تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عمرو بن مرّة أبو مريم الأزدي ، ويقال : أسدي ، ويقال : الجهني.

أخبرنا أبو الحسين (١) ـ إذنا (٢) ـ وأبو عبد الله ـ شفاها ـ قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.

قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٣) :

عمرو بن مرّة الجهني أبو مريم ، وكانت له صحبة ، روى عنه القاسم بن مخيمرة ، وعيسى بن طلحة ، وحجر بن مالك ، وروى حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة عن (٤) عثمان ، وعمرو ابني مضرس الجهنيين عن أبيهما عنه ، وروى عن ابن الحكم الشامي ، عن أبي الحسن الجزري (٥) عنه.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني (٦) ، أنا أبو القاسم تمّام بن محمّد ، أنا أبو عبد الله الكندي (٧) ، نا أبو زرعة قال :

وعمرو بن مرّة الجهني منزله بدمشق ، حدّثني دحيم عن أبي مسهر أنه بقي إلى إمارة عبد الملك.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين (٨) بن الآبنوسي ، أنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنا أبو الحسن بن جوصا ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا [أبو] عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا عبد الوهّاب الكلابي ، أنا أحمد بن عمير ، قال :

سمعت أبا الحسن بن سميع يقول : عمرو بن مرّة الجهني ، قال أبو سعيد بدمشق داره ناحية باب توما ، ولده بها ؛ مات بالشام في خلافة عبد الملك (٩).

__________________

(١) الأصل وم : الحسن ، تصحيف ، والسند معروف.

(٢) «إذنا» سقطت من م ، ومكانها علامة تحويل إلى الهامش ، ولم يكتب عليه شيئا.

(٣) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٦ / ٢٥٧.

(٤) بالأصل : «بن» تصحيف ، والتصويب عن م والجرح والتعديل.

(٥) الأصل : الجوزي ، وفي م : الحوري ، كلاهما تصحيف ، والتصويب عن الجرح والتعديل.

(٦) في م : الكناني ، تصحيف ، والسند معروف.

(٧) الأصل وم : الكندري ، تصحيف ، والسند معروف.

(٨) الأصل وم : الحسن ، تصحيف.

(٩) تهذيب الكمال ١٤ / ٣٣٧.

٣٤١

أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي ، أنا أبو عامر محمود بن القاسم بن محمّد ، وأبو نصر عبد العزيز بن محمّد ، وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد ، قالوا : أنا عبد الجبّار بن محمّد ، أنا أبو العباس المحبوبي ، أنا أبو عيسى التّرمذي ، قال : وعمرو بن مرّة الجهني يكنى أبا مريم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي قال :

عمرو بن مرّة الجهني أبو مريم ، سكن مصر ، وقدم دمشق على معاوية (١).

وقال أبو موسى هارون بن عبد الله ، ويقال : إنّ عمرو بن مرّة كان على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيخا كبيرا (٢).

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال :

عمرو بن مرّة أبو مريم الجهني ، ويقال : الأسدي ، سكن فلسطين ، روى عنه عيسى بن طلحة ، وسبرة بن معبد ، ومضرّس بن عثمان وغيرهم.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، قال : قال لنا أبو نعيم الحافظ :

عمرو بن مرّة الجهني وقيل الأسدي يكنى أبا مريم ، سكن فلسطين ، حدّث عنه عيسى بن طلحة ، والربيع بن سبرة ، وأبو الحسن الجزري (٣).

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر الحافظ (٤) ، قال :

أما عبس بفتح العين وسكون الباء : عمرو بن مرّة بن عبس بن مالك بن الحارث بن مازن بن سعد بن رفاعة بن نصر بن غطفان بن قيس بن جهينة الجهني ، من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذكر فيمن قدم مصر ، ذكر ذلك أبو يونس.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر الخطيب ، أنا أبو القاسم بن الصّوّاف ، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نا محمّد بن أحمد بن حمّاد قال : سمعت معاوية بن صالح ، والعباس بن محمّد ، قالا : قال لنا يحيى بن معين : أبو مريم عمرو بن مرّة.

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٤ / ٣٣٧.

(٢) تهذيب الكمال ١٤ / ٣٣٧.

(٣) الأصل : الجوزي ، وفي م : الحوزي ، تصحيف.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٦ / ٨٨ و ٨٩ ـ ٩٠.

٣٤٢

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو مريم عمرو بن مريم الجهني ، له صحبة.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ـ فيما قرأت عليه ـ عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني [أبي] أبو عبد الرّحمن قال : أبو مريم عمرو بن مرّة الجهني.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنا أبو بكر الصفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد بن محمّد قال :

أبو مريم عمرو بن مرّة بن مالك بن الحارث (١) بن مازن بن رفاعة بن نصر بن مالك بن غطفان بن قيس بن جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة الجهني ، ويقال : الأزدي ، ويقال : الأسدي ، له صحبة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سكن الشام.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنا هشام بن محمّد ، نا خالد بن سعيد ، عن رجل من جهينة من بني دهمان عن أبيه ، وقد صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : قال عمرو بن مرّة الجهني.

كان لنا صنم وكنّا نعظّمه ، وكنت سادنه ، فلما سمعت بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كسرته ، وخرجت حتى أقدم المدينة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأسلمت وشهدت شهادة الحقّ ، وآمنت بمن جاء به ، بحلال وحرام ، فذلك حين أقول :

شهدت بأنّ الله حقّ وأنّني

لآلهة الأحجار أوّل تارك

وشمّرت عن ساقي الإزار مهاجرا

إليك أجوب الوعث بعد الدكادك

لأصحب خير النّاس نفسا ووالدا

رسول مليك النّاس فوق الحبائك

قال : ثم بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام ، فأجابوه إلّا رجلا واحدا (٣) ردّ عليه قوله ، فدعا عليه عمرو بن مرّة فسقط فوه ، فما كان يقدر على الكلام ، وعمي ، واحتاج.

__________________

(١) في م : المحرث.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ٣٣٣ تحت عنوان : وفد جهينة (ذكر وفادات العرب).

(٣) الأصل وم : رجل واحد ، والمثبت عن ابن سعد.

٣٤٣

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن محمّد ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، نا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمّد بن هارون الرّوياني ، نا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله السّمرقندي ، حدّثني عبد الله بن دلهات الجهني الرّهاوي ، حدّثني أبو داود عن أبيه الدلهات ، عن أبيه وهو إسماعيل ، عن أبيه عبد الله أن أباه مسرعا حدّثه أن أباه ياسر بن سويد حدّثه قال : سمعت عمرو بن مرّة الجهني يقول :

خرجنا حجّاجا في الجاهلية في جماعة من قومي ، فرأيت في المنام وأنا بمكّة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء لي جبل يثرب وأشعر جهينة ، وسمعت صوتا في النور وهو يقول : انقشعت الظلماء ، وسطع الضياء ، وبعث خاتم الأنبياء ، ثم أضاء لي إضاءة أخرى حتى نظرت (١) إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن ، وسمعت صوتا في النور وهو يقول : ظهر الإسلام ، وكسرت الأصنام ، ووصلت الأرحام.

قال : فانتبهت فزعا ، فقلت لقومي : والله ليحدثنّ في هذا الحي من قريش حدث ، وأخبرتهم بما رأيت ، فلمّا انتهيت إلى بلادنا جاء الخبر أن رجلا يقال له : أحمد ، قد بعث.

قال : فخرجت حتى أتيته ، وأخبرته بما رأيت ، فقال : «يا عمرو بن مرّة ، أنا النبيّ المرسل إلى العباد كافّة ، يدعوهم إلى الإسلام ، وآمرهم بحقن الدّماء ، وصلة الأرحام ، وعبادة الله وحده ، ورفض الأصنام ، وبحجّ البيت ، وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهرا ، فمن أجاب فله الجنة ، ومن عصى فله النار ، فآمن يا عمرو ، يؤمّنك الله من هول جهنم».

فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله ، آمنت بكلّ ما جئت به من حلال وحرام ، وإن زعم ذلك كثير (٢) من الأقوام ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به ، قال : فكان لنا صنم وكان أبي سادنه ، فقمت إليه فكسرته ، ثم لحقت بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا أقول :

شهدت بأنّ الله حقّ وأنّني

لآلهة الأحجار أوّل تارك

وشمّرت عن ساقي الإزار مهاجرا

أجوب إليك الوعث بعد الدكادك

لأصحب خير النّاس نفسا ووالدا

رسول مليك النّاس فوق الحبائك

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مرحبا بك يا عمرو» ، فقلت : بأبي أنت وأمي ، [ألا](٣) بعثت بي إلى

__________________

(١) الأصل وم : «نظرا» والمثبت عن المختصر.

(٢) الأصل : كثيرا ، والتصويب عن م.

(٣) زيادة للإيضاح.

٣٤٤

قومي لعلّ الله أن يمنّ بي عليهم كما منّ بك عليّ؟ قال : فبعثني ، فقال : «عليك بالرّفق والقول السّديد ، ولا تكن فظا ولا متكبّرا ولا حسودا».

قال : فأتيت قومي ، فقلت : يا بني رفاعة ، بل يا معشر جهينة ، إنّي [رسول](١) رسول الله إليكم أدعوكم إلى الإسلام ، وآمركم بحقن الدّماء ، وصلة الأرحام ، وعبادة الله وحده ، ورفض الأصنام ، وبحجّ البيت ، وصيام شهر رمضان ، شهر (٢) من اثني عشر (٣) [شهرا](٤) ، فمن أجاب فله الجنّة ، ومن عصى فله النار ، يا معشر جهينة جعلكم خيار من أنتم منه ، وبغّض إليكم في جاهليتكم ما حبّب إلى غيركم من العرب ، فإنهم كانوا يجمعون بين الأختين ، والغزاة في الشهر الحرام ، ويخلف الرجل على امرأة أبيه ؛ فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة.

فأجابوني إلّا رجلا منهم ، فقال : يا عمرو بن مرّة ـ أمرّ الله عيشك ـ أتأمرنا برفض آلهتنا وأن نفرّق جمعنا ، وأن نخالف دين آبائنا الشّيم العلى إلى ما يدعونا إليه هذا القرشي من أهل تهامة؟ لا حبّا ولا كرامة ، ثم أنشأ الخبيث يقول :

إنّ ابن مرة قد أتى بمقالة

ليست مقالة من يريد صلاحا

إنّي لأحسب قوله ومقاله

يوما وإن طال الزمان ذباحا

ليسفّه الأشياخ ممّن قد مضى

من رام ذلك لا أصاب فلاحا

قال : فقال عمرو : الكاذب مني ومنك أمرّ الله عيشه ، وأبكم لسانه ، وأكمه أسنانه.

قال : فو الله ما مات حتى سقط فوه ، وعمي ، وخرف ، وكان لا يجد طعم الطعام ، فخرج عمرو بمن أسلم من قومه حتى أتوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحيّاهم ورحّب بهم ، وكتب لهم كتابا هذه نسخته :

بسم الله الرّحمن الرحيم.

هذا كتاب أمان من الله العزيز على لسان رسوله بحقّ صادق ، وكتاب ناطق مع عمرو بن مرّة لجهينة بن زيد ، أنّ لكم بطون (٥) الأرض وسهولها ، وتلاع (٦) الأودية

__________________

(١) الزيادة عن م.

(٢) الأصل وم : شهرا.

(٣) الأصل وم : عشرا.

(٤) زيادة للإيضاح عن المختصر.

(٥) يقال لكل غامض بطن ، ولكل ظاهر ظهر ، يريد : إن لكم الوهدة من الأرض.

(٦) تلاع الأودية : ما انحدر من الأودية ، وما اتسع من فوهة الوادي.

٣٤٥

وظهورها ، على أن ترعوا نباتها ، وتشربوا ماءها على أن تؤدوا الخمس ، وتصلّوا الخمس ، وفي التيعة (١) والصريمة (٢) شاتان إذا اجتمعتا ، فإن فرّقتا فشاة شاة ، ليس على أهل المثيرة (٣) صدقة ، ولا على الواردة لبقة (٤) ، والله شهيد على ما بيننا ، ومن حضر من المسلمين ـ كتاب قيس بن شماس ـ.

وفي ذلك يقول عمرو بن مرّة :

ألم تر أنّ الله أظهر دينه

وبيّن برهان القرآن لعامر

إلى خير من يمشي على الأرض كلها

وأفضلها عند اعتكار الضّرائر

أطعنا رسول الله لمّا تقطّعت

بطون الأعادي بالظّبى والخناصر (٥)

فنحن قبيل قد بنى المجد حولنا

إذا احتملت في الحرب هام الأكابر

بنو الحرب نقربها بأيد طويلة

وبيض تلألأ في أكفّ الأعاور

ترى حوله الأنصار يحيون سربهم

بسمر العوال والصّفيح البواتر

إذا الحرب دارت عند كلّ عظيمة

ودارت رحاها باللّيوث الهوامر

تبلّج منه اللون وازداد وجهه

كمثل ضياء البدر بين البواهر

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد ، قالت : أنا أبو الفضل [الرازي](٦) أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون الرّوياني ، نا أبو كريب ، نا سعيد بن شرحبيل ، عن ابن لهيعة ، عن الربيع بن سبرة ، عن عمرو بن مرّة الجهني قال :

قلت : يا رسول الله ممن نحن؟ قال : يعني «أنتم من اليد الطليقة واللقمة الهنيئة ، أنتم من جهينة».

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا محمّد بن عبد الله بن ريذة ، أنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، أنا علي بن إبراهيم الخزاعي ، نا عبد الله بن داود بن دلهات ، عن أبيه داود ، عن

__________________

(١) رسمها بالأصل وم : «العنفة؟؟؟» تصحيف والصواب ما أثبت ، والتيعة : بالكسر : الأربعون من الغنم ، أو أدنى ما تجب فيه الصدقة من الحيوان (القاموس).

(٢) الصريمة : بالصاد مصغرا ، تصغير الصرمة ، وهي القطيع من الإبل والغنم ، قيل من العشرين إلى الثلاثين والأربعين ، والمراد بهاهنا : من مائة وإحدى وعشرين إلى المائتين.

(٣) المثيرة : البقرة التي تستعمل للحراثة ، حيث تثير الأرض.

(٤) اللبقة : بفتح اللام وسكون الباء الظرف أي ليس عليهم أن يعطوا لمن يرد مياههم من المسلمين الظروف.

(٥) الأصل وم ، وفي المختصر : والخناجر.

(٦) زيادة عن م.

٣٤٦

أبيه دلهات ، عن أبيه إسماعيل ، عن أبيه عبد الله أن أباه مسرعا حدثه أن أباه ياسرا حدّثه عن عمرو بن مرّة قال :

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث جهينة ومزينة إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ، وكان منابذا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما ولّوا غير بعيد قال أبو بكر الصّدّيق : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمّي ، على ما تبعث كشيين (١) قد كادا تهاسان؟؟؟ (٢) في الجاهلية أدركهم الإسلام وهم على بقية منها ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بردّهم حتى وقفوا بين يديه فقال : «يا مزينة حي جهينة ، يا جهينة حي مزينة» ، فعقد لعمرو بن مرة على الجيشين على جهينة ومزينة ، ثم قال : «سيروا على بركة الله» فساروا إلى [أبي] سفيان بن الحارث فهزمه الله وكثر القتل في أصحابه ، فلذلك ما يقول أبو سفيان بن الحارث :

من عاذلي أو ناصري

بالمشرفية من جهينة

ألن يعودهم ابن مره

ذو البيان اللحينة

هم ذهبوا بالسلام

وأطمعوا فينا مزينه

قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد ، عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن بن السمسار ، أنا محمّد بن أحمد بن عمار السلمي ، أنا محمّد بن جعفر بن محمّد ، نا علي بن حرب ، نا المعافي بن محمّد ، نا يوسف بن عطية ، عن كلثوم بن جبر قال : قال معاوية يوما لعمرو بن مرّة الجهني :

هل لك أن تقوم مقاما تقول : إنّ قضاعة من معدّ ، وأطعمك مصر والعراق سنة؟ قال : إذا شئت ، فتقدّم معاوية إلى أصحابه أن يكونوا حول المنبر ، وجاء عمرو بن مرّة يرفل في حلله حتى صعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه وقال :

يا أيّها السائل يوم المعجر

حيث التقينا في العجاج الأكبر

قضاعة بن مالك بن حمير

النسب المعروف غير المنكر

فقال معاوية : ما لك قطع الله لسانك ، فقام إليه ابنه زهير فقال : يا أبة ما كان عليك أن تشفع أمير المؤمنين ويطعمك مصر والعراق سنة ، فأنشأ عمرو يقول :

يوما أطعتك يا زهير كسوتني

في النّاس ضاحية ثياب صغار

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل وم.

(٢) كذا رسمها بالأصل وم.

٣٤٧

أنبيع والدنا الذي ندعى له

بأبي معاشر غائب متواري

قحطان والدنا الذي نسمو به

وأبو خزيمة خندف بن نزار

أخبرنا أبو الحسين (١) بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزبير بن بكّار قال : ورووا في ذلك شعرا فقالوا :

يا أيها الداعي ادعنا وابشر

وكن قضاعيا ولا تبزر

قضاعة بن مالك بن حمير

النسب المعروف غير المنكر

قال : وحدّثنا الزبير قال : وحدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي أن ابن مزروع الكلبي قال : هذا الشعر لأفلح بن العبوب المشجعي.

قال : وقال أبو عبيدة : قائله عمرو بن مرّة الجهني ، قال : ولا أحسبه إلّا كما قال ابن مزروع ، وذلك أنّي لقيت ولد عمرو بن مرّة بدمشق ، فأنكروا هذا الشعر ، وجحدوا أن يكون عمرو بن مرّة انتسب هذا النسب ، وهم مقيمون على نسبهم في معدّ.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ نا أبو محمّد الكتاني (٢) ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم بن بشر ، نا محمّد بن عائذ ، ثنا الوليد ، حدّثني ـ يعني عثمان بن حصين ـ عن يزيد بن عبيدة قال : وفي سنة ثمان وخمسين سنة شتّى (٣) عمرو بن .... (٤).

أخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي ، قالت : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو الطّيّب محمّد بن جعفر ، نا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم قال : قال أبي

__________________

(١) الأصل وم : الحسن ، تصحيف ، والسند معروف.

(٢) في م : الكناني ، تصحيف.

(٣) الأصل «نا» والمثبت عن م.

(٤) رسمها بالأصل وم : «المهدرون» والذي في تاريخ خليفة ص ٢٢٥ في حوادث سنة ٥٨ قال : ـ ومن طريق محمد بن عائذ قال : حدثني الوليد قال : حدّثني غير يزيد قال : وفي سنة ثمان وخمسين شتى عمرو بن مرة البذندون.

٣٤٨

سعد (١) بن إبراهيم : وعرضناها على يعقوب أيضا ، قال : ثم حجّ عثمان بن محمّد بن أبي سفيان سنة تسع وخمسين وشتّى عمرو بن مرّة بالروم.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أبو عبد الله النّهاوندي ، أنا أحمد بن عمران ، نا موسى التّستري ، نا خليفة العصفري قال (٢) : وفيها ـ يعني سنة تسع وخمسين ـ شتّى عمرو بن مرّة بأرض الروم في البرّ ، ولم يكن عامئذ بحر.

٥٤٠٠ ـ عمرو بن مرّة الحنفي

شاعر من أهل الحجاز.

وفد على عبد الملك بن مروان ، ويقال : على يزيد بن عبد الملك.

قرأت بخط الحسين بن الحسن بن علي الرّبعي ، أخبرني أبو محمّد عبد الله بن عطية بن حبيب ، أخبرني أبو طالب محمّد بن صبيح بن رجاء ، حدّثنا أبو عمر الكندي ، قال : قال أبو الطيب بن الأعرابي الوشّاء : حدّثني أبو جعفر محمّد بن إبراهيم القارئ عن العمري ، عن الهيثم بن عدي ، قال :

كان بالمدينة أربعة قيان فاطحبوا على المنادمة ، وصحيح الإخاء ، يتقارضون الشعر ، ويباهون العشق منهم : عمرو بن مرّة الحنفي ، وصعب بن سفيان الحارثي ، وزيد بن سعد التميمي ، وسفيان بن الحارث النوفلي ، وكانوا يغدون كلّ يوم إلى جوار لعمر بن أبي ربيعة المخزومي للمذاكرة ، تعلق كلّ واحد منهم واحدة منهن ، وعلقته حتى فشا أمرهم ، وبلغ ذلك عمر بن أبي ربيعة ، فجمعهن عنهم فاشتد لذلك وجدهم ، ونحلت أجسامهم ، وتغيّرت ألوانهم فاجتمعوا يجيلون الرأي بينهم فقال بعضهم : ما الرأي إلّا الخروج إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان نستعديه على الهوى ، يصف كلّ واحد منا ما يلقى في أبيات من الشعر ، فتجهّزوا وخرجوا حتى قدموا على عبد الملك بن مروان فوافوه يوم قعد للمظالم ، فدخلوا في جملة الناس ، فتقدّم عمرو بن مرّة الحنفي وكان أكبر القوم سنا ، فرفع إلى عبد الملك قصته ، وفيها هذه الأبيات :

تغيّر وجه الوصل إذ غيّب البدر

وحالفني الهجران لا سلم الهجر

__________________

(١) بالأصل وم : سعيد.

(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٢٦. حوادث سنة ٥٩ (ت. العمري) وفيه عمرو بن مرة المهري.

٣٤٩

على غير ذنب كان منّي عملته

سوى أنّني نوّهت : إذ غلب الصّبر

وأن امرأ يبدي تباريح قلبه

إلى إلفه إذ شفّه الشوق والذكر

حقيق بأن يصفو له الودّ والهوى

ويصرف عنه الغيب إذ صرح القدر

فقل يا أمير المؤمنين فإنّما

أتيناك كي تقضي إذا وضح الأمر

فأجابه عبد الملك في ظهر قصته :

لقد وضحت فيك القضية يا عمرو

وأنت حقيق بأن يحلّ بك الهجر

لأنك أظهرت الذي كنت كاتما

ونوهت (١) بالحبّ الذي ضمن الصدر

فبحت به في الناس حتى إذا بدا

دقيق الهوى ناديت : أن غلب الصّبر

فألّا بكتمان الهوى متّ صابرا

فتهلك محمودا وفي كفّك العذر

فلست أرى إن بحت بالحبّ والهوى

جزاءك إلّا أن يعاقبك البدر

وتقدم زيد بن (٢) سعد فرفع قصته ، وفيها :

ومالكة للرّوح منّي تطلّعت

بباب (٣) فؤادي نحوها بالتّبسّم

فلمّا رأت في القلب تصوير حبّها

أشارت بأنفاس ولم تتكلّم

فباح الهوى منّي (٤) ومنها صبابة

بمكنون أسرار الضمير المكتّم

فأيقنت أنّ القلب قد قال : مرحبا

وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم

فأمسكت منها بالرّجاء وأمسكت

بأردان قلب مستهام متيّم

فقل يا أمير المؤمنين فإنّما

إليك رحلنا في الحكومة فاحكم

فأجابه عبد الملك في ظهر قصّته :

سأحكم يا زيد بن سعد عليكما

وأقضي بحقّ واجب غير مبهم

ذكرت بأنّ القلب منك بكفّها

وحبّك منها في الضّمير المكتّم

فقد قاسمتك الحبّ منهما فما أرى

سبيلا عليها في الحكومة فاعلم

تمسّكت منها بالرجاء وأمسكت

بأردان روح القلب منك المتيّم

__________________

(١) الأصل : وتودعت ، والمثبت عن م والمختصر.

(٢) في م : كتبت «زيد» فوق الكلام بين السطرين ، وكتبت «بن» تحت الكلام بين السطرين.

(٣) كذا بالأصل وم : «بباب» وفي المختصر : بناب.

(٤) في المختصر : فباح الهوى منها ومني صبابة.

٣٥٠

فأخف هواها في فؤادك لا تبح

به يا ابن سعد في الأنام فتصرم

فإنّ بكتمان الهوى يظفر الفتى

بكلّ كعاب كالرّبيب المنعّم

ورفع سفيان بن الحارث قصته ، وفيها :

تذكّرت أيام الرّضى منك في الهوى

على المطل منكم بالعصارة والتعب

وفعل كريم قد يجازى بمثله

إذا نحن أجرينا الهوى غاية الحبّ

وإحداثك الهجران من بعد صبوة

على غير ما جرم جنيت ولا ذنب

كأنّي على جمر الغضا من صدودكم

يقلّبني جنبا بظهر (١) على جنب

فقل يا أمير المؤمنين فإنّما

أتيناك كي تقضي لقلب على قلب

فأجابه عبد الملك في ظهر قصته :

تحكمني صعب وقد شفّه الهوى

ولست أرى في الحكم جورا على صعب

لقد جارت الحوراء يا صعب في الهوى

عليك وما أحدثت ذنبا سوى الحبّ

علام وفيم الصّدّ منها وما أرى

لها سببا يدني إلى سبب العتب

فإن هي لم تقبل عليك بودّها

ويلقاك منها بالبشاشة والرّحب

فحكمي عليها أن تجازى بفعلها

كذلكم أقضي لقلب على قلب

ورفع سفيان بن الحارث قصته ، وفيها أبيات حفظ منها :

تبدّت بأسباب المودّة والهوى

فلمّا حوت قلبي نبت بصدود

فلو شئت يا ذا العرش حين خلفتني

شقيّا بمن أهواه غير سعيد

عطفت عليّ القلب منها برأفة

وإن كان أقسى من صفا وحديد

تعلّقت من رأس الرجاء بشعرة

وأمسكت من رأس الحبيب بجيد

فإن يغلب الناس الرّجاء ويعتلى

عليه فما منّي الرّدى ببعيد

فقل يا أمير المؤمنين فإنّما

تحكّم والأحكام ذات حدود

فأجابه عبد الملك في ظهر قصته :

أرى الجور منها ظاهرا يا ابن حارث

وما رأيها في ما أتت بسديد

أمن بعد ما صادت فؤادك واحتوت

عليه نبت وجه الهوى بصدود

__________________

(١) الأصل : «بظهرا» وفي م : «جنبك طهرا» وفي المختصر : «لظهر».

٣٥١

فلست أرى إلّا تألّف قلبها

بطول بكاء عندها وسهود

فإن هي لم ترحم بكاءك والتوت

عليك فما منك الرّدى ببعيد

سأقضي عليها إذ تبيّن جورها

بتركان حقّ أو بعطف ودود

بأن يعقب الهجران بالوصل والرضى

على رغم واش في الهوى (١) وحسود

فحكمي عليها أن تقاد بقلبها

لذي صبوة جارت عليه ودود

وكتب عبد الملك بن مروان إلى عمر بن أبي ربيعة (٢) أن يخرجهن إليهم ، وكتب إلى عامله أن يأتي أن يبتاعهن منه لهم ، وأحسن جوائزهم وصرفهم.

رواه عروة عن الهيثم فقال : صعب بن سفيان العبسي ، وسنان بن الحارث الغطفاني ، ذكر أنّ وفودهم كان على يزيد بن عبد الملك.

٥٤٠١ ـ عمرو بن مرّة الكلبي

أحد بني مارية.

وقدم على الوليد بن يزيد يخبره بتوجه جيش يزيد بن الوليد إليه ، له ذكر.

٥٤٠٢ ـ عمرو بن مسعدة بن صول بن صول

 أبو الفضل الصّولي (٣)

وزير المأمون ، قدم معه دمشق.

وحدّث عن المأمون.

روى عنه علي بن محمّد بن شبيب ، ومحمّد بن حبيب ، وأبو معاوية المفضّل بن غسان الغلّابي.

وكان أبوه مسعدة مولى خالد بن عبد الله القسري (٤) أمير العراق ، وكان كاتبه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن

__________________

(١) الأصل : «واش والهوى والجود» وفي م : «واس في السوي وحود» صوبنا العجز عن المختصر.

(٢) بالأصل وم : «عمرو بن ربيعة» وقد تقدم في أول الخبر ، أنه : عمر بن أبي ربيعة.

(٣) ترجمته في وفيات الأعيان ٣ / ٤٧٥ ومعجم الأدباء ١٦ / ١٢٧ وتاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٣ وإرشاد الأريب ٦ / ٨٨ ومعجم الشعراء ص ٢١٩ والوزراء والكتاب للجهشياري ص ٢١٦ والاعلام ٥ / ٨٦.

(٤) الأصل : «القشيري» وفي م : «العسري» والتصويب عن الجهشياري ومعجم الأدباء.

٣٥٢

عبيد الله بن الشّخّير ، نا أحمد بن إسحاق [الملحمي](١) حدّثني عمارة بن وثيمة أبو رفاعة (٢) ، نا علي بن محمّد بن شبيب ، عن عمرو بن مسعدة قال :

سمعت المأمون أمير المؤمنين يقول : حدّثني أبي عن أبيه عن عمه عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه عن ابن عبّاس قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «علّقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه آدب لهم» (٣) [١٠٠٨٩].

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن زريق ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : عمرو (٥) بن مسعدة بن سعيد بن صول بن صول أبو الفضل ، هو ابن عم إبراهيم بن العبّاس بن محمّد بن صول بن صول ، وكان أحد كتّاب المأمون ، أسند الحديث عن أمير المؤمنين المأمون.

أنبأنا أبو غالب شجاع بن فارس ، وأبو البركات بن المبارك ، وأبو بكر أحمد بن مقرب (٦) بن الحسين وغيرهم ، قالوا : أنا ثابت بن بندار بن إبراهيم ، أنا أبو تغلب عبد الوهّاب بن علي بن الحسن اللّخمي ، نا أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري ، أنشدنا محمّد بن يزيد النحوي للحرمازي بقوله لعمرو بن مسعدة وكان يجري عليه :

أقام بأرض الشام فاحتلّ جانبي

ومطلبه بالشام غير قريب

ولا سيّما في مغلّس حلف تعرس

أما تعرس في مغلس بعجيب

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أنا محمّد بن جعفر التميمي ، أنا أبو بكر الصّولي ، أنا الحسين بن يحيى ، وعون قالا : نا أحمد بن النّجم قال :

مرض عمرو بن مسعدة مرضة ثم أفاق ، فدخل دار المأمون ، فقال له أبو الجنوب يحيى بن مكرم ـ صح بالجيم ـ يا عمرو ، لك التمحيص والأجر لله ، علينا الحمد والشكر ، فقد كان شكى شوقا إليك للنهي والأمر.

__________________

(١) زيادة عن م.

(٢) مكانها بياض في م.

(٣) من هذا الطريق رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٣.

(٤) تاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٣.

(٥) «عمرو بن مسعدة» مكرر بالأصل.

(٦) الأصل وم : «معرب» والمثبت عن مشيخة ابن عساكر ٢٠ / أ.

٣٥٣

ذكر أبو عبد الله محمّد بن داود بن الجرّاح في رسالة كتبها إلى أبي أحمد يحيى بن علي في من يسمّى من الشعراء عمرا.

ذكر دعبل أنّ عمرو بن مسعدة كان يقوم بأمر عمرو بن أبي بكر ، يعني المؤملي قاضي دمشق ، وكان محمّد بن داود يحمل عليه ، فقال يمدح عمرا ويغمز على ابن داود :

لشتّان بين المدّعين وزاره

وبين الوزير الحقّ عمرو بن مسعدة

فهمّهم في النّاس أن يحبوهم

وهمّ أبي الفضل اصطناع ومحمدة

فاسكن رب الناس عمرا جنانه

وأسكنهم نارا من النار موصدة

وبلغني أن عمرو بن مسعدة كان عنده فرس أدهم أغرّ لم يملك أحد مثله ، فبلغ المأمون خبره ، وبلغ ذلك عمرا فقاده إليه وكتب معه (١) :

يا إماما لا يدانيه

إذا عدّ إمام

فضل الناس كما

يفضل نقصانا تمام

قد بعثنا بجواد

مثله ليس يرام

[فرس](٢) يزهى به للحسن

سرج ولجام (٣)

دونه الخيل كما دو

نك في الفضل الأنام

ووجهه صبح ولكن

سائر الخلق (٤) ظلام

والذي يصلح للمو

لى على العبد حرام

ويروى : مالك وما يصلح.

وذكر ابنه أبو محمد بن عمرو بن مسعدة عنه أنه لم يقل من الشعر شيئا إلّا بيتا واحدا ، فإنه وقع في ظهر رقعة لرجل :

أعزز عليّ بأمر أنت طالبه

لم يكن النّجح فيه وانقضى أمده

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المقرئ وغيرهما عن أبي الحسن رشأ بن نظيف ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد الغسّاني ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، حدّثني أبو موسى قال :

__________________

(١) الأبيات في معجم الأدباء ١٦ / ١٣٠ ومعجم الشعراء ص ٢١٩.

(٢) زيادة عن المصدرين لإقامة الوزن.

(٣) الأصل : «الحيش بسرح ولجام» وفي م : «الحيش سرج ولجام» صوبنا العجز عن المصدرين السابقين.

(٤) الأصل وم ، وفي المصدرين السابقين : الجسم.

٣٥٤

كان إسماعيل بن حبان صديقا لعمرو بن مسعدة ، فلما كتب للمأمون صار إليه ، فلم يصل إليه ، فكتب إليه (١) :

مالك قد حلت عن وفائك

واستبدلت باليسر شيمة كدرة

ما لي من حاجة إليك سوى

تسهيل أذني فما لها عسره

لستم ترجّون للحساب (٢) ولا

يوم تكون السماء منفطرة

لكن لدنيا كالظلّ بهجتها

سريعة الانقضاء منشمرة

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، قال : سمعت أبا العباس المبرّد يقول : مرّ عمرو بن مسعدة الكاتب بأبي العتاهية وهو جالس على الطريق فوقف عليه يسأله عن حاله ، فما قام إليه ؛ ورفع إليه رأسه وهو يقول (٣) :

أقعدني (٤) اليأس منك عنك فما

أرفع رأسي إليك من كسلي

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني الأزهري ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة ، قال :

ومات عمرو بن مسعدة في هذه السنة بأذنة (٦) يعني سبع عشرة ومائتين ، قال : وكان لعمرو بن مسعدة منزلان بمدينة السلام ، أحدهما بحضرة طاق الحرّاني ، والحراني هو إبراهيم بن ذكوان ، ومنزل آخر فوق الجسر ، وهو المعروف بساباط عمرو بن مسعدة.

٥٤٠٣ ـ عمرو بن مسعود السّلمي (٧)

من أهل الطائف ، شاعر.

وفد على معاوية بن أبي سفيان.

__________________

(١) الأبيات في الأغاني ٤ / ٢١ وأدب الغرباء للأصفهاني ص ٤٤ ونسبها لأبي العتاهية ، وقال في مناسبتها : أن أبا العتاهية استأذن على عمرو بن مسعدة فحجب عنه ، فكتب إليه.

(٢) غير واضحة بالأصل وتقرأ : للمات. والمثبت عن الأغاني ، وفي أدب الغرباء : للوفاء.

(٣) البيت في ديوان أبي العتاهية ط بيروت ص ٣٧٨ ، وهما بيتان ، وذكر مناسبة أخرى لهما.

(٤) الديوان : كسلني.

(٥) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٣.

(٦) أذنة بليدة بساحل الشام عند طرسوس (معجم البلدان).

(٧) الإصابة ٣ / ١٦.

٣٥٥

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن علي بن محمّد الكاتب ، حدّثني أبي [أبو](١) طالب ، حدّثني أبو عمر محمّد بن مروان بن عمر ، أخبرني الطّيّب بن محمّد بن موسى بن سعيد بن سلم الباهلي ، حدّثني الصلت بن مسعود الجحدري ، نا محمّد بن حرب في (٢) الجاهلية ، فلما ولى معاوية قيل له : لو أتيت معاوية فأتى ، فلما ضاق به الأمر أتاه فاستأذن فحجب فكتب إليه :

ما بال شيخك مخنوقا بجرّته

طال المطال به دهرا وقد كبرا

قد جاء ترعد كفّاه بمحجنه

ولم يترك الدّهر من أولاده ذكرا

قد بشّرته أمورا فاقثأرّ لها

وقد حنى قوسه دهر وقد غبرا

فاذكر أباك أبا سفيان إن لنا

حقا عليك به ضيعتنا عصرا

فأذن له ، وأدنى مجلسه ، قال : كيف حالك يا عمرو ، وما بقي منك؟ قال : يا أمير المؤمنين قلّ مني ما كنت أحبّ أن يكثر ، وكثر مني ما كنت أحبّ أن يقل ، أجمت النساء وكنّ الشفاء ، برمت المطعم وكان المنعم ، ثقلت على وجه الأرض ، وقوي خطوي بعضه من بعض ، فنومي هبات وسمعي وفات وفهمي تارات ، ائذن لي فأنشدك ما قلت ، فقال : قل ، فقال :

أصبحت شيخا كبيرا هامة لغد

أزقو لدى جدثي أو لا فبعد غد

أردى الزمان حلوباتي وما اكتسبت

كفّاي من سبد الأموال واللّبد

حتى إذا صرت من مال ومن ولدي

مثل الخلية سيرونا بلا أحد

أرسي بكدّ صفاتي حدّ معوله

يا دهر قدني مما تبتغيه قد

والله لو كان يا خير الخلائف ما

لاقيت في أحد ذلّت ذرى أحد

أو قيل للغرد الجوّال لانصدعت

من دونه كبد المستعصم الغرد

لمّا رأى يا أمير المؤمنين به

تشتّت (٣) الدهر من جمع إلى بدد (٤)

__________________

(١) زيادة عن م.

(٢) كذا بالأصل وم ، وثمة اضطراب في العبارة.

(٣) في المختصر : تقلب.

(٤) بعده في م ـ وقد سقط من الأصل ـ

وأبصر الشيخ في حلقومه نقعت

منه الحشاشة بين الصدر والكبد

٣٥٦

وأم الرّحيل في كفّيه محجنه

يؤامر النفس في طعن وفي قعد

إمّا جوار إذا ما غاب ضيّعها

أو المقام فصنك المعير والوتد

فدمعه عسق وماؤه سرق

وقلبه فرق من شدّة الكمد (١)

لنسوة رغب أولادها سغب

كأفرخ زغب حلّوا على ضمد

قالوا الرحيل فداروا حول شيخهم

يسترجعون له أن خاض بالبلد

يدعو (٢) أصبية فقدان والدهم

ووالدا واضعا (٣) كفّا على كبد

قالوا : يا أبانا إذا ما غبت كيف لنا

بمثل والدنا في القرب والبعد

قد كنت ترضعنا إن درة نكأت

عنا وتكلؤنا بالرّوح والجسد

فغرغر الشيخ من حزن مدامعه

أنفاسه من سخين الحزن في صعد (٤)

وقال تردع صبيانا وأجوبة

أوصيكم باتقاء الله يا ولد

أما أغيّب فأبوا من حلوبتكم

أو متّ فاعتصموا بالواحد الصّمد

قال : فرق له معاوية وقال : كم دينك يا عمرو؟ كم يرضيك؟ قال : ثلاثون ألفا ، عشرة آلاف أقضي بها ديني ، وعشرة آلاف أرم بها أمري ، وعشرة آلاف أستعين بها على دهري ، قال : أعطوه ستين ألفا.

قال : وحدّثني محمّد بن مروان ، حدّثني أبو سعيد بكر بن محمّد السّلمي ، نا عبد الله بن محمّد القرشي ، نا محمّد بن عبّاد بن موسى العكلي (٥) ، حدّثني محمّد بن عبد الله الخزاعي ، حدّثني رجل من بني سليم قال :

كان عمرو بن مسعود رجل من بني سليم ، ثم أحد بني ذكوان ينزل الطائف ، وكان صديقا لأبي سفيان بن حرب وأخا ، وكان له مال وولد ، فذهب ماله ، وزوّج ولده ، وإن الشيخ عمّر حتى إذا استخلف معاوية أتاه بالخلّة التي كانت بينه وبين أبي سفيان ، فأقام ببابه سنة وبعض أخرى لا يصل إليه ، ثم إنّ معاوية ظهر للناس يوما ، فكتب إليه في رقعة :

__________________

(١) في المختصر :

فقلبه فرق وماؤه سرق

ودمعه عسق من شدة الكمد

(٢) في المختصر : ينعي.

(٣) كذا بالأصل وم : وفي المختصر : ووالد واضع.

(٤) المختصر :

فغرغر الشيخ في عينيه عبرته

أنفاسه من سخين الوجد في صعد

(٥) غير واضحة بالأصل وم ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ / ٣٩٩.

٣٥٧

يا أيها الملك المبدي لنا صجرا

لو كان صخر يعرض الأرض ما ضجرا

ما بال شيخك مخنوقا بجرّته

طال المطال به دهرا وقد كبرا

ومرّ حول ونصف ما يرى طمعا

يدنيه منك وهذا (١) الموت قد حضرا

قد جاء يرعد كفّاه لمحجنه

لم يترك الدّهر من أولاده ذكرا

قد بشّرته أمورا فاقثأرّ لها

وقد حنا ظهره دهر وقد غبرا

نادى وكلكل هذا الدّهر يعركه

قد كنت يا ابن أبي سفيان معتصرا

فاذكر أباك أبا سفيان إنّ لنا

حقا عليه وقد ضيّعته عصرا

فلما قرأ الكتاب دعا به فقال : كيف أنت؟ وكيف عيالك وحالك؟ فقال : ما تسأل يا أمير المؤمنين عمّن ذبلت بشرته ، وقطعت ثمرته فابيضّ الشّعر ، وانحنى الظهر ، فقد كثر مني ما كنت أحب أن يقلّ ، وصعب مني ما كنت أحبّ أن يذل ، فأجمت النساء ، وكنّ الشّقاء ، وكرهت المطعم وكان المنعم ، وقصر خطوي وكثر سهوي ، فسحلت مريرتي بالنّقض ، وثقلت على وجه الأرض ، وقرب بعضي من بعض ، وضعفت ودلّ وكلّ فقلّ انحياشه ، وكثر ارتعاشه ، وقل معاشه ، فنومه سبات ، وفهمه تارات ، وليله هبات كمثل قول عمك :

أصبحت شيخا كبيرا هامة لغد

يرنو لدى جدثي أو لا فبعد غدي

أردى الزّمان حلوباتي وما جمعت

كفّاي من سبد الأموال واللّبد

حتى إذا صرت من مالي ومن ولدي

مثل الخليلة سبروتا بلا عدد

أرسى يكدّ صفاتي جدّ معوله

يا دهر قدني ما تبتغيه قد

والله لو كان يا خير الخلائف ما

لاقيت في أحد ذلّت ذرى أحد

أو كان بالغرد الجوّال لانصدعت

من دونه كبد المستعصم الغرد

لمّا رأى يا أمير المؤمنين به

تقلّب الدهر من جمع إلى بدد

وأبصر الشيخ في حلقومة نقعت

منه الحشاشة بين الصّدر والكبد

رام الرّحيل وفي كفّيه محجنه

يؤامر النّفس في ظعن وفي قعد

إمّا جوار إذا ما غاب ضيّعها

أو المقام بدار الهون والفند

إما جوار إذا ما غاب ضيّعها

أو المقام بدار الهون والفند

فأسمحت نفسه بالسّير مغتربا

وإن تحرّم في تامورة الأسد

__________________

(١) الأصل وم : وهو ، والمثبت عن المختصر.

٣٥٨

فقلبه فرق وماؤه سرق

ودمعه عسق من شدّة الكمد

لنسوة رغب أولادها سغب

كأفرخ زغب حلّوا على ضمد

رام الرّحيل فداروا حول شيخهم

يسترجعون له أن خاض في البلد

ينعي أصيبية فقدان والدهم

ووالد واضع كفّا على كبد

قالوا : يا أبانا إذا ما غبت كيف لنا

بمثل والدنا في القرب والبعد

قد كنت ترضعنا إن درّة نكأت

عنا وتكلؤنا بالرّوح والجسد

فغرغر الشيخ في عينيه عبرته

أنفاسه من سخين الوجد في صعد

وقال يودع صبيانا ونسوته

أوصيكم باتّقاء الله يا ولدي

فإن أعش فإياب من حلوبتكم

أو متّ فاعتصموا بالواحد الصّمد

قال عبد الله بن محمّد : أربعة أبيات من هذا الشعر أنشدنيها أبي ، قال : فبكى معاوية بكاء شديدا وأمر له بثلاثمائة ألف ، وكسى ، وعروض ، وحمله ، فوافى الطائف لعشرة أيام من دمشق.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا عبد الغافر بن محمّد ، أنا أبو سليمان حمد بن محمّد بن إبراهيم قال في حديث معاوية.

أن عمرو بن مسعود دخل عليه وقد أسنّ وطال عمره ، فقال له معاوية : كيف أنت؟ وكيف حالك؟ فقال : ما تسأل يا أمير عن من ذبلت بشرته ، وقطعت ثمرته ، وكثر أن يحب ما يقلّ ، وصعب منه ما يحب أن يذلّ ، وسحلت مريرته بالنّقض ، وأجم النساء وكنّ الشقاء ، وقل انحياشه وكثر ارتعاشه ، فنومه سبات ، وليله هبات ، وسمعه خفات ، وفهمه تارات.

أخبرنا ابن الأعرابي ، وابن الربيعى (١) ودخل حديث أحدهما في الآخر ، قال ابن الأعرابي : حدّثنا ابن أبي الدنيا [نا](٢) محمّد بن عباد بن موسى ، نا محمّد بن عبد الله الخزاعي ، حدّثني رجل من بني سليم وقال ابن الربيعي (٣) حدّثني أبي عن جدي عن هشام بن محمّد ، عن أبيه ، عن رجل من قريش : قوله ذبلت بشرته : أيّ قلّ ماؤها ، وذهبت نضارتها ، والبشرة ما يباشره البصر من ظاهر بدن

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : الراء تقرأ دالا ، والعين قافا. وصورتها فيها : «الدمقى؟؟؟».

(٢) زيادة عن م ، لتقويم السند.

(٣) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : الراء تقرأ دالا ، والعين قافا. وصورتها فيها : «الدمقى؟؟؟».

٣٥٩

الإنسان ، والأدمة باطن البدن ، وفي ذبول البشرة وجه آخر : وهو أن يكون كناية عن الفرج يريد أنه قد ضعف واسترخى.

قال سفيان بن عيينة في قوله عزوجل : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ)(١) أراد بالجلود الفرج.

وقوله : قطعت ثمرته ، يريد ذهاب الزرع ، وانقطاع النسل ، وهو ثمرة الإنسان وهو يؤيد التأويل الآخر في ذبول البشرة.

وقوله : أكثر منه ما يحبّ أن يقلّ : يريد آفات الكبر كالسهو والغلط ونحوهما ، وكالبوال والدّنين وما أشبههما من العلل ، وأما صعوبة أن يحب أن يذلّ فإنه يريد بذلك ما يعرض للمشايخ من حشو (٢) المفاصل فيقل معه اللين واللّدونة التي بها تكون مطاوعة للقبض والبسط ، والاعطاء (٣).

وقوله : سحلت مريرته بالنّقض : فإن المريرة الحبل المفتول ، والسحيل : أن يفتل الغزل طاقة واحدة ، يقال : خيط سحيل ، فإذا فتل طاقين فهو مبرم ، قال زهير (٤) :

يمينا لنعم السّيّدان وجدتما

على كلّ حال من سجيل ومبرم

وقال ابن هرمة :

أرى الناس في أمر سحيل ، فلا تكن

له صاحبا حتى ترى الأمر مبرما

وأ ما جعل الحبل وانتقاضه مثالا لانحلال بدنه وانتقاص قواه.

وقوله : أجم النساء : أي ملهن وعافهن ، كما يعاف الطعام ، ويقال : أجمت اللحم إذا أكثرت منه تعافه.

وقوله : قل انحياشه أي حركته ونصرته في الأمور ، إلّا أن الحركة الضرورية بالارتعاش قد كثرت منه ، وغلبت عليه.

والسبات : نوم المريض ، والشيخ المسن ، وهو الغشية الخفيفة يقال : سبت الرجل فهو مسبوت ، ويقال : إنه مأخوذ من السّبت وهو القطع ، وذلك لأنه سريع الانقطاع ، ويقال : إنّما سمّي آخر أيام الجمعة سبتا لانقطاع الأيام عنه ، وذلك أن أولها يوم الأحد ؛ والسبت أيضا : السير السريع ، قال الشاعر :

__________________

(١) سورة فصلت ، الآية : ٢٢.

(٢) كذا بالأصل ، وفي م : «حو» وفي المختصر : خشونة.

(٣) في المختصر : والاعتماد.

(٤) ديوانه ص ١٤.

٣٦٠