مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

عَفَيْتُ وأَعْفَيْتُ لغتان ، وروي « أرخو » بقطع الهمزة والخاء المعجمة ، وروي « أرجوا » بالجيم وأصله أرجئوا بهمزة فخفف بمعنى أخروها ، ومعنى الكل تركها على حالها ، أما الأخذ من طولها وعرضها للتحسين فحسن.

والطائر الْعَافِي : المستوفي الجناحين يذهب حيث شاء.

( عقا )

فِي حَدِيثِ خَيْمَةِ آدَمَ الَّتِي هَبَطَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ : « كَانَ أَوْتَادُهَا مِنْ عِقْيَانِ الْجَنَّةِ ».

هو بالكسر : الذهب الخالص. وقيل : ما ينبت منه نباتا وليس مما يحصل من الحجارة.

( علا )

قوله تعالى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) [ ٨٧ / ١ ] قال الشيخ أبو علي : إن الأعلى نظير الأكبر ، ومعناه العالي بسلطانه وقدرته وكل دونه في سلطانه ، ولا يقتضي ذلك المكان ثم أنشد عليه قول الفرزدق (١) :

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

قوله تعالى : ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ) [ ٧٩ / ٢٤ ] أي لا رب فوقي. وقيل : معناه أنا الذي أنال بالضرر غيري ولا ينالني غيري ، وكذب اللعين.

قوله تعالى : ( فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ) [ ٦٩ / ٢٢ ] أي مرتفعة القصور والدرجات. وقيل : علو الجنة على وجهين : علو الشرف والجلالة ، وعلو المكان والمنزلة بمعنى أنها مشرفة على غيرها ، والجنة درجات بعضها فوق بعض كما أن النار دركات.

قوله تعالى : ( هذا صِراطٌ ) أي طريق الخلق عَلَيَ [ ١٥ / ٤١] أي لا يفوتني منهم أحد.

قوله تعالى : ( عَلا فِي الْأَرْضِ )

__________________

(١) هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال ، انظر ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة ، والبيت في ديوانه ص ٧١٤.

٣٠١

[ ٢٨ / ٤ ] أي تجبر وتكبر فيها.

قوله تعالى : ( وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ ) [ ٣ / ١٩٤ ] على هذه صلة للوعد ، أي وعدتنا على تصديق رسلك. وقيل : معناه على ألسنة رسلك ، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف أي ما وعدتنا منزلا على رسلك ، والموعود هو الثواب أو النصر على الأعداء ـ كذا ذكره الشيخ أبو علي.

قوله تعالى : ( تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ ) [ ٣ / ٦٤ ] هو أمر بفتح اللام وربما ضمت مع جمع المذكر السالم لمجانسة الواو وكسرت مع المؤنث. قال بعض اللغويين : « تَعَالَ » فعل أمر من الارتفاع ، وأصله أن الرجل العالي كان ينادي السافل فيقول : « تعال » ثم كثر في كلامهم حتى استعمل بمعنى عام ، سواء كان المدعو أعلى أو أسفل أو مساويا ، وتتصل به الضمائر باقيا على فتحه تقول : تَعَالَ يا رجل ، بفتح اللام وللمرأة تَعَالَيْ وللمرأتين تَعَالَيَا وللنسوة تَعَالَيْنَ.

قوله تعالى : ( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) [ ٨٣ / ١٨ ] قال الشيخ أبو علي أي المطيعين ( لَفِي عِلِّيِّينَ ) أي في مراتب عالية محفوفة بالجلالة. وقيل : في السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين. وقيل : في سدرة المنتهي وهي التي ينتهي إليها كل من أمر الله تعالى. وقيل : عِلِّيُّونَ : الجنة ، وقيل : هو لوح من زبرجد أخضر معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه. وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ (ص) قَالَ : « فِي عِلِّيِّينَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ ».

قوله تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ ) [ ٢٨ / ٨٣ ] قيل : ( تِلْكَ ) تعظيم للدار وتفخيم لها ، أي تلك التي بلغك صفتها يا محمد ، علق الوعد بترك إرادة العلو والفساد كما علق الوعيد بالركون في قوله تعالى : ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ).

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ (ع) : إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْجِبُهُ أَنْ يَكُونَ شِرَاكُ نَعْلِهِ أَجْوَدَ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِ صَاحِبِهِ فَيَدْخُلُ تَحْتَهَا ».

٣٠٢

وَفِي حَدِيثِ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ قَرَأَهَا ثُمَّ قَالَ : « ذَهَبَتِ الْأَمَانِيُّ كُلُّهَا ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ عَقَّبَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كُتِبَتَا لَهُ فِي عِلِّيِّينَ ». قيل : أي في ديوان الحفظة المقربين.

و « الْعِلِّيَّةُ » بالكسر وتضم : الغرفة ، وَفِي حَدِيثِ الْفُضَيْلِ : « أَمَا تَشْتَهِي أَنْ تَكُونَ مِنْ عِلِّيَّةِ الْإِخْوَانِ ». أي من أشرافهم ، يقال : « فلان من عِلْيَةِ الناس » أي رفيع شريف.

وَفِيهِ : قُلْتُ : وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ : « الرَّاغِبُونَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ الْإِخْوَانِ » (١).

وفي أسمائه تعالى الْعَلِيُ والْمُتَعَالِي ، فَالْعَلِيُ الذي ليس فوقه شيء في المرتبة ، وبناء فعيل بمعنى فاعل من علا يعلو ، والْمُتَعَالِي الذي جل عن كل وصف وهو متفاعل من العلو ، وقد يكون بمعنى العالي.

وَمِنْ أَوْصَافِهِ تَعَالَى : « عَلَا فَقَرُبَ وَدَنَا فَبَعُدَ ». أي علا من مشابهة الممكنات وإدراك الأوهام ، وقرب منها من حيث العلم بها ، وبعد عنها من حيث الذات.

وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ (ع) : « قَرِيبٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مُلَابِسٍ بَعِيدٌ عَنْهَا غَيْرَ مُبَايِنٍ ».

وفيه الْعَالِيَةُ والْعَوَالِي ، وهي قرى بأعلى أراضي المدينة وأدناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية أميال والنسبة إليها « عُلْوِيٌ » على غير القياس (٢) وفي المغرب نقلا عنه : الْعَوَالِي موضع على نصف فرسخ من المدينة. وفي الصحاح : الْعَالِيَةُ ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وهي الحجاز وما والاها ـ انتهى.

و « أتيته من عَلِ » بكسر اللام وضمها ومن عَلَا ومن عَالٍ أي من فوق.

وَفِي حَدِيثِ التَّيَمُّمِ : « ويُسْتَحَبُّ مِنَ الْعَوَالِي » أَيْ مِمَّا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ وَعَلَا

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١٩٢.

(٢) في الصحاح : والنسبة إليهاعالي ، ويقال أيضا علوي على غير القياس.

٣٠٣

وذلك لبعده من الاستطراق ونزاهته.

وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ « يَأْتِيهَا رِزْقُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ سُبُلٍ مِنْ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلِهَا وَالثَّنِيَّةِ ». أي من المعلى ومن المسفلة والثنية وهي عقبة المدنيين.

وفِيهِ « يُسْتَحَبُّ دُخُولُ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا ». أي من جانب عقبة المدنيين. قيل : وهذا لكل قادم سواء قدم من طريق المدينة أم غيره تأسيا بالنبي (ص). وقيل : هو مختص بالمدني. قيل : والشامي.

و « الْعُلَا » بالضم والقصر موضع من ناحية وادي القرى نزل فيه رسول الله (ص) في طريقه إلى تبوك وبه مسجد.

وفِيهِ : « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى » (١). الْعُلْيَا بضم العين فتقصر وبفتحها فتمد ، والضم مع القصر أكثر قيل : هي المنفقة والسفلى السائلة. وقيل : الْعُلْيَا هي المعطية والسفلى الآخذة. وقيل : المانعة.

و « عُلْوُ الدار » بضم عين وكسرها : خلاف السفل.

و عَلَا عُلُوّاً من باب قعد : ارتفع ، فهو عَالٍ.

و « تَعَالَى الله » تنزه عما لا يليق بشأنه.

وتَعَالَى النهار : ارتفع.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ : « فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي » أَيْ يَتَرَفَّعُ عَلَيَّ.

وَفِي الدُّعَاءِ : « وأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى ». قيل : هو جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين ، وهو اسم جاء على فعيل ، ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع.

و « الملأ الْأَعْلَى » هم الملائكة. وقيل نوع منهم وهم أعظم قدرا.

وعَلَا في المكان يَعْلُو عُلُوّاً.

وعَلَا في الشرف يَعْلَى بالفتح عَلَاءً.

وعَلَوْتُهُ بالسيف : ضربته.

ومَعَالِي الأمور : مكتسب الشرف ، الواحد مَعْلَاةً بفتح الميم.

والْعِلَاوَةُ بالكسر : ما علق على البعير

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٢٦.

٣٠٤

بعد الحمل كالأوتاد ونحوها.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أُتِيَ بِزِنْدِيقٍ فَقَطَعَ عِلَاوَتَهُ ». يريد قطع رأسه.

و « عَلَى » من حروف الجر تكون للاستعلاء. وهو إما على المجرور وهو الغالب أو على ما يقرب منه ، ومن الأول قوله تعالى : ( وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) [ ٢٣ / ٢٢ ] ومن الثاني قوله تعالى : ( أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً ) [ ٢٠ / ١٠ ].

وللمصاحبة كمع نحو قوله تعالى ( وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ) [ ٢ / ١٧٧ ] و ( إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ ) [ ١٣ / ٦ ].

وللتعليل نحو قوله تعالى : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) [ ٢ / ١٨٥ ] وتحتمل أن تكون هنا للسببية.

وللظرفية نحو قوله تعالى : ( عَلى حِينِ غَفْلَةٍ ) [ ٢٨ / ١٥ ] ( عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) [ ٢ / ١٠٢ ].

وبمعنى من نحو قَوْلِهِ (ص) : « مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي ». ويحتمل أن تكون هنا للتعليل.

وبمعنى الباء نحو قوله تعالى : ( حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ ) [ ٧ / ١٠٥ ].

وبمعنى الحال نحو قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ) [ ٤ / ٤٣ ].

وبمعنى فوق مثل « غدوت من عَلَيْهِ ». وللمجاوزة نحو قوله (١) :

إذا رضيت عَلَيَ بنو قشير

وللاستدراك وللإضراب كما في قولهم : « فلان لا يدخل الجنة لسوء فعله عَلَى أنه لا ييأس من رحمة الله ».

ويكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد كقوله تعالى : ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) [ ٣٣ / ٣٧ ].

قيل : وتكون زائدة للتعويض أو لغيره وعد من الأول قوله :

__________________

(١) وبقية البيت :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ)

وهو ( لقحيف بن عمير بن سليم الندي العامري ).

٣٠٥

إن الكريم وأبيك يعتمل

إن لم يجد يوما عَلَى من يتكل

أي من يتكل عليه فحذف عليه وزاد على قبل الموصول تعويضا ، وقيل : المراد لم يجد شيئا ثم بدأ مستفهما وقال : « عَلَى من يتكل ».

ومن الثاني قوله :

أبى الله إلا أن سرحة مالك

عَلَى كل أفنان العضاة تروق (١)

قاله ابن مالك ، وفيه ـ كما قيل ـ إن « راقه الشيء » بمعنى أعجبه ، ولا معنى له هنا وإنما المراد يَعْلُو ويرتفع.

وإذا دخلت عَلَى « على » الضمير قلبت الألف ياء ، ووجهه أنها لو لم تقلب ياء لكانت واوا والتبس بالفعل ، ومنه « عَلَيْكَ زيدا » يعني خذه ، وَفِي الْحَدِيثِ « عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا » و « عَلَيْكُمْ بِكَذَا ». أي افعلوا.

وعن بعض اللغويين « عَلَيْكَ » اسم فعل إذا تعدى بنفسه كان بمعنى الزم وإذا تعدى بالباء كان بمعنى استمسك ، وعن الرضي (ره) أن الباء زائدة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا عَلَيْكَ ». والمراد لا بأس عليك ، لأن لا النافية للجنس كثيرا ما يحذف اسمها ويستغنى بخبرها.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ تَرَكَ الْحَجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً ». قيل : التقدير فلا يكون عليه حسرة. وقيل : المعنى أن لا يصعبن عليه أن يموت موتا مشابها لموت أحد الفئتين في كفران نعم الله وترك ما أمر به ، ويكون هذا من باب التغليظ والمبالغة في الوعيد. وذكر بعض الأفاضل أن هذا التغليظ استحقه لمشابهته كلتا الطائفتين في قلة المبالاة بالحج.

وفِيهِ « أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ ». أي على حسب أعماله. وقريب منه قَوْلُهُ : « اللهُمَّ إِنِّي أَدِينُكَ بِطَاعَةِ الْأَئِمَّةِ وَوَلَايَتِهِمْ وَالرِّضَا بِمَا فَضَّلْتَهُمْ غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٍ عَلَى مَعْنَى مَا أَنْزَلْتَ فِي

__________________

(١) البيت من قصيدة لحميد بن ثور الهلاليّ الصحابي.

٣٠٦

كِتَابِكَ عَلَى حُدُودِ مَا أَتَانَا فِيهِ ».

و « لا عَلَيْكَ أن لا تعجل » أي لا بأس عليك في عدم التعجيل ، أو « لا » زائدة أي ليس التعجيل عليك.

وَعَلِيُ بْنُ الْحُسَيْنِ هُوَ الْإِمَامُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَقُبِضَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَعَاشَ بَعْدَ الْحُسَيْنِ (ع) خَمْساً وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وفيه دلالة على أن عمره بعد قتل أبيه كان اثنين وعشرين سنة يؤيده ما رُوِيَ أَنَّ الْبَاقِرَ (ع) كَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ.

( عما )

قوله تعالى : ( وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى ) [ ١٧ / ٧٢ ] أي فمن كان في الدنيا أعمى القلب عن الحق فهو أشد عمى في الآخرة لا يرى طريق النجاة وأضل طريقا من الأعمى.

وعَنِ الْبَاقِرِ (ع) أَنَّهُ قَالَ : « أَتَى رَجُلٌ أَبِي (ع) فَقَالَ : إِنَّ فُلَاناً ـ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ ـ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ وَفِي أَيِّ يَوْمٍ نَزَلَتْ. قَالَ : فَاسْأَلْهُ فِيمَنْ نَزَلَتْ ( وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) وَفِيمَ نَزَلَتْ : ( وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ) [ ١١ / ٣٤ ] فَسَأَلَهُ فَقَالَ : وَدِدْتُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا أَنْ تُوَاجِهَنِي بِهِ ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى أَبِي (ع) فَقَالَ لَهُ : مَا قَالَ وَقَدْ أَجَابَكَ فِي الْآيَتَيْنِ؟ قَالَ : لَا. وَقَالَ : لَكِنْ أُجِيبُكَ فِيهِمَا بِنُورٍ وَعِلْمٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى وَالْمُنْتَحَلِ ، الْآيَتَانِ نَزَلَتَا فِيهِ وَفِي أَبِيهِ » (١).

وعَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ : « نَزَلَتْ فِي مَنْ سَوَّفَ الْحَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَعِنْدَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ » (٢).

قوله تعالى : ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ) [ ٢٠ / ١٢٤ ] أي أعماه الله عن طريق الخير. وقيل : أعمى القلب.

قوله تعالى : ( ثُمَ عَمُوا وَصَمُّوا ) [ ٥ / ٧١ ] أي بعد أن أبان لهم الحق وضوحا.

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص ٤٣٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٢٧٣.

٣٠٧

قوله تعالى : ( إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ ) [ ٧ / ٦٤ ] أي عمي القلوب غير مستبصرين.

قوله تعالى : ( لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى ) [ ٢٠ / ١٢٥ ] أي عن حجتي.

قوله تعالى : ( فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) [ ١١ / ٢٨ ] أي خفيت. يقال : « عَمِيَتْ علينا الأمور » أي اشتبهت والتبست ، ومنه قوله تعالى : ( فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ ) [ ٢٨ / ٦٦ ] قرئ بالتشديد من قولهم : عميت معنى البيت تعمية.

وَفِي الْخَبَرِ : « حُبُّكَ لِلشَّيْءِ يُعْمِي وَيُصِمُّ ». من أَعْمَاهُ جعله أَعْمَى وأصمه جعله أصم ، يعني ترى من المحبوب القبيح حسنا وتسمع منه الخطأ جميلا ، كما قيل في ذلك :

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

كما أن عين السخط تبدي المساويا

و عَمِيَ عَمًى : فقد بصره ، فهو أَعْمَى ، والمرأة عَمْيَاءُ ، والجمع عُمْيٌ كأحمر وحمر ، وعُمْيَان أيضا كحمران.

ولا يقع العمى إلا على العينين جميعا ، ويستعار للقلب كناية عن الضلالة والعلاقة عدم الاهتداء.

و « الْعَمَايَةُ » بفتح العين : الضلالة.

والتَّعْمِيَةُ : الإخفاء والتلبيس.

( عنا )

قوله تعالى : ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ ) [ ٢٠ / ١١١ ] أي خضعت.

والْعَنَاءُ بالفتح والمد : التعب والنصب ، من عَنِيَ بالكسر إذا أصابه مشقة ونصب ومنه « عِنْدَ اللهِ احْتَسَبَ عَنَائِي ».

وَفِي الدُّعَاءِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخَذَ مِنَّا فِي عَانِينَ ». أي جعل الناس تخدمنا ونحن بين جماعة من الْعَنَاءِ وهو التعب والمشقة.

وَفِي حَدِيثٍ : « مَنْ عَرَفَ اللهَ وَعَنَّى نَفْسَهُ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ ». بالعين المهملة والنون المشددة أي تعب نفسه بذلك.

ومُعَانَاةُ الشيء : ملابسته ومباشرته ، ومنه الْخَبَرُ : « اللهُ جَلَّ أَنْ يُعَانِيَ الْأَشْيَاءَ بِمُبَاشَرَةٍ ».

والْعَانِي : الأسير ، ومِنْهُ : « أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ »

٣٠٨

وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا وهو عان ، والمرأة عانية ، والجمع عوان.

ومنه الْخَبَرَ : « اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ ». أي أسراء أو كالأسراء.

وَفِي حَدِيثِ يَوْمِ صِفِّينَ : « وعَنُّوا بالأصوات ». أي احبسوها وأخفوها ، من التَّعْنِيَةِ وهي الحبس ، نهاهم عن اللفظ ورفع الأصوات ، أو أَعْنَيْتُ بالأمر اهتممت.

وعَنَيْتُ من باب رمى مثله ، ومنه : « عَنَيْتُ بحاجتك فأنا عَانٍ » أي اهتممت بها واشتغلت.

وَفِي الدُّعَاءِ : « ومَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ». أي ومن يهمني أمره.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُ مَا لَا يَعْنِيهِ (١) ». أي ما لا يهمه.

وقولهم : « قد عَنَى الله بك » أي حفظك ، لأن من عنى بشيء حفظه وحرسه أو حفظ عليك دينك وأمرك.

وفِيهِ : « نَزَلَ الْقُرْآنُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ (٢) ». هو مثل ويراد به التعريض للشيء ، يعني أن القرآن خوطب به النبي (ص) لكن المراد به الأمة ، مثل ما عاتب الله به نبيه في قوله تعالى : ( وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) [ ١٧ / ٧٤ ] فإنه عنى بذلك غيره كما جاءت به الرواية.

وعَنَيْتُهُ عَنْياً من باب رمى : قصدته.

ومَعْنَى الكلام ومَعْنَاتُهُ واحد.

ومَعْنَى الشيء وفحواه ومقتضاه ومضمونه كل ما يدل عليه اللفظ ، وعن تغلب الْمَعْنَى والتفسير والتأويل واحد ، وقولهم هذا بِمَعْنَى هذا وفي مَعْنَى هذا : أي مماثل له أو مشابه ، و « أنت الْمَعْنِيُ بذلك » أي المقصود المكلف به.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى : « واحِدٌ صَمَدٌ وَاحِدِيُ الْمَعْنَى ». يعني أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم.

والمعاني التي أثبتها الأشاعرة للباري تعالى عن ذلك هي الصفات التي زعموها له من أنه قادر بقدرة وعالم بعلم وحي بحياة

__________________

(١) الكافي ٢ / ٦٣١.

(٢) أمالي المفيد ص ٢١.

٣٠٩

إلى غير ذلك ، وزعموا أنها قديمة حالة في ذاته فهي زائدة على ذاته ، وهي غير الأحوال التي أثبتها له تعالى بعض المعتزلة وهم البهشمية ، وهي خمسة الإلهية والوجودية والجبية والقادرية والعالمية ، فهم يزعمون أن الباري تعالى مساو لغيره من الذوات ويمتاز بحالة تسمى الإلهية ، وتلك الحالة أوجبت له أحوالا أربعة.

و « الْعَنْوَةُ » بالفتح قد يراد بها القهر والغلبة وقد يراد بها الصلح ، فهي من الأضداد.

وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ : « دَخَلَهَا رَسُولُ اللهِ عَنْوَةً ». قيل : هي المرة من عَنَا يَعْنُو إذا ذل ، كأن المأخوذ بها يخضع ويذل ويقهر وقد اشتهر أن من الأراضي المفتوحة عنوة وغلبة سواد العراق والشام وخراسان وأنها للمسلمين قاطبة لا تملك على الخصوص إلا تبعا لآثار التصرف ، وأن المرجع في كونها عامرة وقت الفتح إلى القرائن المفيدة للظن المتأخم للعلم ومع الشك يرجع إلى أصالة عدم البراءة. في الدروس : في بيوت مكة خلاف مبني على أنها فتحت عنوة أو صلحا وعلى أن حكمها حكم المسجد أم لا ، ونقل عن الشيخ في الخلاف الإجماع على المنع من بيعها وإجارتها ، وهو مروي عن النبي (ص) ـ انتهى. ومنه يعلم وجه الخلاف في المسألة بل ومن غيره لما قيل من أنها فتحت عنوة على الإطلاق ، وقيل : فتحت صلحا كذلك ، وقيل : فتحت أعاليها عنوة وأسافلها صلحا. وربما انسحب هذا أيضا إلى سواد العراق لما قيل من أنها فتحت عنوة لأن الحسن والحسين كانا مع الجيش ، وقيل : لم يثبت ذلك فتكون المحاربة بغير إذن الإمام (ع) فتكون للإمام. ومما عدوا من الأراضي التي لم تفتح عنوة بل أسلم عليها أهلها طوعا المدينة المشرفة والبحرين وأطراف اليمن.

وعَنْوَنْتُ الكتاب وعَلْوَنْتُهُ باللام : جعلت له عنوانا بالضم وقد يكسر.

وعُنْوَانُ كل شيء : ما يستدل به عليه ، ومنه يقال : اكتب على العنوان لأبي فلان.

٣١٠

( عوا )

فِي الْحَدِيثِ : « كَأَنِّي أَسْمَعُ عُوَاءَ أَهْلِ النَّارِ ». يعني صياحهم.

و « الْعُوَاءُ » صوت السباع وهو بالكلب والذئب أخص ، يقال : عَوَى الكلب يَعْوِي عُوَاءً : صاح ، فهو عَاوٍ.

و « الْعَوَّاءُ » بالمد والتشديد : الكلب يعوي كثيرا.

وَفِي حَدِيثِ مَنْ قَتَلَ مُشْرِكاً : « فَتَعَاوَى الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ ». أي تعاونوا وتساعدوا.

( عيا )

قوله تعالى : ( أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ) [ ٥٠ / ١٥ ] حين أنشأناكم ، وعدل إلى الغيبة التفاتا ، يقال « عَيِيَ » من باب تعب : عجز عنه ولم يهتد لوجه مراده. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ )؟ قَالَ : « يَا جَابِرُ تَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَفْنَى هَذَا الْخَلْقَ وَهَذَا الْعَالَمَ وَسَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ جَدَّدَ اللهُ عَالَماً غَيْرَ هَذَا الْعَالَمِ وَجَدَّدَ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَلَا إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَيُوَحِّدُونَهُ ، وَخَلَقَ لَهُمْ أَرْضاً غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْضِ تَحْمِلُهُمْ وَسَمَاءً غَيْرَ هَذِهِ السَّمَاءِ تُظِلُّهُمْ. لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّ اللهَ إِنَّمَا خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ الْوَاحِدَ وَتَرَى أَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ بَشَراً غَيْرَكُمْ. بَلَى وَاللهِ لَقَدْ خَلَقَ اللهُ أَلْفَ أَلْفِ عَالَمٍ وَأَلْفَ أَلْفِ آدَمٍ وَأَنْتُمْ فِي أَوَاخِرِ تِلْكَ الْعَوَالِمِ وَأُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ : « دَوَاءُ الْعِيِ السُّؤَالُ » (٢). هو بكسر العين وتشديد الياء : التحير في الكلام ، والمراد به هنا الجهل ، ولما كان الجهل أحد أسباب الْعِيِ عبر عنه به ، والمعنى أن الذي عي فيما يسأل عنه ولم يدر بما ذا يجيب فدواؤه السؤال ممن يعلم ، والْعِيُ قد يكون في القلب وقد يكون باللسان

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٢١٩.

(٢) الكافي ج ١ ص ٤٠.

٣١١

و « أَعْيَا الرجل » أصابه الْعَيَاءُ فلم يستطع المشي.

وَفِي حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ : « فَإِنْ نَسِيَ الْإِمَامُ أَوْ تَعَايَا فَقَوِّمُوهُ ». يريد العجز وعدم الاستطاعة على الفعل.

وَفِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ (ع) : « فَإِنْ أَعْيَانَا شَيْءٌ تَلَقَّانَا بِهِ رُوحُ الْقُدُسِ ».

و « أَعْيَتِ الخيل » أتعبت ، من قولهم : « أَعْيَانِي كذا » أتعبني.

والداء الْعَيَاءُ هو الذي أعيا الأطباء ولم ينجع فيه الدواء.

باب ما أوله الغين

( غبا )

فِي الْخَبَرِ : « تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَصِحُّ لَكَ ». أي تغافل.

و « الْغَبِيُ » على فعيل : قليل الفطنة ، يقال غَبِيَ يَغْبَى من باب تعب غَبَاوَةً ويتعدى إلى المفعول بنفسه وبالحرف والجمع الْأَغْبِيَاءُ.

وغَبِيَ عليه الشيء : إذا لم يعرفه.

( غثا )

قوله تعالى : ( فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً ) [ ٢٣ / ٤١ ] أي أهلكناهم فذهبنا بهم كما يذهب السيل الغثاء ، والْغُثَاءُ بالضم والمد : ما يجيء فوق السيل مما يحمل من الزبد والوسخ وغيره. قوله تعالى : ( فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً ) أي يابسا.

وَفِي الْحَدِيثِ : « النَّاسُ ثَلَاثَةٌ : عَالِمٌ ، وَمُتَعَلِّمٌ ، وَغُثَاءٌ. فَنَحْنُ الْعُلَمَاءُ وَشِيعَتُنَا الْمُتَعَلِّمُونَ وَسَائِرُ النَّاسِ غُثَاءٌ » (١). يريد أراذل الناس وأسقاطهم ، شبههم بذلك لدناءة قدرهم وخفة أحلامهم.

وغَثَتْ نفسه تَغْثِي غَثْياً من باب رمى وغَثَيَاناً وهو اضطرابها حتى تكاد تنسبها

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٣٤.

٣١٢

من خلط ينصب إلى فم المعدة.

( غدا )

قوله تعالى : ( آتِنا غَداءَنا ) [ ١٨ / ٦٢ ] الْغَدَاءُ بالمد : الطعام الذي يؤكل أول النهار ، وهو خلاف العشاء بالمد أيضا ، ومنه يقال : « غَدَّيْتُهُ تَغْدِيَةً » إذا أطعمته الغداء.

قوله تعالى : ( غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ ) [ ٣٤ / ١٢ ] أي جريها بالغداة مسير شهر وجريها بالعشي كذلك.

قوله تعالى : ( بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) [ ٧ / ٢٠٥ ] أي بالغدوات ، فعبر بالفعل عن الوقت. والآصال هي جمع أصيل وهي العشي وقد مر بيانه.

قوله تعالى : ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) [ ٥٩ / ١٨ ] أراد به يوم القيامة ، ونكره لتعظيم أمره. وعن بعض المفسرين : لم يزل يقربه حتى جعله كالغد ، ونحوه في تقريب الزمان ( كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ).

والْغَدُ : اليوم الذي يأتي بعد يومك على أثره ، ثم توسعوا فيه حتى أطلق على البعيد المترقب. وأصله « غَدْو » كفلس فحذفوا اللام بلا عوض وجعلوا الدال حرف إعراب ـ قاله في المصباح.

وَفِي الْحَدِيثِ : « اسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ». فَالْغَدْوَةُ بفتح أوله وقيل بضمه : سير أول النهار إلى طلوع الشمس ، والرَّوْحَةُ : اسم للوقت من الزوال إلى الليل ، والدُّلْجَةُ بضم المهملة وسكون لام : سير آخر الليل أو كل الليل كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وفِيهِ « يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللهِ وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِهِ ». أراد بهما الدوام ، والمعنى يصبحون يؤذون الناس ويروعونهم ويغضب الله عليهم ، ويمسون يتفكرون في إيذائهم فيسخط الله عليهم.

وَفِي خَبَرِ حُكَّامِ الْجَوْرِ : « يَغْدُونَ فِي حُلَّةٍ وَيَرُوحُونَ فِي أُخْرَى ». أي يلبسون في أول النهار ثوبا وفي آخره ثوبا تفاخرا وتنعما.

والمحصن من له فرج يَغْدُو عليه ويروح إلا مع المانع ، أي يتصرف فيه حيث شاء

٣١٣

إلا مع حصول المانع ، والمراد الدوام.

وقولهم : « يَغْدُو بإناء ويروح به » أي يحلب بكرة وعشيا.

وغَدَا غُدُوّاً من باب قعد : ذهب غدوة ، وجمع الْغُدْوَةِ غُدًى كمدية ومدى ، هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان.

ومنه قَوْلُهُ (ع) : « اغْدُ يَا أَنَسُ ». أي انطلق.

وَفِي حَدِيثِ يَوْمِ الْفِطْرِ : « اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ » (١). أي اذهبوا إليها فحوزوها ومِنْهُ : « يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى ». أي يذهب إليه.

وأتيته غدوة غير مصروفة ـ قاله الجوهري ، لأنها معرفة مثل سحر إلا أنها من الظروف المتمكنة ، تقول : سر على فرسك غُدْوَةَ وغُدْوَةً وغُدْوَةُ وغُدْوَةٌ فما نون هذا فهو نكره وما لم ينون فهو معرفة.

وغَدَاة السبت : أوله.

والْغَدَاةُ : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

ومنه الْحَدِيثُ : « نَوْمُ الْغَدَاةِ مَشُومَةٌ ».

وصلاة الْغَدَاةِ : هي صلاة الفجر.

( غذا )

فِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ : « غَذَّانَا ـ يَعْنِي رَسُولَ اللهِ (ص) ـ بِالْعِلْمِ غِذَاءً ». أي أشبعنا فيه فلم نحتج بعد إلى سؤال.

والْغِذَاءُ ككتاب : ما يغتذى به من الطعام والشراب ، يقال : غَذَوْتُ الصبي اللبن أَغْذُوهُ فَاغْتَذَى به ، وغَذَّوْتُهُ بالتثقيل مبالغة : ربيته به ، ولا يقال : غَذَيْتُهُ بالياء ـ قاله الجوهري.

ويَتَغَذَّى بالطعام : يتربى به.

وَفِي حَدِيثِ طِفْلِ الْمُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ : « يُرْفَعُ إِلَى فَاطِمَةَ (ع) تَغْذُوهُ حَتَّى يَقْدَمَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُ أَهْلُ بَيْتِهِ فَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ » (٢).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ١١٤.

(٢) البحار ج ٣ ص ٨١.

٣١٤

وَفِي حَدِيثِ الْفِطْرَةِ : « عَلَى كُلِّ قَوْمٍ مِمَّا يَغْذُونَ بِهِ عِيَالاتِهِمْ » (١). بخفة الذال وشدتها مبالغة أي مما يطعمونهم مما فيه كفايتهم.

( غرا )

قوله تعالى : ( فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ ) [ ٥ / ١٤ ] أي هيجناها بينهم ويقال : فَأَغْرَيْنا أي ألصقنا بهم ذلك كأنه من الغراء وهو ما يلصق به.

قوله تعالى : ( لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ) [ ٣٣ / ٦٠ ] أي لنسلطنك عليهم ، يعني إن لم ينته المنافقون عن عداوتهم لنأمرنك أن تفعل بهم ما يسوؤهم ويضطرهم إلى طلب الجلاء من المدينة ، فسمي ذلك إِغْرَاءً ـ وهو التحريش ـ على سبيل المجاز.

وفي الحديث ذكر الغراء والكيمخت. الْغِرَاءُ ككتاب : شيء يتخذ من أطراف الجلود يلصق به ، وربما يعمل من السمك والْغَرَا كالعصا لغة.

والْغَرِيُ كغني : البناء الجيد ، ومنه « الْغَرِيَّانِ » بناءان مشهوران بالكوفة قاله في القاموس وهو الآن مدفن علي (ع) والْمُغْرَى بالشيء : المولع به من حيث لا يحمله عليه حامل.

ومنه قَوْلُهُ (ع) : « أَوْ مُغْرًى بِالْجَمْعِ وَالِادِّخَارِ ». أي شديد الحرص على جمع المال وادخاره كأن أحدا يغريه بذلك ويبعثه عليه.

و « الْغَرْو » العجب ، ولا غَرْوَ : أي ليس بعجب.

وغَرَوْتُ : عجبت.

وأَغْرَوْا بي : لجوا في مطالبتي.

( غزا )

قوله تعالى : ( أَوْ كانُوا غُزًّى ) [ ٣ / ١٥٦ ] أي خرجوا إلى الغزو. والْغَزْوُ : الْغَزَاةُ ، يقال : غَزَوْتُ العدو غَزْواً ، والاسم الْغَزَاةُ ، والفاعل غَازٍ ، والجمع غُزَاةٌ كقضاة ، ويأتي على غير ذلك

__________________

(١) التهذيب ج ٤ ص ٧٨.

٣١٥

أيضا (١) وجمع الغزاة غَزِيٌ على فعيل.

و « الْغَزْوَةُ » المرة والجمع غَزَوَاتٌ كشهوات.

و « الْغَازِيَةُ » تأنيث الغازي صفة الجماعة ومنه قَوْلُهُ (ص) : « كُلُّ غَازِيَةٍ غَزَتْ ».

الحديث.

وغزو العدو إنما يكون في بلاده.

و « غَزْوَانُ » اسم رجل.

و « غَزِيَّة » اسم قبيلة (٢).

( غشا )

قوله تعالى : ( فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) [ ٣٦ / ٩ ] أي جعلنا على أبصارهم غِشَاوَةً أي غطاء ، ومثله : ( وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً ) [ ٤٥ / ٢٣ ].

قوله تعالى : ( وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ ) [ ٧١ / ٧ ] أن تغطوا بها ، ومثله : ( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ ) [ ١١ / ٥ ] أي يتوارون بها كرامة لكلام الله كـ ( جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ).

وغَشَّاهُ بالتشديد تَغْشِيَةً : غطاه ، ومنه قوله تعالى : فَغَشَّاه [ ٥٣ / ٥٤ ] أي ألبسها من العذاب ما غشى ، وهو تأويل لما صب عليها من العذاب وأمطر عليها من الحجارة المسومة.

قوله تعالى : ( غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ ) [ ١٢ / ١٠٧ ] أي مجللة من عذاب الله. قوله تعالى : ( هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ ) [ ٨٨ / ١ ] يعني القيامة لأنها تغشاهم بأفزاعها.

قوله تعالى : ( وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ ) [ ٧ / ٤١ ] يعني ما يغشاهم فيغطيهم من أنواع العذاب.

__________________

(١) كغزى بضم الغين وتشديد الزأي ، وغزي كحجيج وغزاء كفساق.

(٢) غزية بن أفلت بطن من طي من كهلان من القحطانية ، وكانوا في طريق الحاج بين العراق ونجد. وغزية بن جشم بطن من هوازن من العدنانية ، وهم بنوغزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن ، كانت منازلهم مع قومهم بني جشم بالسروان بين تهامة ونجد. معجم قبائل العرب ص ٨٨٤.

٣١٦

قوله تعالى : ( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ) [ ٧ / ٥٤ ] أي يلحق الليل بالنهار والنهار بالليل بأن يأتي أحدهما عقيب الآخر فيغطي أحدهما الآخر.

وَفِي حَدِيثِ عَائِدِ الْمَرِيضِ : « وكَّلَ اللهُ بِهِ أَبَداً سَبْعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَغْشَوْنَ رَحْلَهُ » (١). بفتح الشين من غشيه بالكسر يَغْشَاهُ : إذا جاءه وقصده ، والرحل بالفتح المسكن ، والمعنى يقصدون مسكنه ويدخلونه والْغِشَاءُ ككساء : الغطاء وقد يعبر به عن الخيمة فيقال : أوتاد وغشاء.

و « غَشِيَتْهُمُ الرحمة » شملتهم ، ومنه « غَشِّنِي برحمتك » أي غطني بها.

وغَشِيَ الرجل المرأة غِشْيَاناً : إذا جامعها ، والاسم منه « الْغِشْيَانُ » بالكسر ومنه الْحَدِيثُ : « الْغِشْيَانُ عَلَى الِامْتِلَاءِ يَهْدِمُ الْبَدَنَ ».

و « غُشِيَ عليه » بالبناء للمفعول غَشْياً بفتح الغين وضمها لغة فهو مَغْشِيٌ عليه : إذا أغمي عليه ، ومنه قَوْلُهُ (ص) : « أَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ الْغَشَيَانَ ».

ومنه قَوْلُهُ (ع) : « الْخِضَابُ يَذْهَبُ بِالْغَشَيَانِ » (٢). واختلف فيه فقيل : هو تعطيل القوى المحركة لضعف القلب بسبب وجع شديد أو برد أو جوع مفرط. وقيل : هو امتلاء بطون الدماغ من بلغم بارد وغليظ.

وغَشِيَ الليل من باب تعب وأَغْشَى بالألف : أظلم.

وغَشِيَ الشيء : إذا لابسه ، ومنه فِي وَصْفِهِ تَعَالَى : « لَا تَغْشَاهُ الْأَوْهَامُ ». أي لا تباشره ولا تلابسه.

وغَشِينَا رفقة يتغدون : قصدناهم ، ومنه « أما تَغْشَى سلطان هؤلاء ».

وَفِي الْخَبَرَ : « فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ». أي أدركناه ولحقناه.

( غضا )

الْإِغْضَاءُ : التغافل عن الشيء.

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ١٢٠.

(٢) الكافي ج ٦ ص ٤٨٢.

٣١٧

والْإِغْضَاءُ : إدناء الجفون بعضها من بعض ، ومنه قول القائل في مدح علي بن الحسين عليه السلام (١) :

يُغْضِي حياء ويُغْضَى من مهابته

فلا يكلم إلا حين يتبسم

و الغضى بالقصر : شجر ذو شوك وخشبة من أصلب الخشب ولذا يكون في فحمه صلابة.

( غطا )

فِي الدُّعَاءِ : « وأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطَاءَ ». وهي كما وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ (ع) : الِاسْتِدَانَةُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْوَفَاءِ ، وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ فِي الْبَاطِلِ ، وَالْبُخْلُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ ، وَسُوءُ الْخُلُقِ وَقِلَّةُ الصَّبْرِ ، وَالْكَسَلُ ، وَالضَّجَرُ ، وَالِاسْتِهَانَةُ بِأَهْلِ الدِّينِ.

والْغِطَاءُ ككساء : الستر وما يغطى به ، وجمعه « أَغْطِيَةٌ » قيل : مأخوذ من قولهم : « غَطَا الليل يَغْطُو » إذا سترت ظلمته كل شيء.

و « غَطَّى وجهه » بالتشديد : ستره.

و « الْغِطَايَةُ » بالكسر : ما تغطيت به من حشو الثياب.

( غفا )

« أَغْفَيْتُ إِغْفَاءً » أي نمت نومة خفيفة وأنا مُغْفٍ ، ولا يقال « غفوت » وعن الأزهري : قل ما يقال غفوت.

( غلا )

قوله تعالى : ( لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) [ ٤ / ١٧١ ] أي لا تجاوزوا الحد ، بأن ترفعوا عيسى أن تدعوا له الإلهية. يقال : غَلَا في الدين غُلُوّاً من باب قعد : تصلب وتشدد حتى تجاوز الحد والمقدار ، وغَالَيْتُ الشيء وبالشيء مثله ، ومنه الْحَدِيثُ : « لَا تَغْلُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ ».

وَفِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ : « كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَى يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ الْغَالِي وَيَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِي » (٢). فَالْغَالِي من يقول في أهل

__________________

(١) من قصيدة ( للفرزدق ). انظر الإرشاد للمفيد ص ٢٤٣.

(٢) مشكاة الأنوار ص ٥٧.

٣١٨

البيت عليهم السلام ما لا يقولون في أنفسهم كمن يدعي فيهم النبوة والإلهية ، والتالي المرتاد يريد الخير ليبلغه ليؤجر عليه.

وفِيهِ : « إِنَّ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي كُلِّ خَلَفٍ عُدُولاً يَنْفُونَ عَنَّا تَحْرِيفَ الْغَالِينَ ». أي الذين لهم غلو في الدين ، كالنصيرية والمبتدعة ونحوهم.

وغَلَا السعر : ارتفع.

وأَغْلَاهُ الله : رفعه.

واشتريت شاتين بثمن غَلَاءٍ : أي مرتفع.

و « الْغَالِيَةُ » ضرب من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود ، وتَغَلَّيْتُ بالغالية وتَغَلَّلْتُ بها : إذا تطيبت بها.

وغَلَتِ القدر غَلْياً من باب ضرب وغَلَيَاناً : إذا اشتد فورانها.

وفي الحديث ذكر الْغَلْوَةِ (١) وهي بالفتح مقدار رمية سهم. وعن الليث : الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة. وعن أبي شجاع في خراجه : الْغَلْوَةُ قدر ثلاث مائة ذراع إلى أربعمائة ، والجمع « غَلَوَاتٌ » كشهوة وشهوات.

و « الْغُلَاةُ » هم الذين يغالون في علي ويجعلونه ربا ، والتخميس عندهم لعنهم الله وهو أن سلمان الفارسي والمقداد وأبا ذر وعمار وعمر بن أمية الضمري هم الموكلون بمصالح العالم عن علي (ع) وهو رب (٢).

( غما )

فِي الْحَدِيثِ : « أُغْمِيَ عَلَيْنَا الْهِلَالُ » (٣). يقال : أُغْمِيَ فهو مُغْمًى ومُغَمًّى : إذا حال دون رؤيته غيم أو قترة ، وأصل

__________________

(١) في التهذيب ج ١ ص ٢٠٣ في حديث عن علي (ع) : يطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة سهم وإن كانت سهولة فغلوتين ....

(٢) اقرأ هذه الجمل بإمعان ثم انظر إلى ما يتقوله المفرقون الدساسون على الشيعة وما ينسبون إليهم من الأكاذيب الشنيعة وهم منها براء.

(٣) في التهذيب ج ٤ ص ١٧٧ : ربما غم علينا هلال شهر رمضان.

٣١٩

التَّغْمِيَةِ الستر والتغطية ، ومنه أُغْمِيَ على المريض فهو مُغْمًى عليه وغُمِيَ عليه فهو مَغْمِىٌ عليه : إذا ستر عقله وغطي.

و « تركت فلانا غَمًى » مثل قفا أي مغشيا عليه.

و « أُغْمِيَ عليه الخبر » أي استعجم مثل غم.

ويقال : « صمنا لِلْغُمَّى ولِلْغَمَّى » إذا غم عليهم الهلال.

( غنا )

قوله تعالى : ( كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) [ ١٠ / ٢٤ ] أي كأن لم تغن زرعها على حذف المضاف أي لم ينبت ، ولا بد من حذف المضاف الذي هو « الزرع » في هذه المواضع وإلا لم يستقم المعنى ـ كذا ذكره الشيخ أبو علي ، ثم قال : وعن الحسن لم يغن بالياء على أن الضمير للمضاف المحذوف الذي هو الزرع ، والأمس مثل للوقت القريب كأنه قيل لم يوجد من قبل ـ انتهى.

وقيل : معنى ( كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) أي كأن لم تكن قبل أن حصدت معمورة.

قوله تعالى : ( مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ ) [ ٤٠ / ٤٧ ] أي دافعون عنا.

قوله تعالى : ( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ) [ ٧ / ٩٢ ] أي يقيموا فيها.

قوله تعالى ( وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) [ ٩٢ / ١١ ] أي لا يجديه ولا ينفعه.

قوله تعالى : ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) [ ٨٠ / ٣٧ ] أي يكفيه عن الاهتمام بغيره ، من « أَغْنِ عني شرك » أي اصرفه عني وكفه. قيل : ومنه ( لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً ) [ ٤٥ / ١٩ ].

وَفِي الْحَدِيثِ : « خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَتْ عَنْ ظَهْرِ غِنًى » (١). أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى. وقيل : أراد ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم ، فإذا أعطيتها غيرك أبقيت بعدها لك ولهم غنى وكانت عن استغناء منك ومنهم ، والظهر قد يرد في مثل هذا إشباعا للكلام وتمكينا ، كأن

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٢٦ : أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى.

٣٢٠