مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « كَانَ مَعَهُ دِرَّةٌ لَهَا سَبَّابَتَانِ ». أي طرفان.

(سحب)

قوله تعالى : ( يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ ) [ ١٣ / ١٢ ] السَّحَابُ بالفتح : الغيم ، جمع « سَحَابَةٍ » ، ويجمع أيضا على سُحُبٍ وسَحَائِبَ. ومنه الْحَدِيثُ : « صَلَّى (ص) فِي يَوْمِ سَحَابٍ ».

أي في يوم غيم.

وَفِي الْحَدِيثِ : « جَعَلَ اللهُ السَّحَابَ غَرَابِيلَ لِلْمَطَرِ تُذِيبُ الْبَرَدَ حَتَّى يَصِيرَ مَاءاً لِكَيْ لَا يَضُرَّ شَيْئاً يُصِيبُهُ. وَالَّذِي تَرَوْنَ فِيهِ مِنَ الْبَرْدِ وَالصَّوَاعِقِ نَقِمَةٌ مِنَ اللهِ يُصِيبُ بِهَا ( مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ) ».

وَسُئِلَ (ع) عَنِ السَّحَابِ أَيْنَ يَكُونُ؟ قَالَ : عَلَى شَجَرٍ كَثِيفٍ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ يَأْوِي إِلَيْهَا ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُرْسِلَهُ أَرْسَلَ رِيحاً فَأَثَارَهُ وَوَكَّلَ بِهِ مَلَائِكَةً يَضْرِبُونَهُ بِالْمَخَارِيقِ ـ وَهُوَ الْبَرْقُ ـ فَيَرْتَفِعُ.

(سخب)

فِي الْحَدِيثِ : « إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ سَخَّاباً ».

هو بالسين المفتوحة والباء الموحدة صيغة مبالغة من « السَّخَبِ » بالتحريك ، وهو شدة الصوت ، من تَسَاخُبِ القوم : تصايحوا وتضاربوا. والصخب والسَّخَبُ : الصيحة واضطراب الأصوات للخصام.

(سدب)

فِي الْحَدِيثِ : « السَّدَابُ يَزِيدُ فِي الْعَقْلِ » (١).

هو بمهملتين بعدهما ألف ثم باء مفردة : نبت معروف ولم نجده في كثير من كتب اللغة.

(سرب)

قوله تعالى : ( كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ ) [ ٢٤ /٣٩ ] السَّرَابُ ما يرى في شدة الحر كالماء ، ويقال السَّرَابُ ما رأيته في أول الشمس يَسْرُبُ كالماء ونصف النهار ، والآل ما رأيته في أول النهار وآخره. قوله : ( وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً ) [ ٧٨ / ٢٠ ] أي أزيلت عن أماكنها فكانت كَالسَّرَابِ يظن أنها جبال وليست إياها. قوله : ( سارِبٌ بِالنَّهارِ ) [ ١٣ / ١٠ ] أي بارز بالنهار يراه كل أحد ، من

__________________

(١) الكافي ٦ /٣٦٧ ، وهو نبات ورقه كالصعتر ورائحته كريهة.

٨١

« سرب في الأرض سُرُوباً « من باب قعد : إذا برز وذهب على وجه الأرض. ويقال « سَارِبٌ سالك في سَرْبِهِ » أي طريقه ومذهبه. قوله : ( فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً ) [ ١٨ / ٦١ ] هو بالتحريك ، أي مسلكا ومذهبا في خفية يَسْرُبُ فيه. وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ أَصْبَحَ مُعَافاً فِي بَدَنِهِ مُخَلًّى فِي سَرَبِهِ ».

أي في نفسه. و « السَّرْبُ » بفتح السين وسكون الراء : الطريق ، وفي القاموس هو بالفتح والكسر معا ، وجمع السَّرْبِ « أَسْرَابٌ » كحمل وأحمال. و « فلان واسع السَّرْبِ » أي رخي البال. و « السُّرْبَةِ « بالضم : القطيع من الظباء والقطار والخيل ، وقيل هي من الخيل ما بين العشرين إلى الثلاثين ، ومن النساء على التشبيه بالظباء ، يقال « كأنهم سِرْبُ ظِبَاءٍ » بالكسر ، ويقال » السُّرْبَةُ « الطائفة من السُّرَبِ كغرفة وغرف. وفِي وَصْفِهِ (ع) : « سُرْبَتُهُ سَائِلَةٌ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى لَبَّتِهِ ».

السُّرْبَةُ بالضم : ما رق من الشعر وسط الصدر إلى البطن إلى السرة ، كَالْمَسْرُبَةِ بفتح الميم وضم الراء. و « الْأُسْرُبُ » بضم الهمزة وتشديد الباء الموحدة : الرصاص ، ومنه الْحَدِيثُ : « الْأُسْرُبُ يُشْتَرَى بِالْفِضَّةِ ».

(سرحب)

فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ السُّرْحُوبَ. قُلْتُ : وَمَا السُّرْحُوبُ؟ قَالَ : الطَّوِيلُ.

.(سردب)

« السِّرْدَابُ » بالكسر : بناء تحت الأرض للصيف ، معرب

(سرعب)

السُّرْعُوبُ : ابن عرس ، ويقال له النمر.

(سرندب)

عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ : « أَهْبَطَ اللهُ الْحَيَّةَ بِأَصْفَهَانَ وَإِبْلِيسَ بِجُدَّةَ وَحَوَّاءَ بِعَرَفَةَ وَأَهْبَطَ آدَمَ (ع) بِجَبَلِ سَرَنْدِيبَ.

« وهو جبل بأعلى الصين في أرض الهند يراه البحريون من مسيرة أيام ، وفيه على ما نقل أثر قدم آدم (ع) مغموسة ، ونقل

٨٢

إن الياقوت الأحمر موجود في هذا الجبل تحدره السيول والأمطار من ذروته إلى الحضيض ، ويوجد به ألماس أيضا ، وبه يوجد العود (١)

(سطب)

الْمَسَاطِبُ : سنادين الحدادين والدكاكين يقعد عليها ، جمع « مِسْطَبَةٍ » وتكسر.

(سغب)

قوله : ( فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ) [ ٩٠ / ١٤ ] أس مجاعة ، من سَغِبَ سَغَباً من باب تعب وسُغُوباً : إذا جاع ، فهو سَاغِبٌ أي جائع. وسُغْبَانٌ ومُسْغَبُونَ : جياع ، وقيل لا يكون السَّغَبُ إلا للجوع مع التعب.

(سكب)

قوله تعالى : ( ماءٍ مَسْكُوبٍ ) [ ٥٦ /٣١ ] أي سائل مصبوب يجري على وجه الأرض من غير حفر ، يقال سَكَبْتُ الماء سَكْباً وسُكُوباً : صببته. وماء سَكْبٌ : أي مَسْكُوبٌ ، وصف بالمصدر كقولهم ماء صب وماء غور.

وَالسَّكْبُ : أَحَدُ أَفْرَاسِ النَّبِيِّ (ص) وَهُوَ أَوَّلُ فَرَسٍ غَزَا عَلَيْهِ.

سمي بذلك أخذا من سَكْبِ الماء ، كأنه يسيل في جريه.

(سلب)

في الحديث ذكر السَّلَبَ بفتح اللام ، وهو ما يُسْلَبُ من المقتول من ثياب وسلاح وجبة للحرب ، والجمع « أَسْلَابٌ » كسبب وأسباب ، ومنه « سَلَبْتُهُ ثوبه سَلْباً « من باب قتل : أخذت الثوب منه ، فهو سَلِيبٌ ومَسْلُوبٌ. و « الْأُسْلُوبُ » بضم الهمزة : الطريق والفن ، يقال » هو على أُسْلُوبٍ من أَسَالِيبَ

__________________

(١) سرنديب بفتحتين ونون ساكنة ودال مهملة مكسورة وياء آخر الحروف وباء موحدة : جزيرة عظيمة في بحر هركند بأقصى بلاد الهند ، يقال ثمانون فرسخا في مثلها ، فيها الجبل الذي هبط عليه آدم (ع) يقال له الرهون ، وهو ذاهب في السماء يراه البحريون من مسافة أيام كثيرة ، وفيه أثر آدم وقبره ، وهي قدم واحدة مغموسة في الحجر طولها نحو سبعين ذراعا. مراصد الاطلاع ص ٧١٠.

٨٣

القوم « أي على طريق من طرقهم. والِاسْتِلَابُ : الاختلاس.

(سنجب)

فِي الْحَدِيثِ : « السِّنْجَابُ ».

وهو على ما فسر حيوان على حد اليربوع أكبر من الفأرة شعره في غاية النعومة ، يتخذ من جلده الفراء يلبسه المتنعمون ، وهو شديد الختل إن أبصر الإنسان صعد الشجرة العالية ، وهو كثير في بلاد الصقالبة والترك ، وأحسن جلوده الأزرق الأملس.

(سهب)

فِي الْحَدِيثِ : « ضَرَبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ ».

أي بذهاب العقل ، يقال « أَسْهَبَ » على ما لم يسم فاعله : إذا ذهب عقله. وأسهب : أكثر وأمعن في الشيء وأطال ، فهو سَهَبٌ بفتح الهاء. و « أكره أن أكون من الْمُسْهَبِينَ » أي كثيري الكلام. والسَّهَبُ : الأرض الواسعة.

(سيب)

قوله تعالى : ( وَلا سائِبَةٍ ) [ ٥ / ١٠٣ ] السَّائِبَةُ هو البعير الذي يُسَيَّبُ ، كان الرجل يقول : إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سَائِبَةٌ ، فكانت كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها. وفي الحديث ذكر السَّائِبَةَ ، وهو العبد يعتق ولا يكون لمعتقه عليه ولاء ولا عقل بينهما ولا ميراث ، فيضع ماله حيث شاء.

وَفِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) عَنِ السَّائِبَةِ؟ قَالَ : انْظُرْ فِي الْقُرْآنِ فَمَا كَانَ فِيهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَذَلِكَ بِإِعْمَارِ السَّائِبَةِ الَّتِي لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

وفِيهِ « سَأَلْتُهُ عَنِ السَّائِبَةِ؟ قَالَ : هُوَ الرَّجُلُ يُعْتِقُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ : اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ لَيْسَ لِي مِنْ أَمْرِكَ شَيْءٌ وَلَا عَلَى جَرِيرَتِكَ ، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ ».

و « السَّيْبُ » مصدر سَابَ الماء يَسِيبُ : جرى ، فهو سَائِبٌ. وسَيَّبْتُ الدابة : تركتها تَسِيبُ حيث شاءت. وسَاب الفرس يَسِيبُ سَيَبَاناً : ذهب

٨٤

على وجهه. وانْسَابَ الماء : جرى بنفسه.

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ : « وَاجْعَلْهُ سَيْباً نَافِعاً ».

أي مطرا سَائِباً ، أي جاريا.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لِكُلِّ مُؤْمِنٍ حَافِظٌ وَسَائِبٌ ».

الحافظ من الولاية ، والَسَّائِبُ هو بشارة من محمد (ص) يبشر بها المؤمن أين ما كان وحيث ما كان.

باب ما أوله الشين

(شاب)

« الشَّآبِيبُ » جمع شُؤْبُوبٍ ، وهو الدفعة من المطر وغيره.

(شبب)

تكرر في الحديث ذكر الشَّبَابَ ، هو كسحاب جمع « شَابٍ » بالتشديد ، وكذلك الشُّبَّانُ كفرسان ، والأنثى شَابَّةٌ ، والجمع شَوَابُ كدابة ودواب. و « شَبَ الصبي « من باب ضرب شَبَاباً وشَبِيبَةً فهو شَابٌ ، وذلك سن قبل الكهولة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً يُسَمَّى شَابّاً ».

« والشِّبَابُ » ككتاب نشاط الفرس ورفع يديه جميعا. والشَّبُ : شيء يشبه الزاج ، وعن الأزهري الشَّبُ من الجواهر التي أنبتها الله تعالى في الأرض يدبغ به يشبه الزاج ، وعن المطرزي قولهم « يدبغ بِالشَّبِ » بالباء الموحدة تصحيف لأنه صباغ والصباغ لا يدبغ به لكنهم صحفوه » من الشَّثِّ « بالثاء المثلثة وهو شجر مثل التفاح الصغار وورقه كورق الخلاف يدبغ به. وشَبَّبْتُ النار : أوقدتها. وشَبَبٌ يجاوبه : ابتدأ في جوابه ، من تَشْبِيبِ الكتب وهو الابتداء بها والأخذ فيها ، وليس من تَشْبِيبِ النساء في الشعر أعني ترقيقه بذكر النساء يقال « شَبَّبَ الشاعر بفلانة » قال فيها الغزل وعرض بحبها ، وشَبَّبَ قصيدته : حسنها وزينها بذكر النساء.

(شجب)

٨٥

في الحديث ذكر الْمِشْجَبَ ، هو بكسر الميم خشبات تضم رءوسها وتفرج قوائمها يلقى عليها الثياب وتعلق عليها الأسقية لتبريد الماء ، وهو من « تشاجب الأمر » إذا اختلط. ومنه حَدِيثُ جَابِرٍ : « وَثَوْبُهُ عَلَى الْمِشْجَبِ ».

وشَجِبَ كتعب يَشْجَبُ. إذا حزن أو هلك. وشَجَبَ يَشْجُبُ بالضم فهو شَاجِبٌ : أي هالك. وشَجَبَهُ الله : أهلكه. وشَجَبَهُ أيضا : شغله.

وَفِي الْخَبَرِ : « الْمَجَالِسُ ثَلَاثَةَ : سَالِمٌ ، وَغَانِمٌ ، وَشَاجِبٌ ».

بالجيم أي هالك. والمعنى إما سالم من الإثم أو غانم بالأجر أو هالك بالإثم والشَّاجِبُ : الناطق بالخناء المعين على الظلم.

(شحب)

فِي الْحَدِيثِ : « شِيعَتُنَا الشَّاحِبُونَ ».

جمع شَاحِبٍ ، وهو المتغير اللون لعارض أو مرض أو سفر أو نحو ذلك ، من شَحَبَ جسمه يَشْحَبُ ، بالضم شُحُوباً : إذا تغير ومنه قَوْلُهُ (ع) : « لَا تُلْفِي الْمُؤْمِنَ إِلَّا شَاحِبَ اللَّوْنِ ».

الشُّحُوبُ من آثار الخوف وقلة المأكل والتنعم.

(شخب)

فِي الْحَدِيثِ : « فَلَمَّا انْقَطَعَ شُخْبُ الْبَوْلِ ».

هو بالضم : أي جريانه ، وبالفتح المصدر ، يقال : شَخَبَتْ أوداج القتيل شَخْباً من باب قتل ونفع : جرت وسالت ، وأصل الشَّخْبُ ما خرج من تحت يد الحالب عند كل غمزة وعصرة لضرع الشاة ونحوها. وفِيهِ « يُبْعَثُ الشَّهِيدُ وَجُرْحُهُ يَشْخُبُ دَماً ».

أي يسيل ويجري ،ومثله « أَوْدَاجُ الشَّاةِ تَشْخُبُ دَماً ».

(شذب)

فِي وَصْفِهِ (ص) : « أَقْصَرُ مِنَ

٨٦

الْمُشَذَّبِ » (١).

بضم ميم وشين وذال معجمتين : الطويل ، وأصله من النخلة الطويلة التي شُذِّبَ عنها جريدها ، أي قطع. ومثله الفرس الْمُشَذَّبُ. و « الشَّذَبُ » بالتحريك ما يقطع من أغصان الشجرة المتفرقة. وقيل « الشَّذَبُ » الشوك والقشر. والشَّاذِبُ : المتنحي عن وطنه. ورجل شَذِبُ العروق أي ظاهر العروق.

(شرب)

قوله تعالى : ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) [ ٢ / ٩٣ ] أي حب العجل ، أي خالط قلوبهم ، من قولهم : « أُشْرِبَ فلان حب فلان » أي خالط قلبه. و « أُشْرِبَ قلبه « أي حل محل الشراب واختلط كما يختلط الصبغ بالثوب. قوله : ( فَشَرِبُوا مِنْهُ ) [ ٢ / ٢٤٩ ] أي كرعوا من النهر بأفواههم ( إِلَّا قَلِيلاً ) ، وقرئ أيضا بالرفع على إبداله من الموجب على معنى لم يكونوا منه بدليل ( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ) ، وقيل قليلٌ مبتدأ حذف خبره ، أي لم يَشْرَبُوا. قوله : ( لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) [ ٢٦ / ١٥٥ ] الشِّرْبُ بالكسر الحظ والنصيب من الماء. ومنه الْحَدِيثُ الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ شِرْبٌ مَعَ الْقَوْمِ فِي قَنَاتِهِمْ.

أي نصيب من ماء القنات. قوله : ( وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ ) [٣٦ / ٧٣ ] جمع « مَشْرَبٍ » وهو موضع الشُّرْبِ ، أو الْمِشْرَبِ بالكسر.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِلَّا قَلِيلاً إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ».

يروى بالفتح والضم ، وهما بمعنى ، والفتح أقل ، وبها قرأ أبو عمرو. و ( شُرْبَ الْهِيمِ ) [ ٥٦ / ٥٥ ] يريد هي أيام لا يجوز صومها. والشَّرَابُ : ما يُشْرَبُ من المائعات وشَرِبْتُهُ شُرْباً بالفتح والضم ، والفاعل « شَارِبٌ » والجمع « شَارِبُونَ ». والشَّارِبُ : الشعر الذي يسيل على

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ٩.

٨٧

الفم ، والجمع « شَوَارِبُ ». وقد تكرر في الحديث. والشَّرْبَةُ من الماء : ما يُشْرَبُ به ، والمرة الواحدة من الشُّرْبِ ، ورجل أكلة كهمزة كثير الأكل والشرب. وفلان يَشْرَبُ الخمر : أي يُكثر شُرْبَهَا ، فإن أصل الشُّرْبِ كل حين.

وَفِي الْحَدِيثِ : « نُهِيَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً » (١).

قيل هو للتنزيه لأن أعضاء القائم ليست مطمئنة ساكنة ، فربما انحرف الماء عن موضعه المعلوم من المعدة فيؤذي. وما رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ (ع) شَرِبَ مَاءَ زَمْزَمَ قَائِماً.

فلبيان الجواز ، أو لأنه لم يجد للقعود موضعا للازدحام أو ابتلال المكان ـ انتهى. وحاصله الحكم بكراهة الشرب قائما مطلقا للعلة المذكورة ، وحمل ما ينافيه على بيان الجواز والضرورة وفيه بحث فإن التأويل المذكور بعيد فيما رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (ع) كَانَ يَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ قَائِمٌ (٢) ، وَأَنَّهُ (ع) تَوَضَّأَ ثُمَ شَرِبَ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ قَائِماً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْحُسَيْنِ (ع) وَقَالَ : يَا بُنَيَّ إِنِّي رَأَيْتُ جَدَّكَ رَسُولَ اللهِ (ص) صَنَعَ هَكَذَا (٣).

وما رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) أَنَا وَأَبِي فَأُتِيَ بِقَدَحٍ مِنْ خَزَفٍ فِيهِ مَاءٌ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ ، [ ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبِي فَشَرِبَ مِنْهُ وَهُوَ قَائِمٌ ] ثُمَّ نَاوَلَنِيهِ فَشَرِبْتُ مِنْهُ وَأَنَا قَائِمٌ (٤).

والتعليل منقوض بما رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : « الشُّرْبُ قَائِماً أَقْوَى لَكَ وَأَصَحُّ » (٥).

ولعل الوجه في الجمع تقييد النهي المطلق بعد جعله للتنزيه بما إذا كان الشرب في الليل ، وتقييد

قَوْلُهُ : « الشُّرْبُ قَائِماً أَقْوَى لَكَ وَأَصَحُّ ».

بما إذا كان الشرب في النهار ، يدل على هذا التفصيل ما رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع)

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٧٣.

(٢) في الكافي ج ٦ ص٣٨٣ عن أبي عبد الله (ع) أنّه قال : قام أمير المؤمنين عليه السلام إلى إداوة ( فَشَرِبَ ) منها وهو قائم.

(٣) الكافي ج ٦ ص٣٨٣.

(٤) الكافي ج ٦ ص٣٨٣.

(٥) الإستبصار ج ٤ ص ٩٢.

٨٨

قَالَ : شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ قِيَامٍ بِاللَّيْلِ يُورِثُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ » (١).

وفِي وَصْفِهِ (ص) : « أَبْيَضَ مُشْرَبَ حُمْرَةً ».

بالتخفيف ، وإذا شددت فللتكثير والمبالغة. و « الْمَشْرَبَةُ » بفتح الميم وفتح الراء وضمها : الغرفة. ومنه « مَشْرَبَةُ أم إبراهيم (ع) » ، وإنما سميت بذلك لأن إبراهيم بن النبي (ص) ولدته أمه فيها وتعلقت حين ضربها المخاض بخشبة من خشب تلك الْمَشْرَبَةِ ، وقد ذرعت من القبلة إلى الشمال أحد عشر ذراعا. والْإِشْرَابُ : خلط لون بلون كأن أحد اللونين سقي اللون الآخر.

(شطب)

« الشَّطْبَةُ » كتمرة : سعفة النخل الخضراء ، والجمع « شَطْبٌ » كتمر.

(شعب)

قوله تعالى : ( شُعُوباً وَقَبائِلَ ) [ ٤٩ / ١٣ ] الشُّعُوبُ : أعظم القبائل ، واحدها « شَعْبٌ » كفلس وفلوس ، ثم القبائل واحدها قبيلة ، ثم العمائر واحدها عمارة ، ثم البطون واحدها بطن ، ثم الأفخاذ واحدها فخذ ، ثم الفصائل واحدها فصيلة ، ثم العشائر واحدها عشيرة ، وليس بعد العشيرة حي يوصف. فَالشَّعْبُ هو النسب الأول كعدنان ، وخزيمة وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ. وقيل الشُّعُوبُ من العجم كالقبائل من العرب. قوله : ( أَخاهُمْ شُعَيْباً ) [ ٧ / ٨٥ ]

قِيلَ هُوَ ابْنُ ميكد بْنِ يشخرة بْنِ مَدْيَنَ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمَهُ.

رُوِيَ أَنَ شُعَيْباً بُعِثَ لِأُمَّتَيْنِ أَصْحَابِ مَدْيَنَ وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ ، فَأُهْلِكَتْ مَدْيَنُ بِصَيْحَةِ جَبْرَئِيلَ (ع) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ بِعَذَابِ يَوْمِ الظُّلَّةِ.

قِيلَ عَاشَ شُعَيْبٌ دَهْراً طَوِيلاً وَتَزَوَّجَ بِنْتَ لُوطٍ.

قوله : ( ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ) [ ٧٧ /٣٠ ] أي يَتَشَعَّبُ لعظمه ثلاث شُعَبٍ : شُعْبَةٌ من فوقهم ، وشُعْبَةٌ إلى أيمانهم ، وشُعْبَةٌ عن شمائلهم.

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص٣٨٣.

٨٩

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَى كَاهِلِكَ فَيَصْدَعَ شُعَبَ كَاهِلِكَ ».

هو بالتحريك : ما بين المنكبين. وفِيهِ : « مَاتَتْ خَدِيجَةُ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ (ص) مِنَ الشِّعْبِ ».

هو بالكسر الطريق في الجبل ، والجمع « شِعَابٌ » ككتاب. و « شِعْبُ أبي طالب » (١) بمكة مكان مولد النبي (ص). و « شِعْبُ الدب » (٢) أيضا بمكة وأنت خارج إلى منى. و « الْمَشْعَبُ » كمذهب : الطريق. ومنه قول الكميت :

وما لي إلا آل أحمد شيعة

وما لي إلا مَشْعَبُ الحق مَشْعَبٌ

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ ».

الشُّعْبَةُ طائفة من كل شيء والقطعة منه ، وقد بينا معنى الحديث فيما تقدم (٣). ومثله « الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ ».

و « شُعْبَةُ « اسم رجل من رواة الحديث (٤). والشُّعْبَةُ من الشجرة : الغصن المتفرع منها ، والجمع « شُعَبٌ » مثل غرفة وغرف. وشُعَبُ الشرك : أنواعه المتفرقة. وشَعَّبْتُ الشيء : جمعته وفرقته ، وهو من الأضداد عند بعض. وشَعَبْتُ الشيء ـ من باب نفع ـ صدعته وأصلحته.

وَفِي الدُّعَاءِ : « وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنَا ».

أي أصلح به ما تَشْعَبُ منا. ومثله « وتَشْعَبُ به الصدع ». وانْشَعَبَتْ أغصان الشجرة : تفرقت وسوط له شُعْبَتَانِ : أي طرفان. و « شَعْبَانُ » من الشهور غير منصرف

__________________

(١) الشعب بكسر الشين وسكون العين.

(٢) في مراصد الاطلاع ص ٨٠٠ » شِعْبُ أبي دب ».

(٣) انظر ج ١ ص ١١٤ من هذا الكتاب.

(٤) هو شعبة بن الحجاج أبو بسطام الأزدي العتكي الواسطي. إتقان المقال ص ١٩٥.

٩٠

و « شَعُوبٌ » كرسول : اسم المنية. و « الشَّعْبِيُ » أحد علماء العامة ، ولد زمن عمر وكان يصحب عبد الملك بن مروان ، وله في حضرته مع ليلى الأخيلية ظرافة.

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَا حُدِّثْتُ بِحَدِيثٍ إِلَّا حَفِظْتُهُ ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ (١).

والشُّعُوبِيَّةُ : فرقة لا تفضل العرب على العجم.

(شغب)

فِي الْخَبَرِ نُهِيَ عَنِ الْمُشَاغَبَةِ.

يعني المخاصمة. و « الشَّغَبُ » بالتسكين : تهيج الشر

(شنب)

ذَكَرَ فِي صِفَتِهِ (ص) « أَنَّهُ أَشْنَبُ » (٢).

الشَّنَبُ : البياض والبريق والتحديد في الأسنان ويقال عذوبة ، ومنه « امرأة شَنْبَاءُ ». قال في القاموس « الشَّنَبُ » محركة : ماء ورقّة وبرد وعذوبة في الأسنان أو نقط بيض فيها ، أو حدة الأنياب كالغرب تراها كالمئشار. شَنِبَ كفرح فهو شَانِبٌ وشَنِيبٌ وأَشْنَبُ ، وهي شَنْبَاءُ وشمناء ـ عن سيبويه. والشَّنْبَاءُ من الرمان : الأمليسة ليس لها حب إنما هي ماء في قشر. و « شَنِبَ يومنا « كفرح : برد فهو شَنِبٌ وشَنَائِبُ ، والاسم » الشُّنْبَةُ » بالضم والْمَشَانِبُ : الأفواه الطيبة. وشَنْبَوَيْهِ كعمرويه حدث في حجاج بن أرطاة. ومحمد بن يوسف بن شَنْبَوَيْهِ الأصبهاني. وأبو جعفر علي بن شَنْبَوَيْهِ. وعلي بن قاسم. وابن هيم بن شَنْبَوَيْهِ. ومحمد بن عبد الله بن نصر بن شَنْبَوَيْهِ صاحب تلك الأربعين. وبالضم أبو عبد الرحمن بن شُنْبَوَيْهِ محدثون.

__________________

(١) الشعبي هو أبو عمر عامر بن شراحيل الكوفي ، ينسب إلى شعب بطن من همدان ، مات فجأة في الكوفة سنة ١٠٤. الكنى والألقاب ج٣ ص٣٢٧.

(٢) مكارم الأخلاق ص ١٠.

٩١

(شنخب)

« الشُّنْخُوبُ » بالضم : أعلى الجبل. كالشُّنْخُوبَةِ. و « الشِّنْخَابُ » بالكسر : فرع الكاهل وفقرة الظهر. والشَّنْخَبُ : الطويل. الشَّنَاخِيبُ رءوس الجبال

(شنزب)

« الشَّنْزَبُ » كجعفر : الصلب الشديد وشُنْزُوبٌ : موضع (١).

(شنظب)

« الشُّنْظُبُ » بالظاء المعجمة وبالضم : موضع بالبادية (٢) ، والطويل الحسن الخلق ، وكل خزف فيه ماء.

(شنغب)

شُنْغُبٌ : اسم و « الشِّنْغَابُ » بالكسر : الرجل الطويل كَالشِّنْغَابَةِ ، وهي أيضا الطويل الدقيق من الأرشية والأغصان كَالشُّنْغُبِ. والشُّنْغُوبِ : اسم. و « الشُّنْغُبْ » بالضم : الطويل من الحيوان. والشُّنْغُوبُ : عرق طويل من الأرض دقيق.

(شنقب)

« الشُّنْقُبُ » كقنفذ وقنطار : ضرب من الطير.

(شوب)

قوله تعالى : ( لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ) [٣٧ / ٦٧ ] أي خلطا من حميم. و « الشَّوْبُ » بالفتح : الخلط ، يقال شَابَهُ شَوْباً من باب قال : خلطه ، مثل شَوْبِ الماء باللبن.

وَفِي الْحَدِيثِ : « يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ شُوبُوا أَمْوَالَكُمْ بِالصَّدَقَةِ تُكَفَّرْ عَنْكُمْ ذُنُوبُكُمْ ».

أمرهم بالصدقة لما يجري بينهم من الكذب والرياء والزيادة والنقصان في

__________________

(١) شُنْزُوبٌ بالضم ثم السكون والزاي وبعد الواو الساكنة باء موحدة : موضع في شعر الأعشى. مراصد الاطلاع ص ٨١٦.

(٢) شُنظب بالضم ثم التسكين ثم ظاء معجمة وباء موحدة : موضع بالبادية ، وقيل واد بنجد لبني تميم. مراصد الاطلاع ص ٨١٦.

٩٢

القول لتكون كفارة لذلك. و « الشَّائِبَةُ » واحدة الشَّوَائِبِ ، وهي الأدناس والأقذار. وفِي وَصْفِهِ (ص) : « غَيْرُ مَشُوبٍ حَسَبُهُ ».

أي غير مخلوط ولا مدنس. قال في القاموس : ما له شَوْبٌ ولا روب : مرق ولبن وقطعة من العجين ، وما شُبْتَهُ من ماء أو لبن والعسل. واشْتَابَ وانْشَابَ : اختلط. و « الْمُشَاوَبُ » بالضم وفتح الواو : غلاف القارورة ، وبكسرها وفتح الميم جمعه. والشَّوْبَةُ : الخديعة. وشَابَ عنه وشَوْبٌ : دافع ونضح عنه فلم يبالغ. وشَابَةُ : جبل بمكة أو بنجد (١). وشَيْبَانُ : قبيلة. و « باتت بليلة شَيْبَاءَ » بالإضافة. وبليلة الشَّيْبَاءِ : إذا غلبت على نفسها ليلة هدائها. والشَّوَائِبُ : الأقذار والأدناس.

(شهب)

قوله تعالى : ( مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ) [ ٧٢ / ٨ ] بضمتين جمع « شِهَابٍ » ، وهو كل متوقد مضيء. ومثله قوله : ( شِهابٌ مُبِينٌ ) [ ١٥ / ١٨ ] أي كوكب مضيء قال : بعض المفسرين : الشِّهَابُ ما يرى كأنه كوكب انقض ، وما خمنه الطبيعيون من أنه بخار في دهنية يصعد إلى كرة النار فيشتعل لم يثبت ، ولو صح لم يناف ما دلت عليه الآية الشريفة ، ولا ما دل عليه قوله : ( جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ) ، فإن الشِّهَابَ والمصباح يطلقان على المشتعل ، وكل مشتعل في الجوزينة السماء ، ولا استبعاد في إصعاد الله سبحانه ذلك البخار الدهني عند استراق الشيطان السمع فيشتعل نارا فتحرقه ، وليس خلق الشيطان من محض النار الصرفة ، كما أن خلق الإنسان ليس من محض التراب ، فاحتراقه بالنار التي هي أقوى من ناريته ممكن.

__________________

(١) شابة بالباء الموحدة الخفيفة : جبل بنجد ، وقيل بالحجاز في ديار غطفان بين السليلة والربذة ، وقيل بحذاء الشعيبة. مراصد الاطلاع ص ٧٧١.

٩٣

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « أَمْسَكْتُ لِرَسُولِ اللهِ (ص) الشَّهْبَاءَ ».

وهي اسم بغلة كانت لرسول الله (ص) ، أخذا من الشُّهْبَةِ في الألوان ، وهو البياض الذي غلب على السواد. ومنه « غرة شَهْبَاءُ ». قال في القاموس : « الشَّهَبُ « محركة بياض يصدعه سواد ، كَالشُّهْبَةِ بالضم ، وقد شَهُبَ ككرم وسمع وأَشْهَبَ ، وهو أَشْهَبُ وشَاهِبٌ. وسنة شَهْبَاءُ : لا خضرة فيها ، أو لا مطر. و « الشِّهَابُ » بالفتح : اللبن الذي ثلثاه ماء ، كَالشُّهَابَةِ بالضم ، وككتاب : شعلة من نار ساطعة ، والماضي في الأمر والجمع شُهُبٌ وشُهْبَانٌ بالضم وبالكسر وأَشْهَبُ. ويوم أَشْهَبُ : بارد. و « الشُّهُبُ » ككتب : الدراري ، وثلاث ليال من الشهر ، وبالفتح الجبل : علاه الثلج ، وبالضم موضع. والْأَشْهَبُ : الأسد ، والأمر الصعب ، واسم ، ومن العنبرة : الضارب إلى البياض. والْأَشْهَبَان : عامان أبيضان ما بينهما خضرة. والشَّهْبَاءُ من المعز كالملحاء من الضأن. ومن الكتائب : العظيمة الكثيرة السلاح ، وفرس للقتال البجلي. و « الْأَشَاهِبُ » بنو المنذر لجمالها. و « الشَّهَبَانُ » محركة : شجر كالثمام. والشَّوْهَبُ كالقنفذ. و « شَهَبَهُ الحر والبرد » كمنعه : لوحه وغبر لونه ، كَشَهَّبَهُ. وأَشْهَبَ الفحل : ولد له الشُّهْبُ ، والسَّنَةُ القومَ جردت أموالهم. وقال في النهاية

فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ : قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ لِأَهْلِ مَكَّةَ : أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فَقَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَازِلِ.

أي رميتم بأمر صعب شديد لا طاقة لكم به ، يقال يوم أَشْهَبُ وسنة شَهْبَاءُ وجيش أَشْهَبُ : أي قوي شديد ، وأكثر ما يستعمل في الشدة والكراهة ، وجعله بازلا لأن بزول البعير نهايته في القوة. ومنه حَدِيثُ حَلِيمَةَ : « خَرَجْتُ فِي

٩٤

سَنَةٍ شَهْبَاءَ ».

أي ذات قحط وجدب. والشَّهْبَاءُ : الأرض البيضاء التي لا خضرة فيها لقلة المطر من « الشُّهْبَةِ » وهي البياض ، فسميت سنة الجدب بها.

وَفِي حَدِيثِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ : « فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا ».

يعني الكلمة المسترقة ، وأراد بِالشِّهَابِ الذي ينقض في الليل شبه الكوكب ، وهو في الأصل الشعلة من النار.

(شهرب)

الشَّهْرَبَةُ : العجوز الكبيرة.

وَ « شَهْرَبَانُويَهْ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ » أُمُّ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) وَكَانَ اسْمُهَا سَلَامَةَ وَجَهَانَ شَاهَ ، فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) : مَا اسْمُكِ؟ فَقَالَتْ : جَهَانْ شَاهُ. فَقَالَ لَهَا : بَلْ شَهْرَبَانُويَهْ.

(شيب)

قوله تعالى : ( وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) [ ١٩ / ٤ ] الشَّيْبُ والْمَشِيبُ واحد ، وعَنِ الْأَصْمَعِيِ الشَّيْبُ بَيَاضُ الشَّعْرِ وَالْمَشِيبُ دُخُولُ الرَّجُلِ فِي حَدِّ الشَّيْبِ.

ونصب شَيْباً قيل على التمييز ، وقيل على المصدرية لأنه حين قال ( اشْتَعَلَ ) كأنه قال شَابَ فقال ( شَيْباً ). وقد شَابَ رأسه شَيْباً وشَيْبَةً فهو أَشْيَبُ على غير القياس قاله الجوهري ، لأن هذا النعت إنما يكون من باب فعل يفعل. و « الشِّيبُ » بالكسر جمع الْأَشْيَبِ ، وهو المبيض الرأس ، ومنه الْحَدِيثُ : « إِذَا نَظَرَ إِلَى الشَّيْبِ نَاقِلِي أَقْدَامِهِمْ ».

وشَيَّبَهُ الحزن وأَشَابَ الحزن رأسه.

وَفِي الْخَبَرِ : « شَيَّبَتْنِي هُودُ وَالْوَاقِعَةُ ».

قيل لما فيهما من أهوال يوم القيامة والمثلاث بالنوازل بالأمم الماضية حتى شُيِّبَ قبل أوانه ، يقال « شَيَّبَ الحزن رأسه « بالتشديد فَشَابَ في المطاوع. وفِيهِ « لَهُ شَعْرٌ عَلَاهُ الشَّيْبُ ».

يقال هو شعر معدود أربع عشرة شعرة. و « شَيْبَةُ الحمد « هو عبد المطلب بن هاشم المطعم طير السماء ، لأنه لما نحر فداء ابنه عبد الله مائة بعير فرقها على رءوس الجبال فأكلتها الطير. و « بنو شَيْبَةَ » قبيلة معروفة منهم سدنة الكعبة.

٩٥

باب ما أوله الصاد

(صبب)

قوله تعالى : ( أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ) [ ٨٠ / ٢٥ ] أي سكبناه سكبا. وفِي وَصْفِ عَلِيٍّ (ع) : « كُنْتُ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً ».

أي مَصْبُوباً. والانْصِبَابُ : الانسكاب. والدم الْصَبِيبُ : الكثير ، ومنه قوله : « إذا كان دمها صَبِيباً ». و « الصَّبَبُ » بفتحتين : ما انحدر من الأرض. وفِي وَصْفِهِ (ص) : « إِذَا مَشَى يَتَكَفَّأُ تَكَفُّؤاً كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ فِي صَبَبٍ » (١).

و « الصُّبَّةُ » بالضم والتشديد ، و « الصُّبَابَةُ » بالضم أيضا : بقية الماء في الإناء ، وإن شئت قلت : البقية اليسيرة من الشراب يبقى في الإناء. والصُّبَابَةُ : لوعة العشق وحرارته. واشتريت صُبَّةً من الغنم ـ بضم الصاد ـ أي جماعة من الغنم قدرت ما بين العشرين إلى الأربعين.

(صحب)

قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ ) [ ١٠٥ / ١ ] قال الشيخ أبو علي ( كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ) منصوب بفعل على المصدر أو على الحال من الرب ، والتقدير ألم تر أي فعل ربك ، أو منقما فعل ربك بهم ، أو مجازيا ونحو ذلك. ثم

قَالَ : أَجْمَعَتِ الرُّوَاةُ عَلَى أَنَّ مَلِكَ الْيَمَنِ الَّذِي قَصَدَ هَدْمَ الْكَعْبَةِ هُوَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْأَشْرَمُ ، وَقِيلَ كُنْيَتُهُ أَبُو يَكْسُومَ ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ : هُوَ صَاحِبُ النَّجَاشِيِّ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (ص).

قوله : ( مِنَّا يُصْحَبُونَ ) [ ٢١ / ٤٣ ] أي يجاورون ، لأن المجير صاحب لجاره.

__________________

(١) في مكارم الأخلاق ص ١٠ : « إذا مشى كأنما ينحط من صبب ». وكذلك في النهاية لابن الأثير ج ٢ ص ٢٤٨.

٩٦

و « الصَّاحِبَةُ » تأنيث الصَّاحِبُ ، وهي الزوجة. قال تعالى : ( مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ) [ ٧٢ /٣ ] وجمعها صَوَاحِبُ ، وربما أنث الجمع فقيل صَوَاحِبَاتُ. و « إِنَّكُنَ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ».

أراد تشبيه عائشة بزليخا وحدها وإن جمع بين الطرفين ، ووجهه أنهما أظهرا خلاف ما أرادتا ، فعائشة أرادت أن لا يتشأم الناس به وأظهرت كونه لا يسمع المأمومين ، وزليخا أرادت أن ينظرن حسن يوسف ليعذرنها في محبته وأظهرت الإكرام في الضيافة ، أو أراد أنتن تشوشن الأمر علي كما أنهن يشوشن على يوسف ، ويقال معناه

« إِنَّكُنَ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ».

أي في التظاهر على ما تردن وكثرة إلحاحكن.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ ».

أراد بمصاحبة الله إياه بالعناية والحفظ ، وذلك أن الإنسان أكثر ما يبغي الصحبة في السفر للاستيناس والاستظهار وللدفاع لما ينوبه من النوائب ، فنبه بهذا القول على حسن الاعتماد عليه وكمال الاكتفاء به عن كل صاحب سواه. وفِيهِ أَيْضاً « اللهُمَ اصْحَبْنَا بِصُحْبَةٍ وَاقْلِبْنَا بِذِمَّةٍ ».

أي احفظنا بحفظك في سفرنا وأرجعنا بأمانك وعهدك إلى بلدنا والصَّاحِبُ للشيء : الملازم له ، وكذا الصُّحْبَةُ للشيء هي الملازمة له إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا ، والأصل أن يكون في البدن وهو الأكثر ، ويكون بالهمة والعناية. ومنه الْحَدِيثُ : « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْقَ » (١).

ويكون تارة بالحفظ وتارة بالتلاوة وتارة بالتدبر له وتارة بالعمل به.

وَفِي الْحَدِيثِ « صَاحِبُ مُوسَى ».

ويراد به يوشع بن نون ، و « صَاحِبُ سليمان » ويراد به آصف ، ويقال إنه وزيره ، و « صَاحِبُ يس » اسْمُهُ حَبِيبُ بْنُ إِسْرَائِيلَ النَّجَّارُ ، وَكَانَ يَنْحَتُ الْأَصْنَامَ ، وَهُوَ مِمَّنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللهِ وَبَيْنَهُمَا سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ ، كَمَا آمَنَ بِهِ تُبَّعٌ الْأَكْبَرُ وَوَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ

__________________

(١) في هذا الكتاب ج ١ ص ١٩٣ » يقال لقارىء القرآن ».

٩٧

وَغَيْرُهُمَا ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِنَبِيٍّ أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِهِ. وَقِيلَ كَانَ فِي غَارٍ يَعْبُدُ اللهَ فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الرُّسُلِ أَتَاهُمْ وَأَظْهَرَ دِينَهُ ، وَأَتَاهُ الْكَفَرَةُ فَقَالُوا « أَوَأَنْتَ تُخَالِفُ » فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ ، وَقِيلَ تَوَطَّئُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّى خَرَجَ قَضِيبُهُ مِنْ دُبُرِهِ ، وَقِيلَ رَجَمُوهُ وَهُوَ يَقُولُ « اللهُمَّ اهْدِ قَوْمِي » وَقَبْرُهُ فِي سُوقِ أَنْطَاكِيَّةَ فَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ بِصَيْحَةِ جَبْرَئِيلَ.

وجمع الصَّاحِبِ « صَحْبٌ » مثل راكب وركب ، و « صُحْبَةٌ « بالضم مثل فارة وفرة ، و « صِحَابٌ » مثل جائع وجياع ، و « صُحْبَانٌ » مثل شاب وشبان ، و « الْأَصْحَابُ » جمع صَحْبٍ مثل فرخ وأفراخ. وصَحِبَهُ صُحْبَةً بالضم وصَحَابَةً بالفتح. و « الصَّحَابَةُ « جمع صَاحِبٍ ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا. و « الصَّاحِبُ » و « صَاحِبُ الناحية » و « صَاحِبُ الزمان » و « صَاحِبُ الدار » محمد بن الحسن (ع) القائم بأمر الله تعالى. و « صَاحِبُ العسكر » و « صَاحِبُ الناحية » علي بن محمد الهادي (ع). والصَّاحِبُ هو إسماعيل بن عباد صَحِبَ ابن العميد في وزارته وتولاها بعده لفخر الدولة بن بويه ، ولقب بالصاحب الكافي ، ويقال هو أستاد الشيخ عبد القاهر ، وكتب الشيخ مشحونة بالنقل عنه ، جمع بين الشعر والكتابة وقد فاق فيهما أقرانه ، قيل كان الصَّاحِبُ يكتب كما يريد والصابي كما يؤمر ويراد ، وبين الحالتين بون بعيد. قال الشهيد الثاني : وأكثر ما بلغنا عن أصحابنا أن الصَّاحِبَ كافي الكفاة إسماعيل بن عباد لما جلس للإملاء حضر خلق كثير وكان المستملي الواحد لا يقوم بالإملاء حتى انضاف إليه ستة كل يبلغ صَاحِبَهُ ـ انتهى. وحكي عن الصَّاحِبِ بن عباد (ره) أنه بعث إليه بعض الملوك يسأله القدوم عليه ، فقال له في الجواب : أحتاج إلى ستين جملا أنقل عليها كتب اللغة التي عندي. وصَاحِبُ شاهين لم نعثر له في كتب اللغة ولا في غيرها بمعنى يوضحه ، وينبغي قراءته على صيغة التثنية كما هو الظاهر من النسخ ، ولعل المراد بالشاه السلطان

٩٨

ثم سموا كل واحد من الشاهين اللذين يقمر بهما بهذا الاسم ، فإذا غلب أحدهما على الآخر قال مات والله شاهه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « سُئِلَ عَنْ صَاحِبِ شَاهَيْنِ؟ قَالَ : الشِّطْرَنْجُ ».

و « الصَّحَابِيُ » على ما هو المختار عند جمهور أهل الحديث كل مسلم رأى رسول الله (ص) ، قيل وروى عنه ، وقيل أو رآه الرسول ، قيل وكان أهل الرواية عند وفاته (ص) مائة ألف وأربع عشرة ألف. واصْطَحَبَ القوم : صَحِبَ بعضهم بعضا واسْتَصْحَبَ الشيء : لازمه. واسْتَصْحَبَ الكتاب وغيره : حملته صُحْبَتِي ، ومن هذا قيل اسْتَصْحَبَ الحال : إذا تمسكت بما كان ثابتا ، كأنك جعلت تلك الحال مُصَاحِبَةً غير مفارقة.

(صخب)

فِي الْحَدِيثِ : « مِنَ النِّسَاءِ صَخَّابَةٌ وَلَّاجَةٌ هَمَّازَةٌ ».

الصَّخَبُ بالتحريك ، والسَّخَبُ بالسين المهملة : الصيحة واضطراب الأصوات للخصام ، يقال صَخِبَ صَخَباً من باب تعب. ورجل صَخِبٌ وصَخَّابٌ وصَخْبَانٌ : كثير اللغط والجلبة. والمرأة صَخْبَاءُ وصَخَّابَةٌ ، ومنه الْخَبَرُ الْمَنْقُولُ عَنِ التَّوْرَاةِ « مُحَمَّدٌ عَبْدِي لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخُوبٍ فِي الْأَسْوَاقِ » ، وَرُوِيَ صَخَّابٌ.

وفِيهِ أَيْضاً : « لَا يَصْخَبُ ».

أي لا يرفع صوته بهذيان.

(صطب)

فِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ (ع) مَعَ بَنِي شَيْبَةَ : « لَوْ وُلِّيتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ لَقَطَعْتُ أَيْدِيَهُمْ ، ثُمَّ عَلَّقْتُهَا فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ أَقَمْتُهُمْ عَلَى الْمِصْطَبَّةِ ، ثُمَّ أَمَرْتُ مُنَادِياً يُنَادِي : أَلَا إِنَّ هَؤُلَاءِ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ فَاعْرِفُوهُمْ ».

يريد بذلك أن يشهدهم. و « الْمِصْطَبَّةُ » بكسر الميم والتشديد : هي مجتمع الناس ، وهي أرض شبه الدكان يجلس عليها ويتقى بها الهوام بالليل.

(صعب)

فِي الْحَدِيثِ : « حَدِيثُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ ».

٩٩

والمعنى أن الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك غيره ، والنبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره ، والمؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره كما جاءت به الرواية عنهم (١). وقيل ربما أريد به فتواهم في الأحكام الإلهية وأوصافهم الكريمة أو أسرار الله المخزونة عندهم. ومثله :

« حَدِيثُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ ذَكْوَانُ أَمْرَدُ مُقَنَّعٌ. قَالَ الرَّاوِي : فَسِّرْ لِي ذَكْوَانَ؟ فَقَالَ : ذَكِيٌّ أَبَداً. قُلْتُ : أَمْرَدُ؟ قَالَ : أَمْرَدُ أَبَداً ، كَأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَتَغَيَّرُ عَنِ الْحَقِّ أَبَداً. قُلْتُ : مُقَنَّعٌ؟ قَالَ : مَسْتُورٌ ».

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « أَمْرُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ » (٢).

قيل لعله أراد به إمامته وإمامة أولاده المعصومين ، لأن المخالفين لا يقبلون شيئا من ذلك حسدا وبغضا وسفها. ويتم البحث في أمر. والصَّعْبُ : نقيض الذلول ، يقال صَعُبَ الشيء ـ بضم الثاني صُعُوباً : صار صَعْباً شاقا. والجمع « صِعَابٌ » كسهم وسهام ، ومنه « عقبة صَعْبَةٌ « والجمع صِعَابٌ أيضا وصَعَبَاتٌ بالسكون. والناقة الصَّعْبَةُ : خلاف الذلول. واسْتَصْعَبَ الأمر علينا : بمعنى صَعُبَ

وَفِي الْخَبَرِ : « لَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَةَ وَالذَّلُولَ لَمْ نَأْخُذْ مِنْهُمْ إِلَّا مَا نَعْرِفُ ».

أي شدائد الأمور وسهولها ، أي تركوا المبالاة بالأشياء والاحتراز في القول والعمل. وفِيهِ « وَأَنْذَرْتُكُمْ صِعَابَ الْأُمُورِ ».

أي مسائل دقيقة غامضة يقع فيها فتنة وإيذاء بين العلماء.

(صقلب)

في الحديث ذكر الصَّقَالِبَةَ ، وهم جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزورين وقسطنطنية.

(صلب)

قوله تعالى : ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ ) [ ٨٦ / ٧ ] يعني من

__________________

(١) هذا المعنى للحديث مذكور في الكافي ج ١ ص ٤٠١ ومعاني الأخبار ص ١٨٨.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٣.

١٠٠