مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

بِهِ عَلَيْهِ.

وقد ادعى المرتضى علم الهدى وشيخ الطائفة وكثير من المحققين الإجماع على أن الْكَعْبَ الذي ينتهي إليه المسح قبة القدم التي هي مقعد الشراك. قال في الذكرى : وتفرد الفاضل ـ يعني العلامة ـ أن الْكَعْبَ هو المفصل بين الساق والقدم ، وصب عبارات الأصحاب كلها عليه وجعله مدلول كلام الباقر (ع) وأنه أقرب إلى حد أهل اللغة. ثم إنه أجاب عن الجميع إلى أن قال : وأهل اللغة إن أراد بهم العامة فهم مختلفون وإن أراد بهم الخاصة فهم متفقون على أن الْكَعْبَ قبة القدم ، ولأنه إحداث قول ثالث مستلزم رفع ما أجمع عليه الأمة ، لأن الخاصة على ما ذكر والعامة على أن الْكَعْبَ ثابتا [ مَا نَتَأَ ] عن يمين الرجل وشماله ـ انتهى ، وهو كالصريح في موافقته لما عليه الجمهور. وتمام تحقيق المسألة له محل آخر.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَعْلَى اللهِ كَعْبِي بِكُمْ ».

والضمير لأهل البيت ، ومعناه الشرف والرفعة. ومِثْلَهُ » لَا يَزَالُ كَعْبُكَ عَالِياً « وَهُوَ دُعَاءٌ.

و « الْكَعْبُ » يقال للأنبوبة بين كل عقدتين ، وكل شيء علا وارتفع فهو كَعْبٌ ، وقيل وبه سميت الْكَعْبَةُ كَعْبَة ، وقيل إنما سميت كَعْبَة لأنها وسط الدنيا ، أو لأنها مربعة. والْكَعْبَةُ أيضا : الغرفة. وامرأة ورم كَعْبُهَا : إذا كانت كثيرة لحم القدم والْكَعْبُ. وكَعْبُ بن لؤي بن غالب أحد أجداد النبي (ص). وكُعُوبُ الرماح : النواشز في أطراف الأنابيب. و « الْكِعَابُ » بالفتح : المرأة حين يبدو ثديها للنهود ، وهي الْكَاعِبُ ، والجمع كَوَاعِبُ كما سبق. وكَعْبُ الأحبار أي عالم العلماء ، وكان من علماء أهل الكتاب أسلم في عهد أمير المؤمنين (ع) فصار من فضلاء التابعين ، وإضافته كزيد الخيل.

١٦١

(كعثب)

فِي الْحَدِيثِ : « امْرَأَةٌ عَظُمَ كَعْثَبُهَا ».

أي فرجها ، يقال رَكَبٌ كُعْثَبٌ أي ضخم ، والرَّكَبُ محركة العانة.

(كوكب)

قوله تعالى : ( إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً ) [ ١٢ / ٤ ]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ يُوسُفَ (ع) رَأَى فِي الْمَنَامِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ( أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً ) نَزَلْنَ مِنَ السَّمَاءِ فَسَجَدْنَ لَهُ ، وَرَأَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ نَزَلَا مِنَ السَّمَاءِ فَسَجَدَا لَهُ ، فَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ أَبَوَاهُ وَالْكَوَاكِبُ إِخْوَتُهُ الْأَحَدَ عَشَرَ.

قوله : ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً ) [ ٦ / ٧٦ ] قيل هو المشتري ، وقيل هو الزهرة ( قالَ هذا رَبِّي ) قيل إن إبراهيم لما أراه الآيات بين تعالى كيف استدل بها وكيف عرف الحق من جهتها فقال. قوله : ( وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ ) [ ٤١ / ١٢ ]

عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) أَنَّهُ قَالَ : « هَذِهِ النُّجُومُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مَدَائِنُ مِثْلُ الْمَدَائِنِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ مَرْبُوطَةً كُلُّ مَدِينَةٍ بِعَمُودَيْنِ مِنْ نُورٍ ، طُولُ ذَلِكَ الْعَمُودِ فِي السَّمَاءِ مَسِيرَةُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً ».

وَعَنْهُ (ع) الْكَوْكَبُ كَأَعْظَمِ جَبَلٍ عَلَى الْأَرْضِ.

وأنوار الْكَوَاكِبُ قال الشيخ البهائي رأيت في الفتوحات الفلكية ما يدل بصريحه على أن جميع الْكَوَاكِبِ أنوارها مستفادة من نور الشمس ، وكذا في كتاب الهياكل للشيخ السهروردي ما يدل على ذلك. وكَوْكَبُ الشيء : معظمه. وكَوْكَبُ الروضة : نورها.

(كلب)

قوله تعالى : ( وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ) [ ١٨ / ١٨ ]

ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَ كَلْبَ أَهْلِ الْكَهْفِ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْكِلَابِ وَلَوْنِهِمْ ، وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ أَسَداً وَيُسَمَّى الْأَسَدُ كَلْباً ، قِيلَ وَكَانَ اسْمَ كَلْبِهِمْ قِطْمِيرٌ ، وَقِيلَ قُطْمُورٌ ، وَقِيلَ حُمْرَانُ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

قوله : ( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) [ ٥ / ٤ ] من كَلَّبْتُهُ : علمته

١٦٢

الصيد ، والفاعل « مُكَلِّبٌ » وهو الذي يسلط الْكِلَابَ على الصيد والذي يعلمها. والْكَلَّابُ : صاحب الكِلَاب والصائد بها. ونصب ( مُكَلِّبِينَ ) على الحال ، أي في حال تَكَلُّبِهِمْ هذه الجوارح. و « الْكَلْبُ » معروف ، وربما وصف به فيقال للرجل كَلْبٌ وللمرأة كَلْبَةٌ ، ويجمع على أَكْلُبٍ وكِلَابٍ وأَكَالِبَ وهو جمع الجمع ، وعلى كَلِيبٍ وإن ندر.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ ».

قيل كأن السبب كثرة أكله النجاسات ، ولأن بعضها شيطان والملك ضده ، ولقبح رائحة الْكَلْبِ والملائكة تكره الرائحة القبيحة. ومن خواص الْكَلْبِ أن لحمه يعلو شحمه بخلاف الشاة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « يَغْفِرُ اللهُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ خَلْقِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ مِعْزَى كَلْبٍ ».

هو حي من قضاعة. وكَلْبُ الماء : معروف ، وهو حيوان مشهور يداه أطول من رجليه ، يلطخ بدنه بالطين يحسبه التمساح طينا ثم يدخل جوفه فيقطع أمعاءه فيأكلها ثم يمزق بطنه فيخرج. و « الْكَلَبُ » بالتحريك : داء يعرض للإنسان من عضّ الْكَلْبِ. والْكَلِبُ : الْكَلْبُ الذي يأخذه شبه جنون فَيَكْلَبُ بلحوم الناس ، فإذا عقر إنسانا كَلْبٌ ، ويستولي عليه شبه الماء فإذا أبصر الماء فزع ، وربما مات عطشا ولم يشرب ، وهذه علة تستفرغ مادتها على سائر البدن ويتولد منها أمراض ردية. وكَلِبَ كَلَباً من باب تعب.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ : « بِكُمْ يُبَاعِدُ اللهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ ».

أي الشديد الصعب. والْكَلَبُ أيضا : شدة الحرص ، يقال كَلْبٌ كَلَبٌ أي حريص عقور. و « الْكُلْبَةُ » بالضم : الشدة من البرد وغيره.

وَفِي الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَدُوٍّ اسْتَكْلَبَ عَلَيَّ ».

أي وثب علي ، وفيه تشبيه له بِالْكَلْبِ ، ويقال كَلِبَ الدهر على أهله : إذا لج عليهم واشتد. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ (ع) إِلَى ابْنِ

١٦٣

عَبَّاسٍ حِينَ أَخَذَ مَالَ الْبَصْرَةِ » فَلَمَّا رَأَيْتَ الزَّمَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ قَدْ كَلِبَ وَالْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ ».

وَ « كُلَيْبُ تَسْلِيمٍ « رَجُلٌ مِنَ الرُّوَاةِ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ شَيْءٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ (ع) إِلَّا سَلَّمَهُ فَسُمِّيَ كُلَيْبَ تَسْلِيمٍ ، تَرَحَّمَ عَلَيْهِ الصَّادِقُ (ع) وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : تَدْرُونَ مَا التَّسْلِيمُ هُوَ وَاللهِ الْإِخْبَاتُ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ ).

وتَكَالَبُوا القوم : تجاهروا بالعداوة و « الْكُلَّابُ » بالضم كتفاح : خشبة أو حديدة معوجة الرأس.

(كوب)

قوله تعالى : ( بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ ) [ ٥٦ / ١٨ ] الْأَكْوَابُ : الأباريق لا عرى لها ولا خراطيم ، واحدها « كُوبٌ » كقفل. قوله : ( وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ ) [ ٨٨ / ١٤ ] أي على حافات العيون الجارية كلما أراد المؤمن شربها وجدها مملوءة ويشربون بها ما يشتهونه من الأشربة ويتمتعون بالنظر إليها لحسنها.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَكْوَابُهُ ـ يَعْنِي الْكَوْثَرَ ـ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ ».

وبالنصب بنزع الخافض.

وَعَنْ رَسُولِ اللهِ (ص) أَنَّهُ قَالَ : « أَنْهَاكُمْ عَنِ الْكُوبَاتِ ».

وَفِي الْخَبَرِ : « إِنَّ اللهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْكُوبَةَ ».

قيل هي النرد ، وقيل الطبل ، وقيل البربط. وفي الصحاح الْكُوبَةُ الطبل المختصر ، وفي القاموس الْكُوبَةُ بالضم النرد والشطرنج والطبل الصغير ، وعن أبي عبيدة الْكُوبَةُ النرد في كلام أهل اليمن.

باب ما أوله اللام

(لبب)

قوله تعالى : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) [ ١٣ / ١٩ ] أولو الْأَلْبَابِ : أولو العقول ، واحدها « لُبٌ » بشدة الباء

١٦٤

الموحدة ، وهو العقل ، سمي بذلك لأنه نفس ما في الإنسان وما عداه كأنه قشر. واللَّبِيبُ : العاقل ، والجمع « الْأَلِبَّاءُ ». ولُبُ كل شيء : خالصه ، ولُبُ الجوز واللوز : ما في جوفه ، والجمع لُبُوبٌ ، ولُبَابٌ كغراب لغة فيه. و « لَبِبَ الرجل » بالكسر « يَلْبَبُ » بالفتح : أي صار ذا لُبٍ ، وحكي لَبُبَ بالضم ، وهو نادر لا نظير له في المضاعف. و « اللَّبَّةُ » بفتح اللام والتشديد : المنحر وموضع القلادة ، والجمع » لَبَّاتٌ » كحبة وحبات. ولَبَّبْتُ الرجل تَلْبِيباً : إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره عند الخصومة ثم جررته. ومنه حَدِيثُ فَاطِمَةَ (ع) : « فَأَخَذَتْ بَتَلَابِيبِ عُمَرَ فَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا ».

وَفِي الْخَبَرِ : « إِنَّهُ (ص) صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَلَبِّباً ».

أي متحرما به عند صدره ، ويقال تَلَبَّبَ بثوبه : إذا جمعه عليه. و « أبو لُبَابَةَ « بضم اللام وخفة الموحدة اسمه رفاعة بن المنذر النقيب ، و « أسطوانة أبي لُبَابَةَ « في مسجد النبي (ص) بالمدينة ، وهي أسطوانة التوبة التي ربط إليها نفسه حتى نزل عذره من السماء. وأَلَبَ الرجل بالمكان : إذا أقام إليه ، و « لَبَ » لغة فيه. قال الفراء نقلا عنه : ومنه قولهم « لَبَّيْكَ » أي أنا مقيم على طاعتك ، ونصب على المصدر كقولهم « حمدا لله وشكرا له « قال الجوهري : وكان حقه أن يقال لَبّاً لك ، ويثنى على معنى التأكيد ، أي إِلْبَاباً لك بعد إِلْبَابٍ وإقامة بعد إقامة ، وقيل أي إجابة لك يا رب بعد إجابة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « سُمِّيَتِ التَّلْبِيَةُ إِجَابَةً لِأَنَّ مُوسَى أَجَابَ رَبَّهُ وَقَالَ لَبَّيْكَ » (١).

وفي المصباح : أصل لَبِّيْكَ لَبَّيْنَ لك فحذفت النون للإضافة. قال : وعن يونس أنه غير مثنى بل اسم مفرد يتصل به الضمير

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٥٠٢.

١٦٥

بمنزلة على ولدى إذا اتصل به الضمير ، وأنكره سيبويه وحكى من كلامهم لبي زيد بالياء مع الإضافة إلى الظاهر ، فثبوت الياء مع الإضافة إلى الظاهر يدل على أنه ليس مثل على ولدى. ولَبَّى الرجل : قال التَّلْبِيَةَ. ولَبَّى بالحج تَلْبِيَةً ، وأصله لَبَّيْتُ بغير همزة. قال الجوهري : قال الفراء ربما أخرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس بمهموز. واللَّبْلَابُ : نبت يلوى على الشجر قاله الجوهري.

(لجب)

اللَّجَبُ : الصوت والجلبة ، تقول « لَجِبَ » بالكسر. وجيش لَجِبٌ : عرمرم أي ذو كثرة وجلبة. وبحر لَجِبٌ أي ذو لَجَبٍ إذا سمع اضطراب أمواجه ـ كذا قاله الجوهري ، ومنه قَوْلُ عَلِيٍّ (ع) فِي وَصْفِ النَّهَارِ « لَهَا كَلَبٌ وَلَجَبَ وَلَهَبٌ ».

(لزب)

قال الله تعالى : ( مِنْ طِينٍ لازِبٍ ) [٣٧ / ١١ ] أي ممتزج متماسك يلزم بعضه بعضا ، يقال طين لَازِبٍ لازق باليد لاشتداده. واللَّازِبُ واللاصق بمعنى. واللَّازِبُ : الثابت أيضا ، يقال صار الشيء ضربة لَازِبٍ. و « اللَّزِبَةٌ « بسكون الزاي : الشدة والقحط ، والجمع « اللَّزْبَاتُ » بالسكون ، لأنه صفة. و « لَزِبَ الشيء » من باب قعد : اشتد.

(لعب)

قوله تعالى : ( ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) [ ٦ / ٩١ ] يقال لمن عمل عملا لا يجدي عليه نفعا : إنما أنت لاعب. ومثله قوله تعالى : ( ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) [ ٧ / ٩٨ ]. قوله تعالى : ( أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ) [ ٥٧ / ٢٠ ] اللِّعْبُ بكسر اللام وسكون العين معروف ، و « اللَّعِبُ » بفتح اللام وكسر العين مثله ، يقال لَعِبَ يَلْعَبُ لَعِباً. قوله : ( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا

١٦٦

لَعِبٌ وَلَهْوٌ ) [ ٦٠ /٣٢ ] أي أعمال الدنيا لا نفس الدنيا ، لأنها لا توصف بِاللَّعِبِ ، وما فيه رضا الله من عمل الآخرة لا يوصف به أيضا ، لأن اللَّعِبَ لا يعقب نَفْعاً ، وكذلك اللهو ، ويترتب عليها الحسرة والندامة في الآخرة. قال المفسر : في هذه الآية تسلية للفقراء الذين أحرموا من متاع الدنيا ، وتقريع الأغنياء الذين ركنوا إلى حطامها ولم يعملوا لغيرها.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كُلُّ شَيْءٍ يَحِيزُ فَلُعَابُهُ حَلَالٌ ».

أي طاهر ، لا بمعنى حلية الأكل لأنه من الفضلات المحكوم بتحريمها. و « اللُّعَابُ » بالكسر [ بالضم ] : ما يسيل من الفم ، يقال لَعِبَ الصبي يَلْعَبُ بفتحتين لَعَباً : إذا سال لُعَابُهُ من فمه. و « اللُّعْبَةُ » بالضم : الشطرنج والنرد وكل مَلْعُوبٍ به فهو لُعْبَةٌ ، والجمع « لُعَبٌ » كغرفة وغرف. ومنه الْحَدِيثُ « نِسَاؤُكُمْ بِمَنْزِلَةِ اللُّعَبِ ».

و « اللَّعْبَةُ » بفتح اللام : المرة الواحدة من اللُّعَبِ ، وإذا كسرت فهي الحالة التي عليها اللَّاعِبُ ، ولَاعَبْتُهُ مُلَاعَبَةً ، والفاعل مُلَاعِبٌ بالكسر.

وَفِي حَدِيثِ تَمِيمٍ « فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ ».

سمي اضطراب الأمواج لَعِباً لما لم يسر بهم إلى مرادهم. و « رجل تَلْعَابَةً » كثير المزاح والْمُدَاعَبَةِ ، والتاء زائدة ، للمبالغة.

(لغب)

قوله تعالى : ( وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ) [ ٥٠ /٣٨ ] اللُّغُوبُ : التعب والإعياء ، يقال لَغَبَ يَلْغَبُ ـ من باب قتل لُغُوباً : تعب وأعيا. ولَغِبَ يَلْغَبُ لُغُوباً ـ من باب تَعِبَ ـ لغة ضعيفة.

(لقب)

قوله تعالى : ( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) [ ٤٩ / ١١ ] هي جمع « لَقَبٍ » يقال لَقَّبَهُ بكذا فَتَلَقَّبَ ونبزه نبزا لَقَّبَهُ ، وبعضهم بعضا وقد نهي عنه ، وقد يكون اللَّقَبُ علما من غير نبز فلا يكون حراما ، ومنه تعريف بعض المتقدمين بالأعمش والأخفش ونحو ذلك ، لأنه لم يقصد بذلك نبز ولا تنقيص بل محض تعريف مع رضا المسمى بذلك.

١٦٧

(لوب)

فِي الْحَدِيثِ : « حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ (ص) الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا صَيْدَهَا » (١).

لَابَتَا المدينة : حرتان عظيمتان يكشفانها. واللَّابَةُ : هي الحرة ذات الحجارة السود قد أُلْبِسَتْهَا لكثرتها ، وجمعها « لَابَاتٌ » وهي الحرار ، وإن أكثرت فهي اللَّابُ واللُّوَبُ.

وَفِي الْخَبَرِ : وَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا؟ قَالَ : مَا أَحَاطَتْ بِهِ الْحِرَارُ (٢).

وَفِي آخَرَ : وَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا؟ قَالَ : مَا بَيْنَ الصُّورَيْنِ إِلَى الثَّنِيَّةِ (٣).

وَفِي آخَرَ « مَا بَيْنَ ظِلِّ عَائِرٍ إِلَى ظِلِّ وُعَيْرٍ » (٤).

ومعنى الكل واحد.

(لهب)

قوله تعالى : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ ) [ ١١١ / ١ ] قال الشيخ أبو علي : قرأ ابن كثير « أبو لهْب » ساكنة الهاء والباقون بفتحها ، واتفقوا في ( ذاتَ لَهَبٍ ) أنها مفتوحة الهاء لوفاق الفواصل.

وأبو لَهَبٍ هو ابن عبد المطلب عم النبي (ص) ، وكان شديد العداوة لرسول الله ، قيل اسمه كنيته ، وقيل كان اسمه عبد العزى ، فسمي بذلك لحسنه وإشراق وجهه ، وكانت وجنتاه كأنهما تَلْتَهِبَانِ.

والْتَهَبَتِ النار وتَلَهَّبَتْ : اتقدت.

و « اللهَبَانِ » بالتحريك : اتقاد النار ، وكذلك اللهَبُ و « اللُّهَابُ » بالضم.

وبنو لَهَبٍ : قوم من الأزد ـ قاله الجوهري.

باب ما أوله النون

(نجب)

النَّجِيبُ : الفاضل من كل حيوان ، وقد نَجُبَ بالضم يَنْجُبُ نَجَابَةً : إذا كان فاضلا نفيسا في نوعه ، والجمع « النُّجَبَاءُ »

__________________

(١) من لا يحضر ج ٢ ص٣٣٦.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٥٦٤.

(٣) من لا يحضر ج ٢ ص٣٣٦.

(٤) الكافي ج ٤ ص ٥٦٥.

١٦٨

مثل كرم فهو كريم وهم كرماء ، والأنثى « النَّجِيبَةُ » ، والجمع « النَّجَائِبُ ». ومنه الْحَدِيثُ : « سَوْفَ يَنْجُبُ مَنْ يَفْهَمُ ».

وأَنْجَبَ الرجل : ولد نَجِيباً. وامرأة مِنْجَابٌ : تلد النُّجَبَاءَ. والْمِنْجَابُ : الرجل الضعيف. وانْتَجَبَهُ : اختاره واصطفاه ، والْمُنْتَجَبُ : المختار ، والجمع « النُّجَبُ »

وَفِي الْخَبَرِ : « الْأَنْعَامُ مِنْ نَجَائِبِ الْقُرْآنِ ».

أي من أفاضل سوره. والنَّجِيبُ من الإبل : القوي الخفيف السريع. ونَجْبَةُ نملة : أي قرصة نملة ، ومنه الْخَبَرُ : « الْمُؤْمِنُ لَا تُصِيبُهُ زَعْرَةٌ وَلَا عَثْرَةٌ وَلَا نَجْبَةُ نَمْلَةٍ إِلَّا بِذَنْبٍ ».

(نحب)

قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ ) [٣٣ / ٢٣ ] أي مات وقتل في سبيل الله. والنَّحْبُ : المدة والوقت ، يقال قضى فلان نَحْبَهُ أي مات. والنَّحْبُ : النذر أيضا ، يقال ( قَضى نَحْبَهُ ) أي نذره ، كان النذر موتا فقضاه. والنَّحِيبُ : رفع الصوت بالبكاء. والنساء النَّوَاحِبُ : اللاتي يرفعن أصواتهن بالبكاء والنوادب من الباكيات على الميت. وقد نَحَبَ يَنْحِبُ من باب ضرب نَحِيباً : بكى ، ويقال النَّحْبُ أشد البكاء كَالنَّحِيبِ. وفي النهاية النَّحْبُ والنَّحِيبُ والِانْتِحَابُ : البكاء بصوت طويل [ ومد ] (١)

(نخب)

فِي الْخَبَرِ : « وَقَدْ جَاءَهُ فِي نُخَبِ أَصْحَابِهِ ».

أي في خيارهم. والِانْتِخَابُ : الاختيار ، ومِنْهُ « وَصِيُّ رَسُولِكَ الَّذِي انْتَخَبْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ ».

والْمُنْتَخَبُ من الشيء : المنتزع منه و « نُخْبَةُ بني هاشم « بالضم والسكون : خيارهم. و « رجل نَخِبٌ » بكسر الخاء : أي جبان لا فؤاد له ، ومنه الْحَدِيثُ » بِئْسَ

__________________

(١) الزّيادة من النّهاية.

١٦٩

الْعَوْنُ عَلَى الدِّينِ قَلْبٌ نَخِيبٌ وَبَطْنٌ رَغِيبٌ ».

(ندب)

نَدَبْتُهُ إلى الأمر نَدْباً من باب قتل : دعوته ، والفاعل « نَادِبٌ » والمفعول « مَنْدُوبٌ » والاسم « النُّدْبَةُ » كغرفة. ومنه الْمَنْدُوبُ في الشرع ، وأصله الْمَنْدُوبُ إليه ، لكن حذفت الصلة لفهم المعنى. ونَدَبَهُ لأمر فَانْتَدَبَ أي دعاه لأمر فأجاب. وانْتَدَبَ الله لمن خرج في سبيله : أي أجابه إلى غفرانه أو ضمن أو تكفل أو سارع بثوابه. ونَدَبَ الميتَ : بكى عليه وعدد محاسنه ، يندبه ندبا. والنَّدْبُ : أن تذكر النائحة الميت بأحسن أوصافه وأفعاله ، ومنه « يَنْدُبْنَ أمواتهم » بضم الدال.

(نسب)

قوله تعالى : ( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً ) [٣٧ / ١٥٨ ] قيل هو زعمهم أن الملائكة هم بنات الله ، فأثبتوا بذلك جنسية جامعة له وللملائكة. والجنة : الجن ، وسموا جنة لاستتارهم عن العيون ، وقيل هو قول الزنادقة إن الله خالق الخير وإبليس خالق الشر. قوله : ( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ ) [ ٢٣ / ١٠١ ]

قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام : « لَا يَتَقَدَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ إِلَّا بِالْأَعْمَالِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ بِأَبٍ وَجَدٍّ وَإِنَّمَا هِيَ لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَهُوَ عَرَبِيٌ ] إِنَّكُمْ مِنْ وُلْدِ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، وَاللهُ لَعَبْدٌ حَبَشِيٌّ أَطَاعَ اللهَ خَيْرٌ مِنْ سَيِّدٍ قُرَشِيٍّ عَصَى اللهَ ، وَ ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) » (١).

وَفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ (ع) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) فَقَالَ : « نِسْبَةُ اللهِ إِلَى خَلْقِهِ ».

أي فيه بيان النسبة السلبية بين الله وبين الممكنات. و « النَّسَبُ » واحد الْأَنْسَابِ ، والنِّسْبَةُ مثله. وانْتَسَبَ إليه : اعتزى ، والاسم

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ص ٤٤٩ ، والزيادة منه.

١٧٠

« النِّسْبَةُ » والجمع » النِسَبُ » كسدرة وسدر ، وقد تضم فيجمع على فعل كغرفة وغرف ، وقد يكون من قبل الأب ومن قبل الأم. ونَسَبُ النبي : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن نضر بن نزار بن معد بن عدنان (١). و « رجل نَسَّابَةٌ » بالتشديد : أي عالم بالأنساب ، والهاء للمبالغة في المدح ، كأنهم يريدون به داهية أو غاية أو نهاية. والنَّسِيبُ : القريب ، وليس بينهما مُنَاسَبَةٌ ، أي مشاكلة. والنِّسْبَةُ أيضا : الِانْتِسَابُ إلى ما يوضح ويميز كالأب والأم والقبيلة والصناعة وغير ذلك. ونِسْبَةُ العشرة إلى المائة عشر ، أي مقدارها العشر.

(نشب)

فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْقُرْآنِ : « نَظَرُهُ مُنِيحٌ مِنْ عَطَبٍ وَمُخَلِّصٌ مِنْ نَشَبٍ » (٢).

هو من قولهم « نَشِبَ في الشيء « إذا وقع فيما لا مخلص منه. ونَشِبَ الشيء في الشيء ـ من باب تعب نُشُوباً : علق به ، فهو نَاشِبٌ. و « النُّشَّابُ » بالضم والتشديد : السهام ، الواحدة « نُشَّابَةٌ ».

(نصب)

قوله تعالى : ( فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) [ ٩٤ / ٧ ـ ٨ ]

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِ : الْمَعْنَى ( فَإِذا فَرَغْتَ ) مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكَ فِي الدُّعَاءِ ، وَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَيُعْطِيَكَ ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) مِنَ « النَّصَبِ » وَهُوَ التَّعَبُ

وَعَنِ الصَّادِقِ (ع) يَقُولُ : فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عَلَمَكَ وَأَعْلِنْ وَصِيَّكَ فَأَعْلِمْهُمْ فَضْلَهُ عَلَانِيَةً ، فَقَالَ (ص) : « مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ».

__________________

(١) انظر مختصر من تراجم آباء النبي (ص) في سفينة البحار ج ١ ص ٨.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٥٩٨.

١٧١

فقوله ( وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) [ ٥ /٣ ] النُّصُبُ بضمتين : حجر كانوا يَنْصِبُونَهُ في الجاهلية ويتخذونه صنما فيعبدونه ، والجمع « الْأَنْصَابُ » ، وقيل هو حجر كانوا يَنْصِبُونَهُ ويذبحون عليه فيحمر بالدم. و « النَّصْبُ » مثل فلس لغة فيه ، وقرأ به السبعة ، وقيل المضموم جمع المفتوح ، مثل سقف جمع سقف. قوله : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ. وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ) [ ٨٨ / ١٧ ـ ١٩ ] الآية.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ : رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (ع) فَتْحُ أَوَائِلِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَضَمُّ التَّاءِ.

والمفعول في جميعها محذوف ، والمعنى كيف خلقتها وكيف نَصَبْتُهَا وكيف رفعتها وكيف سطحتها. قوله : ( أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) [٣٨ / ٤١ ] أي ببلاء وشر ، يريد مرضه وما كان يقاسيه من أنواع الوصب ، ويقال النَّصَبُ في البدن والعذاب في ذهاب الأهل والمال ، وأما نسبته إلى الشيطان لما كان يوسوس إليه من تعظيم ما نزل به من البلاء ويغريه إلى الجزع والتجأ إلى الله تعالى. قال الشيخ أبو علي : قرىء « نُصُبٌ » بضم النون وبفتح النون والصاد وبضمهما. قوله : ( وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ ) [ ١٦ / ٥٦ ] يعني بذلك ما كانت العرب يجعلونه للأصنام نَصِيباً في زرعهم وإبلهم وغنمهم ، فرد الله عليهم فقال : ( تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ). قوله : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ) [ ٤ /٣٢ ] جعل تعالى ما قسمه لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرفه من الصلاحية كسب له. قوله : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ) [ ٦ / ١٣٦ ] النَّصِيبُ : الحظ من الشيء ، يعني كفار مكة وأسلافهم ، كانوا يجعلون أشياء من الحرث والأنعام لله وأشياء منهما لآلهتهم ، فإذا رأوا ما جعلوه لله ناميا زاكيا رجعوا فجعلوه للآلهة وإذا زكى ما جعلوه للآلهة تركوه لها وقالوا إن الله غني.

١٧٢

و « الْأَنْصَابُ » قيل هي الأصنام كانت مَنْصُوبَةً حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة.

وَفِي الْخَبَرِ « قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ (ص) وَمَا الْأَنْصَابُ؟ قَالَ : مَا ذَبَحُوهُ لآِلِهَتِهِمْ ».

قوله : ( عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ) [ ٨٨ /٣ ] قيل أي عاملة في النار عملا تتعب فيه ، وهي جرها السلاسل والأغلال ، وقيل عملت ونُصِبَتْ في الدنيا في أعمال لا يجزى عليها في الآخرة.

قَوْلُهُ : ( وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ) [ ٢٨ / ٧٧ ] أَيْ لَا تَنْسَ صِحَّتَكَ وَقُوَّتَكَ وَفَرَاغَكَ وَشَبَابَكَ وَنَشَاطَكَ أَنْ تَطْلُبَ بِهَا الْآخِرَةَ ، كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ ع

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَنَّ الدُّنْيَا تُنْصَبُ لِلْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ ثُمَّ يُخَيَّرُ ».

كأنه من قولهم « نُصِبَتْ الخشبة نَصْباً « من باب ضرب : أقمتها. وفِيهِ » إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُعِيَ النَّبِيُّ (ص) وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) وَالْأَئِمَّةُ فَيُنْصَبُونَ لِلنَّاسِ فِي تَلٍّ مِنَ الْمِسْكِ ».

أي يقامون ، ولعله الأعراف المذكور في قوله : ( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ )

وَفِي الدُّعَاءِ « إِلَيْكَ نَصَبْتُ يَدِي ».

أي رفعتها. ونَصَبَنِي : أي أجلسني للعلم والإفتاء

وَفِي الدُّعَاءِ أَيْضاً « لَا تَجْعَلْنِي لِنَقِمَتِكَ نَصَباً ».

هو بفتحتين قريب من معنى الغرض. و « النَّصْبُ » في الإعراب بالفتح فالسكون كالفتح في البناء ، وهو من مواضعات النحويين. والنَّصْبُ أيضا : المعاداة ، يقال نَصَبْتُ لفلان نَصْباً : إذا عاديته ، ومنه « النَّاصِبُ » وهو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت أو لمواليهم لأجل متابعتهم لهم ، وفي القاموس النَّوَاصِبُ والنَّاصِبَةُ وأهل النَّصْبِ المتدينون ببغض علي (ع) لأنهم نَصَبُوا له ، أي أعادوه. قال بعض الفضلاء : اختلف في تحقيق النَّاصِبِيِ : فزعم البعض أن المراد من نَصَبَ العداوة لأهل البيت (ع) ، وزعم آخرون أنه من نَصَبَ العداوة

١٧٣

لشيعتهم ، وفي الأحاديث ما يصرح بالثاني

فَعَنِ الصَّادِقِ (ع) أَنَّهُ « لَيْسَ النَّاصِبُ مَنْ نَصَبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ لَا تَجِدُ رَجُلاً يَقُولُ أَنَا أُبْغِضُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَلَكِنَ النَّاصِبَ مَنْ نَصَبَ لَكُمْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُوَالُونَا وَأَنْتُمْ مِنْ شِيعَتِنَا ».

ولفلان مَنْصِبٌ وزان مسجد ، أي علو ورفعة. والْمِنْصَبُ ـ وزان مقود ـ آلة من حديد تُنْصَبُ للقدر للطبخ. و « نَصِبَ الرجل » كفرح : تعب وأعيا. ونَصَبَهُ : أتعبه. ونَصَبَهُ المرض : أوجعه. و « لِيَنْصِبْ » في الدعاء أي يجد ويتعب. ونِصَابُ الحرم : قدره الذي ينتهي إليه. والنِّصَابُ من المال : القدر الذي تجب فيه الزكاة إذا بلغه كمائتي درهم وخمس من الإبل. ونِصَابُ السكين : ما يقبض عليه. و « نَصِيبِينَ » بالموحدة بين ياءين : بلد بين الشام والعراق. قال الجوهري : وفيه للعرب مذهبان منهم من يجعله اسما واحدا ويلزمه الإعراب ، ومنهم من يجريه مجرى الجمع. والْأَنْصِبَاءُ : العلائم ، ومنه حَدِيثُ الْقِدَاحِ الْعَشَرَةِ « سَبْعَةٌ لَهَا أَنْصِبَاءُ وَثَلَاثَةٌ لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا ».

(نضب)

فِي حَدِيثِ أَكْلِ الْحِيطَانِ : « لَا تَأْكُلْ مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ ».

أي غار ، يقال : نَضَبَ الماء يَنْضُبُ من باب قعد نُضُوباً : إذا غار في الأرض وسفل ، ويَنْضِبُ بالكسر لغة.

(نعب)

فِي دُعَاءِ دَاوُدَ (ع) : « يَا رَازِقَ النَّعَابِ فِي عُشِّهِ ».

النَّعَابُ : الغراب ، والنَّعِيبُ صوته ، يقال نَعِبَ الغراب يَنْعَبُ نَعْباً ونَعِيباً من باب ضرب ومن باب نفع لغة : صاح بالبين على زعمهم ، يعني الفراخ. قيل إن فرخ الغراب إذا خرج من بيضته يكون أبيض كالشحمة ، فإذا رآه الغراب

١٧٤

أنكره وتركه ولم يزقه ، فيسوق الله إليه البق فيقع عليه لزهومة ريحه فيلقطها ويعيش بها إلى أن يطلع ريشه ويسود فيعاوده أبوه وأمه.

(نغب)

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) مَعَ قَوْمِهِ فِي الْجِهَادِ : « وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ السِّهَامَ أَنْفَاساً ».

قال الجوهري : النُغْبَةُ بالضم الجرعة ، وقد يفتح ، والجمع « نُغَبٌ » ثم نقل عن ابن السكيت أنه قال : نَغِبْتُ من الإناء بالكسر نَغَباً أي جرعت منه جرعا

(نقب)

قوله تعالى : ( فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ ) [ ٥٠ /٣٦ ] أي طافوا وتباعدوا ، ويقال نَقَّبُوا في البلاد : صاروا في نقوبها ، أي في طرقها طلبا للهرب ، والنِّقَابُ : الطريق. قوله : ( وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ) [ ٥ / ١٢ ] نَقِيبُ القوم كالكفيل والضمين : يَنْقُبُ عن الأسرار ومكنون الأضمار ، وإنما قيل نَقِيبٌ لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ويعرف الطريق إلى معرفة أمورهم أي أمرنا موسى بأن يبعث من الأسباط الاثني عشر اثني عشر رجلا كالطلائع يتجسسون ويأتون بأخبار أرض الشام وأهلها الجبارين ، واختار من كل سبط رجلا يكون لهم نَقِيباً.

وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ قَدْ جَعَلَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ بَايَعُوهُ نَقِيباً عَلَى قَوْمِهِ وَجَمَاعَتِهِ لِيَأْخُذُوا عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ وَيُعَرِّفُونَهُمْ شَرَائِطَهُ ».

يعني رئيسا متقدما عليهم ، وكانوا اثني عشر نَقِيباً كلهم من الأنصار ، وكان سهل بن حنيف من النُّقَبَاءِ الذين اختارهم رسول الله (ص) ، وكان بَدْرِيا عَقَبِيا أُحُدِيا وكان له خمس مَنَاقِبَ. ونَقَبَ يَنْقُبُ نِقَابَةً مثل كتب يكتب كتابة. و « النِّقَابَةُ « بالكسر الاسم وبالفتح المصدر كالولاية والولاية. والْمَنَاقِبُ : الفضائل. والْمَنْقَبَةُ : المعجزة. و « نِقَابُ المرأة » بالكسر ، والجمع نُقُبٌ ككتاب وكتب. وانْتَقَبَتْ وتَنَقَّبَتْ : غطت وجهها بِالنِّقَابِ.

١٧٥

والنَّقِيبُ : موضع قرب المدينة (١). و « النَّاقِبَةُ « في حديث الشجاع (٢) هي التي تَنْقُبُ اللحم أو العظم أو هما معا. ونَقَبْتُ الحائط نَقْباً من باب قتل : خرقته. ونَقِبَ الخف من باب تعب : خرق. و « نَقِبَ البعير » بالكسر : رقت أخفافه ، ومنه « ناقة نَقْبَاءُ ». ومنه حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ مَعَ عُمَرَ « إِنِّي عَلَى نَاقَةٍ دَبْرَاءَ عَجْفَاءَ نَقْبَاءَ » وَاسْتَحْمَلَهُ فَظَنَّهُ عُمَرُ كَاذِباً فَلَمْ يَحْمِلْهُ فَقَالَ :

أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ

مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرٍ.

(نكب)

قوله تعالى : ( فَامْشُوا فِي مَناكِبِها ) [ ٦٧ / ١٥ ] قيل جبالها ، وقيل طرقها. قوله : ( عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ) [ ٢٣ / ٧٤ ] أي عادلون عن القصد ، يقال نَكَبَ عن الطريق من باب قعد : عدل ومال. و « نُكُبٌ » بضمتين جمع نَكُوبٍ ، وهو كثير العدول عن الطريق ، وفي القاموس نَكَبَ عنه كنصر وفرح عدل كَتَنَكَّبَ.

وَفِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ : « مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَنَا مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَتَنَكَّبِ الْفِتَنَ ».

أي لا مخلص له منها.

وَ « يَتَنَكَّبُونَهُ مَا اسْتَطَاعُوا ».

أي يعدلون عنه ويميلون ما استطاعوا ذلك. و « تَنَكَّبَ عن وجهي « أي تنحى وأعرض عني. ومنه حَدِيثُ الْمُحْرِمِ : « يَتَنَكَّبُ الْجَرَادَ إِذَا كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ ».

وأَنْكَبَهُ الزمان : أتعبه وخذله وكسره وقلبه من الفوق إلى الأسفل. والَنَّكْبَةُ : ما يصيب الإنسان من الحوادث ، والجمع « نَكَبَاتٌ » مثل سجدة وسجدات. ومنه الْحَدِيثُ : « مَا مِنْ نَكْبَةٍ

__________________

(١) في مراصد الاطّلاع ص ١٣٨٣ : النقاب ـ بالكسر بلفظ نقاب المرأة ـ جمع نقب ، وهو الخرق في الجبل ، موضع من أعمال المدينة يتشعّب فيه طريقان إلى وادي القرى وإلى وادي المياه.

(٢) من لا يحضر ج ٤ ص ٥٥.

١٧٦

تُصِيبُ الْإِنْسَانَ إِلَّا بِذَنْبٍ ».

والنكبة في قوله :

« مَا كَانَ بِرَسُولِ اللهِ (ص) قُرْحَةٌ وَلَا نَكْبَةٌ إِلَّا أَمَرَ بِوَضْعِ الْحِنَّاءِ عَلَيْهِ ».

فسرت بالجراحة بحجر أو شوكة. والنَّكْبَةُ في

قَوْلِهِ : « الْعُذْرَةُ ـ يَعْنِي الْبَكَارَةَ ـ تَذْهَبُ بِالنَّكْبَةِ ».

يعني الطفرة والعشرة. و « مَنْكِبُ الشخص » كمجلس مجتمع رأس العضد والكتف. والْمَنْكِبَانِ : هما اليمين والشمال.

(نوب)

قوله تعالى : ( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ) [٣٠ /٣١ ] أي راجعين إليه ، من أَنَابَ يُنِيبُ إِنَابَةً : إذا رجع. ومثله قوله : ( دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ) [ ٢٣ / ٨ ] أي راجعا إليه بالتوبة. ( وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) [ ١١ / ٨٨ ] أي أرجع إليه مقبلا بالقلب. والنَّائِبَةُ : ما يَنُوبُ الإنسان ، أي تنزل به من المهمات والحوادث. ومنه حَدِيثُ الْجِهَادِ : « وَيَأْخُذُ ـ يَعْنِي الْإِمَامَ ـ الْبَاقِيَ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَرْزَاقَ أَعْوَانِهِ عَلَى دِينِ اللهِ وَفِي مَصْلَحَةِ مَا يَنُوبُ مِنْ تَقْوِيَةِ الْإِسْلَامِ ».

أي ينزل به ويحدث من المهمات. وجمع النَّائِبَةِ « نَوَائِبُ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ لَا يُعِدَّ الصَّبْرَ لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ لَيَعْجِزُ » (١).

وفِيهِ « الْحُرُّ حُرٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إِنْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ صَبَرَ لَهَا » ٢).

و « النَّوْبَةُ » بالفتح واحدة النُّوَبُ ، يقال جاءت نَوْبَتُكَ. والنَّوْبَةُ : الفرصة والدولة. والنَّوْبَةُ : الاسم من قولك « نَابَهُ أمر ». وانْتَابَهُ : أصابه. ونَابَهُ يَنُوبُهُ نَوْباً وانْتَابَهُ : إذا قصده مرة بعد أخرى ، ومنه الدُّعَاءُ « يَا أَرْحَمَ مَنِ انْتَابَهُ الْمُسْتَرْحِمُونَ ».

وانْتَابَتِ السباع المنهل : رجعت إليه مرة بعد أخرى. ومنه الْحَدِيثُ « لَعَنَ اللهُ الْمَانِعَ الْمَاءَ الْمُنْتَابَ ».

أي المباح الذي

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٩٣.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٨٩.

١٧٧

يؤخذ بِالنَّوْبَةِ هذا مرة وهذا أخرى. والنُّوبُ والْنُّوبَةُ : جيل من السودان الواحد « نُوبِيٌ » ، ومنه حَدِيثُ وَصْفِ الْإِمَامِ عليه السلام : « بِأَبِي ابْنُ النُّوبِيَّةِ الطَّيِّبَةِ ».

لأن أمه (ع) كانت نُوبِيَّةً. ونَابَ فلان عني : قام مقامي. ونَابَ الوكيل عني في كذا يَنُوبُ نِيَابَةً فهو نَائِبٌ ، وجمع النَّائِبُ » نُوَّابٍ » ككافر وكفار.

(نهب)

فِي الْخَبَرِ : « نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ ».

هي كغرفة : المال الْمَنْهُوبُ ، وبفتح النون مصدر. ومنه الْحَدِيثُ : « لَا يَنْهَبُ الْمُؤْمِنُ نَهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ ».

أي لا يَنْهَبُ المؤمن نَهْبَةً يرفع الناس إليها أبصارهم ينظرون إليه ، وهذا في أخذ مال المسلم قهرا وأخذ الأموال المشتركة. ومِنْهُ « الطَّعَامُ يُقَدَّمُ إِلَيْهِمْ فَلِكُلٍّ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ. وَفِيهِ قُلْتُ : وَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟ قَالَ : نَحْوُ مَا صَنَعَ حَاتِمٌ حِينَ قَالَ مَنْ أَخَذَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ ».

ونَهَبْتُ الشيء نَهْباً من باب نفع ، وانْتَهَبَهُ انْتِهَاباً فهو مَنْهُوبٌ ومُنْتَهَبٌ. و « النُّهْبَى » بالضم فسكون وقصر : اسم ما انْتُهِبَ من مال المسلم قهراً. ومنه نهى عن النُّهْبَى دون ما نُهِبَ من أموال الحرب فهو جائز. وقولهم : « هذا زمان النَّهْبِ » أي الِانْتِهَابِ ، وهو الغلبة على المال. والنَّهْبُ أيضا : الغنيمة والجمع النِّهَابُ ، ومنه « أتي بِنَهْبٍ ».

(نيب)

فِي الْحَدِيثِ : « مَانِعُ الزَّكَاةِ يَنْهَشُهُ كُلُّ ذِي نَابٍ ».

النَّابُ : السنّ خلف الرباعية والنَّابُ : الناقة المسنة من النوق ، سميت بذلك لطول نابها ولا يقال للجمل نَابٌ ، والجمع أَنْيَابٌ ونُيُوبٌ ونِيبٌ ، فألفها منقلبة عن ياء لا عن واو.

١٧٨

باب ما أوله الواو

(وثب)

فِي الْحَدِيثِ : « أَهْلُ بَيْتِي أَبَوْا عَلَيَّ إِلَّا تَوَثُّباً وَقَطِيعَةً ».

كأنه من قولهم وَثَبَ الماء وَثْباً من باب قعد ووُثُوباً : قفز وطفر ، ومِنْهُ « الْمُؤْمِنُ لَا وَثَّابٌ وَلَا سَبَّابٌ ».

ووَثَبَتْ رجلي : أي أصابها وهن دون الخلع والكسر. ووَثَبَ له وسادة : أي ألقاها له وأقعده عليها. ووَثَبَ أي قام بسرعة ، وَثَبَ في لغة حمير أقعد ، والْوُثُوبُ في غير لغة حمير النهوض والقيام. ومنه « وَثَبَ ابن الزبير » أي نهض.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْمُتَوَثِّبُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ ».

أراد أمر الإمامة بغير استحقاق. و « الْمِثْيَبُ » بكسر الميم : الأرض السهلة ، وماء لعقيل ، وماء بالمدينة إحدى صدقاته.

(وجب)

قوله تعالى : ( فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها ) [ ٢٢ /٣٦ ] قيل أي سقطت إلى الأرض ، أخذا من قولهم وَجَبَ الحائط وُجُوباً : إذا سقط.

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِذَا وَقَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ ».

لأن المستحب أن تنحر الإبل قياما معلقة. ووَجَبَ الشيء وُجُوباً كوعد : لزم ـ قاله الجوهري وغيره. والْوُجُوبُ : اللزوم. وأَوْجَبَهُ الله واسْتَوْجَبَهُ : استحقه. ووَجَبَ البيع : لزم. ومنه « إِذَا افْتَرَقَ الْبَيِّعَانِ وَجَبَ الْبَيْعُ ».

أي لزم. وقد جاء الْوُجُوبُ في الحديث كثيرا ويراد به شدة الاستحباب. وتَجِبُ القلوب : تضطرب. ووَجَبَتِ الشمس : إذا غابت وغربت ومنه الْحَدِيثُ : « وَقْتُ الْمَغْرِبِ حِينَ تَجِبُ

١٧٩

الشَّمْسُ ».

أي تغيب. و « الْوَجْبَةُ « بفتح واو وسكون جيم : الهدة وصوت السقوط. ومنه الْحَدِيثُ : « سَمِعَ رَسُولُ اللهِ (ص) وَجْبَةً فَإِذَا هُوَ جَبْرَئِيلُ ».

والْوَجْبَةُ : التعظيم والتكريم. ومنه « يَا عَلِيُّ مَنْ لَمْ يُوجِبْ لَكَ فَلَا تُوجِبْ لَهُ وَلَا كَرَامَةَ » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ : « عَلَيْكُمْ بِالْمُوجِبَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ، ثُمَّ فَسَّرَهُمَا بِأَنْ قَالَ : « تَسْأَلُ اللهَ الْجَنَّةَ وَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ النَّارِ ».

وبصيغة اسم الفاعل أو المفعول ، أي اللتان يُوجِبَانِ حصول مضمونهما ، أو اللتان أَوْجَبَهُمَا الشارع ، أي استحبهما استحبابا مؤكدا ، فعبر عنه بِالْوُجُوبِ كما يقال للرجل « حقك عليَ وَاجِبٌ ». وأَوْجَبَ الرجل : إذا عمل عملا يُوجِبُ الجنة أو النار. والْمُوجِبَةُ : الكبيرة من الذنوب. ومنه حَدِيثُ الْحَاجِ : « وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمُوجِبَةٍ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « السَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَشْفَعُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْإِيجَابِ ».

أي القبول ، يعني أن الله تعالى يثبت لهم الشفاعة. و « عسى في القرآن مُوجِبَةٌ » أي محتمة فيه من غير ترج. والْمُوجِبَاتُ : الأمور التي أَوْجَبَ الله عليها العذاب والرحمة والجنة. ومنه الدُّعَاءُ « أَسْأَلُكَ بِمُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ ».

والْإِيجَابُ والْوُجُوبُ متقاربان في المعنى ، وقال بعض الأفاضل : الفرق بينهما كالفرق بين الضارب والمضروب ، فالضارب هو المؤثر في الضرب ، والمضروب هو المؤثر فيه ، فالضارب اسم اشتق لذات والمعنى قائم بغيرها ، والْإِيجَابُ معناه التأثير ، والْوُجُوبُ هو حصول الأثر ، فكان الله تعالى لما أَوْجَبَ علينا شيئا وَجَبَ ، فالأول يقال له الْإِيجَابُ والثاني الوُجُوبُ.

(وصب)

قوله تعالى : ( وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ )

__________________

(١) من لا يحضر ج ٤ ص ٢٥٥.

١٨٠