تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

ثم رجع إلى حديث عبد الحكيم (١) عن عبد الله بن عمرو بن سعيد قال : فلما خرج أبو أحيحة إلى ماله بالظّريبة أسلم عمرو بن سعيد ولحق بأخيه خالد بأرض الحبشة.

قال (٢) : ونا محمّد بن عمر ، نا جعفر بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، قال :

أسلم عمرو بن سعيد بعد خالد بن سعيد بيسير ، وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث (٣) بن شق بن رقبة بن مخدج الكنانية ، وكان محمّد بن إسحاق أيضا (٤) يسميها وينسبها هكذا.

قال (٥) : ونا محمّد بن عمر ، حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن أم خالد بنت خالد قالت :

قدم علينا عمي عمرو بن سعيد أرض الحبشة بعد مقدم أبي بسنتين ، فلم يزل هناك في السفينتين مع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقدموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بخيبر سنة سبع من الهجرة ، فشهد عمرو مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفتح ، وحنينا ، والطائف ، وتبوك ، فلما خرج المسلمون إلى الشام وكان فيمن خرج ، فقتل يوم أجنادين شهيدا في خلافة أبي بكر الصّدّيق في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، وكان على الناس يومئذ عمرو بن العاص.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو (٦) العزّ الكيلي ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ـ زاد الأنماطي ، وأحمد بن الحسن بن خيرون ، قالا : ـ أنا أبو الحسين محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسين الأهوازي ، نا أبو حفص الأهوازي ، نا خليفة بن خياط (٧) قال :

أبان بن سعيد وأخواه : عمرو والحكم ابنا سعيد بن العاص أمهما هند بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، روى عمرو في : الخاتم (٨) ، واستشهد عمرو يوم مرج الصّفّر ، ويقال : يوم اليرموك.

__________________

(١) بالأصل و «ز» وم : عبد الحكم.

(٢) القائل : محمد بن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٤ / ١٠١.

(٣) الأصل : «محرز بن شف» ، والمثبت عن م ، و «ز» ، وابن سعد.

(٤) الأصل : «له ما» والمثبت «أيضا» عن م ، و «ز» ، وابن سعد.

(٥) طبقات ابن سعد ٤ / ١٠١.

(٦) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٧) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٣٩ رقم ٥٢ ، ٥٣ ، و ٥٤.

(٨) انظر الاستيعاب ٢ / ٤٨٧ وطبقات ابن سعد ٤ / ١٠٠.

٢١

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنبأ أبو عبد الله الطوسي ، نا الزبير بن بكار ، قال (١) :

وولد سعيد بن العاص : سعيد (٢) قتل يوم الطائف شهيدا ، وعبد الله بن سعيد وكان اسمه الحكم ، وعمرا قتل يوم أجنادين شهيدا ، وأمّهم صفية بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وخالد بن سعيد وكان إسلام خالد متقدما ، وأسلم أخوه عمرو ، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة ، وكانا ممن قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في السفينتين ، ولعمرو وخالد يقول أبان بن سعيد أخوهما جميعا (٣) :

ألا ليت ميتا بالظّريبة شاهد

لما يفتري في الدّين عمرو وخالد

أطاعا بنا أمر النساء فأصبحا

يعينان من أعدائنا من نكايد

فأجابه عمرو بن سعيد فقال (٤) :

أخي ما أخي لا شاتم أنا عرضه

ولا هو عن سوء المقالة مقصر

يقول إذا شكّت عليه أموره :

ألا ليت ميتا بالظّريبة بنشر

فدع عنك ميتا قد مضى لسبيله

وأقبل على الحيّ الذي هو أفقر

ثم أسلم أبان واستشهد بأجنادين.

أخبرنا (٥) أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة أنبأنا أبو محمّد بن يوه ، أنا أبو الحسن اللّنباني (٦) ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد (٧) قال : عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية أسلم بعد خالد بيسير.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٨) قال في الطبقة الثانية :

__________________

(١) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٧٤.

(٢) الأصل : بن سعيد ، تصحيف ، والتصويب عن «ز» ، ونسب قريش.

(٣) البيتان في نسب قريش ص ١٧٥ والإصابة ٢ / ٥٣٩ وأسد الغابة ٣ / ٧٢٨ ومعجم البلدان (الظريبة).

(٤) الأبيات في نسب قريش ص ١٧٥ والإصابة ٢ / ٥٣٩ ومعجم البلدان (الضريبة) ونسبها ياقوت لخالد بن سعيد.

(٥) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٦) في «ز» : اللبناني ، بتقديم الباء ، تصحيف.

(٧) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في طبقات ابن سعد المطبوع.

(٨) طبقات ابن سعد ٤ / ١٠٠ ...

٢٢

عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمّه صفية بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ولم يكن له عقب.

أخبرنا (١) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي قال : قال محمّد بن سعد :

عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ، وقال ابن عمر : شهد عمرو بن سعيد مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفتح ، وحنينا والطائف ، وتبوكا ، وقتل يوم أجنادين في سنة ثلاث عشرة.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني ، أنا أبو القاسم تمّام بن محمّد ، أنا أبو عبد الله الكندي ، نا أبو زرعة قال :

وممن قدم الشام للجهاد فقتل ومات : عمرو بن سعيد بن العاص.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين الصّيرفي ، أنا عبد الله بن عتّاب ، أنا أحمد بن عمير ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا (٢) أبو القاسم بن السّوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو الحسين الكلابي ، أنا أحمد ـ قراءة ـ قال :

سمعت أبا الحسين بن سميع يقول : وعمرو بن سعيد بن العاص بن أمية قتل بأجنادين.

وكذا قال أبو سليمان بن زبر.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال :

عمرو بن سعيد بن العاص القرشي ، رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال الزّهري محمّد بن مسلم :

وهو من مهاجرة الحبشة ، وقتل بأجنادين.

أنبأنا أبو علي الحداد قال : قال : أنا [أبو](٣) نعيم الحافظ.

عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس من مهاجرة الحبشة ، استعمله

__________________

(١) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٣) زيادة عن م و «ز».

٢٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على تيماء ، وحنين ، قتل بأجنادين من أرض الشام في خلافة أبي بكر.

قال ابن إسحاق (١) : لا عقب له ، أخو خالد بن سعيد ، ولمّا أن أسلما قال فيهما أخوهما أبان بن سعيد وكان أبوهم سعيد بن العاص هلك بالظريبة مال له من ناحية الطائف :

ألا ليت ميتا بالظّريبة شاهد (٢)

لما يفتري في الدّين عمرو وخالد

أطاعا بنا أمر النّساء فأصبحا

يعينان من أعدائنا من نكايد

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا محمّد بن عبد الله بن عتّاب ، أنا القاسم بن عبد الله ، نا إسماعيل (٣) بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عمّه موسى بن عقبة قال في تسمية من يذكر أنه خرج إلى أرض الحبشة من بني أمية بن عبد شمس : عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية ، وامرأته ابنة صفوان بن أمية بن محرث قتل ـ زعموا ـ عمرو بأجنادين.

أخبرنا (٤) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق (٥) : في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من بني أمية بن عبد شمس : عمرو بن سعيد بن العاص معه امرأته فاطمة ابنة صفوان بن أمية بن شفي بن محرث (٦) بن شفي الكناني قتل عمرو يوم أجنادين ، ولعمرو يقول أبوه سعيد (٧) :

يا ليت شعري عنك يا عمرو سائلا

إذا شبّ واشتدت يداه ، سلّحا (٨)

أتترك أمر القوم فيه بلابل

تكشف غيظا كان في المصدر موهجا (٩)

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (١٠) : في تسمية عمّال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وعمرو بن

__________________

(١) راجع الخبر والبيتين في سيرة ابن هشام ٤ / ٤.

(٢) الأصل : شاهدا ، والمثبت عن م و «ز» وسيرة ابن هشام ، وقد مرّ البيتان قريبا.

(٣) الأصل وم : سعيد ، والمثبت عن «ز».

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٥) سيرة ابن إسحاق ص ٢٠٩ رقم ٣٠٣ وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٤.

(٦) سيرة ابن إسحاق : محرب.

(٧) البيتان في سيرة ابن إسحاق ص ٢٠٩ وسيرة ابن هشام ٤ / ٤.

(٨) في ابن هشام : «وسلحا» وفي سيرة ابن إسحاق و «ز» : تبلّجا.

(٩) ابن هشام : موجحا.

(١٠) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٩٧.

٢٤

سعيد بن العاص على قرى عربية : خيبر ، ووادي القرى ، وتيماء ، وتبوك ، وقبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعمرو عليها.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا أبو حامد بن جبلة ، نا محمّد بن إسحاق ، نا سلم بن جنادة ، نا إبراهيم بن يوسف بن معمر بن حمزة بن عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، حدّثني خالد ـ يعني ابن سعيد بن عمرو بن سعيد ـ حدّثني أبي.

أن أعماما له خالدا ، وأبان ، وعمرا بني سعيد رجعوا عن أعمالهم حين بلغتهم وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [فقال أبو بكر : ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ارجعوا](١) إلى أعمالكم ، فقال بنو أحيحة : لا نعمل بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لغيره ، فخرجوا إلى الشام ، فقتلوا جميعا ، وكان خالد على اليمن ، وأبان على البحرين ، وعمرو على تيماء وخيبر.

أخبرنا (٢) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد ، أنا علي بن أحمد بن عمر ، أنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر.

قال : ونا محمّد بن إسحاق ، وابن سمعان عن بعض مشيخته أن عبد الله بن قرط الثماليّ (٣) ـ وكان من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان قد نزل حمص وأقام بها ، وحدّثنا عنه طلحة بن عمرو المكي أيضا ، أن عبد الله بن قرط ـ قال :

مررت يومئذ (٤) بعمرو بن سعيد ومعه رجال من المسلمين سبعة أو ثمانية ، وهم بارزو أيديهم نحو العدو ، ويقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ)(٥) حتى فرغ من الآية ، ولكن الجنة نعم المصير ، ولمن؟ هي ـ والله ـ لمن يشري نفسه لله ، وقاتل في سبيل الله.

ونادى يا أهل الإسلام : أنا عمرو بن سعيد بن العاص ، لا تفرّوا فإنّ الله يراكم ، ومن رآه الله فارّا عن نصر دينه مقته ، فاستحيوا من ربكم أن يراكم تطيعون أبغض خلقه إليه الشيطان الرجيم ، وتعصونه وهو أرحم الراحمين.

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م ، و «ز».

(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٣) الأصل و «ز» : اليماني ، والمثبت عن م ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٠ / ٤٢٤.

(٤) يعني يوم أجنادين.

(٥) سورة الأنفال ، الآية : ١٥.

٢٥

قال عبد الله بن قرط : ودنا القوم من الروم ، فحملوا حملة منكرة ، فرّقت بيني وبين أصحابي ، فانتهيت إلى عمرو بن سعيد.

قال : فقلت في نفسي : ما أنا بواجد اليوم في هذا العسكر رجلا أقدم صحبة ولا أقرب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرابة من هذا الرجل ، فدنوت منه ومعي رمحي ، وقد أحاطت به من العدو جماعة ، فحملت عليهم ، فأصرع منهم واحدا ، ثم أقبلت إليه وأقف معه ثم قلت له : يا ابن [أبي](١) أحيحة أتعرفني؟ قال : نعم ، ألست أخا ثقيف؟ فقلت له : لم تبعد من الإخوان والجيران والحلفاء ، وأنا أخو ثمالة ، أنا عبد الله بن قرط ، قال : مرحبا بك ، أنت أخي في الإسلام ، وأقرب نسبا ، والله لئن استشهدت لأشفعنّ لك.

قال : فنظرت فإذا هو مضروب على حاجبه بالسيف ، وإذا الدماء قد ملأت عينيه ، وإذا هو لا يستطيع أن يطرف ولا يستطيع أن يفتح عينيه من الدم.

قال : فقلت : أبشر بخير ، فإنّ الله معافيك من هذه الضربة ، ومنزل النصر على المسلمين ، قال : أما النصر على أهل الإسلام فأنزله الله فعجّل (٢) ، وأما أنا فجعل (٣) الله لي هذه الضربة شهادة وأهدى إليّ بأخرى مثلها ، فو الله ما أحبّ أنها بعرض أبي قبيس ، والله لو لا [أن](٤) قتلي يكسر بعض من ترى حولي (٥) لأقدمت على هذا العدو حتى ترى ـ يا ابن أخي ـ أن ثواب الشهادة عظيم ، وأن الدنيا دار لا يسلم فيها.

قال عبد الله : فما كان بأسرع أن شدّت علينا منهم جماعة ، فمشى إليهم بسيفه فضاربهم [ساعة ، وانكشف الغبار ، قال : فشددنا عليهم وصرعنا منهم ثلاثة ، وإذا نحن بصاحبنا صريع وقد قتل](٦) وبه أكثر من ثلاثين ضربة مما رأوا من شدة قتاله إياهم ، فحنقوا عليه ، فأخذوه يجزّعونه بأسيافهم.

قالوا : وقال معاذ بن جبل حين حضر القتال : يا أهل الإسلام أنّ هذا اليوم له ما بعده ، غضوا أبصاركم ، وقدموا أقدامكم على عدوكم ، ولا تفارقوا ذراريكم ، ولا تزولوا عن مصافّكم ، والعدوّ منهزمون ، وسوقوهم سوقا ، ولا تشاغلوا عنهم بغنائمهم ، ولا بما في

__________________

(١) الزيادة عن م و «ز».

(٢) الأصل : فجعل ، والمثبت عن م ، و «ز».

(٣) الأصل : فعجل ، والمثبت عن م ، و «ز».

(٤) زيادة عن «ز» ، وم.

(٥) الأصل : حرمى ، تصحيف ، والتصويب عن م ، و «ز».

(٦) زيادة عن م و «ز» ، للإيضاح.

٢٦

عسكرهم ، إنّي أخاف أن يكون لهم عليكم عطفة إن أنتم تفرقتم واشتغلتم بغنائمكم واطلبوهم حتى لا ترون لهم جمعا ولا صفا.

قالوا : فمضى المسلمون على راياتهم وصفوفهم ، يقتلون ويأسرون قالوا : فقتلوا منهم في المعركة أكثر من ثلاثة آلاف ، وقتلوا في عسكرهم نحوا من ألفين ، فخرجوا على ذلك والجند يتبعهم حتى اقتحموا في فحل ، وفحل على الهوتة (١) تحتها الماء.

أخبرنا أبو محمّد [بن حمزة](٢) نا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا (٣) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب.

ح وأخبرنا (٤) أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الفضل بن البقّال ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، قالا : نا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني محمّد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ـ زاد يعقوب : وابن لهيعة ـ عن أبي الأسود ، عن عروة ، قالا : وقتل يوم أجنادين من المسلمين من بني عبد شمس : عمرو بن سعيد بن العاص.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا محمّد بن [عبد الله بن] أحمد بن ريذة (٥) ، أنبأ سليمان بن أحمد الطّبراني ، نا محمّد بن عمرو بن خالد الحرّاني ، نا أبي ، نا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود عن عروة في تسمية من استشهد يوم أجنادين من قريش من بني أمية : عمرو بن سعيد بن العاص.

أخبرنا (٦) أبو علي الحسين بن علي بن [أشليها](٧) وابنه أبو الحسن (٨) علي قالا : أنبأ أبو الفضل بن الفرات ، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأ أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائذ ، نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال :

__________________

(١) الهوتة : الأرض المنخفضة (تاج العروس : بتحقيقنا).

(٢) زيادة عن «ز».

(٣) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٥) بالأصل : «أنا أبو محمد بن أحمد بن ريذة» والتصويب والزيادة عن م و «ز».

(٦) كتب فوقها في «ز» : «خ س» بحرف صغير.

(٧) بياض بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٨) الأصل : أبو أنس ، تصحيف ، والتصويب عن م ، و «ز».

٢٧

وقتل من المسلمين يوم أجنادين من قريش من بني عبد شمس بن عبد مناف : عمرو بن سعيد بن العاص.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأ أبو نعيم الحافظ ، نا أبو حامد بن جبلة ، نا محمّد بن إسحاق ، نا محمّد بن عمرو الباهلي ، نا الأصمعي قال :

كان عمرو بن سعيد من أهل السوابق في الإسلام ، يقال : إنه استشهد بأجنادين.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأ أبو الميمون ، نا أبو زرعة (١) ، قال : وكانت أجنادين في خلافة أبي بكر ، قتل بها من بني عبد شمس : عمرو بن سعيد ، وذكره غيره.

قال (٢) : وحدّثني عبد الرّحمن بن إبراهيم ، حدّثني الوليد بن مسلم ، حدّثني الأموي عن أبيه ، قال : وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السّري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، أنا سيف بن عمر ، عن أبي عثمان ـ وهو يزيد بن أسيد الغساني ـ وخالد قالوا (٣) : وكان ممن أصيب في الثلاثة آلاف الذين أصيبوا يوم اليرموك : عمرو بن سعيد ، وذكر غيره.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأ أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٤) ، حدّثني الوليد بن هشام ، عن أبيه ، عن جده قال : يوم مرج الصّفّر استشهد خالد بن سعيد ، ويقال : عمرو بن سعيد بن العاص ، قتل أيضا.

قال : ونا بكر بن سليمان ، عن ابن (٥) إسحاق ، قال : واستشهد يوم اليرموك عمرو بن سعيد (٦).

آخر (٧) الثاني والأربعين بعد الخمسمائة (٨).

__________________

(١) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١ / ٢١٧.

(٢) تاريخ أبي زرعة ١ / ١٧١.

(٣) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٤٠٢.

(٤) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٢٠ (العمري) حوادث سنة ١٣.

(٥) الأصل و «ز» : أبي ، تصحيف ، والتصويب عن خليفة ، وم.

(٦) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٣٠.

(٧) ما بين الرقمين ليس في م و «ز».

(٨) ما بين الرقمين ليس في م و «ز».

٢٨

٥٣٤٣ ـ عمرو بن سعيد بن العاص

 ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس أبو أمية الأموي

 المعروف بالأشدق (١)

وهو ابن أبي أخي المذكور آنفا.

ولّاه معاوية ويزيد المدينة ، ثم إنه بعد ذلك طلب الخلافة ، وزعم أن جعله ولي عهده بعد عبد الملك ابنه ، وغلب على دمشق ثم قتله عبد الملك بعد أن أعطاه الأمان.

يقال : إنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحدّث عن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفّان.

روى عنه : بنوه : موسى ، وأمية ، وسعيد بنو عمرو ، وخثيم (٢) بن مروان.

أخبرنا (٣) أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين ، وأبو (٤) الفتح المختار بن عبد الحميد ، وأبو (٥) المحاسن أسعد بن علي ، وأبو (٦) عبد الله محمّد بن العمركي بن نصر ، قالوا : أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن المظفر ، أنا عبد الله بن أحمد ، أنا إبراهيم بن خزيم ، ثنا عبد بن حميد ، حدّثني أبو الوليد ، نا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ، حدّثني أبي ، عن أبيه قال :

كنت عند عثمان فدعا بطهور ، فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلّا كانت كفّارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله» [٩٩٥٦].

أخرجه مسلم (٧) عن عبد ، وحجاج بن يوسف عن أبي الوليد.

أخبرنا (٨) أبو عبد الله الخلّال ، أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو الحسين المقابري ، وهو عبد الله بن سعيد بن عمر المصري ، نا عمرو بن علي ، وأبو

__________________

(١) ترجمته في : مروج الذهب (الفهارس) ، والبداية والنهاية (الفهارس) ، الكامل لابن الأثير (الفهارس) ، تهذيب الكمال ١٤ / ٢٢٨ تهذيب التهذيب ٤ / ٣٤٠ نسب قريش للمصعب ص ١٧٦ والإصابة ١٧٥٣.

(٢) بالأصل وم و «ز» : خيثم ، تصحيف ، وهو خثيم بن مروان بن قيس السلمي.

(٣) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٥) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٦) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٧) صحيح مسلم (٢) كتاب الطهارة ، (٤) باب فضل الوضوء والصلاة عقبه (رقم ٢٢٨).

(٨) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

٢٩

موسى ، وأبو إسحاق قالوا : ثنا عامر بن أبي عامر الخزّاز (١) عن أيوب بن موسى ، عن أبيه ، عن جده قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن» [٩٩٥٧].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا خلف بن هشام ، والقواريري ، ونصر بن علي وغيرهم.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنبأ أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٢) ، نا خلف بن هشام البزار (٣) ، والقواريري ، قالا (٤) : حدّثنا عامر بن أبي عامر ـ زاد ابن السّمرقندي : الخزّاز (٥) ـ عن أيوب بن موسى ، عن أبيه ، عن جده قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما نحل والد ولده (٦) أفضل من أدب حسن» [٩٩٥٨].

أخرجه الترمذي عن نصر بن علي الجهضمي ، وقال : لا نعرفه إلّا من حديث عامر وأيوب بن موسى ، هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص.

وهذا عندي مرسل.

أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي ، وحدّثنا (٧) أبو الفضل بن ناصر ، أنبأ أبو الفضل ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم واللفظ له ، قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل قال :

قال لي بشر بن يوسف : نا عامر بن أبي عامر أبو بكر البصري ، سمع أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرسل قال : «ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن» ، ولم يصح سماع جده من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروي هذا الحديث عن أبي عامر صالح بن رستم الخزّاز ، والد عامر بن أبي عامر ، عن أيوب بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده.

__________________

(١) الأصل بدون إعجام ، وفي ز : الخزاز.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٦٠٨ رقم ١٦٧١٠ طبعة دار الفكر.

(٣) الأصل وم ، وفي ز : البزاز ، تصحيف ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٧٦.

(٤) الأصل وم و «ز» : قالوا ، والمثبت عن المسند.

(٥) إعجامها مضطرب بالأصل وم ، والمثبت عن «ز» ، والمسند.

(٦) في المسند : ولده نحلا أفضل.

(٧) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

٣٠

أخبرناه أبو محمّد طاهر بن سهل بن بشر ، أنا أبو الحسين بن مكي ، أنا أحمد بن عمر بن محمّد بن خرّشيد قوله ، نا عبد الله بن محمّد بن إسحاق المروزي ، نا عبيد الله (١) ابن جرير ـ هو ابن جبلة ـ نا يحيى بن يونس المعلم ، نا صالح بن رستم ، نا أيوب بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن» [٩٩٥٩].

وقد روي عن عمرو بن سعيد حديث آخر :

أخبرناه (٢) أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا عبد الرّحمن بن يحيى قال : نا أبو مسعود.

قال : وأنا علي بن العباس الغزي ـ بها ـ نا محمّد بن حمّاد الطّهراني ، قالا : أنا عبد الرزّاق ، عن عمر بن حوشب ، حدّثني إسماعيل بن أمية ، عن أبيه ، عن جده قال :

كان لهم غلام يقال له طهمان (٣) أو ذكوان ، فاعتق جده نصفه ، فجاء يعدو إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال : «تعتق في عنقك» ، فكان يخدم سيده حتى مات [٩٩٦٠].

خالفهما محمّد بن عبد الملك بن زنجويه ، فرواه عن عبد الرزّاق ، عن معمر ، عن إسماعيل بن أمية.

أخبرناه (٤) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، حدّثني ابن زنجويه ، حدّثنا عبد الرزّاق ، عن معمر ، عن إسماعيل بن أمية ، عن أبيه ، عن جده قال :

كان لنا غلام اسمه طهمان (٥) أو ذكوان ، فعتق نصفه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تعتق في عنقك ترق في رقّك» [٩٩٦١].

وأخبرناه (٦) أبو القاسم أيضا في موضع آخر قال : أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، أنا عيسى ، نا أبو القاسم ، نا محمّد بن زنجويه ، وزهير بن محمّد ، قالا : نا عبد الرزّاق ، أنا عمر بن حوشب ، عن إسماعيل بن أمية ، عن جده قال :

__________________

(١) في «ز» : عبد الله.

(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٣) في «ز» : طهران.

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٥) في «ز» : طهران.

(٦) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

٣١

قال لنا غلام اسمه طهمان (١) أو قال ذكوان : فأعتق نصفه فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكر ذلك له ، فقال : «تعتق في عنقك وترق في رقّك» [٩٩٦٢].

قال البغوي : إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص ابن عم أيوب بن موسى.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو (٢) غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزبير بن بكار ، قال (٣) :

فولد سعيد بن العاص محمّدا ، وعثمان الأكبر ، وعمرا ، يقال له الأشدق ، ورجالا درجوا ، وأمّهم أم البنين بنت الحكم بن أبي العاص ، أخت مروان بن الحكم لأبيه وأمّه.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد قال (٤) :

فولد سعيد بن العاص : عثمان الأكبر ، درج ، ومحمّدا ، وعمرا ، وأمّهم أم البنين ابنة الحكم بن أبي العاص بن أمية.

قال : وأنا أبو (٥) عمر ـ إجازة ـ أنا سليمان بن إسحاق ، نا حارث بن محمّد بن أبي أسامة ، نا (٦) محمّد بن سعد ، قال :

فولد عمرو بن سعيد : عبد الملك ، وعبد العزيز ، ورملة ، وأمّهم سودة بنت الزبير بن العوّام ، وعبد الرّحمن لأم ولد ، وذكر غيرهم.

قال : ونا محمّد بن سعد ، قال (٧) في الطبقة الثانية من أهل المدينة :

عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن أحيحة بن العاص بن أمية بن عبد شمس ، قالوا : وكان عمرو بن سعيد من رجال قريش ، وكان أحبّ الناس إلى أهل الشام ، وكانوا يسمعون له ويطيعون ، وكان عمرو يكنى أبا أمية ، وقد روى عمرو عن عمر.

__________________

(١) الأصل وم ، وفي «ز» : طهران.

(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٣) راجع نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٧٦.

(٤) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٠.

(٥) ما بين الرقمين استدرك على هامش «ز» ، وبعد صح.

(٦) ما بين الرقمين استدرك على هامش «ز» ، وبعد صح.

(٧) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.

٣٢

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا (١) أبو الفضل محمّد بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، وأبو الحسين (٢) بن عبد الجبار ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : وأبو الحسين الأصبهاني قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل (٣) ، قال :

عمرو بن سعيد بن العاص الأموي القرشي ، أخو عنبسة بن سعيد أبو أمية ، سمع أباه ، عمرو بن سعيد بن العاص الأموي القرشي ، أخو عنبسة بن سعيد أبو أمية ، سمع أباه ، سمع عمر ، كان غزا ابن الزبير ، ثم قتله عبد الملك بن مروان ، كنّاه لنا (٤) موسى ، نا حمّاد ، نا كلثوم بن جبر ، نا خثيم (٥) بن مروان.

أخبرنا (٦) أبو الحسن علي بن محمّد ، أنا محمّد بن الحسن ، نا أحمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا محمّد بن إسماعيل ، قال : عمرو بن سعيد أبو أمية القرشي بن العاص.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، قال : ثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، قال :

عمرو بن سعيد بن العاص يكنى أبا أمية ، وهو المقتول ، ومن ولده إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص ، وأيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص ، وكلاهما حسن الحديث (٧).

أخبرنا (٨) أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجاج يقول :

أبو أمية عمرو بن سعيد بن العاص ، سمع أباه ، روى عنه خثيم (٩) بن مروان.

__________________

(١) قوله : «حدثنا» استدركت على هامش «ز» ، وبعدها صح.

(٢) الأصل : الحسن ، تصحيف ، والمثبت عن م ، و «ز».

(٣) التاريخ الكبير للبخاري ٦ / ٣٣٨.

(٤) الأصل : انا ، وفي م : أبا ، والمثبت عن «ز» ، والتاريخ الكبير.

(٥) الأصل وم و «ز» : خيثم ، والمثبت عن التاريخ الكبير.

(٦) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٧) لم أعثر على الخبر في تاريخ أبي زرعة الدمشقي المطبوع.

(٨) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٩) الأصل وم و «ز» : خيثم ، تصحيف ، والصواب ما أثبت وضبط مصغرا عن تقريب التهذيب.

٣٣

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال :

أبو أمية عمرو بن سعيد بن العاص قتله عبد الملك بن مروان.

كتب إليّ أبو زكريا بن مندة ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنه ، أنا عمي أبو القاسم ، عن أبيه أبي عبد الله قال : قال : أنا أبو سعيد بن يونس :

عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، يكنى أبا أمية ، قدم مصر مع مروان بن الحكم سنة خمس وستين ، قتله عبد الملك بن مروان ، يقال : بيده سنة سبعين (١).

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأ أبو بكر الصّفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم (٢) ، قال :

أبو أمية عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي أخو عنبسة بن سعيد ، سمع أباه ، روى عنه خثيم (٣) بن مروان.

أخبرنا (٤) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النقور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنبأ أبو طاهر المخلّص ، أنبأ عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أنبأ زكريا بن يحيى المنقري ، نا الأصمعي ، نا المبارك بن سعيد ، عن عبد الملك بن عمير عن أبيه قال (٥) :

لما حضرت سعيد بن العاص الوفاة جمع بنيه [فقال](٦) أيكم يكفك ديني؟ فسكتوا ، فقال : ما لكم لا تكلمون؟ فقال عمرو الأشدق ـ وكان عظيم الشدقين ـ وكم دينك يا أبة؟ قال : ثلاثون (٧) ألف دينار ، قال : فيما استدنتها يا أبة؟ قال : في كريم سددت فاقته ، وفي لئيم فديت عرضي منه ، فقال عمرو : هي عليّ يا أبة.

فقال سعيد : مضت خلّة وبقيت خلّتان ، فقال عمرو : ما هما يا أبة؟ قال : بناتي لا تزوجهن إلّا من الأكفاء ، ولو بعلق الخبز الشعير ، فقال : أفعل يا أبة.

__________________

(١) راجع تهذيب الكمال ١٤ / ٢٣٠.

(٢) الأسامي والكنى للحاكم النيسابوري ١ / ٣٤٤ رقم ٢٦٥.

(٣) الأصل وم و «ز» : خيثم ، تصحيف.

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٥) الخبر في تهذيب الكمال ١٤ / ٢٢٩.

(٦) الزيادة للإيضاح عن م ، و «ز» ، وتهذيب الكمال.

(٧) في «ز» : ثمانون.

٣٤

قال سعيد : مضت خلّتان وبقيت خلّة واحدة ، فقال : وما هي يا أبة؟ فقال : إخواني إن فقدوا وجهي فلا تفقدون معروفي ، فقال عمرو : وأفعل يا أبة.

فقال سعيد : أما والله لئن قلت ذلك لقد عرفت ذلك في حماليق وجهك ، وأنت في مهدك ، ثم قال سعيد : ما شتمت رجلا منذ كنت رجلا ، ولا كلّفت من يرتجيني أن يسألني لهو أمنّ عليّ مني عليه إذا قضيتها له إذ قصدني لحاجته (١).

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي ، نا محمّد بن علي بن محمّد.

ح وأخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ، أنا أبي محمّد بن الحسين.

قالا : أنا عبيد الله بن أحمد بن علي ، أنا محمّد بن مخلد بن حفص ، قال : قرأت على علي بن عمرو حدثكم الهيثم بن عدي ، قال :

كنا جلوسا عند المجالد بن سعيد ، فجاء رجل ـ يتخطى الناس ـ من الكتّاب ، فكلّمه لحاجته ثم ذهب ، فلما ولّى أقبل أولئك الذين عنده ، فقالوا له : يا أبا عمير الكتّاب شرار خلق الله ، فقال : ما يدريكم؟ كان معاوية كاتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم كان خليفة ، وكان عثمان بن عفّان كاتب أبي بكر ، وكان خليفة ، وكان مروان بن الحكم كاتب عثمان وكان خليفة ، وكان عبد الملك بن مروان كاتب ديوان الجند بالمدينة في خلافة معاوية وكان خليفة ، وكان عمرو بن سعيد كاتب ديوان الجند بالمدينة ، فطلب الخلافة ، فقتل دونها (٢).

قال الهيثم : قال ابن عيّاش في تسمية الفقم من الأشراف : عمرو بن سعيد بن العاص (٣).

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا (٤) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو

__________________

(١) بعدها ورد خبر في «ز» ـ وسقط من م أيضا ـ وقسم من إسناده ضائع ومكانه بياض فيها ، وكتب على هامش «ز» :

مقصوص بالأصل. وما استطعنا قراءته من الخبر فيها نثبته هنا :

 .... الوراق ، نا الحسن ، نا أبو علي الحسن بن علي الزينبي ، نا علي بن محمد بن عبدوس قال : وقال معاوية لعمرو بن سعيد الأشدق ، وهو صبي ، عند موت أبيه : إلى من ـ يعني ـ أوصى بك أبوك؟ قال : أوصى إليّ ولم يوص بي.

(٢) تهذيب الكمال ١٤ / ٢٣٠.

(٣) تهذيب الكمال ١٤ / ٢٢٩.

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

٣٥

الحسين (١) بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، قال : وفي هذه السنة ـ يعني سنة ستين ـ نزع الوليد بن عتبة عن أهل المدينة ، وأمّر عمرو بن سعيد على المدينة ، ومكة والطائف ، فحج عامئذ بالناس عمرو بن سعيد ، ثم نزع مستهل ذي الحجة وأمّر الوليد بن عتبة.

أخبرنا (٢) أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار ، حدّثني محمّد بن حسن عن نوفل بن عمارة قال : سئل سعيد بن المسيّب عن خطباء قريش في الجاهلية فقال : الأسود بن المطّلب بن أسد ، وسهيل بن عمرو ، وسئل عن خطبائهم في الإسلام فقال : معاوية وابنه ، وسعيد وابنه ، وعبد الله بن الزبير (٣).

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٤) ، حدّثني أبي ، نا عبد الصمد ، نا حمّاد ، حدّثني علي بن زيد قال : أخبرني من سمع أبا هريرة يقول :

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ليرعفن على منبري جبار من جبابرة بني أمية ، فيسيل رعافه» قال : فحدثني من رأى عمرو بن سعيد بن العاص رعف على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى سال رعافه [٩٩٦٣].

أخبرنا (٥) أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر ، أنا محمّد بن أحمد بن عبد الله.

__________________

(١) الأصل : الحسن ، تصحيف ، والتصويب عن «ز».

(٢) الخبر التالي سقط من «ز».

(٣) ورد خبر هنا في م و «ز» ، وقسم منه في «ز» بياض ، وكتب على هامشها مقصوص بالأصل. وقد وضعنا البياض فيها بين قوسين. نثبته هنا ، واللفظ عن م : أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت ، أنبا [أحمد] بن محمود الثقفي أنا (محمد بن إبراهيم المقرئ انبا محمد) بن الطيب المنبجي ، حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري قال انبا أبي (قال :) واستخلف ولد معاوية (يزيد بن معاوية) هلال رجب سنة ستين ، ونزع الوليد بن عتبة ، وأمر عمرو بن سعيد بن العاص على المدينة فحج عمرو بالناس سنة ستين ، ثم نزع عمرو بن سعيد عن المدينة في هلال ذي الحجة وأمر الوليد بن عتبة.

(٤) مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٦١٠ رقم ١٠٧٦٨ طبعة دار الفكر.

(٥) كتب فوقها في ز : «ح» بحرف صغير.

٣٦

ح وأخبرنا (١) أبو البركات بن المبارك ، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو طاهر بن سوار ، قالا : أنا الحسين بن علي ، أنا محمّد بن زيد بن علي (٢) ، أنا محمّد بن عتبة ، نا هارون بن حاتم ، نا أبو بكر بن عياش ، قال :

وبايع الناس يزيد بن معاوية فحجّ بالناس عمرو بن سعيد بن العاص سنة ستين.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة ، قال (٣) :

وجمعهما ـ يعني معاوية ـ مكة والمدينة لسعيد بن العاص ، فولاها ـ يعني مكة ـ سعيد بن العاص ابنه عمرا ، ومات معاوية وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، فأقره يزيد ثم عزله ، وولّى عمرو بن سعيد بن العاص أشهرا ثم عزله وولّى الوليد بن عتبة ، وأقام الحجّ ـ يعني سنة ستين ـ عمرو بن سعيد بن العاص.

أخبرنا (٤) أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، وأم (٥) المجتبى بنت ناصر ، قالا : أنبأ أبو الطيب عبد الرزّاق بن عمر بن موسى ، نا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن عاصم ، أنا محمّد بن الحسن بن قتيبة ـ واللفظ له ـ ومحمّد بن زيان ، قالا : نا عيسى بن حمّاد ، أنبأ الليث ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي شريح العدوي.

أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة : أتأذن لي أيها الأمير أحدّثك قولا قام يعني به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ، ووعاه قلبي ، وأبصرته عيناي حين تكلّم به.

إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال : «إنّ مكّة حرّمها الله ولم يحرمها الناس ، فلا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، أو يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص به لقتال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها ، فقولوا : إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وإنّما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلّغ الشاهد الغائب».

فقيل لأبي شريح : ما قال عمرو؟ قال : أنا أعلم بذلك منكم يا أبا شريح ، إنّ الحرم لا يعيذ عاصيا ، لا فارّا بدم ، ولا فارّا بجزية [٩٩٦٤].

__________________

(١) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٢) «نا محمد بن زيد بن علي» مكرر بالأصل.

(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٢٨ و ٢٢٩ و ٢٣٥.

(٤) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٥) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

٣٧

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (١) ، حدّثني أبي ، نا يعقوب ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدّثني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي شريح الخزاعي قال :

لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه يغزو ابن الزبير ، أتاه أبو شريح ، فكلّمه وأخبره بما سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم خرج إلى نادي قومه ، فجلس فيه ، فقمت إليه ، فجلست معه ، فحدّث قومه كما حدّث عمرو بن سعيد ما سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعما قال له عمرو بن سعيد. قال : قلت : يا هذا ، إنّا كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين افتتح مكة ، فلمّا كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل ، فقتلوه وهو مشرك فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فينا خطيبا ، فقال : «أيها الناس (٢) ، إن الله حرّم مكّة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام من حرام الله إلى يوم القيامة ، لا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ، ولا يعضد بها شجرا ، لم تحلل لأحد كان قبلي ، ولا تحلّ لأحد يكون بعدي ، ولم تحلل لي إلّا هذه الساعة غضبا على أهلها ، ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس ، ألا فليبلّغ الشاهد منكم الغائب ، فمن قال لكم إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد قاتل بها فقولوا : إنّ الله أحلّها لرسوله ولم يحللها لكم ، يا معشر خزاعة ، ارفعوا أيديكم عن القتل ، فقد كثر أن يقع ، لقد قتلتم قتيلا لآدينّه فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين إن شاءوا فدم قاتله ، وإن شاءوا فعقله» ، ثم ودّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الرجل الذي قتلته خزاعة. فقال عمرو بن سعيد لأبي شريح : انصرف أيها الشيخ ، فنحن أعلم بحرمتها منك ، إنّها لا تمنع سافك دم ، ولا خالع طاعة ، ولا مانع جزية ، قال : فقلت : قد كنت شاهدا ، وقد كنت غائبا ، فقد بلّغت ، وقد أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يبلّغ شاهدنا غائبنا ، فقد بلّغتك ، فأنت وشأنك [٩٩٦٥].

أخبرنا (٣) أبو طالب (٤) بن أبي عقيل ، أنا أبو الحسن الخلعي ، قال : أنا أبو محمّد بن النحاس ، أنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد ، نا علي بن داود ، نا عبد الله بن صالح ، نا الليث بن سعد ، حدّثني جرير بن حازم ، عن حمّاد بن موسى رجل من أهل المدينة أن عثمان بن البهي بن أبي رافع حدّثه هذا الحديث فقال :

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٥١٥ ـ ٥١٦ رقم ١٦٣٧٧ طبعة دار الفكر.

(٢) في المسند : يا أيها الناس إن الله عزوجل.

(٣) كتب فوقها في «ز» : «س» بحرف صغير.

(٤) في «ز» : أبو غالب.

٣٨

هو جدي ، فكان أبو أحيحة تركه ميراثا فخرج يوم بدر مع بنيه ، فلما كان يوم بدر أعتق ثلاثة منهم أنصباءهم منه منهم : عبيد (١) بن سعيد ، والعاص بن سعيد ، وسعيد بن سعيد ، فقتلوا يوم بدر ، ثلاثتهم كفّارا ، قال : فشرى أبو رافع أيضا الذين بقوا بأربعين ومائة أوقية من ذهب ، غير أن خالد بن سعيد أبى أن يعتق ولا يبيع ، وذلك أن خالدا غضب على أبي رافع في أم ولد لأبي أحيحة أراد أبو رافع أن يتزوجها فنهاه خالد عن تزويجها وأبى إلّا أن يفعل ، فاحتمل عليه في ذلك في نفسه ، فلمّا أسلم أبو رافع وهاجر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّمه في أمره ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن سعيد فقال : «أعتق إن شئت» ، قال : ما أنا بفاعل ، قال : «فبع» ، قال : ولا ، قال : «فهب» ، قال : ولا ، قال : «فأنت على حقك منه» فلبث ما شاء الله ، ثم أتى خالد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : قد وهبت نصيبي منه لك ، وإنّما حملني على ما صنعت الغضب الذي كان في نفسي عليه ، فأعتق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نصيبه (٢) ، فكان يقول : أنا مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك بعد ، فلما ولي عمرو بن سعيد المدينة أرسل إلى البهي بن أبي رافع ، فقال له : من مولاك؟ قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فضربه مائة سوط ، ثم سأله فقال مثلها حتى ضربه خمسمائة سوط ، فلمّا خاف أن يقتله قال : أنا مولاكم ، فلمّا قتل عبد الملك عمرو بن سعيد قال البهي بن أبي رافع وكان شاعرا ظريفا يهجو عمرو بن سعيد ويمدح عبد الملك.

قال أبو الحسن : أصبت الشعر عند غيري ولم أجده في كتابي فقال :

صحت ولا شلت ونالت عدوها

أخبرنا أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن (٣) بن خيرون ، أنا أبو العلاء محمّد بن علي بن يعقوب ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد البابسيري ، أنا أبو أمية الأحوص بن المفضّل بن غسّان الغلابي ، نا أبي (٤) ، نا أبو عبد الله يعني مصعب بن عبد الله الزّبيري قال :

لما قدم عمرو بن سعيد بن العاص واليا دعا البهي واسمه (٥) عبيد الله بن [أبي] رافع ، وابنه عثمان بن عبيد الله ، أدرك أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : انتسب ، قال : أنا عبيد الله بن [أبي] رافع : مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجلده مائة سوط ، ثم قال له : انتسب ، فقال

__________________

(١) في «ز» : عبيد الله بن سعيد ، وخالد بن سعيد ، والعاص بن سعيد.

(٢) «نصيبه» سقطت من «ز».

(٣) الأصل : الحسين ، والمثبت عن م ، و «ز».

(٤) «أبي ، نا» استدرك على هامش «ز» ، وبعدهما صح.

(٥) في «ز» : وأباه.

٣٩

له : أنا عبيد الله بن [أبي] رافع مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجلده مائة سط ، ثم قال له : انتسب ، فقال له : أنا عبيد الله بن [أبي] رافع مولاك ، فخلّى سبيله ، فلما قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد قال عبيد الله :

صحّت ولا شلّت وضرّت عدوّها

[يمين](١) هراقت مهجة ابن سعيد

هو ابن أبي العاص مزارا وينتمي

إلى أسرة طابت له وحدود

وكان سبب ولايته رافع أنه كان عبدا لأبي أحيحة ، فهلك وتركه عبدا ، وأعتق بنوه أنصباءهم منه ، وتمسك خالد بن سعيد بنصيبه ، فتشفع رافع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليكلم له خالدا ، وكلّم خالدا فيه ، فوهب نصيبه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأعتقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأ أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو عبد الله الطوسي ، نا الزبير بن بكّار (٢) ، قال :

وكان عمرو بن سعيد ولاه معاوية المدينة ، ثم ولاه (٣) يزيد بن معاوية ، وبعث عمرو بعثا إلى ابن الزبير بمكة ، وقتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بعد ذلك.

وكان عمرو بن سعيد يدّعي أنّ مروان بن الحكم جعل إليه ولاية العهد بعد عبد الملك ، ثم نقض ذلك وجعله إلى عبد العزيز بن مروان ، فلما شخص عبد الملك إلى حرب مصعب بن الزبير خالف عليه عمرو ، وغلّق دمشق ، فرجع إليه عبد الملك ، فأعطاه الأمان ، ثم غدر به ، فقتله فقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص في ذلك :

أعينيّ جودا بالدموع على عمرو

عشية تبتزّ الخلافة بالغدر

كأنّ بني مروان إذ يقتلونه

بغاث من الطير اجتمعن على صقر

غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل (٤)

وأنتم (٥) ذوو قربى به وذوو صهر

__________________

(١) زيادة للوزن عن «ز».

(٢) راجع الخبر والشعر في نسب قريش ص ١٧٨ ـ ١٧٩.

(٣) في نسب قريش : وأقرّه.

(٤) خيط باطل ، لقب كان يلقب به مروان بن الحكم ، لقب به لأنه كان طويلا مضطربا ، قال عبد الرحمن بن الحكم :

لحى الله قوما ملكوا خيط باطل

على الناس يعطي من يشاء ويمنع

(تاج العروس : خيط) ومروج الذهب ٢ / ١٠٤.

(٥) البيت في تاج العروس : خيط ، وعجزه فيه :

ومثلكم يبني البيوت على عمرو

٤٠