مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

وأحكام وصفات الله تعالى ، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) متمحض للصفات ، وقيل ثوابها بقدر ثواب ثُلُثِهِ بغير تضعيف ، وعليه فيلزم من تكريرها استيعاب القرآن وختمه. وعن بعض الأفاضل وجه آخر حاصله : أن مقاصد القرآن الكريم لما كانت ترجع عند التحقيق إلى ثَلَاثَةِ معان ـ معرفة الله ومعرفة السعادة والشقاوة الأخروية والعلم بما يوصل إلى السعادة ويبعد عن الشقاوة ـ وسورة الإخلاص تشتمل على الأصل الأول وهو معرفة الله تعالى وتوحيده وتنزيهه عن مشابهة الخلق بالعبودية ونفي الأصل والفرع والكفؤ ، كما سميت الفاتحة أم القرآن لاشتمالها على تلك الأصول الثلاثة عادلت هذه السورة ثُلُثَ القرآن لاشتمالها على واحد من تلك الأصول.

وَفِي الْحَدِيثِ : « ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلَاثَةِ » (١).

وقد سبق تفسيرها في « بوب ».

وَفِي حَدِيثِ مَنْ سَأَلَهُ (ع) : « مَا حَالُ عَمَّارٍ؟ قَالَ : رَحِمَهُ اللهُ بَايَعَ وَقُتِلَ شَهِيداً. ثُمَّ قَالَ : لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّهُ مِثْلُ الثَّلَاثَةِ أَيْهَاتَ أَيْهَاتَ » (٢).

قيل ربما أريد بالثَّلَاثَةِ الثَّلَاثَةُ ، وربما احتمل أن يراد بِالثَّلَاثَةِ علي (ع) ، ومؤمن آل فرعون حيث قيل كان ملازما لفرعون مائة سنة وهو كاتم إيمانه وقتل صلبا ، ومؤمن آل ياسين حيث قيل إن قومه توطئوه حتى خرج إحليله من دبره.

وَفِي الْحَدِيثِ : « النَّصَارَى مُثَلِّثُونَ غَيْرُ مُوَحِّدِينَ ».

أي يجعلون له سبحانه ابنا وزوجة وهو ثَالِثُهُمْ. والْمُثَلَّثُ من الشراب : ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثُلُثَاهُ وبقي ثُلُثُهُ ، ويسمى بالطلاء بالكسر والمد. و « الحمى الْمُثَلِّثَةُ » التي تأتي في اليوم الثَّالِثِ ، والرابع التي تأتي في اليوم الرابع. و « الْمُثَلِّثَةُ » أن يؤخذ قفيز أرز وقفيز حمص وقفيز باقلاء أو غيره من الحبوب ثم ترز جميعا وتطبخ ، ويسمى الكركور. و « الثَّلَاثَةُ » تقال في عدد المذكر

__________________

(١) انظر هذا الكتاب ج ٢ ص ١٠.

(٢) رجال الكشي ص٣٢.

٢٤١

والثَّلَاثُ في المؤنث وهكذا إلى تمام العقد. و « الثَّلَاثَاءُ » من أيام الأسبوع. وقولهم : « هو ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ » أي هو أحد الثَّلَاثَةِ ، وكذلك رابع أربعة ، أي هو أحد الأربعة ، ونحو ذلك في بقية الأعداد. عن ابن السكيت أنه قال : يقال هو ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ مضاف إلى العشرة ولا ينون ، فإن اختلفا إن شئت نونت وإن شئت أضفت ، فقلت هو رابع ثَلَاثَةٍ ورابع ثَلَاثَةٍ كما تقول هو ضارب عمرو وضارب عمرا لأن معناه الوقوع ، أي كملهم بنفسه أربعة ، فإذا اتفقا فالإضافة لا غير لأنه في مذهب الأسماء ، لأنك لم ترد معنى الفعل وإنما أردت هو أحد الثَّلَاثَةِ وبعض الثَّلَاثَةِ ، وهذا لا يكون إلا مضافا ـ انتهى.

وَقَوْلُهُ (ع) : « أَفَاضَ الْمَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ».

يُقْرَأُ بالنصب لأن عدد المصدر مصدر وقوله : « ثَلَاثاً في إعادتها ثَلَاثاً » مفعول قال محذوفا أو مضمنا في أعاد ، ولا يصلح على ما قيل مفعولا لأعاد ، لأنه يستلزم قول تلك الكلمة أربع مرات.

وَفِي الْحَدِيثِ : رَوَى الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ : كُنَّا عَلَى بَابِ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : أَيُّكُمْ أَبُو جَعْفَرٍ؟ فَقِيلَ لَهَا : مَا تُرِيدِينَ؟ فَقَالَتْ : أَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ. فَقَالُوا لَهَا : هَذَا فَقِيهُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَاسْأَلِيهِ : فَقَالَتْ : إِنَّ زَوْجِي مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِي عَلَيْهِ مَهْرٌ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَأَخَذْتُ مَهْرِي وَأَخَذْتُ مِيرَاثِي مِمَّا بَقِيَ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَشَهِدْتُ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِي. فَقَالَ الْحَكَمُ : بَيْنَمَا نَحْنُ نَحْسُبُ مَا يُصِيبُهَا إِذْ خَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَقَالَةِ الْمَرْأَةِ وَمَا سَأَلَتْ عَنْهُ ، فَقَالَ (ع) : أَقَرَّتْ بِثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا.

قال ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني نور الله مرقده : قال الفضل بن شاذان : إن ما على الزوج ألف وخمسمائة فلها ثُلُثُ التركة ، وإنما جاز إقرارها في حصتها فلها مما ترك الثُّلُثُ وللرجل الثُّلُثَانِ ، ولا إرث لها لاستغراق الدين التركة (١)

__________________

(١) انظر الحديث وتفسيره في الكافي ج ٧ ص ١٦٧ ـ ١٦٨ والحديث مذكور أيضا في نفس الجزء ص ٢٤ ، والحديث والتفسير يختلفان في الألفاظ عما هو مذكور هنا.

٢٤٢

واعترضه الشهيد الأول في دروسه بأن قال : قلت هذا مبني على أن الإقرار على الإشاعة وأن إقراره لا ينفذ في حق الغير ، والثاني لا نزاع فيه وأما الأول فظاهر الأصحاب أن الإقرار إنما يمضي في قدر ما زاد عن حق المقر بزعمه ، كما أقر بمن هو مساو له فإنه يعطيه ما فضل عن نصيبه ولا يقاسمه ، فحينئذ تكون أقرت بِثُلُثِ ما في يدها أعني الخمسمائة ، لأن لها بزعمها وزعمه ثُلُثَ الألف الذي هو ثُلُثَا الخمسمائة مستقر ملكها عليه ويفضل معها ثُلُثُ الخمسمائة ، وإذا كانت أخذت شيئا بالإرث فهو بأسره مردود على المقر له لأنه بزعمها ملك له ، والذي فِي التَّهْذِيبِ وَأَنَّهُ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ وَالْإِسْتِبْصَارِ نَقْلاً عَنِ الْفَضْلِ « فَقَدْ أَقَرَّتْ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهَا ». وهذا موافق لما قلناه.

باب ما أوله الجيم

(جثث)

قوله تعالى : ( كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ ) [ ١٤ / ٢٦ ] أي استؤصلت وقلعت ، من قولهم « اجْتَثَّهُ » أي اقتلعه ، وجَثَّهُ : قلعه. والْجَثُ : القطع. و « الْجُثَّةُ » بالضم والتشديد : شخص الإنسان قائما أو قاعدا ، وكذا شخص غيره. وَقَوْلُهُ : و « جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جُثَّتِهِ ». أي عن جسده.

(جدث)

الْأَجْدَاثُ : القبور ، واحدها « جَدَثٌ » بالتحريك. و « الْأَجْدَثُ » مثله.

(جرث)

فِي الْحَدِيثِ : « لَا تَأْكُلِ الْجِرِّيثَ » (١). هو بالثاء المثلثة كسكيت : ضرب من

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٢٢٠.

٢٤٣

السمك يشبه الحيات. وعن ابن الأثير يقال له بالفارسية » مارماهي ».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْجِرِّيثِ فَقَالَ : هُوَ نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ يُشْبِهُ الْمَارْمَاهِي.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْجِرِّيثُ وَالضَّبُّ فِرْقَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَيْثُ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ عَلَى عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَلَمْ يُؤْمِنُوا فَتَاهُوا فَوَقَعَتْ فِرْقَةٌ فِي الْبَرِّ وَفِرْقَةٌ فِي الْبَحْرِ ».

(جلث)

« مَجْلَثُ » بالميم والجيم والثاء المثلثة على ما صح في النسخ : وصي شبان بن شيث بن آدم ، وهو من الأوصياء السابقين على إدريس (ع).

باب ما أوله الحاء

(حثث)

قوله تعالى : ( يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ) [ ٧ / ٥٤ ] أي سريعا ، فهو فعيل من « الْحَثِ » أي يتعقبه سريعا ، كان أحدهما يطلب آخر بسرعة. وحَثَّهُ عن الأمر حَثّاً من باب ضرب : أي حرضه عليه ، واسْتَحَثَّهُ بمعناه لا يتحاضون. والْحِثِّيثَى : الْحَثُ.

(حدث)

قوله تعالى : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) [ ٩٣ / ١١ ] قيل التَّحْدِيثُ بنعمة الله شكرها وإشاعتها وإظهارها.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ ، وَالتَّحْدِيثُ بِنِعْمَةِ اللهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهُ كُفْرٌ ».

وقيل أي بالنبوة مبلغا ، والصحيح أنه يعم جميع النعم ويشمل تعليم القرآن والشرائع. قوله : ( وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ ) [ ١٢ / ٦ ] أي الرُّؤْىُ جمع الرُّؤْيَا وتأويلها عبارتها وتفسيرها. وقيل هو معاني كتب الله وسنن الأنبياء وما غمض في الناس من مقاصدها يفسرها لهم ويشرحها ، وهو اسم جمع للحديث.

٢٤٤

قوله تعالى : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً ) [ ٦٦ /٣ ] قال الشيخ أبو علي : بعض أزواجه هي حفصة حَدِيثاً أي كلاما أمرها بإخفائه فأظهرته. قوله : ( وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ ) [ ٢٣ / ٤٤ ] أي أخبارا وعبرا يتمثل بهم في الشر ولا يقال في الخير.

وَفِي الْحَدِيثِ. « أَنَّ أَوْصِيَاءَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلَامُ مُحَدَّثُونَ » (١).

أي تُحَدِّثُهُمْ الملائكة وفيهم جبرئيل (ع) من غير معاينة. ومثله قَوْلُهُ (ص) : « إِنَّ فِي كُلِّ أُمَّةً مُحَدَّثُونَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ ».

ومنه فِي وَصْفِ فاطمة عليها السلام « أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيَّةُ ».

والْمُحَدَّثُ أيضا : الصادق الظن. و « الْمُحَدَّثُ » بخفة دال وفتحها ، الذي كان بعد أن لم يكن ، وهو خلاف القديم.

وَفِي الْخَبَرِ « إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ».

أي ما لم يكن معروفا من كتاب أو سنة أو إجماع. وفِيهِ : « مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ مَرْدُودٌ ».

يعني دين الإسلام هو أمرنا الذي نهتم له ونشتغل به بحيث لا يخلوا عنه شيء من أقوالنا وأفعالنا ، فمن أَحْدَثَ فيه ما ليس في كتاب ولا سنة ولا إجماع فهو رد مردود. والْإِحْدَاثُ : تجديد العهد. ومنه « أَحْدَثَ به عهدا » أي جدد به عهد الصحبة وَفِي الْحَدِيثِ : « لَوْ لَا كَذَا لَجَعَلْتُكَ حَدِيثاً لِمَنْ خَلْفَكَ ».

أي عبرة ومثلا لمن خلفك يعتبرون بك. وفِيهِ « لَمْ أَرَ شَيْئاً أَحْسَنَ دَرَكاً وَلَا أَسْرَعَ طَلَباً مِنْ حَسَنَةٍ مُحْدَثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِيمٍ ».

كأن المعنى أن الحسنة الْمُحْدَثَةَ تدرك الذنب وتطلبه ولا تبقيه. وحَدَّثَتْهُ نفسه بكذا : أمرته ، ومنه الْخَبَرُ » رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْهُ ». وَفِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ : « لَا

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٢٧٠.

٢٤٥

يُحَدِّثُ أَمَانَةَ الْأَصْدِقَاءِ وَلَا يَكْتُمُ شَهَادَةَ الْأَعْدَاءِ ».

كأن المراد بِتَحْدِيثِ أمانتهم إفشاء سرهم الذي لا يحبون أن يظهر عليه عدو ولا مبغض ، والخبر يأتي على القليل والكثير. والْحَدِيثُ : ما يرادف الكلام ، وسمي به لتجدده وحُدُوثِهِ شيئا فشيئا. وحَدَثَ الشيء حُدُوثاً ـ من باب قعد ـ : تجدد حُدُوثُهُ. و « الْحَدَثُ » اسم لِلْحَادِثَةِ الناقضة للطهارة شرعا ، والجمع « أَحْدَاثٌ » مثل سبب وأسباب.

قَوْلُهُ : « لَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ ».

أي في ثواب صلاة ما لم يأت بِحَدَثٍ ، وهو يعم ما خرج من السبيلين وغيره. قال في المصباح : ويقال للفتى الشباب « حَدِيثُ السن » فإذا حذف السن قلت « حَدَثٌ » بفتحتين ، وجمعه « أَحْدَاثٌ » ومنه حَدِيثُ فاطمة عليها السلام مَعَ النَّبِيِّ (ص) « فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ أَحْدَاثاً ».

أي شبابا. وفِي بَعْضِ النُّسَخِ « حُدَّاثاً ».

أي جماعة يَتَحَدَّثُونَ. قيل وهو جمع شاذ حمل على نظيره كسامر وسمار ، فإن السُّمَّارَ الْمُحَدَّثُونَ.

وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ : « أَنَّهُ (ص) لَعَنَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً » (١).

قيل فيه الْحَدَثُ : الأمر الْحَادِثُ المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف من السنة.

وَفِي الْخَبَرِ : « قُلْتُ : وَمَا ذَلِكَ الْحَدَثُ؟ قَالَ : الْقَتْلُ ».

و « الْمُحْدِثُ » يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه ، والفتح هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون الإيواء فيه الرضا عليه ، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر فقد آواه. وتَحَادَثُوا : حَدَّثَ بعضهم بعضا. وقولهم « لا أُحَدِّثُ بلسانه » أي لا أتكلم به. والْأُحْدُوثَةُ : ما يَتَحَدَّثُ به الناس

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٥٦٥.

٢٤٦

ومنه الْحَدِيثُ « الْعِلْمُ يُكْسِبُ الْإِنْسَانَ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ».

أي الثناء والكلام الجميل. و « الْأُحْدُوثَةُ » مفرد الْأَحَادِيثِ. و « الْحَدَثَانُ » بالتحريك : الموت. ومنه قَوْلُهُ « لَا آمَنُ الْحَدَثَانَ ».

وَفِي حَدِيثِ الْأَرْوَاحِ الْخَمْسَةِ « هَذِهِ الْأَرْوَاحُ الْأَرْبَعَةُ يُصِيبُهَا الْحَدَثَانُ إِلَّا رُوحَ الْقُدُسِ لَا تَلْهُو وَلَا تَلْعَبُ ».

كأنه يريد بِالْحَدَثَانِ ما يَحْدُثُ لها من النوم والغفلة واللهو والزهو ونحو ذلك. و « حِدْثَانُ الشيء « بكسر الحاء وسكون الدال : أوله ، وهو مصدر حَدَثَ ، ومنه الْخَبَرُ « لَوْ لَا حِدْثَانُ قَوْمِكَ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ وَبَنَيْتُهَا ».

أراد قرب عهدهم بالكفر والخروج منه إلى الإسلام وأنه لم يتمكن الدين في قلوبهم ، فلو هدم الكعبة ربما فروا منه لأنهم يرونه تغييرا عظيما.

وَفِي حَدِيثِ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ : « خُذُوا بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ ».

والمعنى إن كان مطابقا للواقع لا مطلقا ، وقد حمله الشيخ على الإطلاق ، وهو كما ترى. و « حُدَيْثُ » علي ما في النسخ بالتصغير أُمُّ أبي محمد الحسن بن علي الهادي ، وهي أم ولد.

(حرث)

قوله تعالى : ( وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ ) [ ٦ / ١٣٨ ] أي زرع ( حِجْرٌ ) أي حرام ، عنى بذلك الأنعام والزرع الذي جعلوهما لآلهتهم وأوثانهم ( لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ ) أي لا يأكلها إلا من نشاء بزعمهم ، أي نأذن له في أكلها ( وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها ) يعني الأنعام التي حرم الركب عليها وهي السائبة والحام ونحو ذلك. قوله : ( مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) [ ٤٢ / ٢٠ ] قال المفسر : الْحَرْثُ في اللغة الكسب ، يقال « فلان يَحْرِثُ لعياله » أي يكتسب ، أي من كان يريد بعمله نفع الآخرة ويعمل لها نجازه على عمله ونضاعف ثوابه فنعطيه على الواحد عشرة ونزد على ذلك ما نشاء ( وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ )

٢٤٧

أي ومن كان يريد بعمله نفع الدنيا نعطه نصيبه من الدنيا ، لا جميع ما يريد على حسب ما يقتضيه الحكمة ، كما قال سبحانه ( عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ). وقوله : ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) [ ٢١ / ٧٨ ] الآية.

رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ كَانَ لَهُ كَرْمٌ وَنَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ رَجُلٍ آخَرَ بِاللَّيْلِ فَقَضَمَتْهُ وَأَفْسَدَتْهُ ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ إِلَى دَاوُدَ (ع) فَاسْتَعْدَاهُ عَلَى صَاحِبِ الْغَنَمِ ، فَقَالَ دَاوُدُ : اذْهَبَا إِلَى سُلَيْمَانَ لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمَا ، فَذَهَبَا إِلَيْهِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ (ع) : إِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ أَكَلَتِ الْأَصْلَ [ وَالْفَرْعَ ] فَعَلَى صَاحِبِ الْغَنَمِ [ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ ] الْغَنَمَ وَمَا فِي بُطُونِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ ذَهَبَتْ بِالْفَرْعِ وَلَمْ تَذْهَبْ بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ وَلَدَهَا إِلَى صَاحِبِ الْكَرَمِ ، فَكَانَ هَذَا حُكْمَ دَاوُدَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ سُلَيْمَانَ وَصِيُّهُ بَعْدَهُ وَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي الْحُكْمِ ، وَلَوْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا لَقَالَ لَكُنَّا لِحُكْمِيِهِمَا شَاهِدَيْنِ (١).

قوله : ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) [ ٢ / ٢٢٣ ] أي بمنزلة الأرض التي يزرع فيها ، شبهت النطفة التي تلقى في أرحامهن للإيلاد بالبذر الذي يلقى في الْمَحَارِثِ للاستنبات. قوله : ( وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) [ ٢ / ٢٠٥ ] قال : الْحَرْثُ في هذا الموضع الدين ، والنسل الناس.

قِيلَ نَزَلَتْ فِي الثَّانِي وَقِيلَ فِي مُعَاوِيَةَ ـ كَذَا فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (٢).

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) « الْمَالُ وَالْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَةِ ، وَقَدْ يَجْمَعَهُمَا اللهُ لِأَقْوَامٍ ».

والْحَرْثُ : إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها ، ويسمى الزرع الْحَرْثَ أيضا.

وَفِي الْحَدِيثِ : « احْرِثْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَداً ».

والمعنى اعمل لدنياك ، فخالف بين اللفظين ، وظاهره الحث على عمارة

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ص ٤٣١.

(٢) انظر التفسير ص ٦١.

٢٤٨

لبقاء الناس فيها حتى يسكن فيها وينتفع من يجيء من بعده كما انتفع هو بعمل من كان قبله وسكن ، فإنه إذا علم أنه يطول عمره أحكم ما يعمل وحَرَثَ على ما يكسبه ، واعمل لآخرتك على إخلاص العمل وحضور النية والقلب في العبادات والإكثار منها ، فإنه من علم أنه يموت غدا يسارع إلى ذلك ، كَحَدِيثِ » صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ ».

وقيل الْحَدِيثُ مصروف عن ظاهره ، فإنه (ص) إنما ندب إلى الزهد في الدنيا والتقليل منها ونهى عن الانهماك فيها والاستمتاع بلذاتها ، وهو الغالب على أوامره ونواهيه فيما يتعلق بها فكيف يحث على عمارتها ، وإنما المراد أنه إذا علم أنه يعيش أبدا قل حرصه والمبادرة إليه ، ويقول إن فاتني اليوم أدركته غدا ، أي اعمل عمل من يظن أنه مخلد فلا يحرص في العمل ، فهو حث على الترك بطريقة أنيقة. والْحَرْثُ : كسب المال وجمعه ، يقال حَرَثَ الرجل حَرْثاً ـ من باب قتل ـ : جمعه ، فهو حَارِثٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ : « اخْرُجُوا إِلَى معائشكم وَحَرَائِثِكُمْ ».

أي مكاسبكم ، واحدها حَرِيثَةٌ. وحَرَثَةُ القرآن : مستثيرو دفائنه وكنوز علمه. والْحَارِثُ بن همام من أصحاب أمير المؤمنين صاحب لواء الأشتر يوم صفين. وحَارِثُ بن سراقة ـ بضم السين ـ شهد بدرا. والْحَارِثُ بن قيس شهد العقبة في السبعين وشهد بدرا وما بعدهما من الغزوات ومات في خلافة عمر. و « جبل حُورِيثَ » في دعاء السمات بالثاء المثلثة ـ على ما في النسخ المعتبرة ـ هو جبل بأرض الشام ، خوطب عليه موسى عليه السلام أول خطابه. والْمِحْرَاثُ : ما يحرك به النار. و « أبو الْحَارِثِ » من كنى الأسد

(حنث)

قوله تعالى : ( يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ

٢٤٩

الْعَظِيمِ ) [ ٥٦ / ٤٦ ] الْحِنْثُ بكسر الحاء الذنب ، وقيل الشرك ، وقيل الإثم ، ومنه « حَنِثَ في يمينه » ، وقيل هو اليمين الفاجرة. والْحِنْثُ : الخلف في اليمين ، ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّ عَلِيّاً (ع) كَرِهَ أَنْ يُطْعِمَ الرَّجُلُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ ».

ومنه « مَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ».

والْحِنْثُ في اليمين : نقضها والنكث فيها ، يقال حَنِثَ في يمينه يَحْنَثُ حِنْثاً : إذا لم يف بموجبها ، فهو حَانِثٌ. قال في النهاية : وكأنه من الْحِنْثِ الإثم والمعصية. و « غلام لم يدرك الْحِنْثَ » أي لم يجر عليه القلم. ومنه الْحَدِيثُ : « مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْحِنْثَ مَا حُكْمُهُ فِي الْآخِرَةِ؟ ».

(حيث)

قوله تعالى : ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) [ ٢ / ٢٢٢ ] قيل الأمر هنا ليس للوجوب بل لمطلق الرجحان ، واختلف في معنى ( حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) :

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ بِتَجَنُّبِهِ وَهُوَ مَحَلُّ الْحَيْضِ.

وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ قَبْلِ النِّكَاحِ دُونَ الْفُجُورِ.

وقِيلَ مِنْ مَحَلِّ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ.

قوله : ( وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ) [ ٢٠ / ٦٩ ] أي من حيث أتى ـ قاله الجوهري. و « حَيْثُ » كلمة تدل على المكان لأنه ظرف في الأمكنة بمنزلة حين في الأزمنة ، وهو اسم مبني ، وإنما حرك آخره لالتقاء الساكنين ، فمن العرب من يبنيها على الضم تشبيها بالغايات لأنها لم تجئ إلا مضافة إلى جملة ، ومنهم من يبنيها على الفتح مثل كيف استثقالا للكسر مع الياء ، وهي من الظروف التي لا يجازى بها إلا مع « ما « يقول » حَيْثُمَا تجلس أجلس » في معنى أينما ـ كذا نقلا عن الجوهري.

وَفِي حَدِيثِ نَفْيِ الصِّفَاتِ عَنْهُ تَعَالَى : « كَيْفَ أَصِفُهُ بِحَيْثٍ وَهُوَ الَّذِي حَيَّثَ الْحَيْثَ حَتَّى صَارَ حَيْثاً ».

قيل الْحَيْثُ أعم من الأين ومرادف للتحيز.

٢٥٠

باب ما أوله الخاء

(خبث)

قوله تعالى : ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) [ ٢ / ٢٦٧ ] أي الرديء في الصدقة ، وسماه خَبَثاً لأنهم يَسْتَخْبِثُونَهُ. والْخَبِيثُ : ضد الطيب ، يقال خَبُثَ الشيء خَبَثاً ـ من باب قرب ـ وخَبَاثَةً : ضد طاب ، فهو خَبِيثٌ. و « الْخَبِيثَةُ « واحدة الْخَبَائِثِ : ضد الطيبة. قال تعالى : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ) [ ٧ / ١٥٧ ]. قوله : ( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) [ ٨ /٣٧ ] أي ليميز الفريق الْخَبِيثَ من الفريق الطيب ( وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ ) فوق بعض تضييقا عليه ( فَيَرْكُمَهُ ) عبارة عن الجمع والضم حتى يتراكموا كقوله : ( كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ) كذا ذكره الشيخ أبو علي. والْخَبِيثُ : النجس ، ويجمع على « خُبُثٍ » أيضا مثل بريد وبرد. و « خُبَثَاءَ » و « أَخْبَاثٌ » مثل شرفاء وأشراف. قوله : الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ [ ٢٤ / ٢٦ ] أي الْخَبِيثَاتُ من الكلام لِلْخَبِيثِينَ من الناس.

وَفِي حَدِيثِ الْخَلْوَةِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » (١).

المراد بِالْخَبِيثِ صاحب الْخَبَثِ في نفسه ، والْمُخْبِثِ الذي أعوانه خُبَثَاءُ ، كما يقال : قوي مقوي ، فالقوي في نفسه والمقوي أن تكون دابته قوية ـ كذا ذكره الهروي. ويقال الْخَبِيثُ الذكر من الشياطين ، والْمُخْبِثُ الذي يُعَلِّمُ الناسَ الْخَبَثَ. وأَخْبَثَ الرجل : إذا ولد أولادا خُبَثَاءَ. وأَخْبَثَ القوم : قال قولا خَبِيثاً.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبَثِ وَالْخَبَائِثِ ».

الْخُبُثُ ـ بضم باء ـ جمع خَبِيثٍ والْخَبَائِثُ جمع خَبِيثَةٍ يريد ذكور الشياطين وإناثهم. وقيل الْخَبِيثُ خلاف طيب الفعل

__________________

(١) الكافي ج٣ ص ١٦.

٢٥١

من فجور ونحوه ، والْخَبَائِثُ الأفعال المذمومة والخصال الرديئة.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تُعَوِّدُوا الْخَبِيثَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّهُ مُعْتَادٌ لِمَا عُوِّدَ ».

يريد بِالْخَبِيثِ الشيطان المرجوم باللعنة ، لأنه يعتاد لما عوده الإنسان من نقض الصلاة وغيرها.

وَفِي حَدِيثِ اهل البيت عليهم السلام « لَا يُبْغِضُنَا إِلَّا مَنْ خَبُثَتْ وِلَادَتُهُ ».

أي لم تطب. وخَبَثَ الرجل بالمرأة ـ من باب قتل ـ زنى بها. والْأَخَبثَانِ : البول والغائط ، ومِنْهُ « نَهَى عَنْ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ ».

يعني في الصلاة ، وذلك لاشتغال القلب به عن الخشوع.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ».

يريد الثوم والبصل والكراث ، وخبثها من كراهة طعمها ورائحتها ، وإنما نهاهم عن ذلك عقوبة ونكالا ، لأنه (ص) كان يتأذى بالرائحة الْخَبِيثَةِ كالملائكة. والْخَبَثُ بالتحريك

فِي قَوْلِهِ : « إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثاً ».

يراد به النجس وَحديث « مَهْرُ الْبَغْيِ خَبِيثٌ وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ ».

يريد بهما الحرمة ، لأن الكلب نجس والزنا حرام ، وبذل العوض عليه وأخذه حرام.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ أَكْلِ دَوَاءٍ خَبِيثٍ ».

قيل هو من جهة النجاسة والحرام كالخمر والبول إلا ما خصته السنة. وخَبِيثُ النفس : ثقيلها.

(خرث)

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ (ع) « وَرِثَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص) مَتَاعَ الْبَيْتِ وَالْخُرْثِيَّ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ ».

الْخُرْثِيُ متاع البيت وأسقاطه أو أردأ المتاع.

(خنث)

فيه ذكر الْخُنْثَى ، وهو الذي له فرج الرجل وفرج المرأة ، والجمع خِنَاثٌ ككتاب وخَنَاثَى كحبلى وحبالى. وخَنِثَ خَنَثاً ـ من باب تعب ـ : إذا كان فيه لين وتكسر ، يعدى بالتضعيف فيقال خَنَّثَهُ غيره. ومنه « الْمُخَنَّثُ » بفتح النون والتشديد ، وهو من يوطأ في دبره

٢٥٢

لما فيه من الِانْخِنَاثِ وهو التكسر والتثني ويقال هو من الْخُنْثَى.

وَفِي الْخَبَرِ : « نَهَى عَنْ أَخْنَاثِ الْأَسْقِيَةِ ».

ومعناه أن تثني أفواهها ثم يشرب منها ، ولعل ذلك مخافة أن يكون فيه دابة ، أو لئلا يترشش الماء على الشارب لسعة فم السقاء. وخَنَّثْتُهُ فَتَخَنَّثَ : أي عطفته فتعطف قيل ومنه « الْمُخَنَّثُ ».

باب ما أوله الدال

(دمث)

فِي وَصْفِهِ (ص) « دَمِثٌ لَيْسَ بالجَافِي » (١).

هو بفتح دال وكسر ميم : المكان اللين ، أراد كأن (ص) لين الخلق في سهولة ، من الدَّمْثِ وهو الأرض السهلة الرخوة والرمل الذي ليس بمتلبد ، ومعناه لا يحتقر أصحابه ولا يذلهم. ورِمَالٌ دَمِثَةٌ : أي سهلة لينة.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّهُ مَالَ إِلَى دَمْثٍ مِنَ الْأَرْضِ فَبَالَ فِيهِ ».

وذلك لئلا يصيبه من رشاش البول.

(ديث)

فِي الْحَدِيثِ « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ لَا يَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دَيُّوثٌ. قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ (ص) وَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ : الَّذِي تَزْنِي امْرَأَتُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهَا » (٢).

و « الدَّيُّوثُ » من لا غيرة له على أهله ، ومثله الكَشْخَان والقَرْنَان ، ويقال الدَّيُّوثُ هو الذي يدخل الرجل على زوجته ، والقَرْنَان هو الذي يرضى أن يدخل الرجال على بناته ، والْكَشْخَان من يدخل على الأخوات. وعن تغلب لم أرهما ـ يعني القرنان والكشخان ـ في كلام العرب ، ومعناهما عند العامة معنى الدَّيُّوثِ. و « دَاثَ الشيء » من باب باع لان

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١١.

(٢) سفينة البحار ج ١ ص ٤٧٤.

٢٥٣

وسهل ، قيل ومنه الدَّيُّوثُ. و « دُيِّثَ بالصَّغَار » على صيغة المجهول : أي ذلل ، والصَّغار بفتح أوله : الذل ، يقال دَيَّثَهُ أي ذلله وطريق مُدَيَّثٌ : أي مذلل ، قيل ومنه الدَّيُّوثُ الذي ذللته محارمه حتى يتغافل عن فجورهن.

باب ما أوله الراء

(ربث)

فيه ذكر « الرَّبِيثَا » بالراء المفتوحة والباء الموحدة المكسورة والياء المثناة من تحت والثاء المثلثة والألف المقصورة : ضرب من السمك له فلس لطيف. وعن الغوري الرِّبِّيثَى بكسر الراء وتشديد الباء : ضرب من السمك ، ويقال الرَّبِيثُ والرَّبِيثَةُ : الجِرِّيث.

(رثث)

الرَّثُ : الشيء البالي. والرَّثَّةُ : السقط من متاع البيت من الخلقان ، والجمع « رِثَثٌ » مثل قربة وقرب. ومنه « عفوت لكم عن الرَّثَّةِ والمتاع » الرَّثُ : هو متاع البيت الدون. ورَثَ الشيء يَرُثُ ـ من باب قرب رُثُوثَةً ورَثَاثَةً : خلق ، فهو رَثُ. وأَرَثَ بالألف مثله. ورَثَثَتْ هيئة الشخص وأَرَثَّتْ : ضعفت وهانت ، وجمع الرَّثِ » رِثَاثٌ « كسهم وسهام.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) فَيُجِيبُهُ الْأَشْقَى عَلَى رُثُوثَةٍ يَا ( لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ) ».

أي على ضعفه ، كأنه من قولهم « هم رثة الناس » لضعفائهم على التشبيه.

(رعث)

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ الْمَرْأَةِ فَيَنْزِعُ حِجْلَهَا وَقُلُبَهَا وَقِلَادَتَهَا وَرِعَاثَهَا ».

الرِّعَاثُ ـ بالكسر ـ جمع رَعْثَةٍ بفتح الراء والعين وسكونها ، وهي القرط.

٢٥٤

والرِّعَاثُ أيضا من الخرز والحلي وتَرَعَّثَتْ المرأة أي تقرطت.

(رفث)

قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ ) [ ٢ / ١٧٨ ] قال الشيخ أبو علي : قرىء شاذا أَحَلَّ بالبناء للفاعل ونصب الرَّفَثَ ، والقراءة الصحيحة ( أُحِلَ ) بالبناء للمفعول ورفع الرَّفَثُ. و « الرَّفَثُ » قيل الفحش من القول عند الجماع ، والأصح أنه الجماع ، لقوله تعالى ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ) [ ٢ / ١٩٧ ] عداه بإلى لتضمنه معنى الإفضاء. قيل كان في صدر الإسلام مباحا للصيام الأكل والشرب والجماع ليلا ما لم ينم فإن نام حرم ذلك إلى القابلة ، ثم نسخ بقوله في هذه الآية ( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ ) إلى آخرها. ورَفَثَ في منطقه رَفَثاً ـ من باب طلب ـ ويَرْفُثُ بالكسر لغة : أفحش فيه. ومنه الْحَدِيثُ « يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الرَّفَثُ ».

وفي الخبر فسر بالجماع ، وحينئذ يراد بالكراهة التحريم.

(رمث)

« الرَّمْثُ » كحمل : مرعى الإبل ينبت في السهل. و « الرَّمَثُ » بالتحريك : خشب يضم بعضه إلى بعض ويركب في البحر ، والجمع أَرْمَاثٌ مثل سبب وأسباب.

(روث)

فِي الْحَدِيثِ « إِنْ قُطِعَتْ رَوْثَةُ الْأَنْفِ فَدِيَتُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ » (١).

الرَّوْثُ طرف الأرنبة ، والأرنبة طرف الأنف. ومنه « فلان يضرب بلسانه رَوْثَةَ أنفه ». وفي كلام الصدوق : الرَّوْثَةُ من الأنف مجتمع مارنه (٢). والرَّوْثَةُ : واحدة الرَّوْثُ ، ومنه رَاثَ الفرس يَرُوثُ رَوْثاً من باب قال ، والخارج رَوْثٌ. ومنه الْحَدِيثُ « نَهَى عَنِ الرَّوْثِ ».

يعني رجيع ذات الحافر.

__________________

(١) من لا يحضر ج ٤ ص ٥٧.

(٢) المارن : ما دون قصبة الأنف ، وهو ما لان.

٢٥٥

و « رُوَيْثَةٌ » موضع بين الحرمين ـ قاله في القاموس.

(ريث)

فِي حَدِيثِ مُخَاطَبَةِ أَبِي بَكْرٍ لِرَسُولِ اللهِ (ص) : « أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وَهُمْ يَسْتَرِيثُونَ إِقْبَالَكَ إِلَيْهِمْ ».

أي يستبطئون إقبالك إليهم ، من الِاسْتِرَاثَةِ وهو الاستبطاء وراث علي خبرك ـ من باب باع ـ : أبطأ.

وَفِي وَصْفِهِ تَعَالَى « لَمْ يُعْتَرَضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِىِء وَلَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّىءِ ». أي المتأخر.

باب ما أوله الشين

(شبث)

فِي الْحَدِيثِ « مَسْجِدُ شَبَثِ بْنِ رِبْعِيٍّ هُوَ أَحَدٌ الْمَسَاجِدِ الَّتِي بُنِيَتْ فَرَحاً بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ (ع) ».

والتَّشَبُّثُ بالشيء : التعلق به ، يقال شَبِثَ يَشْبَثُ شَبَثاً. ورجل شَبِثٌ : إذا كان من طبعه ذلك. والشَّنْبَثَةُ : العِلاقة.

(شعث)

فِي الْحَدِيثِ : « مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ تَشْعَثْ أَنَامِلُهُ ».

هو من الشَّعَثِ وهو الانتشار والتفرق حول الأظفار كما يَتَشَعَّثُ رأس السواك ، وفِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ « تُسْعَفُ ».

بالسين والفاء ، وهو إن صح بهذا المعنى. والشَّعَثُ بالتحريك : انتشار الأمر يقال « لَمَّ اللهُ شَعَثَكَ » أي جمع أمرك المنتشر

وَفِي الدُّعَاءِ « تَلُمُّ بِهِ شَعَثِي ».

أي تجمع به ما تفرق من أمري. و « لَمَّ اللهُ شَعَثَكُمْ » جمع أمركم. وشَعِثَ الشعر شَعَثاً فهو مُشَعَّثُ من باب تعب : تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن ومنه رجل أَشْعَثُ وامرأة شَعْثَاءُ مثل أحمر وحمراء. ومِنْهُ « رُبَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ

٢٥٦

لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ ».

ومنه فِي وَصْفِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ (ص) : « كَانُوا شُعْثاً غُبْراً ».

كناية عن قشفهم ، أي يبس جلودهم وتركهم زينة الدنيا. و « الْأَشْعَثُ » اسم رجل ، ومنه الْأَشَاعِثَةُ ، والهاء للنسب.

(شلث)

فيه « يدهن بِالشَّلِيثَاءِ » هو دهن معروف فيما بينهم.

(شيث)

« شِيْثُ » وصي آدم ، وهو هبة الله بن آدم ، ولد بعد هابيل بخمس سنين ولم يعقب ولد أبيه غيره وإليه تنتهي أنساب الناس ، عاش سبعمائة واثنتا عشرة سنة ، وقيل ألف سنة وأربعين.

وَرُوِيَ أَنَّ شِيْثَ أَوَّلُ وَلَدٍ لِآدَمَ (ع) وَيَافِثُ وُلِدَ بَعْدَهُ ، أَنْزَلَ اللهُ لَهُمَا حُورِيَّتَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ إِحْدَاهُمَا نَزْلَةُ وَالْأُخْرَى مَنْزِلَةُ ، فَزَوَّجَ نَزْلَةَ شِيْثَ وَمَنْزِلَةَ يَافِثَ ، فَوُلِدَ لِشِيْثَ غُلَامٌ وَلِيَافِثَ جَارِيَةٌ فَتَزَاوَجَا وَصَارَ النَّسْلُ مِنْهُمَا.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى « فَتَزَوَّجَ يَافِثُ ابْنَةً مِنَ الْجَانِّ ، فَمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مِنْ جَمَالٍ وَحُسْنِ خَلْقٍ فَهُوَ مِنَ الْحَوْرَاءِ ، وَمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ سُوءِ خَلْقٍ فَهُوَ مِنِ ابْنَةِ الْجَانِّ ».

باب ما أوله الضاد

(ضغث)

قوله تعالى : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ ) [٣٨ / ٤٤ ] الضِّغْثُ بالكسر والفتح : قبضة الحشيش المختلط رطبها ويابسها ، ويقال ملء الكف من القضبان والحشيش أو الشماريخ. قوله ( فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ ) وذلك أنه حلف على امرأته بقول أنكره منها إن عوفي ليضربنها مائة جلدة ، فرخص الله له في ذلك تحلة يمينه ورفقا بها ، لأنها لم تقصد معصيته. وَفِي الْحَدِيثِ : « أُتِيَ رَسُولُ اللهِ (ص)

٢٥٧

بِرَجُلٍ احْتَبَنَ قَدِ اسْتَسْقَى بَطْنُهُ وَبَدَتْ عُرُوقُ فَخِذَيْهِ وَقَدْ زَنَى بِامْرَأَةٍ مَرِيضَةٍ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ (ص) بِعُرْجُونٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَخَلَّى سَبِيلَهُمَا ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَ ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ )(١).

قوله : ( أَضْغاثُ أَحْلامٍ ) [ ١٢ / ٤٤ ] أي أخلاط أحلام ، مثل أَضْغَاثُ الحشيش ، يجمعها الإنسان فيكون منها ضروب مجتمعة ، واحدها ضِغْثٌ ، ويقال أَضْغَاثُ أحلام : الرؤيا التي لا يصح تأويلها لاختلاطها. وضَغَثْتُ الشيء ضَغْثاً ـ من باب نفع ـ : جمعته ، ومنه « الضِّغْثُ ». ومن كلام بعضهم » يمشي معي ضِغْثَانِ من نار أحب إلي من أن يسعى غلامي خلفي » أي حُزْمَتَانِ من حطب ، واستعارهما للنار يعني أنهما قد اشتعلتا وصارتا نارا.

باب ما أوله الطاء

(طرث)

« الطُّرْثُوثُ » كعصفور : نبات دقيق مستطيل يضرب إلى الحمرة ، قيل هو دباغ المعدة يجعل في الأدوية ، وفي الصحاح هو نبت يؤكل.

(طمث)

قوله تعالى : ( لَمْ يَطْمِثْهُنَ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) [ ٥٥ / ٥٦ ] أي لم يمسهن وينكحهن ، فَالطَّمْثُ النكاح بالتدمية ومنه قيل للحائض « طَامِثٌ ». والطَّمْثُ : الدم. وطَمَثَتْ المرأة تَطْمُثُ بالضم : حاضت ، وطَمِثَتْ بالكسر لغة.

وَفِي حَدِيثِ الطَّامِثِ : « أَشْرَبُ مِنْ فَضْلِ شَرَابِهَا وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَتَوَضَّأَ مِنْهُ ».

وطَمَثَ الرجل امرأته ـ من بابي ضرب وقتل ـ : افتضها.

__________________

(١) الكافي ج ٧ ص ٢٤٤ مع تغيير في بعض الألفاظ.

٢٥٨

باب ما أوله العين

(عبث)

قوله تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ) [ ٢٣ / ١١٥ ] الْعَبَثُ بالتحريك : اللعب ، يقال عَبِثَ يَعْبَثُ ـ من باب علم عَبَثاً بالتحريك ـ : لعب وعمل ما لا فائدة فيه ، كمن ينزف الماء من البحر إلى البحر عَابِثٌ.

وَ « رَجُلٌ يَعْبَثُ بِأَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ».

أي يلعب بها ، ومثله لَا يَعْبَثُ بِجِرَاحَتِهِ.

ومنه « لَا تَدَعَنَّ مَيِّتَكَ وَحْدَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَعْبَثُ فِي جَوْفِهِ » (١).

وعَبِثَ به الدهر : كناية عن تقلبه. و « الْعَبْثَةُ » بالتسكين : المرة الواحدة.

(عثث)

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) « ذَلِكَ زَمَانٌ الْعَثَاعِثِ ».

أي الشدائد ، من الْعَثْعَثَةِ : الإفساد. و « الْعُثَّةُ » بالضم : السوسة التي تلحس الصوف ، والجمع عُثٌ ، ويجمع الْعُثُ على عِثَاثٍ بالكسر. ويقال الْعُثَّةُ : الأرضة ، وهي دويبة تأكل الصوف والأديم. وعَثَ السوس الصوف عَثّاً ـ من باب قتل ـ : أكله.

(عفث)

فِي خَبَرِ الزُّبَيْرِ « كَانَ أَشْعَراً أَعْفَثَ ».

الْأَعْفَثُ : هو الذي ينكشف فرجه كثيرا إذا جلس ، وقيل هو بالتاء بنقطتين ، ورواه بعضهم في صفة عبد الله بن زبير ، يقال كان بَخِلا أعفت

(عيث)

الْعَيْثُ : الفساد.

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ ص ٨٩.

٢٥٩

باب ما أوله الغين

(غثث)

غثت الشاة : أي هزلت. وغَثَ اللحم فهو غَثِيثٌ : إذا كان مهزولا.

(غرث)

فِي حَدِيثِ أَمْرِ الصِّبْيَانِ بِالصَّوْمِ « فَإِذَا غَلَبَهُمُ الْغَرَثُ أَفْطَرُوا ».

الْغَرَثُ ـ بالتحريك ـ : الجوع. وقد غَرِثَ بالكسر كفرح : جاع ، فهو غَرْثَانٌ. وقوم غَرْثَى وغَرَاثَى مثل صحارى وامرأة غَرْثَى ونسوة غِرَاثٌ.

و « غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ » رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَرَادَ النَّبِيُّ (ص) قَتْلَهُ فَاسْتَعْفَى فَتَرَكَهُ.

(غوث)

قوله تعالى : ( يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) [ ٧١ / ٢٣ ] الثلاثة أسماء أصنام تعبد.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كَانَ يَعُوقُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ ، وَكَانَ نَسْرٌ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ » قِيلَ وَكَانَ يَغُوثُ قِبَالَ بَابِ الْكَعْبَةِ ، وَقِيلَ نَسْرٌ وَيَعُوقُ وَيَغُوثُ كَانَتْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ.

قوله : ( فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ ) [ ١٢ / ٤٩ ] قيل يمطرون من الْغَيْثِ ، أو يُغَاثُونَ من القحط من الْغَوْثِ. قوله : فَاسْتَغاثَهُ [ ٢٨ / ١٥ ] أي طلب منه الْإِغَاثَةَ ، يقال اسْتَغَاثَنِي فلان فَأَغَثْتُهُ ، والاسم الْغِيَاثُ صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. ومِنْهُ « يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ».

و « أَنْتَ الْغِيَاثُ الْمُسْتَغَاثُ ».

وغَوَّثَ الرجل : قال وا غَوْثَاهْ ، والاسم الْغَوْثُ. و « الْغَوْثَ الْغَوْثَ » تكرار في طلب الْإِغَاثَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتَانِ فَوَا غَوْثَاهُ ».

و « الْغِيَاثُ » بالكسر من الْإِغَاثَةِ : الإعانة. وروي بالضم والكسر ، وهما أكثر ما يجيء في الأصوات كالنباح ،

٢٦٠