تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٥

إلى صدرها وترضعه ثمّ تنصرف. فلمّا تحرّك أتته ، كما كانت تأتيه فصنعت به ، كما [كانت] (١) تصنع. فلمّا أرادت الانصراف ، أخذ بثوبها.

فقالت له : مالك؟

فقال لها : اذهبي بي معك.

فقالت له : حتّى أستأمر أباك.

فجاءت (٢) أمّ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ إلى آزر فأعلمته القصّة.

فقال لها : ائتني به ، فأقعديه على الطّريق. فإذا (٣) مرّ به إخوته ، دخل معهم ولا يعرف.

قال : وكان إخوة إبراهيم ـ عليه السّلام ـ يعملون الأصنام ويذهبون بها إلى الأسواق ويبيعونها.

قال : فذهبت إليه ، فجاءت به حتّى أقعدته على الطّريق. ومرّ إخوته ، فدخل معهم. فلمّا رآه أبوه ، وقعت عليه المحبّة منه ، فمكث ما شاء الله. فبينا إخوته يعملون يوما من الأيّام الأصنام ، إذ أخذ إبراهيم القدّوم وأخذ خشبة فنحت (٤) منها صنما لم يروا قطّ مثله.

فقال آزر لأمّه : إنّي لأرجو أن نصيب خيرا ببركة ابنك هذا.

قال : فبيناهم كذلك ، إذ أخذ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ القدّوم فكسّر الصّنم الّذي عمله. ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا.

فقال له : أيّ شيء عملت؟

فقال إبراهيم ـ عليه السّلام ـ : وما تصنعون به؟

فقال آزر : نعبده.

فقال إبراهيم ـ عليه السّلام ـ : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ).

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : فأتت.

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : فإنّه.

(٤) المصدر وج : فنجر.

٣٦١

فقال آزر [لأمه] (١) : هذا الّذي يكون ذهاب ملكنا على يديه.

وفي تفسير العياشيّ (٢) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ).

قال : كان اسم أبيه آزر.

فوردا موافقا لمذاهب العامّة ، والعلم عند الله.

ومنع صرف «آزر» قيل (٣) : لأنّه أعجميّ حمل على موازنه ، أو نعت مشتقّ من الأزر أو الوزر.

وقيل (٤) : إنّه علم أعجميّ على فاعل كغابر وشالخ (٥).

وقيل (٦) : اسم لصنم يعبده ، يلقّب (٧) به للزوم عبادته. أو أطلق عليه بحذف المضاف.

وقيل (٨) : المراد به الصّنم. ونصبه بفعل مضمر يفسّره ما بعده ، أي : أتعبد آزر؟

ثمّ قال : (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) : تفسيرا وتقريرا. ويدلّ عليه أن قرئ (٩) :

«أأزر أتتّخذ أصناما» بفتح همزة «آزر» وكسرها. وهو اسم صنم.

وقرأ (١٠) يعقوب : «آزر» بالضّمّ على النّداء. وهو يدلّ على أنّه علم.

(إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٧٤) : ظاهر الضّلالة.

(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) : ومثل هذا التّبصير نبصّره. وهو حكاية حال ماضية.

وقرئ (١١) : «ترى» بالتّاء ، ورفع «ملكوت». ومعناه : تبصّره دلائل الرّبوبيّة.

(مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : ربوبيّتها وملكها.

وقيل (١٢) : عجائبها وبدائعها.

__________________

(١) من المصدر وتوجد المعقوفتان في المصدر أيضا.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣٩٢ ، ح ٣٢.

(٣ و ٤) أنوار التنزيل ١ / ٣١٧.

(٥) كذا في المصدر ، وفي «ج» : كعابر وشالخ. وفي «ر» : كعامر وسانح. وفي سائر النسخ : كعامر وشائخ.

(٦) نفس المصدر ، والصفحة.

(٧) المصدر : فلقب به.

(٨ و ٩) نفس المصدر ، والصفحة.

(١٠) أنوار التنزيل ١ / ٣١٧.

(١١) نفس المصدر ، والصفحة.

(١٢) نفس المصدر ، والصفحة.

٣٦٢

و «الملكوت» أعظم للملك. والتّاء فيه ، للمبالغة.

(وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٧٥) ، أي : ليستدلّ وليكون. أو وفعلنا ذلك ليكون.

في كتاب المناقب (١) لابن شهر آشوب : جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قوله ـ تعالى ـ : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

فرفع أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ بيده وقال : ارفع رأسك.

فرفعته ، فوجدت السّقف متفرّقا. ورمق ناظري في ثلمة حتّى رأيت نورا حاز عنه بصري.

فقال : هكذا رأى إبراهيم ملكوت السّموات والأرض. وانظر إلى الأرض ثمّ ارفع رأسك.

فلمّا رفعته ، رأيت السّقف كما كان. ثمّ أخذ بيدي وأخرجني من الدّار وألبسني ثوبا.

وقال : غمّض عينيك ساعة. ثمّ قال : أنت في الظّلمات الّتي رأى ذو القرنين.

ففتحت عيني ، فلم أر شيئا. ثمّ تخطّا خطا فقال : أنت على رأس عين الحياة للخضر.

ثمّ خرجنا من ذلك العالم حتّى تجاوزنا خمسة فقال : هذا ملكوت الأرض.

ثمّ قال : غمّض عينيك. وأخذ بيدي ، فإذا نحن بالدّار الّتي كنّا فيها. وخلع عنّي ما كان ألبسنيه.

فقلت : جعلت فداك ، كم ذهب من اليوم؟ فقال : ثلاث ساعات.

وفي بصائر الدّرجات (٢) : وعنه ، عن محمّد المثنّى (٣) [عن أبيه] (٤) الميثميّ ، عن عثمان بن يزيد (٥) ، عن جابر بن عبد الله [عن أبي جعفر] (٦) قال : سألته عن قول الله

__________________

(١) المناقب / ١٩٤.

(٢) البصائر / ٤٢٤ ، ح ٤.

(٣) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ٢ / ١٨٧. وفي النسخ : الميثمي.

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يزيد. قال الأردبيلي في جامع الرواة ١ / ٥٣٣ : الظاهر أنّ ابن يزيد اشتباه لعدم وجوده في كتب الرجال والله أعلم.

(٦) من المصدر.

٣٦٣

ـ عزّ وجلّ ـ : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). قال : وكنت مطرقا إلى الأرض.

فرفع يده إلى فوق. ثمّ قال لي : ارفع رأسك.

فرفعت رأسي ونظرت إلى السّقف قد انفجر حتّى خلص بصري إلى نور (١) ساطع حار بصري دونه.

قال : ثم قال لي (٢) : رأى إبراهيم ملكوت السّموات والأرض هكذا.

ثمّ قال لي : أطرق. فأطرقت. ثمّ قال : ارفع رأسك.

فرفعت رأسي ، فإذا السّقف على حاله.

ثمّ أخذ بيدي ، وقام وأخرجني من البيت الّذي كنت فيه ، وأدخلني بيتا آخر.

فخلع الثّياب الّتي كانت عليه ، ولبس ثيابا غيرها. ثمّ قال : غضّ بصرك.

فغضضت بصري (٣).

وقال لي : لا تفتح عينيك. فلبثت ساعة.

ثمّ قال لي : أتدري أين أنت؟

قلت : لا ، جعلت فداك.

قال : أنت في الظّلمة الّتي سلكها ذو القرنين.

فقلت له : جعلت فداك ، أتأذن لي فأفتح (٤) عيني؟

فقال : فافتح ، فإنّك لا ترى شيئا.

ففتحت [عيني] (٥) ، فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي.

قال : ثمّ سار (٦) قليلا ووقف ، فقال : هل تدري أين أنت؟

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي «ج» : «ثقب» بدل «إلى نور». وفي سائر النسخ : «لهب» بدل «إلى نور».

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «جاز بعدي منه ثمّ قال» بدل «حار ... ثم قال لي».

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بعده.

(٤) المصدر : أن أفتح.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في هامش المصدر. وفي متن المصدر ، والنسخ : صار.

٣٦٤

فقلت : لا.

فقال : أنت واقف على عين الحياة الّتي شرب منها الخضر.

وشرب (١) وخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكناه ، فرأيناه كهيئة عالمنا في بنيانه ومساكنه وأهله. ثمّ خرجنا إلى عالم ثالث ، كهيئة الأوّل والثّاني حتّى وردنا خمسة عوالم.

قال : ثمّ قال لي : هذه ملكوت الأرض ولم يرها إبراهيم ، وإنّما رأي ملكوت السّموات. وهي اثنا عشر عالما ، كهيئة ما رأيت. كلّما مضى منّا إمام ، سكن احد (٢) هذه العوالم حتّى يكون آخرهم القائم في عالمنا الّذي نحن ساكنوه.

قال : ثم قال : غضّ بصرك.

فغضضت بصري [ثم أخذ بيدي] (٣) ، فإذا نحن بالبيت الذي (٤) خرجنا منه. فنزع تلك الثّياب ولبس الثّياب الّتي كانت عليه وعدنا (٥) إلى مجلسنا.

فقلت : جعلت فداك ، كم مضى من النّهار؟

قال : ثلاث ساعات.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ). فإنّه حدّثني أبي ، عن إسماعيل بن مراد ، عن يونس بن عبد الرّحمن ، عن هشام ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كشط له عن الأرض ومن عليها ، وعن السماء ومن فيها ، والملك الّذي يحملها ، والعرش ومن عليه. وفعل ذلك كلّه برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

وحدثني (٧) أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزاز عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا رأى إبراهيم ملكوت السّموات والأرض ، التفت فرأى

__________________

(١) ليس في المصدر : وشرب. وفي نور الثقلين ١ / ٧٣١ ، ح ١٣١ : توجد بين المعقوفتين.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : آخر.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الّتي.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وعندها.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٢٠٥.

(٧) نفس المصدر ، والمجلّد / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

٣٦٥

رجلا يزني ، فدعا عليه فمات. ثمّ رأى آخر ، فدعا عليه فمات ، ثمّ رأى ثلاثة ، فدعا عليهم فماتوا.

فأوحى الله إليه : يا إبراهيم ، إنّ دعوتك مستجابة ، فلا تدع على عبادي ، فإنّي لو شئت لم أخلقهم. إنّي خلقت خلقي على ثلاثة أصناف : صنف يعبدني ولا يشرك بي شيئا ، فأثيبه. وصنف يعبد (١) غيري ، فليس يفوتني. وصنف يعبد غيري ، فأخرج من صلبه من يعبدني.

وفي روضة الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ. مثله وفي أصول الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ رفعه قال : سأل الجاثليق أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فقال له : أخبرني عن قوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ). فكيف قال ذلك ، وقلت : إنّه يحمل العرش والسّموات والأرض؟

فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : إنّ العرش خلقه الله من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرّت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرّت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرّت الصّفرة ، ونور أبيض منه [ابيضّ] (٤) البياض. وهو العلم الّذي حمّله الله الحملة. وذلك نور من عظمته. فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السّموات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة (٥). فكلّ محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته ، لا يستطيع لنفسه ضرّا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.

فكلّ شيء محمول والله ـ تبارك وتعالى ـ الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من

__________________

(١) المصدر : يعبدون.

(٢) الكافي ٨ / ٣٠٥ ، ح ٤٧٣.

(٣) الكافي ١ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، ح ١.

(٤) كذا في المصدر. وتوجد المعقوفتان فيه أيضا. وفي أ، ب : «نور أبيض ابيضّ منها» بدل «نور أبيض منه [بيضّ]. وفي «ج» و «ر» : نور ابيض منه.

(٥) «ج» و «ر» المشبّهة.

٣٦٦

شيء. وهو حياة كلّ شيء ونور كلّ شيء ، سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا.

فالّذين يحملون العرش ، هم العلماء الّذين حمّلهم الله علمه. وليس يخرج عن هذه الأربعة شيء خلقه الله في ملكوته ، وهو الملكوت (١) الّذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله ـ عليه السّلام ـ فقال : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ). وكيف يحمل حملة العرش الله ، وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته.

محمّد بن يحيى (٢) ، عن أحمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين ، أطعمه الله من ثلاث جنان في ملكوت السّموات ، الفردوس ، وجنّة عدن ، وطوبى وهي شجرة تخرج في جنّة عدن غرسها ربّنا بيده.

عليّ بن إبراهيم (٣) ، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : طوبى للمساكين بالصّبر ، وهم الّذين يرون ملكوت السّموات والأرض.

وفي كتاب الاحتجاج (٤) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ حديث طويل ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : يا أبا جهل ، أما علمت قصّة إبراهيم الخليل لما رفع في الملكوت؟ وذلك قول ربّي : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ). قوّى الله بصره لما رفعه دون السّماء ، حتّى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين.

وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

__________________

(١) ليس في المصدر : وهو الملكوت.

(٢) الكافي ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، ح ٣.

(٣) الكافي ٢ / ٢٦٣ ، ح ١٣.

(٤) الاحتجاج ١ / ٣٦.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٣٦٤ ، ح ٣٦.

٣٦٧

قال : أعطي بصره من القوّة ما نفذ السّموات والأرض (١) ، فرأى السّموات و (٢) ما فيها ، ورأى العرش وما فوقه ، ورأى ما في الأرض وما تحتها.

وفي بصائر الدّرجات (٣) : [أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن] (٤) محمّد بن عبد الله بن محمّد الحجّال ، عن ثعلبة ، عن عبد الرّحيم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ).

قال : كشط الله عن الأرض حتّى رآها ومن فيها [وعن السّماء حتى رآها ومن فيها] (٥) ، والملك الّذي يحملها (٦) ، والعرش ومن عليه ، وكذلك أرى صاحبكم.

وفي الخرائج والجرائح (٧) : عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن مسكان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

قال : كشط الله لإبراهيم السّموات حتّى نظر إلى ما فوق العرش ، وكشطت له الأرض حتّى رأى ما تحت تخومها وما فوق الهواء. وفعل بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ مثل ذلك ، وإنّي لأرى صاحبكم. والأئمة من بعده فعل بهم مثل ذلك.

وسأله أبو بصير : هل رأى محمّد ملكوت السّموات والأرض ، كما رأى ذلك إبراهيم ـ عليه السّلام ـ؟

قال : نعم ، وصاحبكم والأئمة من بعده.

وقال أبو جعفر (٨) ـ عليه السّلام ـ في ذلك : كشط له السّموات [السبع] (٩) ـ حتّى نظر إلى السّماء السّابعة وما فيها ، والأرضون السّبع حتّى نظر إليهنّ وما فيهنّ. وفعل بمحمّد ، كما فعل بإبراهيم ـ عليه السّلام ـ. وإنّي لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك والأئمّة من

__________________

(١) ليس في المصدر : والأرض.

(٢) ليس في المصدر : السموات و.

(٣) البصائر / ١٢٦ ، ح ١.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يحملونها.

(٧) نور الثقلين ١ / ٧٣٤ ، ح ١٤١ عنه.

(٨) نفس المصدر ، والموضع.

(٩) من المصدر.

٣٦٨

بعده بمثل ذلك.

وبإسناده (١) إلى بريدة الأسلميّ ، عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [أنّه قال] (٢) يا عليّ ، إنّ الله أشهدك معي سبع مواطن. فذكرها حتّى ذكر الموطن الثّاني ، فقال : أتاني جبرئيل فأسرى بي إلى السّماء.

فقال : أين أخوك؟

قلت : ودّعته خلفي.

فقال : ادع الله يأتيك به.

فدعوت الله ، فإذا أنت معي. كشط لي عن السّموات السّبع والأرضين السّبع حتّى رأيت سكانها وعمّارها وموضع كلّ ملك فيها ، لم أر (٣) من ذلك شيئا إلّا وقد رأيته.

وفي كتاب الخصال (٤) : عن يزداد بن إبراهيم ، عمّن حدّثنا من أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : والله لقد أعطاني الله ـ تبارك وتعالى ـ تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، لقد فتحت لي السبل ، وعلّمت الأنساب (٥) ، وأجري لي السّحاب ، وعلّمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب ، ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربّي ـ جلّ جلاله ـ فما غاب عنّي ما كان قبلي وما يأتي بعدي.

(الحديث).

وفي عوالي اللئالي (٦) : وقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لو لا أنّ الشّياطين يحومون حول قلب ابن آدم ، لنظر إلى الملكوت.

وفي كتاب علل الشّرائع (٧) ، بإسناده إلى عليّ بن سالم : عن أبيه ، عن ثابت بن دينار قال : سألت زين العابدين عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ عن الله ـ جلّ جلاله ـ هل يوصف بمكان؟

__________________

(١) نفس المصدر ، والصفحة ، ح ١٤٢.

(٢) من المصدر.

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : لا أرى.

(٤) الخصال / ٤١٤ ، ح ٤.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الأسباب.

(٦) عوالي اللئالي ٤ / ١١٣ ، ح ١٧٤.

(٧) العلل / ١٣١ ، ح ١.

٣٦٩

فقال : تعالى عن ذلك.

قلت : فلم أسرى بنبيه محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى السّماء؟

قال : ليريه ملكوت السماوات والأرض (١) وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه.

قلت : فقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).

قال : ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ دنا (٢) من حجب النّور فرأى ملكوت السّموات. ثمّ تدلّى ـ عليه السّلام ـ فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتّى ظن أنّه دنى في القرب [من الأرض] (٣) ، كقاب قوسين أو أدنى.

(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) : تفصيل وبيان «كذلك».

وقيل (٤) : عطف على «قال إبراهيم».

(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) اعتراض. فإنّ أباه وقومه كانوا يعبدون الأصنام والكواكب ، فأراد أن ينبّههم على ضلالالتهم ويرشدهم إلى الحقّ من طريق النّظر والاستدلال.

(جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) ستره بظلامه.

و «الكواكب» الزّهرة. وقيل (٥) المشتري.

وقوله : «هذا ربّي» على سبيل الوضع. فإنّ المستدلّ على فساد قول يحكيه على ما يقول الخصم ، ثمّ يكرّ (٦) عليه بالإفساد.

قيل (٧) : أو على وجه النّظر والاستدلال. وإنّما قال زمان مراهقته ، أو أوّل أوان بلوغه.

(فَلَمَّا أَفَلَ) ، أي : غاب.

__________________

(١) ليس في المصدر : والأرض.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أدنى.

(٣) من المصدر.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣١٧.

(٥) نفس المصدر ، والصفحة.

(٦) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ينكر.

(٧) نفس المصدر ، والصفحة.

٣٧٠

(قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (٧٦) : فضلا عن عبادتهم. فإنّ الانتقال والاحتجاب بالاستتار ، يقتضي الإمكان والحدوث وينافي الألوهيّة.

(فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) : مبتدئا في الطّلوع.

(قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (٧٧) : استعجز نفسه واستعان بربّه في درك الحقّ. فإنّه لا يهتدي إليه إلّا بتوفيقه ، إرشادا لقومه ، وتنبيها لهم على أنّ القمر ـ أيضا ـ لتغيّر حاله لا يصلح للألوهيّة ، وأنّ من أتّخذه إلها فهو ضال.

(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي) : ذكر اسم الإشارة لتذكير الخبر ، وصيانة للرّبّ عن شبهة التّأنيث.

(هذا أَكْبَرُ) : كبّره ، استدلالا وإظهارا لشبهة الخصم.

(فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (٧٨) : من الأجرام المحدّثة المحتاجة إلى محدث يحدثها ، ومخصّص يخصّصها بما يختصّ به وثمّ تبرّأ عنها ، وتوجّه إلى موجدها ومبدعها الّذي دلّت عليه هذه الممكنات ، وقال :

(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً) : مسلما. (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٧٩).

قيل (١) : إنّما احتجّ بالأفول دون البزوغ مع أنّه ـ أيضا ـ انتقال ، لتعدّد دلالته ، ولأنّه رأى الكوكب الّذي يعبدونه في وسط السّماء حين حاول الاستدلال.

وفي عيون الأخبار (٢) ، في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ عند المأمون في عصمة الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ : حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشيّ ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيشابوريّ ، عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرّضا ـ عليه السّلام ـ.

فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون؟

قال : بلى.

قال : فأخبرني عن قول الله ـ تعالى ـ في حق إبراهيم :

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣١٨.

(٢) العيون ١ / ١٩٧.

٣٧١

(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي).

فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : إنّ إبراهيم ـ صلّى الله عليه ـ وقع على ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزّهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشّمس. وذلك حين خرج من السّرب (١) الّذي أخفي فيه «فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ» رأى ـ عليه السّلام ـ الزّهرة «قالَ هذا رَبِّي» على الإنكار والاستخبار. «فَلَمَّا أَفَلَ» الكوكب «قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ». لأنّ الأفول من صفات المحدث ، لا من صفات القديم. (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي) على الإنكار والاستخبار. (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ). يقول : لئن (٢) لم يهدني ربّي لكنت من القوم الضّالّين.

فلمّا أصبح (رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) من الزّهرة والقمر على الإنكار والاستخبار ، لا على الإخبار والإقرار. «فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ» للأصناف الثّلاثة من عبدة الزّهرة والقمر والشّمس (يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). وإنّما أراد إبراهيم ـ عليه السّلام ـ بما قال أن يبيّن لهم بطلان دينهم ، ويثبت عندهم أنّ العبادة لا تحقّ لمن كان بصفة الزّهرة والقمر والشّمس ، وإنّما تحقّ العبادة لخالقها وخالق السّموات والأرض. وكان ما احتجّ به على قومه ممّا ألهمه الله وآتاه ، كما قال الله ـ تعالى ـ : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ).

فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن.

وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول إبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ، أي : ناس للميثاق.

عن مسعدة (٤) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله :

__________________

(١) السرب ـ بالتحريك ـ : الكهف.

(٢) المصدر : «لو» بدل «لئن».

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٦٤ ، ح ٣٩.

(٤) تفسير العياشي ١ / ١٠٥ ، ذيل ح ٣٠٩.

٣٧٢

(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) (الآية). حديث طويل وفي آخره : قلت : أفضلالا (١) كانوا قبل النبيين (٢) أم على هدى؟

قال : لم يكونوا على الهدى ، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله. ولم يكونوا ليهتدوا حتّى يهديهم بهم الله. أما تسمع لقول (٣) إبراهيم : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ، أي : ناسيا للميثاق.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ) ، [أي : غاب] (٥) «قال لا أحبّ الآفلين». فإنّه حدّثني أبي ، عن صفوان ، عن ابن مسكان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ آزر أبا إبراهيم كان منجّما لنمرود بن كنعان.

فقال له : إنّي أرى في حساب النّجوم أنّ هذا الزّمان يحدث رجلا ، فينسخ هذا الدّين ويدعو إلى دين آخر.

فقال له نمرود : في أيّ بلاد يكون؟

قال : في هذه البلاد. وكان منزل نمرود بكوثى ريا.

فقال له نمرود : قد خرج إلى الدّنيا؟

قال آزر : لا.

قال : فينبغي أن يفرّق بين الرّجال والنّساء.

ففرّق بين الرّجال والنّساء. فحملت أمّ إبراهيم بإبراهيم ـ عليه السّلام ـ ولم يتبيّن حملها. فلمّا حان ولادتها قالت : يا آزر ، انّي قد اعتللت وأريد أن أعتزل عنك.

وكان في ذلك الزّمان ، المرأة إذا اعتلّت اعتزلت عن زوجها. فخرجت (٦) واعتزلت في غار ، ووضعت إبراهيم ـ عليه السّلام ـ. فهيّئته وقمّطته ورجعت إلى منزلها ،

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أفضال.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : النبيّ.

(٣) المصدر : يقول.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٢٠٦ ـ ٢٠٨.

(٥) من المصدر.

(٦) المصدر : فخرجت واعتزلت عن زوجها واعتزلت في غار.

٣٧٣

وسدّت باب الغار بالحجارة. فأجرى الله لإبراهيم ـ عليه السّلام ـ لبنا من إبهامه. وكانت أمّه تأتيه.

ووكّل نمرود بكلّ امرأة حامل ، وكان يذبح كلّ ولد ذكر. فهربت أمّ إبراهيم بإبراهيم من الذّبح. وكان يشبّ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ في الغار يوما ، كما يشبّ غيره في الشّهر ، حتّى أتى له في الغار ثلاثة عشر سنة.

فلمّا كان بعد ذلك ، زارته أمّه. فلمّا أرادت أن تفارقه ، تشبّث بها فقال : يا أمّي ، أخرجيني.

فقالت له : يا بنيّ ، إنّ الملك إن علم أنّك ولدت في هذا الزّمان ، قتلك.

فلمّا خرجت أمّه من الغار وقد غابت الشّمس ، نظر إلى الزّهرة في السّماء.

فقال : «هذا ربّي». فلمّا غابت الزّهرة (١) قال : لو كان هذا ربّي ما تحرّك ولا برح. ثمّ قال : «لا أحبّ الآفلين». والآفل : الغائب. (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) (٢) (قالَ هذا رَبِّي) هذا أكبر وأحسن. فلمّا تحرّك وزال (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ).

فلمّا أصبح وطلع الشّمس ورأى ضوءها وقد أضاءت الدّنيا لطلوعها (قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) وأحسن. فلمّا تحرّكت وزالت ، كشط (٣) الله له عن السّموات حتّى رأى العرش ومن عليه ، وأراه ملكوت السّموات والأرض. فعند ذلك (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). فجاء إلى أمّه وأدخلته دارها وجعلته بين أولادها.

قال (٤) : وسئل أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول إبراهيم : «هذا ربّي» أشرك في قوله : هذا ربّي؟

فقال : لا ، بل من قال هذا اليوم ، فهو مشرك. ولم يكن من إبراهيم شرك ، وإنّما كان في طلب ربّه وهو من غيره شرك.

__________________

(١) المصدر : «فلمّا أفلت» بدل «فلما غابت الزهرة».

(٢) المصدر : فلمّا نظر إلى المشرق رأى وقد طلع القمر قال : «هذا ربّي».

(٣) المصدر : كشف.

(٤) نفس المصدر ، والصفحات.

٣٧٤

فلمّا أدخلت أمّ إبراهيم إبراهيم دارها ، نظر إليه آزر فقال : من هذا الّذي قد بقي في سلطان الملك ، والملك يقتل أولاد النّاس؟

فقالت : هذا ابنك ولدته في وقت كذا وكذا حين اعتزلت عنك.

قال : ويحك ، إن علم الملك بهذا زالت (١) منزلتنا عنده.

وكان آزر صاحب أمر نمرود ووزيره. وكان يتّخذ الأصنام له وللنّاس ، ويدفعها إلى ولده فيبيعونها. [وكان على دار الأصنام] (٢).

فقالت أمّ إبراهيم لآذر : لا عليك إن لم يشعر الملك به يبقى لنا ولدنا ، وإن شعر به كفيتك (٣) الاحتجاج عنه.

وكان آزر كلّما نظر إلى إبراهيم ، أحبّه حبّا [شديدا] (٤) وكان (٥) يدفع إليه الأصنام ليبيعها ، كما يبيع إخوته. فكان يعلّق في أعناقها الخيوط ويجرّها على الأرض ويقول : من يشتري ما لا يضرّه وما لا ينفعه. ويغرقها في الماء والحمأة ويقول لها : [كلي و] (٦) اشربي وتكلّمي. فذكر ذلك إخوته لأبيه ، فنهاه فلم ينته ، فحبسه في منزله ولم يدعه يخرج. «وحاجّه قومه».

فقال إبراهيم : (أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ) ، أي : بيّن لي. (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ).

ثمّ قال لهم : (وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، أي : أنا أحقّ بالأمن من حيث أعبد الله ، أو أنتم الّذين تعبدون الأصنام.

وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ. قال في إبراهيم ـ عليه السّلام ـ إذا رأى كوكبا.

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «لزال» بدل «بهذا زالت».

(٢) ليس في المصدر.

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : كفيك.

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وكلّما.

(٦) من المصدر.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٣٦٤ ، ح ٣٨.

٣٧٥

قال : إنّما كان طالبا لربّه ، ولم يبلغ كفرا. وإنّه من فكّر (١) من النّاس في مثل ذلك ، فإنّه بمنزلته.

عن حجر (٢) قال : أرسل العلاء بن سيابة يسأل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول إبراهيم ـ عليه السّلام ـ : «هذا ربّي». قال (٣) إنّه من قال هذا اليوم ، فهو عندنا مشرك.

قال : لم يكن من إبراهيم شرك ، إنّما كان في طلب ربّه [وهو من غيره شرك] (٤).

وفي كتاب الاحتجاج (٥) للطّبرسيّ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ يجيب لبعض الزّنادقة وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بوصف إبراهيم ـ عليه السّلام ـ أنّه عبد كوكبا مرّة ومرّة قمرا ومرّة شمسا ـ :

وأما هفوات الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ وما يثبته (٦) الله في كتابه ، فإنّ ذلك من أدلّ الدلائل (٧) على حكمة الله ـ عزّ وجلّ ـ الباهرة وقدرته القاهرة وعزّته الظّاهرة. لأنّه علم أنّ براهين الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ تكبر في صدور أممهم ، وأنّ منهم من اتخذ بعضهم إلها ، كالّذي كان من النّصارى في ابن مريم. فذكرها دلالة على تخلّفهم عن الكمال الّذي انفرد به ـ عزّ وجلّ ـ.

وفي من لا يحضره الفقيه (٨) : روى بكر بن محمّد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سأل سائل عن وقت المغرب.

فقال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في كتابه لإبراهيم ـ عليه السّلام ـ : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) فهذا أوّل الوقت ، وآخره ذلك غيبوبة الشّفق.

وفي روضة الكافيّ (٩) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : كفر.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٣٦٥ ، ح ٤١.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) من المصدر.

(٥) الاحتجاج ١ / ٣٦٤ و ٣٦٥ و ٣٧٠.

(٦) المصدر : بيّنه.

(٧) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الدلالة.

(٨) الفقيه ١ / ١٤١ ، ح ١٢.

(٩) الكافي ٨ / ٢٩١ ، ح ٤٤٥.

٣٧٦

أذينة ، أنّ رجلا دخل على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقال : رأيت كأنّ الشّمس طالعة على رأسي دون جسدي؟

فقال : تنال أمرا جسيما ، ونورا ساطعا ، ودينا شاملا. فلو غطتك ، فانغمست (١) فيه ولكنّها غطّت رأسك. أما قرأت (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي) «فلمّا أفلت» تبرّأ منها إبراهيم ـ عليه السّلام ـ.

قلت : جعلت فداك ، إنّهم يقولون : إنّ الشّمس خليفة ، أو ملك.

فقال : ما أراك تنال الخلافة ، ولم يكن في آبائك وأجدادك ملك. وأيّ خلافة وملكوت أكثر (٢) من الدّين والنّور ترجو به دخول الجنّة؟ إنّهم يغلطون.

قلت : صدقت ، جعلت فداك.

(وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) : وخاصموه في التّوحيد.

(قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ) : في وحدانيّته.

وقرأ (٣) نافع وابن عامر ، بتخفيف النّون.

(وَقَدْ هَدانِ) : إلى التّوحيد.

(وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) ، أي : لا أخاف معبوداتكم في وقت. لأنّها لا تضرّ بأنفسهم ولا تنفع.

(إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) : أن يصيبني بمكروه من جهتها. ولعلّه جواب لتخويفهم إيّاه من آلهتهم وتهديد لهم بعذاب الله.

(وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) : كأنّه علّة الاستثناء ، أي : أحاط به علما. فلا يبعد أن يكون في علمه أن يحق بي مكروه من جهتهم.

(أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (٨٠) : فتميّزوا بين الصّحيح والفاسد ، والقادر والعاجز.

(وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ) : ولا يتعلّق به ضرّ.

(وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ) : وهو حقيق بأن يخاف منه كلّ الخوف.

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : لأنعمت.

(٢) المصدر : أكبر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣١٨.

٣٧٧

لأنّه إشراك للمصنوع بالصّانع ، وتسوية بين المقدور العاجز بالقادر الضّارّ النّافع.

(ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) : ما لم ينزّل بإشراكه كتابا. أو لم ينصب عليه دليلا.

(فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) ، أي : الموّحدون أو المشركون. وإنّما لم يقل :

أيّنا ، أنا أم أنتم. احترازا عن تزكية نفسه.

(إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨١) : ما يحقّ أن يخاف منه.

(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (٨٢).

قيل (١) : استئناف منه ، أو من الله بالجواب عمّا استفهم عنه. والمراد بالظّلم هنا ، الشّرك. لما روي أنّ الآية لمّا نزلت ، شقّ ذلك على الصّحابة.

وقالوا : أيّنا لم يظلم نفسه؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : ليس ما تظنّون ، إنّما هو ما قال لقمان لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). وليس الإيمان به أن تصدّق بوجود الصّانع الحكيم ، ويخلط بهذا التّصديق الإشراك به. وقيل (٢) : المعصية.

في تفسير العيّاشيّ (٣) : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) الزّنا منه؟

قال : أعوذ بالله من أولئك ، لا ولكنّه ذنب إذا تاب تاب الله عليه.

وقال : مدمن الزّنا والسّرقة وشارب الخمر ، كعابد الوثن.

يعقوب بن شعيب (٤) ، عنه في قوله : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ).

قال : الظّلال فما فوقه.

وفي مجمع البيان (٥) : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (الآية).

وروي عن

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩.

(٢) نفس المصدر ، والموضع.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٣٦٦ ، ح ٤٦.

(٤) نفس المصدر ، والصفحة ، ح ٤٧.

(٥) المجمع ٢ / ٣٢٧.

٣٧٨

عبد الله بن مسعود قال : لمّا نزلت هذه الآية ، شقّ على النّاس.

وقالوا : يا رسول الله ، وأيّنا لم يظلم نفسه؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : إنّه ليس الّذي تعنون. ألم تسمعوا إلى ما قال العبد الصّالح : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).

واختلف في هذه الآية فقيل : إنّه من تمام قول إبراهيم ـ عليه السّلام ـ. وروي ذلك عن عليّ ـ عليه السّلام ـ.

وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زهراء ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن عليّ بن حسّان ، عن عبد الرّحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ. في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ).

قال : آمنوا بما جاء به محمّد من الولاية ، ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان [فهو الملبّس بالظّلم] (٢).

وبإسناده (٣) إلى أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ).

قال : بشكّ.

وفي شرح الآيات الباهرة (٤) ، مثله.

وفي كتاب الاحتجاج (٥) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ ، بإسناده إلى الإمام محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل. وفي خطبة الغدير وفيها قال ـ صلّى الله عليه وآله ـ بعد أن ذكر عليّا ـ عليه السّلام ـ وأولاده : ألا إنّ أولياءهم الذين وصفهم الله ـ عزّ وجلّ ـ فقال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).

وعن أمير المؤمنين (٦) ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : وأمّا قوله :

__________________

(١) الكافي ١ / ٤١٣ ، ح ٣.

(٢) من المصدر.

(٣) الكافي ٢ / ٣٩٩ ، ح ٤.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة / ٦٠.

(٥) الإحتجاج ١ / ٧٩.

(٦) نفس المصدر / ٣٦٨.

٣٧٩

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ) وقوله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى). فإنّ ذلك كلّه لا يغني إلّا مع الاهتداء. وليس كلّ من وقع عليه اسم الإيمان ، كان حقيقا بالنّجاة ممّا هلك به الغواة. ولو كان ذلك كذلك ، لنجت اليهود مع اعترافها بالتّوحيد وإقرارها بالله ، ونجى سائر المقرّين بالوحدانيّة من إبليس فمن دونه في الكفر. وقد بيّن الله ذلك بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). وبقوله : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).

وفي الخرائج والجرائح (١) : وفي روايات الخاصّة (٢) روي أنّ أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يسير في بعض مسيره.

فقال لأصحابه : يطلع عليكم من بعض هذه الفجاج شخص ليس له عهد بأنيس منذ ثلاثة أيّام.

فما لبثوا أن (٣) أقبل أعرابيّ قد يبس جلده على عظمه ، وغارت عيناه برأسه ، واخضرّت شفتاه من أكل البقل. فسأل عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في الزّقاق ، حتّى لقيه.

فقال له أعرض عليّ الإسلام.

فقال : قل : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله.

قال : أقررت.

قال : تصلّي الخمس ، وتصوم شهر رمضان.

قال : أقررت.

قال : تحجّ البيت ، وتؤدّي الزّكاة ، وتغتسل من الجنابة.

قال : أقررت.

فتخلّف بعير الأعرابيّ ، ووقف النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسأل عنه. فرجع النّاس في طلبه ، فوجدوه في آخر العسكر قد سقط حتّى (٤) بعيره في حفرة من حفر الجرذان ،

__________________

(١) نور الثقلين ١ / ٧٤٠ ـ ٧٤١ ، ح ١٦٢ عنه.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : العامّة.

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : إذا.

(٤) ليس في المصدر.

٣٨٠