تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

أحمد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد (١) بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن الطّيّار ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : لا يأكل المحرم طير الماء.

(مَتاعاً لَكُمْ) : تمتيعا لكم. نصب على الغرض.

(وَلِلسَّيَّارَةِ) : ولسيّارتكم. يتزودونه قديدا.

(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) ، أي : ما صيد فيه. وإن صاده المحلّ في الحلّ.

(ما دُمْتُمْ حُرُماً) : محرمين. وقرئ ، بكسر الدّال. من دام ، يدام (٢).

(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٩٦) : لأنّه إذا حشرتم إليه ، جازاكم على أعمالكم. فيجب اتّقاؤه فيما نهى عنه.

(جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ) : صيّرها.

في كتاب علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى الحسن بن عبد عليه السّلام ، عن آبائه ، عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسألوه عن أشياء. فكان فيما سألوه عنه ، أنّه قال له أحدهم :

لأيّ شيء سمّيت الكعبة كعبة؟

[فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لأنّها وسط الدّنيا.

وروي عن الصادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل : لم سمّيت الكعبة كعبة؟] (٤).

قال : لأنّها مربّعة. فقيل له : ولم صارت مربّعة؟

قال : لأنّها بحذاء البيت المعمور ، وهو مربّع.

فقيل له : ولم صار البيت المعمور مربّعا؟

قال : لأنّه بحذاء العرش [وهو مربّع.] (٥).

فقيل له : ولم صار العرش مربّعا.؟

قال : لأنّ الكلمات الّتي بني عليها [الإسلام] (٦) أربع [وهي :] (٧) سبحان الله ،

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٣٩٤ ، ح ٩. وفيه : حميد بن زياد عن الحسن بن محمد.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٣.

(٣) علل الشرائع / ٣٩٨ ، ح ١.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧) من المصدر.

٢٤١

والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر.

(الْبَيْتَ الْحَرامَ) : عطف بيان ، على جهة المدح. أو المفعول الثّاني.

وفي العلل (١) ، بإسناده إلى حنان قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ لم سمّي بيت الله الحرام (٢)؟ قال : لأنّه حرام على المشركين أن يدخلوه.

(قِياماً لِلنَّاسِ) : انتعاشا لهم ، أي : سبب انتعاشهم في أمر معاشهم ومعادهم.

يلوذ به الخائف ، ويأمن فيه الضّعيف ، ويربح فيه التّجّار ، ويتوجّه إليه الحجّاج والعمّار. أو ما يقوم به أمر دينهم ودنياهم.

في تفسير العيّاشي (٣) : عن [أبان] (٤) بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) قال : جعلها الله لدينهم ودنياهم (٥).

وفي مجمع البيان (٦) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : من أتى هذا البيت يريد شيئا للدّنيا والآخرة ، أصابه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) قال : ما دامت الكعبة قائمة ويحجّ النّاس إليها ، لم يهلكوا. فإذا هدمت وتركوا الحجّ ، هلكوا.

وقرأ ابن عامر : «قيما» على أنّه مصدر على فعل ، كالشبع. اعلّ عينه ، كما أعلّت في فعله. ونصبه على المصدر. أو الحال (٨).

(وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ) : مضى تفسيرها. والمراد بالشّهر ، الشّهر الّذي يؤدّى فيه الحجّ ، لأنّه المناسب لقرنائه. وقيل (٩) : الجنس.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لم سمّيت البيت الحرام.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٤٦ ، ح ٢١١.

(٤) من المصدر.

(٥) المصدر : معايشهم.

(٦) مجمع البيان ٢ / ٢٤٧.

(٧) تفسير القمي ١ / ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٣.

(٩) نفس المصدر والموضع.

٢٤٢

(ذلِكَ) : إشارة إلى الجعل. أو إلى ما ذكر من الأمر ، بحفظ حرمة الإحرام وغيره.

(لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) : فإنّ شرع الأحكام لدفع المضارّ قبل وقوعها وجلب المنافع المترتّبة عليها ، يدلّ على حكمة الشّارع لها وكمال علمه.

(وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٩٧) : تعميم بعد تخصيص. ومبالغة بعد إطلاق.

(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٨) : وعد ووعيد لمن انتهك محارمه ، ولمن حافظ عليها. أو لمن أصرّ عليها ، ولمن انقلع عنها.

في كتاب التوحيد (١) : حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن معاذ الجوهريّ ، عن جعفر بن محمّد الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن آبائه ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن جبرئيل قال : قال الله ـ جلّ جلاله ـ : من أذنب ذنبا صغيرا أو كبيرا وهو لا يعلم أنّ لي أن أعذّبه [به] (٢) أو أعفو عنه ، لا غفرت له ذلك الذّنب أبدا.

ومن أذنب ذنبا صغيرا [كان] (٣) أو كبيرا وهو يعلم أنّ لي أن أعذبه وأن أعفو عنه ، عفوت عنه.

(ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) : تشديد في إيجاب القيام بما أمر ، أي : الرّسول أتى بما أمر به من التّبليغ ، ولم يبق لكم عذر في التّفريط.

(وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) (٩٩) : من تصديق وتكذيب ، وفعل وعزيمة.

(قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) : حكم عامّ في نفي المساواة عند الله ، بين الرديء من الأشخاص والأعمال والأموال وجيّدها. رغّب به في صالح العمل والحلال

__________________

(١) التوحيد / ٤١٠ ، ح ١٠.

(٢ و ٣) من المصدر.

٢٤٣

من المال.

(وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) : فإنّ العبرة بالجودة والرّداءة ، دون القلّة والكثرة. فإنّ المحمود القليل ، خير من المذموم الكثير.

والخطاب لكلّ معتبر. ولذلك قال :

(فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) ، أي : فاتَّقوه في تحرّي الخبيث وإن كثر ، وآثروا الطّيّب وإن قلّ.

(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٠٠) : راجين أن تبلغوا الفلاح.

نقل : أنّها نزلت في حجّاج اليمامة ، لمّا همّ المسلمون أن يوقعوا بهم. فنهوا عنه وإن كانوا مشركين (١).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) :

الشّرطيّة وما عطف عليها ، صفتان «لأشياء». والمعنى : لا تسألوا رسول الله عن أشياء ، إن تظهر لكم تغمّكم ، وإن تسألوا عنها في زمان الوحي تظهر لكم.

وهما كمقدّمتين ، تنتجان ما يمنع السّؤال. وهو ، أنّه ممّا يغمّهم. والعاقل لا يفعل ما يغمّه.

«وأشياء» اسم جمع. كطرفاء. غير أنّه قلبت لامه ، فجعلت لفعاء.

وقيل (٢) : أفعلاء ، حذفت لامه. جمع ، لشيء. على أنّ أصله : شيء ، كهين.

أو شيء ، كصديق ، مخفّف.

وقيل : أفعال. جمع له من غير تغيير ، كبيت وأبيات. ويردّه منع صرفه.

في روضة الكافي : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : «لا تسألوا عن أشياء لم تبد لكم إن تبد لكم تسؤكم».

وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن أحمد بن محمّد قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٤.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، ح ٢١٢.

٢٤٤

ـ عليه السّلام ـ وكتب في آخره : أو لم تنتهوا عن كثرة المسائل ، فأبيتم أن تنتهوا.

إيّاكم وذلك ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم. فقال الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) إلى قوله : (كافِرِينَ).

وفي المجمع (١) ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : خطب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : إنّ الله كتب عليكم الحجّ. فقام عكاشة بن محصن ، ويروى سراقة بن مالك [فقال :] (٢) أفي كلّ عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتّى عاد مرّتين أو ثلاثا.

فقال رسول الله : ويحك ، وما يؤمنك أن أقول : نعم. والله لو قلت : نعم ، لوجبت. ولو وجبت ما استطعتم. ولو تركتم لكفرتم. فاتركوني كما تركتكم. فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء ، فأتوا منه ما استطعتم. وإذا نهيتكم عن شيء ، فاجتنبوه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : حدّثني أبي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنّ صفيّة بنت عبد المطّلب مات ابن لها. فأقبلت فقال لها عمر : غطّي قرطك ، فإن قرابتك من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لا تنفعك شيئا.

فقالت له : هل رأيت لي قرطا يا بن اللّخناء؟ ثمّ دخلت على رسول الله ، فأخبرته بذلك وبكت. فخرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فنادى : الصّلاة جامعة. فاجتمع النّاس.

فقال : ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع. لو قد قربت (٤) المقام المحمود ، لشفعت في أحوجكم (٥). لا يسألني اليوم أحد من أبوه (٦) إلّا أخبرته.

فقام إليه رجل فقال : من أبي يا رسول الله؟] (٧).

فقال : أبوك غير الّذي تدّعي له. أبوك فلان بن فلان.

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ٢٥٠.

(٢) من المصدر.

(٣) تفسير القمي ١ / ٨٨.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : قمت.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : خارجكم.

(٦) المصدر : أبواه.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٢٤٥

فقام آخر : قال : من أبي يا رسول الله؟

فقال : أبوك الّذي تدّعي له. ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ما بال الّذي يزعم أنّ قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟

فقام إليه عمر ، فقال له : أعوذ بالله ـ يا رسول الله ـ من غضب الله وغضب رسوله (١). اعف عنّي عفا الله عنك. فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (الآية).

وفي مجمع البيان : (٢) وقيل : إنّ تقديره : لا تسألوا (٣) عن أشياء عفا الله عنها ، إن تبد لكم تسؤكم. فقدّم وأخّر. فعلى هذا يكون قوله : (عَفَا اللهُ عَنْها) صفة «لأشياء» (٤) أيضا. ومعناه : كفّ (٥) الله عن ذكرها و (٦) لم يوجب فيها حكما. وإلى هذا [المعنى] (٧) أشار أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ [في قوله :] (٨) إنّ الله فرض (٩) عليكم فرائض ، فلا تضيّعوها.

وحدّ لكم حدودا ، فلا تعتدوها. ونهاكم عن أشياء ، فلا تنتهكوها. وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا ، فلا تتكلّفوها.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (١٠) : حدّثنا محمّد بن [محمد بن] (١١) عصام الكلينيّ ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكلينيّ ، عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمّد بن عثمان العمريّ ـ رضي الله عنه ـ أن يوصل لي كتابا ، قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ. فورد في التّوقيع بخطّ مولانا صاحب الزّمان : وأمّا ما وقع من الغيبة ، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

__________________

(١) هكذا في المصدر وأ. وفي سائر النسخ : رسول الله.

(٢) مجمع البيان ٢ / ٢٥٠ ، مع إسقاط عبارة من وسطه. وفي أ: وفي الكافي.

(٣) المصدر : تسألوه.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : للأشياء.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كفى.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أو.

(٧ و ٨) من المصدر.

(٩) المصدر : افترض.

(١٠) كمال الدين وتمام النعمة / ٤٨٥ ، ح ٤.

(١١) من المصدر ، وهو الصحيح. ر. تنقيح المقال ٣ / ١٧٩ ، رقم ١١٣٣١.

٢٤٦

إنّه لم يكن أحد (١) من آبائي ، إلّا وقد وقعت (٢) في عنقه بيعة لطاغية زمانه.

وإنّي أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي.

[وفي أصول الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم] ، عن أبيه ،] (٤) عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن حمّاد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : إذا حدّثتكم بشيء ، فسألوني من كتاب الله [ثمّ] (٥) قال في بعض حديثه : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نهى عن القليل والقال ، وفساد المال ، وكثرة السّؤال.

فقيل له : يا بن رسول الله ، أين هذا من كتاب الله؟

قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ). (٦) وقال (٧) : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً). وقال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) ..

وفي الكافي (٨) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس وعدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه جميعا عن عبد الله بن سنان وابن مسكان ، عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : إذا حدّثتكم بشيء ، فسألوني من كتاب الله. ثمّ قال في حديثه : إنّ الله نهى عن القيل والقال. وذكر مثله.] (٩).

(عَفَا اللهُ عَنْها) : صفة أخرى «لأشياء» ، يعني : أشياء عفا الله عنها ، ولم يكلّف بها. ويؤيّده ما روي سابقا عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

أو استئناف ، أي : عفا الله عمّا سلف من مسألتكم ، فلا تعودوا إلى مثلها.

__________________

(١) المصدر : لأحد.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أوقعت.

(٣) الكافي ١ / ٦٠ ، ح ٥.

(٤ و ٥) من المصدر.

(٦) النساء / ١١٤.

(٧) النساء / ٥.

(٨) نفس المصدر ٥ / ٣٠٠ ، ح ٢. وفيه : علي بن إبراهيم ، [عن أبيه.]

(٩) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٢٤٧

(وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٠١) : لا يعاجلكم بعقوبة ما يفرط منكم ، ويعفو عن كثير.

(قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ) :

الضّمير للمسألة ، الّتي دلّ عليها «تسألوا». ولذلك لم يعدّ «بعن». أو «لأشياء» بحذف الجارّ.

(مِنْ قَبْلِكُمْ) : متعلّق «يسألها».

قيل (١) : وليست صفة «لقوم». فإنّ ظرف الزّمان ، لا يكون صفة للجثّة ، ولا حالا منها ، ولا خبرا عنها. وفيه نظر (٢).

(ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) (١٠٢) : حيث لم يأتمروا بما سألوا ، وجحدوا.

(ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) : ردّ وإنكار لما ابتدعه أهل الجاهليّة.

في كتاب معاني الأخبار (٣) : حدّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ أهل الجاهليّة كانوا إذا ولدت النّاقة ولدين في بطن واحد ، قالوا : وصلت ، فلا يستحلّون ذبحها ولا أكلها. وإذا ولدت عشرا ، جعلوها سائبة ، ولا يستحلّون ظهرها ولا أكلها.

و «الحام» فحل الإبل. لم يكونوا يستحلّونه. فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ إنّه لم يكن يحرّم شيئا من ذلك.

وفيه : (٤) وقد روي أنّ «البحيرة» النّاقة إذا أنتجت خمسة أبطن. فإن كان

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٤.

(٢) يوجد في هامش الأصل : القائل البيضاوي. ووجه النظر أنّ الاخبار بظرف الزمان عن الجثة واقع حيث يفيد. وقد قال ابن مالك :

ولا يكون اسم زمان خبرا

عن جثّة وإن يفد فأخبرا.

(منه سلّمه الله تعالى)

(٣) معاني الأخبار / ١٤٨ ، ح ١.

(٤) نفس المصدر والموضع.

٢٤٨

الخامس ذكرا ، نحروه فأكله الرّجال والنّساء. وإن كان الخامس أنثى ، بحروا (١) أذنها ، أي : شقّوه. (٢) وكانت حراما على النّساء [والرّجال] (٣) لحمها ولبنها. فإذا ماتت (٤) حلّت للنّساء. و «السّائبة» البعير يسيب بنذر يكون على الرّجل إن سلّمه الله ـ عزّ وجلّ ـ من مرض أو بلغه منزلة أن يفعل ذلك. و «الوصيلة» من الغنم. كانوا إذا ولدت الشّاة سبعة أبطن ، فإن كان السّابع ذكرا ذبح فأكل منه الرّجال والنّساء. وإن كانت أنثى تركت في الغنم. وإن كانت ذكرا وأنثى قالوا : وصلت أخاها. فلم تذبح. وكان لحومها حراما على النّساء ، إلّا أن يموت منها شيء فيحل أكلها للرّجال والنّساء. و «الحام» الفحل ، إذا ركب ولد ولده قالوا : قد حمى ظهره. وقد يروى «الحام» هو من الإبل. إذا أنتج عشرة أبطن ، قالوا : قد حمى ظهره. فلا يركب ولا يمنع من كلأ ولا ماء.

(انتهى).

[وفي تفسير العيّاشي (٥) : قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : البحيرة ، إذا ولدت وولد ولدها بحرت.

و] (٦) المعنى «ما جعل» : ما شرّع ووضع الله ذلك. ولذلك تعدّى إلى مفعول ، وهو «بحيرة». و «من» مزيدة.

(وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) : بتحريم ذلك ، ونسبته إليه.

(وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١٠٣) ، أي : الحلال من الحرام ، والمبيح من المحرّم. أو الآمر من النّاهي. وأنّ ذلك افتراء. بل يقلّدون في تحريمها رؤساءهم ، الّذين يمنعهم حبّ الرّئاسة عن الاعتراف به.

في مجمع البيان (٧) : عن ابن عبّاس ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنّ عمر بن يحيى بن قمعة بن جندب (٨) كان قد ملك مكّة. وكان أوّل من غير دين إسماعيل.

فاتخذ الأصنام ، ونصب الأوثان ، وبحر البحيرة ، وسيّب السّائبة ، ووصل الوصيلة ،

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : جزّوا.

(٢) كذا في المصدر والنسخ. والظاهر : شقّوها.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر : وإذا مات.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٣٤٨ ، ذيل حديث ٢١٥.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) مجمع البيان ٢ / ٢٥٢.

(٨) المصدر : عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف.

٢٤٩

وحمى الحامي. قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فلقد رأيته في النّار تؤذي أهل النّار ريح قصبته. وروي : بحر قصبته في النّار.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) : بيان لقصور عقلهم ، وانهماكهم في التّقليد. وأن لا سند لهم سواه.

(أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (١٠٤) : الواو ، للحال.

والهمزة دخلت عليها ، لإنكار الفعل على هذه الحال ، أي : أحسبهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا جهلة ضالّين.

والمعنى : أنّ الاقتداء ، إنّما يصحّ بمن علم أنّه عالم مهتد. وذلك لا يعرف إلّا بالحجّة ، فلا يكفي التّقليد.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ، أي : احفظوها والزموا إصلاحها.

والجارّ والمجرور جعل اسما «لألزموا». ولذلك نصب «أنفسكم».

وقرئ ، بالرّفع ، على الابتداء.

(لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) : لا يضرّكم الضّالّ إذا كنتم مهتدين.

قيل (١) : نزلت ، لمّا كان المؤمنون يتحسّرون على الكفرة ويتمنّون إيمانهم.

وقيل : كان الرّجل إذا أسلم ، قالوا له : سفّهت آباءك [أو لاموه.] (٢) فنزلت.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : أصلحوا أنفسكم ، ولا تتّبعوا عورات النّاس ، ولا تذكروهم. فإنّه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم صالحين.

وفي مجمع البيان (٤) : [روي أنّ] (٥) أبا ثعلبة سأل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن هذه الآية؟

فقال : ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر. فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحّا مطاعا.

وهوى متّبعا وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه ، فعليك بخويصة نفسك وذر عوامّهم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٥.

(٢) من المصدر.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٨٨.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٢٥٤.

(٥) من المصدر.

٢٥٠

و «لا يضركم» يحتمل الرّفع ، على أنّه مستأنف. ويؤيّده ، أنّه قرئ : «لا يضيركم». والجزم ، على الجواب. أو النّهي. لكنّه ضمّت الرّاء ، اتّباعا لضمّة الضّاد المنقولة إليها من الرّاء المدغمة. وتنصره قراءة من قرأ : «لا يضركم» بفتح الرّاء. و «لا يضرّكم» بكسر الضّاد وضمّها. من ضاره ، يضيره. ويضوره.

(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥) : وعد ووعيد للفريقين. وتنبيه ، على أن أحدا لا يؤاخذ بذنب غيره.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) ، أي : فيما أمرتم شهادة بينكم.

والمراد بالشّهادة ، الإشهاد. وإضافتها إلى الظرف ، على الاتّساع.

وقرئ : «شهادة» بالنّصب والتّنوين ، على ليقم. (١) (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) : إذا شارفه ، وظهرت أماراته. وهو ظرف «للشّهادة».

(حِينَ الْوَصِيَّةِ) : بدل منه. وفي الإبدال تنبيه ، على أنّ الوصيّة ممّا ينبغي أن لا يتهاون فيها. أو ظرف «حضر».

(اثْنانِ) : فاعل «شهادة». ويجوز أن يكون خبرها ، على حذف المضاف.

(ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) : من المسلمين. أو من أقاربكم. وهما صفتان «لاثنان».

(أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) : عطف على «اثنان» ، أي : من أهل الكتاب والمجوس.

(إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) : سافرتم فيها.

(فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) ، أي : قاربتم الأجل.

(تَحْبِسُونَهُما) : تقفونهما وتصبّرونهما. صفة «الآخران».

والشّرط بجوابه المحذوف ، المدلول عليه بقوله : «أو آخران من غيركم» اعتراض فائدته ، الدّلالة على أنّه ينبغي أن يشهد اثنان منكم ، فإنّ تعذّر كما في السّفر فمن

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٥.

٢٥١

غيركم. أو استئناف ، كأنّه قيل (١) : كيف نعمل إن ارتبنا بالشّاهدين؟ فقال :

تحبسونهما.

(مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) : لتغليظ اليمين بشرف الوقت. ولأنّه وقت اجتماع النّاس.

(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) ، أي : الآخران.

(إِنِ ارْتَبْتُمْ) ، أي : ارتاب الوارث منكم. وهو اعتراض.

(لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) : مقسم عليه. والمعنى : لا نستبدل بالقسم أو بالله عرضا من الدّنيا ، أي : لا نحلف بالله كاذبا لطمع.

(وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) : ولو كان المقسم له قريبا منّا. وجوابه ـ أيضا ـ محذوف ، أي : لا نشتري.

(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) ، أي : الشّهادة الّتي أمرنا بإقامتها.

وعن الشّعبي (٢) : أنّه وقف على «شهادة» ، ثمّ ابتدأ «الله» بالمدّ ، على حذف القسم وتعويض حرف الاستفهام. وروي عنه بغيره ، كقولهم : آلله لأفعلنّ.

(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (١٠٦) ، أي : إن كتمنا.

وقرئ : «لملاثمين» بحذف الهمزة ، وإلقاء حركتها على الّلام ، وإدغام النّون فيها (٣).

(فَإِنْ عُثِرَ) : فإن اطّلع.

(عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) ، أي : فعلا ما أوجبا إثما ، بسبب تحريف الشّهادة.

(فَآخَرانِ) : فشاهدان آخران.

(يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) : من الّذين جنى عليهم. وهم الورثة.

وقرأ حفص : «استحقّ» على البناء للفاعل. وهو الأوليان.

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٢٩٦.

(٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

٢٥٢

(الْأَوْلَيانِ) : الأحقّان بالشّهادة لقرابتهما ومعرفتهما. وهو خبر مبتدأ محذوف ، أي : هما الأوليان. أو خبر «آخران». أو مبتدأ ، خبره «آخران». أو بدل منهما ، أو من الضّمير في «يقومان».

وقرأ حمزة ويعقوب وأبو بكر ، عن عاصم : «الأولين» على أنّه صفة «للّذين».

أو بدل منه ، أي : من الأولين الّذين استحقّ عليهم.

وقرئ : «الأوّلين» على التّثنية ، وانتصابه على المدح. و «الأولان» وإعرابه إعراب «الأوليان» (١).

(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) : أصدق منهما ، وأولى بأن تقبل. سمّى اليمين شهادة ، لوقوعها موقعها. كما في اللّعان.

(وَمَا اعْتَدَيْنا) : ما تجاوزنا فيها الحقّ.

(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (١٠٧) : الواضعين الباطل موضع الحقّ. أو الظّالمين أنفسهم إن اعتدينا.

(ذلِكَ) ، أي : الحكم الّذي تقدّم. أو تحليف الشّاهدين.

(أَدْنى) : أقرب.

(أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) : على نحو ما حملوها ، من غير تحريف وخيانة فيها.

(أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) : أن تردّ اليمين على المدّعين بعد أيمانهم ، فيفتضحوا بظهور الخيانة واليمين الكاذبة.

قيل (٢) : وإنّما جمع الضّمير ، لأنّه حكم يعمّ الشّهود كلّهم.

(وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا) : ما توصون به سمع إجابة.

(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (١٠٨) : الخارجين عن الحقّ بالخيانة في الشّهادة إلى حجّة ، أو إلى طريق الجنّة.

ومعنى الآيتين : أنّ المحتضر إذا أراد الوصيّة ، ينبغي أن يشهد عدلين من ذوي

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٩٧.

٢٥٣

نسبه أو دينه على وصيّته. أو يوصي إليهما احتياطا. فإن لم يجدهما بأن كان سفر ، فآخران من غيرهم. ثمّ إن وقع نزاع وارتياب ، أقسما على صدق ما يقولان بالتّغليظ في الوقت. فإن اطّلع على أنّهما كذبا بأمارة ومظنّة ، حلف آخران من أولياء الميّت.

وفي الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتّهذيب (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : اللّذان منكم ، مسلمان. واللّذان من غيركم ، من أهل الكتاب.

فإن لم تجدوا من أهل الكتاب ، فمن المجوس. لأنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سنّ في المجوس سنّة أهل الكتاب في الجزية. وذلك إذا مات الرّجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين ، أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد الصّلاة (٢) فيقسمان بالله ـ تعالى ـ (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) ..

قال : وذلك ، إن ارتاب (٣) وليّ الميّت في شهادتهما. (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا) شهدا بالباطل ، فليس له أن ينقض شهادتهما حتّى يجيء بشاهدين فيقومان مقام الشّاهدين الأوّلين (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ).

فإذا فعل ذلك ، نقض شهادة الأوّلين وجازت شهادة الآخرين. يقول الله ـ تعالى ـ :

(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا) (الآية).

وفي الكافي (٤) مرفوعا : [خرج] (٥) تميم الدّاريّ وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر.

وكان تميم الدّاريّ مسلما ، وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيّين. وكان مع تميم الدّاريّ خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذّهب وقلادة ، أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع. فاعتلّ تميم الدّاريّ علّة شديدة. فلمّا حضره الموت ، دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته. فقدما المدينة ، وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة ، وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته. فافتقد القوم الآنية والقلادة ، فقال

__________________

(١) الكافي ٧ / ٤ ـ ٥ ، ح ٦ ، من لا يحضره الفقيه ٤ / ١٤٢ ، ح ٤٨٧ ، ببعض الاختلاف ، تهذيب الأحكام ٩ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، ح ٧١٥ ، ايضا.

(٢) هكذا في الكافي. وفي النسخ : بعد العصر.

(٣) الكافي : إذا ارتاب.

(٤) الكافي ٧ / ٥ ، ح ٧.

(٥) من المصدر وأ.

٢٥٤

أهل تميم لهما : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا ، أنفق فيه نفقة كثيرة؟

فقالا : لا ، ما مرض إلّا أيّاما قلائل.

قالوا : فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟

قالا : لا.

قالوا : فهل اتّجر تجارة خسر فيها؟

قالا : لا.

قالوا : فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه آنية منقوشة بالذّهب مكلّلة بالجوهر وقلادة.

فقال : ما دفع إلينا ، فقد أدّيناه إليكم. فقدّموهما إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأوجب [رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١) عليهما اليمين. فحلفا ، فخلّى عنهما. ثمّ ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما. فجاء أولياء تميم إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقالوا : يا رسول الله ، قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما ، فانتظر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من الله ـ تعالى ـ الحكم في ذلك. فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ). (الآية).

فأطلق الله ـ تعالى ـ شهادة أهل الكتاب على الوصيّة فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ). فهذه الشّهادة الأولى الّتي جعلها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) ، أي : أنّهما حلفا على كذب (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) ، يعني : من أولياء المدّعي. (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) يحلفان بالله ، إنّهما أحقّ بهذه الدّعوى منهما. وإنّهما قد كذبا فيما حلفا بالله (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ..

فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أولياء تميم الدّاريّ ، أن يحلفوا بالله على ما

__________________

(١) من المصدر.

٢٥٥

أمرهم به ، فحلفوا. فأخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ القلادة والآنية من ابن بيدي وابن أبي مارية ، وردّهما إلى أولياء تميم الدّاريّ.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) ، ما يقرب منه.

وفي الكافي (٢) ، في عدّة أخبار ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : إذا كان الرّجل في أرض غربة لا يوجد فيها مسلم ، جاز شهادة من ليس بمسلم على الوصيّة.

واعلم ، أنّه ينبغي أن يحمل الإحلاف على ما إذا كانا وصيّين. وأمّا إذا كانا شاهدين على الوصيّة ، فلا يحلف الشّاهد وإن كان ذمّيّا بالإجماع.

(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) :

قيل (٣) : ظرف «للا يهدي».

وقيل (٤) : بدل من مفعول «واتّقوا» بدل اشتمال. أو مفعول «واسمعوا» على حذف المضاف ، أي : اسمعوا خبر يوم جمعهم. أو منصوب بإضمار «اذكر».

(فَيَقُولُ) : للرّسل.

(ما ذا أُجِبْتُمْ) ، أي : أيّ إجابة أجبتم؟ على أنّ «ما ذا» في موضع المصدر. أو بأيّ شيء أجبتم؟ فحذف الجارّ. وهذا السّؤال لتوبيخ قومهم ، كما أنّ سؤال «الموؤدة» لتوبيخ الوائد. ولذلك :

(قالُوا لا عِلْمَ لَنا) ، أي : لا علم لنا بما كنت تعلمه.

(إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (١٠٩) :

قيل (٥) : فتعلم ما نعلمه ممّا أجابونا وأظهروا لنا ، وما لم نعلم ممّا أضمروا في قلوبهم. وفيه التّشكّي منهم ، وردّ الأمر إلى علمه بما كابدوا منهم.

وقيل (٦) : المعنى : لا علم لنا إلى جنب علمك. أو لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا ،

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٨٩.

(٢) الكافي ٧ / ٣.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٧. وفيه : «ظرف له» بدل «ظرف للا يهدي».

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) نفس المصدر ١ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨.

(٦) نفس المصدر. ١ / ٢٩٨.

٢٥٦

وإنّما الحكم للخاتمة.

وقرئ : «علّام» بالنّصب. على أنّ الكلام قد تمّ بقوله : «إنّك أنت» ، أي :

إنّك الموصوف بصفاتك المعروفة. و «علّام» منصوب على الاختصاص. أو النّداء (١).

وقرأ حمزة وأبو بكر : «الغيوب» بكسر الغين حيث وقع (٢).

وفي كتاب معاني الأخبار (٣) : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد العزيز (٤) المقريّ قال :

[قال : حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقريّ الجرجانيّ ،] (٥) حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن الموصليّ ببغداد قال : حدّثنا محمّد بن عاصم الطّريقي (٦) قال : حدّثنا أبو زيد بن عبّاس (٧) بن يزيد بن الحسن بن عليّ الكحّال مولى زيد بن عليّ قال : حدّثنا أبي زيد (٨) بن الحسن قال : حدّثني موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ قال : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : يقولون : لا علم لنا بسواك. وقال : القرآن كلّه تقريع ، وباطنه تقريب.

وفي روضة الكافي (٩) : عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد الكناسي [قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا). قال : فقال :] (١٠) إنّ لهذا تأويلا «يقول ما ذا أجبتم» في أوصيائكم الّذين خلّفتموهم على أممكم؟ قال : فيقولون : «لا علم لنا» بما فعلوا من بعدنا.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١١) : عنه ـ عليه السّلام ـ مثله.

من دون أن يسمّيه تأويلا.

__________________

(١ و ٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) معاني الأخبار / ٢٣١ ، ح ١.

(٤) المصدر : عبد الرحمن.

(٥) من المصدر.

(٦) المصدر : الطريفي.

(٧) المصدر : «عياش». وقيل في هامشه : في بعض النسخ «عباس.»

(٨) المصدر : «حدّثني أبي يزيد.» وفي أ«حدثنا محمد بن أبي زيد.»

(٩) الكافي ٨ / ٣٣٨ ، ح ٥٣٥.

(١٠) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(١١) تفسير القمي ١ / ١٩٠.

٢٥٧

(إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي) : الّتي أنعمت.

(عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) : بدل من «يوم يجمع». وهو على طريقة «ونادى أصحاب الجنّة».

والمعنى : أنّه ـ تعالى ـ يوبّخ الكفرة يومئذ بسؤال الرّسل عن إجابتهم وتعديد ما أظهر عليهم من الآيات ، فكذّبهم طائفة وسمّوهم : سحرة. وغلا آخرون ، فاتّخذوهم آلهة.

أو نصب بإضمار «اذكر».

(إِذْ أَيَّدْتُكَ) : قوّيتك. وهو ظرف «لنعمتي». أو حال منه.

وقرئ : «آيدتك» (١).

(بِرُوحِ الْقُدُسِ) : بجبرئيل ـ عليه السّلام ـ أو بالكلام ، الّذي به يحيا الدّين أو النّفس حياة أبديّة ، ويطهر من الآثام.

(تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) ، أي : كائنا في المهد وكهلا. والمعنى :

تكلّمهم في الطّفوليّة والكهولة على سواء. والمعنى : إلحاق حاله في الطفوليّة بحال الكهولة في كمال العقل ، والتّكلّم وبه استدل على أنّه سينزل ، فإنّه رفع قبل أن يكتهل.

(وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) : سبق تفسيره في آل عمران.

وقرأ نافع ويعقوب : «طائرا». ويحتمل الإفراد والجمع ، كالباقر (٢).

[وفي عيون الأخبار (٣) في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أهل الأديان وأصحاب المقالات في التّوحيد : قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : يا نصرانيّ ، أسألك عن مسألة.

قال : سل. فإن كان عندي علمها ، أجبتك.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٨.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) عيون اخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ١ / ١٥٩.

٢٥٨

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : ما أنكرت أنّ عيسى ـ عليه السّلام ـ كان يحيي الموتى بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ؟

قال الجاثليق : أنكرت ذلك ، من أجل أنّ من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص ، فهو ربّ مستحقّ لأن يعبد.

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : فإن اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى ـ عليه السّلام ـ مشى على الماء ، وأحياء الموتى ، وأبرأ الأكمه والأبرص. فلم تتّخذه أمّته ربّا ، ولم يعبده أحد من دون الله ـ عزّ وجلّ ـ ولقد صنع حزقيل النّبيّ ـ عليه السّلام ـ مثل ما صنع عيسى بن مريم. فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجل من بعد موتهم ، بستّين سنة. ثمّ التفت إلى رأس الجالوت فقال له : يا رأس الجالوت ، أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التّوراة ، اختارهم بخت نصر من سبي بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس ثمّ انصرف بهم إلى بابل ، فأرسله الله ـ عزّ وجلّ ـ إليهم فأحياهم؟ هذا في التّوراة لا يدفعه إلّا كافر منكم.

قال رأس الجالوت : قد سمعنا به وعرفناه.

قال : صدقت. ثمّ قال : يا يهوديّ ، خذ على هذا السّفر من التّوراة. فتلا ـ عليه السّلام ـ علينا من التّوراة آيات ، فأقبل اليهوديّ يترجّح لقرائته ويتعجّب. ثمّ أقبل على النّصرانيّ فقال : يا نصرانيّ ، أفهؤلاء كانوا قبل عيسى ، أم عيسى كان قبلهم؟

قال : بل كانوا قبله.

فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : لقد اجتمعت قريش على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسألوه أن يحيي لهم موتاهم. فوجّه معهم عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ.

فقال له : اذهب إلى الجبّانة ، فناد بأسماء هؤلاء الرّهط الّذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويا فلان ويا فلان ، يقول لكم محمّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : قوموا بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ فقاموا ينفضون التّراب عن رؤوسهم. فأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم. ثمّ أخبروهم أنّ محمّدا قد بعث نبيّا ، فقالوا : وددنا أنّا أدركناه فنؤمن

٢٥٩

به. ولقد أبرأ الأكمه والأبرص والمجانين ، وكلّمه البهائم والطّير والجنّ والشّياطين ، ولم نتّخذه ربّا من دون الله ـ عزّ وجلّ ـ ولم ننكر لأحد من هؤلاء فضلهم.

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.] (١).

(وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ) ، يعني : اليهود حين همّوا بقتله.

(إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : ظرف «لكففت».

(فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١١٠) ، أي : ما هذا الّذي جئت به إلّا سحر.

وقرأ حمزة والكسائيّ : «إلّا ساحر». فالإشارة إلى عيسى ـ عليه السّلام ـ (٢).

(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) ، أي : أمرتهم على ألسنة رسلي.

[وفي تفسير العيّاشي (٣) : محمّد بن يوسف الصّنعانيّ ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ : (إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) ..

قال : ألهموا.] (٤).

(أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي) : يجوز أن تكون «أن» مصدريّة ، وأن تكون مفسّرة.

(قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) (١١١) : مخلصون.

(إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) : منصوب «باذكر».

[وفي كتاب التّوحيد (٥) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أصحاب المقالات والأديان : قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ للجاثليق : سل عمّا بدا لك.

قال الجاثليق : أخبرني عن حواريّ عيسى بن مريم كم كان عدّتهم ، وعن علماء الإنجيل كم كانوا؟

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : على الخبير سقطت. أمّا الحواريّون ، فكانوا اثني عشر رجلا. وكان أفضلهم وأعلمهم ألوقا. وأمّا علماء النّصارى ، فكانوا ثلاثة رجال :

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في روأ.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٨.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٥٠ ، ح ٢٢١.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) التوحيد / ٤٢١ ، ح ١ ، وأوله في ص ٤١٧.

٢٦٠