مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

المناسك الخروج من نوع من أنواع الذُّنُوبِ ، فإنها تتنوع إلى مالية وبدنية إلى قولية وفعلية ، والفعلية تختلف باختلاف الآلات التي تفعل بها إلى غير ذلك ، فمنها ما يغير النعم ، ومنها ما ينزل النقم ، ومنها ما يقطع الرجاء ، ومنها ما يديل الأعداء ، ومنها ما يرد الدعاء ، ومنها ما يستحق بها نزول البلاء ، ومنها ما يحبس غيث السماء ، ومنها ما يكشف الغطاء ، ومنها ما يعجل الفناء ، ومنها ما يظلم الهواء ، ومنها ما يورث الندم ، ومنها ما تهتك العصم ، ومنها ما يدفع القسم ـ إلى غير ذلك. وقد ذكرنا تفسير الجميع كلا في بابه. واعلم

أَنَّ جَمِيعَ الذُّنُوبِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لَا خَامِسَ لَهَا : الْحِرْصِ ، وَالْحَسَدِ ، وَالشَّهْوَةِ ، وَالْغَضَبِ ـ هَكَذَا رُوِيَ عَنْهُمْ (ع)

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوباً لَا يُكَفِّرُهَا إِلَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ ».

وهو يؤيد ما ذكرناه من التوجيه ، ويمكن أن يقال أيضا أن كل واحد من تلك المناسك موجب للخروج من الذنوب ، على معنى إذا لم تغفر كلها في العمل الأول ففي الثاني وإذا لم تغفر في الثاني ففي الثالث وهكذا.

وَفِي حَدِيثِ الْمُصَافَحَةِ : « لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا ذَنْبٌ ».

أي غل وشحناء ـ قاله في المجمع. و « الذَّنَبُ » بالتحريك للفرس والطائر ، والجمع « الْأَذْنَابُ » كالأسباب. و « كُنْ ذَنَباً وَلَا تَكُنْ رَأْساً ».

كنى بالرأس عن العلو والرفعة وبِالذَّنَبِ عن التأخر عن ذلك ، والمعنى أن المتقدم محل الخطر والهلاك كالرأس الذي يخشى عليه القطع ، بخلاف المتأخر فإنه كَالذَّنَبِ. وذَنَبُ الناس وذَنَبَاتُهُم محركة : أتباع الناس وسفلتهم ، كأنهم في مقابل الرءوس وهم المتقدمون.

(ذوب)

فِي الْحَدِيثِ : « أَكْلُ الْأُشْنَانِ يُذِيبُ الْبَدَنَ ».

أي يضعفه ، يقال ذَابَ الشيء يَذُوبُ ذَوْباً من باب نصر وذَوَبَاناً بِالتَّحْرِيكِ نقيض جمد ، وذَابَهُ : غيره ، وذَوَّبَهُ بمعنى. وذَابَتِ العذرة في الماء : أي تفرقت أجزاؤها وذَابَتْ فيه.

٦١

وذَابَ لي عليه من الحق كذا : وجب وثبت ـ قاله الجوهري.

(ذهب)

قوله تعالى : ( إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي ) [٣٧ / ٩٩ ] أي مهاجر إلى حيث أمرني ربي بالمهاجرة إليه من أرض الشام مثل قوله : ( ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ ) و ( عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) ونحو ذلك في أن المراد بِالذَّهَابِ والرجوع إلى موضع جعله الله مظهرا لفيضه ، كالعرش والبيت المعمور والكعبة شرفها الله تعالى كما وردت به الرواية عنهم (ع). قوله تعالى : ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها ) [ ٤٦ / ٢٠ ] قيل معناه أنفقتم طيبات ما رزقتم في شهواتكم وفي ملاذ الدنيا ولم تنفقوها في مرضاة الله. وأَءذْهَبْتُم بهمزة الاستفهام وآءذْهَبْتُمْ بألف بين الهمزتين. قوله : ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) [ ١١ / ١١٤ ]

قِيلَ فِي مَعْنَاهُ إِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ يُكَفِّرْنَ مَا بَيْنَهُنَّ.

يؤيده ما

رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الصَّحَابَةِ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأَتَى النَّبِيَّ (ص) فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى ( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) فَقَالَ الرَّجُلُ : إِلَيَّ هَذَا. فَقَالَ : لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ.

وَفِي الْحَدِيثَ : « صَلَاةُ اللَّيْلِ تَذْهَبُ بِمَا عَمِلَ بِهِ فِي النَّهَارِ » (١).

أي تمحوه.

وَفِي حَدِيثِ نَزْحِ الْبِئْرِ : « حَتَّى يُذْهِبَ الرِّيحُ » (٢).

يقرأ بالمجهول ، أي يذهب النزح بالرائحة. وفِيهِ » فَلْيَذْهَبِ الْحَسَنُ يَمِيناً وَشِمَالاً ».

كأنه كلام يقال في مقام التعجيز عن القيام بالفتيا ، ويقال هو كلام يستعمل في سعة التوجه ، يعني إن شاء يمضي جهة اليمين أو جهة الشمال ليس إلا ما قلناه. والمَذْهَبُ : هو الموضع الذي يتغوط فيه ، مفعل من الذَّهَابِ ، ومِنْهُ « كَانَ

__________________

(١) في من لا يحضر ج ١ ص ٢٩٩ : « صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنّهار ».

(٢) الكافي ج٣ ص ٥.

٦٢

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ وَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَذْهَبِ فَقَالَ ».

إلخ (١) أي باب الكنيف. ومنه « كان إذا أراد الغائط أبعد الْمَذْهَبَ ». و « الذَّهَبُ » معروف ، يؤنث فيقال هي الذَّهَبُ الحمراء ، ويقال إن التأنيث لغة أهل الحجاز وبها نزل القرآن ، وقد يؤنث بالهاء فيقال « ذَهَبَةٌ ». وقال الأزهري نقلا عنه : الذَّهَبُ مذكر ولا يجوز تأنيثه إلا أن يجعل جمعا لِذَهَبَةٍ ويجمع على » أَذْهَابٍ » كسبب وأسباب و « ذَهَبَانِ » كرغفان ، والقطعة منه ذَهَبَةٌ. و « ذَهِبَ الرجُلُ » بالكسر : إذا رأى ذَهَباً في المعدن فبرق بصره من عظمه في عينيه. والذَّهَابُ : المرور ، يقال ذَهَبَ فلان ذَهَاباً وذُهُوباً ، وأَذْهَبَهُ غيره وذَهَبَ فلان مَذْهَباً حسنا

باب ما أوله الراء

(راب)

فِي الدُّعَاءِ « اللهُمَ ارْأَبْ بَيْنَهُمْ ».

أي أصلح بينهم. و « رِئَابٌ » اسم رجل.

وَعَلِيُّ بْنُ رِئَابٍ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ (٢) وَذَكَرَ الْمَسْعُودِيُّ فِي مُرُوجِ الذَّهَبِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ وَكَانَ أَخُوهُ الْيَمَانُ بْنُ رِئَابٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْخَوَارِجِ ، وَكَانَا يَجْتَمِعَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَتَنَاظَرَانِ فِيهَا ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ وَلَا يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَا يُخَاطِبُهُ.

(ربب)

قوله تعالى : ( رَبُ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُ الْمَغْرِبَيْنِ ) [ ٥٥ / ١٧ ]

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ ص ١٧.

(٢) علي بن رئاب الكوفي له أصل كبير ، وهو ثقة جليل القدر. رجال أبي علي ص ٢١٦.

٦٣

المراد مالكهما ومدبرهما. ويطلق الرَّبُ على السيد أيضا والْمُرَبِّي والمتمم والمنعم والصاحب ، ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى ، وقد يخفف. قوله : ( رَبِ الْعالَمِينَ ) [ ١ / ١ ] هو توحيد له وتحميد وإقرار بأنه المالك لا غير. قوله : ( أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ ) [ ١٢ /٣٩ ] الآية هي جمع « رَبٍ » أي يكون لكما أَرْبَابٌ شتى يستعبد كما هذا ويستعبد كما هذا خير لكم أم رب واحد قاهر غالب لا يغالب ولا يشارك في الرُّبُوبِيَّةِ؟. قوله : ( أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً ) [ ١٢ / ٤١ ] أي سيده ، ولا يجوز استعماله بالألف واللام للمخلوق وربما جوزه بعضهم عوضا عن الإضافة. قوله : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) [ ١٢ / ٤٢ ] خاطبهم على ما هو المتعارف عندهم على ما كانوا يسمونه به ، ومثله قول موسى (ع) للسامري ( وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ ) أي الذي اتخذته إلها. قوله ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) [ ٩ /٣١ ]

قَالَ (ع) : أَمَا وَاللهِ مَا دَعَوْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ دَعَوْهُمْ مَا أَجَابُوهُمْ ، وَلَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلَالاً فَعَبَدُوهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ.

قوله : ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ) [ ٦ / ٧٦ ] الآية. قال الشيخ أبو علي : كان القوم يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب ، وأراد أن ينبههم على خطائهم ويرشدهم ويبصرهم طريق النظر والاستدلال ليعرفوا أن شيئا منها لا يصح أن يكون إلها لوضوح دلالة الحدوث فيها. قال : ( هذا رَبِّي ) لينصف خصمه مع علمه بأنه مبطل فيحكي قوله كما هو غير متعصب لمذهبه ليكون ذلك أدعى إلى الحق وأدفع للشغب ثم يبطله بعد الحجة بقوله : ( لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ). قوله : ( وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ) [ ٤ / ٢٣ ] يعني بنات نسائكم

٦٤

من غيركم ، الواحدة « رَبِيبَةٌ « لأن زوج الأم يُرَبِّيهَا غالبا في حجره ، والمراد بالحجور البيوت. قوله : ( وَالرَّبَّانِيُّونَ ) [ ٥ / ٤٤ ] أي الكاملون العلم والعمل. قال أبو العباس أحمد بن يحيى : إنما قيل للفقهاء الرَّبَّانِيُّونَ لأنهم يَرُبُّونَ العلم ، أي يقومونه. وفي الكشاف : الرَّبَّانِيُ شديد التمسك بدين الله تعالى وطاعته. وفي القاموس الرَّبَّانِيُ : المتأله العارف بالله تعالى. وقال الطبرسي : الذي يُرَبِّي أمر الناس بتدبيره وإصلاحه. قوله : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ) [٣ / ١٤٦ ] الرِّبِّيُ بكسر الراء واحد الرِّبِّيِّينَ بالكسر أيضا ، وهم الألوف من الناس ، ويقال « رِبِّيُّونَ » نسبة إلى الرِّبَّةِ بمعنى الجماعة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍ ».

قيل هو من كان علمه موهبيا وأمر الله بالأخذ عنه ، وقيل الراسخ في العلم ، وقيل الذي يطلب بعلمه وجه الله ، وقيل هو شديد التمسك بدين الله ، قيل هو منسوب إلى الرَّبِّ بزيادة الألف والنون للمبالغة ، وقيل هو من الرَّبِ بمعنى التربية كانوا يَرُبُّونَ المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها. ورَبُ الْأَرْبَابِ : هو رَبُ العالمين. ورَبُ الدار : صاحبها ومالكها.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَ رَبّاً ».

أي متعليا علي وقاهرا لي. والْمَرْبُوبُ : الْمُرَبَّى.

وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ : « لَيْسَ فِي الرُّبَّى شَيْءٌ ».

الرُّبَّى على فعلى بالضم قيل هي الشاة التي تُرَبَّى في البيت من الغنم لأجل اللبن ، وقيل هي الشاة القريبة العهد بالولادة ، وقيل هي الوالد ما بينها وبين خمسة عشر يوما ، وقيل ما بينها وبين عشرين ، وقيل شهرين ، وخصها بعضهم بالمعز وبعضهم بالضأن.

وَفِي الْكَافِي « الَّتِي تُرَبِّي اثْنَيْنِ ».

كذا قاله الصدوق (١). وجمع الرُّبَّى « رُبَابٌ » كغراب.

وَالرَّبَابُ بِنْتُ امرىء الْقَيْسِ إِحْدَى

__________________

(١) في من لا يحضر ج ٢ ص ١٤ » ولا في الرُّبَّى ـ الّتي تُرَبِّي اثنين ـ ». وفي الكافي ج٣ ص ٥٣٥ » ولا في الرُّبَّى ـ والرُّبَّى الّتي تربّي اثنين ـ ».

٦٥

زَوْجَاتِ الْحُسَيْنِ (ع) وَشَهِدَتْ مَعَهُ الطَّفَّ ، وَلَدَتْ مِنْهُ سَكِينَةَ ، وَلَمَّا رَجَعَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ خَطَبَهَا أَشْرَافُ قُرَيْشٍ فَأَبَتْ وَقَالَتْ لَا يَكُونُ لِي حَمْؤٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (ص) وَبَقِيَتْ بَعْدَهُ لَمْ يُظِلَّهَا سَقْفٌ حَتَّى مَاتَتْ كَمَداً عَلَيْهِ.

و « رَبَابُ » من نساء أهل مكة من المشهورات بالزنا ، هي وسارة وحنتمة أم عمر بن الخطاب وممن كن يغنين بهجاء رسول الله (ص). و « الرَّبَابُ » كسحاب : السحاب الأبيض. وفي الصحاح أنه السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب وقد يكون أبيض وقد يكون أسود ، الواحد « رَبَابَةُ « كسحابة ، وقيل هي التي ركب بعضها بعضا ، ومنه دُعَاءُ الِاسْتِسْقَاءِ » رِيّاً يَغُصُّ بِالرِّيِ رَبَابُهُ ».

وَقَوْلُهُ (ع) « بِمَاءٍ عُبَابٍ وَرَبَابٍ بِانْصِبَابٍ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « حَرَمُ رَسُولِ اللهِ (ص) مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ رَبَابَ إِلَى وَاقِمٍ ».

رَبَابُ حد من حدود المدينة وكذا واقم (١) ومنه « حرة واقم ». ورَبِيبُ الرجل : ابن امرأته من غيره بمعنى مَرْبُوبٍ ، ومنه الدُّعَاءُ « كَمَا كُنْتُ فِي الدُّنْيَا رَبِيبَ نِعَمِكَ ».

و « الرُّبُ » بالضم : دبس الرطب إذا طبخ. والْمُرَبَّيَاتُ : هي المعمولات بِالرُّبِ ، كالمعسل المعمول بالعسل ، ومنه « زنجبيل مُرَبَّى ». ورُبُ التوت ورُبُ التفاح ورُبُ الرمان كله من هذا القبيل ، ومِنْهُ « سَأَلْتُهُ عَنْ رُبِّ التُّوتِ وَرُبِ الرُّمَّانِ ».

وَفِي الدُّعَاءِ » أَعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ مُرِبٍ وَمُلِبٍّ ».

أي ملازم غير مفارق ، من أَرَبَ

__________________

(١) انظر الحديث في من لا يحضر ج ٢ ص٣٣٧ ، وهو مذكور في الكافي ج ٤ ص ٥٦٤ وفيه » من المدينة من ذباب إلى واقم ». و « رباب » بفتح أوله وتخفيف الثانية وتكرير الباء الموحدة جبل بين المدينة وفيد على طريق كان يسلك قديما. و « ذباب » بكسر أوله : جبل بالمدينة. و « واقم » أطم من آطام المدينة إلى جانبها حرة نسبت إليه. مراصد الاطلاع ص ٦٠٠ و٥٨٣ و١٤٢٢.

٦٦

بالمكان وألب به : إذا قام به ولزمه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « يَا عُقُولَ رَبَّاتِ الْحِجَالِ ».

أي صاحبات الحجال التي مفردها « حَجَلَة » بالتحريك ، وهو بيت تزين للعروس بالثياب والستور ، والمعنى يا ناقصات العقول يعني النساء ، لأن عقل المرأة نصف عقل الرجل. و « رُبَ » حرف خافض لا يقع إلا على نكرة يشدد ويخفف ، قيل هي كلمة تقليل أو تكثير أو لهما ، وقد تدخل عليه التاء فيقال « رُبَّتَ » وقد تدخل عليه الهاء فيقال » رُبَّهُ رجلا قد ضربت » فلما أضفته إلى الهاء وهي مجهولة نصبت رجلا على التميز ، وهذه الهاء على لفظ واحد وإن وليها المؤنث والاثنان والجمع ، فهي موحدة على كل حال ، وحكى الكوفيون رُبَّهُ رجلا قد رأيته ورُبَّهُمَا رجلين ، ورُبَّهُمْ رجالا ، ورُبَّهُنَ نساء. فمن وحد قال إنه كناية عن مجهول ، ومن لم يوحد قال إنه رد كلامه ، كأنه قيل له ما لك جوار فقال رُبَّهُنَ جوارٍ قد ملكت. قال ابن السراج : النحويون كالمجمعين على أن رُبَ جواب ـ انتهى.

(رتب)

فِي الْحَدِيثِ : « يُصَلِّي عَلَى تَرْتِيبِ الْأَيَّامِ ».

أي يبتدىء بالصبح ويختم بالعشاء. و « التَّرْتِيبُ » في اللغة جعل كل شيء في مَرْتَبَتِهِ ومحله كَتَرْتِيبِ المجالس ، وفي اصطلاح أهل العلم جعل الأشياء المتكثرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد ويكون لبعضها على بعض نسبة في التقديم والتأخير كَتَرْتِيبِ الكتاب الذي يقدم فيه البحث عن الذات على البحث عن الصفات. ومنه « رَتَّبْتُ الشيء تَرْتِيباً ». و « رَتَبَ الشيء رُتُوباً « من باب قعد : أي استقر ودام. والسُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ : ما داوم عليه النبي (ص) ، من « الرُّتُوبِ » الثبوت والدوام. قالوا : ومِنْهُ » قَوَائِمُ مِنْبَرِي رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ ».

جمع رَاتِبَةٍ. والرُّتْبَةُ : المنزلة ، وكذلك الْمَرْتَبَةُ

(رجب)

فِي الْحَدِيثِ : « اتَّقُوا رَوَاجِبَكُمْ ».

الرَّوَاجِبُ : أصول الأصابع التي تلي الأنامل.

٦٧

و « رَجَبْتُهُ » بالكسر : هبته وعظمته ، ومنه سمي الشهر « رَجَباً « لأنهم كانوا في الجاهلية يعظمونه ولا يستحلون فيه القتال والتَّرْجِيبُ : التعظيم ، ومنه » فلان الْمُرَجَّبُ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « رَجَبٌ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ».

وفي المصباح : رَجَبٌ من الشهور منصرف ، وله جموع أَرْجَابٌ وأَرْجِبَةٌ وأَرْجُبُ مثل أَسْبَابٍ وأرغفة وأفلس. و « رِجَابٌ » مثل رجال و « رُجُوبٌ » مثل فلوس و « أَرَاجِبُ » و « أَرَاجِيبُ ». وتَرْجِيبُ النخلة : ضم أغداقها إلى سعفاتها وشدها بالخوص لئلا ينفضها الريح ، أو وضع الشوك حولها لئلا يصل إليها آكل.

(رحب)

قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ) [ ٩ / ١١٨ ] أي بِرُحْبِهَا ، أي باتساعها.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضَوُا الْجِهَادَ الْأَصْغَرَ ».

ـ الحديث ، أي لقيتم رُحْباً ـ بالضم ـ أي سعة لا ضيقا ، فيكون منصوبا بفعل لازم الحذف سماعا كاهلا وسهلا. وعن المبرد نصبه على المصدر ، أي رَحُبَتْ بلادكم مَرْحَباً ، والباء في « بقوم » إما للسببية أو للمصاحبة. قال بعض شراح الحديث : هذه الكلمة كلمة استيناس يخاطبون بها من حل بهم من وافد أو باغ خيرا أو قاصد في حاجة. و « رَحُبَ المكان » من باب قرب وفي لغة من باب تعب اتسع ويتعدى بالحرف فيقال » رَحُبَ بك المكان » ثم كثر حتى تعدى بنفسه فقيل « رَحُبَتْكَ الدارُ ». ومن أمثالهم » عِشْ رَحْباً ترى عجبا » (١) أي رَحْباً بعد رَحْبٍ ، فحذف قيل رَحْبٌ كناية عن السَّنَة ، ومن نظر في سَنَة واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر عليها. و « مَرْحَبٌ » اسم رجل شجاع قتله علي (ع). ورجل رَحْبُ الذراعين : أي واسع القوة عند الشدائد ، ومنه « قلدوا أمركم

__________________

(١) وفي كتب الأمثال » عِشْ رَجَبا ترى عجبا ».

٦٨

رَحْبَ الذِّراع » أي واسع القدرة والقوة والبطش.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا يَغُرَّنَّكُمْ رَحْبُ الذِّرَاعَيْنِ بِالدَّمِ فَإِنَّ لَهُ قَاتِلاً لَا يَمُوتُ ».

يعني النار. ومِنْ صِفَاتِهِ (ص) : « رَحْبُ الرَّاحَةِ » (١).

ومعناه واسع الراحة كبيرها والعرب تمدح كبير اليد وتهجو صغيرها فيقولون » رَحْبُ الراحة كثير العطاء » كما يقولون « ضيق الباع » في الذم. وأَرْحَبَ الله جوفه : وَسَّعه. و « رَحْبَةُ المسجد » بالفتح : الساحة المنبسطة ، قيل هي مثل كلبة ، وجمعها » رَحَبَاتٌ » ككلبات ، وقيل مثل قصبة وقصبات وقصب ، وهو أكثر. والرَّحَبَةُ : محلة بالكوفة (٢).

(ردب)

الْإِرْدَبُ : مكيال ضخم لأهل مصر ـ قاله الجوهري. وهو أربع وستون منا ، وذلك أربعة وعشرون صاعا بصاع النبي (ص) نقلا عن الأزهري ، والجمع « الْأَرْدَابُ »

(رزب)

فِي الْحَدِيثِ : « مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الْإِرْزَبَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ ».

هي بالكسر مع التثقيل : عصاة كبيرة من حديد تتخذ لتكسير المدر. وفي لغة » مِرْزَبَةٌ » بميم مكسورة مع التخفيف ، والعامة تثقل مع الميم. وفي شرح المصابيح للبيضاوي : أن المحدثين يشددون الباء من الْمِرْزَبَةِ والصواب تخفيفه

وَمِنْهُ حَدِيثُ مَلَكَيِ الْقَبْرِ : « فَيَضْرِبَانِ يَافُوخَهُ بِمِرْزَبَةٍ مَعَهُمَا ضَرْبَةً مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا يَذْعَرُ لَهَا مَا خَلَا الثَّقَلَيْنِ ».

و « الْمِرْزَابُ » لغة في الميزاب ـ قاله الجوهري ، وليست بالفصيحة. و « الْمَرْزُبَانُ » بفتح ميم وقيل بضمها وإسكان راء وفتح زاي : واحد

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٠.

(٢) الرحبة بقرب القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحاج إذا أرادوا مكة. مراصد الاطلاع ص ٦٠٨.

٦٩

الْمَرَازِبَةُ من الفرس معرب ، وهو الرئيس. ومنه الْحَدِيثُ : « أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ ».

وهو الفارس الشجاع المقدم على القوم دون الملك ومنه » سَأَلَ الْمَرْزُبَانُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام ».

ورُوْزبِه اسم سلمان الفارسي.

(رسب)

فِي حَدِيثِ جَبْرَئِيلَ مَعَ دَاوُدَ (ع) : « فَرَسَبَ فِي الْمَاءِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً ».

يقال : « رَسَبَ الشيءُ رُسُوباً « من باب قعد : ثقل وصار إلى أسفل.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَئِمَّةُ الْعَدْلِ أَرْسَبُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فِي الْأَرْضِ ».

أي أثقل. و « الرَّسُوبُ » اسم سيفه (ع) ، سمي بذلك لأنه يمضي في الضريبة ويغيب فيها

(رطب)

قوله تعالى : ( وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ ) [ ٦ / ٥٩ ] « الرَّطْبُ » بالفتح فالسكون : اللين الذي هو خلاف اليابس ، يقال رَطُبَ الشيء بالضم رُطُوبَةً فهو رَطْبٌ ورَطِيبٌ. والْمَرْطُوبُ صاحب الرُّطُوبَةُ. قال المفسر : قد جمع الله الأشياء كلها في هذه الآية ، لأن الأجسام كلها لا تخرج من أحد هذين ، وقوله : ( إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) يعني اللوح المحفوظ ، وفيه تنبيه للمكلف ، وهو أنه إذا اعترف بذلك وأن أعماله مكتوبة في اللوح المحفوظ قويت دواعيه إلى الأفعال الحسنة وترك الأفعال القبيحة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الرَّجُلُ يُصَلِّي عَلَى الرَّطْبَةِ النَّابِتَةِ ».

هي بالفتح فالسكون : القصب خاصة ما دام رَطْباً ، والجمع « رِطَابٌ » مثل كلبة وكلاب. و « الرٌطْبُ » كقفل : الرَّطِيبُ مما ترعاه الدواب معرب. و « الرُّطَبُ » بالضم وفتح الطاء من التمر معروف ، والواحد رُطَبَةٌ ، وجمع الرُّطَبُ أَرْطَابٌ ، ومنه » أَرْطَبَ البُسْرُ » أي صار رُطَباً.

(رعب)

قوله تعالى : ( وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ) [٣٣ / ٢٦ ] أي الخوف ، وذلك يوم أحد حين تركوا القتال ، يقال : « رَعَبْتُ رُعْباً »

٧٠

من باب نفع : خفت ، ويتعدى بنفسه وبالهمزة ، فيقال « رَعَبْتُهُ وأَرْعَبْتُهُ » ، والاسم « الرُّعْبُ » بالضم ، وتضم العين للإتباع. ومنه الْحَدِيثُ : « نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ».

ومعناه أوقع الله الخوف في أعلى الجبل فخافوه من مسيرة شهر. قوله : ( وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ) [ ١٨ / ١٨ ] أي خوفا. قيل إنما قيل ذلك من وحشة المكان الذي هم فيه ، وقيل لأن أعينهم كانت مفتحة كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم وهم نيام ، وقيل إن الله متعهم بالرُّعْبِ لئلا يراهم أحد.

وَفِي الْحَدِيثِ : « اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الرَّاعِبِيَّةَ[ فِي بُيُوتِكُمْ ] فَإِنَّهَا تَلْعَنُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ » (١).

الرَّاعِبِيُ : جنس من الحمام ، والأنثى رَاعِبِيَّةٌ (٢) ورَعَبَتِ الحمامةُ : رفعت هديلها وشددته.

(رغب)

قوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ ) [ ٢ / ١٣٠ ] الآية ، هو من قولهم « رَغِبْتُ عن الشيء « إذا زهدت فيه ولم ترده ، وهو بخلاف الرَّغْبَةِ في الشيء.

وَفِي الدُّعَاءِ : « إِلَيْكَ رَغِبَ الرَّاغِبُونَ فَرَغِبْتُ ».

هو من قولك رَغِبَ في الشيء كسمع يَرْغَبُ رَغْبَةً : إذا حرص عليه وطمع فيه ، والهاء في « رغبة » لتأنيث المصدر.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا تَجْتَمِعُ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ فِي قَلْبٍ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ » (٣).

فَالرَّغْبَةُ : هي السؤال والطلب ، والرَّهْبَة : هي الخوف.

وَفِي الدُّعَاءِ : « رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ».

أعمل لفظ الرَّغْبَةِ وحدها ، ولو أعملهما لقال رَغْبَةً إليك ورهبة منك ، ولكن لما جمعهما في النظم حمل إحداهما على الأخرى كقوله :

« وزججن الحواجب والعيونا ».

والرَّغْبَةُ في الدعاء ـ كما وردت به

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص٣٤٢.

(٢) الحمام الراعبي متولد بين الورشان والحمام ، وقيل طائر متولد بين الفاختة والحمامة.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٣٥.

٧١

الرواية ـ أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء وتستقبل بها وجهك (١). و « صلاة الرَّغَائِبِ » أي ما يُرْغَبُ فيها من الثواب العظيم ، وهي التي تصلى في أول جمعة من رَجَبٍ ، جمع « رَغِيبَةٍ ». وقوله : « ما لي رَغْبَةٌ عن دينكما » أي أكرهه بل أدخل فيه.

(رقب)

قوله تعالى : ( ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ ) [ ١١ / ٩٣ ] منتظر ، ومثله قوله ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ) [ ٤٤ / ١٠ ] وأصل الرَّقِيبِ من التَّرَقُّبِ وهو الانتظار. والرَّقِيبُ : الحافظ ، فعيل بمعنى فاعل. ومنه قوله تعالى : ( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) [ ٥٠ / ١٨ ] أي عمله ، ( عَتِيدٌ ) حاضر معه.

وَعَنِ النَّبِيِ : « كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ عَنْ يَمِينِ الرَّجُلِ وَكَاتِبُ السَّيِّئَاتِ عَنْ يَسَارِهِ ، وَصَاحِبُ الْيَمِينِ الْأَمِيرُ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ ، فَإِذَا عَمِلَ حَسَنَةً كَتَبَهَا مَلَكُ الْيَمِينِ عَشْراً ، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ دَعْهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَلَعَلَّهُ يَتُوبُ أَوْ يَسْتَغْفِرُ ».

قوله : ( وَفِي الرِّقابِ ) [ ٢ / ١٧٧ ] هو على حذف مضاف ، أي في فك الرِّقَابِ يعني المكاتبين.

وَعَنِ الْعَالِمِ (ع) : « هُمْ قَوْمٌ لَزِمَتْهُمْ كَفَّارَاتٌ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَفِي الظِّهَارِ وَالْأَيْمَانِ وَفِي قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُكَفِّرُونَ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ ، فَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ سَهْماً فِي الصَّدَقَاتِ لِيُكَفَّرَ عَنْهُمْ ».

قوله : ( خائِفاً يَتَرَقَّبُ ) [ ٢٨ / ١٨ ] أي ينتظر الأخبار في قتل القبطي ويتجسس. ومنه « أَنَا مُرْتَقِبٌ لكذا » أي منتظر له. ومنه « رَقَبْتُ الفجر » إذا نظرت وقت طلوعه.

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ رَاقَبَ اللهَ أَحْسَنَ

__________________

(١) في معاني الأخبار ص٣٧٠ في حديث عن الإمام موسى بن جعفر (ع) : « والرَّغْبَةُ أن تستقبل براحتيك إلى السّماء وتستقبل بهما وجهك ».

٧٢

عَمَلَهُ ».

أي من خاف الله. ورَقَبْتُهُ أَرْقُبُهُ من باب قتل : حفظته ، فأنا رَقِيبٌ. وتَرَقَّبْتُهُ وارْتَقَبْتُهُ : انتظرته ، والجمع الرُّقَبَاءُ. و « الْمَرْقَبُ » كجعفر : المكان المشرف يقع عليه الرَّقِيبُ. والرَّقِيبُ تعالى : الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء. والرَّقِيبُ هو أحد القداح العشرة من الميسر مما لها أنصباء. ورَقِيبُ النجم : الذي يغيب بطلوعه. و « ارْقُبُوا مُحَمَّداً فِي أَهْلِ بَيْتِهِ « أي احفظوه فيهم وراعوه واحترموه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الدِّينِ قِلَّةُ الْمُرَاقَبَةِ لِلنِّسَاءِ ».

أي قلة النظر إليهن. وقد تكرر ذكر « الرَّقَبَةِ » وهي في الأصل العنق ، فجعلت كناية عن ذات الإنسان ، تسمية للشيء باسم بعضه ، فإذا قال : « أَعْتِقْ رَقَبَةً « فكأنه قال أعتق عبدا أو أمة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « احْفَظْ لِسَانَكَ تَسْلَمْ وَلَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَى رِقَابِنَا ».

كأنه يعني القتل وما يقرب منه مما فيه الضرر. وفِيهِ : « كَأَنَّمَا أَعْتَقَ كَذَا رَقَبَةً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ ».

ومعنى عتقهم إنقاذهم من الذبح ، ويتم الكلام في « ولد » إن شاء الله. ورَقَبَةُ العبدي من رواة الحديث.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الرُّقْبَى لِمَنْ أَرْقَبَهَا ».

ومعناه أن يقول الرجل للرجل : قد وهبت لك هذه الدار فإن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبلك فهي لك ، وهو فعلى من الْمُرَاقَبَةِ ، لأن كل واحد يَرْقُبُ موت صاحبه. قال بعض الأفاضل : وذهب بعض العلماء إلى أن الرُّقْبَى ليست بتمليك ، لأن الملك لا يجوز تعليقه بحال الحياة

(ركب)

قوله تعالى : ( فَمِنْها رَكُوبُهُمْ ) [٣٦ / ٧٢ ] بفتح المهملة يعني ما يَرْكَبُونَ وبالضم مصدر رَكِبْتُ ، يقال » ما له رَكُوبَةٌ ولا حلوبة » أي ما يَرْكَبُهُ وما يحلبه. قوله : رُكْباناً [ ٢ / ٢٣٩ ]

٧٣

جمع رَاكِبٍ ، ومنه « سارت به الرُّكْبَانُ ». قوله : ( فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ ) [ ٥٩ / ٦ ] هي بالكسر : الإبل التي تحمل القوم ، واحدها راحلة ولا واحد لها من لفظها ، والجمع « رُكُبٌ » ككتب و « رَكَائِبُ ». قوله : ( وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) [ ٨ / ٤٢ ] هو جمع رَاكِبٍ كصاحب وصحب ، وهم العشرة فما فوقها من أصحاب الإبل والبقر دون الدواب. قوله : ( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) [ ٨٢ / ٨ ] المعنى أن الله سبحانه يقدر على جعلك كيف شاء لكنه خلقك ( فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) حتى صرت على صورتك التي أنت عليها لا يشبهك شيء من الحيوانات ، وقيل على ( أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) من ذكر أو أنثى جسيم أو نحيف حسن أو ذميم طويل أو قصير. قوله : ( حَبًّا مُتَراكِباً ) [ ٦ / ٩٩ ] أراد به السنبل.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَسْجِدُ السَّهْلَةِ فِيهِ مُنَاخُ الرَّاكِبِ. قِيلَ : وَمَا الرَّاكِبُ؟ فَقَالَ : الْخَضِرُ (ع) » (١).

ورِكَابٌ السرج : هو ما توضع رجل الرَّاكِبِ فيه ، ومِنْهُ « إِذَا وَضَعْتَ رِجْلَكَ فِي الرِّكَابِ فَقُلْ ».

ورَكِبْتُ الدابة ورَكِبْتُ عليها رُكُوباً ومَرْكَباً ثم استعير للدين فقيل رَكِبْتُ الدين وأَرْكَبَنِي. ورَكِبَ الشخص رأسه : إذا مشى على وجهه من غير قصد. ومنه « رَاكِبُ التعاسيف » وهو الذي ليس له مقصد معلوم.

وَفِي خَبَرِ الْمُشْرِكِينَ : « إِنْ كُنْتُمْ أَثْخَنْتُمْ فِي الْقَوْلِ وَإِلَّا فَارْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ ».

يعني شدوا أوثاقهم. و « الرَّكَائِبُ » جمع رَكُوبَةٍ ، وهو ما يُرْكَبُ عليه من الإبل كالحمولة وهي ما يحمل عليه منها. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ (ع) : « وَكَانَ عِنْدَ رَكَائِبِهِ يُلْقِمُهَا خَبَطاً ».

وارْتِكَابُ الذنوب : إتيانها. والرَّكُوبَةُ : الناقة تُرْكَبُ ، ثم

__________________

(١) الكافي ج٣ ص ٤٩٤.

٧٤

استعمل في كل مَرْكُوبٍ. و « الرِّكْبَةُ « بالكسر : نوع من الرُّكُوبِ ، وبالضم : موصل ما بين أطراف الفخذ والساق ، والجمع » رُكَبٌ » مثل غرفة وغرف ، وهي من الإنسان في الرجلين ومن ذوات الأربع في اليدين. و « الرَّكَبُ » بالتحريك : منبت العانة ، فعن الخليل هو للمرأة خاصة ، وعن الفراء هو للرجل والمرأة. ومنه « لَيْسَ عَلَى رَكَبِهَا شَعْرٌ ».

و « الْمَرْكَبُ » واحد مَرَاكِبِ البحر والبر. ويوم الْمَرْكَبِ : يَرْكَبُ الخليفة فيه للسير والزينة مع عسكره. ومِنْهُ « أَقْبَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ (ع) مِنْ دَارِ الْعَامَّةِ يَوْمَ الْمَرْكَبِ ».

و « الْمُرَكَّبُ » بتشديد الكاف : هو الملتئم من عدة أمور بحيث لو ذهب جزء منها لذهبت ماهيته وحقيقته.

(رهب)

قوله تعالى : ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ) [ ٢٨ /٣٢ ] أي من أجل الرَّهْبِ وهو الخوف ، يعني إذا أصابك الرَّهْبُ عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك. قوله : ( فَارْهَبُونِ ) [ ٢ / ٤٠ ] أي خافون ، وإنما حذفت الياء لأنها في رأس آية ، ورءوس الآيات ينوى عليها الوقف ، والوقف على الياء مستثقل فاستغنوا بالكسرة عنها. قوله : ( تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ ) [ ٨ / ٦٠ ] أي تخوفونهم. والرُّهْبانُ جمع رَاهِبٍ ، وهو الذي يظهر عليه لباس الخشية ، وقد كثر استعمال الرَّاهِبِ في متنسكي النصارى. والرَّهْبَانِيَّةُ : تَرَهُّبُهُمْ في الجبال والصوامع وانفرادهم عن الجماعة للعبادة ، ومعناها الفعلة المنسوبة إلى الرَّاهِبِ وهو الخائف. قوله : ( وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ) [ ٥٧ / ٢٧ ] أي أحدثوها من عند أنفسهم ونذروها ( ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ ) أي لم نفرضها عليهم ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله ، فهو استثناء منقطع ( فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها ) كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد من

٧٥

الله لا يحل نكثه ، مدحهم عليها ابتداءا ثم ذمهم على ترك شرطها بقوله : ( فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها ) لأن كفرهم بمحمد أحبطها.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ : ( ما كَتَبْناها ) الْآيَةَ قَالَ : صَلَاةُ اللَّيْلِ (١).

وَفِي الْخَبَرِ : « لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ ».

أي لا تَرَهُّبَ. وفِيهِ : « هِيَ مِنْ رَهْبَةِ النَّصَارَى ».

كانوا يَتَرَهَّبُونَ بالتخلي من اشتغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها حتى إن منهم من كان يخفي نفسه ويضع السلسلة في عنقه ويلبس المسوخ ويترك اللحم ونحو ذلك من أنواع التعذيب ، فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك. وفِي الْحَدِيثِ : « إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَرَهَّبَ؟ فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ وَأَنَ تَرَهُّبَ أُمَّتِي الْقُعُودُ فِي الْمَسَاجِدِ ».

وأصل التَّرَهُّبِ هنا اعتزال النساء وغيرهن ، وأصلها من الرَّهْبَةِ ، وهي الخوف ، يقال : « رَهِبَ رَهَباً « من باب تَعِبَ : خاف ، والاسم « الرَّهْبَةُ » ، وهو رَاهِبٌ من الله والله مَرْهُوبٌ ، وجمع الرَّاهِبِ « رُهْبَانٌ » ، وجمع الرُّهْبَانِ رَهَابِينُ ورَهَابِنَةٌ والرَّهْبَنَةُ فعلنة أو فعللة ، والرَّهْبَانِيَّةُ منسوب إلى الرَّهْبَنَةِ. وفِي الْحَدِيثِ : « أَعْطَى اللهُ مُحَمَّداً الْفِطْرَةَ الْحَنِيفِيَّةَ لَا رَهْبَانِيَّةً وَلَا سِيَاحَةً ».

وفِيهِ « الرَّهْبَةُ مِنَ اللهِ ».

وضدها الجرأة على معاصي الله تعالى. والرَّهْبَةُ في الدعاء : أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء وتَرْفَعَهُمَا إلى الوجه (٢).

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ : « رُهْبَانِ اللَّيْلِ أُسْدِ النَّهَارِ ».

أي متعبدون بالليل من خوف الله تعالى ، شجعان في النهار بمجاهدة النفس والشيطان.

(ريب)

قوله تعالى : ( رَيْبَ الْمَنُونِ ) [ ٥٢ /٣٠ ] أي حوادث الدهر ، وقيل المنون الموت. قوله : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ) [ ٢ / ٢٣ ] أي في شك.

__________________

(١) الكافي ج٣ ص ٤٨٨.

(٢) في معاني الأخبار ص٣٧٠ : « والرهبة أن تكفىء كفيك فترفعهما إلى الوجه ».

٧٦

قوله : ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ) أي شككتم فلا تدرون لكبر ارتفع الحيض أم لعارض ( فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) أي لم يبلغن المحيض من الصغار ( إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ ) أيضا.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَا زَادَ عَلَى شَهْرٍ فَهُوَ رَيْبٌ فَلْتَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ».

قوله : ( مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) [ ١١ / ٦٢ ] أي موقع في الرَّيْبَةِ ، أو ذو رَيْبَةٍ على الإسناد المجازي. قوله : ( إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍ مُرِيبٍ ) [٣٤ / ٥٤ ] أي شكيك ، كما قالوا عجب عجيب. قوله : ( ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ) [ ٢ / ٢ ] الرَّيْبُ مصدر رَابَهُ يَرُوبُهُ : إذا حصل فيه الرَّيْبَةُ ، وحقيقة الرَّيْبَةِ قلق النفس واضطرابها ، والمعنى أنه من وضوح دلالته بحيث لا ينبغي أن يَرْتَابَ فيه ، إذ لا مجال لِلرَّيْبَةِ فيه. والمشهور الوقف على ( فِيهِ ) ، وبعض القراء يقف على ( رَيْبَ ) قاله الطبرسي رحمه‌الله.

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ : « دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ ».

يروى بفتح الياء وضمها ، والفتح أكثر ، والمعنى اترك ما فيه شك ورَيْبٌ إلى ما لا شك فيه ولا رَيْبَ ، من قولهم : « دع ذاك إلى ذاك » أي استبدل به. و « الرِّيبَةُ « بالكسر : الاسم من الرَّيْبِ ، وهي التهمة والظنة.

وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ (ع) : « يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا ».

أي يسؤني ما يسؤها ويزعجني ما يزعجها ، من قولهم « رَابَنِي هذا الأمر وأَرَابَنِي » إذا رأيت منه ما يكره. ومنه قَوْلُهُ (ع) : « كَيْ لَا تَسْتَرِيبَ مَوْلَاتُكِ ».

أي كي لا ترى منك ما تكره فتبطش بك.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرِيبِ ».

أي المتهم بالسوء. وفِيهِ « خُذُوا عَلَى يَدِ الْمُرِيبِ ».

أي المتهم بالسوء ولم يتحقق منه حصوله ، أي أعينوه وارفعوا عنه تلك التهمة ، مثل « يا رب خذ بيدي » أي أعني وقوني. وفيه ذكر الْمُسْتَرَابَةِ ، وهي التي لا

٧٧

تحيض وهي في سن من تحيض ، سميت بذلك لحصول الرَّيْبِ والشك بالنسبة إليها باعتبار توهم الحمل أو غيره.

باب ما أوله الزاي

(زبب)

الزَّبِيبُ : ما يؤكل ، وهو اسم جمع يذكر ويؤنث فيقال : هو الزَّبِيبُ وهي الزَّبِيبُ ، والواحدة « زَبِيبَةٌ ». وزَبَّبْتُ العنب : جعلته زَبِيباً. والزَّبْزَبُ : دابة كالسنور ـ قاله في العباب. و « الزُّبُ » بالضم : الذكر أو خاص بالإنسان.

(زرب)

قوله : ( وَزَرابِيُ مَبْثُوثَةٌ ) [ ٨٨ / ١٦ ] الزَّرَابِيُ بالفتح والتشديد : الطنافس المخملة ، واحدها « زَرْبِيَّةٌ » مثلثة الزاي. والزَّرَابِيُ : البسط أيضا. وزَرَابِيُ البيت : ألوانه ، وشبهوا ألوان البسط بها ، ومبثوثة مفرقة في مجالسهم بكثرة. وفي القاموس « الزَّرَابِيُ » النمارق والبسط وكل ما بسط واتكي عليه ، الواحد « زِرْبِيٌ » يكسر ويضم. ومنه الْحَدِيثُ : « مُحَادَثَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْمَزَابِلِ خَيْرٌ مِنْ مُحَادَثَةِ الْجَاهِلِ عَلَى الزَّرَابِيِ » (١).

والزَّرْبُ : حظيرة الغنم ، والجمع « زُرُوبُ » مثل فلوس ، والكسر لغة. و « داود بن زُرْبِيٍ » بضم الزاي والراء الساكنة من رواة الحديث (٢).

__________________

(١) الكافي ج ١ ص٣٩.

(٢) هو أبو سليمان داود بن زربي الخندقي البندار ، كان من خاصة الإمام الكاظم عليه السلام وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه ومن شيعته ، كما أنه كان من أخص الناس بالرشيد. إتقان المقال ص ٥٨.

٧٨

(زرنب)

الزَّرْنَبُ : نوع من أنواع الطيب ، وقيل هو نبت طيب الريح ، وقيل هو الزعفران.

(زغب)

فِي حَدِيثِ الْمَلَائِكَةِ : « وَرُبَّمَا الْتَقَطْنَا مِنْ زَغَبِهَا ».

الزَّغَبُ محركة : صغار الشعر ولينه حين يبدو من الصبي ، وكذلك من الشيخ حين يرق شعره ويضعف ، ومن الريش أول ما ينبت ، يقال « زَغِبَ الفرخ زَغِيباً » من باب تعب : صغر ريشه.

(زلب)

الزَّلَابِيَةُ : حلواء ـ قاله في القاموس.

(زيب)

الْأَزْيَبُ النكباء : تجري بين الصبا والجنوب.

وَفِي الْحَدِيثِ « هِيَ الْجَنُوبُ ».

وقد ذكرت في الحديث

باب ما أوله السين

(سبب)

قوله تعالى : ( تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ ) [ ٢ / ١٦٦ ] يعني الوصلات التي كانت بينهم كانوا يتواصلون عليها والأرحام التي كانوا لا يتعاطفونها ، واحدها « وصلة ». وسَبَبٌ وَاصل : السَّبَبُ الحبل يشد بالشيء فيجذب به ، ثم جعل كل ما جر شيئا سَبَباً. قوله : ( وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ) [ ١٨ / ٨٤ ] أي وصلة يتبلغ بها في التمكن من أقطار الأرض. قوله : ( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ) [ ١٨ / ٨٩ ] أي طريقا موصلا إليه. قوله : ( أَسْبابَ السَّماواتِ ) [ ٤٠ /٣٧ ] أي أبوابها. قوله : ( فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ) [٣٨ / ١٠ ] أي فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَبَى اللهُ أَنْ يُجْرِيَ

٧٩

الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِالْأَسْبَابِ ، فَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَباً وَجَعَلَ لِكُلِ سَبَبٍ شَرْحاً وَجَعَلَ لِكُلِّ شَرْحٍ عِلْماً وَجَعَلَ لِكُلِّ عِلْمٍ بَاباً نَاطِقاً » (١).

قيل في تفسيره : الشيء دخول الجنة ، والسَّبَبُ الطاعة ، والشرح الشريعة ، والعلم رسول الله (ص) ، والباب أئمة الهدى (ع).

وَفِي حَدِيثِ الْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ « وَلَا تَسْتَسِبَ لَهُ ».

أي لا تعرضه لِلسَّبِ وتجبره إليه ، بأن تَسُبَ أبا غيرك فَيَسُبَ أباك مجازاة لك. والسَّبُ الشتم ، ومثله « السِّبَابُ » بالكسر وخفة الموحدة. ومِنْهُ « سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ».

أي شتمه وقطيعته فسوق واستحلال مقاتلته وحربه كفر ، أو محمول على التغليظ لا الحقيقة. ومنه حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ لِرَجُلٍ : « مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَ أَبَا تُرَابٍ؟ » يَعْنِي عَلِيّاً عليه السلام

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) فِي مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ : « لَوْ بَايَعَنِي بِيَدِهِ لَغَدَرَ بِسَبَّتِهِ ».

السَّبَّةُ : الإست ، وذكرها تفظيعا له وطعنا عليه ، والمعنى أنه منافق. وامرأة سَبَّتْ جاريتها : شتمتها. والتَّسَابُ : التشاتم. وسَبَّهُ يَسُبُّهُ : قطعه والتَّسَابَ : التقاطع. و « رجل مِسَبٌ » بكسر الميم : كثير السِّبَابُ.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ (ص) : « كُلُ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي ».

فسر النسب بالولادة والسَّبَبُ بالزوج ، وأصله من السَّبَبُ الحبل الذي يتوصل به إلى الماء.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْمِيرَاثُ مِنْ جِهَةِ السَّبَبِ ».

كالزوجية مثلا يعني « لا من جهة الولاء ». والسَّبَّابَةُ : الإصبع التي تلي الإبهام ، مأخوذة من السَّبِ لأنها يشار بها عند السَّبِ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجَمْرَةِ : « ادْفَعْهَا بِسَبَّابَتِكَ ».

والسَّبَبُ : المفازة.

وَالسَّبِيبَةُ : اسْمُ الدِّرَّةِ الَّتِي كَانَتْ مَعَ عَلِيٍّ (ع).

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ١٨٣.

٨٠