تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

كانوا أخافوا السّبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولم يأخذوا مالا أمر بإيداعهم الحبس. فإنّ ذلك معنى نفيهم من الأرض.

ومراده ـ عليه السّلام ـ أنّ ذلك في معناه وقائم مقامه.

وفي رواية في الكافي (١) : أنّ معنى نفي المحارب : أن يقذف في البحر ، ليكون عدلا للقتل والصّلب. ومعناه : أنّ المحارب إذا قتل وأخذ المال يقوم ذلك مقام جزائه.

وعن الباقر ـ عليه السّلام (٢) ـ : من حمل السّلاح باللّيل فهو محارب ، إلّا أن يكون رجلا ليس من أهل الرّيبة.

وفي الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، وأبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن طلحة النّهديّ (٤) ، عن سورة بن كليب قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة ، فيلقاه رجل أو (٥) يستقفيه فيضربه ويأخذ ثوبه؟

قال : أيّ شيء يقول فيه من قبلكم؟

قلت : يقولون : هذه دغارة معلنة ، وإنّما المحارب في قرى مشركيّة.

فقال : أيّهما أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشّرك؟

قال : فقلت : دار الإسلام.

فقال : هؤلاء من أهل هذه الآية : (إِنَّما جَزاءُ) (إلى آخر الآية.).

[محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٦) ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد ابن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : من شهر السّلاح في مصر من الأمصار فعقر ، اقتصّ منه ونفي من تلك البلدة. ومن شهر السّلاح في غير الأمصار وضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل ، فهو محارب. فجزاؤه جزاء المحارب وأمره إلى الإمام ، إن شاء

__________________

(١) الكافي ٧ / ٢٤٧ ، ح ١٠. وما في المتن هو مضمون الرواية. فراجع.

(٢) نفس المصدر ٧ / ٢٤٦ ، ح ٦.

(٣) نفس المصدر ٧ / ٢٤٥ ، ح ٢.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الهنديّ.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : و.

(٦) نفس المصدر ٧ / ٢٤٨ ، ح ١٢.

١٠١

قتله ، وإن شاء صلبه ، وإن شاء قطع يده ورجله.

قال : وإن ضرب وقتل وأخذ المال ، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسّرقة ، ثمّ يدفعه (١) إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثمّ يقتلونه.

قال : فقال له أبو عبيدة : أصلحك الله ، أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ قال : فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : إن عفوا عنه فإنّ على الإمام أن يقتله ، لأنّه قد حارب وقتل وسرق.

قال : فقال أبو عبيدة : أرأيت إن [أراد] (٢) أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدّية ويدعونه ، ألهم ذلك؟

قال [فقال :] (٣) لا ، عليه القتل.] (٤)

وفي مجمع البيان (٥) : المرويّ عن أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ : أنّ المحارب ، هو كلّ من شهر السّلاح وأخاف الطّريق ، سواء كان في المصر أو خارج المصر.

(ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا) : فضيحة.

(وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٣٣) : لعظم ذنوبهم.

في الكافي (٦) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، وحميد بن زياد عن ابن سماعة ، عن غير واحد من أصحابه جميعا ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي صالح ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قدم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قوم من بني ضبّة مرضى.

فقال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أقيموا عندي ، فإذا برئتم بعثتكم في سريّة.

فقالوا : أخرجنا من المدينة. فبعث بهم إلى إبل الصّدقة يشربون من أبوالها ويأكلون من ألبانها ، فلمّا برئوا واشتدّوا قتلوا ثلاثة ممّن كانوا في الإبل [وساقوا الإبل] (٧) فبلغ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الخبر (٨). فبعث إليهم عليّا ـ عليه السّلام ـ وهم في

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يدفع.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) مجمع البيان ٢ / ١٨٨.

(٦) الكافي ٧ / ٢٤٥ ، ح ١.

(٧ و ٨) ليس في المصدر.

١٠٢

واد قد تحيّروا ليسوا (١) يقدرون أن يخرجوا منه قريبا من أرض اليمن. فأسرهم وجاء بهم إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فنزلت عليه هذه الآية. فاختار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ القطع. فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.

[محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن محمّد بن يحيى ، عن طلحة [بن زيد] (٣) قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : كان أبي ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ للحرب حكمين ، إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكلّ أسير أخذ في تلك الحال فإنّ الإمام فيه بالخيار ، إن شاء ضرب عنقه ، وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم وتركه يتشحّط في دمه حتّى يموت. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ). ألا ترى أن المخيّر الّذي خيّره الله الإمام على شيء واحد وهو الكفر ، وليس هو على أشياء مختلفة.

فقلت لأبي عبد الله ـ صلوات الله عليه ـ : قول الله ـ تعالى ـ : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ).

قال : ذلك الطّلب أن تطلبه الخيل حتّى يهرب ، فإنّ أخذته الخيل حكم عليه ببعض الأحكام الّتي وصفت لكم.

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٤) ، عن حنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) (إلى آخر الآية).

قال : لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدّق عليه] (٥)

(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) :

قيل (٦) : استثناء مخصوص بما هو حقّ الله ـ تعالى ـ ويدلّ عليه قوله :

__________________

(١) المصدر : ليس.

(٢) نفس المصدر ٥ / ٣٢ ، ح ١. وله تتمّة.

(٣) من المصدر.

(٤) نفس المصدر ٧ / ٢٤٦ ، ح ٤.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٣.

١٠٣

(فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٤) : أمّا القتل قصاصا ، فإلى الأولياء.

ويسقط بالتّوبة وجوبه ، أي : عن الإمام. لا جوازه ، أي : للأولياء.

وتقييد التّوبة بالتّقدّم على القدرة ، يدلّ على أنّها بعد القدرة لا تسقط الحدّ وإن أسقطت عذاب الآخرة. وأنّ الآية في قطّاع المسلمين ، لأنّ توبة المشرك تدرأ عنه العقوبة قبل القدرة وبعدها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : حدّثني أبي ، عن عليّ بن حسّان ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : من حارب الله وأخذ المال وقتل ، كان عليه أن يقتل ويصلب.

ومن حارب وقتل ولم يأخذ المال ، كان عليه أن يقتل ولا يصلب. ومن حارب فأخذ المال ولم يقتل ، كان عليه أن تقطع يده ورجله من خلاف. ومن حارب ولم يأخذ المال ولم يقتل ، كان عليه أن ينفى. ثمّ استثنى ـ عزّ وجلّ ـ فقال : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) ، يعني : يتوب من قبل أن يأخذه (٢) الإمام.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ، أي : ما تتوسّلون به إلى ثوابه والزّلفى منه ، من فعل الطّاعات وترك المعاصي ، وهو معرفة الإمام واتّباعه.

من وسل إلى كذا : تقرّب إليه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) قال : تقرّبوا إليه بالإمام.

وفي عيون الأخبار (٤) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من الأخبار المجموعة ، وبإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الأئمّة من ولد الحسين من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله. هم العروة الوثقى. وهم الوسيلة إلى الله ـ تعالى ـ.

وفي مجمع البيان (٥) : وروى سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : في الجنّة لؤلؤتان إلى بطنان العرش ، أحدهما بيضاء والأخرى

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٧ ـ ١٦٨.

(٢) المصدر : يأخذهم.

(٣) نفس المصدر / ١٦٨.

(٤) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ٥٨ ، ح ٢١٧.

(٥) مجمع البيان ٢ / ١٨٩.

١٠٤

صفراء ، في كلّ واحدة منهما سبعون ألف غرفة أبوابهما وأكوابهما من عرق واحد ، فالبيضاء الوسيلة لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأهل بيته ، والصّفراء لإبراهيم وأهل بيته.

وفي كتاب علل الشّرائع (١) بإسناده إلى أبي سعيد الخدريّ قال : كان النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : إذا سألتم الله لي فاسألوه الوسيلة.

فسألنا النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن الوسيلة؟

فقال : هي درجتي في الجنّة. وهي ألف مرقاة. ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس فرس الجواد شهرا. وهي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضّة. فيؤتى بها يوم القيامة حتّى تنصب مع درجة النّبيّين.

فهي في درج (٢) النّبيّين كالقمر بين الكواكب. فلا يبقى يومئذ نبيّ ولا صدّيق ولا شهيد إلّا قال : طوبى لمن كانت هذه الدّرجة (٣) درجته. فيأتي النّداء من عند الله ـ عزّ وجلّ ـ فيسمع النّبيين وجميع الخلق (٤). هذه درجة محمّد.

[قال] (٥) رسول الله : فأقبل (٦) أنا يومئذ متّزرا (٧) بريطة من نور ، عليّ تاج الملك وإكليل الكرامة [والملائكة الكرام (٨) وأخي (٩) عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ أمامي وبيده لوائي وهو لواء الحمد ، مكتوب عليه : لا إله إلّا الله محمّد وعليّ هم المفلحون الفائزون بالله. فإذا مررنا بالنّبيّين قالوا : هذان (١٠) ملكان مقرّبان (١١) [لم نعرفهما ولم

__________________

(١) علل الشرائع ١ / ١٦٤ ـ ١٦٦ ، ح ٦.

(٢) أ: «بين درج». وسائر النسخ : «في درجة». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لدرجات.

(٤) المصدر : «فينادي مناد يسمع النداء جميع النبيّين والصدّيقين والشهداء والمؤمنين» بدل «فيأتي النداء ... وجميع الخلق». وما في المصدر أظهر.

(٥) من المصدر.

(٦) أ: «وأقبل» وسائر النسخ : «فأقبلت». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : منوّر.

(٨) من المصدر.

(٩ و ١٠) ليس في المصدر.

(١١) المصدر : ملكين مقربين.

١٠٥

نرهما.] (١) وإذا مررنا بالملائكة قالوا : [هذان ملكان ولم نعرفهما ولم نرهما. وإذا مررنا بالمؤمنين قالوا :] (٢) هذان نبيّان مرسلان. حتّى أعلو الدّرجة (٣) وعليّ يتبعني ، حتّى إذا صرت في أعلى درجة منها (٤) وعليّ أسفل منّي بدرجة [وبيده لوائي] (٥) فلا يبقى يومئذ نبيّ [ولا صدّيق ولا شهيد إلّا قال :] (٦) طوبى لهذين العبدين (٧) ، ما أكرمهما على الله! فيأتي النّداء من قبل (٨) الله يسمع النّبيّين و [الصّدّيقين والشّهداء والصّالحين :] (٩) هذا حبيبي محمّد وهذا وليّي عليّ ، طوبى لمن أحبّه. وويل لمن أبغضه وكذب عليه. ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [لعليّ : يا عليّ ،] (١٠) فلا يبقى يومئذ [في مشهد القيامة] (١١) أحد يحبّك (١٢) ، إلّا استروح إلى هذا الكلام وابيضّ وجهه وفرح قلبه. ولا يبقى يومئذ (١٣) أحد عاداك (١٤) أو نصب لك حدبا أو جحد لك حقّا إلّا اسودّ وجهه واضطرب قلبه (١٥). [ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :] (١٦) فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي (١٧) ، أمّا أحدهما فرضوان خازن الجنّة وأمّا الآخر فمالك خازن النّار. فيدنو رضوان [فيسلّم عليّ] (١٨) فيقول : السّلام عليك يا احمد (١٩).

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) من المصدر.

(٣) هكذا في المصدر وفي النسخ : «علوت درجتي» بدل : «أعلو الدرجة».

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «درجتي» بدل «درجة منها».

(٥) من المصدر.

(٦) ليس في المصدر. وبدله فيه : ولا وصيّ ولا مؤمن إلّا رفعوا رؤوسهم إليّ يقولون :

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : غلامين.

(٨) المصدر : عند.

(٩) ليس في المصدر. وبدله فيه : جميع الخلق.

(١٠ و ١١) من المصدر.

(١٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أحبّك يا عليّ.

(١٣) ليس في المصدر.

(١٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : و.

(١٥) أ: «واضطرب قدمه». المصدر : «واضطربت قدماه».

(١٦) من المصدر.

(١٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : عليّ.

(١٨) من المصدر.

(١٩) المصدر : فيقول : السلام عليك يا رسول الله : فأرد عليه السلام.

١٠٦

وأقول : وعليك السّلام أيّها الملك (١) ، من أنت [فما أحسن وجهك وأطيب ريحك؟!] (٢).

فيقول : أنا رضوان خازن الجنّة [وهذه مفاتيح (٣) الجنّة بعث بها ربّ العزّة ،] (٤) فخذها يا أحمد.

فأقول : قد قبلت ذلك من ربّي. فله الحمد على ما فضّلني به. (٥) [فآخذها.] (٦) فأدفعها إلى علي (٧). ثمّ (٨) يرجع رضوان فيدنو (٩) مالك فيقول : السّلام عليك يا أحمد.

فأقول : السّلام عليك أيّها الملك. من أنت؟ فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك؟! فيقول : أنا مالك خازن النّار. [وهذه مقاليد النّار بعث بها اليك ربّ العزّة ، فخذها يا أحمد.] (١٠) فأقول : قد قبلت ذلك من ربّي. فله الحمد على ما فضّلني به. [فآخذها فأدفعها إلى عليّ.] (١١) ثمّ يرجع مالك. فيقبل عليّ يومئذ (١٢). ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النّار حتّى يقف على عجزة (١٣) جهنّم (١٤) وقد تطاير شرارها وعلا زفيرها واشتدّ حرّها [وعليّ آخذ بزمامها.] (١٥).

فتقول (١٦) جهنّم : جزني يا عليّ. [فقد] (١٧) أطفأ نورك لهبي.

__________________

(١) المصدر : أيّها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم على ربّه.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : مفتاح.

(٤) المصدر : «أمرني ربّي أن آتيك بمفاتيح الجنّة فأدفعها إليك».

(٥) المصدر : أنعم به عليّ.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) المصدر : إلى أخي عليّ بن أبي طالب. فيدفعها إليّ عليّ.

(٨) المصدر : و.

(٩) المصدر : ثم يدنو.

(١٠) بدله في المصدر : أمرني ربّي أن آتيك بمقاليد النار.

(١١) بدله في المصدر : أدفعها إلى أخي عليّ بن أبي طالب. فيدفعها إليه.

(١٢) ليس في المصدر.

(١٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : حجرة.

(١٤) يوجد في المصدر بعد هذه العبارة : فيأخذ زمامها بيده.

(١٥) ليس في المصدر.

(١٦) المصدر : فتنادي.

(١٧) ليس في المصدر وأ.

١٠٧

فيقول [لها] (١) عليّ : قرّي ، قرّي يا جهنّم. [خذي هذا واتركي هذا ،] (٢) خذي هذا عدوّي واتركي هذا وليّي. فلجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعليّ من غلام أحدكم لصاحبه ، فإن شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة ، فهي (٣) مطاوعة لعليّ فيما يأمرها به من جميع الخلائق.

وفي روضة الكافي (٤) ، خطبة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهي خطبة الوسيلة ، قال فيها ـ عليه السّلام ـ : أيّها النّاس ، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ وعد نبيّه محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ الوسيلة. ووعده الحقّ. ولن يخلف الله وعده ألا وإنّ الوسيلة أعلى درج الجنّة.

وقد مرّ تتمّة الحديث في تفسير قوله (٥) : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ).

(الآية).

(وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) : بمحاربة أعدائه.

(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣٥) : بالوصول إلى كرامته.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ) : من صنوف الأموال.

(جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ) : ليجعلوه فدية لأنفسهم.

(مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ) :

و «اللّام» متعلّق بمحذوف ، يستدعيه «لو» إذ التّقدير : لو ثبت أنّ لهم ما في الأرض. وتوحيد الضّمير في «به» والمذكور شيئان ، إمّا لإجرائه مجرى اسم الإشارة في قوله ـ تعالى ـ : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) أو لأنّ الواو في مثله بمعنى : مع.

(ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ) : جواب «لو». ولو بما في حيّزه خبر «إنّ». والجملة تمثيل للزوم العذاب لهم ، وأنّه لا سبيل لهم إلى الخلاص منه.

(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣٦) : تصريح بالمقصود منه.

__________________

(١ و ٢) من المصدر.

(٣) المصدر : فلجهنّم يومئذ أشدّ.

(٤) الكافي ٨ / ٢٤ ، ح ٤.

(٥) آل عمران / ١٠٧.

١٠٨

(يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) :

وقرئ : «يخرجوا» من أخرج (١).

(وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٣٧) :

في تفسير العيّاشي (٢) : عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : عدوّ عليّ ـ عليه السّلام ـ هم المخلّدون في النّار. قال الله ـ تعالى ـ : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها).

عن منصور بن حازم (٣) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ).

قال : أعداء عليّ ـ عليه السّلام ـ هم المخلّدون في النّار ، أبد الآبدين ودهر الدّاهرين.

[وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي (٤) قال : حدّثني عليّ بن يزداد القمّي معنعنا ، عن حمران قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ تعالى ـ : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ).

قال : كأنّك تريد الآدميّين؟

قال (٥) : قلت : نعم.

قال : كانوا حوسبوا وعذّبوا ، وأنتم المخلّدون في الجنّة. قال الله : «إنّ أعداء عليّ هم المخلّدون في النّار أبد الآبدين ودهر الدّاهرين» هكذا تنزيلها ، صدق الله وصدق رسوله (٦) وصدق الوصيّ الولي (٧).] (٨)

وإنّما قال : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ) بدل وما يخرجون للمبالغة باسميّة الجملة ، والتّأكيد للنّفي بالباء.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣١٧ ، ح ١٠٠.

(٣) نفس المصدر ١ / ٣١٧ ـ ٣١٨ ، ح ١٠١.

(٤) تفسير فرات / ٤١.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) المصدر : النبي.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «والله» بدل «الوصيّ الوليّ».

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٠٩

(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) : جملتان ، عند سيبويه. إذ التّقدير : فيما يتلى عليكم السّارق والسّارقة ، أي : حكمهما. وجملة ، عند المبرّد.

و «الفاء» للسّببيّة ، دخل الخبر لتضمّنها معنى الشّرط. إذا المعنى : والّذي سرق والّتي سرقت.

وقرئ ، بالنّصب. وهو المختار في أمثاله. لأنّ الإنشاء لا يقع خبرا إلّا بإضمار وتأويل (١).

والسّرقة : أخذ مال الغير خفية. وإنّما توجب القطع إذا كان من حرز ، والمأخوذ ربع دينار أو ما يساويه (٢).

قيل (٣) : والمراد بالأيدي ، الأيمان. ويؤيّده قراءة ابن مسعود : «أيمانهما» ولذلك جاز وضع الجمع موضع المثنى ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) اكتفاء بتثنية المضاف إليه. و «اليد» اسم يطلق (٤) لتمام العضو [ولبعضه. وموضع القطع ، من وسط الكفّ ، ولا يقطع الإبهام.] (٥) و [لذلك] (٦) ذهب الخوارج [إلى] (٧) أنّ المقطع هو المنكب ، ذهابا إلى ظاهر إطلاق اليد.

وفي الكافي (٨) : [عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن التّيمّم؟ فتلا هذه الآية : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) وقال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) قال : فامسح على كفيّك من حيث موضع القطع. قال (٩) : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (١٠) ، ومحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : من

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٤.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٤.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤ و ٥) ليس في المصدر.

(٦ و ٧) من المصدر.

(٨) الكافي ٣ / ٦٢ ، ح ٢.

(٩) مريم / ٦٤.

(١٠) نفس المصدر ٧ / ٢٢٢ ، ح ١.

١١٠

أين يجب القطع؟ فبسط أصابعه وقال : من هاهنا ، يعني : من مفصل الكفّ.] (١).

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : القطع من وسط الكفّ ، ولا يقطع الإبهام. وإذا قطعت الرّجل ، ترك العقب ولم يقطع.

محمّد بن يحيى : عن محمّد بن الحسين (٣) ، عن محمّد بن [عليّ ، عن] (٤) عبد الله بن هلال ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : أخبرني عن السّارق ، لم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : ما أحسن ما سألت! إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام ، فإذا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما. قلت له : جعلت فداك ، وكيف يقوم وقد قطعت رجله؟

قال : إنّ القطع ليس من حيث رأيت يقطع ، إنّما يقطع الرّجل من الكعب ويترك له (٥) من قدمه ما يقوم عليه يصلّي ويعبد الله. قلت له : من أين تقطع اليد؟ قال : تقطع الأربع أصابع. وتترك الإبهام يعتمد عليها في الصّلاة ويغسل بها وجهه للصّلاة.

فقلت : فهذا القطع من أوّل من قطع (٦)؟

قال : قد كان عثمان بن عفّان حسّن ذلك لمعاوية.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٧) ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : في كم يقطع السّارق؟

قال : في ربع دينار. قال : قلت له : في درهمين؟

قال : في ربع دينار [بلغ الدّينار ما بلغ. قال : فقلت له : أرأيت من سرق أقلّ من

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.

(٣) نفس المصدر ٧ / ٢٢٥ ، ح ١٧.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) هكذا في المصدر وأ. وفي سائر النسخ : يقطع.

(٧) نفس المصدر ٧ / ٢٢١ ، ح ٦.

١١١

ربع دينار] (١) هل يقع عليه حين سرق اسم السّارق ، وهل هو سارق عند الله في تلك الحال؟

قال : كلّ من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السّارق ، وهو عند الله سارق. ولكن لا يقطع إلّا في ربع دينار أو أكثر. ولو قطعت أيدي السّرّاق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامّة النّاس مقطعين.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن أبي جعفر الثّاني ـ عليه السّلام ـ أنّه سأله المعتصم عن السّارق ، من أيّ موضع يجب أن يقطع؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : إنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول (٣) الأصابع ، فيترك الكفّ.

قال : وما الحجّة في ذلك؟ قال : قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : السّجود على سبعة أعضاء : الوجه ، واليدين (٤) ، والرّكبتين ، والرّجلين. فإذا قطعت يده من الكرسوع (٥) أو المرفق ، لم يبق له يد يسجد عليها. وقال الله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) ، يعني به : هذه الأعضاء السّبعة الّتي يسجد عليها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (٦) وما كان لله فلا يقطع (٧).

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

وفيه (٨) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه كان إذا قطع يد السّارق ترك له الإبهام والرّاحة. فقيل له : يا أمير المؤمنين ، تركت عامّة يده.

فقال لهم : فإن تاب فبأيّ شيء يتوضّأ؟ يقول الله : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ) ف (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

__________________

(١) ليس في ر. و «بلغ الدينار ما بلغ» في المصدر بين المعقوفتين.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣١٩ ، ح ١٠٩.

(٣) أ: رؤوس.

(٤) ر : الكفين.

(٥) هكذا في المصدر. وفي أ: «الكرموع». وفي سائر النسخ : الكربوع.

(٦) الجنّ / ١٨.

(٧) المصدر : لم يقطع.

(٨) نفس المصدر ١ / ٣١٨ ، ح ١٠٣. وفيه ذكر الآية بطولها.

١١٢

وفي الكافي (١) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ قال : قضى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في السّارق إذا سرق قطعت يمينه ، فإذا سرق مرّة أخرى قطعت رجله اليسرى ، ثمّ إذا سرق مرّة أخرى سجنته وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها.

وقال : إنّي لأستحي من الله أن أتركه لا ينتفع بشيء. ولكنّي أسجنه حتّى يموت في السّجن.

وقال : ما قطع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من سارق بعد يده ورجله.

وفي العيّاشي (٢) ما يقرب منه.

وفي عيون الأخبار (٣) ، في ما كتب به الرّضا ـ عليه السّلام ـ إلى محمّد بن سنان في جواب مسائله : وحرّم الله السّرقة لما فيه من فساد الأموال وقتل النّفس لو كانت مباحة ، ولما يأتي في التّغاصب من القتل والتّنازع والتّحاسد ، وما يدعو إلى ترك التّجارات والصّناعات في المكاسب ، واقتناء الأموال إذا كان الشّيء المقتنى لا يكون أحد أحقّ به من أحد. وعلّة قطع اليمين من السّارق ، لأنّه يباشر الأشياء بيمينه وهي أفضل أعضائه وأنفعها له ، فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلّا يبتغوا أخذ الأموال من غير حلّها. ولأنّه أكثر ما يباشر السّرقة بيمينه.

وبإسناده إلى محمّد بن عيسى بن عبيد (٤) ، رفعه إلى أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : لا يزال العبد يسرق ، حتّى إذا استوفى ثمن يده أظهره الله عليه.

(جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) : منصوبان على المفعول له ، أو المصدر.

دلّ على فعلهما «فاقطعوا».

(وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٣٨).

(فَمَنْ تابَ) : من السّرّاق.

__________________

(١) الكافي ٧ / ٢٢٢ ، ح ٤.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣١٩ ، ح ١٠٦.

(٣) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ٩٤ ـ ٩٥ ، ح ١.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٢٥ ، ح ٣٦.

١١٣

(مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) : أي : سرقته.

(وَأَصْلَحَ) : أمره ، بردّ المال والتّفصّي عن التّبعات والعزم على أن لا يعود إليها.

(فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٩) : يقبل توبته ، فلا يعذّبه في الآخرة ولا يقطع. إلّا إذا كانت توبته بعد أن يقع في يد الإمام ، فلا يسقط حينئذ وإن عفا عنه صاحبه.

ففي الكافي (١) ، بإسناده عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنا ، فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتّى تاب وصلح؟

فقال : إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحدّ.

وعن الصّادق ـ عليه السّلام (٢) ـ : من أخذ سارقا فعفا عنه فذاك له ، فإذا (٣) رفع إلى الإمام قطعه. فإن قال الّذي سرق منه : «أنا أهب له» ، لم يدعه الإمام حتّى يقطعه إذا رفعه (٤) إليه. وإنّما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام. وذلك قول الله ـ تعالى ـ (٥) : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) فإذا انتهى إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه.

وفي كتاب الخصال (٦) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : جرت في صفوان بن أميّة الجمحيّ ثلاث من السّنن ـ إلى أن قال ـ عليه السّلام ـ : وكان راقدا في مسجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وتحت رأسه رداؤه ، فخرج يبول [فرجع (٧)] وقد سرق رداؤه ، فقال : من ذهب بردائي. فخرج (٨) في طلبه فوجده في يد رجل ، فرفعه إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : اقطعوا يده.

فقال : أتقطع [يده] (٩) من أجل ردائي يا رسول الله؟ فأنا أهبه له.

__________________

(١) الكافي ٧ / ٢٥٠ ، ح ١.

(٢) نفس المصدر ٧ / ٢٥١ ، ح ١.

(٣) المصدر : فان.

(٤) المصدر : رفع.

(٥) التوبة / ١١٢.

(٦) الخصال ١ / ١٩٣ ، ح ٢٦٨.

(٧) من أوليس في سائر النسخ. وفي المصدر : فجاء.

(٨) المصدر : وخرج.

(٩) من المصدر.

١١٤

فقال : ألا كان هذا قبل أن تأتيني به. فقطعت يده.

(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : الخطاب للنّبيّ ـ عليه السّلام ـ أو لكلّ أحد.

(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٠) : قدّم التّعذيب على المغفرة ، إيتاء على ترتيب ما سبق. أو لأنّ استحقاق التّعذيب مقدّم على المغفرة. أو لأنّ المراد به القطع ، وهو في الدّنيا.

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) ، أي : صنع الّذين يقعون في الكفر سريعا إذا وجدوا منه فرصة.

(مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) ، أي : من المنافقين. و «الباء» متعلّقة «بقالوا». و «الواو» تحتمل الحال ، والعطف.

[وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد (٢) قال : حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في حديث طويل : فأمّا ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة ، والعقد والرّضا ، والتّسليم بأنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب : فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (٣) : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً). وقال (٤) : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). وقال (٥) : الذين آمنوا (بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ). وقال (٦) :

__________________

(١) الكافي ٢ / ٣٤ ـ ٣٥ ، ضمن حديث.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «القاسم بن يزيد». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ١٨ ، رقم ٩٥٥٥.

(٣) النحل / ١٠٦.

(٤) الرعد / ٣٠.

(٥) المائدة / ٤١. والآية هكذا : من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم.

(٦) البقرة / ٢٨٤.

١١٥

(إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ). فذلك ما فرض الله ـ عزّ وجلّ ـ على القلب من الإقرار ، وهو عمله ، وهو رأس الإيمان.

وفي من لا يحضره الفقيه (١) : قال أمير المؤمنين في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة : وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الّذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال ـ إلى قوله ـ وقال ـ عزّ وجلّ ـ حين أخبر عن قوم أعطوا الإيمان بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم فقال ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).

وفي كتاب الاحتجاج (٢) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وليس كلّ من وقع عليه اسم الإيمان كان حقيقا بالنّجاة ممّا هلك به الغواة ، ولو كان كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتّوحيد وإقرارها بالله ، ونجا سائر المقرّين بالوحدانيّة من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بيّن الله ذلك بقوله : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ). فالإيمان بالقلب هو التّسليم للرّب ومن سلّم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره.] (٣).

(وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) : عطف على (مِنَ الَّذِينَ قالُوا).

(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم سمّاعون [. والضّمير للفريقين. أو «للّذين يسارعون».

ويجوز أن يكون مبتدأ «ومن الّذين» خبره ، أي : ومن اليهود قوم سمّاعون.] (٤) والّلام في «للكذب» إمّا مزيدة للتّأكيد ، أو لتضمّن السّماع معنى القبول ، أي : قابلون لما تفتريه الأحبار. أو للعلّة والمفعول محذوف ، أي : سمّاعون كلامك ليكذبوا عليك.

(سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) ، أي : لقوم آخرين من اليهود لم يحضروا مجلسك ، وتجافوا عنك تكبّرا وإفراطا في البغضاء ، والمعنى على الوجهين : أنّهم يصغون لهم ، قابلون كلامهم. أو سمّاعون منك لأجلهم والإنهاء إليهم.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٨٢ ، ضمن حديث.

(٢) الاحتجاج ١ / ٣٦٨ ، مع إسقاط بعض الجمل من آخره.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١١٦

ويجوز أن تتعلّق الّلام «بالكذب» ، لأن «سمّاعون» الثّاني مكرر للتّأكيد ، أي : سمّاعون ليكذبوا لقوم آخرين.

[وفي مجمع البيان (١) : (سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ) أرسلوهم في قصّة زان محصن ، فقالوا [لهم] (٢) : إن أفتاكم محمّد بالجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرّجم فلا تقبلوه. لأنّهم كانوا حرّفوا [حكم] (٣) الرّجم الّذي في التّوراة.

عن ابن عبّاس وجابر وسعيد بن المسيّب والسّديّ (٤).

وقال أبو جعفر ـ عليه السّلام (٥) ـ : وكان ذلك في أمر بني النّضير وبني قريظة.] (٦).

(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) : أي : يميلونه عن مواضعه الّتي وضعه الله فيها. إمّا لفظا بإهماله ، أو تغيير وضعه. وإمّا معنى بحمله على غير المراد ، وإجرائه في غير مورده.

والجملة ، صفة أخرى «لقوم» ، أو صفة «لسمّاعون» ، أو حال من الضّمير فيه ، أو استئناف لا موضع له ، أو في موضع الرّفع خبر المحذوف ، أي : هم يحرّفون. وكذلك (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ) ، أي : إن أوتيتم هذا المحرّف ، أو ما اتّفق عليه رأيكم فاقبلوه واعلموا به.

(وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ) : بل أفتاكم محمّد بخلافه.

(فَاحْذَرُوا) : قبول ما أفتاكم به.

قال البيضاويّ (٧) : روي أنّ شريفا من خيبر زنى بشريفة وكانا محصنين. فكرهوا رجمهما ، فأرسلوهما مع رهط منهم إلى بني قريظة ليسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عنه ، وقالوا : إن أمركم بالجلد والتّحميم فاقبلوه ، وإن أمركم بالرّجم فلا. فأمرهم بالرّجم فأبوا عنه. فجعل ابن صوريا حكما بينه وبينهم ، وقال له : أنشدك بالله الّذي لا

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ١٩٤.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : السنديّ

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٥.

١١٧

إله إلّا هو ، الّذي فلق البحر لموسى ـ عليه السّلام ـ ورفع فوقكم الطّور وأنجاكم وأغرق [آل] (١) فرعون ، والّذي أنزل عليكم كتابه وحلاله وحرامه ، هل تجد فيه الرّجم على من أحصن؟

قال : نعم. فوثبوا عليه فقال : خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب.

فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالزّانيين فرجما عند باب المسجد.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : كان سبب نزولها : أنّه كان في المدينة بطنان من اليهود من بني هارون وهم النّضير وقريظة. وكانت قريضة سبعمائة والنّضير ألفا.

وكانت النّضير أكثر مالا وأحسن حالا من قريظة. وكانوا حلفاء لعبد الله بن أبيّ. فكان إذا وقع بين قريظة والنّضير قتيل (٣) وكان القتيل (٤) من بني النّضير قالوا لبني قريظة : لا نرضى أن يكون قتيل منّا بقتيل منكم.

فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتّى كادوا أن يقتتلوا (٥) ، حتّى رضيت قريظة وكتبوا بينهم كتابا على أنّه : أيّ رجل من اليهود من النّضير قتل رجلا من بني قريظة أن يحينه (٦) ويحمّم ـ والتّحينة ، أن يقعد على جمل ويولى وجهه إلى ذنب الجمل ويلطّخ وجهه (٧) بالحمأة ـ ويدفع نصف الدّية ، وأيّما رجل من بني قريظة قتل رجلا من النّضير أن يدفع إليه الدّية كاملة ويقتل به.

فلمّا هاجر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى المدينة ودخل الأوس والخزرج في الإسلام ضعف أمر اليهود ، فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النّضير. فبعثوا (٨) إليهم بنو النّضير : ابعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتّى نقتله.

فقالت قريظة. ليس هذا حكم التّوراة وإنّما هو شيء غلبتمونا عليه ، فأمّا الدّية وأمّا القتل ، وإلّا فهذا محمّد بيننا وبينكم فهلمّوا نتحاكم إليه.

__________________

(١) من المصدر وأ.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٣) المصدر : قتل.

(٤) المصدر : القاتل.

(٥) رأوا : يقتلوا.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يجنب.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) الظاهر : فبعث.

١١٨

فمشت بنو النّضير إلى عبد الله بن أبيّ فقالوا : سل محمّدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الّذي بيننا وبين بني قريظة في القتل.

فقال عبد الله بن أبيّ : ابعثوا معي رجلا يسمع كلامي وكلامه. فإن حكم لكم بما تريدون وإلّا فلا ترضوا به.

فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، إنّ هؤلاء القوم قريظة والنّضير ، قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به ، والآن في قدومك يريدون نقضه ، وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض كتابهم عليهم وشرطهم. فإنّ بني النّضير لهم القوّة والسّلاح والكراع ونحن نخاف [الغوائل و] (١) الدّوائر.

فاغتمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من ذلك (٢) ولم يجبه (٣) بشيء ، فنزل جبرئيل بهذه الآيات.

قال : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) ، يعني : عبد الله بن أبيّ وبني النّضير.

(وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) ، يعني : عبد الله [بن أبيّ حيث] (٤) قال لبني النّضير : إن لم يحكم (٥) بما تريدون فلا تقبلوا.

وفي مجمع البيان (٦) : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : كان ذلك في أمر بني النّضير وبني قريظة.

(وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ) : اختباره.

(فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) : فلن تستطيع له من الله شيئا في دفعها.

(أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) : من العقوبات المترتّبة على الكفر ، كالختم والطّبع والضّيق.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : فاغتمّ لذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بدل «فاغتمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من ذلك».

(٣) المصدر : فلم يجبه.

(٤) من المصدر.

(٥) المصدر : لم يحكم لكم.

(٦) مجمع البيان ٢ / ١٩٦.

١١٩

(لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) : هوان ، بإلزام الجزية على اليهود ، وإجلاء بني النّضير منهم ، وإظهار كذبهم في كتمان الحقّ ، وظهور كفر المنافقين ، وخوفهم جميعا من المنافقين.

(وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٤١) : وهو الخلود في النّار. والضّمير «للّذين هادوا» إن استأنفت بقوله : (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) وإلّا فللفريقين.

(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) : تكريره للتّأكيد.

(أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) ، أي : الحرام ، كالرّشا. من سحته : إذا استأصله. لأنّه مسحوت البركة.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائيّ ويعقوب ، بضمّتين. وهما لغتان. كالعنق ، والعنق.

وقرئ ، بفتح السّين. على لفظ المصدر (١).

في عيون الأخبار (٢) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ بإسناده عن عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) قال : هو الرّجل الّذي يقضي لأخيه الحاجة ثمّ يقبل هديّته.

وفي الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وأحمد بن محمّد عن ابن محبوب ، عن عمّار بن مروان قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن الغلول؟ فقال كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت : وأكل مال اليتيم وشبهه سحت. والسّحت أنواع كثيرة ، منها أجور الفواجر وثمن الخمر والنّبيذ المسكر والرّبا بعد البيّنة. فأمّا الرّشا في الحكم فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٤) ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : السّحت ، ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغيّ والرّشوة في الحكم وأجر الكاهن.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٥.

(٢) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ٢٨ ، ح ١٦.

(٣) الكافي ٥ / ١٢٦ ، ح ١.

(٤) نفس المصدر ٥ / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، ح ٢.

١٢٠