تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

وفي كتاب الخصال (١) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لعن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في الخمر عشرة : غارسها ، وحارسها ، وعاصرها ، وشاربها ، وساقيها ، وحاملها ، والمحمول إليه ، وبائعها ، ومشتريها ، وآكل ثمنها.

وعن الأعمش (٢) ، عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال في حديث : والبراءة من الأنصاب والأزلام وأئمّة الضّلال وقادة الجور كلّهم أوّلهم وآخرهم ، واجبة.

وفي كتاب عيون الأخبار (٣) في باب ما كتبه الرّضا ـ عليه السّلام ـ للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين : والبراءة من الأنصاب. «والأزلام» أئمّة الضّلالة.

(إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٩١) :

قيل (٤) : إنّما خصّ الخمر والميسر (٥) بإعادة الذّكر وشرح ما فيهما من الوبال ، تنبيها على أنّهما المقصود من البيان. وذكر الأنصاب والأزلام ، للدّلالة على أنّهما مثلهما في الحرمة والشّرارة لقوله (٦) ـ صلّى الله عليه وآله ـ : شارب الخمر كعابد الوثن.

وخصّ الصّلاة من الذّكر بالإفراد ، للتّعظيم والإشعار. بأنّ الصّادّ عنها كالصّادّ عن الإيمان ، من حيث أنّها عماده والفارق بينه وبين الكفر. ثم أعاد (٧) الحثّ على الانتهاء بصيغة الاستفهام مرتّبا على ما تقدّم من أنواع الصّوارف ، إيذانا بأنّ الأمر في المنع والتّحذير بلغ الغاية ، وأنّ الأعذار قد انقطعت.

[وفي الكافي (٨) : بعض أصحابنا مرسلا قال : إنّ أوّل ما نزل في تحريم الخمر قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) (الآية) ثمّ أنزل الله آية أخرى :

__________________

(١) الخصال ٢ / ٤٤٤ ، ح ٤١.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٦٠٧ ، ح ٩.

(٣) عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ ٢ / ١٢٦ ، ضمن حديث ١ الذي اوله في ص ١٢١.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٩١.

(٥) المصدر : خصهما.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ.

(٧) المصدر : أعار.

(٨) الكافي ٦ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، صدر حديث ٢ ، مع إسقاط جملة من وسطه.

٢٢١

(إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وكانت هذه الآية أشدّ من الأولى ، وأغلظ في التّحريم. ثمّ ثلّث بآية أخرى ، فكانت أغلظ من الأولى والثّانية وأشدّ فقال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ باجتنابها ، وفسّر عللها الّتي لها ومن أجلها حرّمها.] (١).

(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) : فيما أمرا به.

(وَاحْذَرُوا) : ما نهيا عنه. أو عن مخالفتهما.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّه سيكون قوم يبيتون وهم على الله وشرب الخمر والغناء ، فبيناهم كذلك إذ مسخوا من ليلتهم وأصبحوا قردة وخنازير. وهو قوله : واحذروا أن تعتدوا كما اعتدى أصحاب السّبت. فقد كان أملي لهم حتّى آثروا ، و (٣) قالوا : إنّ السّبت لنا حلال ، وإنّما كان حرام على أوّلينا وكانوا (٤) يعاقبون على استحلالهم السّبت ، فأمّا نحن فليس علينا حرام ، وما زلنا بخير منذ استحللناه وقد كثرت أموالنا وصحّت أجسامنا. ثمّ أخذهم الله ليلا وهم غافلون. فهو قوله : احذروا أن يحلّ بكم مثل ما حلّ بمن تعدّى وعصى.] (٥).

(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٩٢) : فاعلموا أنّكم لا تضرّون الرّسول بتولّيكم ، فإنّما عليه البلاغ وقد أدّى ، وإنّما ضررتم به أنفسكم.

وفي أصول الكافي (٦) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن الحسين بن نعيم الصّحّاف قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟

فقال : أما والله ، ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتّى يقوم قائمنا ، إلّا في ترك ولايتنا وجحود حقّنا. وما خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من الدّنيا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٨١.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «يزداد» بدل «آثروا و.»

(٤) النسخ : وكانوا كما اعتدى أصحاب السبت.

(٥) ما بين المعقوفتين. ليس في أ.

(٦) الكافي ١ / ٤٢٦ ، ح ٧٤.

٢٢٢

حتّى ألزم رقاب هذه الأمّة حقّنا. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) : من المستلذّات ، أكلا كان أو شربا. فإنّ الطّعم يعمّهما.

وفي مجمع البيان (١) : في تفسير أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ : فيما طعموا من الحلال.

(إِذا مَا اتَّقَوْا) : المحرّم.

(وَآمَنُوا) : بالله.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا) : الإشراك في العمل.

(وَآمَنُوا) : إيمانا خالصا.

(ثُمَّ اتَّقَوْا) : ثمّ ثبتوا (٢) على اتّقاء المعاصي.

(وَأَحْسَنُوا) : وتحرّوا الأعمال الجميلة ، واشتغلوا بها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : لمّا نزل تحريم الخمر والميسر والتّشديد في أمرهما ، قال النّاس من المهاجرين والأنصار : يا رسول الله ، قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر ، وقد سمّاه الله رجسا وجعله من عمل الشّيطان ، وقد قلت ما قلت ، أفيضرّ أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله هذه الآية. فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر. و «الجناح» هو الإثم على من شربها بعد التّحريم.

وقيل (٤) : (فِيما طَعِمُوا) ، أي : ممّا لم يحرّم عليهم. (إِذا مَا اتَّقَوْا) ، أي :

المحرّم. (وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، أي : ثبتوا على الإيمان ، والأعمال الصّالحة. (ثُمَّ اتَّقَوْا) ، أي : ما حرّم عليهم بعد ، كالخمر (وَآمَنُوا) بتحريمه. (ثُمَّ اتَّقَوْا) ، أي : استمرّوا وثبتوا على اتّقاء المعاصي. (وَأَحْسَنُوا) ، أي : وتحرّوا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها.

وما ذكره عليّ بن إبراهيم موافق لهذا القول. وهما موافقان لمذهب العامّة. وقد سبق ما يدلّ على تحريم الخمر دائما ، فإن ورد من طريق الخاصّة ما يدلّ على ما قاله

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ٢٤٠.

(٢) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : تثبّتوا.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٩١ ، ببعض الاختلافات.

٢٢٣

عليّ بن إبراهيم كان محمولا على التّقيّة. قيل (١) : ويحتمل أن يكون هذا التّكرير ، باعتبار الأوقات الثّلاثة. أو باعتبار الحالات الثّلاث : استعمال الإنسان التقوى والإيمان بينه وبين نفسه [، وبينه] (٢) وبين النّاس ، وبينه وبين الله. ولذلك بدّل الإيمان والإحسان في الكرّة الثّالثة ، إشارة إلى ما قاله ـ عليه السّلام ـ في تفسيره. أو باعتبار المراتب الثّلاث :

المبدأ ، والوسط ، والمنتهى. أو باعتبار ما يتّقى ، فإنّه ينبغي أن يترك المحرّمات توقّيا من العذاب (٣) ، والشّبهات تحرّزا عن الوقوع في الحرام ، وبعض المباحات تحفّظا للنّفس عن الخمسّة وتهذيبا لها عن دنس الطّبيعة.

واعلم ، أنّه لمّا كان لكلّ من الإيمان والتّقوى درجات ومنازل كما ورد عنهم ـ عليهم السّلام ـ لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدّرجات والمنازل.

ففي الكافي (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : للإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل. فمنه التّامّ المنتهى تمامه ، ومنه النّاقص البيّن نقصانه ، ومنه الرّاجح الزّائد رجحانه.

وعن الباقر ـ عليه السّلام ـ : إنّ المؤمنين على منازل. منهم على واحدة ، ومنهم على اثنتين ، ومنهم على ثلاث ، ومنهم على أربع ، ومنهم على خمس ، ومنهم على ستّ ، ومنهم على سبع. فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو ، وعلى صاحب الثّنتين ثلاثا لم يقو. وساق الحديث ، ثمّ قال : وعلى هذه الدّرجات.

وفي مصباح الشّريعة (٥) ، عنه ـ عليه السّلام ـ : التّقوى على ثلاثة أوجه : تقوى [بالله] (٦) في الله ، وهو (٧) ترك الحلال فضلا عن الشّبهة ، وهو (٨) تقوى خاصّ الخاصّ. وتقوى من الله ، وهو (٩) ترك الشّبهات فضلا عن الحرام ، وهي تقوى الخاصّ. وتقوى من خوف

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : العقاب.

(٤) الكافي ٢ / ٣٤ ، ح ١.

(٥) شرح فارسي مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة / ٤٥٠ ـ ٤٥٣.

(٦) من المصدر.

(٧ و ٨ و ٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ : هي.

٢٢٤

النّار والعقاب ، وهو (١) ترك الحرام ، وهو (٢) تقوى العامّ.

ومثل التّقوى ، كماء يجري في نهر. ومثل هذه الطّبقات الثّلاث في معنى التّقوى ، كأشجار مغروسة على حافّة ذلك النّهر [من] كلّ لون وجنس ، وكلّ شجر (٣) منها يستمصّ الماء من ذلك النّهر على قدر جوهره وطبعه (٤) ولطافته وكثافته ، ثمّ منافع الخلق من تلك الأشجار والثّمار على قدرها وقيمتها. قال الله ـ تعالى (٥) ـ : (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) ..

فالتّقوى للطّاعات ، كالماء للأشجار. ومثل طبائع الأشجار [والثّمار] (٦) في لونها وطعمها ، مثل مقادير الإيمان. فمن كان أعلى درجة (٧) في الإيمان وأصفى جوهرا بالروح ، كان أتقى. [ومن كان أتقى ،] (٨) كانت عبادته أخلص وأطهر. ومن كان كذلك ، كان من الله أقرب. وكلّ عبادة غير مؤسّسة على التّقوى ، فهي هباء منثور. قال الله ـ تعالى (٩) ـ : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ). (انتهى كلامه ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ.).

بيان ذلك : أنّ أوائل درجات الإيمان تصديقا ، مشوبة بالشّبهة والشّكوك على اختلاف مراتبها. ويمكن معها الشّرك ، كما قال ـ سبحانه ـ (١٠) : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ). ويعبّر عنها بالإسلام ، كما قال الله ـ عزّ وجلّ ـ (١١) : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ..

والتّقوى المتقدّمة عليها ، هي تقوى العامّ. وأوسطها تصديقات ، لا يشوبها شكّ ولا شبهة كما قال ـ عزّ وجلّ ـ (١٢) : (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) وأكثر

__________________

١ و ٢ ـ هكذا في المصدر. وفي النسخ : هي.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كلّ شجرة.

(٤) المصدر : طعمه.

(٥) الرعد / ٤.

(٦) من المصدر.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : على درجة.

(٨) ليس في أ.

(٩) التوبة / ١٠٩.

(١٠) يوسف / ١٠٦.

(١١) الحجرات / ١٤.

(١٢) الحجرات / ١٥.

٢٢٥

إطلاق الإيمان عليها خاصّة ، كما قال : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ..

والتّقوى المتقدّمة عليها ، هي تقوى الخاصّ. وأواخرها (١) ، تصديقات. كذلك مع إيقان كامل ومحبة كاملة لله ـ عزّ وجلّ ـ كما قال (٢) : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ويعبّر عنها تارة بالإحسان ، كما ورد في الحديث النّبويّ (٣) : الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه.

والأخرى بالإيقان ، كما قال (٤) : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) ..

والتّقوى المقدّمة عليها ، هي تقوى خاصّ الخاصّ. وإنّما قدّمت التّقوى على الإيمان ، لأنّ الإيمان إنّما يتحصّل ويتقوّى بالتّقوى. لأنّها كلّما ازدادت ، ازداد الإيمان بحسب ازديادها. وهذا لا ينافي تقدّم أصل الإيمان على التّقوى ، بل ازديادها بحسب ازدياده ـ أيضا ـ لأنّ الدّرجة المتقدّمة لكلّ منها غير الدّرجة المتأخّرة. ومثل ذلك مثل من يمشي بسراج في ظلمة ، فكلّما أضاء له من الطّريق قطعة مشى فيها. فيصير ذلك المشي سببا لإضاءة قطعة أخرى منه ، وهكذا.

وفي الكافي (٥) [: يونس ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : الحدّ في الخمر ، إن شرب قليلا أو كثيرا.

قال : ثمّ] (٦) قال : أتي عمر بقدامة بن مظعون ، وقد شرب الخمر ، وقامت عليه البيّنة. فسأل أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فأمره أن يجلد ثمانين.

فقال قدامة : يا أمير المؤمنين ، ليس عليّ حدّ. أنا من أهل هذه الآية (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) ..

قال : فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : لست من أهلها. إنّ طعام أهلها لهم حلال.

ليس يأكلون ولا يشربون إلّا ما أحلّه الله لهم. ثمّ قال عليّ ـ عليه السّلام ـ : إنّ الشّارب

__________________

(١) أ: آخرها.

(٢) المائدة / ٥٤.

(٣) مسند أحمد ٤ / ١٢٩.

(٤) البقرة / ٤.

(٥) الكافي ٧ / ٢١٥ ، ح ١٠.

(٦) ليس في أ. وفيه : «عن الصادق ـ عليه السّلام ـ» بدلا.

٢٢٦

إذا شرب ، لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب. فأجلدوه ثمانين جلدة.

[(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٩٣) : ويجازيهم أحسن جزاء.] (١).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) ، يعني : في حال إحرامكم.

وفي تحقير «شيء» بالتّنكير ، تنبيه على أنّه ليس من العظام الّتي تدحي الإقدام ، كالابتلاء ببذل الأنفس والأموال. فمن لم يثبت عنده ، فكيف يثبت عند ما هو أشدّ منه.

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) قال : نزلت في غزوة الحديبية ، جمع الله عليهم الصّيد فدخلوا بين رحالهم.

وفي الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟

قال : حشر عليهم الصّيد في كلّ مكان حتّى دنا منهم ، ليبلوهم به.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٤) ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : حشرت لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في عمرة الحديبية (٥) الوحوش ، حتّى نالتها أيديهم ورماحهم.

وفي رواية (٦) : ما تناله الأيدي : البيض والفراخ. وما تناله الرّماح : فهو ما لا تصل إليه الأيدي.

وفي مجمع البيان (٧) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : الّذي تناله الأيدي :

فراخ الطّير ، وصغار الوحش ، والبيض. والّذي تناله الرّماح : الكبار من الصّيد.

(لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) : ليتميّز الخائف من عقابه وهو غائب منتظر

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٨٢.

(٣) الكافي ٤ / ٣٩٦ ، ح ٢.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ١.

(٥) أ: غزوة الحديبية.

(٦) نفس المصدر ٤ / ٣٩٧ ، ح ٤.

(٧) مجمع البيان ٢ / ٢٤٤.

٢٢٧

لقوّة إيمانه ، ممّن لا يخافه لضعف قلبه وقلّة إيمانه. فذكر العلم ، وأراد وقوع المعلوم وظهوره.

أو تعلّق العلم.

(فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) : الابتلاء.

(فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٩٤) :

فإنّ من لا يملك نفسه في مثل ذلك ولا يراعي حكم الله فيه ، فكيف به فيما تكون النّفس أميل إليه وأحرص عليه؟!

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ، أي : محرمون. جمع ، حرام. كرداح ، وردح. فذكر القتل دون الذّبح والذّكاة ، للتّعميم.

وفي الكافي (١) : عليّ ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير وصفوان ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إذا أحرمت فاتّق قتل الدّوابّ كلّها ، إلّا الأفعى والعقرب والفأرة. [فأمّا الفأرة ،] (٢) فإنّها توهي السّقاء وتضرم على أهل البيت. وأمّا العقرب ، فإنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ مدّ يده إلى الجحر فلسعته عقرب فقال : لعنك الله لا برّا تدعين (٣) ولا فاجرا. والحيّة إذا أرادتك فاقتلها ، وإن لم تردك فلا تردها. والكلب العقور والسّبع إذا أراداك فاقتلهما ، فإن لم يريداك فلا تردهما. والأسود الغدر فاقتله على كلّ حال. وارم الغراب رميّا والحدأة على ظهر بعيرك.

وفي التّهذيب ، مثله (٤).

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٥) ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في المحرم يصيد الطّير. قال : عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب.

عليّ ، عن أبيه (٦) ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله

__________________

(١) الكافي ٤ / ٣٦٣ ، ح ٢.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لا تدعين برّا.

(٤) تهذيب الأحكام ٥ / ٣٦٥ ، ح ١٨٦.

(٥) الكافي ٤ / ٣٩٤ ، ح ١.

(٦) نفس المصدر ٤ / ٣٦٣ ، ح ٣.

٢٢٨

ـ عليه السّلام ـ قال : يقتل في الحرم والإحرام ، الأفعى والأسود الغدر وكلّ حيّة سوء والعقرب والفأرة وهي الفويسقة. ويرجم الغراب والحدأة رجما. فإن عرض لك لصوص ، امتنعت منهم.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى (١) ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : يقتل المحرم الزّنبور والنّسر والأسود الغدر والذّئب وما خاف أن يعدو عليه. وقال : الكلب العقور : هو الذّئب.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٢) ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : كلّما خاف المحرم على نفسه من السّباع والحيّات وغيرها ، فليقتله. فان لم يردك ، فلا ترده.

(وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) : والتّقييد به ، لأنّ الآية نزلت فيمن تعمّد على ما نقل (٣) : أنّه عنّ (٤) لهم في عمرة الحديبية حمار وحش ، فطعنه أبو اليسر برمحه فقتله. فنزلت.

وليترتّب عليه قوله : (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) (... وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) لا لتقييد وجوب الجزاء. فإنّ إتلاف العامد والمخطئ والنّاسي ، واحد في إيجاب الكفّارة.

في مجمع البيان (٥) : فأمّا إذا قتل الصّيد خطأ أو ناسيا ، فهو كالمتعمّد في وجوب الجزاء عليه. وهو مذهب عامّة أهل التّفسير والعلم. وهو المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ

وكذا ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٦) ، وسيأتي.

(فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) :

قرأ الكوفيّون ويعقوب ، برفع «الجزاء» و «المثل» ، بمعنى : فعليه ، أي : فواجبه جزاء يماثل ما قتل من النّعم. وعلى هذا ، لا يتعلّق الجارّ «بجزاء» للفصل بينهما بالصّفة. فإنّ متعلّق المصدر كالصّلة له. فلا يوصف ما لم يتمّ بها ، وإنّما يكون صفته.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع ، ح ٤ ـ وفيه : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٢.

(٤) عنّ : ظهر.

(٥) مجمع البيان ٢ / ٢٤٤.

(٦) تفسير القمّي ١ / ١٨٢ ، باختلاف في اللفظ.

٢٢٩

وقرأ الباقون ، على الإضافة إلى المفعول. وإقحام «مثل» كما في قولهم : مثلي لا يقول كذا ، والمعنى : فعليه أن يجزئ مثل ما قتل. وقرئ : «فجزاء مثل ما قتل» بنصبهما على : فليجزئ جزاء. أو فعليه أن يجزئ جزاء يماثل ما قتل (١).

في مجمع البيان (٢) : اختلف في هذه المماثلة ، أهي في القيمة أو الخلقة؟ والّذي عليه معظم أهل التّفسير ، أنّ المماثلة معتبرة في الخلقة. ففي النّعامة ، بدنة. وفي حمار الوحش وشبهه ، بقرة. وفي الظّبى والأرنب ، شاة. وهو المرويّ عن أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية. قال : من أصاب نعامة ، فبدنة. ومن أصاب حمارا أو شبهه ، فعليه بقرة. ومن أصاب ظبيا ، فعليه شاة.

وفي تهذيب الأحكام (٤) : الحسين بن سعيد ، عن أبي الفضيل ، عن أبي الصّباح قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية؟

قال : في الظّبي ، شاة. وفي حمار وحش ، بقرة ، وفي النّعامة ، جزور.

وروي عنه (٥) ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال : في النّعامة ، بدنة. وفي حمار وحش ، بقرة. [وفي الظّبي ، شاة.] (٦) وفي البقرة ، بقرة.

(يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) : صفة «جزاء».

ويحتمل أن يكون حالا من الضّمير في «جزاء». أو منه إذا أضفته ، أو وصفته ورفعته بخبر مقدّر : لمن.

وفي مجمع البيان (٧) : عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام ـ : «ذو عدل.».

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٢.

(٢) مجمع البيان ٢ / ٢٤٥.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٤٣ ، ح ١٩٥.

(٤) تهذيب الأحكام ٥ / ٣٤١ ، ح ٩٣.

(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ٩١.

(٦) ليس في أ.

(٧) مجمع البيان ٢ / ٢٤٣ ، والقطعة الأخيرة بلفظ آخر في ص ٢٤٢ ، في ذيل فقرة «القراءة.»

٢٣٠

وفي الكافي (١) ، عنهما ، وفي روضته (٢) ، عن أبي عبد الله ، وفي تفسير العيّاشي (٣) ، عن أبي جعفر ـ عليهما السّلام ـ : العدل : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والإمام من بعده. ثمّ قالا : هذا ممّا أخطأت به الكتّاب.

وزاد العيّاشيّ في رواية (٤) : يعني : رجلا وحدا ، يعني : الإمام ـ عليه السّلام ـ.

ومعنى قوله ـ عليه السّلام ـ : «هذا ممّا أخطأت به الكتّاب» أنّ رسم الألف في «ذوا عدل» من تصرّف نسّاخ القرآن وخطأ. والصّواب عدم نسخها. وذلك ، لأنّه يفيد أنّ الحاكم اثنان. والحال ، أنّه واحد. وهو الرّسول في زمانه. ثمّ كلّ إمام في زمانه ، على سبيل البدل.

وفي تهذيب الأحكام (٥) : محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : العدل : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والإمام من بعده يحكم به. وهو ذو عدل. فإذا علمت ما حكم به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والإمام ، فحسبك ولا تسأل عنه.

والوجه في الرّجوع إلى ذي العدل ، أنّ الأنواع تتشابه كثيرا. فيحتاج تحقيق الماثلة الرّجوع إليه.

(هَدْياً) : حال من الهاء في «به». أو من «جزاء» وإن نوّن ، لتخصّصه بالصّلة. أو بدل عن «مثل» باعتبار محلّه ، أو لفظه فيمن نصبه.

(بالِغَ الْكَعْبَةِ) : وصف به «هديا» لأنّ إضافته لفظيّة.

وفي الكافي (٦) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من وجب عليه هدي في إحرامه ، فله أن ينحره حيث شاء. إلّا فداء الصّيد ، فإنّ الله ـ تعالى ـ يقول :

__________________

(١) الكافي ٤ / ٣٩٦ ، ح ٣.

(٢) نفس المصدر ٨ / ٢٠٥ ، ح ٢٤٧.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٤٤ ، ح ١٩٧.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ١٩٨.

(٥) تهذيب الأحكام ٦ / ٣١٤ ، ح ٨٦٧.

(٦) الكافي ٤ / ٣٨٤ ، ح ٢.

٢٣١

(هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) ..

أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار (١) ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم ، فإن كان حاجّا نحر هديه الّذي يجب عليه بمنى ، وإن كان معتمرا نحر بمكّة قبالة الكعبة.

وعن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ (٢) مثله. وزاد : وإن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه ، فإنّه يجزئ عنه.

(أَوْ كَفَّارَةٌ) : عطف على «جزاء» إن رفعته. وإن نصبته ، فخبر محذوف.

(طَعامُ مَساكِينَ) : عطف بيان. أو بدل منه. أو خبر مبتدأ محذوف ، أي :

هي طعام.

وقرأ نافع وابن عامر ، بالإضافة ، للتّبيين (٣).

(أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) ، أي : ما ساواه من الصّوم. وهو في الأصل مصدر ، أطلق للمفعول.

وقرئ ، بكسر العين. وهو ما عدل بالشيء في المقدار ، كعدلي الحمل. وذلك ، إشارة إلى الطّعام. و «صياما» تمييز «للعدل».

وفي الكافي (٤) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في محرم قتل نعامة. قال : عليه بدنة.

فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكينا. وإن كان قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكينا ، لم يكن عليه إلّا قيمة البدنة.

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال (٥) ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً)

__________________

(١) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ٤.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٢.

(٤) الكافي ٤ / ٣٨٦ ، ح ٥ ، قطعة منه.

(٥) نفس المصدر.

٢٣٢

قال : يثمّن (١) قيمة الهدي طعاما ، ثمّ يصوم لكلّ مدّ يوما. فإن (٢) زادت الأمداد على شهرين ، فليس عليه أكثر.

وفيه (٣) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش؟

قال : عليه بدنة.

قيل (٤) : فإن لم يقدر على بدنة؟

قال : فيطعم ستّين مسكينا.

قيل (٥) : فإن لم يقدر على أن يتصدّق؟

قال : فليصم ثمانية عشر يوما ، والصّدقة مدّ على كلّ مسكين.

وسئل (٦) عن محرم أصاب بقرة؟

قال : عليه بقرة.

قيل (٧) : فإن لم يقدر على بقرة؟

قال : فليطعم ثلاثين مسكينا.

قيل (٨) : فإن لم يقدر على أن يتصدّق؟

قال : فليصم تسعة أيّام.

قيل (٩) : فإن أصاب ظبيا؟

قال : عليه شاة.

قيل (١٠) : فإن لم يقدر؟

[قال : فإطعام عشرة مساكين. فإن لم يجد ما يتصدّق به ، فعليه صيام ثلاثة أيّام.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ثمن.

(٢) المصدر : فإذا.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٣٨٥ ، ح ١.

(٤ و ٥) المصدر : قلت.

(٦) المصدر : قال : وسألته.

(٧ و ٨ و ٩ و ١٠) المصدر : قلت.

٢٣٣

وما ذكر في هذا الخبر : «أنّه يصوم ثمانية عشر إن لم يقدر] (١) على التّصدّق» محمول على أنّه ، إذا لم يقدر على التّصدّق فصيام شهرين. أو الزّيادة على الثّمانية عشر على الاستحباب. حتّى يوافق ما في الخبر الأوّل من أنّه : يصوم شهرين.

وفي من لا يحضره الفقيه ، وتفسير عليّ بن إبراهيم (٢) ، عن السّجّاد في حديث الزّهريّ : أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما ، يا زهريّ؟

قال : لا أدري.

قال : يقوّم الصّيد قيمة ، ثمّ تفضّ تلك القيمة على البرّ ، ثمّ يكال ذلك البرّ أصواعا ، فيصوم لكلّ نصف صاع يوما.

وما يتراءى من المنافاة بين ما ذكر في هذا الخبر ، الّذي ذكر فيه : «أنّه يصوم لكلّ مدّ يوما» محمول على أنّه يصوم شهرين. فربّما يساوي مدّا من البرّ من قيمة البدنة. وربّما يساوي مدّين.

وفي مجمع البيان (٣) : واختلفوا في هذه الكفّارات الثّلاث ، فقيل : إنّها مرتّبة.

وقيل : إنّها على التّخيير. وكلا القولين رواه أصحابنا.

وفي تفسير العيّاشي (٤) : عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كلّ شيء في القرآن ، أو فصاحبه فيه بالخيار.

وفي الكافي (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله. وزاد فيه : يختار ما يشاء.

فوقع المنافاة ، فمن ثمّ ذهب إلى كلّ قوم. ويمكن أن يقال في الجمع : إنّ المراد :

أنّ كلّ ما في القرآن ، أو فصاحبه بالخيار فيما لم يكن بيان من السّنّة. وأمّا ما كان فيه بيان ، فمستثنى منه. فتأمّل.

(لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) : متعلّق بالمحذوف ، أي : فعليه الجزاء ، أو الطّعام ليذوق ثقل فعله وسوء عاقبة هتكه بحرمة الإحرام. أو الثّقل الشّديد على مخالفة أمر الله.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٧ ، ضمن حديث ٢٠٨ ، تفسير القمي ١ / ١٨٦.

(٣) مجمع البيان ٢ / ٢٤٥.

(٤) تفسير العياشي ١ / ٣٣٨ ، ح ١٧٥.

(٥) الكافي ٤ / ٣٥٨ ، ح ٢.

٢٣٤

وأصل الوبل : الثّقل. ومنه : الطّعام الوبيل.

(عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) : من قتل الصّيد في الجاهليّة. أو قبل التّحريم. أو في هذه المرّة.

(وَمَنْ عادَ) : إلى مثل هذا.

(فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) : فليس عليه كفّارة. فهو ممّن ينتقم الله منه.

(وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) (٩٥) : ممّن أصرّ على عصيانه.

في الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في محرم أصاب صيدا.

قال : عليه الكفّارة.

قلت : فإن أصاب آخر؟

قال : إذا أصاب آخر ، فليس عليه كفّارة. وهو ممّن قال الله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ..

هذا إذا أصاب متعمّدا. وأمّا إذا أصاب خطأ ، فدائما عليه الكفّارة. كما رواه في التّهذيب (٢) : عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه [، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إذا أصاب المحرم الصّيد خطأ ، فعليه الكفّارة. فإن أصابه ثانية خطأ ، فعليه الكفّارة أبدا إذا كان خطأ. فإن أصابه متعمّدا ، كان عليه الكفّارة.

فإن أصابه ثانية متعمّدا ، فهو ممّن ينتقم الله منه ولم يكن عليه الكفّارة.

وفي الكافي (٣) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابه ،] (٤) عن أبي جميلة ، عن زيد الشّحّام ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) قال : إنّ رجلا انطلق وهو محرم. فأخذ ثعلبا ، فجعل يقرّب النّار إلى (٥) وجهه ، وجعل الثّعلب يصيح ويحدث من أسته ، وجعل

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٣٩٤ ، ح ٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ، ح ١٢٩٨.

(٣) الكافي ٤ / ٣٩٧ ، ح ٦.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : إلى النار.

٢٣٥

أصحابه ينهونه عمّا يصنع. ثمّ أرسله بعد ذلك ، فبينا (١) الرّجل نائم إذ جاءته حيّة فدخلت في فيه ، فلم تدعه حتّى جعل يحدث كما أحدث الثّعلب ثمّ خلت عنه.

والخبر الّذي وعدنا [به] سابقا ، هوما ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٢) قال :

حدّثني محمّد بن الحسين (٣) ، عن محمّد بن عون النّصيبيّ قال : لمّا أراد المأمون أن يزوّج أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسى ـ عليهم السّلام ـ ابنته أم الفضل ، اجتمع إليه أهل بيته الأدنين منه فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ننشدك الله أن تخرج (٤) عنّا أمرا قد ملكناه ، وتنزع عنّا عزّا قد ألبسنا الله. فقد عرفت الأمر الّذي بيننا وبين آل عليّ قديما وحديثا.

فقال المأمون : اسكتوا ، فو الله لا قبلت من أحد منكم (٥) في أمره.

فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أفتزوّج (٦) قرّة عينك صبيّا لم يتفقّه في دين الله ، ولا يعرف فريضة ولا سنّة ، ولا يميّز بين الحقّ والباطل ـ ولأبي جعفر يومئذ عشر سنين ، أو إحدى عشرة (٧) سنة ـ فلو صبرت عليه حتّى يتأدّب ويقرأ القرآن ، ويعرف فرضا من سنّة.

فقال لهم المأمون : والله إنّه لأفقه منكم ، وأعلم بالله ورسوله وفرائضه وسننه وأحكامه ، وأقرأ لكتاب الله ، وأعلم بمحكمه ومتشابهه وخاصّه وعامّه وناسخه ومنسوخه وتنزيله وتأويله منكم. فاسألوه ، فإن كان الأمر كما قلتم قبلت منكم في أمره ، وإن كان كما قلت علمتم أنّ الرّجل خير منكم. فخرجوا من عنده ، وبعثوا إلى يحيى بن أكثم ، وأطمعوه في هداياهم بأن (٨) يحتال على أبي جعفر بمسألة لا يدري كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتّزويج. فلمّا حضروا وحضر أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا يحيى بن أكثم ، إن أذنت له أن يسأل أبا

__________________

(١) هكذا في أ. وفي المصدر : «فبينما» وهو الصحيح أيضا. وفي سائر النسخ : فبين.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٨٢.

(٣) المصدر : محمد بن الحسن.

(٤) هكذا في ر. وفي الأصل : «نخرج.» وفي أ: «يخرج.»

(٥) المصدر : أحدكم.

(٦) هكذا في أ. وفي سائر النسخ والمصدر : تزوّج.

(٧) المصدر : أحد عشر.

(٨) هكذا في أ. وسائر النسخ : «هذا أن» بدل «هداياهم بان.»

٢٣٦

جعفر عن مسألة.

فقال المأمون : يا يحيى ، سل أبا جعفر عن مسألة في الفقه ، لننظر كيف فقهه.

فقال يحيى : يا أبا جعفر ، أصلحك الله ، ما تقول في محرم قتل صيدا؟

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : قتله في حلّ أو حرم ، عالما أو جاهلا ، عمدا أو خطأ ، عبدا أو حرّا ، صغيرا أو كبيرا ، مبتدئا أو معيدا ، من ذوات الطّير أو من غيرها ، من صغار الطّير أو كبارها ، مصرّا عليه (١) أو نادما ، باللّيل في وكرها أو في النّهار (٢) عيانا ، محرما للعمرة أو للحجّ؟

قال : فانقطع يحيى بن أكثم انقطاعا لم يخف على أهل المجلس. وأكثر (٣) النّاس تعجّبا من جوابه. ونشط المأمون فقال : نخطب (٤) يا أبا جعفر؟

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : نعم ، يا أمير المؤمنين.

فقال المأمون : الحمد لله إقرارا بنعمته ، ولا إله إلّا الله إخلاصا لعظمته ، وصلّى الله على محمّد عند ذكره. وقد كان من (٥) فضل الله على الأنام ، أن أغناهم بالحلال عن الحرام. فقال (٦) : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ). ثمّ أنّ محمّد بن عليّ ذكر أم الفضل بنت عبد الله ، وبذل لها من الصّداق خمسمائة درهم ، وقد زوّجتك (٧). فهل قبلت ، يا أبا جعفر؟

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : نعم يا أمير المؤمنين ، قد قبلت هذا التّزويج بهذا الصّداق. ثمّ أو لم عليه المأمون. وجاء النّاس على مراتبهم ، الخاصّ والعامّ.

قال : فبينما نحن كذلك ، إذ سمعنا كلاما كأنّه من كلام الملاحين في محاوراتهم. فإذا نحن بالخدم يجرّون سفينة من فضّة ، وفيها نسائج من إبريسم مكان

__________________

(١) هكذا في أ. وسائر النسخ والمصدر : عليها.

(٢) المصدر : بالنهار.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كثرة.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : تخطب.

(٥) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : يصلّي.

(٦) النور / ٣٢.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : زوجته.

٢٣٧

القلوس ، مملوءة غالية. فخضّبوا لحاء أهل الخاصّ بها ، ثمّ مرّوا بها (١) إلى دار العامّة فطيّبوهم. فلمّا تفرّق النّاس قال المأمون : يا أبا جعفر ، إن رأيت أن تبيّن لنا ما الّذي يجب على كلّ صنف من هذه الأصناف ، الّتي ذكرت في قتل الصّيد.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : نعم يا أمير المؤمنين ، إنّ المحرم إذا قتل صيدا في الحلّ والصّيد من ذوات الطّير من كبارها ، فعليه شاة. وإذا أصابه في الحرم ، فعليه الجزاء مضاعفا.

وإذا قتل فرخا في الحلّ ، فعليه حمل قد فطم. وليس عليه قيمته ، لأنّه ليس في الحرم. وإذا قتله في الحرم ، فعليه الحمل وقيمته لأنّه في الحرم.

وإذا كان من الوحوش (٢) ، فعليه في حمار الوحش بدنة. وكذلك في النّعامة. وإن لم يقدر ، فإطعام (٣) ستّين مسكينا. فإن لم يقدر ، فصيام ثمانية عشر يوما.

وإن كانت بقرة ، فعليه بقرة. فإن لم يقدر ، فعليه إطعام ثلاثين مسكينا فإن (٤) لم يقدر ، فيضم تسعة أيّام.

وإن كان ظبيا ، فعليه شاة. فإن لم يقدر ، فإطعام عشرة مساكين. فإن لم يقدر ، فصيام ثلاثة أيّام.

وإن كان في الحرم ، فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقّا واجبا عليه أن ينحره [حيث ينحر النّاس.] (٥) [فإن كان في حجّ بمنى] (٦) وإن كان في عمرة ، ينحره بمكة ويتصدّق بمثل ثمنه حتّى يكون مضاعفا.

وكذلك إذا أصاب أرنبا ، فعليه شاة.

وإذا قتل الحمامة ، تصدّق بدرهم. أو يشتري به طعاما لحمام [الحرم.] (٧) وفي الفرخ نصف درهم. وفي البيضة ربع درهم.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : مدّوها.

(٢) المصدر : الوحش.

(٣) المصدر : فعليه إطعام.

(٤) المصدر : فمن.

(٥) من ر.

(٦) ليس في ر.

(٧) المصدر : «لحمامة الحرم». والزيادة من المصدر.

٢٣٨

وكلّما أتى به المحرم بجهالة ، فلا شيء عليه فيه. إلّا الصّيد ، فإنّ عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم ، بخطإ كان أو بعمد.

وكلّما أتى به العبد ، فكفارته على صاحبه بمثل ما يلزم صاحبه. وكلّما أتى به الصّغير الّذي ليس ببالغ ، فلا شيء عليه فيه.

وإن كان ممّن عاد ، فهو ممّن ينتقم الله منه ليس عليه كفّارة والنّقمة في الآخرة.

[وإن دلّ على الصّيد وهو محرم فقتل ، فعليه الفداء. والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة الآخرة.] (١).

والنّادم عليه ، لا شيء عليه بعد الفداء.

وإذا أصاب ليلا في وكرها خطأ ، فلا شيء عليه إلّا أن يتعمّده. فإن تعمّد بليل أو نهار ، فعليه الفداء.

والمحرم بالحجّ ، ينحر الفداء (٢) بمنى حيث ينحر النّاس. والمحرم بالعمرة ، (٣) ينحر بمكّة. فأمر المأمون ، أن يكتب ذلك كلّه عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

وفي كتاب الاحتجاج (٤) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ كلام لعلي ـ عليه السّلام ـ فيه : وأمّا قولكم ، إنّي حكمت في دين الرّجال ، فما حكمت الرّجال. وإنّما حكمت كلام ربّي ، الّذي جعله الله حكما بين أهله. وقد حكم الله الرّجال كما في طائر فقال : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ).

فدماء المسلمين أعظم من دم طائر.

(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) : في حال الإحرام.

قيل (٥) : هو ما صيد منه ، ممّا لا يعيش إلّا في الماء.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في ر.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فداءه.

(٣) المصدر : للعمرة.

(٤) الاحتجاج ١ / ٢٧٨.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٩٣.

٢٣٩

(وَطَعامُهُ) :

قيل (١) : ما قذفه ، أو نضب عنه.

وقيل : الضّمير «للصّيد». و «طعامه» أكله.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن زيد الشّحّام ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) ..

قال : هي الحيتان ، المالح وما تزوّدت منه ـ أيضا ـ وإن لم يكن مالحا ، فهو طعام.

وفي الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لا بأس بأن يصيد المحرم السّمك ، ويأكل مالحه وطريّه ويتزوّد. وقال : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ). قال :

مالحه ، الّذي يأكلون. وفصل ما بينهما : كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرّ ويفرخ في البرّ ، فهو من صيد البرّ. وما كان من صيد البرّ يكون في البرّ ويبيض في البحر [ويفرخ في البحر ،] (٣) فهو من صيد البحر.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٤) ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كلّ شيء يكون أصله في البحر ويكون في البرّ والبحر ، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله. فإن قتله ، فعليه الجزاء كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٥) ، عن عليّ بن الحكم ، عن العلاء بن رزين [، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : مرّ عليّ ـ عليه السّلام ـ على قوم يأكلون جرادا فقال : سبحان الله وأنتم محرمون؟ فقالوا : إنّما هو من صيد البحر. فقال : ارمسوه (٦) في الماء إذا.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣٤٦ ، ح ٢١٠.

(٣) من المصدر.

(٤) نفس المصدر ٤ / ٣٩٣ ، ح ٢.

(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ٦.

(٦) المصدر : «ارموه» وهو نفس المعنى.

٢٤٠