أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٥
تعمل لأحد ، اعمل كأنك ترى واعدد نفسك من الموتى (١).
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنا أبو طاهر محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، نا أبو العباس أحمد بن محمّد بن الحسين ، نا سليمان ـ يعني ابن المغيرة ـ نا حميد بن هلال قال : أوخي بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء ، قال : فسكن أبو الدرداء الشام ، وسكن سلمان الكوفة ، قال : فكتب أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي : سلام عليك ، أما بعد فإن الله رزقني بعدك مالا وولدا ، ونزلت الأرض المقدسة.
قال : فكتب إليه سلمان : سلام عليك ، أما بعد فإنك كتبت إن الله رزقك مالا وولدا ونزلت الأرض المقدسة ، واعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد ، ولكن الخير أن يعظم حلمك وأن ينفعك علمك ، وكتبت إنك نزلت الأرض المقدسة ، وأن الأرض المقدسة لا تعمل لأحد اعمل كأنك ترى ، واعدد نفسك في الموتى.
أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل ، أنا سعيد بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد بن أبي بكر الزهري ، نا مالك بن أنس (٢) ، عن يحيى بن سعيد :
أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي : أن هلمّ إلى الأرض المقدسة ، فكتب إليه سلمان : إن الأرض لا تقدس أحدا ، وإنما يقدس الإنسان عمله ، وقد بلغني أنه جعلت طبيبا ، فإن كنت تبرئ فنعما لك ، وإن كنت متطببا فاحذر أن تقتل إنسانا ، فتدخل النار ، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ، ثم أدبرا عنه نظر إليهما وقال : متطبب والله ، ارجعا إليّ أعيدا علي قصتكما.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٣) ، نا سليمان بن أحمد ، نا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، نا يحيى بن إبراهيم بن محمّد بن أبي عبيدة بن معن ، حدّثني أبي عن أبيه ، عن الأعمش ، عن أبي البختري قال : جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي
__________________
(١) نقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٤٨.
(٢) موطأ الإمام مالك ، جامع القضاة ح رقم ١٤٥٥ وحلية الأولياء ١ / ٢٠٥ ونقله الذهبي في السير ١ / ٥٤٩ من طريق مالك في الموطأ.
(٣) حلية الأولياء ١ / ٢٠١ ونقله الذهبي في السير ١ / ٥٤٩ من طريق أبي عبيدة بن معن.
إلى سلمان فدخلا عليه في خصّ في ناحية المدائن فأتياه فسلّما عليه وحيياه ثم قالا : [أنت سلمان الفارسي؟ قال : نعم ، قالا :](١) أنت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : لا أدري ، فارتابا وقالا : لعله ليس الذي نريد. فقال لهما : أنا صاحبكما [الذي تريدان ، وقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجالسته ، وإنما صاحبه من دخل معه الجنة ، فما حاجتكما](٢) قالا : جئناك من عند أخ لك بالشام ، قال : من هو؟ قالا : أبو الدرداء ، قال : فأين هديته التي أرسل بها معكما ، قالا : ما أرسل معنا بهدية قال : اتقيا الله وأدّيا الأمانة ، ما جاءني أحد من عنده إلّا جاء معه بهدية ، قالا : لا ترفع علينا هذا إن لنا أموالا فاحتكم فيها ، قال : ما أريد أموالكما ولكن أريد الهدية التي بعث بها معكما. قالا : والله ما بعث معنا بشيء إلّا أنه قال : إن فيكم رجلا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا خلا به لم يبغ أحدا غيره فإذا أتيتماه فاقرءاه مني السلام ، قال : فأي هدية كنت أريد منكما غير هذا ، وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمّد بن موسى ، قالا : نا أبو العباس الأصم ، نا الربيع بن سليمان ، نا أسد ، نا عدي بن الفضل ، عن حبيب الأعور ، عن أبي رجاء ، عن سلمان ، قال : الناس ثلاثة : سامع فعاقل [وسامع](٣) فتارك ، وسامع فعارف ، ومن الناس حامل داء ، ومنهم حامل شفاء ، ومن الناس من إذا ذكرت الله عنده أعاقك وأحب ذلك ، وإن نسيت ذكرك ، ومن الناس إن ذكرت الله عنده لم يغنك ، وإن نسيته لم يذكرك ، فتواضع لله وتخشع وخف الله يرفعك الله ، وقل سلاما للقريب والبعيد فإن سلام الله لا يناله الظالمون ، فإن رزقك علما فابتغ إليه كي تعلم مما علمك الله ، فإن مثل العالم الذي يعلم كمثل رجل حامل سراج على ظهر الطريق فكل من مرّ به يستبصر به ويدعو له بالبركة والخير ، وإن مثل علم لا يقال به كصنم نائم لا يأكل ولا يشرب ، زاد غير زاهر : وانّ مثل حكمة لا يخرج ككنز لا ينفع.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أحمد بن علي بن أبي عثمان ، أنا الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ،
__________________
(١) ما بين معكوفتين زيادة عن حلية الأولياء ، والعبارة في الموضعين سقطت من الأصل وم.
(٢) زيادة لازمة للإيضاح عن م.
(٣) زيادة لازمة للإيضاح عن م.
حدّثني محمّد بن عبد الحميد ، نا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال :
جاء رجل إلى سلمان فقال : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : لا تكلم (١) ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم. قال : فإن تكلمت فتكلم بحقّ أو اسكت ، قال : زدني ، قال : لا تغضب ، قال : أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملكه ، قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك ، قال : زدني ، قال : لا تلابس الناس ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم. قال : فإن لابستهم فاصدق الحديث وأدّ الأمانة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد السّميساطي ، أنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، نا علي بن محمّد الخراساني ، نا يونس بن عبد الأعلى ، نا سليم بن ميمون الخوّاص ، قال : وحدّثني غير واحد عن سفيان الثوري قال : قال سلمان الفارسي : إذا أظهرتم العلم وخزنتم العمل ، وتحاببتم بالألسن ، وتباغضتم بالقلوب لعنكم الله فأصمّكم ، وأعمى أبصاركم.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، أنا عمر بن إبراهيم بن أحمد ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو خيثمة ، نا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، حدّثني شيخ من عبس قال : صحبت سلمان فأردت أن أعينه ، وأتعلم منه ، وأن أخدمه قال : فجعلت لا أعمل شيئا إلّا عمل مثله قال : فانتهينا إلى دجلة وقد مدت وهي تطفح فقلنا : لو سقينا دوابنا قال : فسقيناها ثم بدا لي أن أشرب فشربت ، فلما رفعت رأسي قال لي سلمان : يا أخا بني عبس عد فاشرب قال : فعدت فشربت وما أريده إلّا كراهية أن أعصيه قال ؛ ثم قال لي : كم تراك نقصتها؟ قال : قلت : يرحمك الله وما عسى أن ينقصها شربي قال : فكذلك العلم تأخذه ولا تنقصه شيئا ، فعليك من العلم بما ينفعك.
أخبرتنا أمّ البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون ، نا أبو كريب ، نا يحيى بن آدم ، عن أبي بكر ، عن الأعمش ، عن غنيم بن قيس ، عن زاذان قال :
مرّ رجل على سلمان ومعه لحم فقال : أي شيء هذا؟ قال : لحم ، قال : أي شيء تصنع به؟ قال : آكله ، فقال : بالله تفكرت يوما قط لحم يأكل لحما.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : تتكلم.
وعن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، عن سلمان قال : مثل الرجل يلقى أخاه فيشكو إليه ، فيفرج عنه ، مثل اليدين تغسل (١) إحداهما الأخرى.
أخبرنا خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى بن علي ، أنا علي بن الحسن بن الحسين الخلعي ، أنا محمّد بن الفضل الفراء ، نا أحمد بن أبي الموت أبو بكر.
ح وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل بن نظيف (٢) المصري ـ بمكة ـ نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أبي الموت ـ إملاء ـ نا محمّد بن علي بن زيد الصائغ ، نا سعيد بن منصور ، نا حماد بن يحيى الأبح ، نا معاوية بن قرّة ، قال :
قال سلمان الفارسي : ثلاث أعجبتني (٣) حتى أضحكتني : مؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وضاحك لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم راض ، وثلاث أحزنني حتى أبكينني : فراق محمّد وحزبه ، ـ أو قال : فراق (٤) محمّد والأحبة ، شك حماد ـ وهول المطلع ، والوقوف بين يدي الله عزوجل ، لا أدري إلى جنة يؤمر بي أم ـ وقال الشّحّامي : أو ـ إلى نار.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، نا القاضي أبو عمر محمّد بن يوسف ، نا أحمد بن منصور ، نا أبو ظفر ، نا جعفر بن سليمان ، عن عون العقيلي ، عن بعض أصحابنا ، عن سلمان قال :
ثلاث أضحكنني وثلاث أبكينني ، فأما اللاتي أضحكنني فمؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وضاحك ملء فيه لا يدري أراض ربه عنه أو ساخط ، وأما الذي (٥) أبكينني : مفارقة الأحبة محمّد وحزبه ، وهول المطلع ، وموقفي غدا بين يدي الله عزوجل.
__________________
(١) بالأصل : يغسل.
(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٤٧٦.
(٣) كذا بالأصل وم ، والظاهر : أعجبنني حتى أضحكنني.
(٤) بالأصل : فواق ، خطأ. والمثبت عن م.
(٥) كذا بالأصل ، والظاهر : اللاتي.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا عبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي ، نا أحمد بن موسى الحافظ ، نا محمّد بن محمّد بن عبد الله المقرئ ، نا الحسين بن الكميت ، نا غسّان بن الربيع ، نا سليم (١) مولى الشعبي ، عن الشعبي ، عن سلمان قال :
أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث. فأما الذي أبكاني : فراق محمّد وحزبه ، وهول المطلع عند غمرات الموت ، وموقفي بين يدي الله عزوجل يوم يوم تكون السريرة علانية فلا أدري إلى النار أصير أم إلى الجنة ، والذي أضحكني : يؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس بمغفول عنه ، وضاحك ملء فيه فلا يدري أرضياللهعنه أم أسخطه (٢).
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن عبد الملك القرشي ، أنا محمّد بن المظفّر ، نا محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن إسحاق البصري ـ بالبصرة ـ نا سحبان بن زياد أبو سعيد ، نا علي بن عاصم ، عن حصين ، عن عامر ، وأبي وائل قالا :
سئل سليمان فقيل : يا أبا عبد الله وما الذي أحزنك؟ قال : فراق الأحبة محمّد وحزبه ، وهول المطلع ، والمقام بين يدي الله عزوجل ، أخاف أن يجعل سريرتي علانية.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو القاسم الحرفي (٣) ـ ببغداد ـ نا أحمد بن سليمان ، نا معاذ بن المثنّى ، نا عبد الله بن سوّار ، نا حمّاد ، أنا ثابت :
أن أبا الدرداء ذهب مع سليمان الفارسي يخطب عليه امرأة من بني ليث فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه ، وذكر بأنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة فقالوا : أما سلمان فلا نزوجه (٤) ولكنا نزوجك ، ثم خرج فقال يا أخي إنه قد كان شيء وإني لأستحي أن أذكره لك ، قال : وما ذاك؟ قال : فأخبره أبو الدرداء بالخبر ، فقال سلمان : أنا أحق أن أستحي
__________________
(١) ترجمته في ميزان الاعتدال ٢ / ٢٣٢.
(٢) انظر حلية الأولياء ١ / ٢٠٧.
(٣) ضبطت عن الأنساب ، واسمه : عبد الرّحمن بن عبيد الله بن عبد الله بن محمّد البغدادي الحربي الحرفي ، ترجمته في تاريخ بغداد ١٠ / ٣٠٣ وفي م : الحربي ، خطأ.
(٤) بالأصل : تزوجه ، والمثبت عن حلية الأولياء ١ / ٢٠٠.
منك أن أخطبها وكان الله قضاها لك.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة ، أنا أبو جعفر بن دحيم ، نا إبراهيم بن عبد الله ، أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، والمغيرة بن شبل (١) ، عن طارق بن شهاب الأحمسي ، عن سلمان الفارسي قال :
إذا كان الليل كان الناس منه على ثلاثة (٢) منازل : فمنهم من له ولا عليه ، ومنهم من لا له ولا عليه ، ومنهم من عليه ولا له ، قال طارق : فعجبت لحداثة سني وقلة فهمي. فقلت : يا أبا عبد الله وكيف ذاك؟ قال : أما من له ولا عليه فرجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل ، [فتوضأ وصلّى ، فذاك له لا عليه ، ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل](٣) يمشي في معاصي الله عزوجل فذاك عليه ولا له ، ورجل نام حتى أصبح فذاك لا له ولا عليه.
قال طارق : فقلت : لأصحبن هذا فلا أفارقه ، فضرب على الناس بعث ، فخرج فيه فصحبته فكنت لا أفضله في عمل ، إن أنا عجنت خبز ، وإن خبزت طبخ. فنزلنا منزلا فبتنا فيه ، وكانت لي ساعة من الليل أقومها. فكنت أتيقظ لها فأجده نائما فأنام ، إلّا أنه كان إذا تعارّ من الليل قال وهو مضطجع : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، حتى إذا كان قبيل الصبح قام فتوضّأ ثم ركع ركعات ، فلما صلينا الفجر قلت : يا أبا عبد الله كانت لي ساعة من الليل أقومها وكنت أتيقظ لها فأجدك نائما فأقول صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم خير مني نائم ، فأنام قال : يا ابن أخ فأيش كنت تسمعني أقول ، فأخبرته فقال : يا ابن أخ تلك الصلاة ، إن الصلوات (٤) الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنب
__________________
(١) شبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة ، ويقال بالتصغير البجلي الأحمسي ، أبو الطفيل ، قاله في تقريب التهذيب ، وفي حلية الأولياء ١ / ١٨٩ شبيل.
(٢) كذا بالأصل ، والظاهر : ثلاث باعتبار ما يلي ، فمنازل جمع منزلة.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل فاضطرب المعنى ، والزيادة المضافة لاستقامة المعنى عن م ، وانظر سير الأعلام ١ / ٥٥٠ وحلية الأولياء ١ / ١٩٠.
(٤) بالأصل : الصلاة ، والمثبت عن سير الأعلام.
المقتل ، يا ابن أخ عليك بالقصد (١) فإنه أبلغ (٢).
كتب إليّ أبو بكر عبد الغفار بن محمّد الشيروي ، ثم حدّثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمّد بن أبي نصر عنه ، أنا أبو بكر الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، نا محمّد بن إسحاق الصّغاني ، نا معاوية بن عمر ، وعن أبي إسحاق ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن سعيد بن وهب قال :
دخلت مع سلمان على صديق له يعوده فقال : إن الله إذا ابتلى عبده المؤمن بشيء من البلاء ثم عافاه كان كفارة لما مضى ، ومستعينا (٣) فيما بقي ، وإن الفاجر إذا أصابه الله بشيء من البلاء ثم عافاه كان كالبعير عقله أهله ، ثم أطلقوه لا يدري فيما عقلوه ، ولا فيما أطلقوه (٤).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وأبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، أنا عمر بن شبّة ، نا عبد الوهاب الثقفي ، ح قال : ونا سعدان بن يزيد البزار ، نا إسماعيل بن عليّة جميعا عن أيوب عن أبي قلابة :
أن رجلا دخل على سلمان وهو يعجن فقال : يا أبا عبد الله ما هذا؟ قال : بعثنا الخادم في عمل فكر هنا أن نجمع عليه عملين (٥).
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمّد الصفار ، نا أحمد بن منصور ، نا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة :
أن رجلا أتى سلمان الفارسي فوجده يعتجن (٦) فقال : أين الخادم؟ فقال : أرسلته
__________________
(١) تقرأ بالأصل : بالقصر ، والمثبت عن م ، وانظر سير الأعلام وحلية الأولياء.
(٢) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠ باختصار ، ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٤٩ ـ ٥٥٠ من طريق وكيع.
(٣) كذا ، وفي حلية الأولياء : فيستعتب فيما بقي.
(٤) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٧.
(٥) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٦) كذا بالأصل وم.
في حاجة ، قال : لم يكن ليجتمع عليه شيئان (١) : أن نرسله ولا نكفيه عمله ، فقال له الرجل : إن أبا الدرداء يقرأ عليك السلام ، قال : متى قدمت قال : منذ ثلاث ، قال : أما إنك لو لم تؤدّها كانت أمانة عليك (٢).
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عثمان بن عمرو بن محمّد ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الرّحمن بن مهدي ، نا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب قال : قال سلمان : لأعد عراق (٣) قدري مخافة الظن بخادمي.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون النرسي (٤) ، نا محمّد بن إسماعيل الورّاق ، نا أبو محمّد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن حمّاد المدائني ، نا محمّد بن منصور الطوسي ، نا الحسين بن محمّد ـ يعني المروذي ـ.
وأخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن بن محمّد.
وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الحافظ ، أنا علي بن محمّد الأنباري ، قالا : أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا محمّد بن مخلد ، نا حاتم بن الليث ، نا حسين بن محمّد ، نا سليمان بن قرم (٥) ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ـ وفي حديث حاتم : عن شقيق (٦) ـ قال : ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان فقال : لو لا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهانا عن التكلّف لتكلّفت لكم. قال : ثم أتى ـ وفي حديث حاتم قال : فجاءنا ـ بخبز وملح ، فقال صاحبي : لو كان في ملحنا صعتر فبعث سلمان بمطهرته فرهنها فجاء بصعتر ، فلما أكلنا قال صاحبي : الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا ، فقال سلمان : لو قنعت لم تكن ـ وقال
__________________
(١) في حلية الأولياء : عملين ، أو قال : صنعتين.
(٢) في الحلية : كانت أمانة لم تؤدها.
(٣) بالأصل : عراف ، بالفاء خطأ والصواب : عراق بالقاف عن م.
وعراق جمع عرق ، وهو العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم.
(٤) تقرأ بالأصل القرشي ، خطأ والصواب ما أثبت عن م. وقد تقدم التعريف به.
(٥) قرم بفتح القاف وسكون الراء كما في التقريب ، وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٤١٨.
(٦) وهو شقيق بن سلمة ، أبو وائل الأسدي الكوفي ، ترجمته في سير الأعلام ٤ / ١٦١.
الطوسي : ما كانت ـ مطهرتي مرهونة (١).
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنا أبو محمّد بن أبي شريح ، أنا (٢) ، [ح] وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قال : أنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا ـ وقال الفراوي : نا ـ شعبة ، عن عمرو بن مرّة قال : سمعت أبا البختري يحدث : أن سلمان دعا رجلا إلى طعامه فجاء مسكين فأخذ كسرة فناوله ، فقال سلمان : ضعها من حيث أخذتها ، فإنما دعوناك لتأكل فما رغبتك أن يكون الأجر لغيرك والوزر عليك (٣)؟.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ ، ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، أنا أبو محمّد بن حيّان (٥) ، نا محمّد بن العباس بن أيوب ، نا يعقوب الدّورقي ، نا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : كان لا يفقه كلامه من شدة عجمته ، وكان يسمي الخشب خشبان.
أنبأنا أبو طالب بن يوسف ، أنا إبراهيم بن عمر الفقيه.
ح وأخبرنا أبو المعمّر المبارك بن أحمد الأنصاري ، أنا المبارك بن عبد الجبار ، نا أبو محمّد بن قتيبة قال في حديث سلمان أن أبا عثمان ذكره فقال : كان لا يكاد يفقه كلامه من شدة عجمته وكان يسمي الخشب خشبان.
رواه يعقوب بن إبراهيم ، عن معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان قال ابن قتيبة : أنا أنكر هذا الحديث ، لأنه وصف فيه شدة عجمة سلمان ، وأنه لم يكن يفقه كلامه ، وقد قدّمنا من كلامه ما يضارع كلام فصحاء العرب (٦).
__________________
(١) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام من طريق سليمان بن قرم ١ / ٥٥١.
(٢) كذا بالأصل وم ، والزيادة ح علامة التحويل عن م.
(٣) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٠ ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٠ ـ ٥٥١ من طريق شعبة.
(٤) الخبر في أخبار أصبهان ١ / ٥٥.
(٥) بالأصل «حبان» والصواب ما أثبت عن م.
(٦) وهذا ما ذهب إليه أيضا ابن الأثير فيما نقله عنه صاحب اللسان معقبا بعد ذكره الخبر. وقال الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٢ وذلك بعد ذكره الخبر عن عجمة سلمان ، وإنكار ابن قتيبة ذلك قال : قلت : وجود الفصاحة لا ينافي وجود العجمة في النطق ، كما أن وجود فصاحة النطق من كثير من العلماء غير محصل للأعراب.
فإن كان إنما استدل على عجمته بقوله للخشب خشبان ، وهذا في اللغة صحيح جيد ، وله مخرجان :
أحدهما أن يجعله جمعا لخشب فيكون جمع الجمع مثل جمل وجملان ، وسلق وسلقان ونحوه مما جاء على فعل ساكن العين سمن وسمنان ، وبطن وبطنان.
والمخرج الآخر : أن يجمع خشبة فيقول خشب ساكنة الشين ثم يزيد الألف والنون فتقول خشبان كما تقول سود ثم تقول سودان ، وحمر ثم تقول حمران ولا أدري ممن سمعت في صفة قتلى :
كأنهم بجنوب القاع خشبان (١)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا أبو بكر محمّد بن سهل التميمي ، نا عبد الرّزّاق ، أنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : دخل عبد الله بن مسعود ، وسعد على سلمان عند الموت؟ فبكى فقيل له : ما يبكيك يا أبا عبد الله أجزع من الموت قال : لا ولكن عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهدا لم نحفظه قال : ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب.
أخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عبد الله بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد ، نا محمّد بن تمام ، نا مؤمّل ـ هو ـ ابن اهاب ، نا عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال :
دخل سعد على سلمان يعوده فوجده يبكي ، قال : ما يبكيك أبا عبد الله ألست قد صحبت النبي صلىاللهعليهوسلم؟ ألست؟ ألست (٢)؟ قال : ما أبكاني صبابة الدنيا ولا كراهية الآخرة ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا عهدا فلا أراني إلّا قد تعدّيت ، قال : وما عهد إليكم؟ قال : عهد إلينا أن يكون زاد أحدنا من الدنيا كزاد الراكب ، وما أراني إلّا قد تعدّيت ، وأما أنت يا سعد فاتق الله في حكمك إذا حكمت ، وفي قسمك إذا قسمت.
__________________
(١) الشعر في اللسان بدون نسبة (اللسان : خشب).
(٢) استدركت عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.
أخبرناه عاليا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنا أبو القاسم طلحة بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصّار ، أنا أبو علي الحسن بن علي بن أحمد البغدادي ، نا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد الكريم الرازي ، نا أبو علي الحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، أنا عبد الرّزّاق بن همّام ، أنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : اشتكى سلمان فعاده سعد فرآه يبكي فقال له سعد : ما يبكيك يا أخي؟ ألست قد صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ألست؟ ألست؟ فقال : ما أبكاني واحدة من اثنتين ، ما أبكاني صبابة بالدنيا ، ولا كراهية للآخرة ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب ، فلا أراني إلّا قد تعديته ، وأما أنت يا سعد اتق الله وحده عند حكمك إذا حكمت ، وعند قسمك إذا قسمت ، وعند همك إذا هممت.
قال : [ثابت](١) فبلغني أنه ما ترك إلّا بضعة وعشرين درهما نفيقة كانت عنده.
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي قال : قرأت على القاضي أبي الحسن محمّد بن الحسن بن عتيق بن الرّوّاس ، وعلى الشيخ أبي محمّد علي بن زيد بن أحمد التّنّيسي ـ بتنيس ـ قلت لهما : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن يوسف بن نصر بن أحمد الشّيباني فيما قرئ عليه ، نا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلّاد ، نا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة التميمي ، نا معاوية بن عمرو ، نا زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان قال : دخل سعد على سلمان يعوده فقال له : أبشر أبا عبد الله مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنك راض ، وترد عليه الحوض ، قال : فقال سلمان : كيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«يكون بلغة أحدكم من الزاد مثل زاد الراكب حتى يلقاني» ولا أدري ما هذه الأساود حولي قال : فبكيا جميعا ثم قال له سعد : أوصني يا أبا عبد الله ، قال : اذكر الله عند همّك إذا اهتممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت (٢) [٤٨٥٠].
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، نا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمّد بن هارون الرّوياني ، نا محمّد بن المثنّى ، نا محمّد بن عمّار ، أنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان قال : دخل سعد
__________________
(١) زيادة عن م.
(٢) انظر حلية الأولياء ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦.
على سلمان يعوده فقال : أبشر يا أبا عبد الله توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنك راض ، ترد عليه الحوض ، فقال : كيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب حتى يلقاني» وما أدري ما هذه الأساود حولي ، قال : فبكيا جميعا ثم قال له سعد : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : اذكر الله عند همّك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت [٤٨٥١].
قال : ونا محمّد بن هارون ، نا محمّد بن إسحاق ، أخبرني أصبغ بن الفرج ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني أبو هانئ ، أخبرني أبو عبد الرّحمن الحبلي (١) ، عن عاصم (٢) بن عبد الله ، عن سلمان الخير : أنه حين حضره الموت عرفوا منه بعض الجزع ، فقالوا له : ما يجزعك يا أبا عبد الله؟ قال : كانت لي (٣) سابقة في الخير شهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مغازي حسنة وفتوحا عظاما ، قال : فحدّثني أن حبيبنا فارقنا عهد إلينا فقال : «ليكفي المؤمن منكم كزاد الراكب» ، فهذا الذي أحزنني فجميع قيمة متاعه خمسة عشر دينارا [٤٨٥٢].
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم ، نا أبي ، نا يحيى بن يحيى ، أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن أشياخه قال : دخل سعد على سلمان يعوده قال : فبكى ، فقال له سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض ، وتلقى أصحابك قال : فقال سلمان : أما إني لا أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا عهدا قال : «ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب» وحولي هذه الأساود ـ وإنما حوله إجانة (٤) وجفنة ومطهرة ، قال : فقال له سعد : يا أبا عبد الله أعهد إلينا بعهد نأخذ به بعدك ، قال : فقال : يا سعد اذكر الله
__________________
(١) بالأصل : «الجملي» والمثبت عن م ، وانظر حلية الأولياء ١ / ١٩٧ وهذه النسبة إلى بني الحبلي حي من اليمن من الأنصار كما في الأنساب وكتب محققه بحاشيته : ليس من بني الحبلي الأنصاريين ، إنما هو من المعافر.
(٢) في الحلية : عامر بن عبد الله.
(٣) كذا بالأصل ، والعبارة في حلية الأولياء ١ / ١٩٧ هي تتمة كلام المتحدثين مع سلمان وفيها : كانت لك سابقة ...
(٤) هي وعاء لغسل الثياب.
عند همّك إذا هممت ، وعند يدك إذا قسمت ، وعند حكمك إذا حكمت (١).
قال : وأنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السّماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا حجّاج بن المنهال ، نا حمّاد بن سلمة ، عن حميد وحبيب عن الحسن : أن سعدا دخل على سلمان فبكى فقيل له : يا أبا عبد الله ما يبكيك؟ قال : ما أبكي صبابة إليكم ولا رغبة في دنياكم ، ولكن أبكي على عهد عهده إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
«ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» (٢) [٤٨٥٣].
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو سعيد محمّد بن علي الخشّاب ، وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، قالا : أنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا أحمد بن عمرو القطراني (٣) ، وعبد الرّحمن بن خلف ، قالا : نا عمرو بن مرزوق ، نا زايدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان قال : دخل سعد على سلمان يعوده فقال : أبشر يا أبا عبد الله مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنك راض ، فقال سلمان : فكيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب حتى يلقاني» ولا أدري ما هذه الأساود حولي ، قال : فبكيا جميعا [٤٨٥٤].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن محمّد بن عبيد الله بن عبد الصمد ، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم ، نا محمّد بن سعيد بن عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا هلال بن العلاء ، نا أبي ، نا سليمان بن صهيب العطّار الرّقّي ، عن فرات بن سلمان ، عن سليمان عن الحسن قال :
أمّر سعد بن أبي وقاص على الكوفة وبها سلمان الخير قال : فخرج سعد يوما يسير على حمار له في السوق وعليه قميص سنبلانيّ (٤) فلقي سلمان ، فلما رآه مقبلا إليه بكى ،
__________________
(١) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦ من طريق أبي أحمد محمد بن أحمد بسنده عن أبي سفيان عن أشياخه.
(٢) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٩٦ وفيها : حمّاد بن سلمة عن حبيب عن الحسن ، وحميد عن مورق العجلي.
(٣) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٣ / ٥٠٦.
والقطراني ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى القطران وبيعه.
(٤) ثوب سنبلاني أي سابغ الطول ، قال ابن الأثير في النهاية : يقال ثوب سنبلاني ، وسنبل ثوبه إذا أسبله
فانتهى إليه سعد فسلّم عليه وقال : ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال : وما لي لا أبكي وقد سمعت نبي الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«يكفيك من الدنيا كزاد الراكب» وأرى عليك قميصا سنبلانيا ، وأنت على حمار؟
فقال له سعد : أوصني يا أبا عبد الله ، قال : اذكر ربك عند حكمك إذا حكمت ، واذكر الله عند قسمك إذا قسمت ، واتق الله في همّك إذا هممت قال : ثم قال الحسن : حلما حكما (١) ـ وفي نسخة أخرى : علما ـ ثم قال : اتق الله يا ابن آدم في همّك ، فإن كان همّ خير فامضه ، وإن كان همّ شرّ فدعه [٤٨٥٥].
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن صفوان ، نا عبد الله بن أبي الدنيا ، نا شريح وإسحاق بن إسماعيل قالا : نا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال :
لما حضرت سلمان الوفاة بكى فقيل له : ما يبكيك يا أبا عبد الله وأنت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ما أبكي جزعا على الدنيا ، ولكن عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلينا عهدا فتركنا عهده. عهد إلينا : أن تكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب ، فلما مات نظر فيما ترك فإذا قيمته ثلاثون درهما.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا هشيم ، أنا منصور بن زاذان ، عن الحسن قال :
لما حضر سلمان بكى ، فقالوا : ما يبكيك وأنت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : ما أبكي أسفا على الدنيا ، ولا رغبة فيها ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا عهدا فتركناه ، قال : «ليكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب» قال : فبلغ ما ترك بضعا (٢) وعشرين أو بضعا (٣) وثلاثين درهما [٤٨٥٦].
أخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن النّقّور ، أنا
__________________
وجرّه من خلفه أو أمامه. قال : قال الهروي : يحتمل أن يكون منسوبا إلى موضع من المواضع (النهاية : سنبل).
(١) كذا بالأصل وم.
(٢) كذا بالأصل وصوابه : بضعة.
(٣) كذا بالأصل وصوابه : بضعة.
عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا سريج بن يونس ، نا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال :
لما حضر سلمان الموت بكى فقيل له : ما يبكيك أبا عبد الله وأنت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : ما أبكي جزعا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا عهدا فتركنا عهده ، أن تكون (١) بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب ، فلما مات نظر فيما ترك فإذا نحو من قيمة ثلاثين درهما.
وأخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي ، نا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال :
لما احتضر سلمان بكى وقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا عهدا فتركنا عهده إلينا أن يكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب. قال : ثم نظر فيما ترك فإذا قيمة ما ترك بضعة وعشرين درهما أو بضعة وثلاثين درهما.
وأخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا أبو (٢) محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا إسماعيل بن إبراهيم ، نا يونس ، عن الحسن قال :
اشتكى سلمان فدخل عليه سعد يعوده فبكى سلمان فقال له : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : والله ما أبكي حبا للرجعة إليكم ، ولا حرصا على الدنيا. قالوا : فمه؟ قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا عهدا فلم انته إليه أنا ولا أنتم ، أما أنت أيها الأمين (٣) فاذكر الله عند همّك إذا هممت ، واذكر الله عند لسانك إذا حكمت ، واذكر الله عند يدك إذا قسمت ، قوموا عني.
وأخبرناه أعلى من هذا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسين بن علي ، أنا أبو الحسن بن المظفّر ، نا محمّد بن محمّد الباغندي ، نا شيبان ، نا جرير ، نا الحسن قال :
لما مرض سلمان الفارسي أتاه سعد بن أبي وقاص يعوده فبكى سلمان فقال له
__________________
(١) بالأصل : يكون.
(٢) سقطت من الأصل وكتبت فوق الكلام بين السطرين.
(٣) كذا بالأصل ، ولعله : الأمير ، كما سترد في الرواية التالية.
سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله قد صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكنت معه؟ فقال : والله ما أبكي جزعا على الدنيا ، ولا حرصا على الرجعة إليكم ، ولكني ذكرت عهدا عهده إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والله ما أرانا إلّا قد ضيعناه سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب» أما أنت أيها الأمير فاتّق الله في حكمك إذا حكمت ، وفي قسمك إذا قسمت ، وفي همّك إذا هممت قال الحسن : وهاهنا والله تزايد عما (١) كثيرا.
رواه أبو يعلى عن شيبان فقال : عن أبي الأشهب جعفر بن حيّان بدلا من جرير [٤٨٥٧].
أخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا شيبان ، نا أبو الأشهب ، نا الحسن قال :
لما نزل بسلمان الموت بكى فقيل له : ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال : أخشى ألّا نكون (٢) حفظنا وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان يقول : «ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب» [٤٨٥٨].
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا محمّد بن أبي عدي ، نا حميد الطويل ، عن مورّق العجلي (٣) عن بعض أصحابه ممن أدرك سلمان ، قال :
دخلنا على سلمان في وجعه الذي مات فيه فبكى ، فقلنا له : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : والله ما أبكي صبابة إليكم ، ولا ضنّا بصحبتكم ، ولكن أبكي لعهد عهده إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم نأخذ به ، قال : «ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب» فلم نرض (٤) بذلك حتى جمعنا ما ترون ، قال : فقلبنا أبصارنا في البيت فلم نر إلّا إكافا وفرطاطا. والفرطاط : البرذعة التي تكون تحت الإكاف.
أخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا إبراهيم السامي ، نا حمّاد ـ هو ـ ابن سلمة ، عن
__________________
(١) كذا بالأصل : «تزايد عما كثيرا» وفي م : «غما».
(٢) بالأصل : يكون.
(٣) ترجمته في سير الأعلام ٤ / ٣٥٣.
(٤) بالأصل : لم يرض.
علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيّب ، وعن حميد عن مورّق العجلي :
أن سعد بن مالك ، وعبد الله بن مسعود دخلا على سلمان يعودانه فبكى ، فقالا : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : عهد عهده إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يحفظه (١) أحد منا قال : «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» قال مورق : فنظروا في بيته فإذا إكاف ومرطاق (٢) قيمة عشرين درهما (٣) [٤٨٥٩].
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، نا أبو عمرو بن حمدان ، نا الحسن ـ هو ـ ابن سفيان ، نا علي بن حجر ، نا حمّاد بن عمرو ، عن سعيد بن معروف ، عن سعيد بن سوقة قال :
دخلنا على سلمان الفارسي نعوده وهو مبطون فأطلنا الجلوس عنده فشق عليه فقال لامرأته : ما فعلت بالمسك الذي جئنا به من بلنجر؟ (٥) فقالت : هو ذا ، قال : ألقيه في الماء ثم اضربي بعضه ببعض ، ثم انضحي حول فراشي فإنه الآن يأتينا قوم ليسوا بإنس ولا جنّ ففعلت ، وخرجنا عنه ثم أتيناه فوجدناه قد قبض.
أخبرناه أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا الفضيل بن يحيى ، أنا أبو محمّد بن أبي شريح ، أنا محمّد بن عقيل بن الأزهر ، نا الدّوري ، نا عبيد الله بن موسى ، أنا
شيبان ، عن فراس ، عن الشعبي [قال :]
حدّثني الحارث عن امرأة سلمان بقيرة أنها قالت لما حضره الموت : دعاني (٦) وهو في علية لها أربعة أبواب فقال : افتحي هذه الأبواب يا بقيرة فإن (٧) لي اليوم زوارا لا أدري من أيّ هذه الأبواب يدخلون علي ، ثم دعا بمسك فقال : أو خفيه (٨) في تور ففعلت
__________________
(١) بالأصل : يحفظ ، والمثبت عن الحلية.
(٢) كذا رسمها بالأصل.
(٣) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٩٦ بسنده عن سعيد المسيّب.
(٤) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٧.
(٥) بلنجر : مدينة ببلاد الخزر (ياقوت).
(٦) بالأصل : قال دعاني ، حذفنا «قال» فهي مقحمة.
(٧) بالأصل : «قال» ، والصواب ما أثبت عن سير الأعلام.
(٨) بالأصل : «أوجفيه» خطأ والصواب ما أثبت : وأوخفيه أي اضربيه بالماء ، وفي سير الأعلام : «أديفيه» وفي الحلية : أذيفيه (انظر اللسان والنهاية : وخف ـ ووف).
[قال :] ثم انضحيه حول فراشي ، ثم انزلي ، فامكثي ، فسوف تطلعي عليّ فتريني على فراشي ، فاطلعت إليه فإذا هو قد أخذ روحه ، فكأنه نائم على فراشه أو نحو من هذا (١).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أخبرني الأزهري ، نا عبد الرّحمن بن عمر الخلال ، نا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي قال : قد كان سلمان الفارسي نزل الكوفة في خلافة عثمان وتوفي بالمدائن وقبره هناك.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) قال في الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرا ولهم إسلام قديم منهم سلمان الفارسي.
أخبرنا محمّد بن عمر قال : توفي سلمان الفارسي في خلافة عمر (٤) بالمدائن. وبخط ابن حيّوية تحت عمر : عثمان بن عفان ، ولم يخط على عمر ، والصواب عثمان.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد قال : رأيت في كتاب محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر قال : توفي سلمان بالمدائن في خلافة عثمان ، وقال ابن زنجويه : بلغني أن سلمان توفي سنة ست وثلاثين (٥) قبل الجمل ، قال البغوي : وقد روى سلمان عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث صالحة.
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا علي بن أحمد بن البسري ، أنا أبو طاهر المخلّص ـ إجازة ـ نا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة ، أخبرني أبي ، حدّثني أبو عبيد القاسم بن سلّام قال : سنة ست وثلاثين توفي فيها سلمان بالمدائن (٦)
__________________
(١) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٨ ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٣ من طريق شيبان. وفي الحلية : عن الشعبي قال حدثني الجزل (كذا) بدل الحارث.
(٢) تاريخ بغداد ١ / ١٦٤.
(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ٩٣.
(٤) كذا ، وفي ابن سعد : «في خلافة عثمان» وهو الصواب وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب.
(٥) انظر سير الأعلام ١ / ٥٥٤ وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٧٠.
(٦) انظر سير الأعلام ١ / ٥٥٤ وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٧٠.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن زريق ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (١) : قد ذكرنا فيما تقدم القول بأن سلمان توفي في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان. أخبرنا علي بن محمّد السمسار ، أنا عبد الله بن عثمان الصفار ، نا عبد الباقي بن قانع أن سلمان توفي بالمدائن في سنة ست وثلاثين ، فعلى هذا القول كانت وفاته في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والله أعلم.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن أحمد ، أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط (٢) ، قال : سنة سبع وثلاثين فيها مات سلمان الفارسي.
أنبأنا أبو علي الحداد ، ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه.
ح وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) قالا : أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : سمعت جعفر بن أحمد بن فارس يقول : سمعت العباس بن يزيد يقول لمحمّد بن النعمان : يقول أهل العلم : عاش سلمان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة ، فأما [إلى] مائتين وخمسين فلا يشكون فيه.
قال أبو نعيم : وكان من المعمرين ، قيل إنه أدرك وصي عيسى بن مريم ، وأعطي علم الأول والآخر ، وقرأ الكتابين (٤).
__________________
(١) تاريخ بغداد ١ / ١٧١.
(٢) لم يرد اسمه فيمن مات سنة ٣٧ في تاريخ خليفة ، إنما ذكره خليفة فيمن مات سنة ٣٦ ، انظر صفحة ١٩٠ وقد ذكر خليفة في طبقاته ص ٣٣ أنه توفي سنة ٣٦ وقد نقل الذهبي في السير ١ / ٥٥٥ عن خليفة أنه قال توفي سلمان سنة ٣٧ ووهمه في ذلك. ونقل أيضا ابن حجر عن خليفة في تهذيب التهذيب مثل ذلك أيضا.
(٣) تاريخ بغداد ١ / ١٦٤.
(٤) عقب الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٥ على مختلف الأقوال في سنة قال : وقد فتشت فما ظفرت في سنة بشيء سوى قول البحراني (هو العباس بن يزيد ، تقدم قوله) وذلك منقطع لا إسناد له.
ومجموع أمره وأحواله ، وغزوه ، وهمّته وتصرفه ، وسفّه للجريد ، وأشياء مما تقدم ينبئ بأنه ليس بمعمر ولا هرم فقد فارق وطنه وهو حدث ، ولعله قدم الحجاز وله أربعون سنة أو أقل ، فلم ينشب أن سمع بمبعث النبي صلىاللهعليهوسلم ثم هاجر فلعله عاش بضعا وسبعين سنة ، وما أراه بلغ المائة وقد ذكرت في تاريخي الكبير (يعني تاريخ الإسلام) أنه عاش مائتين وخمسين سنة ، وأنا الساعة لا أرتضى ذلك ولا أصححه.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا أبو صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب أنه قال :
إن سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام التقيا فقال أحدهما لصاحبه : إن لقيت ربك قبلي فأخبرني ما ذا لقيت منه ، فقال أحدهما لصاحبه : أو يلقى الأحياء الأموات؟ قال :
نعم ، أما المؤمنون فإن أرواحهم في الجنة وهي تذهب حيث شاءت قال : فتوفي أحدهما قبل صاحبه فلقيه الحي في المنام فكأنه سأله ، فقال الميت : توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط ، سلمان مات قبل ابن سلام (١).
٢٦٠٠ ـ سلمان بن جعفر بن فلاح
أبو تميم (٢)
ولي إمرة دمشق من قبل المصريين يوم الاثنين لست بقيت من رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وكان قبل هذه الولاية قد بعثه الملقب بالعزيز إلى الشام في حال تغلب قسام على دمشق في سنة تسع وستين وثلاثمائة فنزل بظاهر دمشق (٣) ، ولم يمكنه دخول البلد ، وكتب قسام إلى الملقب بالعزيز أنه مقيم على طاعته فوردت رسل العزيز إلى سلمان بن فلاح يأمره بالرحيل عن دمشق ، فرحل عنها بعد أن أقام بها أشهرا ووليها أبو محمود المغربي ، ولم يكن له أيضا مع قسام أمر ، وولي سلمان بن جعفر بن فلاح دمشق مرة ثانية بعد ينجوتكين (٤) فأرسل أخاه علي بن فلاح فتسلم البلد ثم قدم سلمان وكان حسن السيرة على ما قيل ، فأقام على ظاهر البلد لا يأمر ولا ينهى حتى بلغه عزل ابن عمّار ، الذي كان يلي تدبير أمّ الملقب بالحاكم فعزله عن دمشق ، فرحل عنها يوم الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وولي جيش ابن
__________________
(١) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٥ ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٦ ـ ٥٥٧.
وقال الذهبي : مات سلمان قبل عبد الله بسنوات.
(٢) ترجمته في ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ص ٢٣ وما بعدها وفيه : سليمان بدل سلمان.
(٣) نزل في بستان الوزير بزقاق الرمان كما في ذيل تاريخ دمشق ص ٢٣.
(٤) في ابن القلانسي : منجوتكين.