تاريخ مدينة دمشق - ج ٢١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٥
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

تعمل لأحد ، اعمل كأنك ترى واعدد نفسك من الموتى (١).

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنا أبو طاهر محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، نا أبو العباس أحمد بن محمّد بن الحسين ، نا سليمان ـ يعني ابن المغيرة ـ نا حميد بن هلال قال : أوخي بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء ، قال : فسكن أبو الدرداء الشام ، وسكن سلمان الكوفة ، قال : فكتب أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي : سلام عليك ، أما بعد فإن الله رزقني بعدك مالا وولدا ، ونزلت الأرض المقدسة.

قال : فكتب إليه سلمان : سلام عليك ، أما بعد فإنك كتبت إن الله رزقك مالا وولدا ونزلت الأرض المقدسة ، واعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد ، ولكن الخير أن يعظم حلمك وأن ينفعك علمك ، وكتبت إنك نزلت الأرض المقدسة ، وأن الأرض المقدسة لا تعمل لأحد اعمل كأنك ترى ، واعدد نفسك في الموتى.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل ، أنا سعيد بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد بن أبي بكر الزهري ، نا مالك بن أنس (٢) ، عن يحيى بن سعيد :

أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي : أن هلمّ إلى الأرض المقدسة ، فكتب إليه سلمان : إن الأرض لا تقدس أحدا ، وإنما يقدس الإنسان عمله ، وقد بلغني أنه جعلت طبيبا ، فإن كنت تبرئ فنعما لك ، وإن كنت متطببا فاحذر أن تقتل إنسانا ، فتدخل النار ، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ، ثم أدبرا عنه نظر إليهما وقال : متطبب والله ، ارجعا إليّ أعيدا علي قصتكما.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٣) ، نا سليمان بن أحمد ، نا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، نا يحيى بن إبراهيم بن محمّد بن أبي عبيدة بن معن ، حدّثني أبي عن أبيه ، عن الأعمش ، عن أبي البختري قال : جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي

__________________

(١) نقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٤٨.

(٢) موطأ الإمام مالك ، جامع القضاة ح رقم ١٤٥٥ وحلية الأولياء ١ / ٢٠٥ ونقله الذهبي في السير ١ / ٥٤٩ من طريق مالك في الموطأ.

(٣) حلية الأولياء ١ / ٢٠١ ونقله الذهبي في السير ١ / ٥٤٩ من طريق أبي عبيدة بن معن.

٤٤١

إلى سلمان فدخلا عليه في خصّ في ناحية المدائن فأتياه فسلّما عليه وحيياه ثم قالا : [أنت سلمان الفارسي؟ قال : نعم ، قالا :](١) أنت صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : لا أدري ، فارتابا وقالا : لعله ليس الذي نريد. فقال لهما : أنا صاحبكما [الذي تريدان ، وقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجالسته ، وإنما صاحبه من دخل معه الجنة ، فما حاجتكما](٢) قالا : جئناك من عند أخ لك بالشام ، قال : من هو؟ قالا : أبو الدرداء ، قال : فأين هديته التي أرسل بها معكما ، قالا : ما أرسل معنا بهدية قال : اتقيا الله وأدّيا الأمانة ، ما جاءني أحد من عنده إلّا جاء معه بهدية ، قالا : لا ترفع علينا هذا إن لنا أموالا فاحتكم فيها ، قال : ما أريد أموالكما ولكن أريد الهدية التي بعث بها معكما. قالا : والله ما بعث معنا بشيء إلّا أنه قال : إن فيكم رجلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا خلا به لم يبغ أحدا غيره فإذا أتيتماه فاقرءاه مني السلام ، قال : فأي هدية كنت أريد منكما غير هذا ، وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمّد بن موسى ، قالا : نا أبو العباس الأصم ، نا الربيع بن سليمان ، نا أسد ، نا عدي بن الفضل ، عن حبيب الأعور ، عن أبي رجاء ، عن سلمان ، قال : الناس ثلاثة : سامع فعاقل [وسامع](٣) فتارك ، وسامع فعارف ، ومن الناس حامل داء ، ومنهم حامل شفاء ، ومن الناس من إذا ذكرت الله عنده أعاقك وأحب ذلك ، وإن نسيت ذكرك ، ومن الناس إن ذكرت الله عنده لم يغنك ، وإن نسيته لم يذكرك ، فتواضع لله وتخشع وخف الله يرفعك الله ، وقل سلاما للقريب والبعيد فإن سلام الله لا يناله الظالمون ، فإن رزقك علما فابتغ إليه كي تعلم مما علمك الله ، فإن مثل العالم الذي يعلم كمثل رجل حامل سراج على ظهر الطريق فكل من مرّ به يستبصر به ويدعو له بالبركة والخير ، وإن مثل علم لا يقال به كصنم نائم لا يأكل ولا يشرب ، زاد غير زاهر : وانّ مثل حكمة لا يخرج ككنز لا ينفع.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أحمد بن علي بن أبي عثمان ، أنا الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ،

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن حلية الأولياء ، والعبارة في الموضعين سقطت من الأصل وم.

(٢) زيادة لازمة للإيضاح عن م.

(٣) زيادة لازمة للإيضاح عن م.

٤٤٢

حدّثني محمّد بن عبد الحميد ، نا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال :

جاء رجل إلى سلمان فقال : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : لا تكلم (١) ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم. قال : فإن تكلمت فتكلم بحقّ أو اسكت ، قال : زدني ، قال : لا تغضب ، قال : أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملكه ، قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك ، قال : زدني ، قال : لا تلابس الناس ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم. قال : فإن لابستهم فاصدق الحديث وأدّ الأمانة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد السّميساطي ، أنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، نا علي بن محمّد الخراساني ، نا يونس بن عبد الأعلى ، نا سليم بن ميمون الخوّاص ، قال : وحدّثني غير واحد عن سفيان الثوري قال : قال سلمان الفارسي : إذا أظهرتم العلم وخزنتم العمل ، وتحاببتم بالألسن ، وتباغضتم بالقلوب لعنكم الله فأصمّكم ، وأعمى أبصاركم.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، أنا عمر بن إبراهيم بن أحمد ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو خيثمة ، نا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، حدّثني شيخ من عبس قال : صحبت سلمان فأردت أن أعينه ، وأتعلم منه ، وأن أخدمه قال : فجعلت لا أعمل شيئا إلّا عمل مثله قال : فانتهينا إلى دجلة وقد مدت وهي تطفح فقلنا : لو سقينا دوابنا قال : فسقيناها ثم بدا لي أن أشرب فشربت ، فلما رفعت رأسي قال لي سلمان : يا أخا بني عبس عد فاشرب قال : فعدت فشربت وما أريده إلّا كراهية أن أعصيه قال ؛ ثم قال لي : كم تراك نقصتها؟ قال : قلت : يرحمك الله وما عسى أن ينقصها شربي قال : فكذلك العلم تأخذه ولا تنقصه شيئا ، فعليك من العلم بما ينفعك.

أخبرتنا أمّ البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون ، نا أبو كريب ، نا يحيى بن آدم ، عن أبي بكر ، عن الأعمش ، عن غنيم بن قيس ، عن زاذان قال :

مرّ رجل على سلمان ومعه لحم فقال : أي شيء هذا؟ قال : لحم ، قال : أي شيء تصنع به؟ قال : آكله ، فقال : بالله تفكرت يوما قط لحم يأكل لحما.

__________________

(١) كذا ، والظاهر : تتكلم.

٤٤٣

وعن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، عن سلمان قال : مثل الرجل يلقى أخاه فيشكو إليه ، فيفرج عنه ، مثل اليدين تغسل (١) إحداهما الأخرى.

أخبرنا خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى بن علي ، أنا علي بن الحسن بن الحسين الخلعي ، أنا محمّد بن الفضل الفراء ، نا أحمد بن أبي الموت أبو بكر.

ح وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل بن نظيف (٢) المصري ـ بمكة ـ نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أبي الموت ـ إملاء ـ نا محمّد بن علي بن زيد الصائغ ، نا سعيد بن منصور ، نا حماد بن يحيى الأبح ، نا معاوية بن قرّة ، قال :

قال سلمان الفارسي : ثلاث أعجبتني (٣) حتى أضحكتني : مؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وضاحك لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم راض ، وثلاث أحزنني حتى أبكينني : فراق محمّد وحزبه ، ـ أو قال : فراق (٤) محمّد والأحبة ، شك حماد ـ وهول المطلع ، والوقوف بين يدي الله عزوجل ، لا أدري إلى جنة يؤمر بي أم ـ وقال الشّحّامي : أو ـ إلى نار.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، نا القاضي أبو عمر محمّد بن يوسف ، نا أحمد بن منصور ، نا أبو ظفر ، نا جعفر بن سليمان ، عن عون العقيلي ، عن بعض أصحابنا ، عن سلمان قال :

ثلاث أضحكنني وثلاث أبكينني ، فأما اللاتي أضحكنني فمؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وضاحك ملء فيه لا يدري أراض ربه عنه أو ساخط ، وأما الذي (٥) أبكينني : مفارقة الأحبة محمّد وحزبه ، وهول المطلع ، وموقفي غدا بين يدي الله عزوجل.

__________________

(١) بالأصل : يغسل.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٤٧٦.

(٣) كذا بالأصل وم ، والظاهر : أعجبنني حتى أضحكنني.

(٤) بالأصل : فواق ، خطأ. والمثبت عن م.

(٥) كذا بالأصل ، والظاهر : اللاتي.

٤٤٤

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا عبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي ، نا أحمد بن موسى الحافظ ، نا محمّد بن محمّد بن عبد الله المقرئ ، نا الحسين بن الكميت ، نا غسّان بن الربيع ، نا سليم (١) مولى الشعبي ، عن الشعبي ، عن سلمان قال :

أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث. فأما الذي أبكاني : فراق محمّد وحزبه ، وهول المطلع عند غمرات الموت ، وموقفي بين يدي الله عزوجل يوم يوم تكون السريرة علانية فلا أدري إلى النار أصير أم إلى الجنة ، والذي أضحكني : يؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس بمغفول عنه ، وضاحك ملء فيه فلا يدري أرضي‌الله‌عنه أم أسخطه (٢).

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن عبد الملك القرشي ، أنا محمّد بن المظفّر ، نا محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن إسحاق البصري ـ بالبصرة ـ نا سحبان بن زياد أبو سعيد ، نا علي بن عاصم ، عن حصين ، عن عامر ، وأبي وائل قالا :

سئل سليمان فقيل : يا أبا عبد الله وما الذي أحزنك؟ قال : فراق الأحبة محمّد وحزبه ، وهول المطلع ، والمقام بين يدي الله عزوجل ، أخاف أن يجعل سريرتي علانية.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو القاسم الحرفي (٣) ـ ببغداد ـ نا أحمد بن سليمان ، نا معاذ بن المثنّى ، نا عبد الله بن سوّار ، نا حمّاد ، أنا ثابت :

أن أبا الدرداء ذهب مع سليمان الفارسي يخطب عليه امرأة من بني ليث فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه ، وذكر بأنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة فقالوا : أما سلمان فلا نزوجه (٤) ولكنا نزوجك ، ثم خرج فقال يا أخي إنه قد كان شيء وإني لأستحي أن أذكره لك ، قال : وما ذاك؟ قال : فأخبره أبو الدرداء بالخبر ، فقال سلمان : أنا أحق أن أستحي

__________________

(١) ترجمته في ميزان الاعتدال ٢ / ٢٣٢.

(٢) انظر حلية الأولياء ١ / ٢٠٧.

(٣) ضبطت عن الأنساب ، واسمه : عبد الرّحمن بن عبيد الله بن عبد الله بن محمّد البغدادي الحربي الحرفي ، ترجمته في تاريخ بغداد ١٠ / ٣٠٣ وفي م : الحربي ، خطأ.

(٤) بالأصل : تزوجه ، والمثبت عن حلية الأولياء ١ / ٢٠٠.

٤٤٥

منك أن أخطبها وكان الله قضاها لك.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة ، أنا أبو جعفر بن دحيم ، نا إبراهيم بن عبد الله ، أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، والمغيرة بن شبل (١) ، عن طارق بن شهاب الأحمسي ، عن سلمان الفارسي قال :

إذا كان الليل كان الناس منه على ثلاثة (٢) منازل : فمنهم من له ولا عليه ، ومنهم من لا له ولا عليه ، ومنهم من عليه ولا له ، قال طارق : فعجبت لحداثة سني وقلة فهمي. فقلت : يا أبا عبد الله وكيف ذاك؟ قال : أما من له ولا عليه فرجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل ، [فتوضأ وصلّى ، فذاك له لا عليه ، ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل](٣) يمشي في معاصي الله عزوجل فذاك عليه ولا له ، ورجل نام حتى أصبح فذاك لا له ولا عليه.

قال طارق : فقلت : لأصحبن هذا فلا أفارقه ، فضرب على الناس بعث ، فخرج فيه فصحبته فكنت لا أفضله في عمل ، إن أنا عجنت خبز ، وإن خبزت طبخ. فنزلنا منزلا فبتنا فيه ، وكانت لي ساعة من الليل أقومها. فكنت أتيقظ لها فأجده نائما فأنام ، إلّا أنه كان إذا تعارّ من الليل قال وهو مضطجع : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، حتى إذا كان قبيل الصبح قام فتوضّأ ثم ركع ركعات ، فلما صلينا الفجر قلت : يا أبا عبد الله كانت لي ساعة من الليل أقومها وكنت أتيقظ لها فأجدك نائما فأقول صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خير مني نائم ، فأنام قال : يا ابن أخ فأيش كنت تسمعني أقول ، فأخبرته فقال : يا ابن أخ تلك الصلاة ، إن الصلوات (٤) الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنب

__________________

(١) شبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة ، ويقال بالتصغير البجلي الأحمسي ، أبو الطفيل ، قاله في تقريب التهذيب ، وفي حلية الأولياء ١ / ١٨٩ شبيل.

(٢) كذا بالأصل ، والظاهر : ثلاث باعتبار ما يلي ، فمنازل جمع منزلة.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل فاضطرب المعنى ، والزيادة المضافة لاستقامة المعنى عن م ، وانظر سير الأعلام ١ / ٥٥٠ وحلية الأولياء ١ / ١٩٠.

(٤) بالأصل : الصلاة ، والمثبت عن سير الأعلام.

٤٤٦

المقتل ، يا ابن أخ عليك بالقصد (١) فإنه أبلغ (٢).

كتب إليّ أبو بكر عبد الغفار بن محمّد الشيروي ، ثم حدّثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمّد بن أبي نصر عنه ، أنا أبو بكر الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، نا محمّد بن إسحاق الصّغاني ، نا معاوية بن عمر ، وعن أبي إسحاق ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن سعيد بن وهب قال :

دخلت مع سلمان على صديق له يعوده فقال : إن الله إذا ابتلى عبده المؤمن بشيء من البلاء ثم عافاه كان كفارة لما مضى ، ومستعينا (٣) فيما بقي ، وإن الفاجر إذا أصابه الله بشيء من البلاء ثم عافاه كان كالبعير عقله أهله ، ثم أطلقوه لا يدري فيما عقلوه ، ولا فيما أطلقوه (٤).

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وأبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، أنا عمر بن شبّة ، نا عبد الوهاب الثقفي ، ح قال : ونا سعدان بن يزيد البزار ، نا إسماعيل بن عليّة جميعا عن أيوب عن أبي قلابة :

أن رجلا دخل على سلمان وهو يعجن فقال : يا أبا عبد الله ما هذا؟ قال : بعثنا الخادم في عمل فكر هنا أن نجمع عليه عملين (٥).

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمّد الصفار ، نا أحمد بن منصور ، نا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة :

أن رجلا أتى سلمان الفارسي فوجده يعتجن (٦) فقال : أين الخادم؟ فقال : أرسلته

__________________

(١) تقرأ بالأصل : بالقصر ، والمثبت عن م ، وانظر سير الأعلام وحلية الأولياء.

(٢) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠ باختصار ، ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٤٩ ـ ٥٥٠ من طريق وكيع.

(٣) كذا ، وفي حلية الأولياء : فيستعتب فيما بقي.

(٤) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٧.

(٥) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٦) كذا بالأصل وم.

٤٤٧

في حاجة ، قال : لم يكن ليجتمع عليه شيئان (١) : أن نرسله ولا نكفيه عمله ، فقال له الرجل : إن أبا الدرداء يقرأ عليك السلام ، قال : متى قدمت قال : منذ ثلاث ، قال : أما إنك لو لم تؤدّها كانت أمانة عليك (٢).

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عثمان بن عمرو بن محمّد ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الرّحمن بن مهدي ، نا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب قال : قال سلمان : لأعد عراق (٣) قدري مخافة الظن بخادمي.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون النرسي (٤) ، نا محمّد بن إسماعيل الورّاق ، نا أبو محمّد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن حمّاد المدائني ، نا محمّد بن منصور الطوسي ، نا الحسين بن محمّد ـ يعني المروذي ـ.

وأخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن بن محمّد.

وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الحافظ ، أنا علي بن محمّد الأنباري ، قالا : أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا محمّد بن مخلد ، نا حاتم بن الليث ، نا حسين بن محمّد ، نا سليمان بن قرم (٥) ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ـ وفي حديث حاتم : عن شقيق (٦) ـ قال : ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان فقال : لو لا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهانا عن التكلّف لتكلّفت لكم. قال : ثم أتى ـ وفي حديث حاتم قال : فجاءنا ـ بخبز وملح ، فقال صاحبي : لو كان في ملحنا صعتر فبعث سلمان بمطهرته فرهنها فجاء بصعتر ، فلما أكلنا قال صاحبي : الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا ، فقال سلمان : لو قنعت لم تكن ـ وقال

__________________

(١) في حلية الأولياء : عملين ، أو قال : صنعتين.

(٢) في الحلية : كانت أمانة لم تؤدها.

(٣) بالأصل : عراف ، بالفاء خطأ والصواب : عراق بالقاف عن م.

وعراق جمع عرق ، وهو العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم.

(٤) تقرأ بالأصل القرشي ، خطأ والصواب ما أثبت عن م. وقد تقدم التعريف به.

(٥) قرم بفتح القاف وسكون الراء كما في التقريب ، وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٤١٨.

(٦) وهو شقيق بن سلمة ، أبو وائل الأسدي الكوفي ، ترجمته في سير الأعلام ٤ / ١٦١.

٤٤٨

الطوسي : ما كانت ـ مطهرتي مرهونة (١).

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنا أبو محمّد بن أبي شريح ، أنا (٢) ، [ح] وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قال : أنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا ـ وقال الفراوي : نا ـ شعبة ، عن عمرو بن مرّة قال : سمعت أبا البختري يحدث : أن سلمان دعا رجلا إلى طعامه فجاء مسكين فأخذ كسرة فناوله ، فقال سلمان : ضعها من حيث أخذتها ، فإنما دعوناك لتأكل فما رغبتك أن يكون الأجر لغيرك والوزر عليك (٣)؟.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ ، ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، أنا أبو محمّد بن حيّان (٥) ، نا محمّد بن العباس بن أيوب ، نا يعقوب الدّورقي ، نا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : كان لا يفقه كلامه من شدة عجمته ، وكان يسمي الخشب خشبان.

أنبأنا أبو طالب بن يوسف ، أنا إبراهيم بن عمر الفقيه.

ح وأخبرنا أبو المعمّر المبارك بن أحمد الأنصاري ، أنا المبارك بن عبد الجبار ، نا أبو محمّد بن قتيبة قال في حديث سلمان أن أبا عثمان ذكره فقال : كان لا يكاد يفقه كلامه من شدة عجمته وكان يسمي الخشب خشبان.

رواه يعقوب بن إبراهيم ، عن معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان قال ابن قتيبة : أنا أنكر هذا الحديث ، لأنه وصف فيه شدة عجمة سلمان ، وأنه لم يكن يفقه كلامه ، وقد قدّمنا من كلامه ما يضارع كلام فصحاء العرب (٦).

__________________

(١) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام من طريق سليمان بن قرم ١ / ٥٥١.

(٢) كذا بالأصل وم ، والزيادة ح علامة التحويل عن م.

(٣) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٠ ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٠ ـ ٥٥١ من طريق شعبة.

(٤) الخبر في أخبار أصبهان ١ / ٥٥.

(٥) بالأصل «حبان» والصواب ما أثبت عن م.

(٦) وهذا ما ذهب إليه أيضا ابن الأثير فيما نقله عنه صاحب اللسان معقبا بعد ذكره الخبر. وقال الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٢ وذلك بعد ذكره الخبر عن عجمة سلمان ، وإنكار ابن قتيبة ذلك قال : قلت : وجود الفصاحة لا ينافي وجود العجمة في النطق ، كما أن وجود فصاحة النطق من كثير من العلماء غير محصل للأعراب.

٤٤٩

فإن كان إنما استدل على عجمته بقوله للخشب خشبان ، وهذا في اللغة صحيح جيد ، وله مخرجان :

أحدهما أن يجعله جمعا لخشب فيكون جمع الجمع مثل جمل وجملان ، وسلق وسلقان ونحوه مما جاء على فعل ساكن العين سمن وسمنان ، وبطن وبطنان.

والمخرج الآخر : أن يجمع خشبة فيقول خشب ساكنة الشين ثم يزيد الألف والنون فتقول خشبان كما تقول سود ثم تقول سودان ، وحمر ثم تقول حمران ولا أدري ممن سمعت في صفة قتلى :

كأنهم بجنوب القاع خشبان (١)

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا أبو بكر محمّد بن سهل التميمي ، نا عبد الرّزّاق ، أنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : دخل عبد الله بن مسعود ، وسعد على سلمان عند الموت؟ فبكى فقيل له : ما يبكيك يا أبا عبد الله أجزع من الموت قال : لا ولكن عهد إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهدا لم نحفظه قال : ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب.

أخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عبد الله بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد ، نا محمّد بن تمام ، نا مؤمّل ـ هو ـ ابن اهاب ، نا عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال :

دخل سعد على سلمان يعوده فوجده يبكي ، قال : ما يبكيك أبا عبد الله ألست قد صحبت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ ألست؟ ألست (٢)؟ قال : ما أبكاني صبابة الدنيا ولا كراهية الآخرة ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا عهدا فلا أراني إلّا قد تعدّيت ، قال : وما عهد إليكم؟ قال : عهد إلينا أن يكون زاد أحدنا من الدنيا كزاد الراكب ، وما أراني إلّا قد تعدّيت ، وأما أنت يا سعد فاتق الله في حكمك إذا حكمت ، وفي قسمك إذا قسمت.

__________________

(١) الشعر في اللسان بدون نسبة (اللسان : خشب).

(٢) استدركت عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

٤٥٠

أخبرناه عاليا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنا أبو القاسم طلحة بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصّار ، أنا أبو علي الحسن بن علي بن أحمد البغدادي ، نا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد الكريم الرازي ، نا أبو علي الحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، أنا عبد الرّزّاق بن همّام ، أنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : اشتكى سلمان فعاده سعد فرآه يبكي فقال له سعد : ما يبكيك يا أخي؟ ألست قد صحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ ألست؟ ألست؟ فقال : ما أبكاني واحدة من اثنتين ، ما أبكاني صبابة بالدنيا ، ولا كراهية للآخرة ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب ، فلا أراني إلّا قد تعديته ، وأما أنت يا سعد اتق الله وحده عند حكمك إذا حكمت ، وعند قسمك إذا قسمت ، وعند همك إذا هممت.

قال : [ثابت](١) فبلغني أنه ما ترك إلّا بضعة وعشرين درهما نفيقة كانت عنده.

أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي قال : قرأت على القاضي أبي الحسن محمّد بن الحسن بن عتيق بن الرّوّاس ، وعلى الشيخ أبي محمّد علي بن زيد بن أحمد التّنّيسي ـ بتنيس ـ قلت لهما : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن يوسف بن نصر بن أحمد الشّيباني فيما قرئ عليه ، نا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلّاد ، نا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة التميمي ، نا معاوية بن عمرو ، نا زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان قال : دخل سعد على سلمان يعوده فقال له : أبشر أبا عبد الله مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عنك راض ، وترد عليه الحوض ، قال : فقال سلمان : كيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«يكون بلغة أحدكم من الزاد مثل زاد الراكب حتى يلقاني» ولا أدري ما هذه الأساود حولي قال : فبكيا جميعا ثم قال له سعد : أوصني يا أبا عبد الله ، قال : اذكر الله عند همّك إذا اهتممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت (٢) [٤٨٥٠].

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، نا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمّد بن هارون الرّوياني ، نا محمّد بن المثنّى ، نا محمّد بن عمّار ، أنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان قال : دخل سعد

__________________

(١) زيادة عن م.

(٢) انظر حلية الأولياء ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦.

٤٥١

على سلمان يعوده فقال : أبشر يا أبا عبد الله توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عنك راض ، ترد عليه الحوض ، فقال : كيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب حتى يلقاني» وما أدري ما هذه الأساود حولي ، قال : فبكيا جميعا ثم قال له سعد : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : اذكر الله عند همّك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت [٤٨٥١].

قال : ونا محمّد بن هارون ، نا محمّد بن إسحاق ، أخبرني أصبغ بن الفرج ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني أبو هانئ ، أخبرني أبو عبد الرّحمن الحبلي (١) ، عن عاصم (٢) بن عبد الله ، عن سلمان الخير : أنه حين حضره الموت عرفوا منه بعض الجزع ، فقالوا له : ما يجزعك يا أبا عبد الله؟ قال : كانت لي (٣) سابقة في الخير شهدت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مغازي حسنة وفتوحا عظاما ، قال : فحدّثني أن حبيبنا فارقنا عهد إلينا فقال : «ليكفي المؤمن منكم كزاد الراكب» ، فهذا الذي أحزنني فجميع قيمة متاعه خمسة عشر دينارا [٤٨٥٢].

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم ، نا أبي ، نا يحيى بن يحيى ، أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن أشياخه قال : دخل سعد على سلمان يعوده قال : فبكى ، فقال له سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض ، وتلقى أصحابك قال : فقال سلمان : أما إني لا أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا عهدا قال : «ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب» وحولي هذه الأساود ـ وإنما حوله إجانة (٤) وجفنة ومطهرة ، قال : فقال له سعد : يا أبا عبد الله أعهد إلينا بعهد نأخذ به بعدك ، قال : فقال : يا سعد اذكر الله

__________________

(١) بالأصل : «الجملي» والمثبت عن م ، وانظر حلية الأولياء ١ / ١٩٧ وهذه النسبة إلى بني الحبلي حي من اليمن من الأنصار كما في الأنساب وكتب محققه بحاشيته : ليس من بني الحبلي الأنصاريين ، إنما هو من المعافر.

(٢) في الحلية : عامر بن عبد الله.

(٣) كذا بالأصل ، والعبارة في حلية الأولياء ١ / ١٩٧ هي تتمة كلام المتحدثين مع سلمان وفيها : كانت لك سابقة ...

(٤) هي وعاء لغسل الثياب.

٤٥٢

عند همّك إذا هممت ، وعند يدك إذا قسمت ، وعند حكمك إذا حكمت (١).

قال : وأنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السّماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا حجّاج بن المنهال ، نا حمّاد بن سلمة ، عن حميد وحبيب عن الحسن : أن سعدا دخل على سلمان فبكى فقيل له : يا أبا عبد الله ما يبكيك؟ قال : ما أبكي صبابة إليكم ولا رغبة في دنياكم ، ولكن أبكي على عهد عهده إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» (٢) [٤٨٥٣].

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو سعيد محمّد بن علي الخشّاب ، وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، قالا : أنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا أحمد بن عمرو القطراني (٣) ، وعبد الرّحمن بن خلف ، قالا : نا عمرو بن مرزوق ، نا زايدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان قال : دخل سعد على سلمان يعوده فقال : أبشر يا أبا عبد الله مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عنك راض ، فقال سلمان : فكيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب حتى يلقاني» ولا أدري ما هذه الأساود حولي ، قال : فبكيا جميعا [٤٨٥٤].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن محمّد بن عبيد الله بن عبد الصمد ، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم ، نا محمّد بن سعيد بن عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا هلال بن العلاء ، نا أبي ، نا سليمان بن صهيب العطّار الرّقّي ، عن فرات بن سلمان ، عن سليمان عن الحسن قال :

أمّر سعد بن أبي وقاص على الكوفة وبها سلمان الخير قال : فخرج سعد يوما يسير على حمار له في السوق وعليه قميص سنبلانيّ (٤) فلقي سلمان ، فلما رآه مقبلا إليه بكى ،

__________________

(١) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦ من طريق أبي أحمد محمد بن أحمد بسنده عن أبي سفيان عن أشياخه.

(٢) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٩٦ وفيها : حمّاد بن سلمة عن حبيب عن الحسن ، وحميد عن مورق العجلي.

(٣) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٣ / ٥٠٦.

والقطراني ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى القطران وبيعه.

(٤) ثوب سنبلاني أي سابغ الطول ، قال ابن الأثير في النهاية : يقال ثوب سنبلاني ، وسنبل ثوبه إذا أسبله

٤٥٣

فانتهى إليه سعد فسلّم عليه وقال : ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال : وما لي لا أبكي وقد سمعت نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«يكفيك من الدنيا كزاد الراكب» وأرى عليك قميصا سنبلانيا ، وأنت على حمار؟

فقال له سعد : أوصني يا أبا عبد الله ، قال : اذكر ربك عند حكمك إذا حكمت ، واذكر الله عند قسمك إذا قسمت ، واتق الله في همّك إذا هممت قال : ثم قال الحسن : حلما حكما (١) ـ وفي نسخة أخرى : علما ـ ثم قال : اتق الله يا ابن آدم في همّك ، فإن كان همّ خير فامضه ، وإن كان همّ شرّ فدعه [٤٨٥٥].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن صفوان ، نا عبد الله بن أبي الدنيا ، نا شريح وإسحاق بن إسماعيل قالا : نا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال :

لما حضرت سلمان الوفاة بكى فقيل له : ما يبكيك يا أبا عبد الله وأنت صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ما أبكي جزعا على الدنيا ، ولكن عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلينا عهدا فتركنا عهده. عهد إلينا : أن تكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب ، فلما مات نظر فيما ترك فإذا قيمته ثلاثون درهما.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا هشيم ، أنا منصور بن زاذان ، عن الحسن قال :

لما حضر سلمان بكى ، فقالوا : ما يبكيك وأنت صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : ما أبكي أسفا على الدنيا ، ولا رغبة فيها ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا عهدا فتركناه ، قال : «ليكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب» قال : فبلغ ما ترك بضعا (٢) وعشرين أو بضعا (٣) وثلاثين درهما [٤٨٥٦].

أخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن النّقّور ، أنا

__________________

وجرّه من خلفه أو أمامه. قال : قال الهروي : يحتمل أن يكون منسوبا إلى موضع من المواضع (النهاية : سنبل).

(١) كذا بالأصل وم.

(٢) كذا بالأصل وصوابه : بضعة.

(٣) كذا بالأصل وصوابه : بضعة.

٤٥٤

عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا سريج بن يونس ، نا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال :

لما حضر سلمان الموت بكى فقيل له : ما يبكيك أبا عبد الله وأنت صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال : ما أبكي جزعا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا عهدا فتركنا عهده ، أن تكون (١) بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب ، فلما مات نظر فيما ترك فإذا نحو من قيمة ثلاثين درهما.

وأخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي ، نا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال :

لما احتضر سلمان بكى وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا عهدا فتركنا عهده إلينا أن يكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب. قال : ثم نظر فيما ترك فإذا قيمة ما ترك بضعة وعشرين درهما أو بضعة وثلاثين درهما.

وأخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا أبو (٢) محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا إسماعيل بن إبراهيم ، نا يونس ، عن الحسن قال :

اشتكى سلمان فدخل عليه سعد يعوده فبكى سلمان فقال له : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : والله ما أبكي حبا للرجعة إليكم ، ولا حرصا على الدنيا. قالوا : فمه؟ قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلينا عهدا فلم انته إليه أنا ولا أنتم ، أما أنت أيها الأمين (٣) فاذكر الله عند همّك إذا هممت ، واذكر الله عند لسانك إذا حكمت ، واذكر الله عند يدك إذا قسمت ، قوموا عني.

وأخبرناه أعلى من هذا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسين بن علي ، أنا أبو الحسن بن المظفّر ، نا محمّد بن محمّد الباغندي ، نا شيبان ، نا جرير ، نا الحسن قال :

لما مرض سلمان الفارسي أتاه سعد بن أبي وقاص يعوده فبكى سلمان فقال له

__________________

(١) بالأصل : يكون.

(٢) سقطت من الأصل وكتبت فوق الكلام بين السطرين.

(٣) كذا بالأصل ، ولعله : الأمير ، كما سترد في الرواية التالية.

٤٥٥

سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله قد صحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكنت معه؟ فقال : والله ما أبكي جزعا على الدنيا ، ولا حرصا على الرجعة إليكم ، ولكني ذكرت عهدا عهده إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والله ما أرانا إلّا قد ضيعناه سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب» أما أنت أيها الأمير فاتّق الله في حكمك إذا حكمت ، وفي قسمك إذا قسمت ، وفي همّك إذا هممت قال الحسن : وهاهنا والله تزايد عما (١) كثيرا.

رواه أبو يعلى عن شيبان فقال : عن أبي الأشهب جعفر بن حيّان بدلا من جرير [٤٨٥٧].

أخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا شيبان ، نا أبو الأشهب ، نا الحسن قال :

لما نزل بسلمان الموت بكى فقيل له : ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال : أخشى ألّا نكون (٢) حفظنا وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان يقول : «ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب» [٤٨٥٨].

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا محمّد بن أبي عدي ، نا حميد الطويل ، عن مورّق العجلي (٣) عن بعض أصحابه ممن أدرك سلمان ، قال :

دخلنا على سلمان في وجعه الذي مات فيه فبكى ، فقلنا له : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : والله ما أبكي صبابة إليكم ، ولا ضنّا بصحبتكم ، ولكن أبكي لعهد عهده إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم نأخذ به ، قال : «ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب» فلم نرض (٤) بذلك حتى جمعنا ما ترون ، قال : فقلبنا أبصارنا في البيت فلم نر إلّا إكافا وفرطاطا. والفرطاط : البرذعة التي تكون تحت الإكاف.

أخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا إبراهيم السامي ، نا حمّاد ـ هو ـ ابن سلمة ، عن

__________________

(١) كذا بالأصل : «تزايد عما كثيرا» وفي م : «غما».

(٢) بالأصل : يكون.

(٣) ترجمته في سير الأعلام ٤ / ٣٥٣.

(٤) بالأصل : لم يرض.

٤٥٦

علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيّب ، وعن حميد عن مورّق العجلي :

أن سعد بن مالك ، وعبد الله بن مسعود دخلا على سلمان يعودانه فبكى ، فقالا : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : عهد عهده إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يحفظه (١) أحد منا قال : «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» قال مورق : فنظروا في بيته فإذا إكاف ومرطاق (٢) قيمة عشرين درهما (٣) [٤٨٥٩].

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، نا أبو عمرو بن حمدان ، نا الحسن ـ هو ـ ابن سفيان ، نا علي بن حجر ، نا حمّاد بن عمرو ، عن سعيد بن معروف ، عن سعيد بن سوقة قال :

دخلنا على سلمان الفارسي نعوده وهو مبطون فأطلنا الجلوس عنده فشق عليه فقال لامرأته : ما فعلت بالمسك الذي جئنا به من بلنجر؟ (٥) فقالت : هو ذا ، قال : ألقيه في الماء ثم اضربي بعضه ببعض ، ثم انضحي حول فراشي فإنه الآن يأتينا قوم ليسوا بإنس ولا جنّ ففعلت ، وخرجنا عنه ثم أتيناه فوجدناه قد قبض.

أخبرناه أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا الفضيل بن يحيى ، أنا أبو محمّد بن أبي شريح ، أنا محمّد بن عقيل بن الأزهر ، نا الدّوري ، نا عبيد الله بن موسى ، أنا

شيبان ، عن فراس ، عن الشعبي [قال :]

حدّثني الحارث عن امرأة سلمان بقيرة أنها قالت لما حضره الموت : دعاني (٦) وهو في علية لها أربعة أبواب فقال : افتحي هذه الأبواب يا بقيرة فإن (٧) لي اليوم زوارا لا أدري من أيّ هذه الأبواب يدخلون علي ، ثم دعا بمسك فقال : أو خفيه (٨) في تور ففعلت

__________________

(١) بالأصل : يحفظ ، والمثبت عن الحلية.

(٢) كذا رسمها بالأصل.

(٣) الخبر في حلية الأولياء ١ / ١٩٦ بسنده عن سعيد المسيّب.

(٤) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٧.

(٥) بلنجر : مدينة ببلاد الخزر (ياقوت).

(٦) بالأصل : قال دعاني ، حذفنا «قال» فهي مقحمة.

(٧) بالأصل : «قال» ، والصواب ما أثبت عن سير الأعلام.

(٨) بالأصل : «أوجفيه» خطأ والصواب ما أثبت : وأوخفيه أي اضربيه بالماء ، وفي سير الأعلام : «أديفيه» وفي الحلية : أذيفيه (انظر اللسان والنهاية : وخف ـ ووف).

٤٥٧

[قال :] ثم انضحيه حول فراشي ، ثم انزلي ، فامكثي ، فسوف تطلعي عليّ فتريني على فراشي ، فاطلعت إليه فإذا هو قد أخذ روحه ، فكأنه نائم على فراشه أو نحو من هذا (١).

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أخبرني الأزهري ، نا عبد الرّحمن بن عمر الخلال ، نا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي قال : قد كان سلمان الفارسي نزل الكوفة في خلافة عثمان وتوفي بالمدائن وقبره هناك.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) قال في الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرا ولهم إسلام قديم منهم سلمان الفارسي.

أخبرنا محمّد بن عمر قال : توفي سلمان الفارسي في خلافة عمر (٤) بالمدائن. وبخط ابن حيّوية تحت عمر : عثمان بن عفان ، ولم يخط على عمر ، والصواب عثمان.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد قال : رأيت في كتاب محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر قال : توفي سلمان بالمدائن في خلافة عثمان ، وقال ابن زنجويه : بلغني أن سلمان توفي سنة ست وثلاثين (٥) قبل الجمل ، قال البغوي : وقد روى سلمان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث صالحة.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا علي بن أحمد بن البسري ، أنا أبو طاهر المخلّص ـ إجازة ـ نا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة ، أخبرني أبي ، حدّثني أبو عبيد القاسم بن سلّام قال : سنة ست وثلاثين توفي فيها سلمان بالمدائن (٦)

__________________

(١) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٨ ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٣ من طريق شيبان. وفي الحلية : عن الشعبي قال حدثني الجزل (كذا) بدل الحارث.

(٢) تاريخ بغداد ١ / ١٦٤.

(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ٩٣.

(٤) كذا ، وفي ابن سعد : «في خلافة عثمان» وهو الصواب وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب.

(٥) انظر سير الأعلام ١ / ٥٥٤ وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٧٠.

(٦) انظر سير الأعلام ١ / ٥٥٤ وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٧٠.

٤٥٨

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن زريق ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (١) : قد ذكرنا فيما تقدم القول بأن سلمان توفي في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان. أخبرنا علي بن محمّد السمسار ، أنا عبد الله بن عثمان الصفار ، نا عبد الباقي بن قانع أن سلمان توفي بالمدائن في سنة ست وثلاثين ، فعلى هذا القول كانت وفاته في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والله أعلم.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن أحمد ، أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط (٢) ، قال : سنة سبع وثلاثين فيها مات سلمان الفارسي.

أنبأنا أبو علي الحداد ، ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه.

ح وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) قالا : أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : سمعت جعفر بن أحمد بن فارس يقول : سمعت العباس بن يزيد يقول لمحمّد بن النعمان : يقول أهل العلم : عاش سلمان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة ، فأما [إلى] مائتين وخمسين فلا يشكون فيه.

قال أبو نعيم : وكان من المعمرين ، قيل إنه أدرك وصي عيسى بن مريم ، وأعطي علم الأول والآخر ، وقرأ الكتابين (٤).

__________________

(١) تاريخ بغداد ١ / ١٧١.

(٢) لم يرد اسمه فيمن مات سنة ٣٧ في تاريخ خليفة ، إنما ذكره خليفة فيمن مات سنة ٣٦ ، انظر صفحة ١٩٠ وقد ذكر خليفة في طبقاته ص ٣٣ أنه توفي سنة ٣٦ وقد نقل الذهبي في السير ١ / ٥٥٥ عن خليفة أنه قال توفي سلمان سنة ٣٧ ووهمه في ذلك. ونقل أيضا ابن حجر عن خليفة في تهذيب التهذيب مثل ذلك أيضا.

(٣) تاريخ بغداد ١ / ١٦٤.

(٤) عقب الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٥ على مختلف الأقوال في سنة قال : وقد فتشت فما ظفرت في سنة بشيء سوى قول البحراني (هو العباس بن يزيد ، تقدم قوله) وذلك منقطع لا إسناد له.

ومجموع أمره وأحواله ، وغزوه ، وهمّته وتصرفه ، وسفّه للجريد ، وأشياء مما تقدم ينبئ بأنه ليس بمعمر ولا هرم فقد فارق وطنه وهو حدث ، ولعله قدم الحجاز وله أربعون سنة أو أقل ، فلم ينشب أن سمع بمبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم هاجر فلعله عاش بضعا وسبعين سنة ، وما أراه بلغ المائة وقد ذكرت في تاريخي الكبير (يعني تاريخ الإسلام) أنه عاش مائتين وخمسين سنة ، وأنا الساعة لا أرتضى ذلك ولا أصححه.

٤٥٩

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا أبو صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب أنه قال :

إن سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام التقيا فقال أحدهما لصاحبه : إن لقيت ربك قبلي فأخبرني ما ذا لقيت منه ، فقال أحدهما لصاحبه : أو يلقى الأحياء الأموات؟ قال :

نعم ، أما المؤمنون فإن أرواحهم في الجنة وهي تذهب حيث شاءت قال : فتوفي أحدهما قبل صاحبه فلقيه الحي في المنام فكأنه سأله ، فقال الميت : توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط ، سلمان مات قبل ابن سلام (١).

٢٦٠٠ ـ سلمان بن جعفر بن فلاح

أبو تميم (٢)

ولي إمرة دمشق من قبل المصريين يوم الاثنين لست بقيت من رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وكان قبل هذه الولاية قد بعثه الملقب بالعزيز إلى الشام في حال تغلب قسام على دمشق في سنة تسع وستين وثلاثمائة فنزل بظاهر دمشق (٣) ، ولم يمكنه دخول البلد ، وكتب قسام إلى الملقب بالعزيز أنه مقيم على طاعته فوردت رسل العزيز إلى سلمان بن فلاح يأمره بالرحيل عن دمشق ، فرحل عنها بعد أن أقام بها أشهرا ووليها أبو محمود المغربي ، ولم يكن له أيضا مع قسام أمر ، وولي سلمان بن جعفر بن فلاح دمشق مرة ثانية بعد ينجوتكين (٤) فأرسل أخاه علي بن فلاح فتسلم البلد ثم قدم سلمان وكان حسن السيرة على ما قيل ، فأقام على ظاهر البلد لا يأمر ولا ينهى حتى بلغه عزل ابن عمّار ، الذي كان يلي تدبير أمّ الملقب بالحاكم فعزله عن دمشق ، فرحل عنها يوم الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وولي جيش ابن

__________________

(١) الخبر في حلية الأولياء ١ / ٢٠٥ ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٥٦ ـ ٥٥٧.

وقال الذهبي : مات سلمان قبل عبد الله بسنوات.

(٢) ترجمته في ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ص ٢٣ وما بعدها وفيه : سليمان بدل سلمان.

(٣) نزل في بستان الوزير بزقاق الرمان كما في ذيل تاريخ دمشق ص ٢٣.

(٤) في ابن القلانسي : منجوتكين.

٤٦٠