تفسير المراغي - ج ٣

أحمد مصطفى المراغي

(قالُوا أَقْرَرْنا ، قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) أي قالوا أقررنا بذلك ، قال الله تعالى : ليشهد بعضكم على بعض وأنا معكم شاهد عليكم ، لا يعزب عن على شىء.

وهذا الحوار لتثبيت المعنى وتوكيده على طريق التمثيل ، وليست الآية نصا في أن هذه المحاورة ، وقعت وهذه الأقوال قيلت وله نظائر كثيرة في الأساليب العربية.

(فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي فمن أعرض بعد أخذ الميثاق على هذه الوحدة ، واتخذ الدين آلة للتفريق والعدوان ، ولم يؤمن بالنبي المتأخر المصدق لمن تقدمه ولم ينصره ، فأولئك الجاحدون هم الفاسقون ، فأهل الكتاب الذين جحدوا نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، خارجون عن ميثاق الله ناقصون لعهده ، وليسوا من الدين الحق في شىء.

وبعد أن بين أن دين الله واحد ، وأن رسله متفقون فيه ـ ذكر حال منكرى نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم فقال :

(أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) أي أيتولون عن الحق بعد ما تبين ويبغون غير دين الله وهو الإسلام والإخلاص له في العبادة فى السر والعلن ، وقد خضع لله تعالى وانقاد لحكمه أهل السموات والأرض ، ورضوا طائعين مختارين لما يحل بهم من تصاريف أقداره؟

وصفوة القول ـ إن الدين الحق هو إسلام الوجه لله تعالى والإخلاص له ، وأن الأنبياء جميعا كانوا على ذلك ، وقد أخذوا بذلك ميثاقهم على أممهم ولكنهم نقضوه إذ جاءهم النبي الموعود به يدعوهم إليه فكذبوه.

(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي وإليه يرجع من اتخذ غير الإسلام دينا من اليهود والنصارى وسائر الخلق ، وحينئذ يجازون بإساءتهم وترك الدين الحق.

وفي هذا وعيد وتهديد لهم.

٢٠١

(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥))

تفسير المفردات

الأسباط : الأحفاد واحدهم سبط وهم أبناء يعقوب الاثنا عشر وذراريهم ، وخصهم بالذكر لأن أهل الكتاب يعترفون بنبوتهم وكتبهم ، مسلمون : أي مستسلمون منقادون بالطاعة له فيما به أمر وعنه نهى ، والخسران : ذهاب رأس المال ، ويراد به هنا تضييع ما جبلت عليه الفطر السليمة من الانقياد الله وطاعته. والإيمان : لغة التصديق إما بالقلب كأن يقول إنسان شيئا فتعتقد صدقه ، وإما باللسان كأن تقول له صدقت.

والإسلام : الانقياد والخضوع ، وقد جعل لهما القرآن معنى خاصا ، فأطلق الإيمان على الإيمان بالله واليوم الآخر وإرسال الرسل مبشرين ومنذرين بحيث يكون لهذا التصديق سلطان على الإرادة والوجدان ، ويكون من ثمراته العمل الصالح الذي يصل بصاحبه إلى الفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة ، وأطلق الإسلام على توحيد الله والإخلاص له في العبادة والانقياد لما أرشد إليه على ألسنة رسله.

والإيمان والإسلام بهذين المعنيين يتواردان على حقيقة واحدة يتناولها كل منهما بالاعتبار ، ومن ثم عدّا شيئا واحدا في هذه الآيات ، وبهما يكون الفوز بالنجاة فى الآخرة.

وأما ما جاء في قوله تعالى : «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ» فقد أريد بالإيمان المعنى اللغوي وهو الثقة واطمئنان القلب ، وهذا لم يحصل لهم بعد ، بدليل أنهم امتنّوا على الرسول

٢٠٢

صلى الله عليه وسلم بالإسلام وترك القتال ، ولكن دخلوا في السلم وترك الحرب والنطق بالشهادتين.

كذلك إطلاق الإسلام على هذا الدين المعروف الذي عليه المسلمون اليوم إطلاق حادث لا يعرفه القرآن ولم ينطق به ، وإنما نطق بالإسلام وأراد به الاستسلام والانقياد كما علمت مما سبق ، فمن اتبعه كان مرضيا عند الله ، ومن خالفه كان باغيا لغير دين الله.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه أخذ الميثاق من النبيين أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصروه ـ ذكر هنا أمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمن بالأنبياء المؤمنين به وبكتبهم ، وأمته تابعة له في ذلك.

وخلاصة ذلك ـ إن الله أخذ الميثاق من النبيين المتقدمين منهم والمتأخرين على الإيمان بالله والكتب المنزلة على أنبيائه.

الإيضاح

(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ) أي قل آمنت أنا ومن معي بوجود الله ووحدانيته وتصرفه فى الأكوان.

(وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) وهو القرآن المنزل عليه صلوات الله عليه أولا ، وعلى أمته بتبليغه إليهم.

(وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) أي وصدقنا بأن الله أنزل على هؤلاء وحيا لهداية أقوامهم ، وأنه موافق في جوهره والمقصود منه لما أنزل علينا كما قال تعالى : «إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ».

(وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى) من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات.

٢٠٣

وخص هذين النبيين بالذكر ، لأن الكلام مع اليهود والنصارى.

(وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) أي وما أوتى النبيون من ربهم كداود وسليمان وأيوب وغيرهم ممن لم يقص الله سبحانه علينا قصصهم.

وقدم الإيمان بما أنزل علينا على الإيمان بما أنزل على من قبلنا ، مع كونه أنزل قبله ـ لأن ما أنزل علينا هو الأصل في معرفة ما أنزل عليهم والمثبت له ، ولا طريق لإثباته سواه.

فما أثبته القرآن الكريم من نبوة كثير من الأنبياء نؤمن به إجمالا فيما أجمل ، وتفصيلا فيما فصل وكذلك كتبهم ، مع العلم بأن جوهر الدين واحد لدى الجميع ، وهو الإيمان بالله وإسلام القلب له مع العمل الصالح ، والإيمان باليوم الآخر.

(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) فنصدق ببعض ونكفر ببعض كما فعل اليهود والنصارى ، فما مثل الأنبياء إلا مثل الأمراء الأمناء الصادقين يرسلهم السلطان على التعاقب للقيام بشئون ولاية من ولاياته ، وإصلاح أحوال أهلها ، وعمل القوانين النافعة لحكمها ، فقد يغير التالي بعض قوانين السابق بحسب ما يرى من تبدل طباع أهلها وعاداتهم من شراسة إلى لين ، ومن جهل إلى علم ، ومن بداوة إلى مدنية وحضارة ، وما المقصد من كل هذا إلا عمرانها وبذل الوسع في سعادة أهلها ، وإيصال الخير إليهم.

(وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أي ونحن منقادون له بالطاعة لا نبتغى بذلك إلا التقرب إليه بإصلاح نفوسنا وتزكية أرواحنا ، وتطهيرها من أدارن الذنوب والخطايا.

وقد افتتحت الآية بالإيمان ، واختتمت بالإسلام والخضوع وهو الثمرة والغاية من كل دين أرسل به نبىّ ، فقال تعالى :

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) لأن الدين إذا لم يصل بصاحبه إلى هذا الخضوع والانقياد لله تعالى كان رسوما وتقاليد لا تجدى شيئا ، بل تزيد النفوس فسادا ، والقلوب ظلاما ، ويكون حينئذ مصدر الشحناء والعداوة بين الناس

٢٠٤

في الدنيا ، ومصدر الخسران في الآخرة بالحرمان من النعيم المقيم ، والعذاب الأليم.

(وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) لأنه أضاع ما جبلت عليه الفطر السليمة من توحيد الله والانقياد له كما جاء في الحديث «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه» وخسر نفسه إذ لم يزكها بالإسلام لله ، وإخلاص السريرة له كما قال تعالى : «قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ».

(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩))

تفسير المفردات

الظلم : هو العدول عن الطريق الذي يجب سلوكه للوصول إلى الحق ، واللعن : الطرد والإبعاد على سبيل السخط ، والإنظار : الإمهال والتأخير.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه حقيقة الإسلام وأنه الدين الذي بعث الله به جميع الأنبياء ، ولا يقبل من أحد غيره ، أردف ذلك ذكر حال الكافرين به وجزائهم عند ربهم.

أخرج عبد بن حميد وغيره عن الحسن : أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى رأوا نعت محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم ، وأقروا وشهدوا أنه حق ، فلما بعث

٢٠٥

من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم.

وقال عكرمة : هم أبو عامر الراهب والحارث بن سويد في اثنى عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش ، ثم كتبوا إلى أهلهم : هل لنا من توبة؟ فنزلت الآية فيهم ، وأكثر الروايات على هذا.

الإيضاح

(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ؟) أي كيف يسلك الله بمثل هؤلاء سبيل المهتدين بإثابتهم والثناء عليهم ، وقد كفروا بعد إيمانهم ، وبعد أن شهدوا أن الرسول حق وجاءتهم الشواهد من القرآن وسائر المعجزات التي بمثلها تثبت النبوة؟

وشهادتهم أن الرسول حق كانت بمعرفتهم بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا عازمين على اتباعه إذا جاء في زمنهم وانطبقت عليه العلامات وظهرت فيه البشارات ، لكنهم بعد أن جاءهم بالبينات وظهرت الآيات على يديه كفروا به وعاندوه.

وفي الآية استبعاد لهدايتهم بحسب سنن الله تعالى في البشر ، وإيئاس للنبى صلى الله عليه وسلم من إيمانهم ، فمن سنن الله تعالى في هداية البشر إلى الحق أن يقيم لهم الدلائل والبينات مع إزالة الموانع من النظر فيها على الوجه الذي يؤدى إلى المطلوب ، وقد مكن لهم الله من كل هذا من قبل ، ومن ثم آمنوا به.

(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن الله لا يهدى أمثال هؤلاء الظالمين لأنفسهم الجانين عليها لأنهم تنكّبوا عن الطريق القويم ؛ وتركوا هداية العقل بعد أن ظهر نور النبوة وعرفوه بالبينات.

(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أي هؤلاء

٢٠٦

يستحقون سخط الله وغضبه ، وسخط الملائكة والناس ، إذ هم متى عرفوا حقيقة حالهم لعنوهم ، لأنها مجلبة للعن بطبعها لكل من عرفها كما قال تعالى : «وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً».

(خالِدِينَ فِيها) أي خالدين في اللعنة مسخوطا عليهم إلى الأبد.

(لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي لا ينقصون من العذاب شيئا ، ولا هم يمهلون لمعذرة يعتذرون بها ، لأن سببه ما ران على قلوبهم من ظلمات الجحود والعناد وسخط الله وغضبه ، وهو معهم لا يفارقهم أينما كانوا.

(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي إلا الذين تابوا من ذنوبهم وثابوا إلى ربهم ، وتركوا ذلك الكفر الذي دنّسوا به أنفسهم نادمين على ما أصابوا منه ، وأصلحوا نفوسهم بصالح الأعمال التي تغذى الإيمان وتمحو من صفحة القلب ما كان قد ران عليها من ذميم الأخلاق والصفات.

وفي هذا إيماء إلى أن التوبة التي لا أثر لها في العمل لا يعتدّ بها في نظر الدين ، إذ كثير من الناس يظهرون التوبة بالندم والاستغفار والرجوع عن الذنب ، ثم لا يلبثون أن يعودوا إلى مثل ما كانوا قد اجترحوا من السيئات ، لأن التوبة لم يكن لها أثر فى نفوسهم ينبههم إذا غفلوا ، ويهديهم إلى اتخاذ الطرق الموصلة لإصلاح شئونهم ، وتقويم المعوجّ من أمورهم ، فإذا هم فعلوا ذلك نالهم من مغفرة ربهم ما يؤهلهم لدخول جنته ، والفوز برحمته.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ

٢٠٧

يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٩١))

المعنى الجملي

الكافرون أصناف ثلاثة :

(١) الذين يتوبون توبة صحيحة مقبولة ، وهم الذين ذكرهم الله في الآية السالفة التي ختمها بقوله : «إِلَّا الَّذِينَ تابُوا».

(٢) الذين يتوبون توبة غير مقبولة ، وهم المذكورون في قوله : «لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ».

(٣) الذين يموتون على الكفر من غير توبة وهم من ذكروا في الآية الأخيرة.

الإيضاح

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) المراد بالذين كفروا هم أهل الكتاب الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدوا أنه حق قبل مبعثه ، ثم كفروا به بعد البعث ، ثم ازدادوا كفرا بالإصرار والعناد والصدّ عن سبيل الله وبالحرب والكفاح ، فالكفر يزداد قوة واستقرارا وتمكنا بالعمل بما ينمّيه ويقويه من الأعمال التي يقاوم بها الإيمان ، والإيمان كذلك.

هؤلاء لن تقبل لهم توبة لأن الشر قد تغلغل في نفوسهم وتمكن فيها الكفر فإذا أرادت التوبة وجدت من الموانع ما يحول بينها وبين قبول الحق والخير.

وظاهر الآيات يخالف ما صرّح به القرآن في غير موضع ، كقوله في الآية السابقة «إِلَّا الَّذِينَ تابُوا» وقوله : «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ».

ولكن بالتفسير الآتي يتضح المعنى ـ ذاك أنه تعالى بعد أن بين حكم من كفر ، وأنه أهل للعن والطرد إلا إن تاب ، ذكر هنا أنه لو كفر مرة أخرى بعد تلك التوبة فإن التوبة الأولى تصير غير مقبولة حتى كانها لم تكن ، ويكون المعنى في هذه الآية

٢٠٨

وما قبلها إلا الذين تابوا وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ، فإن كانوا كذلك ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم ، لأن نفوسهم قد توغل فيها الشرك ، وتمكن فيها الكفر وأحاطت بها خطيئتها وضلت على علم ، فإذا أرادت التوبة وجدت ما يحول بينها وبين قبول الحق والخير إلا إذا أحست النفس بألم الذنب ، فيحملها ذلك على تركه ومحو أثره المدنس لها بعمل صالح يحدث فيها أثرا مضادّا للأثر الأول.

وبهذا تؤهل صاحبها للمغفرة وترك العقوبة على الذنب ، إذ تكون النفس قد زكت وطهرت من الأدناس كما قال تعالى : «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها».

وما مثل ذلك إلا مثل الثوب الأبيض تصيبه بعض الأوساخ ، فيبادر صاحبه إلى غسله ، فينظف ويزول أثر ذلك الدنس ولكن إذا تراكمت عليه الأقذار مدة طويلة حتى تخللت جميع خيوطه ، وتمكنت منها تعذر تنظيفه وإعادته إلى حاله الأولى وبين هذه الحال وما قبلها مراتب متفاوتة.

وقد أشير إلى ذلك بقوله تعالى : «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ، وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً» (وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) أي إن هؤلاء المتقبلين في الكفر هم المتمكنون من الضلال المخطئون سبيل الحق والنجاة لا ترجى لهم هداية ، ولا تقبل منهم توبة.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) ملء الشيء (بالكسر) مقدار ما يملؤه ، أي إن هؤلاء الذين يقيمون على الكفر ويعملون أعمال الكفار حتى يدركهم الموت على هذه الحال ـ فلن يقبل من أحدهم

٢٠٩

ملء الأرض ذهبا إذا كان قد تصدق به في دنياه ، ولا يفيد ذلك في نجاته من عذاب النار ، لأن الكفر يحبط أعماله ويمحو كل حسناته ، فمن لم ترك نفسه في الدنيا وقسم عما يكدرها من ظلمات الكفر وأوضار الشرك ـ فلن ينفعها يوم مناقشة الحساب عمل وإن جلّ ، ولا فضيلة وإن عظمت ، إذ المعول عليه في ذلك اليوم هو الإيمان الصحيح بالله واليوم الآخر ، والعمل الصالح الذي يرقى بصاحبه إلى حظيرة القدس في جوار الرب الرّحيم.

(وَلَوِ افْتَدى بِهِ) أي ولو افتدى به في الآخرة لا يقبل منه أيضا على تقدير أنه يملكه ، ويريد أن يجعله وسيلة النجاة والمنقذ من العذاب ، كما يعطى الناس الرّشا للحكام الظالمين ليزيلوا عنهم ما قد يحلّ بهم من العذاب.

ونحو الآية قوله تعالى : «فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» ذاك أن النجاة في هذا اليوم لا تكون مما يبذل ، ولا بجاه ينفع ، بل جعل أمرها موقوفا على صفاء النفس واستعدادها ، فمن زكّاها بالإيمان مع العمل الصالح فقد أفلج ، ومن دسّاها بالكفر وسبى الأعمال فقد خاب وخسر.

وصفوة القول ـ إنه لا طريق للافتداء على أىّ حال لو أريد ويرى بعض المفسرين أن الكلام من قبيل التمثيل ، إذ لا حاجة إلى الذهب ولا إلى إنفاقه ، إذ الأشقياء لا نصير لهم ينفق عليهم ، والأولياء في عنى يفضل الله ورحمته عمن ينفق عليهم.

(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) يدفعون العذاب عنهم أو يخففونه كما كانوا ينصرونهم في الدنيا إذا حاول أحد أذاهم أو إيقاع المكروه بهم.

(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢))

٢١٠

تفسير المفردات

نال الشيء نيلا : إذا أصابه ووجده ، يقال نال العلم : إذا وصل إليه واتصف به ، والبرّ : ما يكون به الإنسان بارّا ، وما تحبون هو نفائس الأموال وكرائمها ، لأن شأنها عند النفوس عظيم ، فكثيرا ما يخاطر الإنسان بنفسه ، ويستسهل بذل روحه للدفاع عن ماله.

المعنى الجملي

بعد أن حاج الله تعالى أهل الكتاب فيما ادّعوه من الإيمان ، وأنهم شعب الله المختار ، وأن النبوة محصورة فيهم لا تعدوهم إلى غيرهم ، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات.

خاطبهم هنا بأن آية الإيمان وميزانه الصحيح هو الإنفاق في سبيل الله من المحبوبات مع الإخلاص وحسن النية ، ولكنكم أيها المدّعون لتلك الدعاوى آثرتم شهوة المال على مرضاة الله ، ولو أنفق أحدكم شيئا من ماله فإنما ينفق من أردأ ما يملك وأبغضه إليه ، لأن محبة المال في قلبه تفوق محبة الله تعالى ، والرغبة في ادخاره تعلو الرغبة فيما عند ربه من الرضا والثواب.

فكيف ترجون أن تكونوا من المؤمنين الصادقين وأنتم لا تنفقون ما تحبون؟

الإيضاح

(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) أي لن تصلوا إلى بر الله تعالى بأهل طاعته برضاه عنهم وتفضله برحمتهم ، ونيلهم مثوبته ، ودخولهم جنته ، وصرف عذابه عنهم حتى تنفقوا ما تهواه نفوسكم من كرائم أموالكم.

٢١١

وقد أثر عن السلف الصالح أنهم كانوا إذا أحبوا شيئا جعلوه لله تعالى.

روى البخاري ومسلم عن أنس رضى الله عنه قال : كان أبو طلحة أكثر الأنصار نخلا بالمدينة ، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (موضع) وكانت مستقبلة المسجد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء طيب فيها ، فلما نزلت (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قال أبو طلحة يا رسول الله : إن أحبّ أموالى إلىّ بيرحاء ، وإنها صدقة لله تعالى أرجو برّها وذخرها عند الله تعالى ، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله تعالى ، فقال عليه السلام : بخ بخ (كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء) ذاك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت ، وإنى أرى أن تجعلها في الأقربين ، فقال أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنى عمه. وفي رواية لمسلم : فجعلها بين حسان ابن ثابت وأبيّ بن كعب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن المنكدر قال : لما نزلت هذه الآية جاء زيد ابن حارثة بفرس يقال لها سبل لم يكن له مال أحب إليه منها فقال هى صدقة ، فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل عليها ابنه أسامة ، فكأن زيدا وجد في نفسه (حزن) فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منه قال : أما إن الله قد قبلها.

فهذا الأثر وما قبله دلائل واضحات على حسن السياسة الدينية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما يختلج في القلوب ، فقد رأى أن أبا طلحة وزيدا قد خرجا عن أحب أموالهما إليهما بعاطفة الدين ، فجعل ذلك في الأقربين ليثبّت قلوبهما ويكمل إيمانهما ، ولا يجعل للشيطان سبيلا ينفذ به إلى ما بين الجوانح فيندمان إذا هما رأيا أموالهما فى أيدى الغرباء ، إذ كثيرا ما يفارق المرء شيئا محبوبا لديه باختياره لعاطفة الدين ، أو للجود به على غيره ، ثم لا يلبث إلا قليلا حتى يعاوده الحنين إليه ، ومن ثمّ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عمّال الصدقة باتقاء كرائم الأموال ، والبعد عنها حين جباية الصدقات.

وهناك من الشواهد ما يدل على هذا أيضا ، فقد أخرج عبد بن حميد عن ابن عمر

٢١٢

قال : حضرتنى هذه الآية (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) الآية ، فذكرت ما أعطانى الله تعالى ، فلم أجد أحب إلىّ من مرجانة (جارية رومية) فقلت هى حرة لوجه الله ، فلو أني أعود في شىء جعلته لله تعالى لنكحتها ، فأنكحتها نافعا (مولى له كان يحبه كأحد أولاده).

فتأمل وانظر تر أن نفسه قد راودته بعد عتقها على أن يستبقيها له ولا يفارقها ، لو لا أن كان مما عوّد نفسه عليه ألا يرجع في شىء جعله لله ، ومع ذلك جعلها لأحب الناس إليه ، وهو مولاه وعلى الجملة فآثار السلف في الإبثار وبذل المال ابتغاء مرضاة الله كثيرة.

فقد روى أن ابن عمر اشتهى سمكة بمكة وكان قد نقه من مرض ، فبحث عنها فى المدينة فلم توجد ، وبعد مدة وجدت ، فاشتريت بدرهم ونصف الدرهم ، فشويت وجىء بها على رغيف ، فجاء سائل بالباب فقال ابن عمر للغلام : لفّها برغيفها وادفعها إليه ، فأبى الغلام فردّه وأمره أن يدفعها إليه ، ثم جاء بها فوضعها بين يديه ، وقال كل هنيئا يا أبا عبد الرّحمن ، فقد أعطيته ذرهما وأخذتها ، فقال : لفها وادفعها إليه ولا تأخذ منه الدرهم ، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أيّما امرئ اشتهى شهوة فردّ شهوته وآثر على نفسه إلا غفر الله له».

وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه أهدى إلى رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة ، فقال : إن أخي فلانا كان أحوج منى إليه فبعث به إليه ، فلما وصل إليه قال : إن فلانا كان أحوج منى إليه ، فلم يزل يبعث به كل واحد منهم إلى آخر حتى تناوله سبعة أبيات ورجع إلى الأول.

وفي هذه الآثار وأمثالها ما ينبغى أن يكون عظة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيقتدى بأولئك الأبرار الطاهرين ، ويجعلهم المثل العليا للبذل في سبيل الله.

(وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) أي أىّ شىء تنفقونه في سبيل الله طيبا أو خبيثا فالله مجازيكم به بحسب ما يعلم من نيتكم ، ومن مواقع ذلك في قلوبكم ،

٢١٣

فربّ منفق مما يحب لا يسلم من الرياء ، وربّ فقير معدم لا يجد ما يحب فينفق منه ، ولكن قلبه يفيض بالبرّ ، ولو وجد ما أحبه لأنفقه أو أكثره.

وفي هذه الآية ترغيب وترهيب وحث على إخفاء الصدقة ، كى لا يكون للشيطان منفذ إلى قلوب الأبرار الصالحين.

جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وصلوات الله على أنبيائه المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

وكان الفراغ من مسوّدة هذا الجزء بحلوان من أرباض القاهرة في رجب المعظم من سنة إحدى وستين وثلاثمائة هجرية.

٢١٤

فهرس

أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الحق لا بد أن ينتصر على الباطل مهما طال به الأسد................................ ٣

فضل محمد صلى الله عليه وسلم على غيره من الرسل بمزايا........................... ٥

هداية الدين الكسب لا بالإلهام.................................................... ٧

الإنفاق في سبيل الله من وسائل النجاة.............................................. ٩

ظلم الباخل بفضل ماله من أقبح أنواع الظلم...................................... ١٠

الفرق بين السنة والنوم......................................................... ١٢

فرض الجهاد ليكون سياجا لصد من يقاوم الدعوة.................................. ١٨

أساس المعجزات وعظمتها ليست في نتائجها وغرابتها.............................. ٢٨

أنبتت الجمعية الزراعية أن السنبلة الواحدة أنبتت سبعا ومائة حبة.................... ٣٠

درء المفاسد مقدم على جلب المصالح............................................. ٣٣

سنة القرآن أن يذكر الكرم بثمره والنخل بشجره.................................. ٣٨

في الحديث «اللهمّ أعط منفقا خلفا»............................................. ٤١

النذر قسمان.................................................................. ٤٣

المال قطب الرحى وعليه تدور مصالح الأمم....................................... ٤٤

صدقة السر تفضل صدقة العلانية................................................ ٤٥

الإحصار في سبيل الله........................................................... ٤٩

السؤال محرم لغير ذى ضرورة.................................................... ٥٠

أهل الصفّة وذكر مناقبهم....................................................... ٥١

٢١٥

الربا ضربان : ربا الفضل وربا النسيئة............................................ ٥٥

السر في تحريم الربا............................................................. ٥٧

تخبط الشيطان للإنسان من زعمات العرب........................................ ٦٣

محق الله للربا................................................................... ٦٥

حرب الله ورسوله.............................................................. ٦٧

سر التشريع في قيام المرأتين مقام الرجل في الشهادة................................. ٧٥

وجوب الإشهاد في البيوع المؤجلة................................................ ٧٦

آثام القلب.................................................................... ٧٨

الحسد يبعث على الانتقام والسعى على إزالة نعمة المحسود.......................... ٧٩

الذنب المغفور.................................................................. ٨٢

أثر الإيمان في النفوس........................................................... ٨٤

النفس مجبولة على فعل الخير وتفعل الشر بالتكلف والتأسى......................... ٨٥

الخطأ والنسيان مما يرجى العفو عنهما............................................. ٨٧

النصر بالحجة أقوى من النصر بالسيف........................................... ٨٨

الدعاء يستجاب إذا صحبه الإخلاص بعد اتخاذ الوسائل الموصلة للنجاح.............. ٨٨

معنى كلمتى التوراة والإنجيل والمراد منهما لدى اليهود والنصارى..................... ٩٢

ليست التوراة الموجودة الآن هى توراة موسى...................................... ٩٦

المراد بالفرقان.................................................................. ٩٧

آراء الأئمة في المتشابه........................................................... ٩٩

الحكمة في إنزال المتشابه....................................................... ١٠١

قد تغلب الفئة القليلة الفئة الكثيرة.............................................. ١٠٦

الشهوات التي ملأت قلوب الناس حبّا........................................... ١٠٩

٢١٦

أسباب حب البنين............................................................ ١١٠

حب المال أودع في غرائز البشر................................................ ١١٠

أوصاف المؤمنين.............................................................. ١١٦

شرع الدين لأمرين........................................................... ١١٩

الملوك والأحبار هم الذين جعلوا الدين المسيحي مذاهب........................... ١٢٠

دعوة الأنبياء ودعوة الفلاسفة.................................................. ١٢٤

وعيد الكافرين على ضروب ثلاثة.............................................. ١٢٥

إعراض اليهود عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ليس ببدع ولا غريب فذلك دينهم مع الأنبياء السابقين ١٢٦

قام الدليل لدى الباحثين على أن التوراة كتبت بعد موسى بخمسمائة سنة........... ١٢٧

من استخفّ بوعيد الله تزول من نفسه حرمة الأوامر والنواهي..................... ١٢٨

المشركون أنكروا النبوة لرجل يأكل الطعام ، واليهود أنكروها لرجل من غير بنى إسرائيل ١٣٠

النبوة إما أن تأتى استقلالا أو تابعة للملك كما وقع لآل إبراهيم................... ١٣١

أثبت الأطباء أن في النطفة والبيضة والنواة حياة.................................. ١٣٣

التفسير الحق لإخراج الحي من الميت والميت من الحي............................. ١٣٣

ورد لفظ الحساب في القرآن على ثلاثة أوجه.................................... ١٣٤

اختيار الأئمة التقية ومداراة الكفرة والظلمة...................................... ١٣٧

رأفة الله بعباده............................................................... ١٣٩

محبة الله تدعو إلى اتباع رسله.................................................. ١٤٠

تفضيل آل إبراهيم وآل عمران على العالمين...................................... ١٤٢

سيق قصص آل إبراهيم وآل عمران إثباتا لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم........... ١٤٦

٢١٧

دعاء زكريا ربه الذرية الطيبة حين رأى مريم.................................... ١٤٧

طلب زكريا آية على حمل امرأته............................................... ١٤٩

جاء الوحى في القرآن لأربعة معان.............................................. ١٥٠

تفضيل مريم على نساء العالمين................................................. ١٥١

ما جاء في القرآن مخالفا للكتب السابقة يعد مصححا لأعلاطها.................... ١٥٢

لم أطلق لفظ الكلمة على المسيح؟.............................................. ١٥٤

وجاهة عيسى في الدنيا والآخرة................................................ ١٥٥

كن فيكون تمثيل لكمال القدرة................................................ ١٥٦

الأمر ضربان أمر تكوين وأمر تشريع........................................... ١٥٧

ما روى من إحياء عيسى للموتى............................................... ١٥٨

عمل الطين بهيئة الطير ثم النفخ فيه لطف من الله بعباده............................ ١٥٩

المعجزات سنة جديدة......................................................... ١٦٠

المعجزات ضرورية لإيمان الإنسان بقدرة الله..................................... ١٦٣

الفرق بين أخبار الأنبياء بالغيب وأخبار المنجمين والكهان......................... ١٦٤

آراء العلماء في رفع عيسى إلى السماء........................................... ١٦٩

خلق آدم أعجب من خلق عيسى............................................... ١٧٣

مباهلة النبي صلى الله عليه وسلم للنصارى....................................... ١٧٤

التحليل والتحريم لا يؤخذ إلا من قول النبي المعصوم.............................. ١٨٠

أهل الكتاب والمشركون كانوا حريصين على إضلال المؤمنين...................... ١٨٤

من حيلهم في إضلال المؤمنين أن يؤمنوا وجه النهار ويكفروا آخره.................. ١٨٥

أهل الكتاب طائفتان طائفة أمينة وأخرى خائنة.................................. ١٨٦

العهد ضربان................................................................. ١٩٠

٢١٨

وعيد الناكثين للعهد.......................................................... ١٩١

افتراء اليهود على الله ما لم يقله................................................. ١٩٣

لا مانع من تتابع الأنبياء في عصر واحد......................................... ١٩٩

الدين الحق إسلام الوجه لله والإخلاص له....................................... ٢٠١

الإيمان والإسلام لغة وشرعا.................................................... ٢٠٢

التوبة التي لا أثر لها في العمل لا يعتدّ بها في نظر الدين............................ ٢٠٧

الكافرون أصناف ثلاثة....................................................... ٢٠٨

ميزان الإيمان الصحيح الإنفاق في سبيل الله...................................... ٢١١

كان السلف الصالح إذا أحبوا شيئا جعلوه لله.................................... ٢١٢

حسن السياسة الدينية لدى الرسول صلى الله عليه وسلم.......................... ٢١٢

ما روى من الآثار في الإيثار ابتغاء مرضاة الله..................................... ٢١٣

٢١٩