مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

تفعم الخياشيم طيبا وتأخذ الأبصار صبغة ولونا ، ( فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) ، تتوق إليها النفس قبل التناول ، يفيد أكلها بعد الالتذاذ بذواقها ، طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم ، اشتركت بها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس ، لأنها تملأ الكف بكبر حجمها ، وهذه هي الغاية القصوى في انتهاء الثمرات إليها ، إذ ليس فيها ما يزيد عليها. ثم إنها في أجزائها تنقسم على طبائع قلما ينقسم غيرها فقشرها حار يابس ، ولحمها رطب وقيل بارد ، وحماضها بارد يابس ، وبزرها حار مجفف. وتدخل هذه الأجزاء الأربعة في الأدوية الصالحة للأدواء المزمنة والأوجاع المقلقة والأمراض المردية كالفالج واللقوة والبرص واليرقان واسترخاء العصب والبواسير والشربة من بزره تقاوم السموم كلها ، وقشره مسمن ، وعصارة قشره ينفع من سم الأفاعي شربا ، وجرمه ضمادا ، ورائحته تصلح فساد الهواء والوباء. فأية ثمرة تبلغ هذا المبلغ في كمال الخلقة وعموم المنفعة وكثرة الخواص. ثم نقول : إن الشارع عليه السلام ضرب المثل بما تنتبه الأرض وتخرجه الشجر للمشابهة التي بينها وبين الأعمال لأنها من ثمرات النفوس ، والمثل وإن ضرب للمؤمن وحده فإن العبرة فيه بالعمل الذي يصدر منه ، لأن الأعمال هي الكاشفة عن حقيقة الحال ، ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بِالْأُتْرُجَّةِ والثمرة وهما مما تخرجه الشجر ، وضرب مثل المنافق بما تنبت الأرض تنبيها على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله ودوام ذلك وبقائه وضعة شأن المنافق وسقوط محله ، ومنها أن الأشجار لا تخلو عن من يؤنسها فيسقيها ويصلح أودها ويربيها ، وكذلك المؤمن يحتاج إلى من يؤدبه ويعلمه ويهديه ويلم شعثه ويسويه ، ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة بالعراء ، والمنافق الذي وكل إلى شيطانه وطبعه وهواه.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا يَدْخُلُ الْجِنُّ (الشَّيْطَانُ) بَيْتاً فِيهِ الْأُتْرُجُ ».

قال صاحب حياة الحيوان : ولهذا ضرب النبي (ص) المثل للمؤمن الذي يقرأ القرآن بِالْأُتْرُجَّةِ

٢٨١

لأن الشيطان يهرب عن قلب المؤمن القارىء للقرآن كما يهرب عن مكان فيه الْأُتْرُجُ فناسب ضرب المثل به ، بخلاف سائر الفواكه (١).

(توج)

التَّاجُ : الإكليل ، وهو ما يصاغ للملوك من الذهب ، والجمع « التِّيجَانُ ». ومِنْهُ « الْعَمَائِمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ ».

يريد أن العمائم للعرب كَالتِّيجَانِ للملوك ، لأنهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشفين الرءوس أو بالقلانس ، والعمائم فيهم قليلة.

وَفِي الْحَدِيثِ « هَكَذَا تِيجَانُ الْمَلَائِكَةِ ».

أي عمائمهم. وتَوَّجَهُ اللهُ : ألبسه التَّاجَ. وتَوَّجَهُ اللهُ تَاجَ الْمُلْكِ : كناية عن الإجلال والتوقير ، أو أعطى في القيامة تَاجاً ومملكة في الجنة. و « التَّاجِيَّةُ » مقبرة ببغداد نسبت إلى مدرسة تَاجِ الملك ونهر بالكوفة (٢)

باب ما أوله الثاء

(ثبج)

« الْأَثْبَاجُ » جمع ثَبَجٍ ، وهو معظم الشيء وعواليه ، ومنه قَوْلُهُ ص : « وَتُطْبِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِهَا ».

يعني مياه البحار.

(ثجج)

قوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ) [ ٧٨ / ١٤ ] أي متدافقا ، وقيل سيالا. ومنه قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلم :

__________________

(١) حياة الحيوان ج ١ ص ٢١٥.

(٢) في معجم البلدان ج ٢ ص ٥ : التاجية منسوبة : اسم مدرسة ببغداد ... نسبت إليها محلّة هناك ومقبرة ... والتاجية أيضا نهر عليه كور بناحية الكوفة.

٢٨٢

« أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى الْعَجُّ وَالثَّجُ ».

فالعج رفع الصوت في التلبية ، والثَّجُ إسالة الدماء من الذبح والنحر في الأضاحي.

وَفِي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ « إِنِّي أَثُجُّهُ ثَجّاً ».

يعني الدم ، أي أصبه صبا. ومِنْهُ « إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً أَثَجَّهُ بِالْبَلَاءِ ثَجّاً ».

واكتظاء الوادي بَثِجيجِهِ : أي امتلأ بسيله.

(ثلج)

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ لَعَنَ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ عليه السلام عِنْدَ شُرْبِ الْمَاءِ حَشَرَهُ اللهُ ثَلِجَ الْفُؤَادِ ».

أي مطمئن القلب ، من قولهم : ثَلِجَتْ نفسي بالأمر ثُلُوجاً ـ من باب قعد وتعب ـ أي اطمأنت وسكنت. ومثله قَوْلُهُ عليه السلام : « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَهُوَ ثَلِجُ الْفُؤَادِ ».

والثَّلْجُ : ماء جامد. و « تَثَلَّجْنَا السماء » من باب قتل : ألقت علينا الثَّلْجَ.

باب ما أوله الحاء

(حجج)

قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ) [ ٢ / ٢٥٨ ] قال الشيخ : ( أَلَمْ تَرَ ) تعجيب من محاجة نمرود في الله وكفره به ( أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ) يتعلق بـ ( حَاجَ ) ، أي لأن آتاه الله الملك أورثه البطر والعتو ، فحَاجَ إبراهيم عليه السلام لذلك ، أو وضع الْمُحَاجَّةِ في ربه موضع ما وجب عليه من الشكر على إيتاء الملك ، نحو قوله تعالى : ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) ، ويجوز أن يكون حَاجَ وقت ( أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ). قوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ

٢٨٣

َأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) [٣ / ٦١ ] قال الشيخ أبو علي ( فَمَنْ حَاجَّكَ ) من النصارى ( فِيهِ ) أي في عيسى عليه السلام ( مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا ) هلموا ( نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) أي يدعو كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ومن نفسه كنفسه أي المباهلة ( ثُمَّ نَبْتَهِلْ ) أي نتباهل ، أي نقول : بُهَلَةُ الله على الكاذب منا ومنكم و « البُهَلَةُ » بالضم والفتح : اللعنة ، هذا هو الأصل ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه وإن لم يكن التعانا.

ثُمَّ قَالَ : نَزَلَتِ الْآيَاتُ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ الْعَاقِبِ وَالسَّيِّدِ وَمَنْ مَعَهُمَا ، وَلَمَّا دَعَاهُمُ النَّبِيُّ (ص) إِلَى الْمُبَاهَلَةِ قَالُوا : حَتَّى نَرْجِعَ وَنَنْظُرَ ، فَلَمَّا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا لِلْعَاقِبِ وَكَانَ ذَا رَأْيِهِمْ : يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ مَا تَرَى؟ قَالَ : وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْفَصْلِ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكُمْ ، وَاللهِ مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيّاً قَطُّ فَعَاشَ كَبِيرُهُمْ وَلَا نَبَتَ صَغِيرُهُمْ ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِينِكُمْ فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَادِكُمْ ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ غَدَا النَّبِيُّ آخِذاً بِيَدِ عَلِيٍّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليه السلام بَيْنَ يَدَيْهِ وَفَاطِمَةُ عليه السلام خَلْفَهُ ، وَخَرَجَ النَّصَارَى يَقْدُمُهُمْ أُسْقُفُّهُمْ أَبُو حَارِثَةَ ، فَقَالَ الْأُسْقُفُّ : إِنِّي لَأَرَى وُجُوهاً لَوْ سَأَلُوا اللهَ أَنْ يُزِيلَ جَبَلاً لَأَزَالَهُ بِهَا فَلَا تُبَاهِلُوا فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَصْرَانِيٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا لَا نُبَاهِلُكَ وَلَكِنْ نُصَالِحُكَ ، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللهِ ص عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إِلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ أَلْفَيْ حُلَّةً أَلْفٌ فِي صَفَرٍ وَأَلْفٌ فِي رَجَبٍ وَعَلَى عَارِيَّةِ ثَلَاثِينَ دِرْعاً وَعَارِيَّةِ ثَلَاثِينَ فَرَساً وَثَلَاثِينَ رُمْحاً ، وَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْهَلَاكَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ ، وَلَوْ لَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَلَاضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَاراً ، وَلَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى النَّصَارَى كُلِّهِمْ حَتَّى يَهْلِكُوا (١).

وفي هذه الآية أوضح دلالة على فضل أصحاب الكساء وعلو درجتهم وبلوغ

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ١١٢ مع اختلاف يسير.

٢٨٤

مرتبتهم في الكمال إلى حد لا يدانيهم أحد من الخلق. قوله تعالى : ( يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) [٣ / ٦٥ ]

قَالَ الْمُفَسِّرُ : اجْتَمَعَتْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (ص) ، وَزَعَمَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ مِنْهُمْ ، فَقِيلَ لَهُمْ إِنَّ الْيَهُودِيَّةَ حَدَثَتْ بَعْدَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بَعْدَ نُزُولِ الْإِنْجِيلِ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى أَلْفُ سَنَةٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى أَلْفَانِ فَكَيْفَ يَكُونُ إِبْرَاهِيمُ عَلَى دِينٍ لَمْ يَحْدُثْ إِلَّا بَعْدَ عَهْدٍ بِأَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ أَفَلَا تَعْدِلُونَ؟.

قوله : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) [٣ / ٩٧ ] أي قصده والسعي إليه ، يقال حَجَجْتُ الموضع أَحُجُّهُ حَجّاً من باب قتل : قصدته ، ثم سمي السفر إلى بيت الله حَجّاً دون ما سواه فَالْحَجُ في اللغة القصد ، وفي عرف الفقهاء قصد البيت للتقرب إلى الله تعالى بأفعال مخصوصة وبزمان مخصوص في أماكن مخصوصة. والْحَجُ فتحا وكسرا لغتان ، ويقال الْحَجُ بالفتح المصدر وبالكسر الاسم. قوله : الْحَجُ أي زمان ( الْحَجُ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) [ ٢ / ١٩٧ ] أي معروفات للناس ، يريد أن زمان الحج لم يتغير في الشرع. وهو رد على الجاهلية في قولهم بالنسيء وهو شوال وذو القعدة وذو الْحِجَّةِ عند المحققين من أصحابنا ، وقيل تسعة من ذي الْحِجَّةِ وبه قال الشافعي ، وقيل عشرة وبه قال أبو حنيفة ، والأول أصح للفظ الأشهر على الحقيقة دون المجاز.

قَوْلُهُ ( يَوْمَ الْحَجِ الْأَكْبَرِ ) [ ٩ /٣ ] قِيلَ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَالصَّادِقِ عليه السلام (١) ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ

وقِيلَ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ.

، وقِيلَ الْحَجُ الْأَكْبَرُ مَا فِيهِ وُقُوفٌ وَالْأَصْغَرُ الَّذِي لَا وُقُوفَ فِيهِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ.

وهو مروي أيضا ، وقيل جميع أيام الحج.

وَفِي الْحَدِيثِ » إِنَّمَا سُمِّيَ الْحَجُ الْأَكْبَرَ

__________________

(١) انظر البرهان ج ٢ ص ١٠١ ففيه كثير من الأحاديث الدّالّة على ما ذكر هنا.

٢٨٥

لِأَنَّهَا سُنَّةٌ كَانَتْ حَجَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَلَمْ يَحُجَ الْمُشْرِكُونَ بَعْدَ تِلْكَ السَّنَةِ » (١).

وفي قول إنه يوم اتفق فيه ثلاثة أعياد عيد المسلمين وعيد النصارى وعيد اليهود ، ورد بما روي أن ذلك لم يتفق فيما مضى ولم يتفق بعد إلى يوم القيامة. والْحُجَّةُ ـ بضم الحاء ـ الاسم من الِاحْتِجَاجِ ، قال تعالى : ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) [ ٤ / ١٦٥ ] وقال ( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) [ ٦ / ١٤٩ ] بأوامره ونواهيه ولا حُجَّةَ لهم عليه.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ : قَالَ إِنَّ اللهَ يَقُولُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدِي كُنْتَ عَالِماً؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَهُ : أَفَلَا تَعَلَّمْتَ حَتَّى تَعْمَلَ فَيَخْصِمُهُ فَتِلْكَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ (٢).

وجمع الْحُجَّةِ « حُجَجٌ » كغرفة وغرف. و « الْحِجَّةُ « السَّنَةُ ، وجمعها حِجَجٌ كسدرة وسدر ، قال تعالى ( ثَمانِيَ حِجَجٍ ) [ ٢٨ / ٢٧ ] أي ثماني سنين. و « الْحِجَّةُ « بالكسر : المرة من الْحَجُ على غير القياس ، والجمع « حِجَجٌ » كسدر. قال تغلب : قياسه الفتح ولم يسمع من العرب ، وبها سمي الشهر ذو الْحِجَّةِ بالكسر ، وهو شهر الْحَجِ. و « حِجَّةُ الْوَدَاعِ » قرئت بكسر الحاء وفتحها وكسر الواو وفتحها ، وهي سنة عشر بعد الهجرة. و « الْحَاجُ » جمعه حُجَّاجٌ بالضم ، وهم زوار البيت وقصاده. وحَجِيجٌ أيضا. و « الْحَجَّاجُ » بالفتح اسم رجل من أتباع معاوية ، وَمِنْ قِصَّتِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي مُرُوجِ الذَّهَبِ أَنَّ أُمَّ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ ـ وَهِيَ الْقَارِعَةُ بِنْتُ هَمَّامٍ ـ وَلَدَتِ الْحَجَّاجَ مُشَوَّهاً لَا دُبُرَ لَهُ وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ ثَدْيَ أُمِّهِ وَغَيْرِهَا ، فَأَعْيَاهُمْ أَمْرُهُ ، فَيُقَالُ إِنَّ الشَّيْطَانَ تَصَوَّرَ لَهُمْ فِي صُورَةِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ فَقَالَ : مَا خَبَرُكُمْ؟ فَقَالُوا : ابْنٌ وُلِدَ لِيُوسُفَ أَبَى أَنْ يَقْبَلَ ثَدْيَ أُمِّهِ. فَقَالَ : اذْبَحُوا لَهُ تَيْساً أَسْوَدَ وَأَوْلِغُوهُ بِدَمِهِ وَاطْلُوا بِهِ وَجْهَهُ

__________________

(١) علل الشّرائع ج ٢ ص ١٢٧.

(٢) البرهان ج ١ ص ٥٦٠.

٢٨٦

ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ الثَّدْيَ ، فَفَعَلُوا بِهِ فَقَبِلَ الثَّدْيَ ، فَكَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ ، وَكَانَ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ أَكْبَرُ لَذَّاتِهِ سَفْكُ الدِّمَاءِ وَارْتِكَابُ الْأُمُورِ ـ أَيْ أُمُورٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ ـ (١).

وفِي كُتُبِ السِّيَرِ أَنَّهُ أَسْرَفَ كَثِيراً فِي قَتْلِ النَّاسِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ قَتْلِهِ صَبْراً سِوَى مَنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرْبِ مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفاً ، وَنُقِلَ أَنَّهُ وُجِدَ فِي سِجْنِهِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفاً مَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ قَتْلٌ وَلَا قَطْعٌ وَلَا صَلْبٌ ، وَإِنَّ سِجْنَهُ كَانَ حَائِطاً مَحُوطاً لَا سَقْفَ لَهُ ، فَإِذَا أَوَى الْمَسْجُونُونَ إِلَى الْجُدْرَانِ يَسْتَظِلُّونَ بِهَا مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ رَمَتْهُمُ الْحَرَسُ بِالْحِجَارَةِ ، وَكَانَ يُطْعِمُهُمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ مَخْلُوطاً بِالْمِلْحِ وَالرَّمَادِ ، وَكَانَ لَا يَلْبَثُ الرَّجُلُ فِي سِجْنِهِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَيَصِيرَ كَأَنَّهُ زِنْجِيٌّ ، حَتَّى إِنَّ غُلَاماً حُبِسَ فِيهِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ بَعْدَ أَيَّامٍ تَتَعَرَّفُ خَبَرُهُ ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ إِلَيْهَا أَنْكَرَتْهُ وَقَالَتْ : لَيْسَ هَذَا ابْنِي هَذَا بَعْضُ الزُّنُوجِ فَقَالَ : لَا وَاللهِ يَا أُمَّاهْ أَنْتِ فُلَانَةُ وَإِنِّي فُلَانٌ ، فَلَمَّا عَرَفَتْهُ شَهِقَتْ شَهْقَةً كَانَتْ فِيهَا نَفْسُهَا. وَكَانَ إِمْرَةُ الْحَجَّاجِ عَلَى الْعِرَاقِ عِشْرِينَ سَنَةً ، وَآخِرُ مَنْ قَتَلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، فَوَقَعَتِ الْأَكِلَةُ فِي بَطْنِهِ وَأَخَذَ الطَّبِيبُ لَحْماً شَدَّهُ فِي خَيْطٍ وَأَمَرَهُ بِابْتِلَاعِهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَإِذَا قَدْ لَصِقَ بِهِ دُودٌ كَثِيرٌ ، فَعَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ نَاجٍ (٢).

ونُقِلَ إِنَّهُ لَمَّا نَصَبَ الْحَجَّاجُ الْمَنْجَنِيقَ لِرَمْيِ الْكَعْبَةِ جَاءَتْ صَاعِقَةٌ حَرَّقَتِ الْمَنْجَنِيقَ فَتَقَاعَدَ أَصْحَابُهُ عَنِ الرَّمْيِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ : لَا عَلَيْكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ هَذِهِ كناء الْقُرْبَانِ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ فِعْلَكُمْ مُتَقَبَّلٌ.

و « الْحَجَاجُ » بفتح الحاء وكسرها : العظم الذي نبت عليه الحاجب ، والجمع « أَحِجَّةٌ ». وحُجَجُ الدهور : هم الأئمة (ع). وَفِي الْحَدِيثِ « لَمْ يُخْلِ اللهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ أَو

__________________

(١) مروج الذّهب ج٣ ص ١٢٥.

(٢) مروج الذّهب ج٣ ص ١٦٤.

٢٨٧

مَحَجَّةٌ قَائِمَةٌ ».

و « الْمَحَجَّةُ « بفتح الميم : جادة الطريق ، والجمع « الْمَحَاجُ » ، بشدة جيم. وفِيهِ « الْحُجَّةُ قَبْلَ الْخَلْقِ وَمَعَ الْخَلْقِ وَبَعْدَ الْخَلْقِ ».

قيل فيه لعل المراد قبل الخلق الأجساد في عالم الذر والأرواح ، لِقَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فِي الرَّجُلِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ يَتَوَلَّاهُ « مَا رَأَيْتُكَ فِي عَالَمِ الْأَرْوَاحِ ».

و « رجل مَحْجُوجٌ » أي مقصود. وقد حَجَ بنو فلان فلانا : أطالوا الاختلاف فيه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كَانَ رَسُولُ اللهِ (ص) مَحْجُوجاً بِأَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالَ : لَا وَلَكِنْ كَانَ مُسْتَوْدَعاً لِلْوَصَايَا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ. قَالَ : قُلْتُ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا عَلَى أَنَّهُ مَحْجُوجٌ؟ فَقَالَ : لَوْ كَانَ مَحْجُوجاً مَا دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصِيَّةَ. قَالَ : فَقَالَ مَا كَانَ حَالُ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ : أَقَرَّ بِالنَّبِيِّ وَمَا جَاءَ بِهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « سَارَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَوَرَقَةُ أُمُّ لُوطٍ كَانَتَا أُخْتَيْنِ ابْنَتَيْنِ لِلَاحِجٍ ، وَكَانَ لَاحِجٌ نَبِيّاً مُنْذِراً وَلَمْ يَكُنْ رَسُولاً ».

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ « اللهُمَّ ثَبِّتْ حُجَّتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ».

أي قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر. و « حَاجَّهُ فَحَجَّهُ » أي غلبه بِالْحُجَّةِ. وحَجَ فلان علينا : قدم ـ كذا نقل عن الخليل بن أحمد.

(حدج)

فِي الْحَدِيثِ « أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَيِّتَكُمْ حِينَ حَدَجَ بِبَصَرِهِ ».

يقال حَدَجَ ببصره : إذا حقق النظر إلى الشيء وأدامه. وفِيهِ « حَدِّثِ النَّاسَ مَا حَدَجُوكَ بِأَبْصَارِهِمْ ».

أي ما داموا مقبلين عليك نشطين لاستماع حديثك. والْحِدَاجَةُ ـ بالكسر ـ لغة في الْحَدَجِ ، والجمع حَدَائِجُ. والْحِدْجُ ـ بالكسر : الحمل ، ومركب من مراكب النساء.

(حرج)

قوله تعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [ ٢٢ / ٧٨ ] أي من ضيق ، بأن يكلفكم ما لا طاقة لكم به

٢٨٨

وما تعجزون عنه ، يقال حَرِجَ يَحْرَجُ من باب علم : أي ضاق. وفي كلام الشيخ علي بن إبراهيم : الْحَرَجُ الذي لا مدخل له ، والضيق ما يكون له مدخل الضيق (١). والْحَرَجُ : الإثم ، ومنه قوله تعالى : ( وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ) [ ٢٤ / ٦١ ] أي إثم. قوله : ( يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ) [ ٦ / ١٢٥ ] قرئ بفتح الراء وكسرها. قاله الجوهري ، وهو بمنزلة الدنف ، والدنف في معنى واحد. و « مكان حَرِجٌ » بكسر الراء : أي ضيق. وقولهم « تَحَرَّجَ الإنسان تَحَرُّجاً » قيل هذا مما ورد لفظه مخالفا لمعناه ، والمراد فعل فعلا جانب به الْحَرَجَ ، كما يقال تأثم وتهجد إذا ترك الهجود. وعن ابن الأعرابي : للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها ، وعد منها ما ذكرناه. وحَرَّجَ عَلَيَّ ظُلْمُكَ : أي حَرُمَ. وحَرِجَ فلان : إذا هاب أن يتقدم على الأمر.

وَفِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ « وَلَا يَكُونُ مِنْكُمْ مُحْرِجُ الْإِمَامِ ، فَإِنَ مُحْرِجَ الْإِمَامِ هُوَ الَّذِي يَسْعَى بِأَهْلِ الصَّلَاحِ ».

كأنه من أَحْرَجَهُ إليه : ألجأه. وحاصل المعنى لا يكون منكم من يلجىء الإمام إلى ما يكرهه ، كأن يغشى أمره إلى ولاة الجور ، فإنه من فعل ذلك بالإمام فقد سعى بأهل الصلاح. ومثله قَوْلُهُ (ع) « مَنْ نَزَلَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الْإِمَامِ ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ يَعْنِي أَلْجَأَهُ إِلَى أَنْ يَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ الْمُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ ».

(حشرج)

فِي الْخَبَرِ « وَلَكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ » (٢).

قَوْلُهُ « حَشْرَجَ الصَّدْرُ ».

هو الْحَشْرَجَةُ : الغرغرة عند

__________________

(١) لم نجد هذا النص في تفسير علي بن إبراهيم.

(٢) الكافي ج٣ ص ١٣٤.

٢٨٩

الموت وتردد النفس ـ قاله الجوهري ، والجمع الْحَشَارِجُ.

(حلج)

حلج القطن حَلْجاً ـ من باب ضرب ـ فهو حَلَّاجٌ ، والقطن حَلِيجٌ ومَحْلُوجٌ : إذا أخرج حبه منه. و « الْمِحْلَجُ » بكسر الميم : خشبة يُحْلَجُ بها.

(حنج)

يقال « وأَحْنَجَ كلامه » أي لواه.

(حوج)

قوله تعالى : ( وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ) أي متفرقين ( ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ ) رأى يعقوب دخولهم متفرقين شيئا قط ( إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ ) فهو استثناء منقطع ، أي لكن حَاجَةً في نفس يعقوب ( قَضاها ) [ ١٢ / ٦٨ ] وهي إظهار الشفقة عليهم بما قاله لهم ، والْحَاجَةُ تجمع على حَاجَاتٍ وحَوَجٍ على غير القياس ـ قاله الجوهري. قوله : ( فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً ) [ ٥٩ / ٩ ] أي فقر ومحنة. وأَحْوَجَ الرجل كأكرم فهو مُحْوِجٌ ، وقياس جمعه بالواو والنون لأنه صفة عاقل والناس يقولون مَحَاوِيجُ ويستعملون الرباعي هنا متعديا ، فيقولون أَحْوَجَهُ الله إلى كذا.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ إِذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فَعَلَ كَذَا ».

كنى بذلك المضي إلى الخلاء للتغوط. وقد تكرر

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا فَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ حَاجَةٌ ».

وهو كناية عن التخلي عنه وعدم الالتفات إليه بالرأفة والرحمة.

باب ما أوله الخاء

(خدج)

فِي الْخَبَرِ « كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ ». أي نقصان وصفت بالمصدر للمبالغة ، يقال خَدَجَتِ

٢٩٠

الناقة فهي خَادِجٌ : إذا ألقت ولدها قبل تمام الأيام وإن كان تام الخلق.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي ذِي الثُّدَيَّةِ « مُخْدَجُ الْيَدِ » (١).

أي ناقص اليد ـ بضم الميم وفتح دال.

وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ (ص) كَانَتْ تَحْتَ أَبِي هَالَةَ بْنِ زُرَارَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ هَالَةَ ، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَبِي هَالَةَ عَتِيقَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْهَا رَسُولَ اللهِ ، وَكَانَتْ إِذْ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللهِ بِنْتَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ (ص) يَوْمَئِذٍ ابْنَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَوَلَدَتْ لَهُ أَرْبَعَ بَنَاتِ كُلُّهُنَّ أَدْرَكْنَ الْإِسْلَامَ وَهَاجَرْنَ ، وَهُنَّ زَيْنَبُ وَفَاطِمَةُ وَرُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ ، وَوَلَدَتْ ابْناً يُسَمَّى الْقَاسِمَ وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الرِّجَالِ ، وَخَدِيجَةُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَهِيَ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَكَذَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ (ص) وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ـ كَذَا ذَكَرَ فِي الِاسْتِيعَابِ وَقَالَ : إِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِ (٢)

وفِي تَارِيخٍ آخَرَ أَنَ خَدِيجَةَ وَلَدَتْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ (ص) الْقَاسِمَ وَرُقَيَّةَ وَزَيْنَبَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَبَعْدَ الْمَبْعَثِ الطَّيِّبَ وَالطَّاهِرَ وَفَاطِمَةَ ، وَرُوِيَ لَمْ يُولَدْ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ إِلَّا فَاطِمَةُ (ع) ، وَمَاتَتْ خَدِيجَةُ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ مِنَ الشِّعْبِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ ، وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِهَا بِسَنَةٍ.

(خدلج)

« الْخَدَلَّجَةُ » بمعجمة ومهملة ولام مشددة مفتوحات : المرأة الممتلئة الذراعين والساقين.

(خرج)

قوله تعالى : ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ) [٣٠ / ١٩ ] قيل فيه أي يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، وقيل الحيوان من النطفة والبيضة وهما ميتان من الحي ، وقيل يُخْرِجُ النبات الغض الطري الأخضر

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ١٢٩.

(٢) الاستيعاب ج ص.

٢٩١

من الحب اليابس ويخرج الحب اليابس من النبات الأخضر. قوله لإبليس : ( اخْرُجْ مِنْها ) [ ٧ / ١٨ ] قال المفسر : أي من الجنة أو من السماء أو من المنزلة الرفيعة (١). قوله : ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ) [ ٢٣ / ٧٢ ] معناه أم تسألهم أجرا على ما جئت به فأجر ربك خير وثوابه خير. قوله : ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ) [ ١٨ / ٩٤ ] أي جُعْلا. قوله : ( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها ) [ ٢٢ / ٢٢ ] الآية.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ : قُلْتُ لَهُ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ خَوِّفْنِي فَإِنَّ قَلْبِي قَدْ قَسَا. فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اسْتَعِدَّ لِلْحَيَاةِ الطَّوِيلَةِ فَإِنَّ جَبْرَئِيلَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ (ص) وَهُوَ قَاطِبٌ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَجِيءُ وَهُوَ مُتَبَسِّمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : يَا جَبْرَئِيلُ جِئْتَنِي الْيَوْمَ قَاطِباً؟ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ قَدْ وَضَعْتُ مَنَافِخَ النَّارِ. قَالَ : وَمَا مَنَافِخُ النَّارِ يَا جَبْرَئِيلُ؟ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالنَّارِ فَنُفِخَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ [ حَتَّى ابْيَضَّتْ وَنُفِخَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ ] حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ نُفِخَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ، لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الضَّرِيعِ قَطَرَتْ فِي شَرَابِ أَهْلِ الدُّنْيَا لَمَاتَ أَهْلُهَا مِنْ نَتْنِهَا ، وَلَوْ أَنَّ حَلْقَةً وَاحِدَةً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي طُولُهَا ( سَبْعُونَ ذِراعاً ) وُضِعَتْ عَلَى الدُّنْيَا لَذَابَتْ مِنْ حَرِّهَا وَلَوْ أَنَّ سِرْبَالاً مِنْ سَرَابِيلِ أَهْلِ النَّارِ عُلِّقَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَمَاتَ أَهْلُ الْأَرْضِ مِنْ رِيحِهِ وَوَهَجِهِ. قَالَ : فَبَكَى رَسُولُ اللهِ وَبَكَى جَبْرَئِيلُ فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمَا مَلَكاً فَقَالَ لَهُمَا : إِنَّ رَبَّكُمَا يُقْرِئُكُمَا السَّلَامَ وَيَقُولُ قَدْ أَمَّنْتُكُمَا أَنْ تُذْنِبَا ذَنْباً أُعَذِّبُكُمَا عَلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام : فَمَا رَأَى رَسُولُ اللهِ (ص) جَبْرَئِيلَ مُتَبَسِّماً بَعْدَ ذَلِكَ (٢).

قوله : ( كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ ) [ ٨ / ٥ ] أي دعاك إلى الخروج وأمرك

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٤٠٥.

(٢) البرهان ج٣ ص ٨١ والزيادة منه.

٢٩٢

به وحملك عليه ، قيل هو مجاز القسم ، كقولك » والذي أخرجك ربك ». قوله : ( غَيْرَ إِخْراجٍ ) [ ٢ / ٢٤٠ ] يعني في المعتدة. إن قيل : إنه يدل على أنه لا تعتد إلا في مسكن الزوج؟ أجيب : بأن الْإِخْرَاجَ غير الْخُرُوجِ فلها الْخُرُوجُ وليس له الْإِخْرَاجُ. قوله : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) [ ٥٥ / ٢٢ ] أي كبار اللؤلؤ وصغاره ، وقيل المَرْجَان خرز أحمر كالقضبان ، وقرىء يُخْرِجُ من أَخْرَجَ ، وقال (مِنْهُمَا ) وإنما يَخْرُجَانِ من الملح لأنهما لما التقيا صارا كالشيء الواحد ، فكأنه قال : يَخْرُجُ من البحر ولا يَخْرُجَانِ من جميع البحر ولكن من بعض ، كما تقول » خَرَجْتُ من البلد » وإنما خَرَجْتَ من بعضه ، وقيل إنهما يَخْرُجَانِ من ملتقى الملح والعذب ـ كذا في تفسير الشيخ أبي علي (١). وفِي كِتَابِ قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْبَحْرِ ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا فَيَقَعُ فِيهَا مِنَ الْمَطَرِ فَيَخْلُقُ اللهُ اللُّؤْلُؤَةَ الصَّغِيرَةَ مِنَ الْقَطْرَةِ الصَّغِيرَةِ وَاللُّؤْلُؤَةَ الْكَبِيرَةَ مِنَ الْقَطْرَةِ الْكَبِيرَةِ.

وفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ : عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ بَحْرَانِ عَمِيقَانِ لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) قَالَ : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (٢).

قوله : ( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها ) [ ١٦ / ٦٩ ] وإن كانت تلقيه من أفواهها كالريق لئلا يظن أنه ليس من بطنها. قوله : ( ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) [ ٥٠ / ٤٢ ] قيل هو اسم من أسماء يوم القيامة.

وَفِي الْخَبَرِ « بَلَغْنَا مَخْرَجَ النَّبِيِّ (ص) ».

أي خُرُوجَهُ من المدينة المشرفة.

وَفِي حَدِيثِ الْأُتْرُجَّةِ » طَيِّبٌ رِيحُهَا

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٠١.

(٢) تفسير عليّ بن إبراهيم ص ٦٥٩.

٢٩٣

طَيِّبٌ خَرَاجُهَا ».

أي طعم ثمرها ، تشبيها بِالْخَرَاجِ الذي هو نفع الأرضين وغيرها.

وَفِي حَدِيثِ نَاقَةِ صَالِحٍ « كَانَتْ مُخْتَرَجَةً ».

يعني ناقة مُخْتَرَجَةً إذ أُخْرِجَتْ على خلقة الجمل البختي. و « الْخُرَاجُ » بضم معجمة وكسرها وخفة راء : ما يَخْرُجُ في البدن من القروح والورم ، الواحدة خَرَاجَةٌ ، ومِنْهُ « الْمُحْرِمُ يَخْرُجُ بِهِ الْخَرَاجُ وَالدُّمَّلُ يَبُطُّهُ ».

و « الْخَرَاجُ » بفتح المعجمة فيهما ما يحصل من غلة الأرض ، وقيل يقع اسم الْخَرَاجِ على الضريبة والفيء والجزية والغلة ، ومنه خَرَاجُ العراقين.

وَفِي الْخَبَرِ « ظَهَرَ النَّبِيُّ (ص) عَلَى خَيْبَرَ فَخَارَجَهُمْ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْأَرْضَ لَهُمْ ».

أي فصالحهم على ذلك وما يقرب منه. و « وَجَدْتُ للأرض مَخْرَجاً » أي مخلصا. وخَرَّجَهُ في الأدب فَتَخَرَّجَ. و « الْمَخْرَجُ » بالفتح مكان خروج الفضلات ـ أعني الكنيف ـ ومنه قَوْلُهُ « إِذَا دَخَلْتَ الْمَخْرَجَ فَقُلْ كَذَا ».

وربما أريد به الْخُرُوجَ كما يقال بئر الْمَخْرَجِ ، فيحمل عليه قوله « رجل مات في بئر مَخْرَجٍ ». والْخُرْجُ ـ بالضم ـ الجوالق ذو أذنين ، وهو عربي. والْخُرُوجُ : ما قابل الدخول ، يقال خَرَجَ خُرُوجاً ، وقد يكون موضع الْخُرُوجِ فيقال « هذا مَخْرَجُهُ » أي موضع خُرُوجِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْقَوْمُ إِذَا خَرَجُوا فِي سَفَرٍ مِنَ السُّنَّةِ يُخْرِجُوا نَفَقَتَهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِهِمْ » (١).

والْخَارِجِيُ : واحد الْخَوَارِجِ ، وهم فرقة من فرق الإسلام ، سموا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِم على علي (ع).

ذَكَرَ المؤرخون أَنَّهُ (ع) قَتَلَ مِنْهُمْ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ أَلْفَيْ نَفْسٍ ، وَكَانَ يَدْخُلُ وَيَضْرِبُ بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ وَيَخْرُجُ.

وَذُكِرَ الْخَوَارِجُ عِنْدَ عَلِيٍّ عليه السلام أَكُفَّارٌ هُمْ؟ فَقَالَ : مِنَ الْكُفْرِ فَرُّوا. فَقِيلَ مُنَافِقُونَ؟ فَقَالَ : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ٢٨٧.

٢٩٤

لَا يَذْكُرُونَ اللهَ ( بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) ، قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ ( فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ).

والْأُخَيْرِجَةُ : أول منزل يعدل من فيد إلى المدينة.

(خزرج)

الْخَزْرَجُ : قبيلة من الأنصار هي الأوس ـ قاله الجوهري (١).

(خفج)

« خَفَاجَةً » بالفتح : حي من بني عامر ـ قاله الجوهري.

(خلج)

فِي الْحَدِيثِ « لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ رَسُولُ اللهِ (ص) إِلَيَّ لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلْجَ الْمَنِيَّةِ ».

أي لأذقتهم الموت ، ففي الكلام استعارة لأن الأصل في الْخَلِيجِ واد فيه عمق. والْخَلِيجُ أيضا : نهر يقتطع من النهر الأعظم إلى موضع ينتفع به فيه ، ومنه « أن فلانا ساق خَلِيجاً له من العريض ». والْمُخَالَجَةُ : المنازعة. واخْتَلَجَ العضو : اضطرب ، ومنه الِاخْتِلَاجُ.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ (ع) « خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ ».

يعني كيف كانت وأين كانت ومتى كانت

« فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ فِي صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَتَخَلَّجُ فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ » (٢).

قَوْلُهُ (ع) « فَتَتَخَلَّجُ ».

أي تضطرب ، يقال تَخَلَّجَ الشيء في صدري أي اضطرب وتمايل.

وَفِي الْخَبَرِ « مَا اخْتَلَجَ عِرْقٌ إِلَّا وَيُكَفِّرُ اللهُ بِهِ ».

قال بعض العارفين : الِاخْتِلَاجُ مرض من الأمراض ، وقد ذكر بعض الأطباء أنه حركة سريعة متواترة غير عاديّة تعرض بجزء من البدن كالجلد ونحوه بسبب رطوبة غليظة لزجة فيصير ريحا بخاريا غليظا يعسر خروجه من المسامّ ـ انتهى.

__________________

(١) العبارة هنا مضطربة والنص في الصحاح هكذا : وقبيلة من الأنصار ، وهي الأوس والخزرج ابنا قَيْلَةَ وهي أمهما نسبا إليها ، وهما ابنا حارثة بن ثعلبة من اليمن.

(٢) نهج البلاغة ج٣ ص ١٦٧ ، وفيه ( فَتَلَجْلَجَ ).

٢٩٥

واخْتَلَجَهُ : جذبه وانتزعه ، فأصل الْخَلْج الجذب والنزع ، ومِنْهُ « يَخْتَلِجُونَهُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ ».

أي يجتذبونه. ومِنْهُ « لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَقْوَامٌ ثُمَ لَيُخْتَلَجَنَ دُونِي ».

أي يجتذبون. وخَلَجَهُ بعينه : غمزه. وخَلَجَنِي كذا : شغلني ، ومنه قَوْلُهُمْ « خَلَجَتْهُ أُمُورُ الدُّنْيَا ».

أي شغلته. وتَخَالَجَ في صدري منه شيء : إذا شككت. و « الْخَلَنْجُ » شجر فارسي معرب ، والجمع « الْخَلَانِجُ » ، ومنه الْحَدِيثُ » أَلْقِ مِنَ النَّاسِ الْمُفْتَخِرَ بِفَخْرِ آبَائِهِ وَهُوَ خِلْوٌ مِنْ صَلَاحِ أَعْمَالِهِمْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَلَنْجِ تَقْشِرُهُ لِحَاءً عَنْ لِحَاءٍ حَتَّى تَصِلَ إِلَى جَوْهَرِهِ ».

والْخُولَنْجَانُ : شيء يعرفه العطارون يتداوى به.

(خمج)

الْخَمْجُ : الفتور ، يقال أصبح فلان خَمِجاً أي فاترا ـ قاله الجوهري.

باب ما أوله الدال

(دبج)

قد تكرر في الحديث ذكر الدِّيبَاجَ وهو من الثياب المتخذة من الإبريسم سداه ولحمته ، فارسي معرب ، وقد تفتح داله واختلف في يائه فقيل زائدة ووزنه فيعال ولهذا يجمع بالياء فيقال « دَيَابِيجُ » ، وقيل هي أصل والأصل دِبَاجٌ بالتضعيف فأبدل من إحدى الباءين حرف علة ، ولهذا يجمع على « دَبَابِيجَ » بباء موحدة بعد الدال.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ » (١).

يريد به الإستبرق ، وهو الدِّيبَاجُ الغليظ. و « الدِّيبَاجُ » اسم بعير كان لرسول الله (ص) يحمل عليه. وفِيهِ « كَانَ لَهُ طَيْلَسَانٌ مُدَبَّجٌ ».

أي مزينة أطرافه بِالدِّيبَاجِ. والدِّيبَاجَتَانِ : الْخَدَّانِ.

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٢٣.

٢٩٦

ودِيبَاجَةُ لقب محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين ، وإنما لقب بذلك لحسن وجهه. وقَالَ الْمُفِيدُ فِي إِرْشَادِهِ : إِنَّهُ كَانَ شُجَاعاً ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً ، وَيَرَى رَأْيَ الزَّيْدِيَّةِ فِي الْخُرُوجِ بِالسَّيْفِ ... خَرَجَ عَلَى الْمَأْمُونِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ بِمَكَّةَ فَتَبِعَهُ الزَّيْدِيَّةُ الْجَارُودِيَّةُ ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِ عِيسَى الْجَلُودِيُّ فَفَرَّقَ جَمْعَهُ وَأَخَذَهُ فَأَنْفَذَهُ إِلَى الْمَأْمُونِ ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَأَدْنَى مِنْهُ مَجْلِسَهُ وَوَصَلَهُ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ ، وَكَانَ مُقِيماً مَعَهُ بِخُرَاسَانَ وَتُوُفِّيَ بِهَا (١).

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى أَنْ يُدَبِّجَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ ».

أي يطأطىء رأسه في الركوع أخفض من ظهره. وقيل دَبَّجَ تَدْبِيجاً : إذا طأطأ رأسه ، ودَبَّجَ ظهره : إذا ثناه فارتفع وسطه كأنه سنام. ومن أعجم الدال فقد صحّف.

(دجج)

تكرر في الحديث ذكر الدَّجَاجِ مثلث الدال والفتح أفصح ، والدَّجَاجَةُ واحدته ، يقال على الذكر والأنثى. قال الجوهري : وإنما دخلت الهاء على أنه واحد من الجنس كحمامة وبطة. والدَّجَاجَةُ الحبشية شبيهة بِالدَّجَاجِ وتسمى بالعراق دَجَاجَةً سندية. وجمع الدَّجَاجَةِ « دُجُجٌ » بضمتين ، وربما جمع على « دَجَائِجَ ». و « الدِّجَاجِيُ » بكسر الدال من الرواة منسوب إلى بلد باليمن ، وقيل قبيلة. و « الدُّجَّةُ » بضم : شدة الظلمة. وليلة دَيْجُوجٌ : أي مظلمة. وليل دَجُوجِيٌ : مظلم. ودَجَّجْتُ السماء تَدْجِيجاً : تغيمت ودَجْدَجَ الليل : أظلم.

(دحرج)

الْمُدَحْرَجُ : المدوّر. و « الدُّحْرُجَةُ » بالضم : ما يُدَحْرِجُهُ

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ص ٢٦٨.

٢٩٧

الْجُعَلُ مِنَ الْبَنَادِقِ (١).

(درج)

قوله تعالى : ( لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) [ ٨ / ٤ ] أي ذو طبقات عند الله في الفضيلة. قوله : ( هُمْ دَرَجاتٌ ) [٣ / ١٦٣ ] أي منازل بعضها فوق بعض ، قال بعض الأفاضل : الدَّرَجَاتُ المذكورة في الكتاب والسنة ممكن حملها على إرادة المعنى أعني كثرة النعم ، وعلى ذلك يحمل

قَوْلُهُ (ع) » بَشَّرَهُمْ بِدَرَجَاتِ الشُّهَدَاءِ مَا بَيْنَ كُلِ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ».

فإنه يحتمل الرفعة الحقيقية والمعنوية وإن كان الأول أظهر. قوله : ( وَلِكُلٍ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ) [ ٦ / ١٣٢ ] أي ولكل عامل بطاعة أو معصية دَرَجَاتٌ مما عملوا ، أي مراتب في عمله على حسب ما يستحقه فيجازى به إن خيرا فخير وإن شرا فشر. قال المفسر : وإنما سميت دَرَجَاتٍ لتفاضلها كتفاضل الدَّرَجِ في الارتفاع والانحطاط ، وإنما يعبر عن تفاضل [ أهل الجنة بِالدَّرَجِ وعن تفاضل أهل النار بالدرك ، إلا أنه لما جمع بينهم عبر عن تفاضلهم بِالدَّرَجِ تغليبا لصفة ] أهل الجنة (٢). قوله : ( وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَ دَرَجَةٌ ) [ ٢ / ٢٢٨ ] أي زيادة في الحق وفضل ، لأن حقوقهم في أنفسهن وحقوقهن المهر والكفاف وترك الضرار ونحوها وشرف فضيلة لأنهم قوام عليهن وحراس لهن يشاركونهن في غرض الزواج وهو الولد ويخصون بفضيلة الرعاية والإنفاق. قوله : ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ) [ ٧ / ١٨٢ ] أي سنأخذهم قليلا قليلا ولا نباغتهم ، كما يرتقي الراقي الدرجة فيتدرج شيئا بعد شيء حتى يصل

__________________

(١) قال في الصحاح (دحرج) والدحروجة : ما يدحرجه الجعل من البنادق. قال (ذو الرمة :)

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

(٢) مجمع البيان ج ٢ ص٣٦٨ ، والزيادة منه.

٢٩٨

إلى العلو. وفي القاموس اسْتَدْرَجَهُ : خدعه واسْتِدْرَاجُ الله العبد : أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار فيأخذه قليلا قليلا ولا يباغته (١) ـ يعني يفاجئه ، من « البغتة » وهي الفجأة.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَأَذْنَبَ ذَنْباً أَتْبَعَهُ بِنَقِمَةٍ وَيُذَكِّرُهُ الِاسْتِغْفَارَ ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً فَأَذْنَبَ ذَنْباً أَتْبَعَهُ بِنِعْمَةٍ لِيُنْسِيَهُ الِاسْتِغْفَارَ وَيَتَمَادَى بِهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ )(٢).

وَفِي الْحَدِيثِ « كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ يَسْتُرُ اللهُ عَلَيْهِ » ٣).

وَفِي الدُّعَاءِ « لَا تَسْتَدْرِجْنَا بِجَهْلِنَا ».

وفِيهِ « أَدْرِجْنَا إِدْرَاجَ الْمُكْرَمِينَ ».

أي ارفعنا دَرَجَةً دَرَجَةً كما تفعل بالمكرمين عندك. وفِيهِ « وَهُوَ فِي دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ ».

أي في جواري. ودَرَجَ الصبي دُرُوجاً ـ من باب قعد ـ : مشى قليلا في أول ما يمشي. ودَرَجَ : مات. وفي مثل » أكذب ممن دبّ ودَرَجَ « أي أكذب الأحياء والأموات. وأَدْرَجْتُ الكتاب والثوب : لففته وطويته. ومنه « الكتاب الْمُدْرَجُ ».

وَفِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ « يُدْرَجُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ».

أي يلفّ فيها.

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ « أَدْرِجْ » صَلَاتَكَ إِدْرَاجاً. قُلْتُ : وَأَيُّ شَيْءٍ الْإِدْرَاجُ؟ قَالَ : ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ».

وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ اللَّيْلِ « وَأَدْرِجْهَا ».

وفسّر الْإِدْرَاجَ بأن يقرأ الحمد وحدها في كل ركعة.

وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْمَوْتَى « يَجْعَلُ الْمَوْتَى شِبْهَ الْمُدْرَجِ ثُمَّ يَقُومُ فِي وَسْطِهِمْ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « إِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ فَإِنَّهَا مَدَارِجُ السِّبَاعِ تَأْوِي إِلَيْهَا ».

هي جمع مَدْرَجٍ بفتح الميم والراء : الطريق.

__________________

(١) في القاموس : أو أن يأخذه قليلا ....

(٢) البرهان ج ٢ ص ٥٣.

(٣) البرهان ج ٢ ص ٥٤.

٢٩٩

ودَرَجَتِ الإقامة دَرْجاً من باب قتل إذا أرسلتها ، لغة في « أَدْرَجْتُهَا « بالألف. والدَّرَجُ : المراقي ، جمع دَرَجَةٍ ، مثل قصب وقصبة. و « الدَّرَجَةُ « واحدة الدَّرَجَاتِ ، وهي الطبقات من المراتب. والدُّرَّاجُ أو الدُّرَّاجَةُ ـ بالضم والتشديد ـ : ضرب من الطير للذكر والأنثى ، وهو طائر مبارك كثير النتاج ، وهو القائل « بالشكر تدوم النعم ».

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ : يَقُولُ ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى )(١).

والجاحظ جعله من أقسام الحمام لأنه يجمع فراخه تحت جناحيه كما يجمع الحمام ، ومن شأنه أن لا يجعل بيضه في مكان واحد بل ينقله لئلا يعرف أحد مكانه. والدَّرَّاجُ (٢) : القنفذ صفة غالبة عليه لأنه يَدْرُجُ ليله كله. و « الدَّرَّاجَةُ » بالفتح : ما يَدْرُجُ عليها الصبي إذا مشى.

(دعج)

فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ (ع) « أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ ، مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ ».

وفِي حَدِيثٍ آخَرَ « فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ».

الدَّعَجُ والدَّعْجَةُ : السواد في العين وغيرها ، يريد أن سواد عينيه كان شديدا ، وقيل هو شدة سواد العين في شدة بياضها. وقال الجوهري : هو شدة سواد العين مع سعتها. وفي المصباح دَعِجَتِ العين دَعَجاً من باب تعب ، [ وهو سعة مع سواد ، وقيل شدة سودها في شدة بياضها ، فالرجل أَدْعَجُ والمرأة دَعْجَاءُ [ والجمع دُعْجٌ ] ، مثل أحمر وحمراء [ وحمر ] (٣)

(دعلج)

الدَّعْلَجَةُ : التردد في الذهاب والمجيء ـ قاله الجوهري.

(دلج)

فِي الْحَدِيثِ « عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ ». وهو

__________________

(١) حياة الحيوان ج ١ ص٣٣٤.

(٢) قال في حياة الحيوان ج ١ ص٣٣٥ : بفتح الدال والراء المهملتين.

(٣) الزيادات من المصباح المنير ـ انظر ج ١ ص ٢٦٤.

٣٠٠