مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

والفتح فيهما شاذ.

(غيث)

« الْغَيْثُ » بالفتح فالسكون : المطر. وغَاثَ الله البلاد غَيْثاً : أنزل بها الْغَيْثَ. والأرض مُغِيثَةٌ ومَغْيُوثَةٌ. وغَاثَ الْغَيْثُ الأرض غَيْثاً ـ من باب ضرب ـ : نزل بها ، وسمي النبات غَيْثاً تسمية باسم السبب ، كما يقال رعينا الْغَيْثَ ، وربما سمي السحاب بذلك. وقولهم « ادع الله يَغِثْنَا « هو بفتح ياء من غَاثَ الله البلاد يَغِيثُهَا : إذا أرسل عليها المطر.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْحِجَامَةُ مِنَ الرَّأْسِ هِيَ الْمُغِيثَةُ » (١).

كأن المعنى هي النافعة تنفع من كل داء إلا السام.

باب ما أوله الفاء

(فرث)

قوله تعالى : ( مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً ) [ ١٦ / ٦٦ ] الآية. الْفَرْثُ ـ بالفتح فالسكون ـ : الكرش من السرجين ، والجمع فُرُوثٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَوْ تَفَرَّثَتْ كَبِدُهُ عَطَشاً لَمْ يَسْتَسْقِ مِنْ دَارِ صَيْرَفِيٍّ ».

هو مثل قولهم « انْفَرَثَتْ كبده » أي انتثرت. ومنه حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ (ع) وَقَدْ قَالَتْ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ « أَتَدْرُونَ أَيَّ كَبِدِ فَرَثْتُمْ لِرَسُولِ اللهِ ».

أي بددتم ونثرتم. والْفَرْثُ : تبديل الكبد بالغم والأذى وَقَوْلُهُ (ع) : « لَا تُفْرِثْ ».

أي لا تأت موضع الْفَرْثِ ، ويعني الدبر.

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ٨٤.

٢٦١

باب ما أوله الكاف

(كثث)

فِي وَصْفِهِ (ص) « كَثُ اللِّحْيَةِ » (١).

ومعناه أن لحيته قصيرة كثيرة الشعر.

(كرث)

فِي الْحَدِيثِ « لَا يَكْتَرِثُ لِهَذَا الْأَمْرِ ».

أي لا يعبأ به ولا يباليه. ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْجِزْيَةِ « كَيْفَ يَكُونُ صَاغِراً وَلَا يَكْتَرِثُ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ».

ولا يستعمل إلا في النفي ، وقد جاء في الإثبات على شذوذ. وكَرَثَهُ الغم يَكْرِثُهُ : اشتد عليه وبلغ المشقة. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ (ع) : « إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ [ عِنْدَ اللهِ ] مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَإِنْ نَقَصَهُ وَكَرَثَهُ مِنْ الْبَاطِلِ » (٢).

أي اشتد غمه. والْكُرَّاثُ كرمان وكتان : بقل معروف.

(كشث)

الْكُشُوثُ : نبت يتعلق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض.

(كوث)

« كُوثَى » بثاء مثلثة كطوبى : اسم من أسماء مكة المشرفة ، وهي اسم بقعة كانت منزل بني عبد الدار (٣).

باب ما أوله اللام

(لبث)

قوله تعالى : ( لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) [٣٧ / ١٤٤ ] اللبث واللَّبَاثُ : المكث ، وقد لَبِثَ يَلْبَثُ لَبْثاً

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٠.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٨.

(٣) في المراصد ص ١١٨٥ : منزل بني عبد الدار خاصة.

٢٦٢

على غير القياس ، قال الجوهري : لأن المصدر من فعل بالكسر قياسه التحريك إذا لم يتعد مثل تعب تعبا.

(لثث)

اللَّثْلَثُ في الأمر : التردد فيه.

(لوث)

فِي الْحَدِيثِ : « الْقَسَامَةُ تَثْبُتُ مَعَ اللَّوْثِ ».

واللَّوْثُ أمارة يظن بها صدق المدعي فيما ادعاه من القتل كوجود ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دار. وفي النهاية اللَّوْثُ هو أن يشهد شاهد واحد على إقرار المقتول قبل أن يموت أن فلانا قتلني ، أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد منه له أو نحو ذلك ، وهو من التَّلَوُّثِ التلطخ ، يقال لَاثَهُ في التراب ولَوَّثَهُ. و « اللُّوثَةُ « بالضم : الاسترخاء والبطء ، ومثله الْتَاثَتْ راحلته أي أبطأت في سيرها. ولَوَّثَ ثيابه بالطين : لطخها. ولَوَّثَ في مخراة : رمى بها.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَلْتَاثُ عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ الْعَيْشِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ » (١).

كأن المعنى تضطرب ولم تنبعث مع صاحبها. و « الْتَاثَتْ علي أموري » (٢) أي اختلطت. والِالْتِيَاثُ : الاختلاط والالتفاف. ولَاثَ العمامة على رأسه يَلُوثُهَا لَوْثاً أي تعصب بها وأدارها على رأسه. ولَاثَ به الناس : استداروا حوله.

(لهث)

قوله تعالى : ( كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ) [ ٧ / ١٧٦ ] يقال لَهَثَ الكلب يلهث لَهْثاً ولُهَاثاً ـ بالضم ـ : إذا أخرج لسانه من حر أو عطش ، وكذلك الإنسان إذا أعيا وكذلك الطائر. قوله : ( إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ ) لأنك إذا حملت على الكلب نبح وولى هاربا وإن تركته شد عليك ونبح ، فيتعب نفسه مقبلا عليك ومدبرا عنك ، فيعتريه عند ذلك ما يعتريه عند العطش من إخراج اللسان ـ كذا قاله الجوهري.

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٨٩.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٧٩.

٢٦٣

واللهْثُ : إدلاع اللسان من العطش

قِيلَ لَمَّا دَعَا بَلْعَمُ بْنً بَاعُورَا عَلَى مُوسَى (ع) خَرَجَ لِسَانُهُ فَوَقَّعَ عَلَى صَدْرِهِ وَجَعَلَ يَلْهَثُ كَالْكَلْبِ.

و « اللهَثَانُ » بالتحريك : العطش واللهْثَانُ والمرأة لَهْثَى. وقد لَهَثَ لُهَاثاً مع سمع ولَهَاثاً سماعا.

(ليث)

اللَّيْثُ : أحد أسامي الأسد.

باب ما أوله الميم

(مرث)

« مَرْثَا » بالميم والراء المهملة ثم الثاء المثلثة والألف أخيرا ـ على ما صح في النسخ ـ أُمُّ مَرْيَمَ ، وهي بالعربية وُهَيْبَة ، وفي نسخة ذُهَيْبَة.

(مكث)

قوله تعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ) [ ١٧ / ١٠٦ ] أي تؤدة وترتيل ليكون أمكن في قلوبهم قوله : ( فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ) [ ٢٠ / ١٠ ] نقل بعض شراح المغني أنه قد تخاطب المرأة الواحدة بخطاب الجماعة الذكور ، يقول الرجل عن أهله فعلوا كذا مبالغة في شرها ، وقد يكون ذلك للتعظيم كقول العرجي

« فإن شئت طلقت النساء ثلاثةً سواكم »

ومنه الآية المذكورة والْمَكْثُ : هو اللبث والانتظار ، وما هو بمعناه من مَكَثُوا و ( ماكِثُونَ ) ونحوهما يحمل عليه ، ويقال مكث مَكْثاً من باب قتل ، ومَكَثَ مَكْثاً فهو مَكِيثٌ مثل قرب قربا فهو قريب لغة ذكرها في المصباح.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ (ع) : « وَخَلَّفَ ـ يَعْنِي رَسُولَ اللهِ (ص) ـ فِينَا رَايَةَ الْحَقِّ دَلِيلُهَا مَكِيثُ الْكَلَامِ سَرِيعُ الْقِيَامِ » (١).

قال الفاضل المتبحر ميثم : استعار لفظ

__________________

(١) في نهج البلاغة ج ١ ص ١٩٣ هكذا : « وخلف فينا راية الحق ، من تقدمها مرق ، ومن تخلف عنها زهق ، ومن لزمها لحق ، دليلها ( مَكِيثُ ) الكلام ، بطيء القيام سريع إذا قام.

٢٦٤

الراية لكتاب الله وسنة رسوله ، وكنى بدليلها عن نفسه (ع) إذ كان هو الهادي بالكتاب والسنة إلى سبيل الله ، كما يهدي حامل الراية بها ، وكنى بكونه مَكِيثُ الكلام أي بطيئه عن تأنيه في حركاته في الأمور إلى حال يبين الرأي الأصلح ، وبسرعة قيامه عن مبادرته إلى الأمر حين ظهور وجه المصلحة.

(موث)

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا اتَّهَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ انْمَاثَ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ » (١) ،.

يقال مُثْتُ الشيء في الماء من باب قال أَمُوثُهُ مَوْثاً ومَوَثَاناً : إذا أذبته ، فَانْمَاثَ هو فيه انْمِيَاثاً. ومثله « حُسْنُ الْخُلُقِ يَمِيثُ الْخَطِيئَةَ كَمَا تَمِيثُ الشَّمْسُ الْجَلِيدَ » (٢).

أي يذيبها ويذهبها كإذابة الشمس الجليد. ومَثْتُ الشيء في الماء أَمِيثُهُ لغة في مُثْتُ. ومَاثَ الشيء يَمِيثُ مَيْثاً ـ من باب باع ـ لغة أي ذاب في الماء.

باب ما أوله النون

(نفث)

قوله تعالى : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ) [ ١١٣ / ٤ ] أي النساء السواحر اللواتي يعقدن في الخيوط عقدا ويَنْفَثْنُ عليها أي يتفلن ، يقال نَفَثَهُ من باب ضرب : سحره ، والفاعل نَافِثٌ. ونَفَّاثٌ مبالغة. قيل إنما أمر بالتعوذ من السحرة لأنهم يفعلون أشياء من النفع والضر والخير والشر وعامة الناس يصدقونهم فيعظم بذلك الضرر في الدين ، ولأنهم يوهمون أنهم يخدمون الجن ويعلمون الغيب ، وذلك ضار في الدين ، ولأجل هذا الضرر أمر

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص٣٦١.

(٢) الكافي ج ٢ ص ١٠٠.

٢٦٥

بالتعوذ من شرهم.

قال بعض الأفاضل : إنا معاشر الإمامية على أن السحر لا يؤثر في النبي (ص) وأمره بالاستعاذة من سحرهن لا يدل على تأثير السحر فيه ، كالدعاء في ( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ) وأما ما نقله المخالفون من أن السحر أثر فيه كما رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ « مِنْ أَنَّهُ سُحِرَ حَتَّى إنَّهُ كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ » فهو من جملة الأكاذيب ، ولو صح ما نقل لصدق قول الكفار ( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً ) انتهى.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي » (١).

والنَّفْثُ : شبيه بالنفخ ، وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق والنَّفْثُ نفخ لطيف بلا ريق ، والمعنى أن جبرئيل (ع) ألقى في قلبي كذا.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْثِ الشَّيْطَانِ ».

وهو ما يلقيه في قلب الإنسان ويوقعه في باله مما يصطاده به. ونَفَثَ الشيطان على لسانه : أي ألقى فتكلم ، ومن هذا

« لَمْ يَزَلِ الْإِمَامُ مَدْفُوعاً عَنْهُ نُفُوثُ كُلِّ فَاسِقٍ ».

(نكث)

قوله تعالى ( نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ) [ ٩ / ١٢ ] أي نقضوا عهدهم ، من النَّكْثِ النقض ، ومثله ( يَنْكُثُونَ ) [ ٧ / ١٣٥ ] وأَنْكاثاً [ ١٦ / ٩٢ ] جمع نَكْثٍ وهو ما نقض من غزل الشعر وغيره.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) « أُمِرْتُ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ ».

فَالنَّاكِثُونَ أهل الجمل لأنهم نَكَثُوا البيعة أي نقضوها واستنزلوا عائشة وساروا بها إلى البصرة ، وهم عسكر الجمل ورؤساؤه ، من قولهم نَكَثَ الرجل العهد من باب قتل نقضه ونبذه. والقاسطون أهل صفين لأنهم جاروا في حكمهم وبغوا عليهم. والمارقون الخوارج لأنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وهذا التفسير مروي عن النبي (ص).

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٨٣.

٢٦٦

ومِنْ كَلَامِهِ (ع) فِي عُثْمَانَ « فَلَمَّا انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلَهُ وَكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ إِلَيَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ » (١).

قال الشيخ ميثم : كنى بِانْتِكَاثِ فَتْلِهِ عن انتقاض الأمور عليه وما كان يبرمه من الآراء دون الصحابة ، واستعار لفظ الإجهاز لفتله وكذلك لفظ الكبو الذي هو حقيقة في الحيوان لفساد أمره بعد استمراره ، كالكبو بعد استمرار الفرس من العدو ، وكنى ببطنته عن توسعه في بيت المال ، والانثيال : تتابع الشيء يتلو بعضه بعضا كعرف الضبع.

باب ما أوله الواو (ورث)

قوله تعالى : ( أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) [ ٢٣ / ١٠ ـ ١١ ] قال المفسر : ما من أحد يدخل الجنة حتى يعرض عليه مكانه من النار فيقال له هذا مكانك الذي لو عصيت الله لكنت فيه ، وما من أحد يدخل النار حتى يعرض عليه مكانه من الجنة فيقال له هذا مكانك الذي لو أطعت الله لكنت فيه ، فَيُورَثُ هؤلاء وهؤلاء مكان هؤلاء ، وذلك قوله تعالى ( أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ ) الآية. وأقل المؤمنين منزلة في الجنة من له فيها مثل الدنيا عشر مرات. قوله تعالى : ( وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا ) [ ٨٩ / ١٩ ] التُّرَاثُ بالضم : ما يخلفه الرجل لِوَرَثَتِهِ ، وأصله الواو أي الْوِرَاثُ ، فقلبت الواو تاء. قوله : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ) [ ٧ / ١٣٧ ] الآية. قال المفسر : يعني بني إسرائيل ، فإن القبط كانوا يستضعفونهم ، وأَوْرَثَهُمْ الله بأن مكنهم وحكم لهم بالتصرف وأباح لهم ذلك بعد

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص٣١ ، وفيه » إلى أن انتكث ».

٢٦٧

إهلاك فرعون وقومه القبط ، فكانوا وَرِثُوا مشارق الأرض ومغاربها التي كانوا فيها. قوله : ( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) [ ٢١ / ١٠٥ ] أي يَرِثُهَا المؤمنون ، كقوله : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ) الآية.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الْبَاقِرِ (ع) « هُمْ أَصْحَابُ الْمَهْدِيِّ (ع) فِي آخِرِ الزَّمَانِ ».

وقيل الأرض أرض الجنة. و « الْوَارِثُ » من أسمائه تعالى يَرِثُ الخلائق ويبقى بعدهم ، وقد وصف نفسه بذلك بقوله » ».

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ مَتِّعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَيْنِ مِنِّي ».

أي أبقهما صحيحين سليمين إلى وقت الموت ، فيكونان وَارِثَيْنِ جميع أعصابي. و « الْمِيرَاثُ » مفعال من الْإِرْثِ ، وياؤه مقلوبة من الواو من الورث ، وهو على الأول على ما قيل استحقاق إنسان بنسب أو سبب شيئا بالأصالة ، وعلى الثاني ما يستحقه إنسان بحذف الشيء. وأَوْرَثَهُ أبوه مالا : جعله له مِيرَاثاً ووَرِثْتُ الشيء من أبي أَرِثُهُ ـ بالكسر فيهما وِرْثاً ووِرَاثَةً وإِرْثاً بألف منقلبة عن واو ، ووَرَّثَهُ تَوْرِيثاً : أدخله في ماله على وَرَثَتِهِ.

وَفِي الْخَبَرِ : « نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ ، (١).

يقرأ بفتح راء وكسرها. قال بعضهم : وحكمته أنهم كالآباء للأمة فما لهم لكلهم أو لئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا ، وقد رد أصحابنا هذا الحديث وأنكروا صحته ، وهو الحق لمخالفته القرآن الكريم ، وما خالفه فهو زخرف مردود باطل لا يعتد به. نعم

رَوَى ثِقَةُ الْإِسْلَامِ عَنِ الصَّادِقِ (ع) « أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِرْهَماً وَلَا دِينَاراً وَإِنَّمَا وَرَّثُوا أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ ، فَمَنْ أَخَذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ » (٢).

وهو بعد تسليم صحته ليس فيه دلالة على عدم التوريث المطلق كما هو ظاهر.

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٦٤١.

(٢) الكافي ج ١ ص٣٤ مع اختلاف في اللفظ.

٢٦٨

(وعث)

فِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ».

أي مشقته ، أخذا من الْوَعْثِ وهو المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشق عليه ، يقال رمل وَعِثٌ وزلة وَعْثَاءُ.

(ولث)

فِي مُخَاطَبَةِ أَبِي سُفْيَانَ لِأَبَانِ بْنِ سَعِيدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ « اسْكُتْ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلْثاً » (١).

الْوَلْثُ : العهد يقع بين القوم من غير قصد ، أو يكون غير مؤكد ، وقيل الْوَلْثُ الشيء اليسير من العهد.

باب ما أوله الهاء

(هرث)

فِي الْحَدِيثِ « كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) يَسْتَاكُ عَرْضاً وَيَأْكُلُ هَرْثاً ».

وفسر الْهَرْثُ بالأكل بالأصابع كلها.

(هنبث)

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ (ع) أَنَّهَا قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا :

قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ

لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ الْخَطْبُ

إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَا

فَاخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَلَا تَغِبِ.

الْهَنْبَثَةُ واحدة الْهَنَابِثِ ، وهي الأمور الشدائد المختلفة المختلطة ، والنون زائدة ـ قاله الجوهري.

باب ما أوله الياء

(يفث)

« يَافِثُ » ولد آدم. و « يَافِثُ » أحد الأوصياء المتأخرين عن نوح (ع) ، يقال إنه وصي برعيشا الذي هو وصي عثامر الذي هو وصي سام. وفي القاموس « يَافِثُ » كصاحب بن نوح أبو الترك يأجوج ومأجوج.

__________________

(١) الكافي ج ٨ ص٣٢٣.

٢٦٩
٢٧٠

كتاب الجيم

٢٧١

٢٧٢

باب ما أوله الألف

(أجج)

قوله تعالى : ( لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ) [ ٥٦ / ٧٠ ] الْأُجَاجُ : المالح المرّ الشديد الملوحة ، يقال : أَجَ الماء يَؤُجُ أُجُوجاً إذا ملح واشتدت ملوحته. قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ) [ ٢١ / ٩٦ ] يهمزان ولا يهمزان ، فمن همزهما جعلهما مشتقين من « أَجَّةِ البحر « وهو شدته وقوته ، ومنه « أَجِيجُ النار » وهو توقدها وحرارتها ، سموا بذلك لشدتهم وكثرتهم. والأكثرون على أنهما اسمان أعجميان غير مشتقين ، فلذلك لا يهمزان ولا يصرفان للعجمة والتعريف.

قِيلَ هُمْ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ عليه السلام وَحَوَّاءَ.

وهو قول أكثر العلماء ، وقِيلَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ مِنْ غَيْرِ حَوَّاءَ (١) ، فَيَكُونُونَ إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَبِ ، وَقِيلَ هُمْ مِنْ وُلْدِ يَافِثِ بْنِ نُوحٍ.

وعَنِ الضَّحَّاكِ هُمْ مِنَ التُّرْكِ.

وَفِي الْخَبَرِ عَنْهُ عليه السلام : « يَأْجُوجُ أُمَّةٌ لَهَا أَرْبَعُمِائَةِ أَمِيرٍ ، وَكَذَلِكَ مَأْجُوجُ ، لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى أَلْفِ فَارِسٍ مِنْ وُلْدِهِ ، صِنْفٌ مِنْهُمْ طُولُهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً ، وَصِنْفٌ يَفْتَرِشُ أُذُنَهُ وَيَلْتَحِفُ بِالْأُخْرَى ، لَا يَمُرُّونَ بِفِيلٍ وَلَا خِنْزِيرٍ إِلَّا أَكَلُوهُ ، وَيَأْكُلُونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ ، مُقَدَّمُهُمْ بِالشَّامِ وَسَالِفُهُمْ بِخُرَاسَانَ ، يَشْرَبُونَ أَنْهَارَ الْمَشْرِقِ ، وَيَمْنَعُهُمْ اللهُ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ » (٢).

وَعَنْ عَلِيٍّ (ع) : يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ صِنْفٌ مِنْهُمْ فِي طُولِ شِبْرٍ ، وَصِنْفٌ مِنْهُمْ مُفَرِّطُ الطُّولِ ، لَهُمْ مَخَالِبُ الطَّيْرِ وَأَنْيَابُ

__________________

(١) لما ذكروا أن آدم نام يوما فاحتلم على الأرض واختلط ماؤه بالتّراب فخلق منه يأجوج ومأجوج ـ انظر مجمع البيان ج٣ ص ٤٩٤.

(٢) مجمع البيان ج٣ ص ٤٩٤ مع اختلاف في الألفاظ.

٢٧٣

السِّبَاعِ وَتَدَاعِي الْحَمَامِ وَتَسَافُدِ الْبَهَائِمِ وَعُوَاءُ الذِّئْبِ ، وَشُعُورٌ تَقِيهِمُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَآذَانٌ عِظَامٌ.

وعَنْ بَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ : يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أُمَّتَانِ عَظِيمَتَانِ ، وَقِيلَ يَأْجُوجُ اسْمٌ لِلذُّكْرَانِ وَمَأْجُوجُ اسْمُ لِلْإِنَاثِ.

وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ : أَنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَبِيلَةً التُّرْكُ قَبِيلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهَا ، كَانَتْ خَارِجَ السَّدِّ لَمَّا رَدَمَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَأَمَرَ بِتَرْكِهِمْ خَارِجَ السَّدِّ فَلِذَلِكَ سُمُّوْا تُرْكاً.

فقال القوم لذي القرنين : ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) فقال ذو القرنين : ( ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ) ، يريد لست طالبا منكم جعلا على ذلك ولكن أعينوني بالآلة والعدة من الصخر والحديد والنحاس ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ) لا يقدرون على مجاوزته حتى يأتي وعد الله فيجعله دكا ويخرجون منه.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ : يُفْتَحُ سَدُّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) فَيَغْشَوْنَ الْأَرْضَ كُلَّهَا وَيَجْتَازُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى حُصُونِهِمْ وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ فَيَشْرَبُونَ مِيَاهَ الْأَرْضِ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ بِالنَّهْرِ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهِ وَيَتْرُكُونَهُ فَيَمُرُّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُمْ وَيَقُولُونَ : لَقَدْ كَانَ هُنَا مَرَّةً مَاءٌ ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي حِصْنٍ أَوْ جَبَلٍ شَامِخٍ ، فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ : لَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، ثُمَّ يَهُزُّ أَحَدُهُمْ حَرْبَتَهُ فَيَرْمِي بِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ إِلَيْهِمْ مَخْضُوبَةً بِدَمٍ ، فَيَقُولُونَ : قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ دُوداً مِثْلَ النَّغَفِ ، فَيَدْخُلُ فِي آذَانِهِمْ وَيَنْقُبُ أَعْنَاقَهُمْ فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى لَا يُسْمَعُ لَهُمْ حِسٌّ وَلَا حَرَكَةٌ.

وَرُوِيَ أَنَّ الْأَرْضَ تُنْتِنُ مِنْ جِيَفِهِمْ فَيُرْسِلُ اللهُ تَعَالَى مَطَرَ السُّيُولِ فَتَحْمِلُ جِيَفَهُمْ إِلَى الْبِحَارِ.

والْأَجِيجُ : تلهب النار ، يقال : أَجَّتِ النار تَؤُجُ أَجِيجاً : توقدت.

٢٧٤

والْأَجُ : الإسراع والهرولة. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَخَرَجَ بِهَا يَؤُجُ حَتَّى وَكَزَهَا تَحْتَ الْحِصْنِ ».

أي أسرع بها مهرولا. والْأَجَّةُ : شدة الحر وتوهجه ، والجمع « إِجَاجٌ » بالكسر ، مثل جفنة وجفان.

(أرج)

الْأَرْجُ والْأَرِيجُ : توهج ريح الطيب ، يقال : أَرِجَ المكان أَرَجاً مثل تعب تعبا : إذا فاحت منه رائحة طيبة. وأَرَّجَانُ ـ بتشديد الراء ـ : بلد بفارس وربما جاء بتخفيف الراء في الشعر (١) والنسبة إليه « الْأَرَّجَانِيُ ».

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنِ الْقَزِّ وَالْأُرْجُوَانِ ».

هو بضم همزة وسكون راء وضم جيم : ورد أحمر شديد الحمرة يصبغ به. وفِيهِ أَيْضاً « لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ ».

أي لا أجلس على ثوب أحمر ، ولا أركب دابة على سرجها وسادة صغيرة حمراء.

(أزج)

« الْأَزَجُ » بالتحريك : ضرب من الأبنية ، وهو بيت يبنى طولا ، وجمعه « أَزْآجٌ » ، مثل سبب وأسباب ، و « أَزُجٌ » أيضا.

(أمج)

« الْأَمَجُ » بفتحتين وجيم في الآخر. موضع بين مكة والمدينة. ومنه الْحَدِيثُ « اصْطَادَ النِّسَاءُ قُمْرِيَّةً مِنْ قَمَارِيِ أَمَجٍ ».

__________________

(١) قال (المتنبي) ـ كما في ديوانه ج ٢ ص ٢٧٠ ـ :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٢٧٥

باب ما أوله الباء

(بجج)

الْبَجِيجَةُ : شيء يفعل الإنسان عند مناغاة الصبي ـ قاله الجوهري.

(بختج)

فِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنِ الْبُخْتُجِ؟ فَقَالَ : إِذَا كَانَ حُلْواً يَخْضِبُ الْإِنَاءَ فَاشْرَبْهُ ».

« الْبُخْتُجُ » بالخاء المعجمة بعد الباء المنقطة واحدة من تحتها والتاء المثناة الفوقانية وفي الآخر جيم :

العصير المطبوخ وعن ابن الأثير : أصله بالفارسية پخته.

(بدج)

فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ « جَمَعَ اللهُ ذَيْلَكِ فَلَا تُبْدِجِيهِ [ تَبْدَحِيهِ ] بِالْحَرَكَةِ ».

أي لا توسعيه بالحركة والخروج ، من قولهم « بَدَجَ [ بَدَحَ ] به » أي باح.

(بذرج)

فِي الْحَدِيثِ « بَقْلَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام الْبَاذَرُوجُ » (١).

هو بفتح الذال نبت يؤكل ، ويقال هو نوع من الريحان الجبلي.

(برج)

قوله تعالى : ( فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) [ ٤ / ٧٨ ] أي في حصون مرتفعة ، واحدها « برج » وهو القصر والحصن. و « الْبُرُوجُ » في الأصل : بيوت على أطراف القصر ، من « بَرَجَتِ المرأة » إذا ظهرت. وبُرُوجُ السماء : منازل الشمس والقمر والْبُرُوجُ أيضا : الكواكب العظام ، سميت بها لظهورها. قوله تعالى : ( وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ) [ ٨٥ / ١ ] قال الشيخ أبو علي في تفسير هذه الآية : « الْبُرُوجُ » المنازل العالية ، والمراد هنا منازل الشمس والقمر والكواكب وهي اثنا عشر بُرْجاً ، يسير القمر في كل بُرْجٍ منها يومين وثلاث ، وتسير الشمس في

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ٢٠٣.

٢٧٦

كل بُرْجٍ منها شهرا ، وجواب القسم محذوف تقديره : أن الأمر حق في الجزاء على الأعمال ، وقيل جواب القسم ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) الآية ، وقيل قوله : ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) ـ انتهى (١).

وَفِي الْحَدِيثِ : « لِلشَّمْسِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ بُرْجاً ».

وجمع « الْبُرْجِ » الْبُرُوجُ وأَبْرَاجٌ. والْبُرُوجُ التي للربيع والصيف الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة ، وبُرُوجُ الخريف والشتاء الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والسمكة.

وَعَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ص : ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى عِبَادَةٌ ، وَذِكْرِي عِبَادَةٌ ، وَذِكْرُ عَلِيٍّ عِبَادَةٌ ، وَذِكْرُ الْأَئِمَّةِ [ مِنْ وُلْدِهِ ] عِبَادَةٌ ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَجَعَلَنِيَ خَيْرَ الْبَرِيَّةِ إِنَّ وَصِيِّي لَأَفْضَلُ الْأَوْصِيَاءِ ، وَإِنَّهُ لَحُجَّةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ وَخَلِيفَتُهُ عَلَى خَلْقِهِ ، وَمِنْ وُلْدِهِ الْأَئِمَّةُ الْهُدَاةُ بَعْدِي ، بِهِمْ يَحْبِسُ اللهُ الْعَذَابَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَبِهِمْ ( يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ [ إِلَّا بِإِذْنِهِ ] ) ، وَبِهِمْ يُمْسِكُ الْجِبَالَ ( أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ) ، وَبِهِمْ يَسْقِي خَلْقَهُ الْغَيْثَ ، وَبِهِمْ يُخْرِجُ النَّبَاتَ ، أُولَئِكَ أَوْلِيَاءُ اللهِ حَقّاً وَخُلَفَاؤُهُ صِدْقاً ، عِدَّتُهُمْ عِدَّةُ الشُّهُورِ ، وَهِيَ ( اثْنا عَشَرَ شَهْراً ) ، وَعِدَّتُهُمْ عِدَّةُ نُقَبَاءِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ) ثُمَّ قَالَ : أَتَزْعُمُ يَا بْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ اللهَ يُقْسِمُ بِـ ( السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ) وَيَعْنِي بِهِ السَّمَاءَ وَبُرُوجَهَا؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا ذَاكَ؟ قَالَ : أَمَّا السَّمَاءُ فَأَنَا ، وَأَمَّا الْبُرُوجُ فَالْأَئِمَّةُ بَعْدِي أَوَّلُهُمْ عَلِيٌّ وَآخِرُهُمُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (٢).

قوله تعالى : ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ) [٣٣ /٣٣ ] أي لا تبرزن محاسنكن وتظهرنها ، وَ ( الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ) هِيَ الْقَدِيمَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ ،

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٤٥٥ والزّيادات منه.

(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٦٤ ـ ٤٦٦ ، والكلام المنقول هنا مختصر عمّا ذكر في المجمع.

٢٧٧

وَهِيَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَتَمْشِي وَسَطَ الطَّرِيقِ وَتَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَى الرِّجَالِ ، وَقِيلَ مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عليه السلام ، وَقِيلَ جَاهِلِيَّةُ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَكِ الدَّوَارِ فِي مَقَادِيرِ تَبَرُّجِهِ » (١).

أي زينته. وابن البراج أبو القاسم عبد العزيز من فقهاء الإمامية ، وكان فاضلا بطرابلس (٢)

(بعج)

يقال : بَعَجَ بطنَه بالسكين بَعَجاً : إذا شقه ، فهو مَبْعُوجٌ وبَعِيجٌ. ومِنْهُ « تَبَاعَجُوا بِالسَّكَاكِينِ ».

(بنفسج)

الْبَنَفْسَجُ : دهن معروف. ومنه الْحَدِيثُ « الْبَنَفْسَجُ سَيِّدُ أَدْهَانِكُمْ » (٣).

(بلج)

فِي وَصْفِهِ عليه السلام « أَبْلَجُ الْوَجْهِ ».

أي مشرقه ، ولم يرد بَلْجَ الحاجب لأنه وصف بالقرن. يقال : بَلَجَ الصبح بُلُوجاً ـ من باب قعد ـ : أسفر وأنار ، ومنه قيل « بَلَجَ الحق » إذا وضح وظهر. وبَلِجَ بَلَجاً ـ من باب تعب ـ لغة. وصبح أَبْلَجُ : بين البَلَجِ. و « بُلْجَةُ الصبح » بالضم والفتح : ضوؤه ونوره. والرجل الْأَبْلَجُ : الذي ليس بمقرون الحاجبين.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَوْ أَنَّ الْمَوْتَ يُشْتَرَى لَاشْتَرَاهُ الْكَرِيمُ الْأَبْلَجُ وَاللَّئِيمُ الْمُلَهْوَجُ ».

المراد بالكريم الشريف الخالي عن اللئامة واللئيم بخلافه.

__________________

(١) من دعاء الصباح لأمير المؤمنين عليه السلام

(٢) الشيخ عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج ، يلقب بالقاضي لأنه كان قاضيا بطرابلس مدة عشرين أو ثلاثين سنة ، توفي ٩ شعبان سنة ٤٨١ ه‍. الكنى والألقاب ج ١ ص ٢١٤.

(٣) الكافي ج ٦ ص ٥٢١ ، وفي مكارم الأخلاق ص ٥١ » البنفسج سيد الأدهان ».

٢٧٨

والْأَبْلَجُ : إما المشرق الوجه المضيء من قولهم « أَبْلَجُ الوجه « مشرقه ، أو من قولهم « رجل أَبْلَجُ » للذي لم يكن مقرون الحواجب ، ولعل الأول أقرب. والملهوج : المولع بالأشياء العابث بها ، أخذا من اللهْوَجِ بالشيء : الولوع به ، وكان المعنى لو أن الموت يشترى لاشتراه هذان الصنفان ، وفيه مذمة للزمان وما يحصل فيه من كدورة العيش الناشئة من كثرة البلايا والمصائب والهموم والغموم والأحزان والأمراض ، كما قال الشاعر :

لست مأسوفا على زمن

ينقضي بالهم والحزن

ومثله قول بعضهم :

ألا موت يباع فأشتريه

ولو أنفقت كل المال فيه

ومثله :

إن هذا الموت يكرهه

كل من يمشي على الغبرا

وبعين العقل لو نظروا

لرأوه الراحة الكبرى

وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ « أَبْلَجَ الْمِنْهَاجِ ».

أي واضح الطريق ، لأن الإيمان منهاجه. و « الْبَلِيلَجُ » بكسر الباء واللام الأولى وفتح الثانية : دواء هندي معروف يتداوى به.

(بنج)

« الْبَنْجُ » كفلس تعريب بنك : نبت معروف له حب يسكر.

(بهج)

قوله تعالى : ( حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ) [ ٢٧ / ٦٠ ] هي بالفتح فالسكون : الفرح والسرور ، يقال « بَهِجَ به « بالكسر : أي فرح به وسُرَّ ، وهو « بَهِجٌ » وابْتَهَجَ بالشيء : إذا فرح به ، مثل بَهَجَ. قوله تعالى : ( مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) [ ٢٢ / ٥ ] أي حسن يَبْهُجُ من رآه ، أي يسره ، يقال : بَهُجَ بالضم بَهَاجَةً فهو بَهِيجٌ. والْبَهْجَةُ : الحسن ، ومنه « رجل ذو بَهْجَةٍ ». والْبَهْجَةُ : السرور ، ومنه الدُّعَاءُ

٢٧٩

« وَبَهْجَةٍ لَا تُشْبِهُ بَهَجَاتِ الدُّنْيَا ».

أي مسرة لا تشبه مسرات الدنيا.

وَفِيهِ « سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ ».

يعني الجليل تعالى. قيل الْبَهْجَةُ والْبَهِيجُ والسرور والحبور والجذل والفرح والارتياح نظائر.

(بهرج)

« الْبَهْرَجُ » كجعفر : الرديء من الشيء ، ومنه « درهم بَهْرَجٌ » أي رديء الفضة. والْبَهْرَجُ : الباطل أيضا.

باب ما أوله التاء

(ترج)

فِي الْحَدِيثِ « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ ».

إلخ ، يعني طعمها طيب ورائحتها طيبة ، وكذلك المؤمن القارىء. و « الْأُتْرُجَّةُ « بضم الهمزة وتشديد الجيم واحدة الْأُتْرُجِ كذلك ، وهي فاكهة معروفة ، وفي لغة ضعيفة « تُرَنْجَةٌ ». قال بعض المتبحرين : هذا الحديث وإن كان واضح المعنى لا يكاد يخفى على البليد فنقول : المثل عبارة عن المشابهة بغيره في معنى من المعاني وأنه لإدناء المتوهم من المشاهد ، وكأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله يخاطب بذلك العرب ويحاورهم ، ولم يكن ليأتي في الأمثال بما لم يشاهدوه بل يأتيهم بما شاهدوه ولما فيه من كشف الغطاء ورفع الحجاب ولم يوجد فيما أخرجت الأرض من بركات السماء ـ لا سيما من الثمار الشجرية التي أنستها العرب ببلادهم ـ أبلغ في هذا المعنى من الأترجة ، بل هي من أفضل ما يوجد من الثمار في سائر البلدان ، وأجدى لأسباب كثيرة جامعة للصفات المطلوبة منها والخواص الموجودة فيها ، فمن ذلك كبر حجمها بحيث لا يعرف في الثمار الشجرية التي أنستها العرب أكبر منها ، ومنها حسن المنظر وطيب المطعم ،

٢٨٠