تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

[عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد (١) ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن طعام أهل الكتاب وما يحلّ منه؟ قال : الحبوب.](٢).

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٣) ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَطَعامُ) (الآية) قال : الحبوب والبقول.

أبو عليّ الأشعريّ : عن محمّد بن عبد الجبّار (٤) ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ ما تقول في طعام أهل الكتاب؟ فقال : لا تأكله. ثمّ سكت هنيئة ، ثمّ قال : لا تأكله. ثمّ سكت هنيئة وقال : لا تأكله ، ولا تتركه تقول : إنّه حرام. ولكن تتركه تنزّها عنه ، إنّ في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير.

وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) قال : العدس والحبوب وأشباه ذلك ، يعني : أهل الكتاب.

(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) : فلا عليكم أن تبيعوه منهم وتطعموهم.

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) : وأحلّ لكم العقد على العفائف من المؤمنات.

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) قال : هنّ المسلمات.

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) :

__________________

(١) نفس المصدر ٦ / ٢٦٣ ، ح ١.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) نفس المصدر ٦ / ٢٦٤ ، ح ٦.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٩.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٢٩٥ ، ح ٣٦.

(٦) نفس المصدر ١ / ٢٣٥ ، ح ٩٢.

٤١

في من لا يحضره الفقيه (١) وسئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ).

قال : هنّ ذوات الأزواج.

قال : قلت : وما (الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)؟

قال : هنّ العفائف.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن مسعدة بن صدقة قال : سئل أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ). قال : نسختها (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ).

وفي الكافي (٣) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن الحسن بن الجهم قال : قال لي أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ : يا أبا محمّد ، ما تقول في رجل تزوّج نصرانيّة على مسلمة؟

قلت : جعلت فداك ، وما قولي بين يديك؟

قال : تقولنّ ، فإنّ ذلك يعلم به قولي. قلت : لا يجوز تزويج النّصرانيّة على مسلمة ولا غير مسلمة.

قال : لم؟

قلت : لقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ).

قال : فما تقول في هذه الآية : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ).

قلت : فقوله (٤) : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) نسخت هذه الآية. فتبسّم ثمّ سكت.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٧٦ ، ح ١٣١٣.

(٢) لم نعثر على هذا الحديث في العياشي. ولكن عنه في تفسير البرهان ١ / ٤٤٩ ، ح ١٢. والظاهر أنّه ساقط من نسخة العياشي.

(٣) الكافي ٥ / ٣٥٧ ، ح ٦.

(٤) البقرة / ٢٢١.

٤٢

عليّ بن إبراهيم : عن ابن محبوب (١) ، عن عليّ بن رئاب ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟ فقال : هذه منسوخة بقوله (٢) : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ).

وفي الكافي (٣) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن أحمد بن عمر ، عن درست الواسطيّ ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لا ينبغي نكاح أهل الكتاب.

قلت : جعلت فداك ، وأين تحريمه؟

قال : قوله (٤) : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ).

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٥) ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب وغيره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في الرّجل المؤمن يتزوّج اليهوديّة والنّصرانيّة؟

قال : إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنّصرانيّة.

فقلت له : يكون له فيها هوى.

فقال : إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، واعلم أنّ عليه في دينه غضاضة.

والجمع بين تلك الأخبار ، الدّالّ بعضها على نسخ نكاح أهل الكتاب ، والدّالّ بعضها على عدم ابتغاء نكاحها ، والدّالّ بعضها على الجواز إذا كان له فيها هوى ، حمل النّسخ على نسخ الإباحة وبقاء الجواز بالمعنى الأعمّ ، فيجتمع مع عدم الانبغاء والجواز مع الهوى. وينبغي حمل الجواز على جواز النّكاح بالمتعة دون العقد الدّائم ، كما يدلّ عليه الخبر الأخير بالفحوى. لأنّ منع الخمر من الكافرة لا يكون دائما. وهذا طريق آخر للجميع. فالمنسوخ عقدهنّ دواما. والجائز نكاحهنّ متعة.

وفي قوله : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) : دلالة على هذا الأخير ، لأنّ المتبادر من الأجور مهر المتعة ، لأنّهنّ مستأجرات كما في الخبر.

__________________

(١) نفس المصدر ٥ / ٣٥٨ ، ح ٨.

(٢) الممتحنة / ١٠.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٧.

(٤) الممتحنة / ١٠.

(٥) نفس المصدر ٥ / ٣٥٦ ، ح ١.

٤٣

(مُحْصِنِينَ) : أعفّاء.

(غَيْرَ مُسافِحِينَ) : غير مجاهرين بالزّنا.

(وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) : مسرّين به.

و «الخدن» الصدّيق. يقع على الذّكر والأنثى.

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٥) :

يريد بالإيمان ، شرائع الإسلام. وبالكفر به ، إنكاره.

في أصول الكافي (١) : الحسين بن محمّد بن معلى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟ قال : ترك العمل الّذي أقرّ به ، من ذلك أن يترك الصّلاة من غير سقم ولا شغل.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟

فقال : [من] (٣) ترك العمل الّذي أقرّ به.

قلت : فما موضع ترك العمل حتّى يدعه أجمع؟

قال : منه الّذي يدع الصّلاة متعمّدا لا من سكر ولا من علّة.

[وأمّا ما رواه في أصول الكافي (٤) : «عن عليّ بن إبراهيم ، عن ابن محبوب وغيره ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه فأصابته (٥) فتنة فكفر ثمّ تاب بعد كفره ، كتب له وحسب بكلّ شيء عمله في إيمانه ولا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره»

فالمراد بالكفر المذكور فيه ، هو شعب الإيمان المذكور في الجزء الأوّل ، على أنّ الزّاني لا يزني وهو مؤمن والسّارق لا يسرق وهو مؤمن ، وهو لا يقتضي حبط باقي الأعمال ، ويزول بالتّوبة والشّرك.] (٦)

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٣٨٤ ، ح ٥.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٣٨٧ ، ح ١٢.

(٣) من المصدر.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٤٦١ ، ح ١.

(٥) المصدر : ثم أصابته.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٤٤

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) قال : من آمن ثمّ أطاع أهل الشّرك ، فقد حبط عمله وكفر بالإيمان وهو في الآخرة من الخاسرين.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن أبان بن عبد الرّحمن قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : أدنى ما يخرج به الرّجل من الإسلام ، أن يرى الرّأي بخلاف الحقّ فيقيم عليه. قال : ومن يكفر بالإيمان ، فقد حبط عمله. وقال : الّذي يكفر بالإيمان ، الّذي لا يعمل بما أمر الله ولا يرضى به.

عن محمّد بن مسلم (٣) ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في هذه الآية قال : هو ترك العمل حتّى يدعه أجمع. قال : منه الّذي يدع الصّلاة متعمّدا لا من شغل ولا من سكر ، يعني : النّوم.

عن جابر (٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : يعني : ولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ.

عن هارون بن خارجة (٥) قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟

قال : فقال : من ذلك ما اشتقّ فيه زرارة [بن أعين] (٦) وأبو حنيفة.

وفي بصائر الدّرجات (٧) : عن عبد الله بن عامر ، عن أبي عبد الله البرقي (٨) ، عن الحسين بن عثمان (٩) ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟

قال : تفسيرها في بطن القرآن : من يكفر بولاية عليّ ، وعليّ هو الإيمان.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) :

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٣.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٢٩٧ ، ح ٤٢.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٤٣.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٤٤.

(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ٤٥.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) بصائر الدرجات ٢ / ٧٧ ، ح ٥.

(٨) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : «أبي عبد الله الرقي». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ١١٣ ، رقم ١٠٦٥٩.

(٩) هكذا في المصدر وفي النسخ : «الحسن بن عثمان». وهو وهم. ر. تنقيح المقال ١ / ٣٣٥.

٤٥

قال المفسّرون (١) : أي : أردتم القيام ، كقوله (٢) : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ، فَاسْتَعِذْ بِاللهِ). عبّر عن إرادة الفعل بالفعل المسبّب عنها للإيجاز والتّنبيه ، على أنّ من أراد العبادة ينبغي له أن يبادر إليها بحيث لا ينفكّ الفعل من الإرادة. أو إذا قصدتم الصّلاة ، لأنّ التّوجّه إلى الشّيء والقيام إليه قصد له.

ثمّ قالوا : وظاهر الآية يوجب الوضوء على كلّ قائم إلى الصّلاة وإن لم يكن محدثا ، والإجماع على خلافه.

فقيل (٣) : مطلق أريد به التّقييد ، والمعنى (٤) : إذا قمتم إلى الصّلاة محدثين.

وقيل (٥) : الأمر فيه للنّدب.

وقيل (٦) : كان ذلك أوّل الأمر ثمّ نسخ ، وهو ضعيف.

لقوله ـ عليه السّلام (٧) ـ المائدة من آخر القرآن نزولا ، فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها.

وفي تهذيب الأحكام ، وفي تفسير العيّاشي (٨) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل ، ما معنى (إِذا قُمْتُمْ)؟

قال : إذا قمتم من النّوم.

والعيّاشي (٩) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ سئل ، ما عنى بها؟

قال : من النّوم.

فلا حاجة إلى ما تكلّفوه وأضمروه. وأمّا وجوب الوضوء بغير حدث النّوم ، فمستفاد من الأخبار ، كما أنّ وجوب الغسل لغير الجنابة مستفاد من محلّ

__________________

(١) أنظر مجمع البيان ٢ / ١٦٣ وأنوار التنزيل ١ / ٢٦٤. ضعيف لقوله ـ عليه السّلام ـ».

(٢) النحل / ٩٨.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٤.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «المقيّد يعني» بدل «التقييد والمعنى».

(٥ و ٦) نفس المصدر والموضع.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «فنسخ وضعف ذلك بقوله ـ عليه السّلام ـ» بدل «ثمّ نسخ وهو

(٨) تهذيب الأحكام ١ / ٧ ، ح ٩ ، وتفسير العياشي. ١ / ٢٩٧ ، ح ٤٨.

(٩) تفسير العياشي ١ / ٢٩٨ ، ح.

٤٦

آخر. وكلّ مجملات القرآن إنّما يتبيّن بتفسير أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ وهم أدرى بما نزل في البيت من غيرهم.

(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) : أمرّوا الماء عليه. والمراد بالوجه ، ما يواجه به. فلا يجب تخليل الشّعر الكثيف ، أعني : الّذي لا يرى بشرة خلاله في التّخاطب. إذ المواجهة حينئذ إنّما يكون بالشعر لا بما تحته ، كما روي عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : كلّما أحاط به الشّعر ، فليس على العباد (١) أن يطلبوا (٢) ولا أن يبحثوا عنه ، ولكن يجري عليه الماء. رواه في التّهذيب (٣).

وفيه وفي الكافي (٤) : عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ عن الرّجل يتوضّأ : أيبطّن لحيته؟

قال : لا.

أمّا حدّ الوجه ، ففي من لا يحضره الفقيه والكافي والعيّاشي (٥) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : الوجه الّذي أمر الله بغسله ـ الّذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه ، إن زاد عليه لم يؤجر وإن نقص منه أثم ـ ما دارت عليه السّبّابة والوسطى والإبهام من قصاص شعر (٦) الرّأس إلى الذّقن ، وما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا. فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه.

قيل : الصّدغ ليس من الوجه؟

قال : لا.

(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) : لمّا كانت اليد تطلق على ما تحت [الزّند وعلى ما تحت] (٧) المرافق وعلى ما تحت المنكب ، بيّن الله ـ تعالى ـ غاية المغسول منهما. كما تقول : أخضب يدك إلى الزّند. وللصّيقل : صقّل سيفي إلى القبضة. فلا دلالة في الآية على

__________________

(١) المصدر : «للعباد» بدل «على العباد».

(٢) المصدر : يعلوه.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦٤ ، ح ٣٦.

(٤) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦٠ ، ح ١٤ ، والكافي ٣ / ٢٨ ، ح ٢.

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٨ ، ح ٨٨ ، والكافي ٣ / ٢٧ ، وتفسير العياشي ١ / ٢٩٩ ، ح ٥٢.

(٦) ليس في الكافي.

(٧) ليس في أ.

٤٧

ابتداء الغسل بالأصابع وانتهائه إلى المرافق ، كما أنّه ليس في هاتين العبارتين دلالة على ابتداء الخضاب والتّصقيل بأصابع اليد ورفع رأس السّيف. فهي مجملة في هذا المعنى يحتاج إلى تبيين أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ.

والمرفق ـ بكسر أوّله وفتح ثالثه ، أو بالعكس ـ مجمع عظمي الذّراع والعضد. ولا دلالة في الآية على إدخاله في غسل اليد ، لخروج الغاية تارة ودخولها أخرى. فهي في هذا المعنى مجملة ـ أيضا ـ يتبيّن بتفسيرهم ـ عليهم السّلام ـ والأخبار تدلّ على أنّ الابتداء في الغسل من المرفق ـ و «إلى» لانتهاء المغسول ، لا لانتهاء الغسل. كما بيّنّا وبعضها يأتي ـ وليس في الأخبار ما يدلّ على إدخال المرفق وإخراجه ، لكن يجب إدخال جزء من باب المقدّمة لا المغسول بالأصالة.

[وفي الكافي (١) : محمّد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن الحكم ، عن الهيثم بن عروة التّميميّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فقلت : هكذا ، ومسحت من ظهر كفّي إلى المرفق؟ فقال : ليس هكذا تنزيلها ، إنّما هي «فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق» ثمّ أمرّ يده من مرفقه إلى أصابعه] (٢).

(وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) : و «الباء» مزيدة لإفادة التّبعيض ، لا للتّبعيض. كما مرّ بيانه منّا سابقا ، فلا ينافيه إنكار سيبويه مجيئها له في سبعة عشر موضعا من كتابه.

والواجب فيه ، ما يقع عليه اسم المسح.

وفي الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرّأس وبعض الرّجلين؟ فضحك ، ثمّ قال : يا زرارة ، قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ونزل به الكتاب عن الله ، لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فعرفنا أنّ الوجه كلّه

__________________

(١) الكافي ٣ / ٢٨ ، ح ٥.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) نفس المصدر ٣ / ٣٠ ، ح ٤.

٤٨

ينبغي أن يغسل ، ثمّ قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ثمّ فصل بين الكلامين (١) فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال : (بِرُؤُسِكُمْ) أنّ المسح ببعض الرّأسّ لمكان الباء ، ثمّ وصل الرّجلين بالرّأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلها بالرّأس أنّ المسح على بعضهما ، ثمّ فسّر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذلك للنّاس فضيّعوه.

وللحديث تتمّة ، أخذت منه موضع الحاجة.

وقوله ـ عليه السّلام ـ : «فعرفنا أنّ المسح ببعض الرّأس لمكان الباء»

، معناه : أنّ الفعل متعدّ إلى المفعول بنفسه ، فإذا زيد الباء أفاد التّبعيض ، لا أنّ الباء للتّبعيض.

(وَأَرْجُلَكُمْ) : نصبه نافع وابن عامر وحفص ويعقوب ، وجرّه الباقون.

فالنّصب على العطف على محلّ «رؤوسكم» كقولك : مررت بزيد وعمرو. والجرّ على العطف على لفظه (٢).

وفي كتاب التّهذيب (٣) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) على الخفض هي أم على النّصب؟

قال : بل هي على الخفض.

والعطف على الوجوه على تقدير النّصب ، وعلى الجواز على تقدير الجرّ ـ كما ذهب إليه العامّة ـ عربيّ رديء فلا يصار إليه. والعامّة ذهبوا إلى وجوب غسل الرّجلين إذا لم يكن عليهما شيء ، والمسح على ما عليهما من الخفّ وغيره إذا كان عليه.

وفي كتاب التّهذيب (٤) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : جمع عمر بن الخطّاب أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وفيهم عليّ ـ عليه السّلام ـ فقال : ما تقولون في المسح على الخفّين؟

فقام المغيرة بن شعبة وقال : رأيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يمسح على الخفّين.

فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : قبل المائدة أو بعد المائدة؟

__________________

(١) المصدر : الكلام.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٤.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٧٠ ، ح ٣٧.

(٤) نفس المصدر ١ / ٣٦١ ، ح ٢١.

٤٩

فقال : لا أدري.

فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : سبق الكتاب الخفّين ، إنّما أنزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة.

والمغيرة بن شعبة ، هو أحد رؤساء المنافقين من أصحاب العقبة والسّقيفة.

وفي من لا يحضره الفقيه (١) : روت عائشة عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : أشدّ النّاس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره.

وروي عنها (٢) أنّها قالت : لإن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحبّ إليّ من أن أمسح على خفّي. ولم يعرف للنّبي خفّ إلّا خفّ أهداه له النّجاشي ، وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا ، فمسح النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ على رجليه وعليه خفّاه. فقال النّاس : إنّه مسح على خفّيه.

وعلى أنّ الحديث في ذلك غير صحيح الإسناد. (انتهى كلام الفقيه.).

وفي التّهذيب (٣) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن مسح الرّجلين؟

فقال : هو الّذي نزل به جبرئيل.

وفي الكافي (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه يأتي على الرّجل ستّون وسبعون سنة ما قبل منه صلاة.

فقيل : وكيف ذلك؟

قال : لأنّه يغسل ما أمر الله بمسحه.

وفي من لا يحضره الفقيه (٥) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : إنّ الرّجل ليعبد الله أربعين سنة ما يطيعه في الوضوء ، لأنّه يغسل ما أمر الله بمسحه.

وقرئ ، بالرّفع. على تقدير : وأرجلكم ممسوحة (٦).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٠ ، ح ٩.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٦٣ ، ح ٢٦.

(٤) الكافي ٣ / ٣١ ، ح ٩.

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٤ ، ح ٥.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥. وفيه : «مغسولة» بدل «ممسوحة».

٥٠

(إِلَى الْكَعْبَيْنِ) :

«الكعب» عظم مائل إلى الاستدارة ، واقع في ملتقى السّاق والقدم ، نات عن ظهره ، يدخل نتوه في طرف السّاق ، كالّذي في أرجل البقر والغنم وربّما يلعب به الأطفال. وقد يعبّر عنه بالمفصل ، لمجاورته له. ولمّا كانت [الرّجل] (١) تطلق (٢) على القدم وعلى ما تحت الرّكبة وعلى ما يشمل الفخذ ، بيّن الله ـ سبحانه ـ غاية الممسوح بعضها.

وفي الكافي (٣) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه وصف الكعب في ظهر القدم.

وفيه (٤) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن وضوء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فدعا بطشت أو تور فيه ماء ، فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبّها على وجهه فغسل بها وجهه ، ثمّ غمس كفّه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ لا يردّها إلى المرفق ، ثمّ غمس كفّه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى (٥) ، ثمّ مسح رأسه وقدمه ببلل كفّه لم يحدث لهما ماء جديدا ، ثمّ قال : ولا يدخل أصابعه تحت الشّراك.

قال : ثمّ قال : إنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلّا غسله ، وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلّا غسله ، لأنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ثمّ قال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه.

قال : فقلنا (٦) : أين الكعبان؟

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : يطلق.

(٣) الكافي ٣ / ٢٦ ، ح ٧.

(٤) نفس المصدر ٣ / ٢٥ ، ح ٥.

(٥) أ: باليسرى.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «قيل» بدل «قال فقلنا».

٥١

قال : هاهنا ، يعني : المفصل ، دون عظم السّاق.

قال (١) : هذا ما هو؟

فقال : هذا من عظم السّاق ، والكعب أسفل من ذلك.

فقلنا (٢) : أصلحك الله ، فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذّراع؟ قال : نعم ، إذا بالغت فيها. والثّنتان تأتيان على ذلك كلّه.

وفي كتاب علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسألوه عن مسائل ، فكان فيما سألوه : أخبرنا يا محمّد ، لأيّ علّة توضّأ هذه الجوارح الأربع ، وهي أنظف المواضع في الجسد؟ فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لمّا أن وسوس الشّيطان إلى آدم دنا من الشّجرة ونظر إليها فذهب ماء وجهه ، ثمّ قام ومشى إليها وهي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة ، ثمّ تناول بيده (٤) منها ممّا عليها فأكل فطار الحليّ والحلل عن جسده ، فوضع آدم يده على أمّ رأسه وبكى ، فلمّا تاب الله عليه فرض (٥) عليه وعلى ذرّيّته غسل هذه الجوارح الأربع. وأمره بغسل الوجه لمّا نظر إلى الشّجرة ، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لمّا تناول منها ، وأمره بمسح الرّاس لمّا وضع يده على أمّ رأسه ، وأمره بمسح القدمين لمّا مشى بها إلى الخطيئة.

(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) :

قيل (٦) : عطف على جزاء الشّرط الأوّل ، أعني : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، يعني : إذا قمتم من النّوم إلى الصّلاة فتوضّئوا ، وإن كنتم جنبا فاغتسلوا.

قال (٧) : يدلّ عليه قوله ـ تعالى (٨) (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) فإنّه مندرج تحت الشّرط البتّة. فلو كان قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ) معطوفا على قوله : (إِذا قُمْتُمْ) أو كان مستأنفا ، لم

__________________

(١) أ: قيل.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : قيل.

(٣) علل الشرائع ١ / ٢٨٠.

(٤) ليس في ر.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فرض الله.

(٦) تفسير الصافي ٢ / ١٨.

(٧) نفس المصدر والموضع.

(٨) النساء / ٤٣.

٥٢

يتناسق المتعاطفان وللزم أن لا يستفاد الارتباط بين الغسل والصّلاة من الآية ، ولم يحسن لفظة «إن» بل ينبغي أن يقال : وإذا كنتم جنبا. كما هو غير خاف على من تتبّع أساليب الكلام.

ومقصوده من ذلك ، أنّ وجوب الغسل للجنب ليس لنفس الجنابة بل للصّلاة.

وقال (١) : يدلّ عليه ما في الكافي (٢) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ عن المرأة يجامعها الرّجل فتحيض وهي في المغتسل.

قال : جاءها ما يفسد الصّلاة فلا تغتسل.

وفي التّهذيب (٣) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن غسل الجنابة؟

فقال : تبدأ فتغسل كفيك ، ثمّ تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك ، ثمّ تمضمض واستنشق ، ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك ليس بعده ولا قبله وضوء ، وكلّ شيء أمسسته الماء فقد أنقيته ، ولو أنّ رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده.

وفي الكافي (٤) ، مقطوعا : إن لم يكن أصاب كفّه شيء غمسها في الماء ، ثمّ بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ، ثمّ صبّ على رأسه ثلاث أكفّ ، ثمّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين ، فما جرى عليه الماء أجزأه.

(انتهى كلامه.).

وفيه : أنّ الظّاهر المتناسق ، عطفه على مجموع الشّرطيّة ، لا على الجزاء.

وما ذكره من اندراج قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) تحت الشّرط في محلّ المنع ، إذ من المحتمل أن يكون معطوفا على مجموع الشّرطيّة أو على ما عطف عليها ، إذ معنى الآية : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (إلخ) إن لم يمنع مانع (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) كذلك (إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) ومنعكم مانع المرض أو غيره (فَتَيَمَّمُوا).

وما ذكره من أنّه يلزم أن لا يستفاد الارتباط بين الغسل والصّلاة من الآية ، ففيه : أنّه إذا فهم من الآية وجوب الغسل للجنابة مطلقا فهم وجوبه للصّلاة ، لا لأنّه واجب لها بخصوصها ، بل لأنّ وقتها من مجمله أوقات وجوب الغسل. وإن أراد الارتباط بالمعنى

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) الكافي ٣ / ٨٣ ، ح ١.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ١٤٨ ، ح ١١٣.

(٤) الكافي ٣ / ٤٣ ، ح ٣.

٥٣

الأوّل. فلا ضير في عدم استفادته من الآية بل يكفي استفادة وجوب الغسل من الآية ، ففي الصّلاة لو ترك الغسل ارتكب النّهي الّذي في ضمن الوجوب ، والنّهي مفسد في العبادات فيبطل الصّلاة بدونه.

وما ذكره من أنّه ينبغي أن يقال : حينئذ «وإذا كنتم» كما هو غير خاف ـ إلخ ـ ففيه : أنّه إن كان المراد إذا كنتم جنبا في مدّة العمر ، أو في زمان ما ، بمعنى : الفرد والمنتشر «فاطّهّروا» لكان المنبغي استعمال «إذا» دون «إذ» كونه جنبا في مدّة العمر ، أو في زمان ما مقطوع به أو مظنون. وأمّا إذا كان المراد كونه جنبا في أيّ زمان معيّن من الأزمنة المعيّنة ، أي : (إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) في أوّل النّهار أو أوسطه أو آخره وكذلك في اللّيل ، فالواجب استعمال «إن» إذ كونه جنبا في أحدها متساوي الطّرفين غير مقطوع أو مظنون بأحدهما. نعم ، في بعض ما ذكر من الأخبار دلالة على ذلك ، فإن لم يعارضه غيره من الأخبار فيحتمل أن تكون الآية مجملة مبيّنة بالخبر ، فلا دلالة فيها على ما ذكره من طريق العطف.

وفي الكافي : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : سألته ، متى يجب الغسل على الرّجل والمرأة؟

فقال : إذا أدخله ، فقد وجب الغسل والمهر والرّجم.

فإنّ قوله : «إذا أدخله» وإن لم يفد العموم مطلقا ، أفاده إذا ضمّ إليه القرينة.

وهي هنا وقوعه موقع «متى» وفي جوابه. وـ أيضا ـ ترتيب وجوب الغسل والمهر والرّجم على مجرّد الإدخال مع عدم توقّف الأخيرين على ما يجعل الأوّل متوقّفا عليه ، يدلّ على وجوبه بمجرّد الإدخال.

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد (١) ، عن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل قال : سألت الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن الرّجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان ، متى يجب الغسل؟

__________________

(١) نفس المصدر ٣ / ٤٦ ، ح ٢.

٥٤

فقال : إذا التقى الختانان ، فقد وجب الغسل. فقلت : التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟

قال : نعم.

وفي هذا الخبر ـ أيضا ـ دلالة على وجوب الغسل لنفسه ، فيمكن أن يحمل قوله ـ عليه السّلام ـ في الخبر الأوّل : «فجاءها ما يفسد الصّلاة» على أنّ وقت وجوب الغسل هو وقت لا ينافيه شيء ، فإنّ وقت الوجوب على المنزل وقت تمام إنزاله ، وإن صار جنبا بأوّل الإنزال فلا يغتسل حتّى يتمّ إنزاله ، فكذا الجنب الّذي جاءها الحيض وقت وجوبه عليها إنّما هو وقت عدم طريان المنافي ، وطريان الحيض مناف.

ويمكن أن يحمل قوله في الخبر الثّاني : «ليس بعده ولا قبله وضوء» على أنّه إن أراد الصّلاة يصلّي بالغسل ، ولا يحتاج إلى الوضوء فيه بخلاف باقي الأغسال. وليس في الخبر الأخير دلالة حتى يحتاج إلى الحمل.

وفي من لا يحضره الفقيه (١) : جاء نفر من اليهود إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله أن قال : لأيّ شيء أمر الله ـ تعالى ـ بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ آدم لمّا أكل من الشّجرة ، دبّ ذلك في عروقه وشعره وبشره. فإذا جامع الرّجل أهله خرج الماء من كلّ عرق وشعرة في جسده ، فأوجب الله ـ عزّ وجلّ ـ على ذرّيّته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة.

والبول يخرج من فضلة الشّراب الّذي يشربه الإنسان ، والغائط يخرج (٢) من فضلة الطّعام الّذي يأكله الإنسان ، فعليه في ذلك الوضوء.

قال اليهوديّ : صدقت ، يا محمّد.

(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) : قد مضى تفسيره ، ولعلّ تكريره ليتّصل الكلام في بيان أنواع الطّهارة.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٣ ، ح ١.

(٢) ليس في المصدر.

٥٥

وفي من لا يحضره الفقيه (١) ، في حديث زرارة السّابق آنفا متّصلا بآخره ، ثمّ قال : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) فلمّا وضع الوضوء إن لم يجدوا الماء أثبت بعض الغسل مسحا. لأنّه قال : «بوجوهكم» ثمّ وصل بها «وأيديكم» ثمّ قال (٢) : «منه» ، أي : من ذلك التّيمّم. لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه. لأنّه يعلق من ذلك الصّعيد ببعض الكفّ ولا يعلق ببعضها.

وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : فرض الله الغسل على الوجه والذّراعين والمسح على الرّأس والقدمين ، فلمّا جاء حال السّفر والمرض والضّرورة وضع الله الغسل وأثبت الغسل مسحا فقال : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) إلى (وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ).

وفي الكافي (٤) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ملامسة النّساء ، هو الإيقاع بهنّ.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٥) ، عن حمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن التّيمّم؟ فتلا هذه الآية (٦) : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) وقال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) قال : فامسح على كفّيك من حيث موضع القطع. وقال (٧) : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).

(ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) : أي : ما يريد الأمر بالطّهارة للصّلاة ، أو الأمر بالتّيمّم تضييقا عليكم.

(وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) : من الأحداث والذّنوب. فإنّ الطّهارة كفّارة للذّنوب ، كما هي رافعة للأحداث. فمفعول «يريد» في الموضعين محذوف. و «الّلام» للعلّة.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٧ ، ح ١.

(٢) «ثم قال» ليس في المصدر.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٠٢ ، ح ٦٤.

(٤) الكافي ٦ / ١٠٩ ، ح ٤.

(٥) نفس المصدر ٣ / ٦٢ ، ح ٢.

(٦) المائدة / ٣٨.

(٧) مريم / ٦٤.

٥٦

وقيل (١) : مزيدة. والمعنى : ما يريد الله أن يجعل عليكم من حرج حتّى لا يرخّص لكم في التّيمّم ، ولكن يريد أن يطهّركم. وهو ضعيف ، لأنّ «أن» لا تقدّر بعد المزيدة.

(وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) : ليتمّ بشرعه ما هو مطهّر لأبدانكم ومكفّر لذنوبكم نعمته عليكم في الدّين.

قيل (٢) : أو ليتمّ برخصة إنعامه عليكم بعزائمه. وهو بعيد.

(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٦) : نعمته.

قيل (٣) : والآية مشتملة على سبعة أمور كلّها مثنى : طهارتان أصل وبدل ، والأصل اثنان مستوعب وغير مستوعب ، وغير المستوعب باعتبار الفعل غسل ومسح وباعتبار المحل للعدول (٤) محدود وغير محدود ، وأن آلتهما (٥) مائع وجامد ، وموجبها حدث أصغر أو أكبر ، وأنّ المبيح للعدول إلى البدل مرض أو سفر ، وأنّ الموعود عليهما تطهير الذّنوب وإتمام النّعمة.

(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : بالإسلام. لتذكّركم المنعم ، وترغّبكم في شكره.

(وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ) :

قيل (٦) : يعني : الميثاق الّذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على السّمع والطّاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره. أو ميثاق ليلة العقبة. أو بيعة الرّضوان.

وفي مجمع البيان (٧) : عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّ المراد بالميثاق ، ما بيّن لهم في حجّة الوداع من تحريم المحرّمات وكيفيّة الطّهارة وفرض الولاية وغير ذلك.

__________________

(١) أنوار التنزيل / ١ / ٢٦٥.

(٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) ليس في المصدر. والأظهر زائدة.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : آلتها.

(٦) نفس المصدر والموضع.

(٧) مجمع البيان ٢ / ١٦٨.

٥٧

وفي تهذيب الأحكام (١) ، في الدّعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصّادق ـ عليه السّلام ـ : وليكن من قولك إذا التقيتم أن تقولوا : الحمد لله الّذي أكرمنا بهذا اليوم ، وجعلنا من الموفين بعهده إلينا وميثاقه الّذي واثقنا به من ولاية ولاة أمره والقوّام بقسطه.

(إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) :

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) قال : لمّا أخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الميثاق عليهم بالولاية قالوا : سمعنا وأطعنا. ثمّ نقضوا ميثاقه (٣).

(وَاتَّقُوا اللهَ) : في إنساء نعمته ، ونقض ميثاقه.

(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧) : بخفيّاتها. فيجازيكم عليها ، فضلا عن جليّات أعمالكم.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) : قد مرّ تفسيره.

(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) :

عدّاه «بعلى» لتضمّنه معنى الحمل ، والمعنى : لا يحملنّكم شدّة بغضكم للمشركين على ترك العدل فيهم ، فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحلّ كمثله وقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد ، تشفيّا ممّا في قلوبكم.

(اعْدِلُوا) : في الأولياء والأعداء.

(هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) : أي : العدل أقرب إلى التّقوى. صرّح لهم الأمر بالعدل وبيّن أنّه بمكان من التّقوى ، بعد ما نهاهم عن الجور وبيّن أنّه مقتضى الهوى. وإذا كان هنا العدل مع الكفّار ، فما ظنّك من العدل بالمؤمنين؟! (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٨) : فيجازيكم به.

قيل (٤) : وتكرير هذا الحكم ، إمّا لاختلاف السّبب ، كما قيل : إنّ الأولى نزلت

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٣ / ١٤٤ ، ح ١.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٦٣.

(٣) المصدر : ميثاقهم.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٥.

٥٨

في المشركين وهذه في اليهود. أو لمزيد الاهتمام بالعدل ، و [المبالغة في] (١) إطفاء ثائرة (٢) الغيظ.

(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (٩) : قيل (٣) : إنّما حذف ثاني مفعول وعد ، استغناء بقوله : «لهم مغفرة» فإنّه استئناف يبيّنه.

وقيل (٤) : الجملة في موقع المفعول (٥). فإنّ الوعد ضرب من القول. فكأنّه قال : وعدهم هذا القول.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١٠) : قابل الوعد بالوعيد ، وفاء بحقّ الدّعوة. وفيه مزيد وعد للمؤمنين وتطييب لقلوبهم ، وزيادة عقوبة للكافرين وتحسير لهم.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) : بالقتل والإهلاك.

يقال : بسط إليه يده ، إذا بطش به. وبسط إليه لسانه ، إذا شتمه.

(فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) : منعها أن تمدّ إليكم ، وردّ مضرتّها عنكم.

(وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١) : فإنّه الكافي لإيصال الخير ، ودفع الشّرّ.

قيل (٦) : إنّ المشركين رأوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأصحابه بعسفان قاموا إلى الظّهر معا ، فلمّا صلّوا ندموا ألّا [كانوا] (٧) أكبّوا عليهم وهمّوا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إلى العصر ، فردّ الله [عليهم] (٨) كيدهم بأن أنزل [عليهم] (٩) صلاة الخوف. والآية ، إشارة

__________________

(١) من المصدر.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : نائرة.

(٣) نفس المصدر ١ / ٢٦٦.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : المفعول الثاني.

(٦) نفس المصدر والموضع وفيه : «روي» بدل «قيل».

(٧ و ٨ و ٩) من المصدر.

٥٩

إلى ذلك.

وقيل (١) : هو إشارة إلى ما روي أنّه ـ عليه السّلام ـ أتى قريظة ومعه عليّ ـ عليه السّلام ـ وأبو بكر وعمر وعثمان يستقرضهم لدية مسلمين ، [أي : يطلب منهم الدّية] (٢). قتلهما عمرو بن أميّة الضّمريّ يحسبهما مشركين ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، اجلس حتّى نطعمك ونقرضك. فأجلسوه وهمّوا بقتله ، فعهد عمرو بن جحاش إلى رحى عظيمة يطرحها عليه ، فأمسك الله يده ، فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فأخبره فخرج.

وقيل : نزل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ منزلا وعلّق سلاحه بشجرة وتفرّق النّاس عنه ، فجاء أعرابيّ فسل سيفه ، فقال : من يمنعك؟

فقال : الله. فأسقطه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ من يده ، فأخذه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقال : من يمنعك منّي؟

فقال : لا أحد ، أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله. فنزلت.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : يعني : أهل مكّة من قبل فتحها ، فكفّ أيديهم بالصّلح يوم الحديبية.

(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) : شاهدا من كلّ سبط ، ينقّب عن أحوال قومه ، ويفتّش عنها. أو كفيلا ، يكفل عليهم بالوفاء بما أمروا به.

قيل (٤) : إنّ بني إسرائيل لمّا فرغوا من فرعون واستقرّوا بمصر ، أمرهم الله بالمسير إلى أريحا من أرض الشّام ، وكان يسكنها الجبابرة الكنعانيّون ، وقال : إنّي كتبتها لكم دارا وقرارا ، فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها ، فإنّي ناصركم. وأمر موسى أن يأخذ من كلّ سبط كفيلا عليهم بالوفاء بما أمروا به ، فأخذ عليهم الميثاق واختار منهم النّقباء وسار بهم ، فلمّا دنا من أرض كنعان بعث النّقباء يتجسّسون الأخبار ونهاهم أن يحدّثوا قومهم ،

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٦٣.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٦. وفيه «روي» بدل «قيل».

٦٠