مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

وغنى بلا فقر ، وعز بلا ذل ، وعلم بلا جهل. قوله : ( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ ٢ / ٥ ] أي الفائزون بما طلبوا الباقون في الجنة ، من الْفَلَاحُ وهو البقاء والظفر وإدراك البغية. ومنه الدُّعَاءُ « أَقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً ».

ومنه الدُّعَاءُ « مَقَالِيدُ الْفَلَاحِ ».

وحي على الْفَلَاحِ : هلم إلى سبب الفوز والبقاء في الجنة وهو الصلاة ، أو هلموا إلى طريق النجاة والفوز. و « فَلَحْتُ الأرض » من باب نفع : شققتها للحرث ، والأَكَّار فَلَّاحٌ ، والصِّنَاعَة فَلَاحَةٌ بالكسر. والْأَفْلَحُ : مشقوق الشفة السفلى ، ومنه « رجل أَفْلَحُ » وهو خلاف الأعلم.

(فيح)

فِي الْحَدِيثِ « شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ».

الْفَيْحُ شيوع الحر ، ويقال بالواو من فَاحَتْ القدر تَفِيحُ وتَفُوحُ : إذا غلت وشبه بنار جهنم ، ويحتمل الحقيقة وأنه أرسل من نارها إنذارا للجاحدين وكفارة لذنوب غيرهم. ومثله قَوْلُهُ عليه السلام فِي وَجْهِ النَّهْيِ مِنَ الِاسْتِشْفَاءِ فِي الْمِيَاهِ الْحَارَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْجِبَالِ « يُشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةُ الْكِبْرِيتِ لِأَنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ».

وفَاحَتِ النار فيحا : انتشرت. وفَاحَتْ ريح المسك تَفُوحُ فَوْحاً وتَفِيحُ فَيْحاً كذلك ، قالوا ولا يقال فَاحَ إلا في الريح الطيبة خاصة ، ولا يقال في الخبيثة والمنتنة إلا هب ريحها.

باب ما أوله القاف

(قبح)

قوله تعالى : ( هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ) [ ٢٨ / ٤٢ ] أي المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون ، وقيل مبعدون. والْقُبْحُ : الإبعاد ، ومنه « قَبَّحْتُهُ » إذا قلت له قَبَّحَكَ الله ، أي أبعدك الله

٤٠١

عن رحمته.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ ».

أي لا تقولوا قبح الله وجهه ، وقيل لا تنسبوه إلى الْقُبْحِ ضد الحسن لأن الله قد صوره و ( أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ). ويقال « قَبَّحَهُ الله » بمعنى نحاه عن كل خير ويقال أبعده. وفلان مَقْبُوحٌ : أي مُنَحًّى عن الخير والْقَبِيحُ خلاف الحسن. و « قَبُحَ الشيء » من باب قرب : خلاف حسن.

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ « مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ مِنْكُمْ » ـ الحديث ، وفيه فصل بين فعل التعجب ومعموله ، وكفى به حجة على الأخفش وموافقيه.

وَفِي الْحَدِيثِ » اشْتَرَوْا مِنَ الْإِبِلِ الْقِبَاحَ فَإِنَّهَا أَطْوَلُ الْإِبِلِ أَعْمَاراً » (١).

لعل المراد بها كريهة المنظر. والله أعلم.

(قحح)

يقال عربي قَحَ : أي محض خالص ، وعربية قَحَّةٌ كذلك ، وأعراب أَقْحَاحٌ.

(قدح)

قوله تعالى : ( فَالْمُورِياتِ قَدْحاً ) [ ١٠٠ / ٢ ] أي الخيل توري النار سنابكها إذا وقعت على الحجارة ، ولعل المراد بها خيل الجهاد.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدَحَ عَيْنِي ».

أي أخرج فاسد الماء منها ، من قَدَحْتُ العين : إذا أخرجت منها الماء الفاسد. وقَدَحَ فلان في فلان قَدْحاً من باب نفع : إذا عابه ووقع فيه. و « الْقَدَحُ » بالتحريك : إناء واسع يسع ـ على ما قيل ـ ما يروي رجلين وثلاثة ، والجمع أَقْدَاحٌ مثل سبب وأسباب.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص » لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ ».

يعني لا تؤخروني في الذكر ، لأن الراكب يعلق قدحه في آخر رحله عند فراغه من رحاله ويجعله خلفه ومنه قول بعضهم :

كما نيط خلف الراكب الْقَدَحُ الفرد

__________________

(١) الكافي ٦ ص ٥٤٣.

٤٠٢

والْقِدْحُ في السهام قبل أن يراش ويركب نصله ، ومنه كَلَامُ عَلِيٍّ عليه السلام فِيمَنِ اسْتَنْهَضَهُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ يَنْهَضُوا « أَتُقَلْقِلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِي الْجَفِيرِ الْفَارِغِ وَإِنَّمَا قُطْبُ الرَّحَى تَدُورُ عَلَيَّ ».

فَالْقِدْحُ السهم والجفير الكنانة ، واستعار لفظ القطب باعتبار دوران رحى الإسلام عليه. والْقِدْحُ بالكسر أيضا واحد قِدَاحِ الميسر ، ومنه الْحَدِيثُ » كَانُوا يَسْتَقْسِمُونَ بِالْقِدَاحِ ».

ويتم الكلام في زلم.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَرَجُلٍ حَفِظَ حُرُوفَهُ وَضَيَّعَ حُدُودَهُ وَأَقَامَهُ إِقَامَةَ الْقِدْحِ ».

كأنه الذي يستقسم ويلعب به كما يستقسم بِالْقِدَاحِ ، والله أعلم. والْقِدْحَةُ ـ بالكسر ـ اسم للضرب بِالْمِقْدَحَةِ ، من اقْتَدَحَ النار بالزند. والمِقْدَحَةُ : الحديدة. والْقَدَّاحُ والْقَدَّاحَةُ : الحجر. والْقَدَحُ : الغرف ، ومنه « اقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكَ » أي اغرفي.

وَفِي حَدِيثِ الزَّاهِدِينَ » كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ مِنَ الْعِبَادَةِ ».

ويريد جمع قِدْحٍ أعني السهم المنحوت.

(قرح)

فيه ذكر الْقَرْحِ بالفتح فالسكون : الجراح ، وقيل الْقَرْحُ بالفتح الجراح والْقُرْحُ بالضم ألم الجراح.

وَفِي الْحَدِيثِ « سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِيهِ الْقَرْحَةُ ».

هي بفتح القاف وسكون الراء واحدة الْقَرْحِ والْقُرُوحِ ، وهي حبة تخرج في البدن. وقَرِحَ الرجلُ قَرَحاً ـ من باب تَعِبَ ـ : خرجت به قُرُوحٌ. وقَرَحْتُهُ قَرْحاً ـ من باب نفع ـ : إذا جرحته ، والاسم الْقُرْحُ بالضم : بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة. ومنه الْحَدِيثُ » خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ ».

يعني الذي في جبهته قُرْحَةٌ. والماء الْقَرَاحُ كسحاب : الماء الذي لا يخالطه شيء من كافور ونحوه ، ومنه حَدِيثُ الْمَيِّتِ « يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ » (١).

والْقَرَاحُ أيضا : المزرعة التي ليس

__________________

(١) الكافي ج٣ ص ١٤٠.

٤٠٣

عليها بناء ولا فيها شجر ، والجمع أَقْرِحَةٌ ومنه الْحَدِيثُ « انْثُرْ فِي الْقَرَاحِ بَذْرَكَ ».

واقْتَرَحْتُ الشيء : ابتدعته. واقْتَرَحْتُ عليه شيئا : سألته إياه من غير روية ، ومنه الْحَدِيثُ » أَنَّ رَسُولَ اللهِ ص لَا يَقْتَرِحُ عَلَى رَبِّهِ فِي شَيْءٍ يَأْمُرُهُ بِهِ ».

واقْتِرَاحُ الكلام : ارتجاله. و « الْقَارِحُ » من ذي الحافر : ما انتهت أسنانه ، يقال قَرَحَ ذو الحافر يَقْرَحُ بفتحتين قُرُوحاً فهو قَارِحٌ ، وذلك عند كمال خمس سنين وهو في السنة الأولى حولي ثم جذع ثم ثني ثم رباع ثم قَارِحٌ. والْقَرِيحَةُ : أول ماء يستنبط من البئر ، قال الجوهري : ومنه قولهم » لفلان قَرِيحَةٌ جيدة » يراد استنباط العلم بجود الطبع.

(قزح)

« قُزَنحٌ » كصرد : اسم جبل بالمزدلفة (١). قال الشيخ رحمه‌الله : هو جبل هناك يستحب الصعود عليه ، قيل هو غير منصرف للعلمية والعدل عن قَازِحٍ تقديرا. وأما القوس الذي في السماء ويسمونه الناس « قَوْسَ قُزَحَ » فقيل ينصرف لأنه جمع قُزْحَةٍ مثل غرف وغرفة ، وقيل : لا ينصرف لأنه اسم شيطان.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا تَقُولُوا قَوْسَ قُزَحَ فَإِنَ قُزَحَ اسْمُ شَيْطَانٍ وَلَكِنْ قُولُوا قَوْسَ اللهِ » (٢).

والْقُزَحُ : الطرائق والألوان ، وهي خطوط من صفرة وخضرة وحمرة.

(قلح)

« الْقَلَحُ » بفتحتين : صفرة في

__________________

(١) في معجم البلدان ج٣ ص٣٤١ : وهو القرن الذي يقف الإمام عنده بالمزدلفة عن يمين الإمام ، وهو الميقدة ، وهو الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في الجاهلية ، وهو موقف قريش في الجاهلية إذ كانت لا تقف بعرفة.

(٢) سفينة البحار ج ٢ ص ٤٢٧

٤٠٤

الأسنان ، يقال قَلِحَتِ الأسنانُ قَلَحاً ـ من باب تعب ـ : تغيرت بصفرة أو خضرة ، فالرجل أَقْلَحُ والمرأة قَلْحَاءُ ، والجمع قُلْحٌ من باب حمر ، والْقُلَاحُ كغراب اسم منه. ومنه الْحَدِيثُ « مَا لِي أَرَاكُمْ قُلْحاً مَا لَكُمْ لَا تَسْتَاكُونَ ».

وفي حديث المرأة إذا غاب عنها زوجها » تَقَلَّحَتْ » أي توسخت ثيابها ولم تتعهد نفسها وثيابها بالتنظف.

(قمح)

قوله تعالى : ( فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) [٣٨ / ٨ ] أي رافعون رءوسهم مع غض أبصارهم ، لأن الأغلال إلى الأذقان فلا تخلية يطأطىء رأسه ، فلا يزال مُقْمَحاً. يقال أَقْمَحَهُ الغل : إذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه ، فهو مُقْمَحٌ. ومنه فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ لِعَلِيٍ « سَتَقْدَمُ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ عَلَى اللهِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ ، وَيَقْدَمُ عَدُوُّكَ غِضَاباً مُقْمَحِينَ » ثُمَّ جَمَعَ يَدَهُ عَلَى عُنُقِهِ يُرِيهِمْ كَيْفَ الْإِقْمَاحُ.

وَفِي حَدِيثِ الْفِطْرَةِ « صَاعاً مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعاً مِنْ قَمْحٍ ».

بالفتح فالسكون قيل حنطة ردية يقال لها النبطة ، والْقَمْحَةُ الحبة منه. قال بعض الأعلام : لم نر من أهل اللغة من فرق بين الحنطة والبر والقمح ، فكأن أو للشك من الراوي لا للتخيير والله أعلم. وفيه أنه لا يتمشى في قَوْلِهِ عليه السلام « مَنْ لَمْ يَجِدِ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ أَجْزَأَ عَنْهُ الْقَمْحُ وَالسُّلْتُ وَالْعَلَسُ وَالذُّرَةُ » (١).

(قيح)

قد تكرر في الحديث ذكر الدم والْقَيْحِ بفتح فسكون : المدة لا يخالطها دم ، يقال قَاحَ الجرح قَيْحاً ـ من باب باع ـ : سال قَيْحُهُ ، وأَقَاحَ بالألف لغة فيه ، وقَيَّحَ الجرح بالتشديد : صار فيه الْقَيْحُ.

ومنه الْحَدِيثُ « لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً ».

__________________

(١) من لا يحضر ج ٢ ص ١١٥.

٤٠٥

باب ما أوله الكاف

(كدح)

قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ) [ ٨٤ / ٦ ] الْكَادِحُ : الساعي بجهد وتعب والكاسب ، وكَدَحَ في العمل كمنع سعى لنفسه خيرا أو شرا والْكَدْحُ بفتح فسكون : العمل والسعي والكسب لآخرة ودنيا ، يقال هو يَكْدَحُ في كذا أي يكد ويعمل ، ويَكْدَحُ لعياله ويَكْتَدِحُ أي يكتسب لهم ، ويَكْدَحُ للدنيا أي يكتسب لها. وهذا خطاب لبني آدم جميعهم. قوله ( فَمُلاقِيهِ ) أي ملاق جزاءه لقاء جزاء العمل ، وقيل معناه ملاق ربك أي صائر إلى حكمه حيث لا حكم إلا حكمه. والْكَدْحُ : دون الخدش والخدش دون الخمش ، يقال خدشت المرأة وجهها : إذا خدشته بظفر أو حديدة ، والخمش يستعمل على معنى القطع ، يقال « خمشني فلان » أي قطع مني عضوا. و « في وجهه كُدُوحٌ » هو بالضم جمع كَدْحٍ ، وهو كل أثر من خدش أو عض ، وقيل هو بالفتح كصبور من الْكَدْحِ الجرح. والْمُكَادَحَةُ : السعي والعمل ، ومنه في صفات المؤمن » مُكَادَحَتُهُ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ » أي عمله وسعيه أحلى من العسل.

(كسح)

فِي حَدِيثِ فاطمة عليها السلام : « كَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا ».

أي كنسته من قولهم كَسَحْتُ البيت كَسْحاً من باب نفع كنسته ، وقد يستعار الْكَسْحُ لتنقية البئر والنهر وغيره ، فيقال كَسَحْتُهُ أي نقيته. والْكُسَاحَةُ بالضم مثل الكناسة ، وهي ما يكنس. والْمِكْسَحَةُ بكسر الميم ما يكنس به من الآلة. وفِيهِ » فَرَفَعْتُ كُسْحَةَ الْمَائِدَةِ

٤٠٦

فَأَكَلْتُ ».

والظاهر كُسَاحَةُ المائدة : أي كناستها ، ففيه تصحيف أو قصر. وفي بعض النسخ كصيحة المائدة ، وهو تصحيف أيضا.

(كشح)

فِي الْحَدِيثِ « أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ » (١).

الكاشح هو الذي يضمر لك العداوة. و « يطوي عليها كَشْحَهُ » أي باطنه ، من قولهم كَشَحَ له بالعداوة : إذا أضمرها له. وإن شئت قلت هو العدو الذي أعرض عنك وولاك كَشْحَهُ. وطويت كَشْحاً على الأمر : إذا أضمرته وسترته. والْكَشْحُ : ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ـ قاله الجوهري. ومنه طوى فلان عني كَشْحَهُ : إذا قطعك.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي أَمْرِ الْخِلَافَةِ « فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً » (٢).

قوله « وطويت عنها كَشْحاً » كناية عن امتناعه وإعراضه عنها كالمأكول المعاف الذي تطوى البطن دونه ، وقيل أراد التفت عنها كما يفعل المعرض عمن إلى جانبه ، كما قال :

طوى كشحه عني وأعرض جانبا

(كفح)

فِي حَدِيثِ حَسَّانَ « لَا تَزَالُ مُؤَيَّداً بِرُوحِ الْقُدُسِ مَا كَافَحْتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ص ».

أي دافعت عنه ، من الْمُكَافَحَةِ وهي المدافعة تلقاء الوجه ، يقال كَافَحَهُ : إذا استقبله بوجهه. وكَافِحُوهُمْ في الحرب : أي استقبلوهم بوجوهكم ليس دونها ترس ولا غيره. وكَلَّمَهُ كِفَاحاً : أي مواجهة من غير حجاب. وأعطيت محمدا كِفَاحاً : أي كثيرا من الأشياء في الدنيا والآخرة.

وَفِي الْخَبَرِ » أَنِّي لَأُكَافِحُهَا وَأَنَا صَائِمٌ ».

الضمير للزوجة ، أي أواجهها بالقبلة وأتمكن من تقبيلها ، من الْمُكَافَحَةِ وهي مصادفة الوجه للوجه.

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ١٠.

(٢) من خطبته الشقشقية.

٤٠٧

وفلان يُكَافِحُ الأمور : إذا باشرها بنفسه.

(كلح)

قوله تعالى : ( وَهُمْ فِيها كالِحُونَ ) [ ٢٣ / ١٠٤ ] هو من الْكُلُوحِ وهو الذي قصرت شفتاه عن أسنانه كما تقلص رءوس الغنم إذا شيطت بالنار. وقيل كالِحُونَ : عابسون. والْكُلُوحُ : تكشر في عبوس ، ومنه كَلَحَ الرجل كلوحا وكَلَاحاً. و « ما أقبح كُلْحَتَهُ » يراد به الغم ـ قاله الجوهري.

باب ما أوله اللام

(لحح)

الْإِلْحَاحُ : مثل الإلحاف ، تقول ألح عليه بالمسألة. واللَّحُ : الملاصق ، يقال هو ابن عم لَحٍ بجر لَحٍ على أنه نعت للنكرة قبله ، ولو وقع بعد معرفة انتصب على الحال ، تقول « ابن عمي لَحّاً » أي لاصقا بالنسب ، فإن كان رجلا من العشيرة قلت » هو ابن عم الكلالة ».

(لفح)

قوله تعالى : ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) [ ٢٣ / ١٠٤ ] هو من لَفَحَتْهُ النار والسموم بحرها : أحرقته. واللَّفْحُ : أعظم تأثيرا من النفح. ولَفَحْتُهُ بالسوط لَفْحَةً : إذا ضربته ضربة خفيفة.

(لقح)

قوله تعالى : ( وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ) [ ١٥ / ٢٢ ] يعني مَلَاقِحَ جمع مُلْقِحَةٍ ، أي تُلْقِحُ الشجرة والسحاب كأنها تهيجه ، ويقال لَواقِحَ جمع لَاقِحٍ أي حوامل لأنها تحمل السحاب وتقله وتصرفه ثم تمر به فتدر ، يدل عليه قوله ( حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ) أي حملت. وفي الصحاح « رياح لَوَاقِحُ » ولا يقال مَلَاقِحُ ، وهو من النوادر.

٤٠٨

ولَقِحَتِ الناقة بالكسر لَقْحاً ولَقَاحاً بالفتح ، وهي لَاقِحٌ أي حامل. ومنه الْحَدِيثُ « فَمَا لَقِحَ وَسَلِمَ كَانَ هَدْياً ».

وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ » نَهَى عَنِ الْمَلَاقِحِ وَالْمَضَامِينِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ ».

أراد بِالْمَلَاقِحِ جمع مَلْقُوحٍ ، وهو جنين الناقة وولدها مَلْقُوحٌ به ، فحذف الجار ، والناقة مَلْقُوحَةٌ. وأراد بالمضامين ما في أصلاب الفحول وكانوا يبيعون الجنين في بطن أمه وما يضرب الفحل في عام أو في أعوام.

وَفِي الْحَدِيثِ » أَلْبَانُ اللِّقَاحِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ ».

اللِّقَاحُ بالكسرة : ذوات الألبان ، الواحدة لَقُوحٌ وهي الحلوب مثل قلوص وقلاص. واللِّقْحَةُ بالكسر والفتح : الناقة القريبة العهد بالنتاج ، والجمع لِقَحٌ كقرب. واللَّقَاحُ بالفتح : اسم ماء الفحل. واللِّقَاحُ أيضا : ما يُلْقَحُ به النخلة ، ومنه تَلْقِيحُ النخل ، وهو وضع طلع الذكر في طلع الأنثى أول ما ينشق.

(لمح)

قوله تعالى : ( كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) [ ١٦ / ٧٧ ] يقال لَمَحْتُ الشيء من باب نفع ، وأَلْمَحْتُهُ بالألف لغة : إذا أبصرته بنظر خفيف ، والاسم اللَّمْحَةُ ، والمصدر اللَّمْحُ ، والمعنى إقامة الساعة وإحياء الموتى يكون في أقرب وقت وأسرعه ولَمَحَ البرق لَمْحاً : أي لمع.

(لوح)

قوله تعالى : ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) [ ٨٥ / ٢٢ ] قال الشيخ أبو علي : أي محفوظ من التغيير والتبديل والنقصان والزيادة ، وهذا على قراءة من رفعه فجعله من صفة قرآن ، ومن جره فجعله صفة لِلَوْحٍ فالمعنى أنه محفوظ لا يطلع عليه الملائكة ، وقيل محفوظ عند الله [ وهو أم الكتاب ومنه نسخ القرآن والكتب ، وهو الذي يعرف بِاللَّوْحِ المحفوظ ] ، وهو من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب (١). قال الصدوق رحمه‌الله : اعتقادنا في

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٦٩ والزيادة منه.

٤٠٩

اللَّوْحِ والقلم أنهما ملكان. قوله : ( وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ ) [ ٧ / ١٤٥ ] قيل هي جمع « لَوْحٍ » بالفتح ، وهو ما يكتب فيه من صحيفة عريضة خشبا أو عظما ، قيل كانت طولها عشرة ، وقيل سبعة ، وقيل لَوْحَيْنِ ، ويجوز في اللغة أن يقال لِلَوْحَيْنِ أَلْوَاحٌ ، وكانت من زمرد أو زبرجد أو ياقوت أحمر ، وقيل كانت من خشب نزل من السماء وكان فيها التوراة أو غيرها.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَتْ أَلْوَاحُ مُوسَى عليه السلام مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ ، فَلَمَّا غَضِبَ مُوسَى أَلْقَى الْأَلْوَاحَ مِنْ يَدِهِ فَمِنْهَا مَا تَكَسَّرَ وَمِنْهَا مَا بَقِيَ وَمِنْهَا مَا ارْتَفَعَ ، فَلَمَّا ذَهَبَ ( عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ) قَالَ لَهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ : عِنْدَكَ تِبْيَانُ مَا فِي الْأَلْوَاحِ؟ قَالَ : نَعَمْ » ـ الحديث (١).

وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مَعَ الْيَمَانِيِ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ صَخْرَةٍ بِالْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ : عَرِّفْهَا؟ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا الْفَضْلِ تِلْكَ الصَّخْرَةُ الَّتِي حَيْثُ غَضِبَ مُوسَى فَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ فَمَا ذَهَبَ مِنَ التَّوْرَاةِ الْتَقَمَتْهُ الصَّخْرَةُ ، فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ أَدَّتْهُ إِلَيْهِ وَهِيَ عِنْدَنَا ».

قوله : ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) [ ٧٤ / ٢٩ ] بِالتشديد : أي مغيرة لهم ، من قولهم » لَاحَتْهُ الشمس ولَوَّحَتْهُ » أي غيرته ، ويقال ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) تحرق الجلد فتسوده. ولَوَّحْتُ الشيء بالنار : أحميته. واللَّوْحُ : الكتف وكل عظم عريض. ولَوْحُ الجسد : عظمه ما خلا قصب اليدين والرجلين. وقيل أَلْوَاحُ الجسد : كل عظم فيه عرض. ولَاحَ النجم وأَلَاحَ : إذا بدا وظهر وتلألأ. و « مُلَاوِحٌ » اسم فرس له ص ، وهو الضامر الذي لا يسمن.

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص٣٧.

٤١٠

باب ما أوله الميم

(متح)

مَتَحَ النهار : أي طال وامتد. والْمَاتِحُ : المستسقي من البئر من أعلاها. وبالياء الذي يكون في أسفل البئر يملأ الدلو ، يقال مَتَحَ الدلو يَمْتَحُهَا مَتْحاً من باب نفع : إذا جذبها مستقيا لها. ومَاحَهَا يَمِيحُهَا : إذا ملأها.

(محح)

« الْمُحُ » بالضم والتشديد : صفرة البيض ، وبالفتح الثوب البالي. ومَحَ الكتابُ وأَمَحَ : درس.

(مدح)

الْمَدْحُ بسكون الدال بعد ميم مفتوحة : الثناء الحسن. ومَدَحَهُ وامْتَدَحَهُ بمعنى ، وكذا الْمِدْحَةُ بكسر الميم. ومَدَحْتُهُ من باب نفع : أثنيت عليه بما فيه من الصفات الجميلة خلقية كانت أو اختياريه ، ولهذا كان الْمَدْحُ أعم من الحمد.

(مرح)

قوله تعالى : ( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ) [ ١٧ /٣٧ ] قيل هو البطر والأشر وقيل التبختر في المشي والتكبر وتجاوز الإنسان قدره مستخفا بالواجب.

وَفِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ « أَنْ لَا يَطِيشَ بِهِ مَرَحٌ ».

يريد بِالْمَرَحِ هنا شدة الفرح والنشاط ، يقال مَرِحَ بالكسر فهو مَرِحٌ مثل فرح فهو فرح.

(مزح)

الْمَزْحُ : الدعابة. ومَزِحَ يَمْزَحُ من باب نفع الاسم والْمُزَاحُ بالضم الْمِزَاحُ بالكسر ، فهو مصدر مَازَحَهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ » كَثْرَةُ الْمِزَاحِ فِي السَّفَرِ فِي غَيْرِ مَا يُسْخِطُ اللهَ مِنَ الْمُرُؤَةِ ».

قيل ولا قصور في الْمِزَاحِ مطلقا بغير الباطل ، لما رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ ص قَالَ : إِنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إِلَّا

٤١١

الْحَقَّ ».

وحَدِيثُهُ مَعَ الْعَجُوزِ الَّتِي سَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا بِالْجَنَّةِ وَهُو « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَجُوزٌ ». مشهورٌ.

(مسح)

قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) [ ٥ / ٦ ] الآية الْمَسْحُ بفتح الميم فالسكون إمرار الشيء على الشيء ، ويقال مَسَحَ برأسه وتَمَسَّحَ بالأحجار والأرض ، والباء فيه للتبعيض عند الإمامية ، ووافقهم على ذلك جمع من أهل اللغة ، وورد بها النص الصحيح عن الباقر عليه السلام (١) ، وإنكار سيبويه وابن جني مجيئها له مرجوح بالنسبة إلى خلافه. ويتم البحث في بعض إن شاء الله. قوله : ( فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ ) [٣٨ /٣٣ ] قيل هي قطعا ، لأنها كانت سبب ذنبه ، وقيل ضرب أعناقها وعراقيبها ، من مَسْحِهِ بالسيف قطعه ، وقيل مَسَحَهَا بيده ، وهذا كله عند من يجوز صدور الذنب على الأنبياء ، وليس بالوجه.

قَالَ الصَّدُوقُ : إِنَّ الْجُهَّالَ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ يَزْعُمُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام اشْتَغَلَ ذَاتَ يَوْمٍ بِعَرْضِ الْخَيْلِ ( حَتَّى تَوارَتْ ) الشَّمْسُ بِالْحِجابِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّ الْخَيْلِ وَأَمَرَ بِضَرْبِ سُوقِهَا وَأَعْنَاقِهَا وَقَتْلِهَا وَقَالَ : إِنَّهَا شَغَلَتْنِي عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ، وليس كما يقولون جل نبي الله سليمان عن مثل هذا الفعل ، لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وإنما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة ، والصحيح في ذلك ما رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عُرِضَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْعَشِيِّ الْخَيْلُ فَاشْتَغَلَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا ( حَتَّى تَوارَتِ ) الشَّمْسُ ( بِالْحِجابِ ) ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : رُدُّوا الشَّمْسَ عَلَيَّ حَتَّى أُصَلِّيَ صَلَاتِي فِي وَقْتِهَا ، فَرَدُّوهَا فَقَامَ فَمَسَحَ سَاقَيْهِ وَعُنُقَهُ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ وُضُوءَهُمْ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَطَلَعَتِ النُّجُومُ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : ( وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٤٥١.

٤١٢

نِعْمَ الْعَبْدُ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ (١).

قوله : ( وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ) [ ٩ /٣٠ ] الْمَسِيحُ لقب عيسى عليه السلام ، وهو من الألقاب الشريفة ، وفي معناه أقاويل :

قِيلَ سُمِّيَ مَسِيحاً لسياحته فِي الْأَرْضِ.

وقِيلَ مَسِيحٌ فعيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ مَسَحَ الْأَرْضَ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُهَا أَيْ يَقْطَعُهَا.

وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحاً بِالدُّهْنِ.

وقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ أَمْسَحَ الرِّجْلِ لَيْسَ لَهُ أَخْمَصٌ وَالْأَخْمَصُ مَا تَجَافَي عَنِ الْأَرْضِ مِنْ بَاطِنِ الرِّجْلِ.

وقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِىءٌ.

وقيل الْمَسِيحُ الصديق ، وقيل هو معرب وأصله بالعبرانية ما شبحا فعرب كما عرب موسى عليه السلام ، نقل أنه حملته أمه وهي ابنة ثلاث عشرة سنة ، وعاشت بعد ما رفع ستا وستين سنة ، وماتت ولها مائة واثنتا عشرة سنة. و « عبد الْمَسِيحِ » قيل هو عبد الله. وسمي الدجال مَسِيحاً لأن أحد عينيه مَمْسُوحَةٌ.

وَفِي وَصْفِهِ عليه السلام « مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ » (٢).

أي ملساوان لينتان ليس فيهما تكسر ولا شقاق ، فإذا أصابهما الماء نتأ عنهما ـ قاله في الرواية.

وَفِي الْحَدِيثِ » مَنْ مَسَحَ رَأْسَ الْيَتِيمِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ ».

قيل هي كناية عن التلطف به ، وهي لا تنافي إرادة الحقيقة أيضا.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ » فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ ».

وفيه إشارة إلى أن كفيه ملئتا من البركات السماوية والأنوار الإلهية ، فهو يفيض منها على وجهه الذي هو أشرف الأعضاء. ومَسَحَ الأرض : إذا ذرعها ، والاسم الْمِسَاحَةُ بالكسر. ومَسَحَ المرأةَ : جامعها. ومَسَحَهُ بالسيف : قطعه. ومَسَحْنَا البيتَ : طُفْنَاه. ومَسْحَةُ مَلَكٍ : أي أثر ظاهر منه.

__________________

(١) انظر كلام الصدوق والحديث في من لا يحضر ج ١ ص ١٢٩.

(٢) مكارم الأخلاق ص ١٠.

٤١٣

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يُجَاوِزُنِي ظُلْمُ ظَالِمٍ وَلَوْ كَفٌّ بِكَفٍّ وَلَوْ مَسْحَةٌ بِكَفٍّ » ومَسْحَةُ الكف دون الكف المملوءة ، والمعنى واضح.

والنعل الْمَمْسُوحَةُ : التي ليست مخصرة.

وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمِنْهَالِ » كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَعَلَيَّ نَعْلٌ مَمْسُوحَةٌ ، فَقَالَ : هَذَا حِذَاءُ الْيَهُودِ ، قَالَ : فَانْصَرَفَ ، فَأَخَذَ سِكِّيناً فَخَصَّرَهَا بِهِ » (١).

وقمت أَتَمَسَّحُ : أي أتوضأ. ومِنْهُ » تَمَسَّحَ وَصَلَّى ».

وتَمَسَّحْتُ بالأرض : كأنه يريد التميم ، وقيل أراد مباشرة ترابها بالجباه في السجود من غير حائل.

وَ « لَا يَتَمَسَّحُ بِيَمِينِهِ » أي لا يستنجي بها. والْمِسْحُ بالكسر فالسكون واحد الْمُسُوحِ ، ويعبر عنه بالبلاس ، وهو كساء معروف ، ومنه حَدِيثُ فَاطِمَةَ عليها السلام « وَقَدْ عَلِقَتْ مِسْحاً عَلَى بَابِهَا ».

ومنه قَدْ سُئِلَ عليه السلام أَيُسْجَدُ عَلَى الْمِسْحِ وَالْبِسَاطِ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ ».

وفي الحديث ذكر التِّمْسَاحَ ، وهو على ما نقل حيوان على صورة الضب ، وهو من أعجب حيوان الماء ، له فم واسع وستون نابا في فكه الأعلى وأربعون في فكه الأسفل ، وبين كل نابين سن صغير مربع يدخل بعضها في بعض عند الإطباق ولسان طويل وظهر كظهر السلحفاة لا يعمل الحديد فيه ، وله أربعة أرجل وذنب طويل ، وهذا الحيوان لا يكون إلا في مصر خاصة ـ قاله في حياة الحيوان (٢).

وفي المصباح التِّمْسَاحُ من دواب البحر يشبه الورل في الخلق وطوله نحوا من خمسة أذرع وأقل من ذلك ، يخطف الإنسان والبقرة ويغوص في البحر فيأكله.

(ملح)

قوله تعالى : ( وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ) [ ٢٥ / ٥٣ ] هو بالكسر فالسكون ، وقرئ بفتح الميم وكسر اللام على فعل ، لكن لما كثر استعماله خفف وقصر استعماله عليه ، يقال مَلَحَ الماء مُلُوحاً كما هو لغة أهل العالية من باب قعد. ومَلُحَ بالضم

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٤٠.

(٢) حياة الحيوان ج ٢ ص ١٦٣.

٤١٤

مُلُوحَةً فهو مَلِحٌ ، ولا يقال مَالِحٌ إلا في لغة ردية. قال الجوهري وغيره : وأما أهل الحجاز ـ على ما نقل عنهم ـ فإنهم يقولون أَمْلَحَ الماء إِمْلَاحاً ، والفاعل مَالِحٌ ، فمن النوادر التي جاءت على غير قياس. وماء مَلِحٌ : إذا كان شديد الْمُلُوحَةِ

وَفِي الْحَدِيثِ « فَضَحَّى رَسُولُ اللهِ ص بِكَبْشٍ أَمْلَحَ ».

هو من قولهم مَلِحَ الرجل وغيره مَلَحاً من باب تعب : اشتدت زرقته وهو يضرب إلى البياض ، فهو أَمْلَحُ والأنثى مَلْحَاءُ مثل أحمر وحمراء. والْمُلْحَةُ كغرفة : بياض يخالطه سواد. ومَلُحَ الشيءُ بالضم مَلَاحَةً : بهج وحسن منظره ، فهو مَلِيحٌ ومَلِيحَةٌ والجمع مِلَاحٌ. واسْتَمْلَحَهُ : عده مَلِيحاً. والْمُمَالَحَةُ : المؤاكلة ، ومِنْهُ « يُحْسِنُ مُمَالَحَةَ مَنْ مَالَحَهُ ».

و « صيد البحر مُلْحَةُ الذين يأكلون » كأن المعنى فاكهة الذين يأكلون. و « الْمِلْحُ » معروف يذكر ويؤنث. وعن الصنعاني التأنيث أكثر. ومَلَحْتُ اللحمَ ـ من بابي نفع وضرب ـ : إذا ألقيت فيها مِلْحاً بقدر. والْمَلَّاحَةُ بالتشديد : منبت الْمِلْحِ ، وإن شئت قلت هي أرض سبخة مَالِحَةٌ يجتمع فيها الماء فيصير مِلْحاً. و « الْمُلَاحِيُ » بالضم والتشديد : عنب أبيض ليس في حبه طول ، ومنه قول بعضهم (١) :

كعنقود مُلَاحِيَّةٍ حين نورا

والْمَلَّاحُ : صاحب السفينة.

(منح)

فِي الْحَدِيثِ » الْمَصَائِبُ مِنَحٌ مِنَ اللهِ ».

أي إعطاء. والْمَنْحُ : العطاء ، يقال مَنَحْتُهُ مَنْحاً من باب نفع وضرب أي أعطيته ، والاسم الْمِنْحَةُ بالكسر وهي العطية. والْمِنْحَةُ أيضا : مِنْحَةُ اللبن كالشاة والناقة

__________________

(١) هو لأبي القيس بن الأسلت كما في الصحاح (ملح).

٤١٥

والبقرة تعطيها غيرك ليحابها ثم يردها عليك.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص مَعَ جَعْفَرٍ » أَلَا أَحْبُوكَ أَلَا أَمْنَحُكَ أَلَا أُعْطِيكَ ».

قيل الألفاظ الثلاثة راجعة إلى معنى واحد ، وإنما أعاد القول عليه بألفاظ مختلفة للتأكيد وتوطئة الاستماع إليه. والْمَنِيحُ : أحد سهام الميسر العشرة مما لا نصيب له.

(ميح)

الْمَائِحُ : الذي ينزل البئر فيملأ الدلو إذا قل ماء الركية ، يقال مَاحَ الرجل مَيْحاً من باب باع : إذا انحدر في الركية ليملأ الدلو بالاغتراف باليد ، وجمع الْمَائِحِ مَاحَةٌ مثل قائف وقافة. ومَاحَ في مشيته : تبختر. ومَاحَ فاه بالمسواك : إذا استاك. ومِحْتُ الرجل : أعطيتُهُ. واسْتَمَحْتُهُ : سألته العطاء. وكل من أعطى معروفا فقد مَاحَهُ

باب ما أوله النون

(نبح)

فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ ابْنَ النَّبَّاحِ وَهُوَ مُؤَذِّنٌ كَانَ لِعَلِيٍّ عليه السلام ، وَكَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ « حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ » ، وَكَانَ إِذَا رَآهُ عَلِيٌّ عليه السلام قَالَ : « مَرْحَباً بِالْقَائِلِينَ عَدْلاً » (١).

و « النَّبْحُ » بالفتح فالسكون : نَبَحَ الكلب ، يقال نَبَحَ الكلب يَنْبِحُ من باب ضرب ، وفي لغة من باب نفع.

(نجح)

فِي الْحَدِيثِ « أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُدْرِكُوا نَجَاحَ الْحَوَائِجِ إِلَّا بِالدُّعَاءِ ».

وفِيهِ » أَسْرَعُ الدُّعَاءِ نُجْحاً لِلْإِجَابَةِ دُعَاءُ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ ».

وفِيهِ » لَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ ».

أي أوفى منها في محو الذنوب.

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ ص ١٨٧.

٤١٦

وفِيهِ « الدُّعَاءُ مِفْتَاحُ نَجَاحٍ ».

أي ظفر بالمطلوب. وفِيهِ : « أَقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً ».

وفِيهِ : « اجْعَلْ دُعَائِي أَوَّلَهُ فَلَاحاً وَأَوْسَطَهُ نَجَاحاً ».

والجميع إما من أَنْجَحْتُ له الحاجة أي قضيت له ، أو من نَجَحَ أمر فلان كمنع تيسر له ، أو نَجَحَ فلان أصاب طلبته ، أو من النَّجَاحِ بالفتح والنُّجْحُ بالضم الظفر بالحوائج ، أو من نَجَحْتُ الحاجةَ ، واسْتَنْجَحَتُهَا : إذا انتجزتها.

(نحنح)

التَّنَحْنُحُ معروف ، والنَّحْنَحَةُ مثله. والنَّحِيحُ : صوت يردده الإنسان في جوفه.

(ندح)

فِيهِ « مَا لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ مَنْدُوحَةٌ ».

أي فسحة وسعة ، أخذا من نَدَحْتُهُ إذا وسعته ، أو من النَّدْحِ وهو الموضع المتسع من الأرض ، والجمع أَنْدَاحٌ مثل قفل وأقفال. ومثله « إِنَّ مِنَ الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ ».

أي سعة وفسحة ، يعني أن في التعريض من الاتساع ما يغني الرجل عن تعمد الكذب.

(نزح)

يقال نَزَحْتُ البئر نَزْحاً ـ من باب نفع ـ : إذا استقيت ماءه كله. ومنه حَدِيثُ الْبِئْرِ « فَانْزَحْ مِنْهَا دِلَاءً » (١).

أي استق منها هذا المقدار. والنَّزَحُ بالتحريك البئر التي أخذ ماؤها. ونَزَحَتِ الدارُ : بعدت ، ومنه بلدٌ نَازِحٌ.

(نصح)

قوله تعالى : ( وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) [ ١١ /٣٤ ] قوله : ( إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) شرط جزاؤه ما دل عليه ، قوله ( لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي ) وهذا الدال في حكم ما دل عليه موصل بشرط يوصل الجزاء بالشرط ، كما في قولهم » إن أحسنت إلي أحسنت إليك إن

__________________

(١) الكافي ج٣ ص ٦.

٤١٧

أمكنني كذا ». قال الشيخ أبو علي قوله ( تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ) [ ٦٦ / ٨ ] هي فعولا من النُّصْحِ ، وهو خلاف الغش ، والتوبة النَّصُوحُ هي البالغة في النُّصْحِ التي لا ينوي فيها معاودة المعصية ، وقيل هي ندم في القلب واستغفار باللسان وترك بالجوارح وإضمار أن لا يعود (١) وأصل النَّصِيحَةِ في اللغة الخلوص ، يقال نَصَحْتُهُ ونَصَحْتُ له. قال الجوهري : هو باللام أفصح. قال تعالى : ( وَأَنْصَحُ لَكُمْ ) [ ٧ / ٦٢ ].

وَفِي الْحَدِيثِ : « ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهَا قَلْبُ امْرِءٍ مُسْلِمٍ ».

وعد منها النصيحة لائمة المسلمين ، قيل هي شدة المحبة لهم وعدم الشك فيهم وشدة متابعتهم في قبول قولهم وفعلهم وبذل جهدهم ومجهودهم في ذلك. و « النَّصِيحَةُ » لفظ حامل لمعان شتى : فَالنَّصِيحَةُ لله الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته ونصرة الحق فيه ، والنَّصِيحَةُ لكتاب الله هو التصديق به والعمل بما فيه والذب عنه دون تأويل الجاهلين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين ، والنَّصِيحَةُ لرسول الله التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لما أمر به ونهى عنه. والنَّصِيحَةُ لا تكون قبيحة ولكن ربما يستقبحها السامع لصعوبتها وكم سقت في آثاركم من نَصِيحَةٍ. وقد يستفيد الظنة الْمُتَنَصِّحُ : أي المبالغ في النَّصِيحَةِ. والنَّصِيحُ : النَّاصِحُ. وقوم نُصَحَاءُ ورجل نَاصِحُ الجيب : أي نقي القلب. وانْتَصَحَ فلان : قبل النَّصِيحَةَ. واسْتَنْصَحَهُ : عده نَصِيحاً.

(نضح)

فِي الْحَدِيثِ « فَشَمَّ رَائِحَةَ النَّضُوحِ ».

هو بالفتح ضرب من الطيب تفوح رائحته وروي بالخاء المعجمة ، وهو أكثر من النَّضُوحُ يبقى له أثر ، وقيل هو بالمعجمة ما ثخن من الطيب وبالمهملة فيما رق ، وقيل بالعكس ، وقيل هما سواء ، وأصل

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص٣١٨.

٤١٨

النَّضُوحِ الرش ، فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرش. وفي كلام بعض الأفاضل : النَّضُوحُ طيب مائع ينقعون التمر والسكر والقرنفل والتفاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة فيها قدر مخصوص من الماء ويشد رأسها ويصبرون أياما حتى ينشر ويتخمر ، وهو شائع بين نساء الحرمين الشريفين ، وكيفية تطيب المرأة به أن تحط الأزهار بين شعر رأسها ثم ترشرش به الأزهار لتشتد رائحتها قال : وفي أحاديث أصحابنا أنهم نهوا نساءهم عن التطيب به ، بل أمر عليه السلام بإهراقه في البالوعة ـ انتهى. ويشهد له ما

رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام شَمَّ رَائِحَةَ النَّضُوحِ فَقَالَ : مَا هَذَا؟ قَالُوا نَضُوحٌ فَأَمَرَ فَأُهْرِقَ.

وفِي الْحَدِيثِ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ النَّضُوحِ؟ قَالَ : يُطْبَخُ التَّمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ.

وفي حديث الوهدة قد تكرر ذكر النَّضْحُ بالكف للمغتسل عن اليمين والشمال والقدام والخلف. وقد اختلف في الْمَنْضُوحِ : فقيل الجسد يسرع وصول الماء إليه عند الاغتسال قبل أن يصل إلى الوهدة ، وقيل الأرض لأنها تمنع حينئذ من وصول الماء إلى الوهدة ، وقيل لإزالة نفرة الماء ، وقيل هي كناية عن أقل ما يجزي في الغسل. والله أعلم. النَّضْحُ : الرش. ونَضَحْتُ الثوب نَضْحاً من بابي ضرب ونفع : رششته بالماء ، وهو أقل من النَّضْحِ بالحاء المعجمة. و « يُنْضَحُ من بول الغلام » أي يرش وانْتَضَحَ البول على الثوب : ترشش ونَضَحَ العرقُ : خرج. ونَضَحْتُ القربة : رشحت. ونَضَحَ البعير الماء : حمله من نهر وبئر لسقي الزرع فهو نَاضِحٌ ، سمي بذلك لأنه يَنْضَحُ الماء أي يصبه ، والأنثى نَاضِحَةٌ وسائنة أيضا ، والجمع نَوَاضِحُ ، وهذا أصله ثم استعمل النَّاضِحُ في كل بعير وإن لم يحمل الماء ، ومِنْهُ الْحَدِيثُ « أَطْعِمْ نَاضِحَكَ » أي بعيرك.

٤١٩

(نطح)

قوله تعالى : ( وَالنَّطِيحَةُ ) [ ٥ /٣ ] وهي التي نَطَحَتْهَا بهيمة أخرى حتى ماتت ، فعيلة بمعنى مفعولة ، وإنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها ، وكذلك الفريسة والأكيلة. ونَطَحَهُ نَطْحاً : أصابه بقرنه. ونَطَائِحُ الدهر : شدائده.

(نفح)

قوله تعالى : ( نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ ) [ ٢١ / ٤٦ ] أي قطعة منه. ونَفْحَةٌ : هي الدفعة من الشيء دون معظمه. وله نَفْحَةٌ طيبة : من نَفَحَ الطيبُ إذا فاح. ونَفَحَتِ الدابةُ : إذا ضربت برجلها. ونَفَحَتِ الريحُ : هبت. ونَفْحُ الريح : هبوبها.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام لِقَوْمِهِ « نَافِحُوا بالظبي ».

والْمُنَافَحَةُ بالظبي : التناول بأطراف السيوف ، وفائدته توسعة المجال ، فإن القرب من العدو يمنع ذلك. و « الْإِنْفَحَةُ » بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة ، وهي كرش الحمل والجدي ما لم يأكل ، فإذا أكل فهو كرش ـ حكاه الجوهري عن أبي زيد. وفي المغرب إِنْفَحَةُ الجَدْيِ بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء وتشديدها ، وقد يقال مِنْفَحَةٌ أيضا ، وهو شيء يخرج من بطن الجدي أصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن ولا يكونا إلا بكل ذي كرش ، ويقال هي كرشه إلا أنه ما دام رضيعا سمي ذلك الشيء إِنْفَحَةً فإذا فطم ورعى العشب قيل استكرش.

(نكح)

قوله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ) [ ٤ / ٢٢ ] أي تتزوجوا ما تزوج آباؤكم ، وقيل ما وطئه آباؤكم من النساء ، حرم عليهم ما كانوا في الجاهلية يفعلونه من نِكَاحِ امرأة الأب ، وقيل : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) أي مثل نِكَاحِ آبائكم ، فيكون ( ما نَكَحَ ) بمنزلة المصدر ، ويكون حرفا موصولا ، فعلى هذا يكون النهي

٤٢٠