مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

والشَّرْحُ : الكشف ، تقول « شَرَحْتُ الغامض » إذا فسرته ، و « شَرَحْتُ الحديث شَرْحاً » إذا فسرته وبينته وأوضحت معناه ، ومنه » اشْرَحْ لي الكلام » أي بينه وأوضحه.

و « شُرَاحَةُ الْهَمْدَانِيَّةِ » كَسُرَاقَةَ هِيَ الَّتِي أَقَرَّتْ بِالزِّنَا عِنْدَ عَلِيٍّ عليه السلام فَحَدَّهَا ثُمَّ رَجَمَهَا.

و « شُرَيْحٌ القاضي » هو الحارث بن قيس الكندي ، استقضاه عمر على الكوفة وأقام قاضيا خمسا وسبعين سنة لم تبطل إلا ثلاث سنين امتنع فيها من القضاء وذلك أيام فتنة ابن الزبير ، واستعفى الحجاج فأعفاه فلم يقض بين اثنين حتى مات ، وكان من التابعين. و « شَرَاحِيلُ » اسم كان مضافا إلى إيل ، ويقال شَرَاحِينُ أيضا بإبدال اللام نونا عن يعقوب ـ نقله عنه في الصحاح. و « الْأَشْرَاحُ » جمع شَرَحٍ بالفتح وهي عرى العيبة التي يخاط بها.

(شيح)

فيه ذكر الشَّيْحُ والقيصوم ، وهما نبتان بالبادية معروفان. والْمَشُوحَاءُ : الأرض التي تنبت الشَّيْحَ. وناقة شَيْحَانَةُ : أي سريعة. وأَشَاحَ بوجهه : أعرض ـ قاله الجوهري.

باب ما أوله الصاد

(صبح)

قوله تعالى : ( وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) [ ٨١ / ١٨ ] أي إذا أصفر وأضاء ، والمعنى امتد ضوؤه حتى يصير نهارا ، وقيل إن الصُّبْحَ إذا أقبل أقبل النسيم بإقباله ، فجعل ذلك كالنفس له. و « الصُّبْحُ » بالضم : الفجر ، والصَّبَاحُ مثله ، وهو أول النهار. وأَصْبَحْنَا : دخلنا في الصَّبَاحِ. قوله : ( فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ) [ ١٠٠ /٣ ] من الغارة ، كانوا يغيرون وقت الصَّبَاحِ.

٣٨١

قوله : ( فالِقُ الْإِصْباحِ ) [ ٦ / ٩٦ ] بالكسر يعني الصُّبْحَ. قوله : ( فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ) [ ٤١ / ٢٣ ] كأن المعنى صرتم من الخاسرين ، من قولهم « أَصْبَحَ فلان عالما » أي صار عالما. والصَّبِيحَةُ : الصَّبَاحُ. والصَّبَاحُ : خلاف المساء ، وعن ابن الجُوَاليقي الصَّبَاحُ عند العرب من نصف الليل الآخر إلى الزوال ثم المساء إلى آخر نصف الليل الأول ـ هكذا روي عن تغلب

وَفِي الْحَدِيثِ « وَلَيْسَ عِنْدَ رَبِّكَ صَبَاحٌ وَلَا مَسَاءٌ ».

قال علماء الحكمة : المراد أن علمه تعالى حضوري لا يتصف بالمضي والاستقبال كعلمنا ، وشبهوا ذلك بحبل كل قطعة منه على لون في يد شخص يمده على بصر نملة ، فهي لحقارة باصرتها ترى كل آن لونا ثم يمضي ويأتي غيره ، فيحصل بالنسبة إليها ماض وحال ومستقبل ، بخلاف من بيده الحبل ، فعلمه ـ سبحانه ( وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى ) ، بالمعلومات كعلم من بيده الحبل ، وعلمنا بها كعلم تلك النملة ـ كذا ذكره الشيخ البهائي (ره). « صَبَّحَهُ الله بخير » دعاء له. والصَّبَاحَةُ : الجمال. وقد صَبُحَ الوجه ـ بالضم صَبَاحَةً : أشرق وأنار ، فهو صَبِيحٌ وصَبَاحٌ بالضم أيضا. والْمِصْبَاحُ : السراج الثاقب المضيء ويعبر به عن القوة العاقلة والحركات الفكرية الشبيهة بِالْمِصْبَاحِ ، ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « قَدْ زَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى فِي قَلْبِهِ ».

وإن شئت قلت فأضاء العلم اليقين في قلبه. والْمُسْتَصْبِحُ : المتخذ لنفسه مِصْبَاحاً وسراجا.

وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى عليه السلام « أَنَّهُ كَانَ يَخْدُمُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ نَهَاراً وَيُصْبِحُ فِيهِ لَيْلاً ».

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ « زاكي الْمِصْبَاحِ ».

لأن الفقه مِصْبَاحُهُ. و « الصَّبُوحُ » بالفتح : الشرب بالغداة خلاف الغبوق. ومنه الْحَدِيثُ وَقَدْ سُئِلَ مَتَى تَحِلُّ الْمَيْتَةُ؟ قَالَ : مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا أَوْ تَغْتَبِقُوا.

٣٨٢

فَالاصْطِبَاحُ أكل الصَّبُوحِ وهو الغَداء والغَبُوق أكل العَشاء ، وأصلهما الشرب ثم استعملا في الأكل.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَمَّا نَزَلَتْ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) قَالَ ص : « يَا صَبَاحَاهْ ».

وهذه كلمة يقولها المستغيث عند وقوع أمر عظيم ، وأصلها إذا صاحوا للغارة ، لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون وقت الصَّبَاحِ ، فكان القائل وا صَبَاحَاهْ يقول قد غشينا العدو.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنِ الصَّبْحَةِ ».

وهي النوم أول النهار لأنه وقت الذكر ثم وقت طلب الكسب.

وَ « أَبُو الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيُّ » إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمٍ الثِّقَةُ ، مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام فِيهِ « أَنْتَ مِيزَانٌ لَا عَيْنَ فِيهِ » (١).

و « الوليد بن صَبِيحٍ » بفتح الصاد من الرواة أيضا (٢)

(صحح)

فِي الْحَدِيثِ « اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِحَّةً فِي عِبَادَةٍ ».

هي بالكسر خلاف السقم ، وقد صَحَ فلان من علته. ويقال الصِّحَّةُ في البدن حالة طبيعية تجري أفعاله معها على الجري الطبيعي ، وقد استعير الصِّحَّةُ للمعاني فقيل « صَحَّتِ الصلاة » إذا سقطت القضاء ، « وصَحَ العقد » إذا ترتب عليه أثره ، و « صَحَ القول » إذا طابق الواقع. وصَحَ الشيء ـ من باب ضرب ـ فهو صَحِيحٌ والجمع صِحَاحٌ مثل كريم وكرام. و « الصِّحَاحُ » بالفتح لغة في الصَّحِيحِ. والصَّحِيحُ : الحق ، وهو خلاف الباطل. ورجل صَحِيحُ الجسد : خلاف مريض ، والجمع « أَصِحَّاءُ » مثل شحيح

__________________

(١) قيل له الكناني لأنه نزل فيهم فنسب إليهم ، رأى أبا جعفر وروى عن أبي إبراهيم عليه السلام رجال النجاشي ص ١٦.

(٢) الوليد بن ( صَبِيحٌ ) أبو العباس كوفي ثقة روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، له كتاب رجال النجاشي ص٣٣٧.

٣٨٣

وأشحاء. و « الصَّحَاحُ » بفتح الصاد : اسم مفرد بمعنى الصَّحِيحُ. قال بعض الأفاضل : والجاري على ألسنة الأكثر كسر الصاد على أنه جمع صَحِيحٍ ، وبعضهم ينكره بالنسبة إلى تسمية هذا الكتاب ولا مستند له إلا أن يقال إنه ثبت عن مصنفه أنه سماه الصَّحَاحَ بالفتح.

وَفِي حَدِيثٍ « الصَّوْمُ مَصَحَّةٌ ».

بفتح صاد وكسرها مفعلة ، من الصِّحَّةِ : العافية. ومِنْهُ « صُومُوا تَصِحُّوا ».

و « الصَّحْصَحُ » كجعفر ، والصَّحْصَاحُ المكان المستوي ، ومثله الصَّحْصَحانُ.

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ « غَيْثاً صَحْصَاحاً ».

كأنه أراد مستويا متساويا.

(صرح)

قوله تعالى : ( يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ) [ ٤٠ /٣٦ ] هو بالفتح فالسكون : القصر ، وكل بناء مشرف من قصر أو غيره فهو صَرْحٌ.

قَالَ الْمُفَسِّرُ : فَبَنَى هَامَانُ لَهُ فِي الْهَوَاءِ صَرْحاً حَتَّى بَلَغَ مَكَاناً فِي الْهَوَاءِ لَا يَتَمَكَّنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّيَاحِ ، فَقَالَ لِفِرْعَوْنَ : لَا نَقْدِرُ أَنْ نَزِيدَ عَلَى هَذَا ، فَبَعَثَ اللهُ رِيَاحاً فَرَمَتْ بِهِ ، فَاتَّخَذَ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ التَّابُوتَ وَعَمَدَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْسُرٍ فَأَخَذَ فِرَاخَهَا وَرَبَّاهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْقُوَّةَ وَكَبِرَتْ عَمَدُوا إِلَى جَوَانِبِ التَّابُوتِ الْأَرْبَعَةِ فَغَرَزُوا فِي كُلِّ جَانِبِ مِنْهُ خَشَبَةً وَجَعَلُوا عَلَى رَأْسِ كُلِّ خَشَبَةٍ لَحْماً وَجَوَّعُوا الْأَنْسُرَ وَشَدُّوا أَرْجُلَهَا بِأَصْلِ الْخَشَبَةِ ، فَنَظَرَتِ الْأَنْسُرُ إِلَى اللَّحْمِ فَأَهْوَتْ إِلَيْهِ وَسَعَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَارْتَفَعَتْ فِي الْهَوَاءِ وَأَقْبَلَتْ تَطِيرُ يَوْمَهَا ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِهَامَانَ : انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ هَلْ بَلَغْنَاهَا؟ فَنَظَرَ هَامَانُ فَقَالَ : أَرَى السَّمَاءَ كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فِي الْأَرْضِ فِي الْبُعْدِ ، فَقَالَ : انْظُرْ إِلَى الْأَرْضِ؟ فَقَالَ : لَا أَرَى الْأَرْضَ وَلَكِنْ أَرَى الْبِحَارَ وَالْمَاءَ ، فَلَمْ تَزَلِ النَّسْرُ تَرْتَفِعُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وَغَابَتْ عَنْهُمُ الْبِحَارُ وَالْمَاءُ ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ : انْظُرْ يَا هَامَانُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَنَظَرَ فَقَالَ : إِنِّي أَرَاهَا كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فِي الْأَرْضِ ، فَلَمَّا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ نَظَرَ هَامَانُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ : هَلْ بَلَغْنَاهَا؟ فَقَالَ أَرَى الْكَوَاكِبَ كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فِي الْأَرْضِ

٣٨٤

وَلَسْتُ أَرَى مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا الظُّلْمَةَ. قَالَ : ثُمَّ جَالَتِ الرِّيَاحُ الْقَائِمَةُ فِي الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا ، فَأَقْبَلَتِ التَّابُوتُ بِهِمَا فَلَمْ يَزَلْ يَهْوِي بِهِمَا حَتَّى وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ، فَكَانَ فِرْعَوْنُ أَشَدَّ مَا كَانَ عُتُوّاً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ».

و « الصَّرَحُ » بالتحريك : الخالص من كل شيء ، وكل خالص صَرِيحٌ. وقد صَرُحَ الشيء ـ بالضم صَرَاحَةً وصُرُوحَةً : خلص من تعلقات غيره. وعربي صَرِيحٌ : أي خالص النسب.

وَفِي حَدِيثِ الْوَسْوَسَةِ « ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ ».

أي صَرِيحُهُ الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في قلوبكم ، وقيل إن الوسوسة علامة محض الإيمان ، فإن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه وحاصله أن صَرِيحَ الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم حتى تصير وسوسة لا يتمكن في قلوبكم ولا تطمئن إليه نفوسكم ، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صَرِيحُ الإيمان ، لأنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله فكيف يكون إيمانا صَرِيحاً. والصَّرِيحُ : ضد الكناية ، وهو خلاف التعريض. وفلان صَرَّحَ بما في نفسه : أي أظهره.

(صفح)

قوله تعالى : ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) [ ٤٣ / ٨٩ ] أي أعرض عنهم. والصَّفْحُ : أن تنحرف عن الشيء فتوليه صَفْحَةَ وجهك ، أي ناحية وجهك ، وكذلك الإعراض هو أن تولي الشيء عرضك ، أي ناحيتك وجانبك. قوله : ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) [ ١٥ / ٨٥ ] أي أعرض عنهم واحتمل ما يلقى منهم إعراضا جميلا بحلم وإغضاء قوله : ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) [ ٤٣ / ٥ ] أي أفنضرب تذكيرنا إياكم صَافِحِينَ ، أي معرضين.

وَفِي حَدِيثِ مَلَكِ الْمَوْتِ مَعَ بَنِي آدَمَ « وَأَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ».

أي أنظر إليهم وأتأملهم. قال بعض شراح الحديث : لعل المراد بِتَصَفُّحِ ملك الموت أنه ينظر إلى صَفَحَاتِ وجوههم نظر الترقب

٣٨٥

لحلول آجالهم والمنتظر لأمر الله فيهم. وصَفَحْتُ عن الذنب صَفْحاً ـ من باب نفع ـ : عفوت عنه. والصَّفْحُ : العفو والتجاوز ، وأصله من الإعراض بِصَفْحَةِ الوجه. و « الصَّفُوحُ » من أبنية المبالغة ، وهو من صفاته تعالى ، وهو العفو عن ذنوب العباد المعرض عن عقوبتهم. وصَفُوحٌ عن الجاهلين : أي كثير الصَّفْحِ والتجاوز عنهم. و « الصَّفْحُ » من أسماء السماء ، ومِنْهُ « مَلَائِكَةُ الصَّفْحِ الْأَعْلَى ».

أي ملائكة السماء العليا. وصَفَائِحُ الروحاء : جوانبها ، وهي ممر الأنبياء حين يقصدون البيت الحرام ، ومنه حَدِيثُ مُوسَى « وَقَدْ مَرَّ فِي سَبْعِينَ نَبِيّاً عَلَى صَفَائِحِ الرَّوْحَاءِ عَلَيْهِمُ الْعَبَاءُ الْقَطَوَانِيَّةُ يَقُولُ لَبَّيْكَ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ ».

وصفح كل شيء : وجهه وناحيته. وصَفْحُ الإنسان : جانبه ، وكذا الصَّفْحُ من كل شيء ، ومثله الصَّفْحَةُ من كل شيء. وصَفَائِحُ الباب : ألواحه. والصَّفِيحَةُ : السيف العريض.

(صلح)

قوله تعالى : ( لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً ) [ ٧ / ١٨٩ ] أي إن وهبت لنا ولدا سويا قد صَلَحَ بدنه ، وقيل ولدا ذكرا ، وكانت عادتهم يأدون البنات ( فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما ) لأنهم كانوا يسمون عبد اللات وعبد العزى وعبد مناة. ويتم الكلام في « شرك ». قوله : ( قَوْماً صالِحِينَ ) [ ١٢ / ٩ ] أي تائبين. قوله : ( وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) [٣ /٣٩ ] هو جمع صَالِحٍ ، وهو الذي يؤدي فرائض الله وحقوق الناس. قوله : ( وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) [ ٦٦ / ٤ ] من صَلَحَ منهم.

وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ الْخَاصِّ وَالْعَامِ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ص بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا

٣٨٦

( صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ )(١).

قوله : ( أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) [ ٤ / ١١٤ ] التأليف بينهم بالمودة.

وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ : « أَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ زَكَاةَ جَاهِكُمْ كَمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ زَكَاةَ مَالِكُمْ » (٢).

قوله : ( وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ) [ ٢١ / ٩٠ ] أي جعلناها صَالِحَةً لأن تلد بعد أن كانت عاقرا. وقيل جعلناها حسنة الخلق بعد أن كانت سيئة الخلق. وقيل رددنا عليها شبابها. قوله : ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) [ ٤ / ١٢٨ ] من الفرقة والنشوز والإعراض وسوء العشرة ، أو الصُّلْحُ خير من الخصومة ، وهذه الجملة اعتراض. و « صَالِح » النبي هو من ولد ثمود وثمود هو ابن عاد بن إرم بن سام توفي بمكة عن ثمان وخمسين سنة.

وَفِي الدُّعَاءِ « اجْعَلْ دُعَائِي آخِرَهُ صَلَاحاً ».

هو من الصَّلَاحِ الذي هو ضد الفساد ، يقال صَلَحَ الشيء من باب قعد وصَلُحَ بالضم لغة خلاف فسد. وصَلَحَ يَصْلُحُ بفتحتين لغة ثالثة ، فهو صَالِحٌ. وفِيهِ أَيْضاً « اجْعَلْ أَوَّلَ نَهَارِي صَلَاحاً وَأَوْسَطَهُ نَجَاحاً وَآخِرَهُ فَلَاحاً ».

أي صَلَاحاً في ديننا ، بأن يصدر منا ما ننخرط به في الصَّالِحِينَ ، ثم إذا اشتغلنا بقضاء إربنا في دنيانا لما هو صَلَاحٌ في ديننا فأنجحها ، واجعل خاتمة أمرنا بالفوز بمطالبنا مما هو سبب دخول الجنة. وفِيهِ و « أَصْلِحْ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي ».

أي اجعل الدنيا كفاية وحلالا وكن لي معينا على الطاعة ، وإِصْلَاح المعاد باللطف والتوفيق لذلك.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ أَصْلَحَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ».

وذلك لأن التقوى صَلَاحُ قوتي الشهوة والغضب اللذين فسادهما مبدأ الفساد بين الناس ، ومن أَصْلَحَ أمر آخرته أَصْلَحَ الله أمر دنياه لأن الدنيا المطلوبة لمن أَصْلَحَ أمر آخرته سهلة تكفلت بها العناية الإلهية بِإِصْلَاحِهَا ، ولأن مُصْلِحَ أمر آخرته معامل

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص٣٥٣.

(٢) البرهان ج ١ ص ٤١٥.

٣٨٧

للخلق بمكارم الأخلاق وذلك مستلزم لِصَلَاحِ دنياه. و « الصِّلَاحُ » بالكسر مصدر الْمُصَالَحَةِ ، والاسم الصُّلْحُ يذكر ويؤنث ، ومنه « صُلْحُ الحديبية ». وصَالَحَهُ صَلَاحاً من باب قاتل ، وأَصْلَحَ الله المؤمن : أي فعل تعالى بعبده ما فيه الصَّلَاحُ والنفع. وأَصْلَحَكَ الله : وفقك لِصَلَاحِ دينك والعمل بفرائضه وأداء حقوقه. وصَلَاحِ : علم مكة المشرفة (١). و « العبد الصَّالِحُ » يقال على إسكندر ذي القرنين ، وإذا ذكر في الحديث يراد به أبو الحسن موسى عليه السلام

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا ضَلَلْتَ الطَّرِيقَ فَنَادِ : يَا صَالِحُ أَرْشِدْنَا إِلَى الطَّرِيقِ يَرْحَمُكَ اللهُ ».

وذلك لما رُوِيَ مِنْ أَنَّ الْبَرَّ مُوَكَّلٌ بِهِ صَالِحٌ وَالْبَحْرَ مُوَكَّلٌ بِهِ حَمْزَةُ.

والرؤيا الصَّالِحَةُ : الحسنة أو الصادقة ، أي الصحيحة لموافقته للواقع.

وَفِي الْحَدِيثِ « يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمٌ صَالِحٌ ».

أي صَالِحٌ للعمل لتضاعف الحسنات فيه. وفِيهِ « الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلَالاً » (٢).

أراد بِالصُّلْحِ التراضي بين المتنازعين ، لأنه عقد شرع لقطع المنازعة ، وله في الفقه شروط تطلب منه. قال بعض الأفاضل : أنفع العقود الصُّلْحُ لعموم فائدته ، فإنه عند فائدة سائر عقود المعاوضات من البيع والإجارة والعارية ونحو ذلك ، ويصح على ما في الذمة من غير عوض لأنه ليس من شرطه حصول العوض وإنما شرع لقطع المنازعة ، ويجوز مع الإقرار والإنكار خلافا لأبي حنيفة فإنه لا يجيزه مع الإنكار والشافعي فإنه لا يجوزه مع الإقرار ، ويصح أيضا مع علم الْمُصْطَلِحِينَ بما وقعت عليه المنازعة ، قيل ومع جهالتهما في الدين والعين ، واشترط بعضهم العلم بالعوض

__________________

(١) في معجم البلدان ج٣ ص ٤١٩ : صَلَاحِ بوزن قَطامِ من أسماء مكة ، قال العمراني : وفي كتاب التكملة صِلَاحٌ بكسر الصاد والإعراب.

(٢) من لا يحضر ج٣ ص ٢١.

٣٨٨

والمعوض إذا كانا عينين أو عينا عما في الذمة مع إمكان العلم بهما ، ولو كانا جاهلين صح ، ولو كان أحدهما عالما والآخر جاهلا اشترط إعلام الجاهل بقدر ما يُصَالَحُ عليه ، فلو صَالَحَهُ بغير إعلامه لم يصح لما فيه من الغرر ، ولأنه ربما إذا علم بقدره لم يرض بالعوض.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام رَجُلٌ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ كَانَ لَهُ عِنْدِي أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَهَلَكَ أَيَجُوزُ لِي أَنْ أُصَالِحَ وَرَثَتَهُ وَلَا أُعْلِمَهُمْ كَمْ كَانَ؟ قَالَ : لَا يَجُوزُ حَتَّى تُخْبِرَهُمْ » (١).

دلالة على هذا الاشتراط وأَصْلَحْتُ بين القوم : وفقت. وتَصَالَحَ القوم واصْطَلَحُوا بمعنى. وهو صَالِحٌ للولاية : أي إن له أهلية للقيام بها. و « الصُّلْحِيَّةُ » قوم يدركون العقول والنفوس ويجهلون ما بعدهما. وفي الأمر مَصْلَحَةٌ : أي خير ، والجمع الْمَصَالِحُ.

(صوح)

فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « اللهُمَّ قَدِ انْصَاحَتْ جِبَالُنَا ».

قال الشارح : أي تشققت من المحول ، يقال انْصَاحَ النبت وصَاحَ وصَوَّحَ : إذا جف ويبس. و « زيد بن صُوحَانَ » بضم الصاد وإسكان الواو من الأبدال من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قتل يوم الجمل

قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عِنْدَ مَا صُرِعَ : « رَحِمَكَ اللهُ يَا زَيْدُ كُنْتَ خَفِيفَ الْمَئُونَةِ عَظِيمَ الْمَعُونَةِ » (٢).

وألقوه بين الصَّوْحَيْنِ حتى أكلته السباع : أي بين الجبلين. وبنو صَوْحَانَ من عبد قيس ـ قاله الجوهري.

(صيح)

قوله تعالى : ( وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ) [ ١١ / ٦٧ ] أي العذاب ، يقال إن جبرئيل صَاحَ بهم صَيْحَةً أهلكتهم. قوله : ( وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ )

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٢٥٩.

(٢) رجال الكشي ص ٦٣.

٣٨٩

[ ٢٩ / ٤٠ ] هي لمدين وثمود.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَوْلُودِ الَّذِي لَمْ يَصِحْ ».

هو من الصِّيَاحِ بالكسر والضم : الصوت بأقصى الطاقة ، يقال صَاحَ يَصِيحُ صَيْحاً وصَيْحَةً وصِيَاحاً بالكسر وصُيَاحاً بالضم وصَيَحَاناً بالتحريك. والْمُصَايَحَةُ والتَّصَايُحُ : أن يَصِيحَ القوم بعضهم مع بعض ويَصِيحُ بهذا الحديث : أي ينادي به بين الناس. والصَّيْحَانِيُ تمر بالمدينة نسب إلى صَيْحَانَ كبش كان يربط إليها ، واسم للكبش الصَّيَّاحِ ، وهو من تغييرات النسب كصغاني.

وَعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام وَفِي مِصْبَاحِ الْأَنْوَارِ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ يَوْمٍ نَمْشِي فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ إِذْ مَرَرْنَا بِنَخْلٍ مِنْ نَخْلِهَا ، فَصَاحَتْ نَخْلَةٌ بِأُخْرَى : هَذَا النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَعَلِيٌّ الْمُرْتَضَى ، ثُمَّ جُزْنَاهَا فَصَاحَتْ ثَانِيَةٌ بِثَالِثَةٍ : هَذَا مُوسَى وَأَخُوهُ هَارُونُ ، ثُمَّ جُزْنَاهَا فَصَاحَتْ رَابِعَةٌ بِخَامِسَةٍ : هَذَا نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ ، ثُمَّ جُزْنَاهَا فَصَاحَتْ سَادِسَةٌ بِسَابِعَةٍ : هَذَا مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَعَلِيٌّ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ ص ثُمَّ قَالَ : إِنَّمَا سُمِّيَ نَخْلُ الْمَدِينَةِ صَيْحَانِيّاً لِأَنَّهُ صَاحَ بِفَضْلِي وَفَضْلِكَ.

باب ما أوله الضاد

(ضبح)

قوله تعالى : ( وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ) [ ١٠٠ / ١ ] الضَّبْحُ والضَّبِيحُ واحد ، وهو ضرب من العدو ، وقد مر شرح الآية مستوفى في « عدا ». وأَضْبَحَ لونه : تغير إلى السواد قليلا.

٣٩٠

و « الضُّبَاحُ » : بالضم صوت الثعلب.

(ضحح)

فِي الْخَبَرِ « لَا يَكُونُ أَحَدُكُمْ بَيْنَ الضَّحِ وَالظِّلِّ فَإِنَّهُ مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ ».

أي يكون نصفه بالشمس ونصفه في الظل. و « الضَّحْضَاحُ » بفتح معجمتين وسكون مهملة : ما رق من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين.

(ضرح)

فِي الْحَدِيثِ « أَمَرَ اللهُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَيْتاً يُسَمَّى الضُّرَاحَ ».

هو بالضم قيل البيت المعمور في السماء الرابعة (١) ، من الْمُضَارَحَةِ وهي المقابلة والمضارعة ، ومن رواه بالصاد فقد صحف وفِيهِ : « أَنَّ اللهَ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ ) ـ الْآيَةِ فَرَدُّوا عَلَى اللهِ هَذَا الْجَوَابَ فَنَدِمُوا وَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَاسْتَغْفَرُوا ، فَأَحَبَّ اللهُ أَنْ يُتَعَبَّدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَوَضَعَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بَيْتاً بِحِذَاءِ الْعَرْشِ يُسَمَّى الضُّرَاحَ ، ثُمَّ وَضَعَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَيْتاً وَيُسَمَّى الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ بِحِذَاءِ الضُّرَاحِ ، ثُمَّ وَضَعَ هَذَا الْبَيْتَ بِحِذَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ » (٢).

ومنه يعلم أن البيت المعمور في السماء الدنيا وأن البيوت ثلاثة والله أعلم. والضَّرِيحُ : الشق في وسط القبر واللحد في الجانب ، فعيل بمعنى مفعول ، والجمع ضَرَائِحُ. وقد ضَرَحْتُ ضَرْحاً : إذا حفرته ، من الضَّرْحِ وهو الشق في الأرض.

(ضيح)

فِي حَدِيثِ النَّضُوحِ : « قَالَ : مَا هَذَا؟ قَالُوا : نَضُوحٌ يُجْعَلُ فِيهِ الضَّيَاحُ ، فَأَمَرَ بِإِهْرَاقِهِ ».

الضَّيَاحُ والضَّيْحُ بالفتح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء ثم يخلط ـ قاله في النهاية. وفي القاموس الضَّيْحُ العسل والمقل إذا نضح كَالضَّيَاحِ بالفتح.

__________________

(١) في معجم البلدان ج٣ ص ٤٥٥ : وقيل هي الكعبة رفعها الله وقت الطوفان فسميت بذلك لضرحها عن الأرض أي بعدها.

(٢) الكافي ج ٤ ص ١٨٧ ـ ١٨٨.

٣٩١

باب ما أوله الطاء

(طرح)

فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْإِنْسَانِ : « طَرِيحُ سُقْمٍ ».

أي مطروح له ذليل عنده وهو متمكن منه غاية تمكن ، إذ الإنسان لتركبه من الأمور المتضادة المشرفة على الانحلال في غاية الاستعداد للأمراض والأسقام ، والسقم بالتحريك أو بضم السين وإسكان القاف : المرض. والطَّرْحُ بالفتح فالسكون هو الرمي ، يقال طَرَحْتُهُ طَرْحاً من باب نفع : رميت به ، ومن هنا قيل يجوز أن يعدي بالباء فيقال « طَرَحْتُ به » لأن الفعل إذا تضمن معنى فعل جاز أن يعمل عمله. وطَرَحْتُ الرداء على عاتقي : ألقيته عليه. و « الطَّرَحُ » بالتحريك : المكان البعيد. ومُطَارَحَةُ الكلام : معروفه. و « الطِّرِمَّاحُ بن حكيم » معروف (١).

(طفح)

فِي الْخَبَرِ « مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ طَفَاحُ الْأَرْضِ ذُنُوباً ».

أي ملأها. « حتى تَطْفَحَ » أي تفيض ، يقال طَفَحَ الإناء كمنع طَفْحاً وطُفُوحاً : امتلأ وارتفع.

(طلح)

قوله تعالى : ( وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ) [ ٥٦ / ٢٩ ] قيل الطَّلْحُ الموز ، الواحد طَلْحَةُ مثل تمر وتمرة. والطَّلْحُ : شجر عظام كثير الشوك. والطَّلْحُ عند العرب : شجر حسن اللون لخضرته رفيف ونور طيب ، وَعَنِ السُّدِّيِ هُوَ شَجَرٌ يُشْبِهُ طَلْحَ الدُّنْيَا لَكِنْ لَهُ ثَمَرٌ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ.

والطَّالِحُ من الرجال : خلاف الصالح.

__________________

(١) الطرماح بن حكيم بن الحكم شاعر إسلامي فحل من طيء ، ولد ونشأ في الشام وانتقل إلى الكوفة فكان معلما فيها ، توفي نحو سنة ١٢٥ ه‍ الأعلام ج٣ ص٣٢٥.

٣٩٢

و « طَلْحَةُ » اسم رجل. وطَلْحَةُ بن عبيد الله بن عثمان التيمي الصحابي (١).

(طمح)

فِي الْحَدِيثِ « نَهَى الرَّجُلَ أَنْ يُطَمِّحَ بِبَوْلِهِ مِنَ السَّطْحِ بِالْهَوَاءِ » (٢).

أي يرفع بوله ويرمي به في الهواء ، يقال طَمَحَ بصره إلى الشيء : ارتفع. وأَطْمَحَ فلان بصره : رفعه. وكل مرتفع طَامِحٌ ، ومنه « الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْأُفُقِ الطَّامِحِ ».

أي المرتفع. ومِنْهُ « طَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ ».

أي ارتفعتا.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِيَّاكَ أَنْ تُطَمِّحَ بَصَرَكَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ ».

أي ترفعه إلى من هو أعلا منك في الغنا.

وَفِي الدُّعَاءِ « طُمُوحُ الْآمَالِ قَدْ خَابَتْ إِلَّا لَدَيْكَ ».

والمعنى الآمال الطَّامِحَةُ ، أي المرتفعة قد خابت إلا آمالنا العظيمة عندك. وطَمَحَتِ المرأة فهي طَامِحٌ : أي تَطْمَحُ إلى الرجال.

(طوح)

يقال طَاحَ يَطُوحُ ويَطِيحُ : إذا هلك وسقط ، وكذا إذا أتاه في الأرض.

__________________

(١) هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله التيمي الحضرمي ، كان من أصحاب النبي ثم من أصحاب علي عليه السلام ، ثم انعزل عن علي وأثار حرب الجمل ، ولما ندم عما فعل واعتزل الحرب قتله مروان بن الحكم بسهم رماه إليه فأصاب ثغرة نحره ـ راجع الإصابة ج ٢ ص ٧٦٤ ـ ٧٧٠.

(٢) من لا يحضر ج ١ ص ١٩.

٣٩٣

باب ما أوله الفاء

(فتح)

قوله تعالى : ( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ) [ ٧ / ٤٠ ] قرئ ( لا تُفَتَّحُ ) بالتشديد والتخفيف ، أي لا يصعد لهم عمل صالح ، أو لا تُفَتَّحُ لهم أبواب السماء ليدخلوا الجنة إذ هي فيها ، أو لا تصعد أرواحهم إذا ماتوا كما تصعد أرواح المؤمنين ، أو لا تنزل البركة عليهم. قوله : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) [٣٥ / ١٠ ] أي يرفع وتُفَتَّحُ له أبواب السماء. قوله : ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا ) [ ٧ / ٨٩ ] أي احكم بيننا ( وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ ). قوله : ( أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) [ ٢ / ٧٦ ] أي بين لكم في التوراة من بعث محمد (ص). قوله : ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً ) [ ٤٨ / ١ ] قيل هو فَتْحُ مكة وعده الله ذلك عند إرجاعه من الحديبية ، وقيل هو فَتْحُ خيبر ، وقيل فَتْحُ فارس والروم وسائر فُتُوحِ الإسلام على العموم. قوله : ( وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) [ ٤٨ / ١٨ ] يعني فَتْحَ خيبر. قوله : ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) [ ٦ / ٥٩ ] أي خزائنه ، جمع مَفْتَحٍ بفتح الميم وهو المخزن ، ومثله قوله ( ما إِنَ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ) [ ٢٨ / ٧٦ ] ( وَفُتِحَتْ أَبْوابُها ) [٣٩ / ٧٣ ] قال المفسر : قال المبرد الواو هنا زائدة ليست واو الثمانية (١). قوله : ( وَاسْتَفْتَحُوا ) [ ١٤ / ١٥ ] أي سألوا من الله الفتح على أعدائهم والقضاء بينهم وبين أعدائهم من الْفَتَاحَةِ. قوله : ( أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ ) [ ٢٤ / ٦١ ] قيل المراد بما ملكتم مَفَاتِحَهُ بيوت المماليك ، وليس بشيء لأن العبد لا يملك فماله لسيده ، وقيل المراد الوكيل

__________________

(١) مجمع البيان ج ٤ ص ٥١٠.

٣٩٤

في حفظ البيت أو البستان يجوز له أن يأكل منه لأنه كالأجير الخاص الذي نقصه على مستأجره. والْمَفَاتِحُ قيل هي الخزائن كقوله تعالى ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) [ ٦ / ٥٩ ] وقيل جمع مِفْتَاحٍ. قوله : ( يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ ٢ / ٨٩ ] أي يستنصرون على المشركين ويقولون » اللهم انصرنا بنبي آخر الزمان ». والْفَتْحُ : النصر ، ومنه قوله تعالى ( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ ) [ ٨ / ١٩ ] وقيل هو خطاب لأهل مكة على طريق التهكم ، وقيل ( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا ) خطاب للمؤمنين ( وَإِنْ تَنْتَهُوا ) للكافرين.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ ».

ـ الحديث (١). قيل فَتْحُ أبواب السماء كناية عن نزول الرحمة وإزالة الغلق عن مصاعد أعمال العباد تارة ببذل التوفيق وأخرى بحسن القبول والمن عليهم بتضعيف الثواب ، وتغليق أبواب جهنم كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الفواحش والتخلص من البواعث على المعاصي بقمع الشهوات ، وكذا فَتْحُ أبواب الجنان هو كناية من استحقاق الدخول فيها ، ورتب فَتْحُ أبواب الجنان على فَتْحِ أبواب السماء لأن الجنة في السماء ، ومثله في حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ص « إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَأَبْوَابُ الْجِنَانِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ ».

وفِيهِ « لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللهِ ص فُتِحَ لِآمِنَةَ بَيَاضُ فَارِسَ وَقُصُورُ الشَّامِ ».

كأن المعنى أريت ذلك وكشف لديها. وفِيهِ « مَنْ سَبَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ فَلَا تُفَاتِحُوهُ ».

أي لا تحاكموه ، ومِثْلُهُ « لَا تُفَاتِحُوا أَهْلَ الْقَدَرِ ».

أي لا تحاكموهم ، من الْمُفَاتَحَةِ وهي المحاكمة ، وكأن المراد اسكتوا عنهم معرضين ولا تبدوهم بالمجادلة والمناظرة. ومثله فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أُمِّ الطَّوِيلِ

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٦٧.

٣٩٥

« مَنْ شَكَّ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا تُفَاتِحُوهُ ».

وَفِي الْخَبَرِ : « الصَّلَاةُ مِفْتَاحُهَا الطَّهُورُ ».

قيل فيه إستعارة لطيفة ، وذلك أن الحدث لما منع من الصلاة أشبه الغلق المانع من الدخول إلى الدار ونحوها والطهور لما رفع الحدث المانع ، وكان سبب الإقدام على الصلاة شبهه بِالْمِفْتَاحِ. و « الْفَتَّاح » من أسمائه تعالى وهو الحاكم ، وقيل معناه هو الذي يُفَتِّحُ أبواب الرزق والرحمة لعباده. و « الْفَاتِحُ » من أسمائه ص لِفَتْحِهِ أبواب الإيمان ، ولأنه جعله الله حاكما في خلقه ، ولأنه فَتَحَ ما استغلق من العلم. وفَاتِحَةُ كل شيء : أوله كما أن خاتمته آخره ، ومنه سميت الحمد فَاتِحَةَ الكتاب لأنها أوله ، فهي في الأصل إما مصدر بمعنى الْفَتْحِ كالكاذبة بمعنى الكذب أو صفة والتاء فيها للنقل من الوصفية إلى الاسمية كالذبيحة ، فَفَاتِحَةُ الكتاب إن اعتبرت أجزاء الكتاب سورا فالأولية حقيقية وإن اعتبرت آيات أو كلمات مثلا فمجازية ، تسمية للكل باسم الجزء ، وإضافة الْفَاتِحَةِ إلى الكتاب كإضافة الجزء إلى الكل كرأس زيد ، وإضافة السورة إلى الْفَاتِحَةِ من إضافة العام إلى الخاص كبلدة بغداد فهما لاميتان ، وقال بعض المفسرين لكتاب الله : تسمية السورة بهذا الاسم إما لكونها أول السور نزولا كما عليه جم غفير من المفسرين وإما لما نقل كونها مُفْتَتَحَ الكلام المثبت في اللوح المحفوظ أو مُفْتَتَحَ القرآن المنزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا ، أو لتصدير المصاحف بها على ما استقر عليه ترتيب السور القرآنية وإن كان بخلاف الترتيب النزولي ، أو لِافْتِتَاحِ ما يقرأ في الصلاة من القرآن بها ـ انتهى.

وَفِي الْحَدِيثِ « تَزَوَّجُوا الْأَبْكَارَ فَإِنَّهُنَ أَفْتَحُ شَيْءٍ أَرْحَاماً » (١).

يريد كثرة النسل. وفَتَحْتُ القناةَ : فَجَّرْتُها ليجري الماء منها فيسقي الزرع. وفَتَحْتُ الباب فَتْحاً : خلاف غلقته. وفَتَّحْتُ الأبواب شدد للتكثير. وفَتْحُ السلطان البلاد : غلب عليها

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص٣٣٤.

٣٩٦

وملكها قهرا. وفَتَحَ الله على نبيه : نصره. والْفَتْحُ في الشيء : الفرجة ، وفيه الجمع فُتَحٌ مثل غرفة وغرف. والْمِفْتَاحُ : مِفْتَاحُ الباب وكل مستغلق ، وجمعه مَفَاتِيحُ. والْمِفْتَحُ مثله وجمعه مَفَاتِحُ.

(فدح)

فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ « إِذَا أَتَيْتَ بِأَخِيكَ إِلَى الْقَبْرِ فَلَا تَفْدَحْهُ ».

أي لا تطرحه في القبر وتفجأه به وتعجل عليه بذلك ولكن اصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته. وفِيهِ « إِذَا فَدَحَكَ أَمْرٌ فَكَذَا ».

أي إذا نزل بك أمر فَادِحٌ فكذا. والأمر الْفَادِحُ : الذي يثقل ويبهض ، والجمع الْفَوَادِحُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَتْرُكُوا فِي الْإِسْلَامِ مَفْدُوحاً فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ ».

أي مثقلا ، وهو من فَدَحَهُ الدينُ : أثقله.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ عليه السلام « مَنْ كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَهُوَ مَفْدُوحٌ ».

أي مبهوض.

(فرح)

قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُ الْفَرِحِينَ ) [ ٢٨ / ٧٢ ] أي الأشرين البطرين ، وأما الْفَرَحُ بمعنى السرور فليس بمكروه ، ويستعمل الْفَرَحُ في معان في الرضا والسرور والأشر والبطر. قوله : ( ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ) [ ٤٠ / ٧٥ ] أي ذلك الإضلال بسبب ما كان لكم من الْفَرَحُ في الأرض والمسرح بغير الحق ، وهو الشرك وعبادة الأوثان ـ قاله الشيخ أبو علي.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ وَزَادَهُ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَوَجَدَهَا » (١).

قيل الْفَرَحُ هنا كناية عن الرضا وسرعة القبول وحسن الجزاء ، لتعذر ظاهره عليه تعالى. وفِيهِ « لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ » (٢).

أي يَفْرَحُ بهما ، بحذف الجار وإيصال الفعل بِفَرَحِهِ عند إفطاره ، يعني فَرْحَةٌ بالخروج عن عهدة المأمور به ، وقيل بما يعتقده

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٤٣٥.

(٢) من لا يحضر ج ٢ ص ٤٥.

٣٩٧

من وجوب الثواب ، وفَرْحَةٌ يوم القيامة بما يصل إليه منه ، وقيل فَرْحَةٌ عند إفطاره كما جاء

فِي الْحَدِيثِ « أَنَّ لِلصَّائِمِ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً ».

وقيل فَرْحَةً إذا أفطر بتوفيق تمامه ، أو لتناوله الطعام ولذته ورفع ألم الجوع. وفِيهِ « إِذَا رَأَيْتَ الْهِلَالَ فَلَا تَفْرَحْ ».

أي لا تبطر ، من الْفَرَحِ الذي هو الأشر والبطر ، ولكن اذكر ما أنعم الله عليك به واستعن بالله على ما كلفك به.

(فرطح)

الْمُفَرْطَحُ : العريض ، يقال في البيض « أحد رأسيه مُفَرْطَحٌ » أي عريض ، وفي بعض النسخ مُفَتَّحٌ وهو بمعناه.

(فسح)

قوله تعالى : ( تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ ) [ ٥٨ / ١١ ] أي توسعوا فيها ، يقال فَسَحْتُ له في المجلس فَسْحاً من باب نفع : فرجت له عن مكان يسعه. و « فَسُحَ المكان » بالضم أو فَسَحَ لغة فيه. وافْسَحْ عني : أي تنح عني.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً ».

الْفُسْحَةُ بالضم : السعة ، ومعناه لا يزال المؤمن في سعة من دينه يرجى له الرحمة ولو باشر الكبائر سوى القتل ، فإذا قتل أيس من رحمته ، وهو تغليظ شديد ، وقيل معناه أنه لا يزال موفقا للخيرات ما لم يصبه فإذا أصابه انقطع عنه التوفيق لشؤمه.

وَفِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ مَعَ الْمَلَكَيْنِ « يَفْسَحَانِ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ».

أي يوسعان له فيه مد البصر ، والمراد مده وغايته التي ينتهي إليها كما تقدم في مدا ، قيل ولا منافاة بين هذا وبين ما رُوِيَ « يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً فِي سَبْعِينَ ».

وما رُوِيَ « يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ » (١).

لاختلاف الْفُسْحَةِ باختلاف الدرجات ، فلعل الأدنى فُسْحَتُهُ سبعة والأوسط سبعون في سبعين والأعلى مد البصر. والْفَسِيحُ : الواسع ، ومنه المنزل الْفَسِيحُ. و « الْفَسَاحُ » بالفتح مثله.

__________________

(١) الكافي٣ / ٢٣٨ ، وفيه في حديث آخر » تسعة أذرع ».

٣٩٨

وَفِي وَصْفِهِ عليه السلام « فَسِيحٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ».

أي بعيد ما بينهما لسعة صدره.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَ افْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِي عَدْلِكَ ».

أي أوسع له في دار عدلك يوم القيامة.

(فصح)

فِي الْحَدِيثِ « التَّكْبِيرُ جَزْمٌ فِي الْأَذَانِ مَعَ الْإِفْصَاحِ بِالْهَاءِ وَالْأَلِفِ » (١).

أي إظهارهما والمراد بالألف الألف الثانية من لفظ الجلالة ، وهي الساقطة خطأ وهاؤها وكذا الألف في الصلاة ـ قاله في الذكرى. وفِيهِ « مَنْ ذَكَرَ اللهَ فِي الْأَسْوَاقِ غُفِرَ لَهُ بِعَدَدِ مَا فِيهَا مِنْ فَصِيحٍ وَأَعْجَمَ ».

وأراد بِالْفَصِيحِ من يتكلم وبالأعجم ما لا يتكلم. وفُصْحُ النصارى : مثل الفُطر وزنا ومعنى ، وهو الذي يأكلون فيه اللحم بعد الصيام ، والجمع « فُصُوحٌ » بالضم ، وصومهم ثمانية وأربعون يوما ويوم الأحد الكائن بعد ذلك هو العيد ، ولصومهم ضابط يعرفون به أوله فإذا عرف أوله عرف الْفُصْحُ ، وقد نظم ذلك في بيتين من الشعر

إذا ما انقضى ست وعشرون ليلة

بشهر شباطي هلال به يرى

فخذ يوم الإثنين الذي هو بعده

يكن مبتدأ صوم النصارى مقررا

وأَفْصَحَ الرجل مراده : أظهره. وأَفْصَحَ الأعجمي : تكلم بالعربية ولم يلحن.

(فضح)

الْفَضِيحَةُ : العيب ، والجمع فَضَائِحُ وفَضَحْتُهُ فَضْحاً من باب نفع : كشفته ، والاسم الْفَضِيحَةُ. والْفُضُوحُ أيضا.

وَفِي الدُّعَاءِ « لَا تَفْضَحْنَا بَيْنَ خَلْقِكَ ».

أي استر عيوبنا ولا تكشفها ، ويجوز أن يكون المعنى اعصمنا حتى لا نعصي فنستحق الكشف. والْأَفْضَحُ : الأبيض وليس بالشديد البياض.

وَفِي الْحَدِيثِ » صِفْ لِي بَغْلَةً فَضْحَاءَ؟

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ ص ١٨٤.

٣٩٩

قُلْتُ : وَمَا الْفَضْحَاءُ؟ قَالَ : دَهْمَاءُ بَيْضَاءُ الْبَطْنِ بَيْضَاءُ الْأَفْحَاجِ بَيْضَاءُ الْجَحْفَلَةِ » (١).

وفُضِحَتِ النساءُ : إذا حكيت عنهن ما يدل على كثرة شهوتهن.

(فطح)

الْأَفْطَحُ هو عبد الله بن جعفر الصادق عليه السلام ، هو أَفْطَحُ الرأس ، وقيل أَفْطَحُ الرجلين ـ أي عريضهما ـ. و « رأس مُفَطَّحٌ » بالتشديد أي عريض. ورجل أَفْطَحُ : بين الفتح أي عريض الرأس. وفَطَحَهُ فَطْحاً : جعله عريضا. والتَّفَطُّحُ مثله. و « الْفَطَحِيَّةُ » هم القائلون بالإمامة إلى جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ومن بعده ابنه عبد الله الْأَفْطَحُ ، وقد نسبوا إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن أَفْطَحَ ، والذين قالوا بإمامته على ما نقل عامة مشايخ العصابة وفقهائنا.

(فقح)

« الْفَقْحَةُ » بالفتح : حلقة الدبر ، والجمع الْفِقَاحُ. و « الفُقَّاحُ » كرمان : نور الإذخر. وتَفَقَّحَتِ الوردة : تفتحت. وحلة فُقَاحِيَّةٌ : على لون الورد حين همَّ أن يتفتح.

(فلح)

قوله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) [ ٢٣ / ١ ] قيل هو كلام يقال لكل من عقل وحزم وتكاملت فيه خلال الخير قد أَفْلَحَ ، وأَفْلَحَ الرجل : فاز وظفر ، وفي الآية دلالة على بشرى فاعلي الصلاة بِالْفَلَاحِ الذي هو الفوز بأمانيهم والظفر بمطلوبهم من الخلاص من عذاب الله والبقاء على دوام رحمته لهم. و « الْفَلَحُ » محركة : الفوز والنجاة والبقاء في الخير ، والْفَلَاحُ مثله ، وهو ضربان دنيوي وأخروي : فالأول الظفر بما تطيب به الحياة الدنيا ، والثاني ما يفوز به الرجل في دار الآخرة. وقد قيل إنه أربعة أشياء : بقاء بلا فناء ،

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٥٣٨.

٤٠٠