تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله (١). عن الجامورانيّ ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : السّحت أنواع ، منها كسب الحجّام إذا شارط وأجر الزّانية وثمن الخمر. فأمّا الرّشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن يزيد بن فرقد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن السّحت؟ فقال : الرّشا في الحكم.

عليّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله (٣) ، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الرّحمن بن أبي هاشم (٤) ، عن القاسم بن الوليد [العمّاريّ ،] (٥) عن عبد الرّحمن الأصمّ ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله القمّاري (٦) قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن ثمن الكلب الّذي لا يصيد؟

فقال : سحت ، وأمّا الصّيود فلا بأس.

وبإسناده عن مسمع بن عبد الملك (٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : الصّنّاع إذا سهروا اللّيل كلّه ، فهو سحت.

وفي كتاب الخصال (٨) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : السّحت أنواع كثيرة ، منها ما أصيب من أعمال الولاة الظّلمة.

وفي من لا يحضره الفقيه (٩) : روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قاض بين قريتين يأخذ من السّلطان على القضاء الرّزق؟

__________________

(١) نفس المصدر ٥ / ١٢٧ ، ح ٣.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ٤.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٥. وفي أ: «عن أبي عبد ربّه» بدل «عن أحمد بن أبي عبد الله».

(٤) أ: عبد الرحمن بن عبد الله.

(٥) من المصدر. وفي نور الثقلين : «القماريّ». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ٢٦ ، رقم ٩٦١٥.

(٦) المصدر : العامريّ.

(٧) نفس المصدر والموضع ، ح ٧.

(٨) الخصال ١ / ٣٢٩ ، ح ٢٦.

(٩) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٤ ، ح ١.

١٢١

قال : ذلك سحت.

(فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) : تخيير له ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

في تهذيب الأحكام (١) : سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب (٢) ، عن سويد بن سعيد القّلاء (٣) ، عن أبي أيّوب (٤) ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إن الحاكم إذا أتاه أهل التّوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه ، إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم.

وفي مجمع البيان (٥) : والظّاهر في روايات أصحابنا ، إنّ هذا لتخيير ثابت في الشّرع للأئمّة والحكّام.

(وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً) : بأن يعادوك لإعراضك (٦) عنهم ، فإنّ الله يعصمك من النّاس.

(وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) : بالعدل الّذي أمر الله به.

(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٤٢) : فيحفظهم ، ويعظّم شأنهم.

(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) : تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به ، والحال أنّ الحكم منصوص عليه في الكتاب الّذي عندهم.

وتنبيه على أنّهم ما قصدوا بالتّحكيم معرفة الحقّ وإقامة الشّرع ، وإنّما طلبوا به ما يكون أهون عليهم وإن لم يكن حكم الله في زعمهم.

و (فِيها حُكْمُ اللهِ) حال من «التّوراة» إن رفعتها بالظّرف ، وإن جعلتها مبتدأ

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٦ / ٣٠٠ ، ح ٤٦.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «محمد بن. الحسن بن أبي الخطّاب». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ٣ / ١٠١ ، رقم ١٠٥٨٣.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «سعد بن سعيد». ر. تنقيح المقال ٢ / ٧٢ ، رقم ٥٣٥٧.

(٤) المصدر : أيّوب.

(٥) مجمع البيان ٢ / ١٩٦.

(٦) ر : باعراضك.

١٢٢

فمن ضميرها المستكنّ فيه. وتأنيثها لكونها نظيرة المؤنّث في كلامهم لفظا ، كموماة ودوداة.

(ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) : ثمّ يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم بعد التّحكيم. وهو عطف على «يحكّمونك» داخل في حكم التّعجيب.

(وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) (٤٣) : بكتابهم. لإعراضهم عنه أوّلا ، وعمّا يوافقه ثانيا. أو بك وبه.

(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً) : يهدي إلى الحقّ.

(وَنُورٌ) : يكشف ما اشتبه عليهم من الأحكام.

(يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) : وصف النّبيّين به مدحا لهم ، وتنويها لشأن المسلمين ، وتعريضا باليهود. وأنّهم بمعزل عن دين الأنبياء ، واقتفاء هديهم.

(لِلَّذِينَ هادُوا) : متعلّق «بأنزل» أو «بيحكم» ، أي : يحكمون بها في تحاكمهم.

(وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) : عطف على «النّبيّون».

(بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ) : بسبب أمر الله إيّاهم أن يحفظوا كتابه من التّغيير والتّحريف. والرّاجع إلى «ما» محذوف. و «من» للتّبيين.

(وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) : رقباء ، لا يتركون أن يغيّر. أو شهداء يبيّنون ما يخفى منه.

قيل (١) : هم علماؤهم وزهادهم ، السّالكون طريقة أنبيائهم.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن مالك الجهنيّ قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في هذه الآية. فينا نزلت.

وعن أبي عمرو الزّبيريّ (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنّ ممّا استحقّت

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٦.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣٢٢ ، ح ١١٨. وفيه ذكر نفس

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٩.

١٢٣

به الإمامة التّطهير والطّهارة من الذّنوب والمعاصي الموبقة الّتي توجب النّار ، ثمّ العلم النّور (١) بجميع ما يحتاج إليه الأمّة (٢) من حلالها وحرامها ، والعلم بكتابها خاصّة وعامّة والمحكم والمتشابه ودقائق علمه وغرائب تأويله وناسخه ومنسوخه.

قلت : وما الحجّة بأنّ الإمام لا يكون إلّا عالما بهذه الأشياء الّتي ذكرت؟

قال : قول الله في من أذن [الله] (٣) لهم في الحكومة (٤) وجعلهم أهلها : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) فهذه الأئمّة دون الأنبياء الّذين يربّون النّاس بعلمهم ، وأمّا الأحبار فهم العلماء دون الرّبّانيّين. ثمّ أخبرنا (٥) فقال : (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ). ولم يقل : بما حملوا منه.

[وفي كتاب التّوحيد (٦) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أصحاب المقالات والأديان. قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ لرأس الجالوت : وقد قال داود في زبوره وأنت تقرأه : اللهمّ ابعث مقيم السّنّة بعد الفترة. فهل تعرف نبيّا أقام السّنّة بعد الفترة غير محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟

قال رأس الجالوت : هذا قول داود نعرفه ولا ننكره. ولكن عنى بذلك : عيسى ، وأيّامه هي الفترة.

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : جهلت أنّ عيسى لم يخالف السّنّة ، وقد كان موافقا لسنّة التّوراة حتّى رفعه الله إليه.] (٧)

(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) : قيل (٨) : نهي للحكّام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم ، ويداهنوا فيها خشية ظالم أو مراقبة كبير.

__________________

(١) المصدر : «المنور». تفسير البرهان ١ / ٤٧٥ ، ح ٢ : «المنور وفي نسخة المكنون.» ولعله الأظهر.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الأمر.

(٣) من المصدر.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : بالحكومة.

(٥) المصدر : أخبر.

(٦) التوحيد / ٤٢٨ ، ضمن حديث ١.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٦.

١٢٤

[وفي أصول الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابه ، عن صالح بن حمزة رفعه قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ من العبادة شدّة الخوف من الله ، يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ (٢) : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ).

وقال ـ جلّ ثناؤه ـ : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ).

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.] (٣).

(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) : ولا تستبدلوا بأحكامي الّتي أنزلتها ثمنا قليلا. وهو الرّشوة ، والجاه.

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤٤) : ظاهر الآية عموم من حكم بغير ما أنزل الله ، للاستهانة أو غيره.

وفي تفسير العيّاشي (٤) : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر. ومن حكم في درهمين فأخطأ كفر.

وعن بعض أصحابه (٥) قال : سمعت عمّارا يقول على منبر الكوفة : ثلاثة يشهدون على عثمان أنّه كافر وأنا الرّابع ، وأنا أسمّي الأربعة. ثمّ قرأ هذه الآيات في المائدة : [«(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) والظّالمون والفاسقون».

وعن أبي العبّاس (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من حكم في درهمين بغير ما أنزل فقد كفر. قلت : كفر بما أنزل الله] (٧) أو بما أنزل الله على محمّد؟

قال : ويلك إذا كفر بما أنزل الله على محمّد أليس قد كفر بما أنزل الله؟

وعن أبي بصير (٨) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال عليّ ـ عليه السّلام ـ : من قضى في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر.

__________________

(١) الكافي ٢ / ٦٩ ، صدر حديث ٧.

(٢) فاطر / ٢٨.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) تفسير العياشي ١ / ٣٢٣ ، ح ١٢١.

(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ١٢٣.

(٦) نفس المصدر ١ / ٣٢٤ ، ح ١٢٧.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٨) نفس المصدر ١ / ٣٢٣ ، ح ١٢٤.

١٢٥

وفي الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد الله بن كثير ، عن عبد الله بن مسكان رفعه قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من حكم في درهمين بحكم جور ثمّ جبر عليه كان من أهل هذه الآية : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ).

فقلت : وكيف يجبر عليه؟

فقال : يكون له سوط وسجن فيحكم عليه. فإن (٢) رضى بحكمه (٣) وإلّا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه.

عليّ بن إبراهيم (٤) ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة ، عن صالح الأزرق ، عن حكم الحنّاط (٥) ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ وحكم ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قالا : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ ممّن له سوط أو عصا ، فهو كافر بما أنزل الله على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ) : فرضنا على اليهود.

(فِيها) : في التّوراة.

(أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) : أي : أنّ النّفس تقتل بالنّفس.

(وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِ) : رفعها الكسائي ، على أنّها جمل معطوفة على «أنّ» وما في حيّزها باعتبار المعنى ، وكأنّه قيل : كتبنا عليهم النّفس بالنّفس والعين بالعين. فإنّ الكتابة والقراءة يقعان على الجمل كالقول.

أو جملة مستأنفة ، ومعناها : وكذلك العين مفقودة بالعين ، والأنف مجدوعة بالأنف ، والأذن مصلومة بالأذن ، والسّنّ مقلوعة بالسّنّ. أو على أنّ المرفوع منها

__________________

(١) الكافي ٧ / ٤٠٨ ، ح ٣.

(٢) المصدر : فإذا.

(٣) المصدر : بحكومته.

(٤) نفس المصدر ٧ / ٤٠٧ ، ح ١.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : حكيم الخيّاط. ر. تنقيح المقال ١ / ٣٥٦ ، رقم ٣٢١٤.

١٢٦

معطوف على المستكنّ في قوله : «بالنّفس» ، وإنّما ساغ لأنّه في الأصل مفصول عنه بالظّرف. والجارّ والمجرور ، حال ، مبيّنة للمعنى (١).

وقرأ نافع : «والأذن بالأذن» وفي «أذنيه» بإسكان الذّال حيث وقع (٢).

[وفي كتاب الخصال (٣) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سأل رجل أبي (٤) عن حروب أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وكان السّائل من محبّينا.

فقال له أبي (٥) : إنّ الله ـ تعالى ـ بعث محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ بخمسة أسياف : ثلاثة فيها شاهرة لا تغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشّمس من مغربها [، فإذا طلعت الشّمس من مغربها آمن النّاس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذ (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) (٦)] (٧) وسيف منها ملفوف ، وسيف منها مغمد سلّه إلى غيرنا وحكمه إلينا ـ إلى أن قال ـ : وأمّا السّيف المغمود فالّذي (٨) يقام به القصاص ، قال الله ـ تعالى ـ : (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) فسلّه إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا.] (٩).

(وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) ، أي : ذات قصاص. وقرأه الكسائيّ ـ أيضا ـ بالرّفع.

ووافقه ابن كثير وأبو عمرو. وعلى كلّ تقدير إجمال للحكم بعد التّفصيل (١٠).

[وفي الكافي (١١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن أعور فقأ عين صحيح متعمّدا؟

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٦.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) الخصال / ٢٧٤ و ٢٧٦ ، ضمن حديث ١٨. وفيه : عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

(٤) المصدر : أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

(٥) المصدر : أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

(٦) الأنعام / ١٥٨.

(٧) من المصدر.

(٨) المصدر : فالسيف الذي.

(٩) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(١٠) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٧.

(١١) الكافي ٧ / ٣٢١ ، ح ٩.

١٢٧

قال : تفقأ عينه.

قلت : يكون أعمى.

قال : الحقّ أعماه.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (١) ، عن ابن أبي عمير ، وعليّ بن حديد جميعا ، عن جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : في سنّ الصّبيّ يضربها الرّجل فتسقط ثمّ تنبت؟

قال : ليس عليه القصاص ، وعليه الأرش.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن السّنّ والذّراع يكسران عمدا ، ألهما أرش أو قود؟

فقال : قود.

قلت : فإن أضعفوا الدّية؟

قال : إن أرضوه بما شاء فهو له.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٣) ، عن ابن محبوب [، عن إسحاق بن عمّار ،] (٤) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قضى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فيما كان من جراحات الجسد ، أنّ فيها القصاص أو يقبل المجروح دية الجراحة [فيعطاها.] (٥).

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٦) ، عن عليّ بن حديد ، عن جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في رجل كسر يد رجل ثمّ برئت يد الرّجل؟ قال : ليس في هذا قصاص ، لكن يعطى الأرش.] (٧).

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : أنّه منسوخ بقوله :

__________________

(١) نفس المصدر ٧ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، صدر حديث ٨.

(٢) نفس المصدر ٧ / ٣٢٠ ، ح ٧.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٥.

(٤ و ٥) من المصدر.

(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٦.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٨) تفسير القمي ١ / ١٦٩.

١٢٨

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) : وقوله : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) لم ينسخ.

وفي تهذيب الأحكام (١) : الحسين بن سعيد ، عن فضّالة ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ). (الآية) قال : هي محكمة.

والجمع بين الخبرين ، إمّا بأنّ المراد بقوله : «محكمة» أنّ الجروح قصاص محكمة. وإمّا بأنّ المراد بالمنسوخة ، ما ظاهره منسوخ ، أي : عمومه. وإن كان في الحقيقة ، تخصيصا بالنّفس المساوي لها.

(فَمَنْ تَصَدَّقَ) : من المستحقّين.

(بِهِ) : بالقصاص ، أي فمن عفا عنه.

(فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) : للتّصدّق ، فيكفّر الله به ذنوبه.

وقيل (٢) : الجاني يسقط عنه ما لزمه.

وفي الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ).

فقال : يكفّر عنه من ذنوبه ، بقدر ما عفا.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٤) ، عن عليّ بن الحكم ، عن [عليّ بن] (٥) أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ).

قال : يكفّر عنه من ذنوبه ، بقدر ما عفا من جراح أو غيره.

وفي من لا يحضره الفقيه (٦) : وروى جعفر بن بشير ، عن معلى بن عثمان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ :

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، ح ١٥.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٧.

(٣) الكافي ٧ / ٣٥٨ ، ح ١.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.

(٥) من المصدر.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٨٠ ، ح ١٤.

١٢٩

(فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ). قال : يكفّر عنه من ذنوبه على قدر ما عفا عن العمد.

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) : من القصاص وغيره.

(فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) :

[في روضة الكافي (١) : أبان ، عن أبي بصير قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ إذ دخلت علينا (٢) أمّ خالد ، الّتي كان قطعها يوسف بن عمر ، تستأذن عليه. فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أيسرّك أن تسمع كلامها؟

قال : قلت : نعم.

قال : فأذن لها [. قال :] (٣) وأجلسني معه على الطّنفسة. قال : ثمّ دخلت فتكلّمت ، فإذا امرأة بليغة. فسألته عنهما؟ فقال [لها :] (٤) تولّيهما؟

قالت : فأقول لربيّ إذا لقيته إنّك أمرتني بولايتهما.

قال : نعم.

قالت : فإنّ هذا الّذي معك على الطّنفسة يأمرني بالبراءة منهما وكثير النّوا يأمرني بولايتهما ، فأيّهما خير وأحبّ إليك؟

قال : هذا والله أحبّ إليّ من كثير النّوا وأصحابه ، إنّ هذا يخاصم (٥) فيقول (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).

الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن [محمّد (٦) ، عن] (٧) معلى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير مثله سواء.] (٨).

(وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ) : أي : وأتبعناهم على آثارهم. فحذف المفعول ، لدلالة الجارّ والمجرور عليه. والضّمير ، للتّبيين.

__________________

(١) الكافي ٨ / ١٠١ ، ح ٧١.

(٢) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : عليه.

(٣ و ٤) من المصدر.

(٥) المصدر : تخاصم.

(٦) نفس المصدر ٨ / ٢٣٧ ، ح ٣١٩.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٣٠

(بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) : مفعول ثان ، عدّى إليه الفعل بالباء.

(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ) :

وقرئ : بفتح الهمزة (١).

(فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) : في موضع النّصب بالحال.

(وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) : عطف عليه. وكذا قوله.

(وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٤٦) : ويجوز نصبهما على المفعول له ، عطفا على محذوف. أو تعلّقا به ، وعطف.

(وَلْيَحْكُمْ [أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ) : عليه ، في قراءة حمزة. وعلى الأوّل الّلام متعلّقة بمحذوف ، أي : وآتيناه ليحكم. وقرئ : وأن (٢) ليحكم.] (٣) على أنّ «أن» موصولة بالأمر. كقوله : أمرتك بأن قم ، أي : وأمرنا بأن ليحكم.

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤٧) : عن الإيمان.

ففي مجمع البيان (٤) : وروى البراء بن عازب ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّ قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وبعده (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) كلّ ذلك في الكفّار خاصّة. أورده مسلم في الصّحيح.

وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن أبي جميلة ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : قد فرض الله في الخمس نصيبا لآل محمد ، فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم حسدا وعداوة. وقد قال الله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ). وكان أبو بكر أوّل من منع آل محمد ـ عليهم السّلام ـ حقّهم وظلمهم وحمل الناس على رقابهم.

ولمّا قبض أبو بكر استخلفه عمر على غير شورى من المسلمين ولا رضى من آل

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٧.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) مجمع البيان ٢ / ١٩٨.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٣٢٥ ، ح ١٣٠.

١٣١

محمّد ، فعاش عمر بذلك لم يعط آل محمد حقّهم وصنع ما صنع أبو بكر.

(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) : أي : القرآن.

(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ) : من جنس الكتب المنزلة. فالّلام الأولى للعهد ، والثّانية للجنس.

(وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) : ورقيبا على سائر الكتب ، يحفظه عن التّغيير ، ويشهد لها بالصّحّة والثّبات.

وقرئ : على بنية المفعول ، أي : هو من عليه ، وحوفظ من التّحريف. والحافظ له هو الله ـ تعالى ـ أو الحفّاظ في كلّ عصر (١).

وفي روضة الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عليّ بن عيسى رفعه قال : إنّ موسى ـ صلّى الله عليه وآله ـ ناجاه ربّه ـ تبارك وتعالى ـ فقال له في مناجاته : أوصيك يا موسى وصيّة الشّفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطّيّب الطّاهر المطهّر ، فمثله في كتابك أنّه مؤمن مهيمن على الكتب كلّها.

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

[وفي الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السّنديّ ، عن جعفر بن بشير ، عن سعد الإسكاف قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أعطيت السّور الطّوال مكان التّوراة. وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزّبور. وفضّلت بالمفصّل ثمان وستّون سورة. وهو مهيمن على سائر الكتب. فالتّوراة (٤) لموسى. والإنجيل لعيسى. والزّبور لداود ـ عليهم السّلام ـ.

وفي كتاب الاحتجاج (٥) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : وعن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقد ذكر الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ : وأنّ الله جعل كتابي المهيمن على كتبهم ، النّاسخ لها.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٧.

(٢) الكافي ٨ / ٤٣ ، ح ٨.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٦٠١ ، ح ١٠.

(٤) المصدر : والتوراة.

(٥) الاحتجاج ١ / ٥٧.

١٣٢

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.] (١).

(فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) ، أي : بما أنزل إليك.

(وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ) : بالانحراف عنه إلى ما يشتهونه.

«فعن» صلة ل «لا تتّبع» لتضّمنه معنى الانحراف. أو حال من فاعله ، أي : لا تتّبع أهواءهم مسائلا عمّا جاءك.

(لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ) : أيّها النّاس.

(شِرْعَةً) : وهي الطّريقة إلى الماء. شبّه بها الدّين ، لأنّه طريق إلى ما هو سبب الحياة الأبديّة.

وقرئ ، بفتح الشّين (٢).

(وَمِنْهاجاً) : واضحا في الدّين. من نهج الأمر : إذا وضح.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) قال : لكلّ نبيّ شرعة وطريق.

وفي كتاب علل الشّرائع (٤) ، بإسناده إلى حنان بن سدير قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لأيّ علّة لم يسعنا (٥) إلّا أن نعرف كلّ إمام بعد النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ويسعنا أن لا نعرف كلّ إمام قبل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟

قال : لاختلاف الشّرائع.] (٦).

وفي أصول الكافي (٧) : عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرّزّاق بن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمّد بن سالم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ ، حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : فلمّا استجاب لكلّ نبيّ من استجاب له من قومه من المؤمنين جعل لكلّ منهم شرعة ومنهاجا. والشّرعة والمنهاج سبيل

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٧.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٧٠.

(٤) علل الشرائع / ٢١٠ ، ح ١.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لا يسعنا.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) الكافي ٢ / ٢٩ ، ح ١.

١٣٣

وسنّة. وقال الله ـ تعالى ـ : لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله (١) ـ : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) وأمر كلّ نبيّ بالأخذ بالسّبيل والسّنّة. وكان من السّبيل والسّنّة الّتي أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ بها موسى أن جعل الله عليهم السّبت.

(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : جماعة متّفقة على دين واحد في جميع الأعصار ، من غير نسخ وتحويل. ومفعول «لو شاء» محذوف ، دلّ عليه الجواب.

وقيل (٢) : المعنى : لو شاء الله اجتماعكم على الإسلام لأجبركم عليه.

(وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) : من الشّرائع المختلفة ، المناسبة لكلّ عصر وقرن. هل تعملون بها مذعنين لها معتقدين أنّ اختلافها بمقتضى الحكمة الإلهيّة ، أم تزيغون من الحقّ وتفرّطون في العمل.

(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) : فابتدروها ، انتهازا للفرصة ، وحيازة لفضل السّبق والتّقدّم.

(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) : استئناف فيه تعليل الأمر بالاستباق ، ووعد ووعيد للمبادرين والمقصّرين.

(فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٤٨) : بالجزاء ، الفاصل بين المحقّ والمبطل والعامل والمقصّر.

(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) : عطف على الكتاب ، أي : أنزلنا إليك الكتاب والحكم. أو على الحقّ ، أي : أنزلناه بالحقّ وبأن احكم.

ويجوز أن يكون جملة بتقدير : وأمرنا أن احكم.

وفي مجمع البيان (٣) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ إنّما كرّر الأمر بالحكم بينهم.

لأنّهما حكمان أمر بهما جميعا. لأنّهم احتكموا إليه في زنا المحصن ثمّ احتكموا إليه في قتل كان بينهم.

(وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ)

__________________

(١) النساء / ١٦٣.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٨.

(٣) مجمع البيان ٢ / ٢٠٤.

١٣٤

، أي : يضلّوك ويصرفوك عنه.

و «أن» بصلته بدل من «هم» بدل الاشتمال ، أي احذرهم فتنتهم. أو مفعول له : أي : احذرهم مخافة أن يفتنوك. نزلت في قريظة والنّضير في الحكاية السّالفة عنهم.

قيل (١) : روي أنّ أحبار اليهود قالوا : اذهبوا بنا إلى محمّد لعلّنا نفتنه عن دينه.

فقالوا : يا محمّد ، قد عرفت أنّا أحبار اليهود ، وأنّا إن اتّبعناك اتّبعنا اليهود كلّهم ، وأنّ بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ، ونحن نؤمن بك ونصدّقك.

فأبى ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فنزلت.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : عن الحكم المنزل ، وأرادوا غيره.

(فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) : يعني : ذنب التّولّي عن حكم الله. فعبّر عنه بذلك ، تنبيها على أنّ لهم ذنوبا كثيرة ، وهذا مع عظمه واحد منها معدود من جملتها.

وفي لفظ «بعض» دلالة على التّعظيم ، كما في التّنكير ، ونظيره قول لبيد (٢) :

أو يرتبط بعض النّفوس حمامها

(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) (٤٩) : المتمرّدون في الكفر ، المعتدّون فيه.

(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) : الّذي فيه الميل والمداهنة في الحكم. والمراد بالجاهليّة ، الملّة الجاهليّة الّتي هي متابعة الهوى.

وقرئ ، برفع الحكم. على أنّه مبتدأ و «يبغون» خبره. والرّاجع محذوف ، حذفه في الصّلة في قوله : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً). واستضعف ذلك في غير الشّعر (٣).

وقرئ : «أفحكم الجاهليّة» ، أي : يبغون حاكما كحكّام الجاهليّة يحكم

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٨.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٨.

(٣) نفس المصدر والموضع.

١٣٥

بحسب تشهيهم (١).

وقرأ ابن عامر : «تبغون» بالتّاء. على معنى قل لهم : أفحكم الجاهليّة تبغون (٢).

(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٥٠) : أي : عندهم.

و «الّلام» للبيان ، كما في قوله : (هَيْتَ لَكَ) ، أي : هذا الاستفهام (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). فإنّهم هم الّذين يبتدرون الأمور ويتحقّقون الأشياء بأنظارهم ، فيعلمون أنّ لا أحسن حكما من الله.

وفي الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : الحكم حكمان : حكم الله وحكم الجاهلية. فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية.

أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار (٤) ، عن ابن فضّال (٥) ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : الحكم حكمان : حكم الله وحكم الجاهليّة. وقد قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : و (مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) وأشهد (٦) على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهليّة.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) : فلا تعتمدوا عليهم ، ولا تعاشروهم معاشرة الأحباب.

(بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : إيماء إلى علّة النّهي ، أي : فإنّهم متّفقون على خلافكم ، يوالي بعضهم بعضا لاتّحادهم في الدّين واجتماعهم على مضادّتكم.

[وفي مجمع البيان (٧) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : لا يتوارث (٨) أهل ملّتين ،

__________________

(١ و ٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) الكافي ٧ / ٤٠٧ ، ح ١.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.

(٥) المصدر : «ابن فضالة» والظاهر هي خطأ. ر. تنقيح المقال ، ج ٣ ، فصل الكنى ، ص ٤٤.

(٦) المصدر : أشهدوا.

(٧) مجمع البيان ٢ / ٢٠٦.

(٨) المصدر : تتوارث.

١٣٦

نحن نرثهم ولا يرثونا. (١)] (٢).

(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ، أي : من استنصر بهم فإنّه كافر مثلهم.

في تفسير العيّاشي (٣) : عن أبي عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من تولّى آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقدّمهم على جميع النّاس بما قدّمهم من قرابة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فهو من آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ لا أنّه من القوم بأعيانهم ، وإنّما هو منهم بتولّيه إليهم واتّباعه إيّاهم. وكذلك حكم الله في كتابه : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) وقول إبراهيم : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي).

(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥١) ، أي : الّذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفّار أو المؤمنين بموالاة أعدائهم.

(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، يعني : ابن أبيّ وأضرابه.

(يُسارِعُونَ فِيهِمْ) ، أي : في موالاتهم ومعاونتهم.

(يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) : يعتذرون بأنّهم يخافون أن تصيبهم دائرة من دوائر الزّمان ، بأن ينقلب الأمر وتكون الدّولة للكفّار.

روي أنّ عبادة بن الصّامت قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ لي موالي من اليهود كثيرا عددهم ، وإنّي أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ، وأوالي الله ورسوله.

فقال ابن أبيّ : إنّي رجل أخاف الدّوائر ، لا أبرأ من ولاية مواليّ. فنزلت (٤).

(فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) : لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على أعدائه وإظهار المسلمين.

(أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) : يقطع شأفة اليهود ، من القتل والإجلاء. أو الأمر ، بإظهار أسرار المنافقين وقتلهم.

(فَيُصْبِحُوا) : أي : هؤلاء المنافقين.

(عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) (٥٢) : على ما استبطنوه من الكفر

__________________

(١) المصدر : يورثوننا.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢٣١ ، ج ٣٤.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٢٠٦ ، وأنوار التنزيل ١ / ٢٧٩.

١٣٧

والشّكّ في أمر رسول الله ، فضلا ممّا أظهروه ممّا أشعر على نفاقهم.

وفي تفسير العيّاشي (١) : عن داود الرّقيّ قال : سأل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ رجل وأنا حاضر عن قول الله : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ).

قال : أذن في هلاك بني أميّة بعد إحراق زيد بسبعة أيّام.

(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) :

بالرّفع ، قراءة عاصم وحمزة والكسائيّ. على أنّه كلام مبتدأ. ويؤيّده قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر ، مرفوعا بغير واو ، على أنّه جواب قائل يقول : فإذا يقول المؤمنون حينئذ (٢) وقرأه بالنّصب أبو عمرو ويعقوب ، عطفا على «أن يأتي» باعتبار المعنى ، وكأنّه قال : عسى أن يأتي الله بالفتح ويقول : آمنوا. أو يجعله بدلا من اسم «الله» داخلا في اسم «عسى» مغنيا عن الخبر بما تضمّنه من الحدث. أو على الفتح ، بمعنى : عسى الله أن يأتي بالفتح وبقول المؤمنين. فإنّ الإتيان بما يوجبه ، كالإتيان به (٣).

(أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) : يقوله المؤمنون بعضهم لبعض ، تعجّبا من حال المنافقين حلفوا لهم بالمعارضة ، وتبجّحا بما من الله عليهم من الإخلاص. أو يقولون لليهود ، فإنّ المنافقين حلفوا لهم بالمعاضدة كما حكى الله عنهم (٤). (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ).

وجهد الأيمان ، أغلظها. وهو في الأصل مصدر. ونصبه على الحال ، على تقدير : وأقسموا بالله يجتهدون جهد أيمانهم. فحذف الفعل وأقيم المصدر ونصبه مقامه ، ولذلك ساغ كونها معرفة. أو على المصدر ، لأنّه بمعنى : أقسموا.

«(حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) (٥٣) : إمّا من جملة المقولين. أو من

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٣٢٥ ، ج ١٣٣.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٩.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) الحشر / ١١.

١٣٨

قول الله ، شهادة لهم بحبوط أعمالهم. وفيه معنى التّعجّب ، كأنّه قيل (١) : ما أحبط أعمالهم وما أخسرهم!

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام (٣) ـ يقول : إنّ الحكم بن عتيبة وكثير النّوا (٤) وسلمة وأبا المقدام والتّمّار ، يعني : سالما ، أضلّوا كثيرا ممّن ضلّ من هؤلاء النّاس. وإنّهم ممّن قال الله (٥) : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) وإنّهم ممّن قال الله : (أَقْسَمُوا) (٦) (بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) [يحلفون بالله] (٧) (إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) :

وقرئ : «يرتدد» بدالين. وجوابه محذوف ، يعني : فلن يضرّوا الله شيئا ، فإن الله لا يخلي دينه من أنصار يحمونه. وهذا من الكائنات الّتي أخبر الله عنها قبل وقوعها.

قيل (٨) : وقد ارتدّ من العرب في أواخر عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ثلاث فرق : بنو مدلج. وكان رئيسهم ذا الخمار الأسود العنسي : تنبّا باليمن واستولى على بلاده. ثمّ قتله فيروز الدّيلميّ ليلة قبض رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن غدها.

وأخبر الرّسول في تلك اللّيلة فسرّ المسلمون. وأتى الخبر في أواخر ربيع الأوّل ، وبنو حنيفة أصحاب مسيلمة ، تنبّأ وكتب إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : «من مسيلمة رسول الله إلى محمّد رسول الله ، أمّا بعد فإنّ الأرض نصفها لي ونصفها لك.» فأجاب : «من محمّد رسول الله إلى مسيلمة الكذّاب ، أمّا بعد فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين.» فحاربه أبو بكر بجند من المسلمين وقتله وحشي قاتل حمزة ، وبنو أسد قوم طليحة بن خويلد. تنبّأ فبعث إليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ خالدا.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣٢٦ ، ج ١٣٤.

(٣) المصدر : «قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ بدل «سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول».

(٤) المصدر والنسخ : «كثير بن النوا» وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ٣٦ ، رقم ٩٨٤٢.

(٥) البقرة / ٨.

(٦) المصدر والنسخ : وأقسموا.

(٧) من المصدر.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٢٨٠.

١٣٩

فهرب بعد القتال إلى الشّام. ثمّ أسلم وحسن إسلامه.

وفي عهد أبي بكر سبع : فزارة قوم عيينة بن حصين ، وغطفان قوم قرّة بن سلمة ، وبنو سليم قوم الفجاءة بن عبد ياليل ، وبنو يربوع قوم مالك بن نويرة ، وبعض تميم قوم سجاح بنت المنذر والمتنبّئة زوجة مسيلمة ، وكندة قوم الأشعث بن قيس ، وبنو بكر بن وائل بالبحرين قوم الحطيم [بن زيد.] (١) وكفى الله أمرهم على يده.

وفي أمرة (٢) عمر : غسّان قوم جبلة بن الأيهم. تنصّر وسار إلى الشّام.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم ـ رحمه الله (٣) ـ قال : هو مخاطبة لأصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الّذين غصبوا آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ حقّهم وارتدّوا عن دين الله.

وفي مجمع البيان (٤) : وروى أبو إسحاق الثّعلبيّ في تفسيره بالإسناد ، عن الزّهريّ ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤون عن الحوض ، فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي.

فيقال : إنّك لا علم لك بما أحدثوا من بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى.

(فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) :

قيل (٥) : هم اليمن. لما روي أنّه ـ عليه السّلام ـ أشار إلى أبي موسى [الأشعريّ] وقال [: هم] قوم هذا.

وقيل (٦) : الّذين جاهدوا يوم القادسيّة [، ألفان] من النّخع وخمسة آلاف من كندة وبجيلة وثلاثة آلاف من أفناء النّاس.

وقيل (٧) : الفرس.

لأنّه ـ عليه السّلام ـ سئل عنهم؟ فضرب يده على عاتق سلمان وقال هذا وذووه.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : إمارة.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٧٠.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٢٠٨.

(٥) مجمع البيان ٢ / ٢٠٨ وأنوار التنزيل ١ / ٢٨٠.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٨٠.

(٧) مجمع البيان ٢ / ٢٠٨ وأنوار التنزيل ١ / ٢٨٠.

١٤٠