تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

هي أحسن ، أما تسمعون قول الله (١) ـ تعالى ـ : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله ـ تعالى ـ : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) إلى أن قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : ولقد حدّثني أبي الباقر ، عن جدّى عليّ بن الحسين [عن أبيه الحسين] (٢) بن علىّ سيّد الشّهداء ، عن [أبيه] (٣) أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليهم ـ أنّه اجتمع يوما عند رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أهل [خمسة] (٤) أديان ، اليهود والنّصارى والدّهريّة والثّنويّة ومشركوا العرب. إلى أن قال ـ عليه السّلام ـ :

ثمّ أقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على الدّهريّة.

فقال : وأنتم ، فما الّذي دعاكم إلى القول : بأنّ الأشياء لا بدء لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال؟

فقالوا : لأنّا لا نحكم إلّا بما نشاهده ، ولم نجد للأشياء محدثا (٥) فحكمنا بأنّها لم تزل ، ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا بأنّها لا تزال.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبد الآبد؟ فإن قلتم إنّكم وجدتم ذلك ، أنهضتم لأنفسكم أنّكم لم تزالوا على [الّذين يشاهدون على أنفسكم] (٦) وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك. ولئن قلتم هذا ، دفعتم العيان وكذّبكم (٧) العالمون الّذين (٨) يشاهدونكم.

قالوا : بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الآبد.

قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائما ، لأنّكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضاءها أولى من تارك التّميّز لها مثلكم فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع ، لأنّه لم يشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الآبد ، أو لستم تشاهدون اللّيل والنّهار وأحدهما بعد الآخر؟

فقالوا : نعم.

__________________

(١) المصدر : أما تسمعون الله يقول.

(٢ و ٣ و ٤) من المصدر.

(٥) المصدر : حدثا.

(٦) ليس في المصدر. وفيه : «هيئتكم» بدلا منها.

(٧) كذا في المصدر ، وفي النسخ : لكذّبكم.

(٨) المصدر : والذين.

٢٨١

فقال : أترونهما (١) لم يزالا ولا يزالان؟

فقالوا : نعم.

قال : أفيجوز عندكم اجتماع اللّيل والنّهار؟

فقالوا : لا.

فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فإذا ينقطع (٢) أحدهما عن الآخر فيسبق أحدهما ويكون الثّاني جاريا بعده؟

قالوا : كذلك هو.

فقال : قد حكمتم بحدوث ما تقدّم من ليل ونهار ولم تشاهدوهما ، فلا تنكروا لله قدرته (٣).

ثمّ قال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أتقولون ما قبلكم من اللّيل والنّهار متناه أم غير متناه؟ فإن قلتم : غير متناه ، فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوّله. وإن قلتم : إنّه متناه ، فقد كان ولا شيء منهما.

قالوا : نعم.

قال لهم أقلتم : إنّ العالم قديم غير محدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به وبمعنى ما جحدتموه؟

قالوا : نعم.

قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فهذا الّذي تشاهدونه من الأشياء بعضها إلى بعض يفتقر لأنّه لا قوام للبعض إلّا بما يتّصل به ، ألا ترى (٤) البناء محتاجا بعض أجزائه إلى بعض وإلّا لم يتّسق ولم يستحكم وكذلك سائر ما نرى.

قال : فإذا كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوّته وتمامه هو القديم ، فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون [ربّا] (٥) وما ذا كانت تكون صفته؟

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أترونها.

(٢) المصدر : منقطع.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الله قدرة.

(٤) المصدر : كما نرى. ح : أترى.

(٥) ليس في المصدر.

٢٨٢

قال : فبهتوا ، وعلموا أنّهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلّا وهي موجودة في هذا الّذي زعموا أنّه قديم [فوجموا] (١) وقالوا : سننظر في أمرنا.

ثمّ أقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على الثّنويّة الّذين قالوا : إنّ النّور والظّلمة هما المدبّران.

فقال : وأنتم فما الّذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟

فقالوا : لأنّا وجدنا العالم صنفين ، خيرا وشرّا. ووجدنا الخير ضدّا للشّرّ ، فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشّيء وضدّه ، بل لكلّ واحد منهما فاعل. ألا ترى أنّ الثّلج محال أن يسخن ، كما أنّ النّار محال أن تبرد ، فأثبتنا لذلك صانعين قديمين ، ظلمة ونورا.

فقال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أفلستم [قد وجدتم] (٢) سوادا وبياضا وحمرة وصفرة وخضرة وزرقة ، وكلّ واحد ضدّ لسائرها لاستحالة اجتماع اثنين منها (٣) في محلّ واحد ، كما كان الحرّ والبرد ضدّين لاستحالة اجتماعهما في محلّ واحد؟

قالوا : نعم.

قال : فهلا أثبتم بعدد كلّ لون صانعا قديما ، ليكون فاعل كلّ ضدّ من هذه الألوان غير فاعل الضّدّ الآخر؟

قال : فسكتوا.

ثمّ قال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : وكيف اختلط النّور والظّلمة وهذا من طبعه الصّعود وهذا من طبعه (٤) النزول؟ أرأيتم لو أنّ رجلا أخذ شرقا يمشي إليه والآخر غربا أكان يجوز عندكم أن يلتقيا ما داما سائرين على وجوههما (٥)؟

قالوا : لا.

قال ـ عليه السّلام ـ : فوجب أن لا يختلط النّور والظّلمة لذهاب كلّ واحد منهما في غير جهة الآخر ، فكيف وجدتم حدث هذا العالم من امتزاج ما لا مجال (٦) أن يمتزج بل

__________________

(١) من المصدر. و «وجم» سكت وعجز عن التكلّم.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : اجتماع مثلين منهما.

(٤) المصدر : وهذه من طبعها.

(٥) المصدر : وجههما.

(٦) المصدر : «ما هو محال» بدل «ما لا مجال».

٢٨٣

هما مدبّران جميعا مخلوقان؟

فقالوا : سننظر في أمرنا.

ثمّ أقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على مشركي العرب فقال : وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون الله ـ تعالى ـ؟

فقالوا : نتقرّب بذلك إلى الله ـ تعالى ـ.

فقال لهم : أو هي سامعة مطيعة لربّها عابدة له حتّى تتقرّبوا بتعظيمها إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ؟

قالوا : لا.

قال : فأنتم الّذين نحتّموها (١) بأيديكم؟

[قالوا : نعم.

قال :] (٢) فلئن تعبدكم هي ـ لو كان يجوز منها العبادة ـ أحرى من أن تعبدوها ، إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلّفكم.

قال : فلمّا قال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هذا اختلفوا.

فقال بعضهم : إنّ الله قد حلّ في هياكل رجال كانوا على هذه الصّورة ، فصوّرنا هذه الصّور نعظّمها لتعظيمنا تلك الصّورة الّتي حلّ فيها [ربّنا] (٣).

وقال آخرون منهم : إنّ هذه صور أقوام سلفوا كانوا بها (٤) مطيعين لله قبلنا ، فمثّلنا صورهم وعبدناها تعظيما لله.

وقال آخرون منهم : إنّ الله لمّا خلق آدم وأمر الملائكة بالسّجود له [فسجدوه تقرّبا لله] (٥) كنّا نحن أحقّ بالسّجود لآدم من الملائكة ، ففاتنا ذلك ، فصوّرنا صورته ، فسجدنا لها [تقرّبا] (٦) إلى الله ، كما تقرّبت الملائكة بالسّجود لآدم إلى الله ، وكما أمرتم بالسّجود بزعمكم إلى جهة مكّة ففعلتم ، ثمّ نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب

__________________

(١) ر : يختموها.

(٢) من المصدر.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا ولكن وجودها ضعيف.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) من ج ور.

٢٨٤

سجدتم إليها وقصدتم الكعبة لا محاريبكم ، وقصدكم (١) بالكعبة إلى الله لا إليها.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أخطأتم الطّريق وضللتم ، أمّا أنتم ـ وهو صلّى الله عليه وآله يخاطب الّذين قالوا : إنّ الله يحلّ في هياكل رجال كانوا على هذه الصّورة الّتي صوّرناها ، فصوّرنا هذه الصّور نعظّمها (٢) لتعظيمنا لتلك الصّور الّتي حلّ فيها ربّنا ـ فقد وصفتم ربّكم بصفة المخلوقات ، أو يحلّ ربّكم في شيء حتّى يحيط به ذلك الشّيء؟! فأيّ فرق بينه إذا وبين سائر ما يحلّ فيه من لونه وطعمه ورائحته ولينه وخشونته وثقله وخفته؟ ولم صار هذا المحلول فيه محدثا وذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا وهذا قديما؟ وكيف يحتاج إلى المحلّ (٣) من لم يزل قبل المحلّ (٤) وهو ـ عزّ وجلّ ـ كان (٥) لم يزل.

وإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول ، فقد لزمكم أن تصفوه بالزّوال وما وصفتموه بالزّوال والحدوث فصفوه بالفناء. لأنّ ذلك أجمع من صفات الحالّ والمحلول (٦) فيه ، وجميع ذلك متغيّر الذّات. فإن كان لم يتغيّر ذات الباري ـ تعالى ـ بحلوله في شيء ، جاز أن لا يتغيّر ، بأن يتحرّك ويسكن ويسودّ ويبيضّ ويحمرّ ويصفرّ وتحلّه (٧) الصّفات الّتي تتعاقب على الموصوف بها حتّى يكون فيه جميع صفات المحدثين ويكون محدثا تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. (٨) ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فإذا بطل ما ظننتموه من أنّ الله ـ تعالى ـ يحلّ في شيء ، فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم.

قال : فسكت القوم وقالوا : سننظر في أمورنا.

ثمّ أقبل [رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٩) على الفريق الثّاني فقال : أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم لها وصلّيتم فوضعتم الوجوه الكريمة على

__________________

(١) المصدر : قصدتم.

(٢) هكذا في المصدر. وفي أوب : «تعظيما». وفي ج ور : «تعظّمها».

(٣ و ٤) المصدر : المحالّ.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كما.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الحلول.

(٧) أ، ب وج : تحمله.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «عزّ الله تعالى عن ذلك» بدل «تعالى ... كبيرا».

(٩) من المصدر.

٢٨٥

التّراب بالسّجود لها ، فما الّذي أبقيتم لربّ العالمين؟ أما علمتم أنّ من حقّ من يلزم تعظيمه وعبادته أن لا يساوى به عبده؟ أرأيتم ملكا أو عظيما إذا سوّيتموه بعبيده (١) في التّعظيم والخشوع والخضوع أيكون في ذلك وضع من الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصّغير؟

فقالوا : نعم.

قال : أفلا تعلمون أنّكم من حيث تعظّمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على ربّ العالمين.

قال : فسكت القوم بعد أن قالوا : سننظر في أمرنا.

ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ للفريق الثّالث لقد ضربتم لنا مثلا وشبّهتمونا بأنفسكم ولسنا سواء ، وذلك أنّا عباد الله مخلوقون مربوبون ، نأتمر فيما أمرنا وننزجر عمّا زجرنا ونعبده من حيث يريده منّا. فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعدّ إلى غيره ممّا لم يأمرنا الله به ولم يأذن لنا ، لأنّا لا ندري لعلّه وإن أراد منّا الأوّل فهو يكره الثّاني وقد نهانا أن نتقدّم بين يديه. فلمّا أمرنا أن نعبده بأن نتوجّه (٢) إلى الكعبة أطعناه ، ثمّ أمرنا بعبادته بالتّوجّه نحوها في سائر البلدان الّتي نكون بها فأطعناه. فلم نخرج في شيء من ذلك من اتّباع أمره ، والله ـ عزّ وجلّ ـ حيث أمر (٣) بالسّجود لآدم لم يأمر (٤) بالسّجود لصورته الّتي هي غيره ، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه لأنّكم لا تدرون لعلّه يكره ما تفعلون إذ لم يأمركم به.

ثمّ قال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أرأيتم لو أذن لكم رجل دخول داره يوما بعينه ، ألكم أن [تدخلوها بعد ذلك بغير أمره ، أو لكم أن] (٥) تدخلوا دارا له أخرى مثلها بغير أمره؟ أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه أو عبدا من عبيده أو دابّة من دوابّه ، ألكم أن تأخذوا ذلك؟

__________________

(١) المصدر : بعبده.

(٢) المصدر : «بالتوجّه» بدل «بأن نتوجّه».

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أمرنا.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لم يأمرنا.

(٥) من المصدر.

٢٨٦

[قالوا : نعم. قال :] (١) فإن لم تأخذوه ألكم أخذ (٢) آخر مثله؟

قالوا : لا ، لأنّه لم يأذن لنا في الثّاني ، كما أذن في الأوّل.

قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فأخبروني الله أولى بأن لا يتقدّم على ملكه بغير أمره أو بعض المملوكين؟

قالوا : بل الله أولى بأن لا يتصرّف في ملكه بغير إذنه (٣).

قال : فلم عملتم (٤) ومتى أمركم (٥) أن تسجدوا لهذه الصّور؟

قال : فقال القوم : سننظر في أمرنا (٦) ، ثمّ سكتوا.

وقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : والّذي بعثه بالحقّ نبيّا ، ما أتت على جماعتهم إلّا ثلاثة أيّام حتّى أتوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأسلموا ، وكانوا خمسة وعشرين رجلا ، من كلّ فرقة خمسة ، وقالوا : ما رأينا مثل حجّتك ، يا محمّد ، نشهد أنّك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فأنزل الله ـ تعالى ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) وكان في هذه الآية ردّ على ثلاثة أصناف منهم ، لما قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) كان ردّا على الدّهريّة الّذين قالوا : إنّ الأشياء لا بدء لها وهي دائمة. ثمّ قال : [(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) فكان ردّا على الثنويّة الّذين قالوا :

إنّ النور والظلمة هما المدبّران. ثم قال : (ثُمَ]) (٧) (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) فكان ردّا على مشركي العرب الّذين قالوا : إنّ أوثاننا آلهة.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «فإن لم تأخذوا أخذتم» بدل «فان ... أخذ».

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أمره.

(٤) المصدر : فعلتم.

(٥) المصدر : أمركم بالسجود.

(٦) المصدر : أمورنا.

(٧) من ج والمصدر.

٢٨٧

وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن جعفر بن أحمد ، عن العمركيّ بن عليّ ، عن العبيديّ ، عن يونس بن عبد الرّحمن ، عن عليّ بن جعفر ، عن أبي إبراهيم قال : لكلّ صلاة وقتان ، وقت يوم الجمعة زوال الشّمس. ثمّ تلا هذه الآية : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [قال : يعدلون] (٢) بين الظّلمات والنّور وبين الجور والعدل.

وفي كتاب التّوحيد (٣) ، خطبة لعليّ ـ عليه السّلام ـ يقول فيها : فمن ساوى ربّنا بشيء فقد عدل به ، والعادل به الكافر بما تنزّلت (٤) به محكمات آياته ونطقت به شواهد حجج بيّناته. لأنّه الله الّذي لم يتناه في العقول ، فيكون في نهب (٥) فكرها مكيفا وفي حواصل رويّات همم النّفوس محدودا مصرّفا. المنشئ أصناف الأشياء بلا رويّة احتاج إليها ، ولا قريحة غريزة أضمر عليها ، ولا تجربة أفادها من مرّ حوادث (٦) الدّهور ، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور.

وفيها ـ أيضا ـ : كذب العادلون بالله إذ شبّهوه بمثل أصنافهم ، وحلّوه حلية المخلوقين بأوهامهم وجزّوه (٧) بتقديره منتج (٨) خواطرهم وقدّروه على الخلق المختلفة القوى بقرائح عقولهم.

وفي تهذيب الأحكام (٩) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إذا قرأتم (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ينبغي (١٠) أن تقول : كذب العادلون بالله.

قلت له : فإن لم يقل الرّجل شيئا من هذا إذا قرأ؟

__________________

(١) تفسير العيّاشي ١ / ٣٥٤ ، ح ٤.

(٢) من المصدر. وفي النسخ : «يعدل». وهي ليس في ج.

(٣) التوحيد / ٥١ ـ ٥٤ ، ح ١٣.

(٤) المصدر : نزلت.

(٥) المصدر : مهبّ.

(٦) النسخ وهامش المصدر ، نقلا عن بعض النسخ : موجودات.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : جبروه.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : شبح.

(٩) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٩٧ ، ح ٥١.

(١٠) ليس في المصدر.

٢٨٨

قال : ليس عليه شيء.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) : ابتدأ خلقكم منه ، فإنّه المادة الأولى. أو أنّ آدم الّذي هو أصل البشر خلق منه.

قيل (١) : أو خلق آباءكم ، فحذف المضاف.

وفي أصول الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن رجل ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ خلق النّبيّين من طينة علّيّين قلوبهم وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطّينة ، وجعل خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك. وخلق الكفّار من طينة سجّين [قلوبهم وأبدانهم ،] (٣) فخلط بين الطّينتين. فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ، ومن هاهنا يصيب المؤمن السّيّئة ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة ، فقلوب المؤمنين تحنّ إلى ما خلقوا منه وقلوب الكفّار تحنّ إلى ما خلقوا منه.

محمّد بن عيسى (٤) ، عن محمّد بن الحسين (٥) ، عن النّضر بن شعيب ، عن عبد الغفّار الجازيّ (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : الطّينات ثلاثة : طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطّينة ، إلّا أنّ الأنبياء من صفوتها ، هم الأصل ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طيب لازب ، لا يفرّق الله ـ تعالى ـ بينهم وبين شيعتهم.

وقال : طينة النّاصب من حمأ مسنون. وأمّا المستضعفون فمن تراب لا يتحوّل مؤمن من إيمانه ولا ناصب عن نصبه ، ولله المشيئة فيهم.

عليّ بن إبراهيم (٧) ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل قال : قلت

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٢.

(٢) الكافي ٢ / ٢ ، ح ١.

(٣) من المصدر.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٣ ، ح ٢. وفيه : محمد بن يحيى.

(٥) المصدر : الحسن.

(٦) النسخ : «الجمازي». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر. وهو الصحيح. أنظر : جامع الرواة ٢ / ٤٦١.

(٧) نفس المصدر والمجلد ، ص ٣ ، ح ٣.

٢٨٩

لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : جعلت فداك ، من أيّ شيء خلق الله ـ عزّ وجلّ ـ طينة المؤمن؟

فقال : من طينة الأنبياء ، فلن تنجس (١) أبدا.

عدّة من أصحابنا (٢) ، عن سهل بن زياد وغير واحد ، عن الحسين بن الحسن جميعا ، عن محمّد بن أورمة ، عن محمّد بن عليّ ، عن إسماعيل بن يسار ، عن عثمان بن يوسف قال : أخبرني عبد الله بن كيسان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له :

جعلت فداك ، مولاك عبد الله بن كيسان.

قال : أمّا النسب فأعرفه ، وأمّا أنت فلست أعرفك.

قال : قلت له : إنّي ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس. وإنّني أخالط [النّاس في التجارات وغير ذلك ، فأخالط] (٣) الرّجل فأرى له حسن السّمت (٤) وحسن الخلق وكثرة أمانة ، ثمّ أفتّشه [فأفتّشه عن عداوتكم. وأخالط الرّجل فأرى منه سوء الخلق وقلّة أمانة ودعارة (٥) ، ثمّ أفتّشه] (٦) فأفتّشه (٧) عن ولايتكم. فكيف يكون ذلك؟

قال : فقال لي : أما علمت ، يا بن كيسان ، أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أخذ طينة من الجنّة وطينة من النّار فخلطهما جميعا ثمّ نزع (٨) هذه من هذه وهذه من هذه ، فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن الخلق وحسن السّمت فممّا مسّهم من طينة الجنّة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه ، وما رأيت من هؤلاء من قلّة الأمانة وسواء الخلق والدعارة (٩) فممّا مسّهم من طينة النّار وهم يعودون إلى ما خلقوا.

(ثُمَّ قَضى أَجَلاً) : كتب غير مسمّى ، يمحوه ويثبت غيره للصّدقة والدّعاء وصلة الرّحم وغيرها. وفيه البداء.

__________________

(١) المصدر : فلم تنجس.

(٢) نفس المصدر والمجلد ، ص ٥ ـ ٤ ، ح ٥.

(٣) من المصدر.

(٤) السمت : هيئة أهل الخير.

(٥) الدعارة : الفسوق والفساد والفجور.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) المصدر : فأتبيّنه.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فرع.

(٩) المصدر : الزعارة.

٢٩٠

(وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) : لا يتقدّم ولا يتأخّر ، وهو المحتوم». والأوّل يسمّى موقوفا. وقد أطلق في بعض الأخبار «المسمّى» في مقابل «المحتوم» عليه ، وسيأتي.

وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : الأجل الّذي غير مسمّى موقوف يقدّم منه ما يشاء (٢) ، وأمّا الأجل المسمّى فهو الّذي ينزل ممّا يريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها [من قابل] (٣). قال : فذلك قول الله ـ تعالى ـ : (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤).

عن حمران (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى).

قال : المسمّى عنده (٦) ما يسمّى (٧) لملك الموت في تلك اللّيلة ، وهو الّذي قال الله ـ تعالى ـ : (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) وهو الّذي يسمّي (٨) لملك الموت في ليلة القدر. والآخر له فيه المشيئة ، إن شاء قدّمه ، وإن شاء أخّره.

وفي رواية حمران عنه (٩) : وأمّا الأجل الّذي غير مسمّى عنده ، فهو أجل موقوف يقدّم فيه ما يشاء ويؤخر فيه ما يشاء. وأمّا الأجل المسمّى ، فهو الّذي سمّي في ليلة القدر.

عن حصين (١٠) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : [ثمّ قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ] (١١) الأجل الأوّل هو ما نبذه إلى الملائكة والرّسل والأنبياء ، والأجل المسمّى عنده هو الّذي ستره عن الخلائق.

وفي أصول الكافي (١٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن

__________________

(١) تفسير العيّاشي ١ / ٣٥٤ ، ح ٥.

(٢) المصدر : ما شاء (ويؤخر منه ما شاء)

(٣) من المصدر.

(٤) يونس / ٤٩.

(٥) نفس المصدر ١ / ٣٤٥ ، ح ٦.

(٦) ليس في المصدر.

(٧ و ٨) المصدر : سمّي.

(٩) نفس المصدر والمجلد ، ص ٣٥٥ ، ح ٨.

(١٠) نفس المصدر والموضع ، ح ٩.

(١١) ليس في المصدر.

(١٢) الكافي ١ / ١٤٧ ، ح ٤.

٢٩١

ابن بكير ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ).

قال هما أجلان : أجل محتوم وأجل موقوف.

وأمّا ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره (١) قال : «حدّثني أبي ، عن النّضر بن سويد (٢) ، عن عبد الله بن مسكان ، عن الحلبيّ (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال :

الأجل المقضيّ [هو] (٤) المحتوم الّذي قضاه [الله] (٥) وحتمه ، والمسمّى (٦) هو الّذي فيه البداء ، يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء. والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير (٧)»

فمعناه : أنّ الأجل المقضيّ وأمّا محتوم أو غير محتوم. والمقضيّ المحتوم هو ما ليس فيه البداء. [والمقضيّ الغير المحتوم فيه البداء] (٨) ويطلق عليه المسمّى لكن بالقرينة ، كما في الخبر.

لا أنّ المراد في الآية بالمسمّى ذلك حتّى ينافي الأخبار الأوّلة. والدّليل على ما ذكرنا أنّ المقضيّ في الخبر موصوف بالمحتوم ، فلو كان المقضيّ هو المحتوم لم يفد التّوصيف.

ثمّ قال (٩) : وحدّثني ياسر ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : ما بعث الله نبيّا إلّا بتحريم الخمر ، وأن يقرّ له بالبداء أن يفعل الله ما يشاء ، وأن يكون في تراثه الكندر (١٠).

(وَأَجَلٌ) : نكرة خصّت بالصّفة ، ولذلك استغنى عن تقديم الخبر والاستئناف به لتعظيمه ، ولذلك نكّر ووصف بأنّه «مسمّى».

(ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (٢) : استبعاد لامترائهم بعد ما ثبت أنّه خالقهم وخالق أصولهم ومحييهم (١١) إلى آجالهم. فإنّ من قدر على خلق الموادّ وجمعها وإبداع الحياة فيها وإبقائها ما شاء ، كان أقدر على جمع تلك الموادّ وإحيائها ثانيا. فالآية الأولى دليل

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٩٤.

(٢) المصدر : النضر بن سويد ، عن الحلبي ...

(٣) ليس في المصدر.

(٤ و ٥) من المصدر.

(٦) ر ، ب وأ : المعنى.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : تقدّم ولا تأخّر.

(٨) ليس في ب وأ.

(٩) نفس المصدر والموضع.

(١٠) الكندر : اللّبان ، نبات من الفصيلة البخوريّة يفرز صمغا.

(١١) هكذا في ج. وفي سائر النسخ : مجيئهم.

٢٩٢

التّوحيد ، والثّانية دليل البعث.

والامتراء : الشّكّ. وأصله ، المري ، وهو استخراج اللّبن من الضّرع.

(وَهُوَ اللهُ) : الضّمير لله ، و «الله» خبره.

(فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) : متعلّق باسم الله. والمعنى : هو المستحقّ للعبادة فيهما لا غير ، كقوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ). أو بقوله :

(يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) : خبر ثان. أو هي الخبر و «الله» بدل. ويكفي لصحّة الظّرفيّة [كون المعلوم فيهما ، كقولك : رميت الصيد في الحرم ، إذا كنت خارجه والصيد فيه] (١) أو ظرف مستقرّ وقع خبرا ، بمعنى : أنّه ـ تعالى ـ لكمال علمه بما فيهما [كأنّه فيهما] (٢) و (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) بيان وتقرير له وليس متعلّقا بالمصدر ، لأنّ صفته لا تتقدّم عليه.

في كتاب التّوحيد (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال : كذلك هو في كلّ مكان.

قلت (٤) : بذاته؟

قال : ويحك ، إنّ الأماكن أقدار. فإذا قلت في مكان بذاته ، لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك. ولكن هو بائن من خلقه ، محيط بما خلق علما وقدرة [وإحاطة] (٥) وسلطانا [وملكا.] (٦) وليس علمه بما في الأرض بأقل ممّا في السّماء ، ولا يبعد منه شيء ، والأشياء عنده (٧) سواء علما وقدرة وسلطانا وملكا وإحاطة.

(وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) (٣) : من خير أو شرّ.

قيل (٨) : ولعلّه أريد بالسّرّ والجهر ما يخفى وما يظهر من أحوال الأنفس ، وبالمكتسب أعمال الجوارح.

__________________

(١) من ج ور.

(٢) من ج.

(٣) التوحيد / ١٣٢ ، ح ١٥.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : قيل.

(٥ و ٦) من المصدر.

(٧) المصدر : له.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٢.

٢٩٣

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) قال : السّرّ ، ما أسرّ في نفسه. والجهر ، ما أظهره.

والكتمان (٢) ، ما عرض بقلبه ثمّ نسيه.

(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ) :

«من» الأولى زائدة للاستغراق. والثّانية للتّبعيض ، أي : ما يظهر لهم دليل قطّ من الأدلّة ، أو معجزة من المعجزات ، أو آية من آيات القرآن.

(إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) (٤) : تاركين النّظر فيه غير ملتفتين.

(فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) :

قيل (٣) : يعني : القرآن. وهو كالّلازم لما قبله ، كأنّه قيل : إنّهم لمّا كانوا معرضين عن الآيات كلّها ، كذّبوا به لمّا جاءهم. أو كالدّليل عليه ، على معنى : أنّهم لمّا أعرضوا عن القرآن وكذّبوا له وهو أعظم الآيات ، فكيف لا يعرضون عن غيره ولذلك رتّب عليه ، بالفاء.

(فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٥) :

قيل (٤) : أي : ما يخبرهم النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ من أحوال استهزائهم.

وقيل (٥) : أي سيظهر لهم ما كانوا به يستهزءون عند نزول العذاب بهم في الدّنيا والآخرة. أو عند ظهور الإسلام وارتفاع أمره.

(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) ، أي : من أهل زمانهم.

قيل (٦) : القرن : مدّة أغلب أعمار النّاس ، وهي سبعون سنة.

وقيل (٧) : ثمانون.

وقيل (٨) : القرن : أهل عصر فيه نبيّ أو فائق قلّت المدّة أو كثرت.

وفي مجمع البيان (٩) : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ). قال الزّجّاج :

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٩٤.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : والكسب.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣.

(٤) يوجد ما في معناه في مجمع البيان ٢ / ٢٧٤.

(٥ و ٦ و ٧) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٣.

(٨) نفس المصدر والموضع.

(٩) مجمع البيان ٢ / ٢٧٥.

٢٩٤

والّذي يقع عندي ، أنّ القرن أهل كلّ مدّة كان فيها نبيّ ، أو كان فيها طبقة من أهل العلم قلّت السّنون أو كثرت. والدّليل عليه قول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خيركم قرني ثمّ الّذين يلونكم.

مأخوذ من قرنت (١) لاجتماعهم (٢) في العصر.

(مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) : جعلنا لهم فيها مكانا ، وقررناهم فيها. أو أعطيناهم من القوى والآلات ما تمكّنوا من أنواع التّصرّف فيها.

(ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) : ما لم نجعل لهم في السّعة وطول المقام ، يا أهل مكّة. أو ما لم نعطكم من القوّة والسّعة في المال والاستظهار بالعدد والأسباب.

(وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ) : أي : المطر والسّحاب ، أو المظلّة. فإنّ مبدأ المطر منها.

(مِدْراراً) : مغزارا.

(وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) : فعاشوا في الخصب بين الأنهار والأثمار.

(فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) ، أي : لم يغن ذلك عنهم شيئا.

(وَأَنْشَأْنا) : وأحدثنا.

(مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (٦) : بدلا منهم.

والمعنى : أنّه ـ تعالى ـ كما قدر أن يهلك من قبلكم كعاد وثمود وينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده ، يقدر أن يفعل ذلك بكم.

(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ) : مكتوبا في ورق.

(فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ) فمسّوه. وتخصيص اللّمس ، لأنّ التّزوير لا يقع فيه فلا يمكنهم أن يقولوا : إنّما سكّرت أبصارنا. ولأنّه يتقدّمه الإبصار حيث لا مانع. وتقييده بالأيدي ، لرفع التّجوّز. فإنّه قد يتجوّز به للفحص ، كقوله : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ).

(لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧) : تعنّتا وعنادا.

(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) : يكلّمنا أنّه نبيّ.

(وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) : جواب لقولهم ، وبيان لما هو المانع ممّا

__________________

(١) المصدر : إقرانهم.

(٢) ليس في المصدر.

٢٩٥

اقترحوه ، يعني : أنّ الملك لو أنزل بحيث عاينوه ، كما اقترحوا ، لحقّ إهلاكهم. فإنّ سنة الله جرت بذلك فيمن قبلهم.

(ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) (٨) : بعد نزوله طرفة عين.

(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) : جواب ثان ، إن جعل الهاء للمطلوب. وإن جعل للرّسول ، فإنّه جواب اقتراح ثان. فإنّهم تارة ينتحلون (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) وتارة يقولون : لو شاء ربّنا لأنزل ملائكة ، يعني : ولو جعل قرينا لك ملكا يعاينونه. أو الرّسول ملكا لمثّلناه رجلا ، كما مثّلنا جبرئيل في صورة دحية. فإنّ القوى البشريّة لا تقوى على رؤية الملك في صورته.

(وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٩) :

قيل (١) : جواب محذوف ، أي : ولو جعلناه رجلا للبسنا ، أي : لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم ، فيقولون : ما هذا إلّا بشر مثلكم.

والظّاهر ، أنّه جواب للشّرط المذكور بعد اعتبار تقييده بالجواب الأوّل ، فحينئذ لا احتياج إلى تقدير.

وقرئ (٢) : «لبسنا» بلا «لام» و «لبّسنا» بالتّشديد ، للمبالغة.

في كتاب الاحتجاج (٣) : عن أبي محمّد الحسن العسكريّ ـ عليه السّلام ـ قال : قلت لأبي عليّ بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ : هل كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ، ويحاجّهم (٤)؟

قال : بلى ، مرارا كثيرة. إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان قاعدا ذات يوم بمكّة بفناء الكعبة ... إذ ابتدأه عبد الله بن أبي أميّة المخزوميّ.

فقال : يا محمّد ، فقد ادّعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا ، زعمت أنّك رسول ربّ العالمين ، [وما ينبغي لربّ العالمين] (٥) وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله ...

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(٢) نفس المصدر والمجلد ، ص ٣٠٤.

(٣) الاحتجاج ١ / ٢٦ ـ ٣٠ ، بتقطيع للرواية.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يناظرهم.

(٥) من ج والمصدر.

٢٩٦

ولو كنت نبيّا ، لكان معك ملك يصدّقك ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيّا لكان إنّما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا. ما أنت ، يا محمّد ، إلّا رجلا مسحورا ولست بنبيّ.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : اللهمّ أنت السّامع لكلّ صوت والعالم بكلّ شيء ، تعلم ما قاله عبادك ... فأنزل عليه يا محمّد : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) ـ إلى قوله ـ (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ).

ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ... وأمّا قولك لي : «ولو كنت نبيّا لكان معك ملك يصدّقك ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيّا لكان إنّما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا» فالملك لا تشاهده حواسّكم ، لأنّه من جنس هذا الهواء لا عيان منه.

ولو شاهدتموه بأن يزاد في قوى أبصاركم ، لقلتم ليس هذا ملكا بل هذا بشر. لأنّه إنّما كان يظهر لكم بصورة البشر الّذي ألفتموه ، لتفهموا عنه مقالته وتعرفوا خطابه ومراده.

فكيف كنتم تعلمون صدق الملك وأنّ ما يقوله حقّ ، بل إنّما بعث الله بشرا وأظهر على يده المعجزات الّتي ليست في طبائع البشر الّذين قد علمتم (١) ضمائر قلوبهم ، فتعلمون بعجزكم عمّا جاء به أنّه معجزة ، وأنّ ذلك شهادة من الله بالصّدق له. ولو ظهر لكم ملك وظهر على يده ما يعجز عنه البشر ، لم يكن في ذلك ما يدلّكم أنّ ذلك ليس في طبائع سائر أجناسه من الملائكة حتّى يصير ذلك معجزا ، ألا ترون أنّ الطّيور الّتي تطير ليس ذلك منها بمعجز ، لأنّ لها أجناسا يقع منها مثل طيرانها. ولو أنّ آدميًّا طار كطيرانها ، كان ذلك معجزا. فالله ـ عزّ وجلّ ـ سهّل عليكم الأمر وجعل مثلكم ، بحيث يقوم عليكم حجّته وأنتم تقترحون عمل الصعب الّذي لا حجّة فيه.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) : تسلية لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على ما يرى من قومه.

(فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (١٠) : فأحاط بهم الّذي كانوا يستهزئون به ، حيث أهلكوا لأجله. أو فنزل بهم وبال استهزائهم.

__________________

(١) المصدر : علمتهم.

٢٩٧

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (١١) ، أي : كيف أهلكهم الله بعذاب الاستئصال ، كي تعتبروا.

قيل (١) : والفرق بينه وبين قوله : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) أنّ السّير ثمّة (٢) لأجل النّظر ، ولا كذلك هاهنا. ولذلك قيل : معناه ، إباحة السّير للتّجارة وغيرها وإيجاب النّظر في آثار الهالكين.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) ، أي : انظروا في القرآن وأخبار الأنبياء فانظروا.

وقد مضى نظيره عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في سورة آل عمران.

(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : خلقا وملكا. وهو سؤال تبكيت.

(قُلْ لِلَّهِ) : تقرير لهم ، وتنبيه على أنّه المتعيّن للجواب بالاتّفاق بحيث لا يمكنهم أن يذكروا غيره.

(كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) : التزمها تفضّلا وإحسانا.

والمراد بالرّحمة ، ما يعمّ الدّارين. ومن ذلك الهداية إلى معرفته ، والعلم بتوحيده بنصب الأدلّة ، وإنزال الكتب ، والإمهال على الكفر والذّنوب لتدارك ما فرط.

وفي روضة الكافي (٤) ، في رسالة أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ إلى سعد الخير : فكتب على نفسه الرّحمة ، فسبقت قبل الغضب فتمّت صدقا وعدلا. فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التّقوى.

(لَيَجْمَعَنَّكُمْ) : قرنا بعد قرن.

(إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) :

قيل (٥) : استئناف ، وقسم للوعيد على إشراكهم وإغفالهم النّظر ، أي : ليجمعنّكم في القبور [مبعوثين] (٦) إلى يوم القيامة فيجازيكم على شرككم. أو في يوم القيامة.

و «إلى» بمعنى : «في».

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٤.

(٢) ثمّة : هناك.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٩٤.

(٤) الكافي ٨ / ٥٣ ، ضمن ح ١٦.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٤.

(٦) من ج ور.

٢٩٨

وقيل (١) : بدل من الرّحمة ، بدل البعض. فإنّ من رحمته بعثه إياكم وإنعامه عليكم.

(لا رَيْبَ فِيهِ) : في اليوم ، أو الجمع.

(الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) : بتضييع رأس مالهم ، وهو الفطرة الأصليّة والعقل السّليم.

ومحلّ «الّذين» نصب على الذّمّ [أو رفع على الخبر ، أي : وأنتم الذين] (٢) أو رفع على الابتداء والخبر (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٢) : والفاء للدّلالة على أنّ عدم إيمانهم مسبّب عن خسرانهم. فإنّ إبطال العقل باتّباع الحواسّ والوهم والانهماك في التّقليد وإغفال النّظر ، أدّى بهم إلى الإصرار على الكفر والامتناع عن الإيمان.

(وَلَهُ) : عطف على «الله».

(ما سَكَنَ) : فاعل الظّرف ، لاعتماده على المعطوف عليه.

(فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) :

و «سكن» إمّا من السكنى والتّعدية ب «في» ، كما في قوله : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، يعني : ما اشتملا عليه. أو من السّكون ، أي : ما سكن فيهما وتحرّك.

فاكتفى بأحد الضّدّين عن الآخر.

ذكر في الأوّل السّموات والأرض المشتملين على الأمكنة جميعا ، وهنا اللّيل والنّهار المشتملين على الأزمنة جميعا ، ليعمّ الموجودات الّتي تستدرج تحت الظّرفين.

(وَهُوَ السَّمِيعُ) : لكلّ مسموع.

(الْعَلِيمُ) (١٣) : بكلّ معلوم ، فلا يخفى عليه شيء. ويجوز أن يكون وعيدا للمشركين على أقوالهم وأفعالهم.

(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) : إنكار لاتّخاذ غير الله وليّا ، لا لاتخاذ الوليّ.

فلذلك قدّم الولي. وأولى الهمزة.

والمراد بالوليّ : المعبود. لأنّه ردّ لمن دعاه إلى الشّرك.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٤.

(٢) من نفس المصدر.

٢٩٩

(فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مبدعهما. ابتدأ بقدرته وحكمته من غير احتذاء مثال.

وعن ابن عبّاس (١) : ما عرفت معنى الفاطر حتّى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأتها. وجرّه على الصّفة «لله». فإنّه بمعنى الماضي ، ولذلك قرئ : فطر.

وقرئ (٢) ، بالرّفع والنّصب ، على المدح.

(وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) : يرزق ولا يرزق ، يعني : المنافع كلّها من عنده ، ولا يجوز عليه الانتفاع. وتخصيص الطّعام ، لشدّة الحاجة إليه.

وقرئ (٣) : «ولا يطعم» بفتح الياء ، وبعكس الأوّل ، على أنّ الضّمير لغير الله.

والمعنى : كيف أشرك بمن هو فاطر السّموات والأرض ما هو نازل عن رتبة الحيوانات.

وبناؤهما للفاعل ، على أنّ الثّاني من أطعم ، بمعنى : استطعم. أو على معنى :

أنّه يطعم تارة ولا يطعم أخرى ، كقوله : يقبض ويبسط (٤).

(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) : لأنّ النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ سابق أمّته في الدّين.

(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٤) : وقيل لي : ولا تكوننّ. ويجوز عطفه على «قل».

(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥) : مبالغة أخرى في قطع أطماعهم ، وتعريض لهم بأنّهم عصاة مستوجبون للعذاب. والشّرط معترض بين الفعل والمفعول به ، وجوابه محذوف دلّ عليه الجملة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال :

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٤.

(٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ١٢٠ ـ ١٢١ ، ح ١٢.

٣٠٠