مجمع البحرين - ج ٢

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٢

وَاتَّرِعِي ».

أي امتلئي في مَثَابِكِ. و « الثَّيِّبُ » يقال للإنسان إذا تزوّج ، وإطلاقه على المرأة أكثر لأنها ترجع إلى أهلها بغير الأول.

وَفِي الْخَبَرِ : « لَا يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ ثَيِّبٍ ».

خصّها بالذكر لأن البكر تكون أعصى وأخوف على نفسها.

وَفِي حَدِيثِ الْأَمَةِ : « لَهَا مَا أَثَابَهَا سَيِّدُهَا ».

أي أعطاها و « يُثِيبُ على الهدية » يكافئ عليها ، بأن يعوّض عنها. و « ثَوْبَانُ » اسم رجل وحديثه مشهور (١)

باب ما أوله الجيم

(جبب)

فِي الْحَدِيثِ : « الْإِسْلَامُ يَجُبُ مَا قَبْلَهُ ، وَالتَّوْبَةُ تَجُبُ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ ».

والجَبُ : القطع يقال : جَبَبْتُهُ من باب قتل : قطعته. والجَبُ : قطع الذكر أو ما لا يبقى منه قدر الحشفة ، ومنه « خَصِيٌ مَجْبُوبٌ » مقطوع. و « الجُبُ » بالضم ركيَّة لم تطو ، فإذا طويت فهي بئر ، والجمع جِبَابٌ ، وجَبَبَةٌ كعتبة. وجُبُ يوسف (ع) على اثنى عشر ميلا من طبرية. و « الجُبَّةُ » من الملابس معروفة ، والجمع جُبَبٌ مثل غرفة وغرف.

(جدب)

فِي الْحَدِيثِ : « إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُجْدِبَةً فَانْجُوا عَلَى الدَّوَابِّ ».

أي مُمْحِلَةً ،

__________________

(١) هو أبو عبد الله ثوبان بن بجدر ، وقيل ابن جحدر الصحابي ، وهو من حمير من اليمن ، ثبت على ولاء رسول الله (ص) ولم يزل معه سفرا وحضرا إلى أن توفى رسول الله (ص) فخرج إلى الشام فنزل إلى الرملة وتوفي بها سنة أربع وخمسين. أسد الغابة ج ١ ص ٢٤٩.

٢١

من « الجَدْبِ » بفتح الجيم وسكون المهملة خلاف الخصب ، يقال : « جَدُبَ البلد « بالضم جُدُوبةً فهو جَدْبٌ. وأَجْدَبَتِ البلاد : قحطت وغلت أسعارها. وأَجْدَبَ القوم : أصابهم الجَدْبُ و « الجِنْدَب » كدرهم : الجَرَاد وفيه لغات : فتح الدال وضمها وكسرها ، وقيل هو ذكر الجراد ، والجمع الجَنَادِب قال سيبويه : ونونه زائدة. وجُنْدَب بن السَكَن اسم أبي ذَرٍّ (١) وإسحاق بن جُنْدَبٍ من الرواة ثقة (٢)

(جذب)

فِي الْحَدِيثِ : « إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ جَذَبَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ».

من الْجَذْبِ : وهو الجر والمد ، وبابه ضرب. وجَذَبْتُ المَاءَ نَفَساً : أوصلته إلى الخياشيم. وتَجَاذَبُوا الثوب : جَذَبَهُ كل واحد إلى نفسه. وجَاذَبْتُهَا الثوبَ : نازعته إياه. وجَذَبَ الشهر : مضى عامته. و « الجَذَب » بالتحريك : الجُمَار وشحم النخل. ومنه « كَانَ (ص) يُحِبُ الجذب ».

و « الجُوذَاب » بالضم : طعام من سكر وأرز ولحم ، ومنه حَدِيثُ الطِّحَالِ المَشْوِيِّ بالسَّفُّودِ : « يُؤْكَلُ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْجُوذَابِ ».

(جرب)

فِي الْحَدِيثِ : « أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَى كُلِ جَرِيبٍ كَذَا ».

قدر الجَرِيبِ من الأرض بستين ذراعا في ستين ، والذراع بسبع قبضات ، والقبضة بأربع أصابع ، وعشر هذا الجَرِيبِ يسمى قفيزا ، وعشر هذا القفيز يسمى عُشَيْرا ، وجمع الْجَرِيبِ

__________________

(١) ذكرنا ترجمته في الجزء الأول من هذا الكتاب ص ١٢٨ فراجع.

(٢) هو أبو إسماعيل إسحاق بن جندب الفرائضي (الفضائري) روى عن أبي عبد الله (ع) ، ذكره أصحابنا في الرجال ، له كتاب رواه عنه عبيس وغيره. رجال النجاشي ص ٥٦.

٢٢

« جُرْبَان » و « أَجْرِبَة ». و « الجَرَب » بالتحريك : داء معروف ، يقال : جَرِبَ البعير جَرَبا ـ من باب تعب ـ فهو أَجْرَبُ. وناقة جَرْبَاء وإِبِل أَجْرَب مثل أحمر وحمراء. و « الجِرَابُ » بالكسر : وعاء من إهاب شاة يوعى فيه الحب والدقيق ونحوهما ، ومنه « الجِرَابُ الهروي » ونحوه ، والجمع « جُرُبٌ » مثل كتاب وكتب ، ولا يقال : « جَرَاب » بالفتح. و « الْجَوْرَبُ » لفافة الرجل معرب والجمع « جَوَارِبَةٌ » والهاء للعجمة ، ويقال « الجَوَارِبُ » أيضا. و « الجُرُبَّانُ » بالضم والتشديد : جيب القميص ، والألف والنون زائدتان ومنه الْحَدِيثُ : « سَعَةُ الْجُرُبَّانِ وَنَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الْأَنْفِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ ».

المُجَرَّب : من عض عودا ليعرف صلابته من خوره ولم يكن عالما به فاطلع عليه بِالتَّجْرِبَةِ ـ والله عالم بحقائق الأمور فلا يحتاج إلى التَّجْرِبَةِ. و « المُجَرَّبُ » بالتشديد وفتح الراء : الذي قد جَرَّبَتْهُ الأمور وأحكمته.

(جشب)

فِي الْحَدِيثِ : « كَانَ رَسُولُ اللهِ ص يَأْكُلُ الْجَشِبَ ».

هو بفتح الجيم وسكون الشين : الغليظ الخشن ، ويقال : « طعام جَشِبٌ » للذي ليس معه إدام. وكل بشيع الطعم جَشِبٌ ، ومنه « كان يأتينا بطعام جَشِبٍ ». والجَشِيبُ من الثياب : الغليظ.

(جعب)

« الجَعْبَة » بالفتح واحدة جِعَاب النشاب ، مثل كلبة وكلاب ، ويقال : « جَعَبَات » أيضا مثل سجدات.

(جلب)

قوله تعالى : ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ ) [٣٣ / ٥٩ ] الجَلابِيبُ جمع جِلْبَابٍ وهو ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها ، وقيل : الجِلْبَاب الملحفة كلما يستتر به من كساء أو غيره. وفي القاموس : « الْجِلْبَابُ »

٢٣

كسرداب القميص ، ومعنى ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ ) أي يرخينها عليهن ويغطين به وجوههن وأعطافهن ، أي أكتافهن. قوله تعالى : ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ ) [ ١٧ / ٦٤ ] هي من الجَلَبَةِ وهي الصياح ، أي صح عليهم بخيلك ورجلك واحشرهم عليهم ، يقال : « جَلَبَ على فرسه جَلْباً » من باب قتل : استحثه للعدو وصاح به ليكون هو السابق ، وهو ضرب من الخديعة ، و « أَجْلِب عليه » لغة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ » (١).

الجلب : الذي يُجْلَب من الخيل يركض معها ، والْجَنَبُ الذي يقوم في أعراض الخيل فيصيح بها ، والشِّغَارَ كان الرجل يزوج الرجل في الجاهلية ابنته بأخته ـ كذا في معاني الأخبار (٢). وفِي الْمِصْبَاحِ « لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ ».

بفتحتين فيهما فسر بأن رب الماشية لا يكلف جَلَباً إلى البلد ليأخذ الساعي منها الزكاة ، بل يقال : خذ زكاتها عند المياه. وقوله : « ولا جَنَبَ » أي إذا كانت الماشية في الأفنية فتترك فيها ولا تخرج إلى المرعى ليخرج الساعي لأخذ الزكاة لما فيه من المشقة ، فأمر بالرفق من الجانبين وقيل : معنى « ولا جَنَبَ » أي لا يُجَنِّبُ أحد فرسا إلى جانبه في السباق فإذا قرب إلى الغاية انتقل فيها فسبق صاحبه ، وقيل غير ذلك ـ انتهى. و « جَلَبَ الشيء جَلْباً » من باب ضرب وقتل. و « الجَلَبُ » بفتحتين : ما تَجْلِبُهُ من بلد إلى بلد ، فعل بمعنى مفعول. والجَلَّاب : الذي يشتري الغنم وغيرها من القرى ويجيء بها ويبيعها بالمدينة ويتوسع به فيطلق أيضا على الذي يَجْلِبُ الأرزاق إلى البلدان ، ومنه « الجالب مرزوق والمحتكر ملعون ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص٣٦٠.

(٢) انظر ص ٢٧٤.

٢٤

الرَّجُلُ الْجَلَبَ ».

وهو الذي يُجْلَبُ من بلد إلى بلد. وفِيهِ أَيْضاً : « لَا تَتَلَقَّوُا الْجَلَبَ ».

أي المَجْلُوبَ الذي جاء من بلده للتجارة.

وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ : « إِنَّ الْحَطَّابِينَ وَالْمُجْتَلِبَةَ أَتَوُا النَّبِيَّ فَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا حَلَالاً ».

والمراد بِالْمُجْتَلِبَةِ الذين يَجْلِبُون الأرزاق.

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِذَا صَارَ التَّلَقِّي أَرْبَعَ فَرَاسِخَ فَهُوَ جَلَبٌ ».

و « جُلْبَة » بضم الجيم وسكون اللام : الجلدة تعلو الجرح عند البرء. و « جَلَبَةُ الرجال » بفتح الثلاثة : اختلاط الأصوات. وجَلَبْتُ الشيءَ جَلْباً : أخذته. ومنه الدُّعَاءُ « وَاجْلِبْنِي إِلَى كُلِّ عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُقَرِّبُنِي مِنْكَ ».

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَتَّخِذْ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً » (١).

أي ليزهد في الدنيا وليصبر على الفقر والقلة ، وكنى بالجِلْبَاب عن الصبر لأنه يستر الفقر كما يستر الجِلْبَابُ البدن ، وقيل إنما كنى به عن اشتماله بالفقر ، أي فليلبس إزار الفقر ، ويكون منه على حالة تعمه وتشمله لأن الغناء من أحوال أهل الدنيا ، ولا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت (ع). وفِيهِ « مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيْبَةَ لَهُ » (٢).

كنى بالحياء عن الثوب لأنه يستر الإنسان من المعايب كما يستر الثوب البدن ، ومعنى لا غيبة له جواز اغتيابه في الظاهر.

وَفِي الْخَبَرِ « كَانَ عَلِيٌّ (ع) إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ مِنْ الْجُلَّابِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ الْجُلَّابَ ».

الجُلَّاب كرمان : ماء الورد ، معرب ـ قاله في القاموس. وفيه دلالة على استحباب استعماله.

(جنب)

قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) [ ٥ / ٦ ] الجُنُب بضمتين : من

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ١٦٤ وفيه » فليُعِدَّ للفقر ».

(٢) تحف العقول ص ٤٤.

٢٥

أصابته جَنَابَةٌ ، أعني نجاسة وهمية من خروج مني أو جماع ، سمي جُنُباً لِاجْتِنَابِهِ مواضع الصلاة ، يقال : أَجْنَبَ الرجل وجَنُبَ ـ كقرب ـ فهو جُنُب. و ( الْجارِ الْجُنُبِ ) [ ٤ /٣٦ ] يريد جارك من قوم آخرين. قوله ( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) أي الرفيق في السفر لأنه يحصل بجَنْبِهِ. قوله : ( وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ ) [ ١٠ / ١٢ ] ـ الآية. قال الشيخ أبو علي : قوله ( لِجَنْبِهِ ) في موضع الحال ، أي مضطجعا ، والمعنى أنه لا يزال داعيا لا يفتر في الدعاء حتى يزول عنه الضر ، فهو يدعو في حالاته كلها يستدفع البلاء ( فَلَمَّا كَشَفْنا ) أي أزلنا ( عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ ) أي مضى على طريقه الأول قبل أن مسه الضر كأنه لا عهد له به. قوله : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ) [ ١٤ /٣٥ ] أي نجني ، من قولهم « جَنَبْتُ الرجل الشر » من باب قعد : نجيته عنه وأبعدته ، وجَنَّبْتُهُ بالتثقيل مبالغة ، وهذا الدعاء في حقه لزيادة العصمة وفي حق بنيه من صلبه ، فلا يرد أن كثيرا من بنيه قد عبدوا الأصنام. وقيل إن دعاءه لمن كان مؤمنا من بنيه.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَجَنِّبْنِي الْحَرَامَ ».

أي بعدني عنه ونحني. و « جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمُ النَّجَاسَةَ ».

أي نحوا عن مساجدكم وأبعدوها عنها ، وكأنه من باب القلب.

وَفِي الْحَدِيثِ « تَوَضَّئُوا مِنْ سُؤْرِ الْجُنُبِ إِذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً ».

يريد المرأة الجُنُبَ ، وهذا اللفظ مما يستوي فيه الواحد والاثنان والجماعة والمذكر والمؤنث. وفِيهِ « لَا يُجْنِبُ الثَّوْبُ الرَّجُلَ وَلَا يُجْنِبُ الرَّجُلُ الثَّوْبَ ».

يريد أن هذين ونحوهما لا يضر ملامسة شيء منهما بحيث يوجب الغسل أو الغسل. و « جَنْبُ الإنسان « بالفتح فالسكون ما تحت إبطه إلى كشحه ، والجمع « جُنُوبٌ » كفلس وفلوس ، ومنه قَوْلُهُ (ع) : « أَضَعُ جَنْبَيِ وَأَنَامُ ».

وقَوْلُهُ : « أُوذِيَ فِي جَنْبِكَ ».

جَنْبُ الله : طاعته عن الصدوق ، وأمره عن ابن

٢٦

عرفة ، وقربه وجواره عن الفراء.

وَقَوْلُ عَلِيٍّ (ع) : « أَنَا جَنْبُ اللهِ ».

يأتي على المعاني كلها ،ومثله قَوْلُ أَهْلِ الْبَيْتِ (ع) : « نَحْنُ جَنْبُ اللهِ » ، « نَحْنُ يَدُ اللهِ ».

و « في جَنْبِ الله » أي ذات الله. و « ذات الجَنْبِ » علة صعبة ، وهي ورم حام يعرض للحجاب المستبطن الأضلاع داخل جَنْبَيْهِ. و « المَجْنُوبُ » الذي به تلك العلة. وفي المجمع « ذَاتُ الجَنْبِ » الدُّبَيْلَةُ والدُّمَّلَةُ الكبيرة التي تظهر في باطن الجَنْبِ وتتفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها ، و « ذي الجَنْبِ » من اشتكى جَنْبَهُ بسبب الدبيلة. و « الجَنْبُ » الناحية ، وكذا الجَانِبُ ، وهو أحد نواحي الشيء. و « فلان لين الجَانِب » أي سهل القرب. و « المُجَانَبَةُ » ضد المخالطة. و « أَجْنَبِيٌ » غريب ليس بقريب. واجْتَنَبْتُ الشيء : اعتزلته ، وتَجَنَّبْتُهُ : اجْتَنَبْتُهُ. و « ريح الجَنُوبِ » مر ذكرها. و « سحابة مَجْنُوبَةٌ « إذا هبت بها الجَنُوبُ. و « عَاصِفَةٍ جَنَابِيَّةٍ ».

في حديث الاستسقاء كأنه يريد الرياح الجَنُوبِيَّة ، فإنها تكسر السحاب وتلحقه روادفه ، بخلاف الشمالية فإنها تمزقه. و « الجَنِيبَةُ » الدابة تقاد ، ومنه جَنَّبْتُ الدابة : إذا قُدْتَها إلى جَنْبِكَ ، والجمع الجَنَائِب. وكل طائع مُنْقَادٍ جَنِيبٌ ، ومنه حَدِيثُ الْأَذَانِ « يَقُودُونَ جَنَائِبَ مِنْ نُورٍ ».

و « الجَنَابُ » بالفتح : الفِنَاء وما قرب من محلة القوم ، والجمع أَجْنِبَةٌ. و « فرس طوع الجِنَابِ » بالكسر : إذا كان سلس القياد.

(جوب)

قوله تعالى : ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ ) [ ٨٩ / ٩ ] أي خرقوا الصخر واتخذوا فيه بيوتا ، أو قطعوا الصخر واتخذوا منه بيوتا ، من جَابَ

٢٧

يَجُوبُ : إذا خرق وقطع. قوله تعالى : ( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ) [ ٢ / ١٨٦ ] أي إني أدعوهم إلى طاعتي فليطيعوا لي ( وَلْيُؤْمِنُوا بِي ) لكي يهتدوا بإصابة الحق. قوله : و ( اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) [ ٨ / ٢٤ ] أي أَجِيبُوا الله فيما يأمركم به إذا دعاكم. قوله تعالى : ( إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) [ ٦ /٣٦ ] قال المفسر : هو خطاب للنبي (ص) حين أعرض الكفار عن التصديق به وكذبوه ، وتقديره إنما يَسْتَجِيب لك المؤمن السامع للحق ، وأما الكافر فهو بمنزلة الميت فلا يُجِيب إلى أن يبعثه الله يوم القيامة فيلجئه إلى الإيمان. وقيل معناه إنما يَسْتَجِيب من كان قلبه حيا ، فأما من كان قلبه ميتا فلا. والله ( قَرِيبٌ مُجِيبٌ ) [ ١١ / ٦١ ] أي مُسْتَجِيبٌ الدعاء من أوليائه. قال تعالى : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ) [ ٢٧ / ٦٢ ] والْمُجِيبُ الذي يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء ، وهو اسم فاعل من أَجَابَ يُجِيبُ.

[ جيب ] (١)

قوله تعالى : و ( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ) [ ٢٨ /٣٣ ] أي أدخلها فيه ، والجَيْبُ : القميص ، يقال : جُبْتُ القميص أَجُوبُهُ وأَجِيبُهُ : إذا قوَّرْت جَيْبَهُ ، ويقال الجَيْبُ هنا القميص. قوله تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ ) [ ٢٤ /٣١ ] لأنها كانت واسعة تبدو منها نحورهن ، ويجوز أن يراد بالجُيُوب هنا الصدور.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَنْسَكُ النَّاسِ أَنْصَحُهُمْ جَيْباً » (٢).

أي آمنهم ، من قولهم « رجل ناصح الجَيْبِ » أي لا غشّ فيه.

[ جوب ]

وَفِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ (ع) فِي الْأَذَانِ لِلْحَجِ : « فَأَجَابَهُ مَنْ كَانَ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ : لَبَّيْكَ اللهُمَ

__________________

(١) قد خلط في الكتاب بين مادّة » جوب » و « جَيْبُ » ، ونحن قد أضفنا هذا العنوان ليكون فارقا بين هاتين المادتين.

(٢) الكافي ج ٢ ص ١٦٣.

٢٨

لَبَّيْكَ » (١).

يقال : أَجَابه بِجَوَابٍ إِجَابَةً. وَجَوْبُ الكلام : رَدِيدُهُ ، والجمع « أَجْوِبَة » و « جَوَابَاتٌ ». قيل : وفي الحديث إشارة لطيفة ، هي أن إِجَابَة من كان في الأصلاب والأرحام إشارة إلى ما كتب بقلم القضاء في اللوح المحفوظ من طاعة المطيع لهذه الدعوة على لسان إبراهيم (ع) ومن بعده من الأنبياء. و « جَاوَبَه » من الجَوَابِ. و « المُجَاوَبَة » التَّجَاوُب. واسْتَجَابَ له واستَجَابَهُ : أي أَجَابَهُ. ومنه الْحَدِيثُ : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ مِنْ ذُنُوبِهِ ».

وجُبْتُ البلاد أَجُوبُها وأَجِيبُها : إذا قطعتها. و « الجَوْبَة » الحفرة المستديرة الواسعة ، ومنه « حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الجَوْبَة ».

باب ما أوله الحاء

(حبب)

قوله تعالى : ( أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ) [٣٨ /٣٢ ] أي آثرت حُبَ الخيل عن ذكر ربي ، وسميت الخيل الخير لما فيها من المنافع ، يشهد له

قَوْلُهُ « الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».

قوله : ( فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُ الْكافِرِينَ ) [٣ /٣٢ ] أي لا يغفر لهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ) [ ٥ / ٥٤ ] قِيلَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، نُقِلَ ذَلِكَ عَنِ

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٢٠٦ : « فلبّى النّاس في أصلاب الرّجال لبّيك داعي الله لبّيك داعي الله ».

٢٩

الصَّادِقِ (ع) وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْجَمَلِ : « وَاللهِ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى الْيَوْمِ » وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ.

وقيل هي أعم من ذلك وإنما هي خطاب لكافة المؤمنين ، وقَوْلُ عَلِيٍّ عليه السلام : « مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى الْيَوْمِ ».

حق ، فإن منكري إمامته من المتقدمين لم يقع بينه وبينهم قتال ، بل أول قتال وقع له بعد وفاة رسول الله (ص) هو حرب الجمل ، فلذلك قال ما قال. وقوله تعالى : ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ ) الآية قيل هذان الوصفان مع باقي الصفات المذكورة في الآية الشريفة نصوص على أن عليا عليه السلام هو المراد ، ولذلك أردفه بقوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) ـ الآية. قوله : ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) قيل مَحَبَّة الله للعباد إنعامه عليهم وأن يوفقهم لطاعته ويهديهم لدينه الذي ارتضاه ، وحُبُ العباد لله أن يطيعوه ولا يعصوه. وقيل : مَحَبَّةُ الله صفة من صفات فعله ، فهي إحسان مخصوص يليق بالعبد ، وأما مَحَبَّةُ العبد لله تعالى فحالة يجدها في قلبه يحصل منها التعظيم له وإيثار رضاه والاستئناس بذكره وعن بعض المحققين : مَحَبَّةُ الله للعبد كشف الحجاب عن قلبه وتمكينه من أن يطأ على بساط قربه ، فإن ما يوصف به سبحانه إنما يؤخذ باعتبار الغايات لا المبادىء ، وعلامة حُبِّهِ للعبد توفيقه للتجافي عن دار الغرور والترقي إلى عالم النور والأنس بالله والوحشة ممن سواه وصيرورة جميع الهموم هما واحدا.

قَالَ فِي الْكَشَّافِ : وَعَنِ الْحَسَنِ زَعَمَ أَقْوَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (ص) أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اللهَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لِقَوْلِهِمْ تَصْدِيقاً مِنْ عَمَلٍ.

فمن ادعى محبته وخالف سنة رسول الله (ص) فهو كذاب وكتاب الله يكذبه ، وإذا رأيت من يذكر مَحَبَّةُ الله ويصفق بيديه مع ذكرها ويطرب وينعر ويصعق فلا تشك أنه لا يعرف ما الله ولا يدري ما مَحَبَّةُ الله ، وما تصفيقه وطربه ونعرته وصعقته إلا أنه تصور في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة فسماها الله بجهله وزعارته ثم صفق وطرب ونعر وصعق على

٣٠

تصورها ، وربما رأيت المني قد ملأ إزار ذلك المحب عند صعقته وحمقى العامة حوله قد ملئوا أرداءهم بالدموع لما رققهم من حاله (١). قوله : ( نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [ ٥ / ١٨ ] أي أشياع ابنيه المسيح وعزير ، أو مقربون عنده قرب الأولاد من والدهم. قوله : ( وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ ) [ ٥٥ / ١٢ ] قال المفسر : الحَبُ الحنطة والشعير [ والحُبُوب ] ، والعصف التبن ، والريحان ما يؤكل منه (٢). قوله : ( وَحَبَ الْحَصِيدِ ) [ ٥٠ / ٩ ] فسر بالحنطة. قوله : ( يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ ) [ ١٤ /٣ ] أي يختارونها.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا أَحْبَبْتُ عَبْدِي كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ».

إلى آخره. قيل أي أجعل سلطان حُبِّي غالبا عليه حتى يسلب عنه الاهتمام بشيء غير ما يئوب به إلي ، فيصير منخلعا عن الشهوات ذاهلا عن الحظوظ واللذات ، فلا يرى إلا ما يُحِبُّه ولا يسمع إلا ما يُحِبُّه ولا يعقل إلا ما يُحِبُّه ، ويكون الله سبحانه في ذلك له يدا مؤيدا وعونا ووكيلا ، يحمي سمعه وبصره ويده ورجله عما لا يرضاه ـ انتهى وهو جيد. وذكر بعض الشارحين أن هذا مبالغة في القرب وبيان لاستيلاء سلطان المَحَبَّةُ على ظاهر العبد وباطنه وسره وعلانيته ، فالمراد أني إذا أَحْبَبْتُ عبدي جذبته إلى محل الأنس وصرفته إلى عالم القدس ، فصيرت فكره مستغرقا في أسرار الملكوت وحواسه مقصورة على اجتذاب أنوار الجبروت ، فثبت حينئذ في مقام القرب قدمه وتميز بِالْمَحَبَّةِ لحمه ودمه إلى أن يغيب عن نفسه ويذهل عن حسه

__________________

(١) لم نجد هذا الكلام المنقول عن الحسن في الكشاف وإن كان يذكر فيه طرفا من مخازي الصوفية وادعاءاتهم الباطلة في تفسير الآية المذكورة ـ انظر الكشاف ج ١ ص ٥٠٢.

(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص ٦٥٨.

٣١

حتى أكون بمنزلة سمعه وبصره ـ انتهى.

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ اللهَ يُحِبُ مِنَ الْخَيْرِ مَا تُعُجِّلَ ».

أي يرضى به ولا يكرهه. وفِيهِ « لَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى تَخْتَلِفَ بَنُو فُلَانٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا طَمِعَ النَّاسُ وَتَفَرَّقَتِ الْكَلِمَةُ وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ ».

وتوضيح الحديث ـ على ما نقل ـ هو أن بني فلان يريد بهم بني العباس لم تنفق الملوك على خليفة وهذا معنى تفرق الكلمة ثم ينتهي بعد مدة مد يده إلى خروج السفياني ثم إلى ظهور المهدي (ع). و « الْحُبُ » بضم الحاء : الْمَحَبَّةُ ، وبكسرها الْحَبِيبُ. وحُبِّبَ إلى الشيء نقيض كُرِه. ومن كلام بعضهم « كل ذنب مَحْبُوبٍ » ومعنى كونه مَحْبُوباً ميل النفس إليه ، فإذا قوي الميل سمي عشقا. وحَبَبْتُهُ أَحِبُّه من باب ضَرَبَ ، والقياس أَحُبُّهُ بالضم لكنه غير مستعمل. وأَحَبُّهُ من باب تَعِبَ لغة. « تَحَابُّوا « أي أَحَبَ كل واحد منهم صاحبه. و « تَحَابَّا في الله » اجتمعا عليه بعمل صالح. ومِنْهُ « أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ».

أي بعظمتي وطاعتي في الدنيا ، والجلال : العظمة. وفِيهِ « حُبُ الرَّسُولِ مِنَ الْإِيمَانِ ».

والمراد اتباعه ، فلا يرد أن الْحُبَ أمر طبيعي لا يدخل فيه الاختيار ، وممكن أن يراد الْحُبُ العقلي لا الطبيعي النفسي ، كالمريض يكره الدواء ويميل إليه لما فيه من النفع ، فكذا النبي (ص) لما فيه من صلاح الدارين ، ومن أعلى درجات الإيمان وتمامه أن يكون طبعه تابعا لعقله في حُبِّهِ.

وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : حَدِيثٌ يُرْوَى أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : إِنِّي أُحِبُّكَ. فَقَالَ لَهُ : أَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً. فَقَالَ : لَيْسَ هَكَذَا قَالَ إِنَّمَا قَالَ لَهُ « أَعْدَدْتَ لِفَاقَتِكَ جِلْبَاباً ».

يعني يوم القيامة (١).

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ

__________________

(١) انظر الكتاب ص ١٨٢.

٣٢

« حُبُ عَلِيٍّ حَسَنَةٌ لَا تَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ » (١).

الظاهر أن المراد بالحُبِ الحُبُ الكامل المضاف إليه سائر الأعمال لأنه هو الإيمان الكامل حقيقة وأما ما عداه فمجاز ، وإذا كان حُبُّهُ إيمانا وبغضه كفرا فلا يضر مع الإيمان الكامل سيئة بل تغفر إكراما لعلي (ع) ولا تنفع مع عدمه حسنة إذ لا حسنة مع عدم الإيمان. وقد سبق في « عصى « كلام للزمخشري في توجيه « لَأُدْخِلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَطَاعَ عَلِيّاً وَإِنْ عَصَانِي ».

نافع في هذا المقام. و « الحُبُ » بالضم : الجرة الضخمة ، والجمع حِبَبَة وحِبَابٌ كعنبة وكتاب. والحَبَّةُ من الشيء : القطعة منه. والحَبَّاتُ جمع حَبَّة.

وَفِي حَدِيثِ مَاءِ التَّغْسِيلِ « وَأَلْقِ فِيهِ حَبَّاتِ كَافُورٍ » (٢).

والحَبَّةُ واحدة حَبِ الحنطة ونحوها من الحُبُوبِ التي تكون في السنبل والأكمام ، والجمع حُبُوبٌ كفلس وفلوس.

وَمِنْ صِفَاتِهِ (ص) « يَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِ الْغَمَامِ » (٣).

شبه به ثغره (ص) يريد به البرد. » وحَبُ القرع « قيل هو دود عريض يشبه حَبَ القرع ، والأشبه أنه ليس بدود بل هو الحَبَّة السوداء الشونيز في المشهور وهو حَبٌ معروف. وقيل : الخردل. وقيل الحَبَّةُ الخضراء وهو البطم. و « حَبَابُ الماء » بالفتح : معظمه. وحَبَاب نفحاته التي تعلوه. و « حَبَابُك أن تفعل كذا « أي غايتك.

وَفِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ « يَصِيرُ طَعَامُهُمْ إِلَى رَشْحٍ مِثْلِ حَبَابِ الْمِسْكِ ».

هو الطل الذي يصير على النبات ، شبه رشحهم به مجازا ، وأضيف إلى المسك ليثبت له طيب الرائحة. والاسْتِحْبَابُ كالاستحسان.

(حجب)

قوله تعالى : ( حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ) [٣٨ /٣٢ ] هو هاهنا الأفق ،

__________________

(١) البحار ج ٩ ص ٤٠١.

(٢) الكافي ج٣ ص ١٤٢.

(٣) مكارم الأخلاق ص ١١.

٣٣

والمعنى حتى غابت الشمس في الأفق واستترت به. قوله : ( وَبَيْنَهُما ) أي بين الجنة والنار أو بين أهلها حِجابٌ [ ٧ / ٤٦ ] يعني سورا ، والحِجَاب : الحاجز. قوله : ( وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ ) [ ٤١ / ٥ ] مثله.

وَفِي وَصْفِهِ تَعَالَى « حِجَابُهُ النُّورُ ».

ويشير بذلك إلى أن حِجَابَه خلاف الحُجُب المعهودة ، فهو تعالى مُحْتَجِبٌ عن الخلق بأنوار عزه وجلاله وسعة عظمته وكبريائه وذلك هو الحِجَابُ الذي تدهش دونه العقول وتذهب الأبصار وتنحسر البصائر ، ولو كشف ذلك الحِجَابُ فتجلى بما وراءه من حقائق الصفات وعظمة الذات لم يبق مخلوق إلا احترق ولا معظور (١) إلا اضمحل ، وأصل الحِجَابِ الستر الحائل بين الرائي والمرئي ، وهو هناك راجع إلى منع الأبصار من الإبصار بالرؤية له بما ذكر ، فقام ذلك المنع مقام الستر الحائل فعبر به عنه. و « محمد (ص) حِجَابُ الله » أي ترجمانه ، وجمعه حُجُبٌ ككتاب وكتب. و « احْتَجَبَ الله دون حاجته » احْتِجَابِ الله أن يمنع حوائجه ويخيب آماله في الدنيا.

وَفِي الْحَدِيثِ : « حُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَالنَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ».

يعني لا يوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المكروهات والنار إلا بالشهوات. وحَجَبَهُ حَجْباً من باب قتل : منعه ومنه ، الحَاجِبُ وجمعه « حُجَّاب » بالتشديد. ومنه الحُجُبُ في الفرائض ، ومِنْهُ « الْإِخْوَةُ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ إِلَى السُّدُسِ ».

ومِنْهُ « كُلَّمَا حَجَبَ اللهُ عِلْمَهُ عَنِ الْعِبَادِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ ».

والحَاجِبُ : الشعر النابت على عظم العين ، ويقال له « حَاجِبُ العين ». والحَاجِبَانِ : العظمان مع شعرهما ولحمهما ، والجمع الحَوَاجِبُ. وفِي وَصْفِهِ (ص) « أَزَجُ الْحَوَاجِبِ » (٢).

ولم يقل الحَاجِبَيْنِ ، فهو على معنى من

__________________

(١) المعظور : سيىء الخلق.

(٢) مكارم الأخلاق ص ٩.

٣٤

يوقع على التثنية الجمع ، ويحتج له بقوله تعالى : ( وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ ) ويريد سليمان وداود.

وَحَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ أَتَى كِسْرَى فِي جَدْبٍ أَصَابَهُمْ بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ (ص) يَسْتَأْذِنُهُ لِقَوْمِهِ أَنْ يَصِيرُوا فِي نَاحِيَةٍ مِنْ بِلَادِهِ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ غُدُرٌ حُرُصٌ فَإِنْ أَذِنْتُ لَكُمْ أَفْسَدْتُمُ الْبِلَادَ وَأَغَرْتُمْ عَلَى الْعِبَادِ. قَالَ حَاجِبٌ : إِنِّي ضَامِنٌ لِلْمَلِكِ أَنْ لَا يَفْعَلُوا. قَالَ : فَمَنْ لِي بِأَنْ تَفِيَ؟ قَالَ : أَرْهَنُكَ قَوْسِي. قَالَ : فَضَحِكَ مَنْ حَوْلَهُ. فَقَالَ كِسْرَى : مَا كَانَ لِيُسَلِّمَهَا أَبَداً ، فَقَبِلَهَا مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُمْ ، فَلَمَّا مَاتَ حَاجِبٌ ارْتَحَلَ ابْنُهُ عُطَارِدٌ (١) إِلَى كِسْرَى فَطَلَبَ قَوْسَ أَبِيهِ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَسَاهُ حُلَّةً ، فَلَمَّا رَجَعَ أَهْدَاهَا إِلَى النَّبِيِّ (ص) فَبَاعَهَا مِنْ يَهُودِيٍّ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ.

ومنه حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) وَقَدْ جَاءَ [ إِلَى ] رَجُلٍ مِنْ مَوَالِيهِ يَسْتَقْرِضُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَى مَيْسَرَةٍ فَقَالَ : « وَلَكِنْ أُرِيدُ وَثِيقَةً « قَالَ : فَنَتَفَ لَهُ مِنْ رِدَائِهِ هُدْبَةً (٢) فَقَالَ : هَذِهِ الْوَثِيقَةُ. قَالَ : فَكَأنَّ مَوْلَاهُ كَرِهَ ذَلِكَ فَغَضِبَ وَقَالَ : أَنَا أَوْلَى بِالْوَفَاءِ أَمْ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ؟ فَقَالَ : أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ : فَكَيْفَ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ يَرْهَنُ قَوْساً وَإِنَّمَا هِيَ خَشَبَةٌ عَلَى مِائَةِ جِمَالَةٍ وَهُوَ كَافِرٌ فَيَفِي وَأَنَا لَا أَفِي بِهُدْبَةِ رِدَائِي؟.

وَفِي الْحَدِيثِ : « تُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ حِينَ يَغِيبُ حَاجِبُهَا ».

قيل يريد بحاجبها طرفها الأعلى من قرصها. قيل : سمي بذلك لأنه أول ما يبدو منها كحاجب الإنسان. « والحَجَبَةُ » جمع حَاجِبِ : البيت ، وهو المانع عن رؤية الْمَحْجُوبِ عنه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ إِلَى الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْحَجَبَةِ ».

كذا في أكثر النسخ وفِي بَعْضِهَا « وَإِنَّمَا لَا يُسْتَحَبُّ ».

وهو أقرب.

وَفِي الدُّعَاءِ » عِبَادُكَ الْمُحْتَجِبُونَ

__________________

(١) انظر ترجمة عطارد هذا في أسد الغابة ج٣ ص ٤١١.

(٢) الهدبة بفتح الهاء وسكون الدّالّ : الشّعرة.

٣٥

بغيبك ». يريد بهم الملائكة.

(حدب)

قوله تعالى : ( وَهُمْ مِنْ كُلِ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) [ ٢١ / ٩٦ ] الحَدَبُ بالتحريك : المرتفع من الأرض ، ومعناه يظهرون

من غليظ الأرض ومرتفعها. ومنه « حَدِبَ حَدَباً » من باب تعب : إذا خرج ظهره وارتفع عن الاستواء ومنه رجل أَحْدَبُ وامرأة حَدْبَاءُ ، والجمع حُدْبٌ كأحمر وحمراء وحمر. وفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (ره) قَالَ : إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَرَجَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ إِلَى الدُّنْيَا وَيَأْكُلُونَ النَّاسَ (١).

وقد تكرر في الحديث ذكر (الحُدَيْبِيَة) بالتخفيف عند الأكثر ، وهي بئر بقرب مكة على طريق جدة دون مرحلة ثم أطلق على الموضع. ويقال نصفه في الحل ونصفه في الحرم (٢). وحَدِبَ عليه : إذا عطف. وأَحْدَبُهُم على المسلمين : أعطفهم وأشفقهم.

وَفِي حَدِيثِ الْبَعُوضَةِ : « يَعْلَمُ اللهُ تَعَالَى مِنْهَا مَوْضِعَ النَّشْؤِ وَالْعَقْلِ وَالشَّهْوَةِ لِلسَّفَادِ وَالْحَدَبِ عَلَى نَسْلِهَا ».

أي التعطف والتحنن ـ فسبحانه من عليم خبير. وآلة الحَدْبَاء : النعش قال الشاعر :

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة الحَدْبَاءِ محمول

(حرب)

قوله تعالى : ( فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ ) [ ٢ / ٢٧٩ ] أي اعلموا ذلك واسمعوه وكونوا على إذن منه ، ومن قرأ فَأْذِنُوا بِحَرْبٍ بكسر الذال أي أعلموا غيركم ذلك. قوله ( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) [ ٤٧ / ٤ ] أي المحاربون.

__________________

(١) انظر التفسير ص ٤٣٣.

(٢) الحديبية بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء مفتوحة خفيفة ـ وقيل مشددة ـ وآخرها هاء. قيل التثقيل خطأ ، وقيل كل صواب أهل المدينة يثقلونها وأهل العراق يخففونها. انظر مراصد الاطلاع ص٣٨٦.

٣٦

قوله : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) [ ٥ /٣٣ ] الآية. قيل : مُحَارَبَة الله ورسوله مُحَارَبَة المسلمين ، جعل مُحَارَبَتِهِم كمُحَارَبَتِهِ ومُحَارَبَةُ رسوله تعظيما للفعل. وعند الفقهاء كل من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ليلا أو نهارا ضعيفا كان أو قويا من أهل الريبة أو لم يكن ذكرا كان أو أنثى فهو مُحَارِب. وفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) قَالَ : فَعَقَدَ بِيَدِهِ فَقَالَ : « يَا عَبْدَ اللهِ خُذْهَا أَرْبَعاً بِأَرْبَعٍ » ثُمَّ قَالَ : « إِذَا حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَاداً فَقَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُتِلَ وَصُلِبَ ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْمَالِ نُفِيَ فِي الْأَرْضِ » (١).

وقد سبق كيفية النفي. قوله : ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ ) [٣ /٣٧ ] قِيلَ : بَنَى لَهَا غُرْفَةً فِي الْمَسْجِدِ وَجَعَلَ بَابَ الْغُرْفَةِ وَسَطَ الْحَائِطِ لَا يَصْعَدُ إِلَيْهَا إِلَّا بِالسُّلَّمِ وَاسْتَأْجَرَ لَهَا ظِئْراً تُرَبِّيهَا ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ يُغْلِقُ عَلَيْهَا الْبَابَ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا زَكَرِيَّا حَتَّى كَبِرَتْ.

قوله : ( فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ) [ ١٩ / ١١ ] المِحْرَابُ بالكسر والسكون : الغرفة ، ومقام الإمام في المسجد ، والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس. ومَحَارِيبُ بني إسرائيل : مساجدهم التي كانوا يخطبون فيها. والمَحَارِيبُ : البيوت الشريفة ، وقيل هي المساجد والقصور يعبد فيها. وعن الأصمعي : سمي القصر مِحْرَاباً لأن المِحْرَاب مقدم المجالس وأشرفها وكذا من المسجد. وعن ابن الأنباري : سمي مِحْرَاباً لانفراد الإمام فيه وبعده من القوم ، يقال : « دخل

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٤٦٦. وانظر كيفية النفي في هذا الكتاب ج ١ ص ٤١٨.

٣٧

الأسد مِحْرَابَهُ » أي غيله ، والإمام إذا دخل فيه يأمن من أن يلحق ، فهو حائز مكانا كأنه مأوى الأسد. ويقال : مِحْرَابُ المصلي مأخوذ من المُحَارَبَةِ ، لأن المصلي يُحَارِبُ الشيطان ويُحَارِبُ نفسه بإحضار قلبه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كَانَ عَلِيٌّ (ع) يَكْسِرُ الْمَحَارِيبَ إِذَا رَآهَا فِي الْمَسْجِدِ يَقُولُ : كَأَنَّهَا مَذَابِحُ الْيَهُودِ ».

و « الحَرَبُ » بالتحريك : نهب مال الإنسان وتركه لا مال له. ومنه حَدِيثُ الدُّعَاءِ عَلَى الْعَدُوِّ « اللهُمَّ أَذِقْهُ طَعْمَ الْحَرْبِ وَذُلَّ الْأَسْرِ ».

ومِنْهُ « الْمُؤْمِنُ يُصْبِحُ وَيُمْسِي عَلَى ثَكَلٍ خَيْرٌ لَهُ أَنْ يُصْبِحَ وَيُمْسِيَ عَلَى حَرْبٍ » (١).

وَفِي الْخَبَرِ : « إِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ ».

بسكون الراء أي يعقب الخصومة والنزاع ، وبفتحها أي السلب. « وحُرِبَ الرجل » بالبناء للمجهول : أخذ جميع ماله. وحُرِبَ حَرَباً من باب تعب كذلك. وحَرِيبَةُ الرجل : ماله الذي يعيش به ، ومنه حَدِيثُ الْمَيِّتِ « أَشْكُو إِلَيْكُمْ دَاراً أَنْفَقْتُ فِيهَا حَرِيبَتِي وَصَارَ سُكَّانُهَا غَيْرِي ».

و « الحَرْبُ » بإسكان الراء واحدة الحُرُوب ، وهي المقاتلة والمنازلة ، لفظها أنثى. يقال : « قامت الحَرْبُ على ساق » إذا اشتد الأمر وصعب الخلاص. وقد تذكر ذهابا إلى معنى القتال. وتصغير الحَرْب « حُرَيْبٌ » بغير هاء و « رجل مِحْرَبٌ » بكسر ميم وفتح راء أي صاحب حَرْبٍ.

وَفِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ (ع) « أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ ».

أي عدو لمن عاداكم والحَرْبَةُ كالرمح تجمع على حِرَابٍ ككلبة وكلاب. و « الحِرْبَاءُ » حيوان أكبر من العظاءة تستقبل الشمس برأسها وتدور معها كيف دارت.

(حزب)

قوله تعالى : ( كُلُ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) [٣٠ /٣٢ ] الحِزْبُ بالكسر فالسكون : الطائفة وجماعة الناس ،

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٧٢.

٣٨

والأَحْزَابُ جمعه. وحِزْبُ الشيطان : جنوده. ويوم الأَحْزَابِ : يوم اجتماع قبائل العرب على قتال رسول الله (ص) وهو يوم الخندق ، فالأَحْزَاب عبارة عن القبائل المجتمعة لحرب رسول الله (ص) وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش ومن كنانة وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان وغطفان في ألف وهوازن وبني قريضة والنضير. وفي القاموس في قوله : ( إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ ) [ ٤٠ /٣٠ ] هم قوم نوح وعاد وثمود.

« وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ » وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحَ الصَّبَا فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ فَأَحْصَرَتْهُمْ وَصَفَّتِ التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَطْفَأَتْ النِّيرَانَ وَكَفَتِ الْقُدُورَ وَقَلَعَتِ الْأَوْتَادَ وَبَعَثَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي ذَوَائِبِ عَسْكَرِهِمْ فَمَاجَتِ الْخَيْلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَانْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ.

قوله : ( أَيُ الْحِزْبَيْنِ ) [ ١٨ / ١٢ ] مر ذكرها في (حصا). والحِزْبُ : الورد يعتاده الشخص من صلاة وقراءة وغير ذلك.

(حسب)

قوله تعالى : ( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) [ ٢ / ٢٧٣ ] أي يظنهم. قوله : ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) [ ٦٥ /٣ ] أي من حيث لا يظن من « حَسِبْتُ » ، أو لم يكن في حسابه من « حَسُبَ ». قوله : ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) [٣ / ١٧٣ ] أي كَافِينَا ، ومثله ( حَسْبُكَ اللهُ ) [ ٨ / ٦٢ ] أي كافيك. قوله ( عَطاءً حِساباً ) [ ٧٨ /٣٦ ] أي كافيا عن أبي عبيدة والجبائي. وقيل حِساباً أي كثيرا. وقيل حِساباً أي على قدر استحقاق وبحسب العمل. وقال الزجاج : ما يكفيهم ، أي أن فيه ما يشتهون. قوله : ( يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ

٣٩

حِسابٍ ) [ ٢ / ٢١٢ ] فيه أقوال : منها أن يعطيهم الكثير الواسع الذي لا يدخله الحساب من كثرته. قوله : ( إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) [ ٢ / ٢٨٤ ] أي إن تظهروا ما في أنفسكم من السوء أو تخفوه فإن الله تعالى يعلم ذلك ويجازيكم عليه. قال الطبرسي ولا يدخل فيه ما يخفيه الإنسان من الوسواس وحديث النفس لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه ، ولكن ما اعتقده وعزم عليه (١). وقوله ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ) [ ٦ / ٩٦ ] أي يجريان في أفلاكهما بحساب لا يتجاوزانه إلى أقصى منازلهما ، فيقطع الشمس جميع البروج الاثني عشر في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع ، والقمر في ثمانية وعشرين يوما ، وهي عليها الأيام والليالي والشهور والأعوام كما قال تعالى ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) [ ٥٥ / ٥ ] وقال ( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) [ ٢١ /٣٣ ]. قوله ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) أي يجريان في منازلهما بحساب معلوم عنده.

وَعَنِ الرِّضَا (ع) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ : ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) قَالَ : « هُمَا يُعَذَّبَانِ » قُلْتُ : الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يُعَذَّبَانِ؟ قَالَ : إِنْ سَأَلْتَ عَنْ شَيْءٍ فَأَتْقِنْهُ ، إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ مُطِيعَانِ لَهُ ، ضَوْؤُهُمَا مِنْ نُورٍ عَرْشِهِ وَجِرْمُهُمَا مِنْ جَهَنَّمَ ، فَإِذَا كَانَتِ الْقِيَامَةُ عَادَ إِلَى الْعَرْشِ نُورُهُمَا وَعَادَ إِلَى النَّارِ جِرْمُهُمَا ، فَلَا يَكُونُ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ وَإِنَّمَا عَنَاهُمَا بِذَلِكَ لَعَنَهُمَا اللهُ تَعَالَى ، أَلَيْسَ قَدْ رَوَى النَّاسُ ... فُلَانٌ وَفُلَانٌ شَمْسَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَنُورُهُمَا ، فَهُمَا فِي النَّارِ ، وَاللهِ مَا عَنَى غَيْرَهُمَا (٢).

قوله : ( حُسْباناً مِنَ السَّماءِ ) [ ١٨ / ٤٠ ] بضم الحاء يعني عذابا. وقيل نارا. وقيل بردا ، واحدها حُسْبَانَةٌ قوله : ( وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً )

__________________

(١) هذا ليس نص كلام الطبرسي وإنما هو المفهوم من كلامه. انظر مجمع البيان ص ٤٠١.

(٢) البرهان ج ٤ ص ٢٦٣.

٤٠