحرارا (١)

بباب القادسية مستميتا

كليث أريكة يأبى الفرارا

أكرّ عليهم مهري وأحمي

إذا كرهوا الحقائق والذّمارا

جزاك الله في جنبي عقوقا

وبعد الموت زقّوما ونارا

فلما بلغه قوله أرسل إليه فأعطاه وفضّله فأرضاه.

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن الداراني ، أنا سهل بن بشر ، أنا عبد الوهّاب بن الحسين بن عمر بن برهان ، نا محمّد بن العباس اليزيدي ، نا العباس بن الفرج الرياشي ، نا سوار قال : سمعت أبا عبيدة يقول : إنّ عمرو بن معدي كرب حمل يوم القادسية على مرزبان وهو يرى أنه رستم فقتله فقال في ذلك :

ألم بسلمى قبل أن تظعنا

إنّ لسلمى عندنا ديدنا

قد علمت سلمى وأشياعها

وما قطّر الفارس إلّا أنا

شككت بالرمح حيازيمه

فالخيل يعدو رهبا بيننا

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة (٢) ، أنا سليمان بن أحمد الطّبراني (٣) ، نا أبو يزيد القراطيسي ، نا سعيد بن منصور ، نا هشيم ، أنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال :

رأيت عمرو (٤) بن معدي كرب يوم القادسية وهو يحرّض الناس على القتال ، وهو يقول : أيها الناس كونوا أسدا أشداء أغنى شأنه (٥) إنّما الفارسي عسى إذا ألقى نيزكه قال : فبينما هو كذلك إذا إسوار من أساورة فارس قد تواله بنشابة فقيل له : يا أبا ثور إن هذا الاسوار قد توالك بنشابة قال : فرماه فأصاب سية قوس عمرو فكسرها ، فحمل عليه عمرو ، فطعنه فدقّ صلبه فنزل إليه ، فأخذ سوارين كانا عليه من ذهب ويلمقا من ديباج قال : فسلم ذلك له.

أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، أنا إبراهيم بن عمر الفقيه.

__________________

(١) الأصل وم : الحورا ، والمثبت عن المختصر.

(٢) الأصل وم : ريده ، تصحيف.

(٣) رواه الطبراني في المعجم الكبير ١٧ / ٤٥ رقم ٩٧.

(٤) الأصل وم : قيس ، تصحيف.

(٥) كذا رسمناها في الأصل وم ، وفقا لما مرّ من روايات ، وفي المعجم الكبير : غناء شأناء.

٣٨٢

ح وحدّثنا أبو المعمّر المبارك بن أحمد الأنصاري ، أنا المبارك بن أحمد ، أنا أبو الحسن علي بن عمر بن الحسن ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عمر ، قالا : أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد ، نا أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال في حديث عمرو بن معدي كرب أنه قال يوم القادسية :

يا معشر المسلمين كونوا أسدا غياشا (١) فإنما الفارسي تيس إذا ألقى نيزكه.

حدّثنيه محمّد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن أبي عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : رأيت عمرا يومئذ يقول ذلك.

قوله : غياشا هو من غاشيت الرجل وعانقت بمعنى. والغياش مصدر غايشت ، يقال رجل غيّاش عدو إذ كان يعانق قرنه في النزال. كذلك جاء هذا الحرف يوصف الرجل منه بمصدر الفعل ، وفي هذا الحرف أن عمرا حمل على الاسوار فاعتنقه ثم ذبحه ، وأخذ سلبه ، ومثله بما يوصف المصدر : رجل كرم وقوم كرم ونساء كرم لا تجمع ولا تؤنث ، قال الشاعر (٢) :

وأن يعرين إن كسي الجواري

وتنبو العين عن كرم عجاف

ومنه قول عبد الله بن جعفر لحسين ورأى ناقته قائمة على زمامها بالعرج (٣) ، وكان مريضا أيها النوم وظن أنه نائم ، وإذا الرجل ميت وجعا ، ويقال هذا رجل صوم وفطر ورجال صوم وفطر.

قال ابن حيّوية : قال أبو عمر ـ يعني ـ محمّد بن عبد الواحد الزاهد : الغياش في العداوة والعناق في الصّداقة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلّم ، أخبرنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، أنا الحسن بن علي العطار ، أنا إسحاق بن بشر ، حدّثني أبو مخنف علي المجالد بن سعيد ، عن الشعبي.

__________________

(١) غير واضحة بالأصل وم ، والمثبت باعتبار المعنى ، كما سيأتي.

(٢) البيت في اللسان (عجف) ، منسوبا لمرداس بن أديّة ، وفي تاج العروس (عجف).

(٣) العرج بفتح أوله وسكون ثانيه وجيم وهي قرية جامعة في واد من نواحي الطائف.

٣٨٣

أن الأعاجم كانوا يومئذ ـ يعني يوم القادسية ـ مائة ألف وعشرين ألفا ، معهم ثلاثون فيلا ، مع كل فيل أربعة آلاف (١).

فقال سعد بن أبي وقّاص [لعمرو](٢) بن معدي كرب الزّبيدي ولقيس (٣) بن مكشوح المرادي ولطلحة بن خويلد الأسدي إنكم شواحطنا (٤) ، فسيروا في الناس فحرّضوهم.

فقام عمرو بن معدي كرب فقال : أيها الناس كونوا أشد حذرا إذا برز إلى أحدكم قرنه فلا يكله إلى غيره ، إن هؤلاء معشر الأعاجم إذا لقي أحدهم قرنه فهو تيس فبينما هو يحرضهم ويرتجز ويقول :

أنا أبو ثور وسيفي ذو النون

أضربهم ضرب غلام مجنون

يا آل زبيد إنهم تموتون

إذ جاءته نشابة أصابت قربوسه ، فحمل على صاحبه فأخذه أخذ الجارية ، فوضعه بين الصفين ثم احتز رأسه ، وقال (٥) : اصنعوا هكذا.

قرأت على أبي غالب بن البنّا (٦) ، عن أبي محمّد الجوهري ، قال [أبو](٧) عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا أبو علي بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني بكر بن مسمار ، عن زياد مولى سعد قال : سمعت سعدا يقول : وبلغه أن عمرو بن معدي كرب وقع في الحصر ، وإنه قد وله بعد : لقد كان له موطن صالح ، لقد كان يوم القادسية عظيم الغياش والنكاية للعدو ، فقيل له : قيس بن مكشوح؟ فقال : كان أبذل لنفسه من قيس ، وإن قيسا (٨) لشجاع.

قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني ابن أبي سبرة ، عن عبد الملك بن نوفل أن

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ (ط بيروت) حوادث سنة ١٤.

(٢) زيادة عن م.

(٣) بالأصل وم : والقيس.

(٤) شواحطنا : الشوحطة : الطويلة من الخيل كما في القاموس ، يريد أنهم طوال.

(٥) الأصل وم : وقالوا.

(٦) أقحم بعدها بالأصل وم : «الحريري» وهو أحمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي الحنبلي ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٦٠٣.

(٧) زيادة لازمة منا للإيضاح.

(٨) الأصل وم : قيس.

٣٨٤

عمرو بن معدي كرب قال : كانت خيل المسلمين تنفر من الفيلة يوم القادسية ، وخيل الفرس لا تنفر ، فأمرت رجلا فترسّ عني ثم دنوت من الفيل فضربت خطمه فقطعته ، فنفر ، ونفرت الفيلة فحطمت العسكر ، وألحّ المسلمون عليهم حتى انهزموا.

قال : وأنا محمّد بن عمرو بن ربيعة بن عثمان قال : لما ولّى عمر النعمان بن مقرّن على الناس يوم نهاوند (١) كتب إليه : إن في جندكم عمرو بن معدي كرب وطليحة بن خويلد الأسدي ، فأحضرهما وشاورهما في الحرب (٢).

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا أبي ، نا جرير ، عن مغيرة قال :

كتب عمر إلى سعد أو النعمان بن مقرّن : استشر في الحرب عمرو بن معدي كرب وعلباء بن الهيثم ، وجرير بن عبد الله ، وطليحة الأسدي ، ولا تستعملهم (٣).

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو بكر بن ريذة ، أخبرنا سليمان بن أحمد (٤) ، أنا أبو خليفة قال : قال محمّد بن سلام :

عمرو بن معدي كرب له في الجاهلية وقائع ، وقد أدرك الإسلام ، قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووجّهه عمر بن الخطّاب إلى سعد بن مالك (٥) إلى القادسية ، وكان له هناك بلاء حسن ، كتب عمر إلى سعد : إني (٦) قد وجهت إليك وأمددتك (٧) بألفي رجل : عمرو بن معدي كرب ، وطليحة بن خويلد ـ وهو طليحة الأسدي ـ فشاورهما في الحرب ولا تولهما شيئا.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا علي بن أحمد المقرئ ، أنا محمّد بن أحمد بن الصّوّاف ، أنا الحسين بن علي القطان ، أنا عيسى العطار ، قال : قال أبو عبد الله : قال الشعبي :

قال عمرو بن معدي كرب :

__________________

(١) كلمة غير واضحة بالأصل وم ، ولعل الصواب ما ارتأيناه ، قارن مع الإصابة.

(٢) الإصابة ٣ / ١٩.

(٣) الإصابة ٣ / ١٩.

(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٧ / ٤٥ رقم ٩٧.

(٥) المعجم الكبير : «سعد بن أبي وقاص» واسمه مالك.

(٦) ما بين الرقمين سقط من المعجم الكبير.

(٧) ما بين الرقمين سقط من المعجم الكبير.

٣٨٥

لمّا فرض لي عمر ألفين تجوّعت ، فكان عمر يطعم الناس كل عشية ، فجلست على مائدته قبالته حيث يراني ، فنظر إليّ وإلى أكلي فقال إلي بيده فقال : ما هذا الأكل؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي كنت أصافي الجاهلية ، فكنت آكل الجذعة بكفلها فأعني على بطني ، فقال عمر بيده : ألفين ، فقلت : ألف هاهنا ، وألف هاهنا ، فأيّ شيء أجعل هاهنا؟ فقال بيده : خمسمائة ، قلت : ومرها لي ، فكان عطاؤه ألفين وخمسمائة.

أنبأنا أبو المعالي ثعلب بن جعفر بن أحمد السّرّاج ، أنا أبي ، أنا أبو طاهر محمّد بن علي البيّع ، أنا أحمد بن محمّد البزّار ، أنا أحمد بن محمّد الصّوّاف ـ إجازة ـ نا الحارث بن محمّد التميمي ، حدّثني محمّد بن علي المدائني ، عن عائذ بن أبي عامر التميمي قال :

قدم عمرو بن معدي كرب على عمر بن الخطاب ، وعمر يغدي الناس ، وقد جهّز لعشرة عشرة ، فأجلسه مع عشرة ، فأكلوا ونهضوا وعمرو جالس ، فأجلس معه عشرة ، فأكلوا ونهضوا ، وأجلس معه عشرة ، فأكل معهم ونهض ونهضوا ، فأكل مع ثلاثين ثم قام.

قال : ونا المدائني عن يزيد بن نحيف قال : أكل عمرو بن معدي كرب عنزا رباعية وفرقا من ذرة ، والفرق ثلاثة آصع (١).

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي من أشليها ، وابنه [أبو](٢) الحسن علي ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائذ ، نا عبد الرّحمن بن مغراء ، نا جابر بن يحيى القارئ قال :

لما افتتح سعد العراق ودرّ له الخراج ، وفد عمرو بن معدي كرب إلى عمر بن الخطّاب ، وكتب معه يذكر شجاعته وحسن مؤازرته ، فلمّا قدم على عمر قراه فرفع رأسه إليه فقال له : أيه يا عمرو كيف تركت سعدا؟ قال : تركته للمسلمين كالأب الرءوف ينقل إليهم نقل الدرة إلى حجرها ، أسدا في عريشه ، أعرابيا في ثمرته ، نبطيا في حبوته ، عاتقا في حجابها.

قال : كأنما اتفقتما في أمر واحد كتب يثني عليك ، أقبلت وتثنى عليه؟ قال : إنّي لم أثن إلّا بما رأيت ، قال : فدع عنك سعدا وأخبرني عن قومك؟ قال عمرو : قال عن فضلها وخيرها ، قال في كل فضل خير.

__________________

(١) القاموس المحيط وضبطت فيه بالفتح ، وقد يحرك : مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصع ، أو يسع ستة عشر رطلا.

(وهما واحد).

(٢) سقطت من الأصل وم.

٣٨٦

قال : فأين علقمة بن خالد؟ قال : أولئك فوارس أعراضها وسداد فراضها ، وشعل مراضها ، أهل الرياح ، وأهل الرماح ، أكثرنا لحنا و.... (١) طلبا ، وأقلّنا هربا.

قال : فأين سعد العشيرة؟ قال : أولئك أكبرنا خميسا ، وأعظمنا رئيسا ، وأشدنا سريسا (٢).

قال عبد الرّحمن بن مغراء (٣) ، وحدّثني غيره : فأين بنو الحارث بن كعب؟ قال : سله نسكه (٤) ، ثم رجع الحديث إلى جابر القارئ ، قال : فقال مراد : قال : أولئك الأتقياء البررة ، والمساعير الفجرة ، هم أكثرنا ديارا ، وأبعدنا آثارا ، وأطلبنا أوتارا.

قال عبد الرّحمن : وسمعت غيره يقول : هم أكثرنا ديارا ، وخيرنا قرارا ، وأبعدنا آثارا ، وأطلبنا أوتارا ، ثم رجع الحديث إلى جابر قال : فأخبرني عن الحرب ، قال : هي شبه فتاة بغي دعت إلى نفسها ، فأجابها أهل الدعارة ، وجانبها أهل السنا والحيارة مرة المذاق إذا قلصت عن ساق من صبر فيها عرف ، ومن ضعف فيها تلف ، وإنها لكما قال عمي امرؤ القيس (٥) :

الحرب أوّل ما تكون فتيّة

تسعى (٦) بزينتها لكلّ جهول

حتى إذا استعرت (٧) وشبّ ضرامها

عادت عجوزا غير ذات حليل

شمطاء جزّت رأسها وتنكّرت

مكروهة للشّمّ والتّقبيل

ورجع الحديث إلى جابر قال : فقال عمر : أخبرني عن السلاح ، قال : سلني عما شئت منه ، قال : الرمح؟ قال : أخوك وقد تخذلك ، قال : فالنبل؟ قال : هي المنايا تخطئ وتصيب ، قال : التّرس؟ قال : ذاك المجنّ عليه تدور الدوائر ، قال : الدرع؟ قال : مشغلة للفارس متعبة للراجل ، قال : السيف؟ قال : أمك تقارع الكل يا عمر ، قال عمر : بل أمك ، قال : الحمى أصرعتني لك ، قال غير جابر (٨) : الحمى أصرعتني لليوم.

__________________

(١) غير واضحة بالأصل وم.

(٢) السريس : الكيّس الحافظ لما في يده.

(٣) الأصل وم : الفراء ، تصحيف ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٠٠.

(٤) كذا رسم اللفظتين بالأصل وم.

(٥) ديوان امرئ القيس ط بيروت ص ١٦١ قالها في وصف الحرب وسوء عاقبتها.

(٦) الديوان : تبدو.

(٧) الديوان : حميت.

(٨) الأصل : جائز ، والمثبت عن م.

٣٨٧

قال : ونا ابن عائذ ، نا أبو حفص عمر بن عبد الأحد ، عن من أخبره عن أبي بكر الهذلي بنحو ذلك.

أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنا أبو بكر بن ريذة (١) ، نا سليمان بن أحمد الطّبراني (٢) ، نا أبو خليفة قال : قال محمّد بن سلام (٣) :

إنّما يعد الشرف ما كان من قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واتصل في الإسلام فبيت اليمن الذي هو في الصفة عند العزّ في كندة : الأشعث بن قيس ، وفارسها في بني زبيد عمرو بن معدي كرب ، وشاعرها (٤) امرؤ القيس من كنده (٥) لا يختلف في هذا.

قال : ونا الطّبراني (٦) ، نا أبو خليفة ، قال : قال محمّد بن سلام : قال بعض أصحابنا : قال : عرض سلمان بن ربيعة الخيل ، فمرّ عمرو بن معدي كرب على فرس له ، فقال له سلمان : هذا هجين ، فقال عمرو ضيق (٧) ، قال : فأمر به فعطش ، ثم دعا بطشت من ماء ودعا بعناق (٨) ، فشربت فجاء فرس عمرو (٩) فثنى يديه وشرب وهذا صنيع الهجين ، فقال له : ألا ترى ، فقال : أجل الهجين يعرف الهجين ، فبلغ عمر ، فكتب : قد بلغني ما قلت لأميرك ، وبلغني أن لك سيفا تسميه الصّمصامة ، عندي سيف مصمم ، بالله لئن وضعته على هامتك لا أقلع حتى أبلغ شيئا ، ويذكره من جوفه ، فإن سرّك أن تعلم أحق ما أقول فعد.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أخبرنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنا أبو الحسن (١٠) العتيقي.

[ح](١١) وأنا أبو عبد الله البلخي ، أنا ثابت بن بندار ، أنا الحسين بن جعفر ، قالا : أنا

__________________

(١) الأصل وم : زيد ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، والسند معروف.

(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ٢٣٨ رقم ٦٥٢.

(٣) الأصل وم : سلامة ، والمثبت عن المعجم الكبير.

(٤) رسمها بالأصل : «وبناعزها» ، وبدون إعجام في م ، والمثبت عن المعجم الكبير.

(٥) الأصل : كيدها ، وفي م : كبدها ، والمثبت عن المعجم الكبير.

(٦) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٧ / ٤٦ رقم ٩٩.

(٧) المعجم الكبير : عبيق.

(٨) المعجم الكبير : بعناق الخيل.

(٩) الأصل وم : عمر.

(١٠) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م وهو : أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور ، أبو الحسن البغدادي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٦٠٢.

(١١) «ح» استدرك عن م.

٣٨٨

الوليد بن بكر ، أنا علي بن أحمد بن زكريا ، نا صالح بن أحمد ، حدّثني أبي قال (١) : عمرو بن معدي كرب كوفي ، تابعي ، ثقة.

أنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو الفضل عمر (٢) بن عبد الله ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، نا الحميدي ، نا سفيان ، نا إسماعيل سمعه من قيس ، قال :

شهدت الأشعث بن قيس ، وعمرو بن معدي كرب وقع بينهما كلام في المسجد فقال له الأشعث : والله لئن جئتك لأضرطنك ، فقال أبو ثور عمرو بن معدي كرب : كلا والله ، إنّها لكذا وكذا ، قال أبو علي حنبل : يعني لضيفه ـ.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا محمّد بن عبّاد ، نا سفيان ، عن إسماعيل ، عن قيس قال :

سمعت الأشعث وعمرو بن معدي كرب وقع بينهما كلام فقال الأشعث : لئن دنوت منك لأضرطنك ، فقال عمرو : كلا والله إنها لعروم مفزعة.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش السلمي ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٣) ، نا محمّد بن الحسن بن زياد المقرئ ، نا أبو عثمان سعد (٤) بن عبد الله بن سعيد الهجراني ـ بالبصرة ـ أنا العباس بن الفرج الرياشي ، عن الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال :

كان عمرو بن معدي كرب يحدّث بحديث ، فقال فيه : لقيت في الجاهلية خالد بن الصقعب (٥) فضربته وقدوته ، وخالد في الحلقة ، فقال له رجل : إنّ خالدا في الحلقة ، فقال له : اسكت يا سيّئ الأدب ، إنّما أنت محدّث فاسمع أو فقم ، ومضى في حديثه ولم يقطعه فقال له رجل : أنت شجاع في الحرب والكذب معا ، قال : كذلك أنا تامّ الآلات.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي الحسن الحسني ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد المصري ، أنا أبو بكر أحمد بن مروان ، نا إبراهيم بن سهلويه ، نا عمر بن عبد الكريم ، عن

__________________

(١) تاريخ الثقات للعجلي ص ٣٧١ رقم ١٢٨٧.

(٢) في م : عمرو.

(٣) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي الجليس الصالح : أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن سعيد المهرقاني.

(٥) غير مقروءة بالأصل وم ، والمثبت عن الجليس الصالح.

٣٨٩

عبد الله بن أحمد بن يزيد ، عن عبد الله بن عبد الوهّاب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :

بينما عمر بن الخطّاب في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في جماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهم يتذاكرون فضائل القرآن إذ قال قائل منهم : خاتمة براءة ، وقال قائل منهم : خاتمة بني إسرائيل ، وقال قائل منهم : كهيعص ، وطه ، وأكثروا ، وفي القوم عمرو بن معدي كرب الزّبيدي في ناحية إذ قال :

يا أمير المؤمنين فأين أنتم عن عجيبة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فو الله إنّ في بسم الله الرّحمن الرحيم لعجيبة من العجب ، فاستوى عمر وكان متكئا فجلس ، وكان يعجبه حديث عمرو فقال له : يا أبا ثور حدّثنا بعجيبة بسم الله الرّحمن الرحيم ، فقال : يا أمير المؤمنين إنه أصابنا في الجاهلية مجاعة شديدة ، فأقحمت بفرسي البريّة أطلب شيئا ، فو الله ما أصبت إلّا بيض النعام ، وإنّ فرسي لتقمم (١) من غثاء (٢) البرية ، فبينا أنا كذلك إذ رفعت لي خيل وماشية وخيمة ، فأتيت [الخيمة](٣) فإذا بجارية كأحسن البشر ، وإذا بفناء الخيمة شيخ متّكئ ، فقلت لما دخلني من هول الجارية ومن ألم الجوع : استأسر ، ثكلتك أمك ، فقال : يا هذا ، إن أردت القرى فانزل ، وإن أردت معونة أعنّاك ، فقال : استأسر ثكلتك أمك ، فقال لي مثل قوله الأول ، فنهض نهوض شيخ لا يقدر على القيام ، فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرّحمن الرحيم ، ثم جذبني إليه ، فإذا أنا تحته وهو فوقي فقال لي : أقتلك أو أخلّي عنك ، فقلت : بل خلّ عني ، فنهض عني وهو يقول :

عرضنا عليك النّزل منا تفضّلا

فلم ترعوي جهلا لفعل الأشائم

وجئت بعدوان وظلم ودون ما

تمنّيته في البيض حزّ الغلاصم

فقلت في نفسي : يا عمرو ، أنت فارس العرب للموت أهون من الهرب من هذا الشيخ الضعيف ، فدعتني نفسي إلى معاودته وأنشأت أقول :

رويدك لا تعجل بليث بصارم

سليل المعالي ، هزبري قماقم

أإن زل عمرو زلّة أعجمية

ولم يك للفرار بحاجم

طمعت لما منّتك نفسك فسلمن

سقتك المنايا كأسها بالصرائم

__________________

(١) تقمم : ذهب في الماء وغمر حتى غرق ، وتقمم : تتبع الكناسات والقميم : يبيس البقل. (القاموس).

(٢) غثاء : البالي من ورق الشجر المخالط زبد السيل ، وغثيت الأرض بالنبات : كثر فيها (القاموس).

(٣) زيادة عن م.

٣٩٠

فما لك ، فابذل دون نفسك سلمن

هنالك أو تصبر لحزّ الغلاصم

فما دون ما تهواه للنّفس مطمع

سوى أحزّ الرأس منك بصارم

ثم قلت : استأسر ثكلتك أمّك ، فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرّحمن الرحيم ، ثم جذبني جذبة مثلت تحته ، فاستوى على صدري ، فقال : أقتلك أم أخلّي عنك؟ فقلت : بل خلّ (١) عني ، فنهض وهو يقول :

ببسم الله والرحمن فزنا

هنالك والرحيم به قهرنا

وهل يغني جلادة ذي حفاظ

إذا يوما بمعركة نزلنا

وهل شيء يقوم لذكر ربّي

وقدما بالمسيح هناك عدنا

سأقسم كلّ ذي جنّ وإنس

إذا يوما يعطله حللنا

فقلت : استأسر ثكلتك أمك ، فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرّحمن الرحيم ، فملئت منه رعبا يا أمير المؤمنين ، وكما لا تعرف مع اللات والعزى شيئا ، ثم جذبني جذبة ، فضرب بحقّه فقلت : خلّ عني ، فقال : هيهات ـ بعد ثلاث مرار ـ ما أنا بفاعل ، ثم قال : يا جارية ائتني بشفرة ، فأتت بها فجزّ ناصيتي ثم نهض وهو يقول :

مننا على عمرو فعاد لحينه

وتناقشنا فساء بما فعل

وفي اسم ذي الآلاء عزّ ومنعة

ومحترز لو كان سامعه غفل

وكنا يا أمير المؤمنين ، إذا جزّوا نواصينا ، استحينا أن نرجع إلى أهلنا حتى تنبت ، فرضيت أن أخدمه حولا ، فلمّا حال عليّ الحول قال لي يا عمرو : إنّي أريد أن تنطلق معي إلى البرية وما بي وجل ، وإنّي لواثق بسم الله الرّحمن الرحيم ، فانطلقت معه حتى أتى واديا فهتف بأهله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فلم يبق طائر في وكره إلّا طار ثم هتف الثانية ، فلم يبق سبع في مربضه إلّا نهض ، ثم هتف الثالثة ، فإذا هو بأسود كالنخلة السّحوق ، وإذا هو لابس شعرا ، فرعبت ، فقال الشيخ : لا ترع يا عمرو ، إذا نحن اصطرعنا فقل : غلبه صاحبي ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : فاصطرعنا فقلت غلبه صاحبي باللات والعزى ، فلطمني لطمة كاد يقلع رأسي ، فقلت له : لست بعائد ، فاصطرعا ، فقلت : غلبه صاحبي ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : فعلاه الشيخ ، فنفخ كما ينفخ الفرس ، وشق بطنه واستخرج منه كهيئة

__________________

(١) الأصل وم : «خلي».

٣٩١

القنديل الأسود ، فقال : يا عمرو إن الجارية هذه غشه وكفره ، قلت له : فداك أبي وأمّي ما لك وهؤلاء القوم؟ فقال : يا عمرو إنّ الجارية التي رأيت في الخباء هي الفارعة ابنة المستورد ، وكان رجلا من الجن ، وكان مؤاخيا لي ، وكان على دين المسيح عليه‌السلام ، وهؤلاء قومها يغزوني (١) كل سنة منهم رجل فينصرني الله عليهم ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فانطلقنا حتى إذا أمعنّا في البرية فقال : يا عمرو قد رأيت ما كان مني وأنا جائع ، فالتمس لي شيئا آكله ، فالتمست فما وجدت له إلّا بيض النعام ، فأتيته وهو نائم قد توسّد إحدى يديه وتحته سيفه ، وهو سيف طوله سبعة أشبار ، وعرضه أقل من شبرين ، وهو الصّمصامة ، فاستخرجت سيفه من تحته فضربته ضربة قطعته من الساقين فقال لي : يا غدّار ما أغدرك ، فلم أزل أضربه حتى قطّعته إربا إربا ، فغضب عمر رحمة الله عليه وقال : أنا أقول كما قال العبد الصالح : يا غدّار ظفر بك رجل من المسلمين فأنعم عليك ثلاث مرات ، ووجدته قائما فقتلته ، والله لو كنت مؤاخذك في الإسلام بما فعلت في الجاهلية لقتلتك أيامه (٢) ، ثم أنشأ عمر رضي‌الله‌عنه يقول :

إذا قتلت أخا الإسلام بظلمة

إذا لما جبيته في سالف الحقب

الحرّ يأنف مما أنت تفعله

تبّا لما جئته في العجم والعرب

لو كنت آخذا في الإسلام ما فعلت

أهل الجهالة والإشراك والصّلب

فقال اليوم من كفي مطالبة

يدعي لذائقها بالويل والحرب

ثم قال : ما كان من حديثه يا عمرو : قال : فأتيت الخيمة ، فاستقبلتني الجارية ، فقالت : يا عمرو ما فعل الشيخ؟ قلت : قتله الحبشيّ ، قالت : كذبت ، بل قتلته أنت يا غدّار ، ثم دخلت الخيمة فجعلت تبكيه وهي تقول :

عين جودي لفارس مغوار

واندبيه بواكفات غزار

سبع وفي عهر (٣) حم

ورئيس الفجار يوم الفجار

لهف نفسي على لقائك يا عمرو

أسلمته الحماة للأقدار

بعد ما حزّ ما به كنت تسمو

في زبيد ومعشر الكفار

ولعمري لو رمته أنت حقا

رمت منه كصارم بتّار

__________________

(١) الأصل : يغزون ، والمثبت عن م.

(٢) كذا بالأصل ، ورسمها في م غير واضح.

(٣) كذا بالأصل وم : وفي عهرحم.

٣٩٢

فجزاك المليك سوءا وهونا

عشت منه بذلّة وصغار

فدخلت الخيمة أريد قتلها ، فلم أر أحدا ، كأنّ الأرض ابتلعتها ، فاقتلعت الخيمة ، وسقت الماشية حتى انتهيت بها إلى قومي زبيد.

أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وأبو الفرج غيث بن علي ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالوا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي محمّد بن أحمد بن عثمان ، أنا محمّد بن جعفر بن سهل ، حدّثني أبو الحارث محمّد بن مصعب الدمشقي وغيره ، حدّثني سليمان ابن بنت شرحبيل الدمشقي ، نا عبد القدّوس بن الحجّاج قال : قال مجالد بن سعيد عن الشعبي عن رجل قال :

كنت في مجلس عمر بن الخطّاب وعنده جماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتذاكرون فضائل القرآن ، فقال بعضهم : خواتيم سورة النحل ، وقال بعضهم سورة يس ، وقال علي بن أبي طالب : فأين أنتم عن فضيلة آية الكرسي ، أما إنّها خمسون كلمة ، في كلّ كلمة سبعون بركة.

وفي القوم عمرو بن معدي كرب لا يحير جوابا ، فقال : فأين أنتم عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

فقال له عمر : حدثنا يا أبا ثور ، فقال : بينا أنا في الجاهلية إذ أجهدني (١) الجوع ، فأقحمت فرسي البرية ، فما أصبت (٢) إلّا بيض النعام ، فبينا أنا أسير إذا أنا بشيخ غربي الخيمة ، وإلى جانبه جارية كأنها شمس طالعة ، ومعه غنيمات له ، فقلت له : استأسر ثكلتك أمّك ، فرفع رأسه إليّ وقال : يا فتى إن أردت قرى فانزل ، وإن أردت معونة أعنّاك ، فقلت له : استأسر فقال :

عرضنا عليك البرّ (٣) منّا تكرما

فلم ترعوي جهلا كفعل الأشائم

وجئت ببهتان وزور ودون ما

تمنّيته بالبيض حزّ الحلاقم

ووثب إليّ وثبة وهو يقول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وكأني مثلت تحته.

__________________

(١) الأصل : «جهر بي» وفي م : جهدني والمثبت عن المختصر.

(٢) الأصل وم : صبت ، والمثبت عن المختصر.

(٣) الأصل وم ، وفي المختصر : النزل.

٣٩٣

قال : أأقتلك أم أخلّي (١) عنك؟ قلت : بل خلّ عنّي ثم إن نفسي حدثتني بالمعاودة ، فقلت : استأسر ، ثكلتك أمك ، فقال :

بسم الله والرحمن فزنا

هنالك والرحيم به قهرنا

وما يغني جلادة ذي حفاظ

إذا يوما لمعركة برزنا

ثم وثب إليّ ، وثبة كأني مثلت تحته ، فقال : أقتلك أم أخلّي عنك ، قلت : بل خلّ (٢) عني. فخلى عني ، فانطلقت غير بعيد ثم قلت في نفسي : يا عمرو أيقهرك مثل هذا الشيخ ، فو الله للموت خير لك من الحياة ، فرجعت إليه ، فقلت له : استأسر ثكلتك أمك ، فوثب إليّ وثبة وهو يقول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فكأني مثلت تحته ، فقال : أأقتلك أم أخلّي (٣) عنك ، فقلت : بل خلّ عني ، قال : هيهات ، ائتني بالمدية ، فأتيته بالمدية ، فجزّ ناصيتي ـ وكانت العرب إذا ظفرت برجل فجزّت ناصيته استعبدته ـ فكنت معه أخدمه مدة.

ثم إنه قال : يا عمرو ، أريد أن تركب معي إلى البرية ، فليس بي منك وجل ، وإني ببسم الله الرّحمن الرحيم لواثق.

قال : فسرنا حتى أتينا واديا أشبا نشبا (٤) ، مهولا مغولا ، فنادى بأعلى صوته : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فلم يبق طير في وكره إلّا طار ، ثم أعاد الصوت ، فلم يبق سبع في مربضه إلّا هرب ، ثم أعاد الصوت ، فإذا نحن بحبشي قد خرج علينا من الوادي كالنخلة السّحوق ، فقال لي : يا عمرو إذا رأيتنا قد اتّحدنا فقل : غلبه صاحبي ببسم الله الرّحمن الرحيم.

قال : فلما رأيتهما قد اتّحدا قلت : غلبه صاحبي باللات والعزى ، فلم يصنع الشيخ شيئا ، فرجع إليّ وقال : قد علمت أنك قد خالفت قومي (٥) ، قلت : أجل ، ولست بعائد ، فقال : إذا رأيتنا قد اتّحدنا فقل : غلبه صاحبي ببسم الله الرّحمن الرحيم (٦).

قال : فاتكأ عليه الشيخ ، فبعجه بسيفه فانشقّ جوفه ، فاستخرج منه شيئا كهيئة القنديل الأسود ، ثم قال : يا عمرو هذا غشّه وغلّه ، ثم قال : أتدري من تلك الجارية؟ قال : تلك الفارعة ابنة السّليل الجرهمي ، وكان أبوها من خيار الجن ، وهؤلاء أهلها وبنو عمّها يغزوني

__________________

(١) الأصل وم : أخل.

(٢) الأصل وم : خلي.

(٣) الأصل وم : أخل.

(٤) أشب الشجر : التفّ. والنشب : محركة ، شجر للقسي ، (القاموس).

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : قولي.

(٦) زيد في المختصر بعدها : قلت : أفعل. فلما رأيتهما قد اتحدا ، قلت : غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم.

٣٩٤

منهم كلّ عام رجل ينصرني الله ببسم الله الرّحمن الرحيم ، ثم قال : قد رأيت مني ما كان مني إلى الحبشي ، وقد غلب علي الجوع فائتني بشيء آكله.

فأقحمت فرسي البريّة فما أصبت إلّا بيض النعام ، فأتيته فوجدته نائما ، وإذا تحت رأسه شيء كهيئة الخشبة ، فاستللته فإذا هو سيف عرضه شبر في سبعة أشبار ، فضربت ساقيه ضربة أبنت الساقين مع القدمين ، فاستوى على فقار (١) ظهره وهو يقول : قاتلك الله ما أغدرك يا غدّار.

قال عمر : ثم ما ذا صنعت؟ قلت : فلم أزل أضربه بسيفه حتى قطعته إربا إربا ، قال : فوجم لذلك [عمر] ثم أنشأ يقول :

بالغدر نلت أخا الإسلام عن كثب

ما إن سمعت كذا في سالف العرب

والعجم تأنف عمّا جئته كرما

تبّا لما جئته في السّيّد الأرب (٢)

إنّي لأعجب أنّى نلت قتلته؟

أم كيف جازاك عنه الذئب؟ لم تتب؟

قرم عفا عنك مرّات وقد علقت

بالجسم منك يداه موضع العطب (٣)

لو كنت آخذ في الإسلام ما فعلوا

في الجاهلية أهل الشّرك والصّلب

إذا لنالتك من عدلي مشطّبة

يدعى لذائقها بالويل والحرب

قال : ثم ما ذا كان من حال الجارية؟ قلت : ثم إنّي أتيت الجارية ، فلمّا رأتني قالت : ما فعل الشيخ؟ قلت : قتله الحبشي ، قالت : كذبت ، بل قتلته أنت بغدرك ، ثم أنشأت تقول :

عين جودي للفارس (٤) المغوار

ثم جودي بواكفات غزار

لا تملّي البكاء إن خانك الدّهر

بوافي حقيقة صبّار

وتقيّ ، وذي وقار ، وحلم

وعديل الفخار يوم الفخار

لهف نفسي على لقائك عمرو

أسلمتك الأعمار للأقدار

ولعمري لو لم ترمه بغدر

رمت ليثا بصارم بتّار

فاحفظني قولها ، واستللت سيفي ، ودخلت الخيمة لأقتلها ، فلم أجد (٥) في الخيمة أحدا ، فاستقت الماشية وجئت إلى أهلي.

__________________

(١) الأصل : «فقا» وفي م : «قفا».

(٢) صورتها بالأصل وم : الأدب ، والمثبت عن المختصر.

(٣) الأصل وم : للعطب ، والمثبت عن المختصر.

(٤) الأصل : «لفارس» وفي م : «الفارس» والمثبت عن المختصر.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : «أر».

٣٩٥

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن الحصين ، أنا الأمير أبو محمّد الحسن بن عيسى بن المقتدر ، نا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري ، قال : قرأت على ابن دريد ، أنا السّكن بن سعيد ، عن محمّد بن عبّاد ، عن ابن الكلبي قال :

تزوج عمرو بن معدي كرب امرأة من كندة وله حديث فذكره ابن الكلبي في أخبار كندة ، فلمّا دخل بها أقام عندها ثلاثا ، وخاف أن يغتال فخرج من عندها فقال : إن ولدت غلاما فسمّيه خزرا ، وإن ولدت جارية فسميها عكرشة ، ثم رحل عنها ، فولدت غلاما فسمته خزرا فنشأ الغلام في كندة حتى أدرك ، فنادى فيهم بالغزو فخرج حتى أغار على بني زبيد ، فإذا هو بعمرو في خيل عظيمة وهو لا يعرفه ، فالتقت الخيلان فشدّ خزر على أبيه فأخذه فسأله أن يعتقه فقال : لو كنت عمرو بن معدي كرب ما فعلت ، فقال : أنا عمرو ، قال : وإنّك لعمرو؟ قال : نعم ، قال : وما آية ذلك؟ وكانت أمه قد أخبرته بخبر عمرو ، وما عهد إليها ، فأخبره فخلّى سبيله ، فقال عمرو : يا خزر ما تسعني وإياك أرض ، فإن شئت فارتحل وأقيم أنا في هذه البلاد ، وإن شئت ارتحلت أنا وأقمت أنت ، فقال : أنا أحق بالرحلة منك ، فرحل خزر حتى لحق بصنعاء ، فمكث فيها دهرا من دهره ثم خرج في بعض غاراته فلقي أباه في خيل عظيمة وهو رئيسها فر عمرو على رئيس القوم فقتله فلمّا انكشفوا عرفه فأهوى بسيفه ليقطع يده ، فأمسك عن ذلك ، فقال :

أمرتك يوم ذي صنعا

ء أمرا باديا رشده

رام الحزم تعمله

وتأتيه وتعتمده

فلما أن ملكت الملك

حيث أباك تقتصده

كمن زلت به النعلان؟؟؟ (١)

فاندقت به عضده

ألم تعلم بأن أباك

ليث فوقه لبده

شديد الكف فيما أد

ركت أظفاره ويده

وقال أيضا :

يا أسفا على خزر بن عمرو

فيا ندمي عليه ولهف نفسي

بنيّ كان لي عضدا وذكرا

إذا غيّبت في كفني ورمسي

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل ، وغير واضحة في م.

٣٩٦

به فخر الفوارس من زبيد

كأن جبينه لألاء شمس

فلا تسقي بأكفي الغوادي

ولا لاقيت وكلّ نحس

وما تعني الندامة والمراثي

وقد أصبحت مثل حديث أمس

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمّد الباطرقاني ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد الله بن مهدي السيّاري (١) ، قال : حدّثني أحمد بن سيّار ، نا خالد بن خداش ، أنا أبو ثميلة يحيى بن واضح ، حدّثني رميح ـ يعني ابن هلال ـ عن أبيه قال (٢) :

رأيت عمرو بن معدي كرب في خلافة معاوية شيخ عظيم أعظم ما يكون من الرجال أجشّ الصوت (٣) ، إذا التفت التفت بجميع جسده.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي البغدادي ، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن علي بن المهتدي.

ح وأخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفرّاء ، أنا أبي.

قالا : أنا عبد الله بن أحمد بن علي ، أنا محمّد بن مخلد قال : قرأت على ابن عمرو : حدثكم الهيثم بن عدي قال : قال ابن عياش في تسمية العور : عمرو بن معدي كرب.

أنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوة ، أنا أبو الحسن اللّنباني (٤) ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن عمر ، نا سعيد بن عامر عن (٥) جويرية بن أسماء قال (٦) :

شهد صفّين غير واحد أبناء خمسين ومائة ، منهم عمرو بن معدي كرب.

بلغني عن أبي عبيدة معمر بن المثنى (٧).

أن عمرا شهد القادسية وهو ابن مائة وست وستين و [قيل](٨) مائة وعشرة.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن

__________________

(١) في م : اليساري تصحيف ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٠٠.

(٢) الإصابة ٣ / ٢٠.

(٣) في الإصابة : أخشن الصوت.

(٤) الأصل وم : اللبناني ، تصحيف.

(٥) الأصل : بن ، تصحيف ، والتصويب عن م.

(٦) الإصابة ٣ / ٢٠.

(٧) الإصابة ٣ / ٢٠.

(٨) زيادة عن الإصابة وم.

٣٩٧

نظيف ، أنا أبو شعيب محمّد بن عبد الرّحمن ، وأبو محمّد عبد الله بن عبد الرّحمن قالا : أنا الحسن بن رشيق ، أنا أبو بشر محمّد بن أحمد ، حدّثني أبو بكر الوجيهي ، وهو أحمد بن محمّد بن القاسم ، عن أبيه ، عن صالح بن الوجيه قال :

في سنة إحدى وعشرين كانت وقيعة نهاوند ، ولقي النعمان بن عمرو بن مقرّن المشركين بنهاوند وهم يومئذ في جمع لا يوصف كثرة وعدة وكراعا ، فاشتدّت الحرب بينهم حتى قتل النعمان ، ثم انهزم المشركون في آخر النهار ، وشهد عمرو بن معدي كرب نهاوند فقاتل حتى كان الفتح ، وأثبتته الجراح ، فحمل ، فمات بقرية من قرى نهاوند ، يقال لها روذة (١).

قال أبو بكر الوجيهي : أنشدني غير أبي لدعبل (٢) :

لقد غادر الرّكبان حين تحمّلوا

بروذة شخصا لا جبانا ولا غمرا

فقل لزبيد بل لمذحج كلها

رزئتم أبا ثور قريعكم عمرا

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أبو الحسين أحمد بن محمّد بن قفرجل الوراق ، حدّثني جدي لأمي أبو بكر محمّد بن عبد الله (٣) بن الفضل ، نا محمّد بن يحيى النديم ، نا محمّد بن الفضل ، نا أحمد بن يحيى بن جابر (٤) ، نا العمري ، نا هشام الكلبي ، حدّثني ابن عمرو بن جرير ، عن خالد بن قطن ، حدّثني من شهد موت عمرو بن معدي كرب قال :

وكانت مغازي العرب إذ ذاك إلى الري ، فخرج حتى نزل روذة ، ورقد ، فلما أرادوا الرحيل أيقظوه فقام وقد مال شقه وذهب لسانه ، فلم يلبث أن مات ، فدفن بروذة (٥) ، فقالت امرأته الجعفيّة ترثيه (٦) :

__________________

(١) الأصل : «رودة» ، وفي م : «يروده» والمثبت يوافق الإصابة ٣ / ٢٠ ومعجم البلدان وفيه أنها من قرى الري.

(٢) ليسا في ديوانه ط بيروت (دار الكتاب اللبناني ط ١٩٧٢) ، والبيتان في الإصابة منسوبين لدعبل بن علي الخزاعي ، وفي الاستيعاب ٢ / ٥٢١ (هامش الإصابة) لبعض شعرائهم. ومثله في أسد الغابة ٣ / ٧٧٠.

(٣) في م : عبيد الله.

(٤) الخبر في فتوح البلدان للبلاذري ص ٣٦٦ (ط. دار الفكر).

(٥) في فتوح البلدان : دفن فوق روذة وبوسنة بموضع يقال له : كرمانشاهان.

(٦) وفي موته أقوال : نقل ابن حجر عن المرزباني أنه مات في خلافة عثمان بالفالج. (الإصابة). وفي الاستيعاب :

قتل يوم القادسية ، وقيل بل مات عطشا يومئذ. وفيه أيضا : وقيل بل مات سنة إحدى وعشرين بعد أن شهد وقعة نهاوند وشهد فتحها. ومرّ أنه شهد صفين وعمره مائة وخمسين سنة. ومرّ أنه رئي في خلافة معاوية.

٣٩٨

قد غادر الركب الذين تحمّلوا

بروذة شخصا لا ضعيفا ولا غمرا

فإن تجزعوا لا يغن ذلك بعده

ولكن سلوا الرّحمن يعقبكم صبرا

٥٤٠٧ ـ عمرو بن المؤمّل

 أبو الحارث العدوي

من أهل دمشق.

حدّث في ... (١) عن عصام بن روّاد الجراح ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل.

روى عنه : أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن يونس بن ياسين البزّاز ، وأبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن محمود الهرويان.

أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا حفيد العمري ـ بهراة ـ أنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي ، أنا أبو علي الحسين بن محمّد بن الحسين الحدثاني الوراق ، نا أبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه الحافظ قال : سمعت أبا الحارث عمرو بن المؤمّل الدّمشقي ابن عم عمر بن الخطاب قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : سمعت أبي يقول :

من قال : لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر.

قال أبو الحارث : أهل الثغر ، أهل طرسوس على هذا القول اليوم.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثني محمّد بن العباس ، نا أبو إسحاق ، نا شقيق ، نا عمرو بن المؤمّل الدمشقي ، نا عصام بن روّاد بن الجرّاح قال : سمعت سهل بن بشير أبا الحسن يقول :

خرج إبراهيم بن أدهم ، وعبد العزيز بن أبي داود ، وسفيان الثوري ، وإبراهيم بن طهمان من مكة على طريق الطائف ، وذكر حكاية.

٥٤٠٨ ـ عمرو بن مهاجر بن دينار بن أبي مسلم

 أبو عبيد (٢)

صاحب حرس عمر بن عبد العزيز ، مولى الأنصار.

__________________

(١) صورتها في الأصل وم : «العرنة».

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ / ٣٤٥ وتهذيب التهذيب ٤ / ٣٨٥ والجرح والتعديل ٦ / ٢٦١ والتاريخ الكبير ٦ / ٣٧٣.

٣٩٩

رأى واثلة بن الأسقع ، وأنس بن مالك.

وروى عن أبيه مهاجر بن دينار ، وعمر بن عبد العزيز.

روى عنه : أخوه محمّد ، والأوزاعي ، وعمر بن يزيد البصري ، ويحيى بن حمزة ، وإسماعيل بن عياش ، وأبو خالد يزيد (١) بن يحيى القرشي ، والقاسم بن هزّان الخولاني ، وعثمان بن أبي العاتكة ، ومروان بن جناح ، وحصين بن جعفر الفزاري ، وعبد الله بن العلاء بن زبر.

أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، وحدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ، نا جدي إبراهيم بن العلاء ، نا إسماعيل بن عيّاش ، عن عمرو بن مهاجر ، عن أبيه المهاجر بن أبي مسلم ، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها حدثته.

أنها سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تقتلوا أولادكم سرّا فإن الغيال يدرك الرجل على ظهر فرسه» [١٠٠٩٣] ـ يعني بالسّرّ : الجماع ـ.

أخبرناه أبو القاسم بن إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، نا أبو القاسم البغوي ، نا داود بن مهاجر ، نا إسماعيل بن عيّاش ، حدّثني عمرو بن مهاجر ، عن أبيه ، عن أسماء بنت يزيد قالت :

سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تقتلوا أولادكم سرّا ، فإنّ الغيل يدرك الفارس على ظهر فرسه» [١٠٠٩٤].

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، حدّثني دحيم ، نا الوليد ، نا شيخ من الأوزاع ، عن عمرو بن مهاجر قال :

سمعت أنس بن مالك قرأ مالك.

ونا أبو زرعة ، حدّثني سليمان ، نا ابن عيّاش ، حدّثني عمرو بن عياش ، قال : صلّيت خلف واثلة بن الأسقع على ستين جنازة ورأيته وسطهم صفا واحدا للرجال ، وصفا للنساء ، جعل النساء مما يلي القبلة.

__________________

(١) الأصل : بن يزيد ، تصحيف ، والصواب عن م وتهذيب الكمال.

٤٠٠