مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

بين صُلْبِ الرجل وترائب المرأة ، وهي عظام الصدر ، والولد لا يكون إلا من الماءين. والصُّلْبُ في الظهر ، وكل شيء من الظهر فيه فقار فذلك الصُّلْبُ ، وتضم اللام للإتباع. و « الصَّلَبُ » بالتحريك لغة في الصُّلْبِ. قوله : ( لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) [ ٢٠ / ٧١ ] هو من قولهم صَلَبْتُ القاتل من باب ضرب صَلْباً فهو مَصْلُوبٌ ، وجاء صَلَّبْتُ أيضا بالتشديد للكثرة.

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ « وَأَقِمْ صُلْبَكَ ».

وفِيهِ « إِذَا انْكَسَرَ الصُّلْبُ فَفِيهِ الدِّيَةُ ».

أي انكسر الظهر فحدب الرجل ففيه الدية. وقيل أراد إن أصيب صُلْبُهُ بشيء حتى أذهب منه الجماع. والصُّلْبُ من الأرض : المكان الغليظ الشديد. وصَلُبَ الشيء ـ بالضم صَلابَةً : اشتد وقوي ، فهو صَلْبٌ. ومكان صَلْبٌ : غليظ شديد. وأرض صَلْبَةٌ : شديدة ، والجمع « الصِّلَبَةُ » بالكسر والتحريك مثل قُلب وقِلَبَة. والصَّلَابَةُ يقابل اللين ، واللين كيفية تقتضي الغمر إلى الباطن. وصَلِيبُ النصارى : هيكل مربع يدعون النصارى أن عيسى صُلِبَ على خشبة على تلك الصورة. وفي المغرب هو شيء مثلث كالتماثيل تعبده النصارى.

وَفِي الْخَبَرِ « نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْمُصَلَّبِ ».

بالتشديد ، وهو الذي فيه نقش أمثال الصُّلْبَانِ. واصْطَلَبَ الرجلُ : إذا جمع العظام واستخرج صَلِيبَهَا ، وهو الودك ، ويقال إن الْمَصْلُوبَ مشتق منه لما يسيل من ودكه.

(صوب)

قوله تعالى : ( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ ) [ ٤٢ /٣٠ ] الآية. المُصِيبَةُ والْمُصَابَةُ والْمَصُوبَةُ : الأمر المكروه الذي يحل بالإنسان ، وجمعها المشهور « مَصَائِبُ » ، وربما جمعت على الأصل فقيل « مُصِيبَاتٌ » و « مَصَاوِبُ ». قوله : ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ )

١٠١

[ ٢ / ١٩ ] الصَّيِّبُ فيعل من صَابَ يَصُوبُ : إذا نزل من السماء ووقع ، ويقال للسحاب أيضا صَيِّبٌ. وسحاب صَيِّبٌ : ذو الصَّوْبِ. والصَّوْبُ بالفتح : نزول المطر ، ومنه « غيث صَوْبَةٌ مستبطر » أي شديد. قال الشيخ أبو علي في الآية : وهذا تمثيل لحال المنافقين ، والمعنى أي كمثل ذي صَيْبٍ ، أي كمثل قوم أخذهم المطر على هذه الصفة ولقوا منه ما لقوا ، قالوا شبه دين الإسلام بالمطر لأن القلوب تحيى به كما تحيى الأرض بالمطر ، وشبه ما يتعلق من شبهات الكفار بالظلمات وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق وما يصيبهم من أهل الإسلام بالصواعق. والصَّوَابُ : ضد الخطأ ، ومنه قوله تعالى : ( إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً ) [ ٧٨ /٣٨ ] أي لم يقل خطأ. قوله : ( رُخاءً حَيْثُ أَصابَ ) [٣٨ /٣٦ ] أي حيث أراد ، يقال أَصَابَ الله بك خيرا : أي أراد الله بك خيرا.

وَفِي الْخَبَرِ : « مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِيبُ مِنْهُ ».

أي ابتلاه بِالْمَصَائِبِ ليثيبه عليها. وأَصَابَ السهم : وصل الغرض. قال في المصباح : وفيه لغتان أخريان « صَابَهُ صَوْباً » من باب قال والثانية » يُصِيبُهُ صَيْباً « من باب باع. وأَصَابَ المتيمم الماء : وجده. وأَصَابَ الرجل زوجته : جامعها ، ومنه « أَصَابَهَا دُونَ الْفَرْجِ ».

وأَصَابَتْهُ جنابة : حصلت له. وأَصَابَ الرأي فهو مُصِيبٌ. وأَصَابَ في فعله وقوله لم يخط فيهما وفي ليلة إحدى وعشرين أُصِيبَ فيها الأنبياء وأوصياء الأنبياء منهم علي (ع). وأَصَابَ الإنسان من المال وغيره : أي تناول منه وأخذ. ويُصِيبُونَ ما أَصَابَ الناس : أي ينالون ما نالوه. وأُصِيبَتْ دعوته : أجيبت. وصَوَّبَ الله رأسه في النار ـ بالتشديد ـ نكسه. وصَوَّبَ فعله : قال له أَصَبْتَ.

١٠٢

واسْتَصْوَبَ فعله : رآه صَوَاباً ، ومثله اسْتَصَابَ فعله. والصَّابُ : عصارة شجر مر.

(صهب)

فِي الْخَبَرِ « نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ لَمْ يَعْصِهِ ».

أراد أنه يطيعه حبا له لا خوف عقابه ، ومعنى لو لم يخف الله لم يعصه أي لو لم يخف لم يعصه فكيف وقد خافه.

وَفِي الْحَدِيثِ » بِئْسَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ كَانَ يَبْكِي عَلَى رُمَعَ ».

وَعَنِ الصَّادِقِ (ع) : « رَحِمَ اللهُ بِلَالاً كَانَ يُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَلَعَنَ اللهُ صُهَيْباً فَإِنَّهُ كَانَ يُعَادِينَا ».

وفِيهِ أَيْضاً : « أَنَ صُهَيْباً وَبِلَالاً كَانَا مَوْلَيَيْنِ لِرَسُولِ اللهِ ، وَقَدْ تَرَكَ بِلَالٌ الْأَذَانَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ (ص) ، وَصُهَيْبٌ كَانَ مُؤَذِّناً لِعُمَرَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ ».

و « الصُّهْبَةُ « بالضم : الشقرة في شعر الرأس ، يقال صَهِبَ صَهَباً من باب تعب ، فالذكر أَصْهَبُ والأنثى صَهْبَاءُ ، والجمع « صُهْبٌ » مثل أحمر وحمراء وحمر ويصغر تصغير الترخيم فيقال صُهَيْبٌ. والْأَصْهَبُ من الإبل : الذي يخالط بياضه حمرة ، وهو أن يحمر أعلى الوبر ، ومنه « ناقة صَهْبَاءُ ». والصَّهْبَاءُ : موضع على روحة من خيبر.

باب ما أوله الضاد

(ضبب)

فِي الْحَدِيثِ : « أَنَّ رَسُولَ اللهِ غَدَا مِنْ مِنًى وَمِنْ طَرِيقِ ضَبٍ ».

وهو جبل بِلِحْف مسجد الخيف (١) ، قال في القاموس واللِّحْف بالكسر أصل الجبل ، وفِي بَعْضِ النُّسَخِ غير [ الْغَيْرِ ] المَشْهُورَةِ « فِي طَرِيقِ ضَبَبٍ » على

__________________

(١) ضب بالفتح ثم التشديد ، واحد الضباب : اسم الجبل الذي مسجد الخيف في أصله. مراصد الاطلاع ص ٨٦٤.

١٠٣

التوصيف ، أي في طريق منحدر.

والضَّبُ : دابة برية ، والجمع « ضِبَابٌ » مثل سهم وسهام ، و « أَضْبُبٌ » مثل فلس وأفلس ، والأنثى « ضَبَّةٌ » وهي أنواع نقل من عجيب خلقه أن الذكر له زُبَّان والأنثى فرجان تبيض منهما. و « الضَّبَّةُ » بالفتح والتشديد من حديد أو صفر ونحوه يشعب بالإناء ، وجمعها « ضَبَّاتٌ » كحبة وحبات. وضَبَّبْتُهُ ـ بالتشديد ـ : عملت له ضَبَّةً ، ومنه « إناء مُضَبَّبٌ ». وضَبَّةُ الكوفة وضَبَّةُ البصرة قبيلتان. وضَبَّةُ اسم رجل. و « الضَّبَابُ » كسحاب جمع ضَبَابَةُ كسحابة وهو ندى يغشي الأرض بالغدوات وفي الصحاح الضَّبَابَةُ سحابة تغشي الأرض كالدخان. وضَبُبَ البلد : كثر ضَبَابُهُ. والضَّبُ : داء في الشفة يسيل منه الدم. ومن أمثالهم » رجل ضَبٌ خَبٌّ » أي جربز مراوغ.

(ضرب)

قوله : ( فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ ) [ ١٨ / ١١ ] أي أنمناهم ، وقيل منعناهم السمع ، قيل وهذا من فصيحات القرآن التي أقرت العرب بالقصور عن الإتيان بمثلها. قوله : ( ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) [ ٥ / ١٠٦ ] أي سرتم فيها. قوله : ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ) [ ٢ / ٦١ ] أي ألزموها ، ويقال هي محيطة بهم إحاطة البيت الْمَضْرُوبُ على أهله ، والذلة : الذل ، والمسكنة : فقر النفس ، حتى قيل إنه لا يوجد يهودي مؤسر ولا فقير غني النفس وإن تعمد لإزالة ذلك. قوله : ( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) [٣٠ / ٢٨ ] الآية. قال المفسر : أي أخذ لكم مثلا وانتزعه من أقرب شيء منكم وهو أنفسكم ، فمن لابتداء الغاية. وقوله : ( هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ ) أي هل ترضون

١٠٤

لأنفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد أن يشاركوكم فيما رزقناكم من الأموال تكونون أنتم وهم فيه على السواء من غير تفرقة بينكم وبينهم تهابون أن يستبدوا بالتصرف دونكم كما يهاب بعضكم من الأحرار ، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف ترضون لرب الأرباب ومالك الرقاب من العبيد والأحرار وأن تجعلوا بعض عبيده له شريكا. قوله : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ) [٣٦ / ٧٨ ] أي وصف وبين ، وكذا نظائرهما قوله : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ) [٣٠ / ٥٨ ] أي ولقد وصفنا كل صفة كأنها مثل في غرابتها ، وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة ولكن لقسوة قلوبهم وعنادهم إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا جئتنا بزور وباطل. قوله : ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) [ ٤٣ / ٥ ] أي نصرف ، يقال ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ عنه بمعنى ، وأصله أن الراكب إذا أراد أن يصرف دابته ضربها ، فوضع الضَّرْبَ موضع الصرف. قوله : ( فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ ) [ ٢ / ٦٠ ] الآية.

قِيلَ عَطِشَ قَوْمُ مُوسَى فِي التِّيهِ فَاسْتَسْقَى لَهُمْ فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : ( اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ) الْآيَةَ.

ويتم الكلام في « حجر ». قوله : و ( يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ ) [ ١٣ / ١٧ ] أي يَضْرِبُ مثلا لهما. قوله ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً ) [ ١٨ /٣٢ ] أي اذكر لهم مثلا ، وضرب المثل : اعتبار الشيء بغيره. وفِي الْحَدِيثِ : « نَهَى رَسُولُ اللهِ أَنْ يَضْرِبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلَاءً تَحْتَ شَجَرَةٍ ».

أي أن يجعل خلاء تحت شجرة يريد بها قضاء الحاجة. وضَرَبْتُ عليه خراجا : أي جعلته عليه وظيفة ، والاسم الضَّرِيبَةُ ، ومنه ضَرِيبَةُ العبد ، وهو ما يؤدي لسيده من الخراج المقدر عليه ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، تجمع على ضرائب. ومنه حَدِيثُ كَسْبِ الْحَجَّامِ : « كَمْ ضَرِيبَتُكَ ».

وفِيهِ : « كَانَ الْمَوْلَى يَأْخُذُ مِنَ الْعَبْدِ

١٠٥

فَرِيضَةً ضَرَبَهَا ».

أي قدرها عليه. وضَرَبَ يده في الماء : أي أدخلها وجعلها فيه. وضَرَبَ بيده فأكل : أي مد يده إلى الزاد فأكل.

وَفِي الْحَدِيثِ : « ضَرَبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ».

أي خلطوا بعضه ببعض فلم يفرقوا بين المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد والمجمل والمبين أخذا من قولهم : ضَرَبْتُ اللبن بعضه ببعض. وفِيهِ : « الدُّعَاءُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَبْلَغُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ ».

أي من السير فيها لطلب الرزق والتجارة. يقال ضَرَبَ في الأرض ضَرْباً وضَرَبَاناً خرج تاجرا أو غازيا ، ويقال ضَرَبْتُ في الأرض أي سافرت ، وفي السير أي أسرعت ، وضَرَبْتُ عن الأمر أي أعرضت عنه أي تركا وإهمالا ، وضَرَبْتُ عنقه : قطعته. وضَرَبَ الفحل الناقة : نزا عليها. وفِيهِ « ضِرَابُ الْفَحْلِ مِنَ السُّحْتِ ».

أي حرام ، والمراد الأجرة لا الضِّرَابُ نفسه ، قيل وهو عام في كل فحل. و « اضْرِبُوا مشارق الأرض » أي سيروا فيها كلها. والضَّرَبُ : العسل الأبيض الغليظ ، وبالتحريك أشهر. ومنه الْحَدِيثُ « الرَّجُلُ يُجْنِبُ فَيُصِيبُ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ الْخَلُوقُ وَالطِّيبُ وَالشَّيْءُ اللَّزِقُ مِثْلُ عِلْكِ الرُّومِ وَالضَّرَبِ وَمَا أَشْبَهَ ».

والضَّرْبُ : الصنف من الشيء. وضَرْبٌ أي شيء : مثل أي شيء. وما أقل ضَرْبَكَ في دهرنا : أي مثلك. ولا كثر الله في المؤمنين ضَرْبَكَ : أي مثلك. وأردت أن أَضْرِبَ على يده : أي أعقد معه البيع ، لأن من عادة المتبايعين أن يَضْرِبَ أحدهما في يد الآخر عند العقد.

وَفِي قَضَاءِ عَلِيٍّ (ع) : « فَلَمَّا تَقَدَّمَا الْمِصْطَبَّةَ لِيَقْطَعَا يَدَ الرَّجُلِ ضَرَبَا النَّاسَ حَتَّى اخْتَلَطُوا ».

أي دخلا فيهم. والضَّرَبَانُ : شدة الألم الذي يحصل في الباطن ، من قولهم ضَرَبَ الجرح ضَرَبَاناً

١٠٦

إذا اشتد وجعه وهاج ألمه. ومِنْهُ « أَجِدُ فِي بَطْنِي أَذًى وَضَرَبَاناً ».

وضَرَبَ العرق ضَرْباً وضَرَبَاناً : إذا تحرك بقوة. والضَّرْبُ بالعود : اللعب به ، والْمِضْرَابُ : الذي يُضْرَبُ به العود. و « الْمُضَارَبَةُ » مفاعلة من الضَّرْبِ في الأرض والسير فيها للتجارة ، وهي أن يدفع الشخص إلى غيره مالا من أحد النقدين المسكوكين لتصرف في ذلك بالبيع والشراء على أن له حصة معينة من ربحه. وضَرَبْتُ الخيمة : نصبتها. وضَرْبُ الحساب على وجوه أحدها : تكرار أحد الْمَضْرُوبِينَ بعدة آحاد الْمَضْرُوبِ الآخر كالثلاثة في الأربعة ، فإن شئت كررت الثلاثة أربع مرات فتصير اثنى عشر ، وإن شئت كررت الأربعة ثلاث مرات فتصير كذلك.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ (ع) : « وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الْأَمْرِ وَعَيْنَهُ » (١).

أي تحققت المعرفة به ، وذكر العين والأنف مثل ، وذلك لأن المتعرف من عادته يمعن النظر في الأنف والعينين من الوجه. و « مَضْرَبُ السيف » بفتح الراء وكسرها : المكان الذي يُضْرَبُ به منه ، وقد يؤنث فيقال « مَضْرَبَةٌ ». والْمِضْرَبُ : الفسطاط العظيم ـ قاله في القاموس. ومِنْهُ « فَتَوَجَّهْتُ إِلَى مِضْرَبِهِ ».

وبساط مُضَرَّبٌ : أي مخيط.

وَالْمُضَرَّبَةَ أَحَدُ قَلَانِسِ النَّبِيِّ (ص) الَّتِي كَانَ يَلْبَسُهَا فِي الْحَرْبِ ، وَيُقَالُ لَهَا ذَاتُ الْأُذُنَيْنِ.

واضْطَرَبَتِ الأمور : اختلفت. والمال الْمُضْطَرِبُ : الذي لم يبق على حالة واحدة ، ومِنْهُ « لَيْسَ فِي الْمَالِ الْمُضْطَرَبِ زَكَاةٌ ».

واضْطَرَبَ أمره : اختل ، ومنه حديث مُضْطَرِبُ السند أو المتن ، ففي السند كأن يرويه الراوي تارة عن أبيه عن جده وتارة عن جده بلا واسطة وثالثة عن ثالث غيرهما ، وفي المتن كحديث اعتبار الدم المشتبه بالقرحة فتارة يرويه بخروجه من الجانب الأيمن فيكون حيضا

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٩٠.

١٠٧

وتارة بالعكس. واضْطَرَبَتِ الشاة : تحركت وضَرَبَ بعضها بعضا من الِاضْطِرَابِ ، وهو الحركة والموج. والْمُضْطَرِبَةُ في الحيض : التي ليست لها عادة أو كانت ونسيتها ، وتسمى المتحيرة وضَرْبُ الشيء : مثله وشكله. والضَّرَائِبُ : الأشكال. والضُّرَبَاءُ : الأمثال. والضُّرَبَاءُ : جمع ضَرِيبٍ

باب ما أوله الطاء

(طبب)

الطَّبِيبُ الحق هو الله تعالى لأنه العالم بحقيقة الداء والدواء ، ويسمى غيره رفيقا لأنه يرفق بالمريض ويحميه ما يخشى ويطعمه ما به الرفق ، قيل ولا يطلق الطَّبِيبُ عليه اسما. والطَّبِيبُ : العالم بِالطِّبِ ، وهو في الأصل الحاذق في الأمور العارف بها ، وجمع القلة « أَطِبَّةٌ » والكثرة « أَطِبَّاءُ ». وطَبَّهُ طَبّاً من باب قتل : داواه ، والاسم « الطِّبُ » بالكسر. والطِّبُ : الفطنة ، ورجل مَطْبُوبٌ أي مسحور ، كني به عن السحر قفولا بالبرء. والْمُتَطَبِّبُ : الذي يتعاطى علم الطِّبِ ولا يعرفه جيدا. وفِي الْخَبَرِ « مَنْ تَطَبَّبَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ».

أي من طَبَ أحدا وليس بِطَبِيبٍ فأداه فهو ضامن.

(طبطب)

الطَّبْطَبَةُ : صوت الماء ونحوه ، وقيل هي حكاية وقع الأقدام عند السعي ، ومنه « لأقدامهم طَبْطَبَةٌ ». طَبَاطَبَا لقب إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ، وكان الأصل فيه قباقبا فعبر عنه بذلك لرثاثة بلسانه (١).

(طحلب)

« الطُّحْلُبُ » بضم اللام وفتحها تخفيفا : شيء أخضر لزج يخلق في الماء ويعلوه.

__________________

(١) انظر ترجمته في الكنى والألقاب ج ٢ ص ٤٠٦.

١٠٨

(طرب)

« الطَّرَبُ » بالتحريك : خفة تعتري الإنسان لشدة حزن أو سرور ، والعامة تخصه بالسرور ، يقال طَرِبَ طَرَباً من باب تَعِبَ فهو طَرِبٌ أي مسرور. وإبل طَرَّابٌ : وهي التي تتسرع إلى أوطانها. والتَّطْرِيبُ في الصوت : مده وتحسينه

(طلب)

فِي الْحَدِيثِ « لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ». يريد الزكاة.

وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ ـ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ ـ هُوَ ابْنُ هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ (ص) وَالْمُطَّلِبُ كَانَ أَخَا هَاشِمٍ وَعَمَّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَهُوَ رَبَّى ابْنَ أَخِيهِ ، فَلِهَذَا سُمِّيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ هَاشِمٌ وَابْنُهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَانَ صَغِيراً فَأَخَذَتْهُ أُمُّهُ إِلَى قَبِيلَتِهَا فَرَبَّتْهُ ، فَلَمَّا نَشَأَ بَيْنَهُمْ قِيلَ لِلْمُطَّلِبِ لَوْ كُنْتَ رَبَّيْتَ ابْنَ أَخِيكَ فَرَاحَ إِلَيْهِ فَأَخَذَهُ وَدَخَلَ بِهِ الْمَدِينَةَ مُرْدِفاً إِيَّاهُ ، فَقِيلَ لَهُ : مَنْ هَذَا الْغُلَامُ؟ فَقَالَ : عَبْدِي ، فَسُمِّيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ اسْمُهُ شَيْبَةَ الْحَمْدِ. وَكَانَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ أَبُو النَّبِيِّ (ص) وَأَبُو طَالِبٍ أَبُو عَلِيٍّ (ع) وَالْعَبَّاسُ وَالْحَرْثُ وَأَبُو لَهَبٍ.

، وَمَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَالنَّبِيُّ (ص) نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِ سِنِينَ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « يَا عَلِيُّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَ لَا يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ وَلَا يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَلَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَيَقُولُ أَنَا عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ (ع) وَقَدْ سَنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَمْسَ سُنَنٍ أَجْرَاهَا اللهُ تَعَالَى لَهُ فِي الْإِسْلَامِ : حَرَّمَ نِسَاءَ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ وَوَجَدَ كَنْزاً فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسَ وَتَصَدَّقَ بِهِ ، وَلَمَّا حَفَرَ زَمْزَمَ سَمَّاهَا سِقَايَةَ الْحَاجِّ ، وَسَنَّ فِي الْقَتْلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلطَّوَافِ عَدَدٌ عِنْدَ قُرَيْشٍ فَسَنَّ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ » (١).

وأبو طالب : أبو علي (ع).

فَعَنِ الصَّادِقِ (ع) « إِنَّ مَثَلَهُ مَثَلُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ أَسَرُّوا الْإِيمَانَ وَأَظْهَرُوا الشِّرْكَ فَآتَاهُمُ اللهِ ( أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ ) ».

وَفِي الْحَدِيثِ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ (ع) مَا كَانَ حَالُ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ : أَقَرَّ بِالنَّبِيِّ وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَدُفِعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ.

__________________

(١) هذا من حديث مذكور في من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ بتقديم وتأخير وتفصيل.

١٠٩

وفِيهِ « مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِسَنَةٍ وَمَاتَتْ خَدِيجَةُ حِينَ خَرَجَ الرَّسُولُ مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ ».

و « الطَّلِبَةُ » بفتح الطاء وكسر اللام ككلمة : الحاجة ، والجمع « طَلِبَاتٌ ».

وَقَوْلُهُ فِي الدُّعَاءِ : « لَيْسَ لِي مَطْلَبٌ سِوَاكَ ».

أي ليس لي حاجة غيرك. وطَلَبْتُ الشيء أَطْلُبُهُ : أي أردته وابتغيته ، فأنا طَالِبٌ. والجمع « طُلَّابٌ » بالتشديد ، و « طَلَبَةٌ « بالتحريك مثل كافر وكفرة ، و « طَالِبُونَ » في التصحيح. و « الطَّلَبُ » يكون مصدرا وموضع الطلب. و « الطُّلَّابُ » مثل كتاب : ما طَلَبْتَهُ من غيرك. وطَالَبَهُ بكذا مُطَالَبَةً ، والتَّطَلُّبُ : الطَّلَبُ مرة بعد أخرى.

(طنب)

فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ : « إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ نَفَعَتِ الْأَطْنَابُ وَالْأَوْتَادُ [ وَالْغِشَاءُ ] وَإِذَا انْكَسَرَ [ الْعَمُودُ ] لَمْ يَنْفَعْ طُنُبٌ وَلَا وَتِدٌ وَلَا غِشَاءٌ » (١).

الطُّنُبُ بضمتين وسكون الثاني لغة : حبل الخباء ، والجمع « أَطْنَابٌ » مثل عنق وأعناق. وأَطْنَبَ في الكلام : بالغ فيه وأكثر ، ومنه « كلام مُطْنَبٌ ».

(طيب)

قوله تعالى : ( طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) [ ١٣ / ٢٩ ] ( طُوبى لَهُمْ ) أي طِيبُ العيش ، وَقِيلَ طُوبَى : الْخَيْرُ وَأَقْصَى الْأُمْنِيَّةِ وَقِيلَ طُوبَى اسْمٌ لِلْجَنَّةِ بِلُغَةِ أَهْلِ الْهِنْدِ ، وَقِيلَ طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ.

ووزنها فعلى بالضم من الطيب قلبت ياؤه واوا لضمة ما قبلها ، مصدر « لطاب » كبشرى وزلفى ، ويقال طُوبَى لك وطُوبَاك بالإضافة.

وَفِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ (ص) « طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِي وَفَرْعُهَا فِي دَارِ عَلِيِّ (ع) » فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : دَارِي وَدَارُ عَلِيٍّ فِي الْجَنَّةِ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « هِيَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِ النَّبِيِّ (ص) ، وَلَيْسَ مُؤْمِنٌ إِلَّا وَفِي دَارِهِ غُصْنٌ مِنْهَا لَا يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِهِ شَهْوَةٌ إِلَّا أَتَاهُ بِهِ ذَلِكَ الْغُصْنُ ، وَلَوْ أَنَ

__________________

(١) الكافي ج٣ ص ٢٦٦.

١١٠

رَاكِباً مُجِدّاً سَارَ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ مَا خَرَجَ وَلَوْ طَارَ مِنْ أَسْفَلِهَا غُرَابٌ مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرَماً ».

والطَّوْبُ : الآجُرُّ ، ومنه الْحَدِيثُ : « لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ تُرْبَةِ دَارٍ وَأَرْضٍ إِلَّا أَنْ يُقَوَّمَ الطَّوْبُ وَالْخَشَبَةُ قِيمَةً فَتُعْطَى رُبُعَهَا أَوْ ثُمُنَهَا » (١).

قوله : ( كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) [ ٢ / ١٦٨ ] الطَّيِّبُ يقال لمعان : الأول المستلذّ ، الثاني ما حلله الشارع ، الثالث ما كان طاهرا ، الرابع ما خلي عن الأذى في النفس والبدن. وهو حقيقة في الأول لتبادره إلى الذهن عند الإطلاق ، والخبيث يقابل الطَّيِّبَ بمعانيه. قوله : و ( يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) [ ٥ / ٤ ] قال المفسر : يحتمل أن يكون « ما » وحدها اسما ، ويكون « ما » و « ذا » اسما مرفوعا بالابتداء » وأحل » خبر. والطَّيِّبُ : المستلذ. قوله : ( مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ ) [ ٢ / ٢٦٧ ] أي مما كسبتم. قوله : ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) [ ١٦ / ٩٧ ] قال المفسر : يعني في الدنيا ، وهو الظاهر لقوله ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ) الآية وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هِيَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ.

وعَنِ الْحَسَنِ هِيَ الْقَنَاعَةُ.

وقِيلَ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ إِذْ لَا تَطِيبُ لِلْمُؤْمِنِ حَيَاةٌ إِلَّا فِي الْجَنَّةِ.

قوله : و ( الطَّيِّبُ مِنَ الْقَوْلِ ) [ ٢٢ / ٢٤ ] فسر بقول « لا إله إلا الله ». قوله : ( وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ ) [ ٢٤ / ٢٦ ] أي الطَّيِّبَاتُ من الكلام للطاهرين من الرجال ، والطَّيِّبَاتُ من الكلام أفضله وأحسنه. قوله : ( طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ ) [٣٩ / ٧٣ ] أي طِبْتُمْ للجنة ، لأن الذنوب والمعاصي مخابث في الناس ، فإذا أراد الله أن يدخلهم الجنة غفر لهم تلك الذنوب ففارقتهم تلك المخابث والأرجاس من الأعمال فَطَابُوا للجنة ، ومن هذا قول العرب « طَابَ لي هذا » أي فارقته المكاره وطَابَ له العيش : فارقته المكاره ،

__________________

(١) الكافي ج ٧ ص ١٢٨.

١١١

ومن هذا قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) [ ٤ /٣ ] و ( طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ) [ ٥ / ٨٧ ].

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا تَمَسُّوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّيبِ » (١).

هو بكسر الطاء : ما يُتَطَيَّبُ به. و « الطَّيْبُ » بفتح الطاء لغة فيه.

وَفِي الْخَبَرِ : « جُعِلَتْ لِيَّ الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُوراً ».

أي نظيفة غير خبيثة. وطَابَ ديننا : أي كمل واستقرت أحكامه.

وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَلِّي فِي تَشَهُّدِهِ لِلَّهِ مَا طَابَ وَطَهُرَ وَمَا خَبُثَ فَلِغَيْرِهِ؟ قَالَ : مَا طَابَ وَطَهُرَ كَسْبُ الْحَلَالِ [ مِنَ الرِّزْقِ ] وَمَا خَبُثَ كَسْبُ الرِّبَا (٢).

قَوْلُهُ : « وَالتَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ ».

أي الكلمات المحبوبات المشتملة على التقديس والتنزيه وحسن الثناء على الله لله ، وقيل الطَّيِّبَاتُ من الصلاة والكلام مصروفات إلى الله. والْإِطَابَةُ والِاسْتِطَابَةُ كنايتان عن الاستنجاء بغسل أو مسح بحجر ، وقيل بمسح فقط لأن الإنسان يُطَيِّبُ جسده بإزالة الخبث عنه ، أي يطهره. ومنه الْحَدِيثُ : « نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ ».

أي يستنجي بها لأنه من الجفاء. وطِبْتُ به نفسا : طَابَتْ نفسي به.

وَفِي الْخَبَرِ : « أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُسَمَّى الْمَدِينَةُ طَيْبَةً وَطَابَةَ ».

وهما من الطِّيبِ أعني الرائحة الطَّيِّبةِ بعد أن كانت تسمى في الجاهلية بيثرب ، فنهى أن تطمى بذلك وقيل من الطَّيِّبِ الطاهر بخلوصها من الشرك وتطهيرها منه.

وَفِي حَدِيثِ الْقَائِمِ (ع) : « نِعْمَ الْمَنْزِلُ طَيْبَةُ وَمَا بِثَلَاثِينَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ مِنْ وَحْشَةٍ ».

كأن معناه أن طَيْبَةَ منزله (ع) وكان يستأنس بثلاثين من أوليائه ، ويحتمل أن يكون هذا حاله في الغيبة الصغرى.

__________________

(١) في الكافي ج٣ ص ١٤٧ : « لا تمسحوا موتاكم بالطيب ».

(٢) معاني الأخبار ص ١٧٥.

١١٢

وأبو الطَّيِّبِ المتنبي الشاعر المشهور واسمه أحمد بن الحسين ، وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب فخرج إليه أمير حمص فأسره وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه ، وكان قد قرأ على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه. و « طَابَةُ » من أسماء مدينة النبي (ص).

باب ما أوله الظاء

(ظرب)

فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ : « سَقْياً تَسِيلُ مِنْهُ الظِّرَابُ ».

الظِّرَابُ جمع ظَرِبَ بكسر الراء ككتف : الروابي الصغار ، ويقال على الجبال المنبسطة على الأرض. والظَّرِبُ : اسم فرس له (ص) شبه بالجبل لقوته واشتداد ضرب حوافره.

(ظنب)

فِي الْحَدِيثِ : « ثُمَّ أَوْمَى بِيَدِهِ إِلَى أَسْفَلِ الْعُرْقُوبِ ثُمَّ قَالَ هُوَ الظُّنْبُوبُ ».

الظُّنْبُوبُ : هو حرف العظم اليابس من السباق.

باب ما أوله العين

(عبب)

فِي الْحَدِيثِ : « مَصُّوا الْمَاءَ مَصّاً وَلَا تَعُبُّوهُ عَبّاً فَإِنَّهُ يُورِثُ الْكُبَادَ » (١).

أي لا تشربوا عَبّاً ، وهو شرب الماء من غير مص ولا تنفس ، يقال » عَبَ الرجل الماء » من باب قتل : شربه من غير مص. والْكُبَادُ : داء يعرض للكبد. وفِيهِ » الْكُبَادُ مِنَ الْعَبِ وَالْحَمَامُ تَشْرَبْ الْمَاءَ عَبّاً كَمَا تَشْرَبُ الدَّوَابُّ ».

ومنه طائر يَعُبُ الماء وأما باقي الطير فإنها

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٨٠.

١١٣

تحسوه جرعا بعد جرع. والْعَبَبُ : المياه المتدفقة. و « الْعُبَابُ » بالضم : معظم الماء وكثرته وارتفاعه. وماء عُبَابٌ : يسيل سيلا لكثرته.

(عتب)

قوله تعالى : ( وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ) [ ٤١ / ٢٤ ] أي إن يستقيلوا ربهم تعالى لم يقلهم ولا يردهم إلى الدنيا ، ويقال ( يُسْتَعْتَبُونَ ) أي يطلبون الْعُتْبَى ، الْعُتْبَى الاسم من أَعْتَبَنِي فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الإساءة.

وَفِي الدُّعَاءِ : « لَكَ الْعُتْبَى ».

بمعنى المؤاخذة ، المعنى أنت حقيق بأن تؤاخذني بسوء عملي. واسْتَعْتَبْتُهُ فَأَعْتَبَنِي : أي استرضيته فأرضاني ، ومنه اسْتَعْتَبَ من رجوت عِتَابَهُ. و « لَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ ».

أي ليس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت وانقضى زمانها ، وإنما يُعَاتَبُ من يرجى عنده الْعُتْبَى ، أي الرجوع عن الذنب.

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ : « فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَحَوَّلْ إِلَى دَارِ الْمُسْتَعْتَبِ ».

كذا في بعض النسخ ، و « المستغيث » في بعضها. وكيف ما كان فالمراد دار الآخرة. و « الْعِتَابُ » على ما نقل عن الخليل هو مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة ، يقول عَاتَبَهُ مُعَاتَبَةً وعَتَبَ عليه عَتْباً من باب قتل وضرب فهو عَاتِبٌ : وجد عليه ولامه في سخطه ، ومِنْهُ « إِنَّ مَلَكاً مِنْ مَلَائِكَةِ اللهِ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةٌ فَعَتَبَ عَلَيْهِ فَأَهْبَطَهُ إِلَى الْأَرْضِ ».

وعَاتَبَ الله : خاطب الله. و « عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ ».

من الْعِتَابِ بالكسر. والْعَتْبَةُ : الدرجة ، والجمع عَتَبٌ وعَتَبَاتٌ. قال الجوهري : والْعَتَبَةُ أسكفة الباب والجمع عَتَبٌ ، ومنه حديث البيت « وجعلا عليه عَتَباً وشريجا ». و « مُعَتِّبٌ » بضم الميم وفتح العين وتشديد التاء المكسورة مولى الصادق عليه السلام (١)

١١٤

(عجب)

قوله تعالى : ( قُرْآناً عَجَباً ) [ ٧٢ / ١ ] أي بديعا مبائنا لسائر الكتب لحسن لفظه وصحة معانيه. قوله : ( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً ) [ ١٨ / ٦٣ ] أي اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عَجَباً. قوله : ( إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ) [٣٨ / ٥ ] الْعُجَابُ بالضم والْعَجِيبُ بمعنى وهو الأمر الذي يُتَعَجَّبُ منه ، والْعُجَابُ بالضم والتشديد أكثر منه ، وكذلك أُعْجُوبَةٌ واحدة الْأَعَاجِيبِ. والْعَجَائِبُ لا واحد لها من لفظها. قوله : ( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) [ ٧ / ٦٣ ] الهمزة للإنكار والواو للعطف ، والمعطوف عليه محذوف ، كأنه قال : أكذبتم وعَجِبْتُمْ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « فَيَا عَجَباً عَجَباً ».

عجبا نصب على المصدر والمنادى محذوف ، أي يا قوم ونحوه ، وكرر المصدر لتحسين وصفه. وفيه عَنِ الْحَقِّ تَعَالَى : « وَلَوْ خَلَّيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ لَدَخَلَهُ الْعُجْبُ بِعَمَلِهِ ثُمَّ كَانَ هَلَاكُهُ فِي عُجْبِهِ وَرِضَاهُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ فَاقَ الْعَابِدِينَ وَجَازَ بِاجْتِهَادِهِ الْمُقَصِّرِينَ ، فَيَتَبَاعَدُ بِذَلِكَ مِنِّي وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَيَّ ».

قال بعض الشارحين لا ريب أن من عمل أعمالا صالحة من صيام الأيام وقيام الليالي ونحو ذلك يحصل له ابتهاج ، فإن كان من حيث كونها عطية من الله تعالى ونعمة منه عليه وكان مع ذلك خائفا من نقصها مشفقا من زوالها طالبا من الله الازدياد منها لم يكن ذلك الابتهاج عَجَباً ، وإن كان من حيث كونها صفة مضافة إليه فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير بها وصار كأنه يمن على الله تعالى بسببها فذلك هو الْعُجْبُ المهلك وهو من أعظم الذنوب ، حتى رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (ص)

__________________

(١) روي عن الإمام الصّادق أنّه قال : « موالي عشرة خيرهم معتّب » انظر رجال أبي عليّ ص ١٠٤.

١١٥

« لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعُجْبِ الْعُجْبِ ».

وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) : « سَيِّئَةٌ تَسُؤُكَ خَيْرٌ [ عِنْدَ اللهِ ] مِنْ حَسَنَةٍ تُعْجِبُكَ » (١).

وعلاج العجب ـ على ما قيل ـ احتقار ما في جنب الصانع واستضعافه ، فإنه بالنسبة إليه لم يوازن نعمة من نعمه ، وبأنه لو لا أعانة الله ما فعله ولا تم ولا استقام بل لم يمكن صدوره من العبد أصلا ، وبذلك يندفع العجب عنه. وعَجِبَ من كذا عَجَباً من باب تعب وتَعَجَّبْتُ منه واسْتَعْجَبْتُ بمعنى. وشيء عَجِيبٌ : أي مُعْجَبٌ منه. و « قد أُعْجِبَ بنفسه » بالبناء للمجهول : إذا تكبر وترفع ، فهو مُعْجَبٌ والاسم الْعُجْبُ بالضم. وأَعْجَبَتْهُ المرأة : استحسنها لأن غاية رؤية الْمُتَعَجِّبِ منه تعظيمه واستحسانه ومن أمثال العرب « الْعَجَبُ كُلُ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ » وأَصْلُهُ أن رجلا كان له أخ وكانت له امرأة حسنة فنال من امرأة أخيه فصار بينهما قتال ومقاتلة في آخر يوم من جمادى الآخرة لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب.

(عذب)

قوله تعالى : ( بِعَذابٍ واقِعٍ ) [ ٧٠ / ١ ] ومثله قوله : ( يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ ). قوله : ( فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ ) [ ٢٣ / ٧٧ ] قيل هو السيف والقتل. قوله : لَأُعَذِّبَنَّهُ [ ٢٧ / ٢١ ] قال المفسر : لأنتفن ريشه. قوله : ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ ) [ ٨٩ / ٢٥ ـ ٢٦ ] قرئ فيهما بجر الذال والثاء وفتحهما. قوله : ( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) [ ٨ /٣٣ ]

رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (ع) قَالَ : « كَانَ فِي الْأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللهِ فَرَفَعَ أَحَدَهُمَا فَدُونَكُمْ الْآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ ». وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.

وَفِي الْخَبَرِ : « الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ

__________________

(١) نهج البلاغة ج٣ ص ١٦٣.

١١٦

أَهْلِهِ عَلَيْهِ ».

قيل : من حيث إنهم كانوا يوصون أهليهم بالبكاء والنوح عليهم وإشاعة النعي في الأحياء ، وقيل إن الميت يرق قلبه ببكاء أهله فيكون له عذابا ، وقيل المراد بالميت المشرف على الموت فإنه يشتد حاله بالبكاء. وعَذَّبْتُهُ تَعْذِيباً : عاقبته ، والاسم « الْعَذَابُ » وأصله في كلام العرب الضرب ثم استعمل في كل عقوبة مؤلمة ، واستعير للأمور الشاقة فقيل « السفر قطعة من الْعَذَابِ ». و « الْعَذَبَةُ » كقصبة بالتحريك : طرف كل شيء ، ومنه الْحَدِيثُ » وَأَرْخَى عَذَبَةَ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ».

أي أرسل طرفها وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) فِي الدُّنْيَا : « اعْذَوْذَبَ جَانِبُهَا وَاحْلَوْلَى » (١).

هما افعوعل من الْعُذُوبَةُ والحلاوة ، وهو من أبنية المبالغة. والْعَذْبُ من الماء : الطيب الذي لا ملوحة فيه. وعَذُبَ الماء عُذُوبَةً : ساغ مشربه فهو عَذْبٌ ، وماء عَذْبٌ وعَذَابٌ على الجمع كسهم وسهام. وعَذَبَةُ اللسان : طرفه ، والجمع « عَذَبَاتٌ » كقصبة وقصبات.

(عرب)

قوله تعالى : ( عُرُباً أَتْراباً ) [ ٥٦ /٣٧ ] الْعَرُوبُ من النساء المتحببة إلى زوجها ، وقيل العاشقة لزوجها ، وقيل الحسنة التبعل ، والجمع « الْعُرُبُ » بضمتين.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ مِنْكُمْ فِي الدِّينِ فَهُوَ أَعْرَابِيٌ » (٢).

بفتح الهمزة نسبة إلى الْأَعْرَابِ وهم سكان البادية خاصة ، ويقال لسكان الأمصار عَرَبٌ ، وليس الْأَعْرَابُ جمعا لِلْعَرَبِ بل هو مما لا واحد له ـ نص عليه الجوهري. و « الْعَرَبُ » اسم مؤنث ، ولهذا يوصف بالمؤنث فيقال الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ. والْعَرَبُ الْعَارِبَةُ خلاف العجم ، وقيل هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن

__________________

(١) في نهج البلاغة ج ١ ص ٢١٦ : « وإن جانب منها اعْذَوْذَبَ واحلولى ».

(٢) الكافي ج ١ ص٣١.

١١٧

قَحْطَانَ ، وهو اللسان القديم ، والْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ هم الذين تكلموا بلسان إسماعيل بن إبراهيم ، ويقال أقامت قريش بِعَرَبَةَ فنسب العرب إليها. و « عَرَبَةُ » بالتحريك : ناحية بقرب الهندية. وصلاة الْأَعْرَابِيِ هي عشر ركعات كالصبح والظهرين اثنتان بتسليم وثمان بتسليمتين. والنسبة إلى الْعَرَبِ ـ أعني سكان الأمصار ـ عَرَبِيٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَرَبِيٌ ».

وفِيهِ « النَّاسُ ثَلَاثَةٌ عَرَبِيٌّ وَمَوْلًى وَعِلْجٌ ، فَأَمَّا الْعَرَبُ فَنَحْنُ ، وَأَمَّا الْمَوْلَى فَمَنْ وَالانَا ، وَأَمَّا الْعِلْجُ فَمَنْ تَبَرَّأَ مِنَّا وَنَاصَبَنَا ».

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : « فَنَحْنُ قُرَيْشٌ وَشِيعَتُنَا الْعَرَبُ ، وَعَدُوُّنَا الْعَجَمُ ».

ومن هنا جاء تفضيل الْعَرَبِ على العجم لأنهم أشرف المخلوقين واتصفوا بهذا الوصف. وفِيهِ : « لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ».

يروى بالعين المهملة يعني الالتحاق ببلاد الكفر والإقامة بها بعد المهاجرة عنها إلى بلاد الإسلام ، وكان من رجع من الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد. وفي كلام بعض علمائنا : الْمُتَعَرِّبُ بعد الهجرة في زماننا هذا أن يشتغل الإنسان بتحصيل العلم ثم يتركه ويصير منه غريبا.

وَرُوِيَ « الْمُتَعَرِّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ التَّارِكُ لِهَذَا الْأَمْرِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ ».

وَفِي الْخَبَرِ « مِنَ الْكُفْرِ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ».

و « عَرُبَ » بالضم : إذا لم يلحن. وعَرِبَ يَعْرَبُ من باب تَعِبَ : فصح بعد لكنة في لسانه. وأَعْرَبْتُ الحرف : أوضحته ، وقيل الهمزة للسلب ، أي أزلت إبهامه. و « الْإِعْرَابُ » بكسر الهمزة : الإبانة والإيضاح ، ومِنْهُ الْحَدِيثُ « أَعْرِبُوا أَحَادِيثَنَا فَإِنَّا قَوْمٌ فُصَحَاءُ » (١).

ومنه الْخَبَرُ « أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ ». أي

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ١٧٢.

١١٨

بينوا ما فيه من غرائب اللغة وبدائع الْإِعْرَابُ. واللغة الْعَرَبِيَّةُ : ما نطق به الْعَرَبُ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَلْعُونٌ مَنْ سَدَّ الطَّرِيقَ الْمُعْرَبَةَ ».

بالعين المهملة أي البينة الواضحة ، وبالقاف ـ على ما في بعض النسخ ـ وفسر بالطريق المختصرة. والإبل الْعِرَابُ : خلاف البخاتي. والخيل الْعِرَابُ : خلاف البراذين. و « الْعَرَبُونُ » بفتح العين والراء : ما عقد عليه البيع. و « الْعُرْبُونُ » كعصفور لغة فيه ، وكذا « الْعُرْبَانُ ». وفي التحرير : الْعَرَبُونُ هو أن تدفع بعض الثمن على أنه إن أخذ السلعة احتسبه من الثمن وإلا كان للبائع.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « لَا يَجُوزُ الْعَرَبُونُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْداً مِنَ الثَّمَنِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعَرَبَانِ ».

وهو أن يشتري ويدفع شيئا على أنه إن مضى البيع حسب من الثمن وإلا كان للبائع ولم يرتجعه. و « يَعْرُبُ بن قحطان » أول من تكلم بالعربية ، وهو أبو اليمن كلهم ـ قاله الجوهري. والاسم الْمُعَرَّبُ بالتشديد : الذي تلقته الْعَرَبُ من العجم بكثرة مثل إبريسم وإستبرق ، وإنما كان ساغ وقوع اللفظ الأعجمي في القرآن لأن معنى التَّعْرِيبِ أن يجعل عَرَبِيّاً لتصرف فيه وإجرائه على وجوه الْإِعْرَابِ.

(عرطب)

فِي الْحَدِيثِ : « نَهَى عَنِ اللَّعِبِ بِالْعَرْطَبَةِ ».

وفسرت بالعود من الملاهي ، ويقال الطبل ، وفسرت في بعض الأخبار بالطنبور والعود.

وَفِي الْخَبَرِ : « إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لِكُلِّ مُذْنِبٍ إِلَّا لِصَاحِبِ عَرْطَبَةٍ أَوْ كُوبَةٍ ».

وفسرت الكوبة بالطبل ، وقيل الْعَرْطَبَةُ الطبل والكوبة الطنبور.

(عرقب)

فِي الْحَدِيثِ : « نَهَى عَنْ تَعَرْقُبِ الدَّابَّةِ ».

أي التعرض لقطع عُرْقُوبِهَا. و « الْعُرْقُوبُ » بالضم : العصب الغليظ الموتر فوق العقب من الإنسان ،

١١٩

ومن ذوات الأربع عبارة عن الوتر خلف الكعبين بين مفصل الساق والقدم. وفي القاموس الْعُرْقُوبُ من الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها. وفي المصباح الْعُرْقُوب عصب موثق خلف الكعبين والجمع « عَرَاقِيبُ » مثل عصفور وعصافير. وعَرْقَبْتُ الدابة : قطعت عُرْقُوبَهَا.

وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : « فَلَمَّا الْتَقَوْا نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَرْقَبَهَا بِالسَّيْفِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرْقَبَ فِي الْإِسْلَامِ ».

وعُرْقُوبٌ اسم رجل من العمالقة وقد ضربت به الأمثال.

(عزب)

قوله تعالى : ( لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ ) [٣٤ /٣ ] أي لا يغيب عن عمله ولا يخفى ، يقال عَزَبَ الشيء من باب قعد بعد عني وغاب ، وعَزَبَ من بابي قتل وضرب غاب وخفي.

وَعَنِ الصَّادِقِ (ع) فِي ( لا يَعْزُبُ ) الْآيَةِ قَالَ : أَيْ بِالْإِحَاطَةِ وَالْعِلْمِ لَا بِالذَّاتِ وَإِذَا كَانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا الْحَوَايَةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « شَرُّ مَوْتَاكُمْ الْعُزَّابُ » (١).

بضم المهملة وتشديد معجمة وهم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء يقال عَزَبَ الرجل يَعْزُبُ من باب قتل عُزْبَةً كغرفة : إذا لم يكن له أهل ، فهو عَزَبٌ بفتحتين. والْعَزَبَةُ : التي لا زوج لها ، والاسم الْعُزْبَةُ كغرفة. وأَعْزَبُ لا أهل له يحتمل التأكيد أو لا أقارب له.

وَفِي الْخَبَرِ : « إِنَّ النَّبِيَّ (ص) كَانَ يُعْطِي الْآهِلَ حَظَّيْنِ وَالْأَعْزَبَ حَظّاً ».

والآهل الذي له زوجة وعيال ، والْأَعْزَبُ الذي لا زوجة له. وقال في النهاية : وهي لغة رديئة ، واللغة الفصحى عَزَبٌ ، يريد بالعطاء نصيبهم من الفيء (٢). و « اعْزُبْ ثُمَ اعْزُبْ » على الأمر أي أبعد نفسك عن الأمر ثم أبعد.

__________________

(١) في الكافي ج ٥ ص٣٢٩ : « رذال موتاكم العُزَّاب ».

(٢) النهاية ج ١ ص ٥٣.

١٢٠