تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٧
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

بلغني أن داود النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا سليمان ابنه فقال : يا بني أي شيء خير؟ قال : روح الله بين عباده ، فقال : يا بني أي شيء أبرد؟ قال : عفو الله عن الناس ، وعفو الناس بعضهم على بعض.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، وأبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، قالا : أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا أبو حذيفة ، أنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن كعب ، ـ أو عبد الله بن سلام ، الشك من أبي حذيفة ـ قال : قال داود النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لسليمان حين استخلفه : يا بني أي شيء أحسن؟ قال : روح الله بين عباده ، وصورة حسنة في عمل صالح ، وخلق حسن.

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا أبو محمّد المصري ، نا أحمد بن مروان ، نا جعفر بن محمّد ، نا داود بن مهران ، نا سفيان ، عن ابن أبي نجيح قال :

قال سليمان : أوتينا مما أوتي الناس ، ومما لم يؤتوا ، وعلّمنا ما علّم الناس وما لم يعلّموا ، فلم نجد (١) شيئا أفضل من خشية الله في الغيب والشهادة ، وكلمة الحق في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى.

أخبرنا بها عالية أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي البيهقي ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر ، قالا : أنا أحمد بن منصور ، أنا أبو نعيم الإسفرايني (٢) ، أنا أبو عوانة الإسفرايني (٣)

ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا والدي أبو عبد الله ، أنا أحمد بن إسماعيل العسكري ، قالا : أنا يونس بن عبد الأعلى ، نا سفيان ، عن ابن أبي نجيح قال :

قال سليمان بن داود : أوتينا مما أوتي الناس ومما لم يؤتوا ، وعلّمنا ما علّم الناس وما لم يعلّموا ، فلا نجد شيئا أفضل من تقوى الله في السرّ والعلانية ، وكلمة العدل في

__________________

(١) بالأصل : يجد.

(٢) هو عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق ، ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٧١.

(٣) هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري ، ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٤١٧.

٢٨١

الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، ولم يقل إسماعيل كلمة وقال : هو أفضل.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أحمد بن [الحسين البيهقي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن علي بن معاوية النيسابوري ، نا أبو الوليد](١) الفقيه ، نا الحسن بن سفيان ، نا يزيد بن صالح ، نا خارجة ، عن سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن سليمان بن داود كان يقول : اذكر الجائع إذا شبعت ، واذكر الفقير إذا استغنيت.

أخبرنا أبو نصر غالب بن أحمد بن المسلّم ، أنا علي بن الحسن بن عبد السلام بن أبي الحزوّر ، أنا أبو الحسن محمّد بن عوف ، أنا الحسين بن إبراهيم ، نا عمر بن الجنيد القاضي ، نا يعقوب بن إبراهيم الدّورقي ، نا سهل بن محمود ، نا عنبسة القرشي عن أيوب بن عتبة ، عن يحيى بن أبي كثير :

أن سليمان بن داود قال : يا بني إسرائيل ، من خشي الله في السّرّ والعلانية ، وقصد في الغنى والفقر ، وعدل في الغضب والرضا ، وذكر الله على كل حال فقد أعطي مثل ما أعطيت ، أو أفضل منه.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ـ قراءة عليه ـ أنا عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد ، أنا إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس ، نا علي بن عبد العزيز ، نا أبو عبيد القاسم بن سلّام ، نا أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز قال :

قال سليمان بن داود : نظرت في الحكمة فكثر همي ، ونظرت في العلم فكثر شيبي ، فذهبت أنظر في الأمر فإذا مع الشباب كبر ، وإذا مع الغنى فقر ، وإذا مع الصحة سقم ، وإذا مع الحياة موت ، وإذا تربتي وتربة السفيه الأحمق يصيران إلى أن يكونا سواء ، إلّا أن أفضله يوم القيامة بعمل صالح فكيف يهنأني (٢) مع هذا طعام أو شراب؟

أخبرنا أبو بكر وأبو القاسم ، زاهر ووجيه ابنا طاهر (٣) قالا : أنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد الشاهد ، أنا أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى.

ح وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسن

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م لاستقامة السند.

(٢) بالأصل : «تهنئني».

(٣) انظر فهارس المطبوعة المجلدة العاشرة ص ٤٠ و ٦٦.

وانظر ترجمة زاهر بن طاهر في سير الأعلام ٢٠ / ٩ وترجمة وجيه بن طاهر في سير الأعلام ٢٠ / ١٠٩.

٢٨٢

العلوي ، أنا عبد الله بن محمّد النصراباذي ، نا عبد الله بن هاشم ، نا وكيع ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن خيثمة قال :

قال سلمان بن داود : جربنا العيش ليّنه وشديده فوجدنا يكفي منه ـ وقال العلوي : فوجدناه يكفي ـ أدناه.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا الحسن بن علي الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الوهاب بن المبارك ، أنا سفيان ، عن سليمان ، عن خيثمة قال :

قال سليمان بن داود النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كلّ العيش قد جربناه ليّنه وشديده ، فوجدناه يكفي منه أدناه.

أخبرنا بها عالية أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو محمّد بن يوسف ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا ابن عفان ، نا ابن نمير ، نا الأعمش ، عن خيثمة قال :

قال سليمان بن داود : إنّا جربنا لين العيش وشديده فوجدنا إنما يكفي من العيش أدناه.

أخبرنا أبو محمّد السّلمي ، وأبو الحسن بركات بن عبد العزيز قالا : أنا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه ، نا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا مقاتل ، عن قتادة ، عن الحسن قال :

بلغني أن سليمان بن داود قال : العقل نجاة للعاقل بطاعته ربه ، وحجته على معصية الله ، وإن العمل القليل من العاقل أرجح من الكثير من الجاهل (١) ، ومجامعة المرء العاقل على المزابل خير من مجامعة الجاهل على الزرابي.

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو الحسن بن الآبنوسي ، أنا عثمان بن عمرو بن محمّد ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا ابن المبارك ، أنا الأوزاعي قال : قال يحيى :

__________________

(١) بعدها في ومختصر ابن منظور ١٠ / ١٤٧ : ومجامعة العاقل على البرادع خير للمؤمن من مجامعة الجاهل على حشايا السندس والاستبرق ...

٢٨٣

قال سليمان بن داود : يا معشر الجبابرة ، كيف تصنعون إذا وضع المنبر للقضاء؟ يا معشر الجبابرة ، كيف تصنعون إذا لقيتم ربكم الجبار فرادى؟.

قال : وأنا ابن المبارك ، أنا الأوزاعي قال : قال يحيى بن أبي كثير :

قال سليمان بن داود : يا بني إياك وكثرة الغضب ، فإن كثرة الغضب تستخف (١) فؤاد الرجل الحليم.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان ، أنا الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر (٢) ، أنا أبو علي بن صفوان.

وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا عاصم بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أحمد بن محمّد الجوزي ، قالا : أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا الهيثم بن خارجة ، نا سهل بن هاشم ، وقال ابن الجوزي : بن عاصم ، عن الأوزاعي قال : قال سليمان بن داود : إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أحمد بن الحسين الحافظ ، نا أبو الفتح محمّد بن عبد الله بن محمّد بن جعفر بن اللّاسكي (٣) ـ بالري ـ أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن عمر ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، نا أبو سعيد الأشج ، نا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : قال سليمان بن داود لابنه : يا بني لا تقطع أمرا حتى تؤامر مرشدا ، فإنك إذا فعلت ذلك لم تحزن عليه.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو سعد الزاهر ، نا إسماعيل الخلّال ، نا أبو الأزهر جماهر بن محمّد الدمشقي ، نا محمود بن خالد ، نا الوليد بن مسلم ، نا أبو عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال :

قال سليمان بن داود لابنه : يا بني عليك بخشية الله فإنها غاية كل شيء ، يا بني لا تقطع أمرا حتى تشاور فيه مرشدا ، يا بني ، عليك بالحبيب الأول فإن الأخير لا يعدله.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، نا عيسى بن علي

__________________

(١) بالأصل وم : يستخف.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٣٣٨.

(٣) اللاسكي بتشديد اللازم ألف وفتح السين المهملة وفي آخرها الكاف ، هذه النسبة إلى لاسك ، قال السمعاني : وهو نوع من الثياب فيما أظن.

٢٨٤

ـ إملاء ـ نا أبو القاسم عبد الله بن محمّد ، نا عبد الرّحمن بن صالح الأزدي ، نا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال :

قال سليمان بن داود لابنه : يا بني لا تقطعن أمرا حتى تؤامر مرشدا ، فإنك إذا فعلت ذلك لم تحزن عليه ، يا بني إيّاك وكثرة الغيرة من غير سوء تراه على أهلك فترمى بالسوء من أجلك.

قال : وقال سليمان بن داود : من أراد أن يغيظ عدوه فلا يرفع العصا على ولده.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، نا عبد العزيز بن أحمد ، وأبو المنجّا حيدرة بن علي بن إبراهيم (١) ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا عمي أبو بكر ، أنا أبو العباس محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الكتاني اليافوني (٢) ، نا إسماعيل بن إبراهيم التّرجماني (٣) ، نا عبد الله بن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان بن داود لابنه : لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالشرّ من أجلك ، وإن كانت بريئة ، وإياك وكثرة الضحك ، فإن كثرة الضحك تستخف الرجل الحليم ، وعليك بخشية الله فانها غلبت كل شيء.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم بن البسري ، وعمر بن عبيد الله بن عمر ، وأبو علي بن المسلمة ، وطاهر بن الحسين القواس ، وعاصم بن الحسن ، وهبة الله بن عبد الرزاق ، وطراد بن محمّد.

ح وأخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن الشهرزوري ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن يحيى الدّريني وزوجته شهدة بنت أحمد بن الفرج (٤) ، قالوا : أنا طراد بن محمّد.

وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي.

وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا هبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري ، قالوا : أنا هلال بن محمّد الحفّار ، نا الحسين بن يحيى بن عياش ، نا

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٤١٠.

(٢) هذه النسبة إلى يافا وهي من بلاد ساحل الشام.

(٣) بفتح التاء وضم الجيم ، هذه النسبة إلى الترجمان ، اسم جد ، (الأنساب).

(٤) ترجمتها في سير الأعلام ٢٠ / ٥٤٢.

٢٨٥

إبراهيم بن محشر ، نا عبد الله بن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال :

قال سليمان بن داود لابنه : يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالشرّ من أجلك ، وإن كانت بريئة ، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك فإن كثرة الضحك تستخف فؤاد الرجل الحليم ، قال : وعليك بخشية الله فإنها غلبت كل شيء.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأحمد بن الحسن ، قالا : نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا العباس بن محمّد الدوري ، نا محمّد بن مصعب ، نا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير أن سليمان بن داود قال لابنه : يا بني إياك والمراء فإن جمعه (١) قليل ، وهو يهيج العداوة بين الاخوان.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الحافظ ، أنا سليمان بن إبراهيم ، أنا أبو سعيد النقاش ، أنا أحمد بن بندار بن إسحاق ، نا أحمد بن روح البغدادي ، نا أحمد بن هارون بن المهاجر ، نا سيار بن حاتم ، نا جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار قال :

خرج سليمان في موكبه فمرّ ببلبل على غصن شوك يصفر ويضرب بذنبه ، فقال : أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنه يقول : قد أصبت اليوم نصف تمرة فعلى الدنيا السلام.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم ، وابنه أبو علي ، وأبو الحسين الميداني ، وأبو نصر بن الجبّان قالوا : أنا أبو سليمان بن زبر ، نا أحمد بن محمّد بن أبي شيبة ، نا علي بن شعيب البزار ، نا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن مسعر (٢) بن كدام (٣) عن زيد العمي ، عن أبي الصّدّيق الناجي (٤) قال :

خرج سليمان يستسقي فمرّ بنملة مستقيلة رافعة قوائمها إلى السماء تقول : اللهم إنّا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك ، فإما أن ترزقنا وإما أن تهلكنا. فقال

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ١٠ / ١٤٨ نفعه.

(٢) مسعر بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح المهملة (تقريب).

(٣) كدام بكسر أوله وتخفيف ثانيه (تقريب).

(٤) بالأصل : الباجي ، خطأ والصواب ما أثبت بالنون عن م ، واسمه بكر بن عمرو الناجي.

وأبو الصديق : بتشديد الدال المكسورة (تقريب) وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب.

٢٨٦

سليمان : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.

أخبرنا بها عالية أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو الفضل المطهّر بن عبد الواحد ، أنا أبو عمر عبد الله بن محمّد بن أحمد ، نا عبد الله بن محمّد بن عمر الزّهري ، نا عمي عبد الرّحمن بن عمر رستة ، نا يزيد بن هارون ، نا مسعر بن كدام ، عن زيد العمّي ، عن أبي الصّدّيق النّاجي قال :

خرج سليمان بن داود يستسقي بالناس فمرّ بنملة وهي قائمة على رجليها رافعة يديها وهي تقول : اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم ، فقال نبي الله عليه‌السلام : ارجعوا فقد سقيتم بغيركم.

وأخبرنا بها عالية هذا (١) أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو طالب بن غيلان ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا محمّد بن سلميان ، وبشر بن موسى ، قالا : نا خلّاد بن يحيى ، نا مسعر ، عن زيد العمّيّ ، عن أبي الصّدّيق النّاجي قال :

خرج سليمان بن داود يستسقي فمرّ بنملة مستقبلة رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول : اللهم إنّا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك ، فإما أن ترزقنا وإما أن تهلكنا ، قال سليمان : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطّاب في كتابه ، أنا محمّد بن الحسين.

ح وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم قالا : أنا سهل بن بشر ، أنا علي بن منير بن أحمد قالا : أنا أبو الطاهر محمّد بن أحمد بن عبد الله الذّهلي ، نا موسى بن هارون ، نا شيبان ، نا عكرمة بن إبراهيم ، نا عبد الملك بن عمير عن رجل من بني سليم عن كعب الأحبار قال :

خرج سليمان بن داود نبي الله عليه‌السلام يستسقي لقومه ، فإذا نملة قائمة على رجليها رافعة يديها تقول : اللهم إنّا خلق من خلقك ولا غنى لنا عن رزقك ، فأنزل علينا غيثك ، ولا تؤاخذنا بذنوب عبادك ، فقال سليمان عليه‌السلام : ارجعوا فقد استجاب الله لكم بدعاء غيركم ، فرجعوا يخوضون الماء إلى الركب.

__________________

(١) كذا بالأصل وم.

٢٨٧

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر ، أنا أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عبد الله النقوي (١) ، نا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد ، أنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري :

أن سليمان بن داود خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة إحدى قوائمها تستسقي قال لأصحابه : ارجعوا فقد سقيتم إن هذه النملة استسقت ، فاستجيب لها.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو الدحداح ، أنا محمود بن خالد ، نا الفريابي ، عن غالب بن عبد الله ، حدّثني السّدّي قال :

أصاب الناس قحط على عهد سليمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتوا سليمان فقال : يا نبي الله لو أنك خرجت بالناس فاستسقوا ، فأمر سليمان فجمع بني إسرائيل ، فخرجوا فإذا سليمان بنملة قائمة على رجليها باسطة يديها وهي تقول : اللهم إنّا خلق من خلقك ، ولا غنى بنا عن فضلك قال : فصب الله تبارك وتعالى عليهم المطر ، فقال سليمان : ارجعوا فقد استجيب لكم بدعاء غيركم ، وقد روي حديث الاستسقاء مرفوعا ، ولم يذكر فيه اسم سليمان.

أخبرناه أبو بكر بن المزرفي (٢) ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا علي بن عمر الحربي ، نا الحسن بن محمّد بن عنبر بن شاكر (٣) ، نا محمّد بن عزيز الأيلي ، نا سلامة بن روح بن خالد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، حدّثني أبو سلمة بن عبد الرّحمن ، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله ، فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة» [٤٩٤٥].

__________________

(١) بفتح النون والقاف ، هذه النسبة إلى نقو ، قال السمعاني : وظني أنها من قرى صنعاء اليمن. ذكره وترجم له.

(٢) بالأصل : المزرقي بالقاف خطأ ، والصواب بالفاء عن م ، وقد مرّ كثيرا.

(٣) ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٢٥٦.

٢٨٨

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن علي ، أنا أبو الحسن محمّد بن علي بن أحمد السيرافي ، نا القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب المتّوثي (١) ، نا أبو داود السجستاني ، نا محمّد بن آدم المصّيصي ، نا أبو خالد عن الأعمش ، عن خيثمة قال :

كان ملك الموت صديقا لسليمان فأتاه ذات يوم فقال : يا ملك الموت ما لك تأتي الدار تأخذ أهلها كلهم وتذر الدويرة إلى جنبهم لا تأخذ منهم أحدا قال : ما أنا بأعلم بذلك منك إنما أكون تحت العرش فيلقى إلي صكّاك فيها أسماء ، قال : فجاءه ذات يوم وعنده صديق له فنظر إليه ملك الموت فتبسّم ثم ذهب ، قال : يقول الرجل : من هذا يا نبي الله؟ قال : هذا ملك الموت ، قال : لقد رأيته تبسم حين نظر إليّ ، فمر الريح فيلقيني بالهند ، فأمرها فألقته بالهند قال : فعاد ملك الموت إلى سليمان فقال : أمرت أن أقبضه بالهند فرأيته عندك.

أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه (٢) ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا علي بن عاصم ، عن داود بن أبي هند عن بعض أصحابه قال : كان لداود صديق من بني إسرائيل فكان يدني مجلسه ويشاوره قال : فمات داود وولي سلميان قال : فنظر من أحق الناس أن يشاوره ويدني مجلسه منه؟ قال : ما أعلم أحدا أحق من الشيخ الذي مات نبي الله وهو عنه راض ، قال : فأرسل إليه فأدنى مجلسه ، قال : وكان الله وكّل سليمان ملك الموت أن يدخل عليه كل يوم دخلة ، فيسأله كيف هو ، ويقول له : هل لك من حاجة أقضيها لك؟ فإن قال : نعم لم يبرح ملك الموت حتى يقضيها ، ثم لا يعود إليه إلّا من الغد ، قال : فدخل عليه يوما والشيخ مسند ظهره إلى سرير سليمان ، فقال له : كيف كنت الليلة؟ قال : بخير ، قال : ألك حاجة ، قال : لا ، قال : فانصرف ملك الموت والناس يحسبون أنه رجل من الناس وهو ملك الموت ، فلما خرج أقبل الشيخ على رجل سليمان فجعل يقبّلها ويقول : يا نبي الله كيف كان رضا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عني؟ قال :

__________________

(١) بفتح الميم وضم التاء وهذه النسبة إلى متوث بليدة بين قرقوب وكور الأهواز (الأنساب ، وانظر معجم البلدان).

(٢) بالأصل بتقديم الزاي خطأ والصواب رزقويه بتقديم الراء ، وقد مرّ كثيرا. وإعجامها غير واضح في م.

٢٨٩

حسن ، قال : وكيف رضاك عني منذ صحبتك؟ قال : حسن ، قال : فإني أسألك بحق الله إلّا ما أمرت الريح أن تحملني فتلقيني بأقصى مدرة من أرض الهند ، قال : وأخذه أفكل (١) شديد ، قال سليمان : ولم؟ قال : هو ما أقول لك ، قال : فأخبرني فإني فاعل ، قال : ألم تر إلى الرجل الذي دخل عليك آنفا فسألك كيف أنت وهل لك من حاجة فقلت : لا ، فإنه لحظ إليّ لحظة فما أتمالك رعدة ، فقال له سليمان : سبحان الله وهل إلّا رجل نظر إليك ، قال : هو ما أقول لك ، قال : وأراده سليمان على أن لا يفعل فأبى ، قال : فدعا الريح فقال : احمليه ، فألقيه بأقصى مدرة بالهند ، قال : فظل سليمان لا ينتفع بشيء حزنا على الشيخ قال : ثم بات كذلك قال فجعل يقعد على سريره قبل ساعته التي كان يقعد فيها حزنا على الشيخ ، قال : ودخل عليه ملك الموت ، فسلم ثم قال : كيف كنت البارحة؟ فأخبره قال : ألك حاجة؟ قال : الحاجة غدت بي إلى هذا المكان ، قال : مه فذكر الشيخ ومنزلته من داود ومنزلته مني واستيحاشه منك وذكر ما سأله قال له ملك الموت : يا رسول الله منذ جئتك ما ينقضي عجبي منه إلى الساعة ، إنه سقط إليّ كتاب أمس ، أن اقبض روحه مع طلوع الفجر بأقصى مدرة بأرض الهند ، فهبطت وما أحسبه إلّا هناك ، فدخلت عليك فإذا هو قاعد ، وقد أمرت أن أقبض روحه من الغد بأقصى مدرة بأرض الهند ، فجعلت أتعجب فو الذي بعثك بالحق إني هبطت عليه مع طلوع الفجر فوجدته بأقصى مدرة من أرض الهند فقبضت روحه وتركت جسده هناك.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن الحسين بن يزداد المناطقي ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا ابن منيع ، نا قطن بن نسير الغبري ، نا جعفر بن سليمان ، نا كهمس ، عن عبد الله بن شقيق ، عن كعب قال :

أمر داود ببناء بيت المقدس ، قال : فبنا فيه قدر قعدة ثم أحدث شيئا فقيل له : إنك لست بصاحبه قال : ربّ ، فمن ذريتي؟ قال : نعم ، فبناه سليمان حتى فرغ من بنائه جعل عليه مأدبة ذبح أربعة آلاف بقرة وسبعة آلاف شاة ، ودعا بني إسرائيل فأكلوا ، ثم قام فدخله فقال : اللهم ، أيما عبد لك دخل بيتك هذا تائبا فتب عليه ، اللهم ، أيما عبد لك دخل بيتك هذا مستغفرا فاغفر له ، اللهم ، أيما عبد دخل بيتك هذا مستجيرا فأجره ،

__________________

(١) الأفكل : الرعدة (القاموس المحيط).

٢٩٠

فأوحى الله إليه أن قد استجيب لك ، فلما أوحي إليه أن قد استجيب لك أن خلص الدعوة لآل داود عليه‌السلام.

أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي ، أنا أبو محمّد بن النحاس ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا محمّد بن المنادي ، نا وهب بن جرير ، نا قرّة بن عطية قال :

أمر سليمان ببناء بيت المقدس ، فقالوا لسليمان : إن زوبعة الشيطان له عين في الجزيرة ، يردها كل سبعة أيام ، فأتوها فنزحوها (١) ، ثم صبوا فيها خمرا ، فجاء لورده. فلما أبصر الخمر قال كلاما له : أما علمت أنك إذا شربك صاحبك ظهر عليه عدوه ـ في أساجيع ـ قال قرّة : لا أحفظها إلا لا وردتك اليوم ، فذهب ثم رجع لظمإ آخر ، فلما رآها قال كما قال أول مرة ، ثم ذهب ولم يشرب ، ثم جاء لورده لاحدى وعشرين ليلة ، وقال : ما علمت أنك تذهبين الهم ـ في أساجيع له ـ فشرب منها ، فسكر (٢) فجاءوا إليه ، فأروه خاتم السحرة فانطلق معهم إلى سليمان ، فأمره ببناء بيت المقدس ، فقال : دلوني على بيض الهدهد ، فدلّ على عشه ، فأكب عليه بحمحمة ، فانطلق الهدهد فجاء بالماس الذي يثقب به اللؤلؤ والياقوت ، فغط الزجاجة فذهب ليأخذه فأزعجوه عنه فجاء بالماس إلى سليمان ، فجعلوا يستعرضون له الجبال كأنما يخطون في الطين.

أخبرنا أبو الحسن بركات عبد العزيز ، نا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه ، عن كعب قال :

إن الله أوحى إلى سليمان : أن ابن ببيت المقدس ، فجمع حكماء الإنس وعفاريت الجن وعظماء الشياطين ، ثم فرق الشياطين فجعل منهم فريقا يبنون ، وفريقا يقطعون الصخر والعمل من معادن الرخام ، وفريقا يغوصون في البحر فيخرجون منه الدّرّ والمرجان ، الدرة منها مثل بيضة النعام ومثل بيض الدجاج وأخذ في بناء المسجد ، فلم يثبت البنّاء ، وكان عليه حين بناه داود ، فأمر بهدمه ، ثم حفر الأرض حتى بلغ الماء فقال : أسسوا على الماء فألقوا فيه الحجارة ، فكان الماء يلفظ الحجارة ، فدعا سليمان

__________________

(١) أي أخذوا ماءها (النهاية : نزح).

(٢) بالأصل وم : فسكن ، ولعل الصواب ما أثبت باعتبار ما يلي.

٢٩١

الحكماء والأحبار ، ورأسهم آصف فقال : أشيروا علي ، فقال آصف ومن قال منهم : إنّا نرى أن نتخذ قلالا من نحاس ثم نملأها حجارة ، ثم نكتب (١) عليها هذا الكتاب الذي في خاتمك لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، ومحمّد عبده ورسوله ثم نلقي تلك القلال عليه في الماء ، فيكون أساس البنّاء عليه ، ففعل فثبتت (٢) القلال ، وألقوا الصخر والحجارة عليها ، وبنى حتى ارتفع البنّاء ، وفرق الشياطين في أنواع العمل ، فكانت الشياطين دأبوا في عمله وجعل فرقة منهم يقطعون معادن الياقوت والزمرد وألوان الجوهر ، فجعل للشياطين صفا مرصوصا ما بين معدن الرخام إلى حائط المسجد ، فإذا قطعوا من المعدن حجرا أو أسطوانة تلقاه الأول منهم الذي يلي المعدن ثم الذي يليه ، فتلقى بعضهم بعضا حتى ينتهي إلى المسجد ، وجعل يقطع الرخام الأبيض منه مثل بياض اللبن من معدن يقال له السامور ـ ليس بهذا السامور الذي في أيدي الناس ـ ولكن هذا به سميّ وإنمّا دلّهم على معدن السامور عفريت من الشياطين كان في جزيرة من جزائر البحر ، فدلّوا سليمان عليه ، فأرسل إليه بطابع من حديد ، وكان خاتمه يرسخ في الحديد والنحاس فيطبع إلى الحق (٣) بالنحاس ، ويطبع على الشياطين بالحديد فلا يجيبه أقاصيهم إلّا بذلك ، وكان خاتمه أنزل عليه من السماء ، حلقته بيضاء ، وطابعه كالبرق ، لا يستطيع أحد يملأ منه بصره.

فلما بعث سليمان إلى العفريت فجاءه فقال له : هل عندك من حيلة أقطع بها الصخر ، فإني أكره صوت الحديد في مسجدنا هذا وصريره للذي أمرنا به من الوقار والسكينة ، فقال له العفريت : ابغني وكر عقاب ، فإني لا أعلم في الطير أشدّ من العقاب ، ولا أنكر (٤) منه حيلة ، فوجدوا وكر عقاب فغطى عليه ترسا من حديد غليظ ، فجاءه العقاب فنفحه (٥) برجله ليقطعه فلم يقدر عليه فحلّق في السماء متلطفا فلبث يومه وليلته ، ثم أقبل ومعه خصين (٦) من السامور معترض ، فتفرقت له الشياطين حتى أخذوه منه ،

__________________

(١) بالأصل وم : تكتب.

(٢) بالأصل وم : فثبت.

(٣) في م «الحن» بالحاء المهملة وفي مختصر ابن منظور ١٠ / ١٥١ فيطبع إلى الجن بالجيم ، وهو الظاهر.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : «أمكر».

(٥) أي ضربه ضربا خفيفا.

(٦) بالأصل وم : «حطر» والمثبت عن مختصر ابن منظور ، والخصين : الفأس.

٢٩٢

وأتوا به على سليمان فكان به يقطع الصخر ، وعمل سليمان بيت المقدس عملا لا يوصف ولا يبلغ كنهه أحد ، وزيّنه بالذهب والفضة والدّرّ والياقوت والمرجان وألوان الجواهر في سمائه وأرضه وأبوابه وجدره وأركانه شيئا لم ير مثله ، ولم يعلم يومئذ كان على ظهر الأرض موضع كان أعظم منه ، ولا عرض من عرض الدنيا أكثر منه ، فتسامعت به الخلائق ، وشهدته ملوك الأرض ، وكان نصب أعينهم ، ولكنهم لم يكونوا يرومونه مع سليمان ، ولا يحدّثون به أنفسهم.

فلما رفع سليمان يده من البنّاء بعد فراغه وإحكامه جمع الناس فأخبرهم أنه مسجد لله تعالى هو أمر ببنائه ، وأن كل شيء فيه لله عزوجل ، وأن من انتقصه شيئا فقد خان الله ، وأن داود كان الله عزوجل عهد إليه ذلك من قبل ، وأوصى سليمان بذلك من بعده ، فلما انتهى عمله وفرغ منه اتخذ طعاما وجمع سلميان الناس ، فلم يرقط جمعا في موضع أكبر منه ، يومئذ ولا طعاما (١) أكثر منه ثم أمر بالقربان فقرّب لله عزوجل قبل أن يطعم الناس ، فوضع القربان في رحبة المسجد وبين ثورين فأوقفهما قريبا من الصخرة ، ثم قام على الصخرة فقال : اللهم ، أنت وهبت لي هذا الملك منّا منك عليّ وطولا عليّ وعلى والديّ من قبلي ، وأنت الذي ابتدأتني وإياه بالنعمة والكرامة ، وجعلته حكما بين عبادك وخليفة في أرضك ، وجعلتني وارثه من بعده وخليفته في قومه ، وأنت الذي خصصتني بولاية مسجدك هذا قبل ، وأكرمتني به قبل أن تخلقني ، فلك الحمد على ذلك والمنّ والطّول ، اللهم ، وأسألك لمن دخل هذا المسجد خمس خصال : لا يدخل إليه مذنب لم يتعمده إلّا طلب التوبة أن تقبل منه وتتوب عليه وتغفر له (٢) ، ولا يدخل إليه خائف لم يعمده إلّا طلب الأمن أن تؤمنه من خوفه وتغفر له ذنبه ، ولا يدخل إليه مقحط لم يعمده إلّا طلب الاستسقاء أن تسقي بلاده ، ولا يدخل إليه سقيم لم يعمده إلّا طلب الشفاء أن تشفيه من سقمه وتغفر ذنبه ، وأن لا تصرف بصرك عن من دخله حتى يخرج منه ، اللهم ، إن أجبت دعوتي وأعطيتني مسألتي فاجعل علامة ذلك أن تتقبل قرباني ، قال : فنزلت نار من السماء فأخذت ما بين الأفقين ثم امتد منها عنق فاحتمل القربان ثم صعد به إلى السماء.

أخبرنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن الحنّائي ، أنا أبو علي أحمد ، وأبو الحسين

__________________

(١) في المختصر : فلم ير قط جمع ... ولا طعام.

(٢) بالأصل : ويتوب عليه ويغفر له.

٢٩٣

محمّد ابنا عبد الرّحمن قالا : أنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي ، نا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي العطار كوفي بالكوفة ، نا هنّاد بن السّري ، نا ابن المبارك عن الأوزاعي ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن الدّيلمي ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لما بنى سليمان البيت سأل ربه ثلاثا ، فأعطاه اثنتين ، وأنا أرجو أن يكون قد أعطاه الثالثة ، سأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك ، وسأله حكما أو علما لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك ، وسأله أن لا يأتي أحد هذا البيت فيصلي فيه إلّا رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وأنا أرجو أن قد أعطاه ذلك» ، كذا قال. ورواه سعيد ، عن ربيعة فزاد فيه أبا إدريس الخولاني [٤٩٤٦].

أخبرناه أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن عمر ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن أبي شريح ، نا محمّد بن أحمد بن عبد الجبار ، نا حميد بن زنجويه ، نا أبو مسهر ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس ، عن ابن الدّيلمي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«ان سليمان بن داود لما بنى مسجد بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا ، سأل الله حكما يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه ، وسأل الله حين فرغ من بنيان المسجد أن لا يأتيه أحد (١) لا ينهزه إلّا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه» [٤٩٤٧].

قال : ونا حميد بن زنجويه ، نا محمّد بن يوسف ، نا الأوزاعي ، حدّثني ربيعة بن يزيد ، حدّثني عبد الله الدّيلمي ، عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«إن سليمان بن داود سأل الله ثلاثا ، فأعطاه اثنتين وأنا أرجو أن يكون قد أعطاه الثالثة إن شاء الله ، سأل الله حكما يصادف حكمه ، فأعطاه إياه ، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه ، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلّا الصلاة في المسجد ـ يعني بيت المقدس ـ أن يخرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه» [٤٩٤٨] قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نحن نرجوا أن يكون قد أعطاه الله ذلك».

__________________

(١) بالأصل وم : «الحد» ولعل الصواب ما أثبت قياسا إلى الرواية السابقة.

٢٩٤

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا محمّد بن أحمد بن يعقوب ، نا أبو داود السجستاني ، نا عثمان بن أبي شيبة ، نا قبيصة ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن خيثمة قال :

قال سليمان بن داود لملك الموت : إذا أردت أن تقبض روحي فاعلمني قال : ما أنا بأعلم بذلك منك إنما هي كتب تلقى إليّ فيها تسمية من يموت.

أخبرنا أبو سعد بن أبي صالح ، أنا أبو الفضل الطّبسي (١) ، أنا أبو بكر الصّدفي ، أنا أبو محمّد الحليمي ، أنا أبو الموجّه الفزاري (٢) ، أنا صدقة ـ يعني ابن الفضل ـ أنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أن سليمان مكث على عصاه سنة.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد السّليطي ، أنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن ، نا أحمد بن حفص ، نا أبي حفص ، حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إن سليمان نبي عبد (٣) الله كان لا يصلي صلاة إلّا وجد شجرة نابتة (٤) بين يديه فيقول لها : ما اسمك : فتقول : كذا وكذا ، فيقول : لما أنت؟ فتقول : لكذا وكذا ، فصلّى ذات يوم ، فإذا شجرة نابتة (٥) بين يديه ، فقال : ما اسمك؟ قالت : الخرنوب ، فقال : لما أنت؟ قالت : لخراب هذا البيت ، فقال سليمان : اللهم عمّ على الجن موتي ـ وقال مرة : اللهم عمّني على الجن موتي ـ حتى يعلم الإنس أنهم كانوا لا يعلمون الغيب ، قال : فتحتها عصا توكأ عليها حولا وهم لا يعلمون ثم أكلتها الأرضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته ، فشكرت ذلك للأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء وقدّروا مقدار أكلها العصا فكانت سنة» (٦) [٤٩٤٩].

أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، نا عبد العزيز بن أحمد.

__________________

(١) اسمه محمّد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي ، ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٥٨٨.

(٢) اسمه محمّد بن عمرو الفزاري ، ترجمته في سير الأعلام ١٣ / ٣٤٧.

(٣) كتبت فوق الكلام بين السطرين. وفي م : «نبي الله» بدون «عبد».

(٤) في م : تأتيه.

(٥) في م : تأتيه.

(٦) ذكره ابن كثير في البداية والنهاية بتحقيقنا ٢ / ٣٧ والطبري ١ / ٥٠١.

٢٩٥

وأخبرنا جدي أبو الفضل يحيى بن علي القاضي ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء قالا : أنا أبو الحسن بن مخلد البزاز ، نا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السّماك ، نا القاضي البرتي ـ قال عبد العزيز : محمّد بن عيسى ، وقال ابن أبي العلاء : أحمد بن محمّد (١) وهو الصواب ـ نا أبو حذيفة ، نا إبراهيم بن طهمان ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«إن سليمان كان لا يصلي صلاة إلّا وجد شجرة نابتة بين يديه ، فيقول لها ما اسمك؟ فتقول : كذا وكذا ، فيقول : لما أنت؟ فتقول : لكذا وكذا ، فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء علم ذلك ، فصلّى ذات يوم فإذا شجرة نابتة بين يديه ، فسأل : ما اسمك؟ قالت : الخرنوب ـ أو : الخروب ، شك البرتي ـ فقال : لما أنت؟ فقالت : لخراب هذا البيت ، فقال سليمان : اللهم عمّ على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن كانوا لا يعلمون الغيب ، قال : فنحتها عصا ، ثم توكأ عليها حولا وهم لا يعلمون ، قال : ثم أكلتها الأرضة فسقط ، فعلموا عند ذلك بموته فشكرت ذلك للأرضة قال : فأين ما كانوا يأتونها بالماء قال : وقدّروا مقدار أكلها العصا فكان سنة».

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد نا الحسين بن الحسن ، نا الأحوص بن جواب الضّبّي ، نا عبد الجبار بن عباس الهمداني ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

كان سليمان بن داود إذا صلّى صلاة الغداة طلعت بين يديه شجرة فيقول لها : ما أنت؟ ولأي شيء طلعت؟ فتقول الشجرة كذا وكذا طلعت لداء كذا وكذا ، فصلّى ذات يوم الغداة فطلعت بين عينيه شجرة فقال لها : ما أنت؟ ولأي شيء طلعت؟ قالت : أنا الخروب ، طلعت لخراب هذه الأرض ، قال : فعلم سليمان أن بيت المقدس لن يخرب ، وهو حي ، وأن أجله قد اقترب ، فسأل ربه أن يعمي (٢) على الشياطين موته ، فمات على عصاه فسلّطت الأرضة على عصاه فسقط ، فخفت على الشياطين أن يأتيها بالماء حيث

__________________

(١) القاضي البرتي اسمه أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر ، أبو العباس البغدادي ، ترجمته في تاريخ بغداد ٥ / ٦١.

(٢) بالأصل : يعمني ، خطأ والصواب ما أثبت عن م.

٢٩٦

تبني شكرا لما صنعت بعصا سليمان.

أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، نا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا إبراهيم بن طهمان ، عن سعيد بن أبي قتادة ، عن الحسن قال :

إن سليمان لما فرغ من بناء بيت المقدس وأراد الله تعالى قبضه دخل المسجد فإذا أمامه في القبلة شجرة خضراء بين عينيه ، فلما فرغ من صلاته تكلمت الشجرة فقالت : ألا تسألني ما أنا؟ فقال سليمان : ما أنت؟ قالت : أنا شجرة كذا وكذا دواء كذا من داء كذا ، فأمر سليمان بقطعها فلما كان من الغد فإذا بمثلها قد نبتت فسألها سليمان ، فقال : ما أنت؟ قالت : أنا شجرة كذا وكذا ، دواء كذا من داء كذا ، فأمر بقطعها فكان كل يوم إذا دخل المسجد يرى شجرة قد نبتت فيسألها فتخبره ، فوضع عند ذلك كتاب الطب الفيلسوفس (١) حتى وضعوا الطب ، وكتبوا الأدوية ، وأسماء الشجر التي تنبت في المسجد فلما فرغ من ذلك ، نبتت شجرة فدخل المسجد فلما صلّى قال لها : ما أنت؟ قالت : أنا الخرنوب ، قال : وما الخرنوب؟ قالت : لا أنبت في بيت إلّا كان سريعا (٢) خرابه ، فقال سليمان : الآن قد علمت أن الله قد أذن في خراب هذا المسجد وذهاب هذا الملك ، فقطع سليمان تلك الشجرة فاتّخذ منها عصا يتوكأ عليها قال : فكانت تلك منسأته (٣).

وكان سليمان يتعبد في كل سنة أربعين يوما ، لا يخرج من محرابه إلى الناس عدة الأيام التي كلّم الله تعالى موسى وعدة توبة داود النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان يلبس الصوف ويصوم ويقوم في محرابه ، فيصف بين رجلين ، وربما اتكأ على عصاه يواصل فيها الصوم ، ثم يخرج بعد الأربعين ، فلما افتتن وغفر الله له ، وردّ عليه ملكه اجتهد في العبادة ، فكان يتعبد كل سنة ثمانين يوما ، فلما أراد الله قبضه دخل محرابه فقام يصلّي ، واتكأ على عصاه فبعث الله ملك الموت فقبض روحه فبقي سنة على عصاه ، فانتظره [الناس](٤)

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : الفيلفسوفس.

(٢) بالأصل وم : سريع.

(٣) رسمها بالأصل : «مند؟؟؟ ه» والصواب ما أثبت عن م ، والمنسأة بلسان الحبشة العصا.

(٤) زيادة عن م ، وانظر مختصر ابن منظور ١٠ / ١٥٤.

٢٩٧

ثمانين يوما فلم يخرج فقالوا : قد اجتهد في العبادة ، إنه كان مجتهدا أربعين يوما ، ثم زاد حتى بلغ ثمانين يوما ، فلم يخرج ، وإنه قد اجتهد أيضا فكانوا لا يعلمون بموته ، لا الجن ولا الإنس ، وكانت الجن والشياطين متفرقين في أصناف الأعمال فليس أحد يعلم بموته حتى سلّط الله الأرضة على عصاه التي كان يتوكأ عليها ، فأكلتها فوقع سليمان والعصا فذلك قول الله عزوجل (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) يعني عصاه (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) أنه ميت (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ)(١).

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الأصبهاني ـ شفاها ـ أنا منصور بن الحسين بن علي ، وأحمد بن محمود بن أحمد ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا هارون بن عقيل بن عمير الكتّاني العسقلاني ، نا أبو عمير ، نا ضمرة ، عن عباس بن عودان في قوله : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ)(٢) قال : يسقى شربة يوم القيامة في الموقف على رءوس الخلائق.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن أحمد بن علي الزجاجي ، أنا أبو مسلّم عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي ، حدّثني أبو عبد الله علي بن سليمان صاحب الحكيمي في شوال سنة أربعين وثلاثمائة ، نا الحسن بن عرفة ، نا علي بن ثابت الجزري ، عن المكيين عمرو بن دينار وغيره في قوله (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) قال : لا يزال يدنيه ويدنيه حتى يمس بعضه.

أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أبي بكر بن عبد الله السّنجي ، وأبو محمّد بختيار بن عبد الله الهندي ، قالا : أنا أبو [علي](٣) الحسن بن محمّد بن عبد العزيز بن إسماعيل التككي ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا عثمان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا وكيع بن الجرّاح ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) قال : ذكر الدنو منه يوم القيامة حتى ذكر أنه يمس بعضه. هذا في حق داود عليه‌السلام لأنه يوافي القيامة خائفا من ذنبه ، فيؤمنه الله بإكرامه بقربه. وقد روي : أنه

__________________

(١) سورة سبأ ، الآية : ١٤.

(٢) سورة ص ، الآية : ٤٠.

(٣) زيادة لازمة عن م ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢٥٩ والتككي نسبة إلى بيع التكك (الأنساب).

٢٩٨

يدنيه حتى يلصق بقائمة من قوائم عرشه فحينئذ يأمن من أليم بطشه ، والله أعلم.

أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، عن محمّد بن إسحاق ، عن الزهري وغيره : أن سليمان عاش اثنتين (١) وخمسين سنة ، وكان ملكه أربعين سنة.

قال : وأنا إسحاق ، أنا أبو روق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن ملكه عاش عشرين سنة ، فالله أعلم (٢).

٢٦٦٣ ـ سليمان بن داود بن جناح بن روح بن جناح

حكى عن أبيه ، حكى عنه ابنه أبو الأشعث غالب.

٢٦٦٤ ـ سليمان بن داود بن أبي حفص

أبو الرّبيع الجيلي (٣)

سمع بدمشق أبا الحسن بن أبي الحديد ، وأبا الحسن علي بن الخضر السّلمي.

وحدث عن أبي صالح محمّد بن أبي عدي بن الفضل السّمرقندي.

روى عنه أبو الفتح نصر بن إبراهيم ، وكتب عنه علي بن الخضر السّلمي.

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه الشافعي ، نا نصر بن إبراهيم الزاهد ـ إملاء ـ قال : كتب إليّ أبو صالح محمّد بن أبي عدي السّمرقندي ، وأخبرني أبو الربيع سليمان بن داود بن أبي حفص الجيلي ـ بقراءتي عليه ـ عنه ، نا عبد الوهاب بن جعفر بن علي بن جعفر الميداني ، نا أبو الحسين أحمد بن علي بن عبد الله بن سعيد ، حدّثني أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الكندي ـ إملاء ـ نا أحمد بن سليمان الزّنبقي ، نا حفص بن عمر المربعي قال : خرجنا من بغداد نريد شعيب بن حرب الواسطي بمدائن

__________________

(١) نقله ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٣٩ وفي الكامل لابن الأثير : «ثلاث وخمسين سنة» وفي الطبري : نيّفا وخمسين سنة.

(٢) البداية والنهاية ٢ / ٣٩ بتحقيقنا.

(٣) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها كيل وكيلان فعرب ونسب إليها وقيل : جيلي وجيلاني.

٢٩٩

كسرى ، فضاق علينا منزله فخرج إلى شط دجلة إلى موضع يقال له الرّقّة ، فقلنا له : يا أبا صالح معنا أحاديث نريد أن نسألك عنها ، فقال : كم أنتم حتى أحدثكم حديثين في الورع.

أما أحدهما : فرأيته بعيني وصحبته برجلي.

وأما الآخر : فحدّثني به حبيبي سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري.

خرجت حاجا فلما كنت على سيف البحر أقبل رجلان كأنما ارتكضا في رحم ، يعظم كل واحد منهما صاحبه ، فقالا لي : ما يحبسك هاهنا؟ فقلت : سفينة أركب فيها إلى الحج ، فبينا نحن كذلك إذ أقبلت سفينة فيها قمح مصبوب ، فركبنا فيها والقلع مشرع ، فمدّ أحد الفتيين يده إلى حبة قمح ، فألقاها إلى فيه ، فنظر إليه صاحبه فقال له : مه ما صنعت؟ قال : سهوت ، قال : وأنا أصحب من يسهو عن الله ، ثم قال : يا ملاح قرّب أنزلني ، وإلّا قذفت بنفسي في البحر ، فتهاون به الملاح ، فقلت أنا بجهلي به : يا هذا من حبة قمح ألقاها صاحبك إلى فيه تلقي نفسك في البحر؟ فلم ينظر إلى صاحبه ، ونظر إليّ فقال لي : هيه استصغرت الذنب ، ولم تنظر من عصي ، ثم صاح صيحة حتى بلغ رأسه سقف السفينة ، ثم رفع يضطرب مثل الفرخ المذبوح ، فرششنا على وجهه الماء حتى أفاق ، فقال : يا ملاح قرّب أنزلني ، وإلّا قذفت نفسي في البحر ، فتهاون به الملاح ، فاجتمع بأثوابه ثم زج في نفسه في البحر ، فما كانت إلّا غوصة حتى علا الماء إلى صدره ثم غاب عنا فلم نره ، فقلت أنا لصاحبه : يا هذا ، من حبة قمح ألقيتها إلى فيك ، طرح صاحبك نفسه في الماء ، فقال : والله إني لرفيقه مذ ثلاثين عاما ، ما رأى مني زلة غيرها ، فقلت في نفسي : هذا والله يدل على فحوى قوله : إنه ما عصى الله عزوجل منذ ثلاثين عاما ، فقلت له : هل لك في الصحبة رحمك الله؟ قال لي : هو ذا نحن وأنت على هذا العود ، فكنت معه أخدمه ، فأنصت لحديثه ، وأفطر معه ، ويذكر صاحبه ولا يذكره ، كأنه لا يشك إلّا أنه سيسبقه إلى الموضع الذي يريد ، فلم نزل حتى أتينا جدة ثم نزلنا منها حتى أتينا مكة ، فبينا يدي في يده في الطواف ، إذ بصرت بصاحبه فقلت في نفسي : لا ينكر لأولياء الله عزوجل أن يسبقوا السفن (١) ، يا فلان هذا رفيقك ، قال : أين تراه؟ فأوقفته عليه فجعل يريد أن يسلم عليه فيها به ، ثم جسر فسلّم عليه ، فردّ عليه‌السلام

__________________

(١) رسمها بالأصل : «الف» كذا ، والصواب عن م.

٣٠٠