مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

١

تلامذته والراوون عنه :

تتلمذ عليه وروى عنه جماعة من العلماء ، منهم :

١ ـ المولى محمد باقر بن محمد تقى المجلسى المتوفى سنة ١١١١ ه‍.

٢ ـ السيد هاشم بن سليمان الكتكاني البحراني المتوفى سنة ١١٠٧ ه‍.

٣ ـ ولده الشيخ صفي الدين الطريحى المتوفى بعد سنة ١١٠٠ ه‍ ، فله منه ثلاث إجازات.

٤ ـ ابن أخيه الشيخ حسام الدين بن جمال الدين الطريحى المتوفى سنة ١٠٩٥ ه‍.

٥ ـ الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة ١١٠٤.

٦ ـ السيد نعمة الله الموسوى الجزائرى المتوفى سنة ١١١٢ ه‍.

٧ ـ الشيخ محمد امين بن محمد على بن فرج الله الكاظمي.

٨ ـ المولى محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازى القمي المتوفى سنة ١٠٩٨ ه‍.

٩ ـ الشيخ محمد بن عبد الرحمن المحدث الحلي ، أجاز له يوم الخميس جمادى الأولى سنة ١٠٧٠ ه‍.

١٠ ـ الشيخ عناية الله بن محمد حسين بن عناية الله بن زين الدين المشهدى.

١١ ـ السيد محمد بن إسماعيل بن محمد الحسينى النجفى ، قرأ عليه « جامع المقال » وأجاز له يوم الاثنين ربيع الاول سنة ١٠٥٩ ه‍.

١٢ ـ السيد محمود بن فتح الله الحسينى الكاظمي النجفي ، أجازه يوم الأحد ٢٤ جمادى الأولى سنة ١٠٥٩ ه‍.

١٣ ـ الشيخ عبد الواحد بن محمد البوراني النجفي.

٢

شعره :

قال الأستاذ محمد كاظم الطريحى فى مقدمته لكتاب « غريب القرآن » :

للشيخ فخر الدين شعر متفرق اقتصر أكثره على مدائح ومراثي آل البيت عليهم‌السلام فمنه قوله :

طوبى لمن أضحى هواكم قصده

وإلى محبتكم إشارة رمزه

في قربكم نيل المسرة والمنى

وجنابكم متنزه المتنزه

قلبى يهيم بحبكم تفريطه

في مثلكم والله غاية عجزه

يضحى كدود القز يتعب نفسه

في نسجه وهلاكه في نسجه

أسفاره :

حصلت له أسفار متعددة في تواريخ مختلفة ، منها سفره إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة ١٠٦٢ ، وسفره إلى خراسان لزيارة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام حيث أقام بطوس مدة ، وذهابه إلى أصبهان ومكثه هناك مدة من الزمن أيضا.

ويبدو أنه في تنقلاته وأسفاره كان لا يخلو من الاشتغال بالعلم والأخذ والإفادة والالتقاء برجالات العلم ، كما أنه لم يفتر عن التأليف والتصنيف في هذه الأسفار ، فقد أنجز طائفة من مؤلفاته في بلدان صرح بها في آخر بعض كتبه.

هكذا شأن العلماء الذين لم يجدوا متعة في الحياة أحسن من الكتاب والقلم والقرطاس ، غير عابئين بسائر المتع والملذّات.

آثاره العلمية :

كان شيخنا المترجم له خصب التأليف كثير الكتابة محققا مدققا ذائع الصيت في الأوساط العلمية ، وإليك فيما يلي ثبتا بأسماء كتبه حسب ما اطلعنا عليه :

٣

١ ـ الاحتجاج في مسائل الاحتياج.

٢ ـ الأدلة الدالة على مشروعية العمل بالظن المستفاد من الكتاب والسنة.

٣ ـ الأربعون حديثا.

٤ ـ إيضاح الأحباب في شرح خلاصة الحساب ، فرغ منه بإصبهان في التاسع من شهر رجب ١٠٧١ ه‍.

٥ ـ ترتيب خلاصة الأقوال للعلامة الحلى.

٦ ـ ترتيب مشيخة من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق.

٧ ـ تحفة الوارد وعقال الشارد ، في اللغة.

٨ ـ تحفة الاخوان في تقوية الإيمان ، ينسب إليه.

٩ ـ نقليد الميت ، رسالة في مسائله ، نقل فيها سبعة أدلة لبعض معاصريه ، وردها.

١٠ ـ التكملة والذيل والصلة للصحاح ، وهو تكملة لصحاح الجوهرى.

١١ ـ جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الدراية والرجال ، ويسمّى « تمييز المشتركات من الرجال » ، وسمي في الذريعة ب « تمييز المتشابه من الرجال » ، وهو مطبوع.

١٢ ـ جامعة الفوائد ، وهو ردّ على الأخبارى المشهور الميرزا محمد أمين الأسترابادى.

١٣ ـ جواهر المطالب في فضائل الإمام علي بن أبي طالب ، واحتمل في الذريعة أنه « الأربعون حديثا » المذكور سابقا.

١٤ ـ حاشية المعتبر فى شرح المختصر للمحقق الحلي.

١٥ ـ ديوان شعر ، وهو ثلاثة دواوين.

٤

١٦ ـ شرح مبادئ الوصول للعلامة الحلي.

١٧ ـ شفاء السائل فى مستطرفات المسائل ، فى علم مواقيت الصلاة.

١٨ ـ ضوابط الأسماء واللواحق ، فرغ منه سنة ١٠٤٩ ، وطبع بطهران سنة ١٣٧٥.

١٩ ـ الضياء اللامع فى شرح المختصر النافع للمحقق الحلي.

٢٠ ـ اللمع فى شرح الجمع.

٢١ ـ اللمعة الوافية في أصول الفقه ، ويسمى « فوائد الأصول » ، فرغ منه يوم الأربعاء سنة ١٠٥٧ ، ويفهم من عبارة الذريعة أنه يعرف ب « الاثنا عشر ».

٢٢ ـ عواطف الاستبصار.

٢٣ ـ غريب أحاديث الخاصة.

٢٤ ـ غريب القرآن ، طبع فى النجف الأشرف سنة ١٣٧٢ ، واسمه الكامل « نزهة الخاطر وسرور الناظر وتحفة الحاضر ومتاع المسافر ».

٢٥ ـ الفخرية الكبرى في الفقه.

٢٦ ـ الفخرية الصغرى ، وهو مختصر من الكتاب السابق.

٢٧ ـ الفوائد الفخرية.

٢٨ ـ الفوائد من كتاب الضياء اللامع.

٢٩ ـ كشف غوامض القرآن ، وهو فهرس للآيات الكريمة.

٣٠ ـ كنز الفوائد في تلخيص الشواهد ، ملخص كتاب « معاهد التنصيص على شواهد التلخيص ».

٣١ ـ الكنز المذخور فى عمل الساعات والأيام والليالى والشهور.

٥

٣٢ ـ مجمع البحرين ومطلع النيرين وهو هذا الكتاب.

٣٣ ـ مجمع الشتات في النوادر والمتفرقات.

٣٤ ـ المستطرفات في شرح نهج الهداة ، وهو شرح على نهج البلاغة.

٣٥ ـ مشارق النور للكتاب المشهور ، وهو تفسير مختصر يعرف أيضا ب « المشارق الطريحية ».

٣٦ ـ المقتل ، ولعله هو كتاب « المنتخب » الذى سيذكر.

٣٧ ـ مقدمة النكت الفخرية ، فى أصول الفقه.

٣٨ ـ المنتخب في جمع المراثي والخطب ، وهو ثلاثة كبير ووسيط وصغير ، والمطبوع مكررا في طهران وبومبى والنجف الأشرف وبيروت هو الوسيط.

٣٩ ـ النكت اللطيفة في شرح الصحيفة ، وهو شرح على « الصحيفة السجادية ».

٤٠ ـ نزهة الناظر في تفسير القرآن الكريم ، ويفهم من الذريعة أنه غير « غريب القرآن » المذكور سابقا.

هذا ما عدا بعض الإجازات والتعاليق والكتابات المتفرقة الموجودة كثير منها في المكتبات وعند بعض أحفاده.

وفاته :

توفي ـ قدس‌سره ـ في الرماحية سنة ١٠٨٧ (١) ، ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن بظهر الغرى ، وقد شيعه من الرماحية إلى النجف خلق كثير ، وكان يوم وفاته يوما مشهودا لم ير يوم أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والمؤالف.

وقد أرخ عام وفاته تلميذه الشيخ محمد أمين الكاظمى بأبيات فقال :

__________________

(١) أرخ الشيخ حسن البلاغى وفاة المؤلف فى كتابه « تنقيح المقال » سنة ١٠٨٥ ، وسرى هذا السهو إلى جماعة من أرباب المعاجم.

٦

رزء أصاب حشى الهدى والدين

مذ فخره أودى بسهم منون

علم له علم العلوم وفضله

منشور أعلام ليوم الدين

سل ( مجمع البحرين ) والدرر التي

جمعت به من علمه المخزون

وانظر لتأليفاته وبيانه

الشافى بعين بصيرة ويقين

تجد الهدى في فعله والحكم

فى أقواله بالفضل والتبيين

مصادر الترجمة :

١ ـ أمل الامل ، للحر العاملى ٢ / ٢١٤.

٢ ـ لؤلؤة البحرين ، للشيخ يوسف البحراني ٦٦ ـ ٦٨.

٣ ـ الاعلام ، لخير الدين الزركلى ٦ / ٣٣٧.

٤ ـ هدية العارفين ، للبغدادى ١ / ٤٣٢.

٥ ـ روضات الجنات ، للسيد الخونسارى ٥ / ٣٤٩ ـ ٣٥٣.

٦ ـ نجوم السماء ، للكشميرى ص ١٠٦.

٧ ـ الكنى والألقاب ، للمحدث القمى ٢ / ٤٤٨.

٨ ـ ريحانة الأدب ، للمدرس الخيابانى ٤ / ٥٣ ـ ٥٥.

٩ ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء للأفندى ( مخطوط ).

١٠ ـ ماضى النجف وحاضرها ، للشيخ محبوبه ٢ / ٤٥٤.

١١ ـ مراقد المعارف ، للشيخ حرز الدين ١ / ٤١٧.

١٢ ـ مصطفى المقال ، للشيخ آغا بزرك الطهرانى ص ١٤٩.

__________________

لا فخر حيث تضيف أصحاب الكسا

أرخ ( وطيدا بعد فخر الدين ) (١)

٧

١٣ ـ الذريعة ، للشيخ الطهراني أيضا ، فى مختلف الأجزاء.

١٤ ـ اعلام العرب للأستاذ عبد الصاحب الدجيلى.

١٥ ـ مستدرك الوسائل ، للمحدث النورى ٣ / ٣٨٩.

١٦ ـ أعيان الشيعة ، للسيد الأمين ٤٢ / ٢٥٤ ـ ٢٦٨.

١٧ ـ مجلة لغة العرب ، السنة السادسة ١٠.

١٨ ـ مجلة العرفان ، السنة السادسة عشر ، ج ١.

١٩ ـ مقدمة غريب القرآن ، للأستاذ محمد كاظم الطريحى.

٢٠ ـ شعراء الغرى ، للأستاذ على الخاقانى ٧ / ٦٨.

٢١ ـ أدب الطف ، للسيد جواد شبر ٥ / ١١٨.

٢٢ ـ معجم رجال الفكر فى النجف ، للأستاذ الأمينى ص ٢٩٠.

٢٣ ـ لباب الألقاب ، للكاشانى ص ١٣١.

٢٤ ـ معجم المطبوعات العربية ، لاليان سركيس ٢ / ١٨٤٥.

٢٥ ـ معجم المؤلفين ، للاستاذ كحالة ٨ / ٥٥.

__________________

(١) مجموع التاريخ يكون ١٠٨١ ، فيضاف إليه عدد أصحاب الكساء وهم خمسة ومع عد جبرائيل منهم فيكمل التاريخ ١٠٨٧.

٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين

الحمد لمن ( خَلَقَ الْإِنْسانَ ) ، و ( عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) والتبيان ، وأوضح له الهدى والإيمان ، والصلاة على من خُصّ بالفرقان ، والآثار المحمودة الحسان ، وآله حجج الرحمن ، المطهرين عن الرجس بنص القرآن.

أما بعد :

فلما كان العلم باللغة العربية من الواجبات العقلية ، لتوقف العلوم الدينية عليه ، وجب على المكلفين معرفته والالتفات إليه ، وحيث لا طريق إلى معرفة غير المتواتر منها سوى الآحاد المستفادة من التتبع والاستقراء مست الحاجة إلى ضبط ما هو بالغ في الاتفاق حدا يقرب من الإجماع ويوثق به في الانتفاع.

ولما صنف في إيضاح غير الأحاديث المنسوبة إلى الآل كتب متعددة ودفاتر متبددة ، ولم يكن لأحد من الأصحاب ولا لغيرهم من أولي الألباب مصنف مستقل موضح لأخبارنا مبين لآثارنا ، وكان جمع الكتب في كل وقت متعبا وتحصيلها عن آخرها معجزا معجبا ووفق الله سبحانه المجاورة لبيته الحرام وللحضرة الرضوية على مشرفها السلام وظفرت هناك وهنالك بعدد عديد من الكتب اللغوية كصحاح الجوهري ، والغريبين للهروي ، والدر النثير ، ونهاية ابن الأثير ، وشمس العلوم ، والقاموس ، ومجمع البحار المأنوس ، وفائق اللغة ، وأساسها ، والمجمل من أجناسها ، والمغرب

٩

الغريب ، وشرح النهج العجيب ، ونحوها من الكتب المرضية والشروح المطلعة على النكت الخفية حداني ذلك على الشروع في تأليف كتاب كاف شاف يرفع عن غريب أحاديثنا أستارها ، ويدفع عن غير الجلي منها غبارها.

ثم إني شفعته بالغرائب القرآنية والعجائب البرهانية ليتم الغرض من مجموعي الكتاب والسنة لمن رام الانتفاع بهما ، ويتحصل المطلوب فيه من كل منهما ، إذ لا يجد الجلم (١) كل واجد ، وليس العلم مخصوصا منهما بواحد.

ثم إني اخترت لترتيبه من الكتب الملاح ما أعجبني ترتيبه من كتاب الصحاح ، غير أني جعلت بابي الهمزة والألف بابا واحدا ليكون التناول أسهل والانتشار أقل.

وحين تم التأليف صببته في قالب الترصيف ، معلما لكل حرف من حروف الهجاء كتابا ، ولكل كتاب أبوابا ، باذلا فيه جهدي ، مغنيا فيه كدي ، طالبا فيه رضى ربي ، إنه وليي وحسبي. وسميته ب ( مجمع البحرين ومطلع النيرين ).

__________________

(١) الجلم : آلة كالمقص لجز الصوف ، وقد أخرجه هنا على مخرج المثال.

١٠

كتاب الألف

١١
١٢

باب الألف المفردة

( أ ) الألف المفردة على ضربين : ليِّنة ومتحرّكة ، واللينة تسمّى « ألفا » والمتحركة تسمى « همزة ». والألف قد تكون منقلبة عن الواو كغزا أو عن الياء كرمى (١) ، وقد لا تكون كذلك كإلى وإذا وحتى ، وقد تكون من حروف المد واللين والزيادات ، وقد تكون في الأفعال ضمير الاثنين كفعلا ويفعلان ، وتكون في الأسماء علامة الاثنين ودليلا على الرفع نحو « رجلان ». والهمزة قد ينادى بها تقول : « أزيد أقبل » إلا أنها للقريب دون البعيد لأنها مقصورة ، وقد تزاد في الكلام للاستفهام تقول : « أزيد عندك أم عمرو ». فإن اجتمعت همزتان فصلت بينهما بألف ، قال ذو الرمة (٢)

أيا ظبية الوعساء بين جلاجل

وبين النقا آأنت أم أم سالم

والهمزة أصل أدوات الاستفهام ولهذا اختصت بأحكام : أحدها : جواز حذفها ـ سواء تقدمت على أم كقول عمر بن أبي ربيعة :

بسبع رمين الجمر أم بثمان (٣)

أم لم تقدم كقوله :

أحيا وأيسر ما قاسيت قد قتلا

الثاني : أنها ترد لطلب التصور نحو

__________________

(١) يذكر في « فعا » قلب الألف واوا في الوقف ، وفي « أحد » إبدال الهمزة واوا ، وفي « نجد » في همزة باب الإفعال ، وفي « يمن » في همزة الوصل ـ ز.

(٢) ( ذو الرمة ) : هو أبو الحارث غيلان بن عقبة ينتهي نسبه إلى نزار ، الشاعر المشهور ، أحد فحول الشعراء. والرمة ـ بالضم : قطعة من حبل ، ويكسر ، ولقب بذلك لقوله : « أشعث وباقي رمة القليد » وأراد بالأشعث : المرتد ، بحصول الشعث برأسه من كثرة الدق ، وبرمة القليد من حبل : التي يقلد بها. والمعنى : رمة تقليده باقية ـ م.

(٣) في ديوانه ص ٥٩.

١٣

« أزيد قائم أم عمرو » ولطلب التصديق نحو « أزيد قائم » وهل مختصة بطلب التصديق نحو « هل قام زيد » وبقية الأدوات مختصة بطلب التصور نحو « من جاءك » و « ما صنعت » و « كم مالك » و « أين بيتك » و « متى سفرك ».

الثالث : أنها تدخل على الإثبات ـ كما تقدم ـ وعلى النفي نحو ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ).

الرابع : تمام التصدير بها ، وذلك أنها إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بثم قدمت على العاطف ، تنبيها على أصالتها في التصدير نحو ( أَوَلَمْ يَنْظُرُوا ) ، ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا* ) ، ( أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ) وأما أخواتها فتتأخر عن العاطف ـ كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة ـ نحو : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ ) ، ( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) ، ( فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ* ) ، ( فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ ) ، ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ) ، ( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) ـ هذا هو مذهب سيبويه وعليه الجمهور.

وزعم جماعة ـ منهم الزمخشري ـ : أن الهمزة في تلك المواضع في محلها الأصلي ، وأن العطف على جملة مقدرة بينها وبين العاطف ، والتقدير ( أَ ) مكثوا ( فَلَمْ يَسِيرُوا ) ، ( أَ ) نهملكم ( فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) ، ( أَ ) تؤمنون به في حياته ( فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ ) ، ( أَ ) نحن مخلدون ( فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ). وهو تكلف بما لا حاجة إليه.

وقد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي.

فتكون للتسوية نحو قوله تعالى : ( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ).

وللإنكار الإبطالي ، فتقتضي بطلان ما بعدها وكذب مدعيه نحو ( أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ ). وللإنكار التوبيخي ، فيقتضي أن ما بعدها واقع وفاعله ملوم نحو : ( أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ ).

وللتقرير ، ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر استقر ثبوته عنده أو نفيه ، ويجب أن يليها الشيء المقر

١٤

به ، تقول في التقرير بالفعل : « أضربت زيدا » وبالفاعل : « أأنت ضربت زيدا » وبالمفعول : « أزيدا ضربت ».

وللتهكم نحو ( أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا ).

وللأمر نحو ( أَأَسْلَمْتُمْ ).

وللتعجب نحو ( أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ ).

وللاستبطاء نحو ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ).

والهمزة على ضربين : ألف وصل وألف قطع ، فكل ما يثبت في الوصل فهو ألف القطع وما لم يثبت فهو ألف الوصل. وألف القطع قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام ، وقد تكون أصلية مثل « أَخَذَ » و « أَمَرَ ».

باب ما أوله الهمزة

( أبا )

قوله تعالى : ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ) جعل إبراهيم أبا للأمة كلها ، لأن العرب من ولد إسماعيل وأكثر العجم من ولد إسحاق ، ولأنه أبو رسول الله (ص) وهو أب لأمته ، فالأمة في حكم أولاده ، ومثله قوله : ( وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ) أضيف الأب إليهما لأنه من نسلهما (١). وقد تجعل العرب العمّ أبا والخالة أمّا ، ومنه قوله تعالى : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ) يعني الأب والخالة ، وكانت أمّه راحيل قد ماتت (٢). قوله : ( أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ

__________________

(١) ويذكر في « أزر » تسمية العم بالأب ـ ز.

(٢) أي جعل إبراهيم وإسحاق أبا ، لأن يعقوب من نسلهما ، وأما إسماعيل فجعله أبا لكونه عما ليعقوب. وفي بعض النسخ : « أضيف الأب إليه لأنه من نسله » والمراد من الأب هو الجنس ـ ن.

١٥

شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) قال الشيخ أبو علي (ره) : أخبر سبحانه عن الكفار منكرا عليهم ( أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ ) أي يتبعون آباءهم فيما كانوا عليه من الشرك وعبادة الأوثان ، وإن كان آباؤهم ( لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً ) من الدين ( وَلا يَهْتَدُونَ ) إليه. وفي هذه الآية دلالة على فساد التقليد وأنه لا يجوز العمل به في شيء من أمور الدين إلا بحجة ، وفيها دلالة على وجوب المعرفة وأنها ليست ضرورية ، لأنه سبحانه بيّن الحِجَاج عليهم ليعرفوا صحة ما دعاهم الرسولُ إليه ، ولو كانوا يعرفون الحق ضرورة لم يكونوا مقلِّدين لآبائهم.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كُلُّكُمْ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا مَنْ أَبَى ». أي امتنع وترك الطاعة التي يستوجب بها الجنة.

ومثله : « الْمَلَأُ أَبَوْا عَلَيْنَا ». أي امتنعوا من إجابتنا إلى الإسلام.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ (ع) ـ وَقَدْ جَمَعَ وُلْدَهُ لِلْوَصِيَّةِ وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ ذَكَراً ـ : « إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَ أَبَى إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ فِيَّ سُنَّةً مِنْ يَعْقُوبَ ».

ومنه : « أَبَى اللهُ أَنْ يُعْبَدَ إِلَّا سِرّاً ». أي كره ذلك في الدولة الظالمة دولة الشيطان ، وذلك لأن الدولة دولتان : دولة الشيطان ودولة الرحمن ، فإذا كانت العبادة سرّا فالدولة دولة الشيطان ، وإذا كانت العبادة جهرا فالدولة دولة الرحمن.

و « أَبَوْتُ الصبيَ أَبْواً » : غَذَوْتُه.

وبذلك سمّي الأَبُ أَباً.

والأَبُ لامه محذوفة وهي واو.

ويطلق على الجدّ مجازاً.

وفي لغة قليلة تشدّد الباء عوضا عن المحذوف فيقال : « هو الأبُ ».

وفي لغة يلزم التقصير مطلقا فيقال : « هذا أبَاهُ » و « رأيت أبَاهُ » و « مررت بِأَبَاهُ ».

وفي لغة الأقل يلزمه النقص مطلقا ، فيستعمل استعمال « يد » و « دم ».

والأُبُوَّةُ : مصدر من الأب ، مثل الأمومة والأخوة والعمومة والخؤولة.

والأبَوَانِ : الأب والأم.

١٦

وإذا جمعت الأب بالواو والنون قلت : « أبُونَ ».

قال الجوهري : وعلى هذا قرأ بعضهم : وإله أَبِيكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق يريد جمع « أب » أي أَبِينَك ، فحذفت النون للإضافة.

والنسبة إلى أب « أَبَوِيّ ».

وفِي الْحَدِيثِ : « بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللهِ ». وهذه الباء يسمّيها بعض النحاة باء التَّفْدِيَة يحذف فعلها في الغالب ، والتقدير : « نُفَدِّيكَ بآبائنا وأمهاتنا ». وهي في التحقيق باء العوض نحو « خُذْ هذا بهذا ».

قال بعض المحققين : وعُدَّ منه قوله تعالى : ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ، ثم قال : ويمكن جعل الباء في الحديث للمعية أيضا والمعنى : « نحن فداء مع آبائنا وأمهاتنا ».

وقولهم : « يا أبَةِ افعل » يجعلون علامة التأنيث عوضا عن ياء الإضافة ، كقولهم في الأم : « يا أمة ».

قال الجوهري : تقف عليها بالهاء إلا في القرآن فإنك تقف بالياء.

وفِي الْحَدِيثِ : « لِلَّهِ أَبُوكَ ». قيل : الأصل فيه أنه إذا أضيف شيء إلى عظيم اكتسي عظما كبيت الله ، فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه قيل : « لله أبُوكَ » للمدح والتعجب ، أي لله أبوك خالصا حيث أتى بمثلك.

ومثله : « لله دَرُّهُمْ » فإنه دعاء لهم بالخير ، بخلاف « لله أبُوهُمْ » فقيل : هو تهزُّؤ ، وقيل : تعجُّب منهم وليس بدعاء.

وقولهم : « لا أبَا لك » قد يكثر في المدح ، أي لا كافي لك غير نفسك ، وقد يذكر في الذم كـ « لا أم لك » ، وقد يذكر في التعجب ، وبمعنى جد في الأمر وشمر ، لأن من له أب اتَّكل عليه. واللام زيدت لتأكيد الإضافة كما زيدت في قوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ) مؤكدة لإرادة التبيين.

وقد يقال : « لا أبَاكَ » بترك اللام.

وأُبَيّ ـ بضم الهمزة وتشديد الياء ـ :

١٧

اسم رجل من القراء ، ومنه : « نَحْنُ نَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيّ ». وأنكروا قراءة ابن مسعود لأنه ضال (١).

والأَبْوَاء ـ بفتح أوّله وسكون ثانيه والمدّ أخيرا ـ : مكان بين الحرمين عن المدينة نحوا من ثلاثين ميلا. نقل أنه مولد أبي الحسن موسى عليه‌السلام ـ (٢) وفيه قبة آمنة أم النبي (ص). سمّي بذلك لتبوُّء السّيل ونزوله فيه.

( أتا )

قوله : ( فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ ) أي أعطت ثمرتها ضعفي غيرها من الأرضين.

قوله : ( وَآتُوا الزَّكاةَ ) أي أعطوها ، يقال : « آتَيْتُه » أي أعطيته.

وأتَيْتُه ـ بغير مدّ ـ أي جئته.

قوله : ( آتِنا غَداءَنا ) أي ائتنا به.

قوله : ( وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا ) أي أعطوا أزواجهن ما أنفقوا ، أي ادفعوا إليهم المَهْر.

قوله : ( وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ ) أي جازاهم.

قوله : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) أي ما ينظر هؤلاء إلا أن تأتيهم ملائكة الموت أو العذاب ( أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ) أي كل آيات ربك ، بدلالة قوله : ( أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) يريد آيات القيامة والهلاك الكلي ، وبعض الآيات أشراط الساعة ، كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك ، ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) التي يزول التكليف عندها ( لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ ) أي لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا لم تقدم إيمانها من قبل ظهور الآيات ـ قاله الشيخ أبو علي (ره).

قوله : ( حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ) أي تشرع لنا تقريب قربان تأكله النار.

قوله : ( أَتى أَمْرُ اللهِ ) أي أتى وعدا فلا تستعجلوه وقوعا ، فإن العرب تقول :

__________________

(١) أبو الطفيل أبي بن كعب بن قيس الأنصاري ، أحد القراء السبعة ، ويستفاد من الحديث المذكور أن قراءته مرضية عند أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ـ انظر تنقيح المقال ١ / ٤٤.

(٢) الكافي ٢ / ٦٣٤.

١٨

« أتَاكَ الأمرُ وهو متوقّع ».

قوله : ( أَتَيْنا طائِعِينَ ) أي جئنا طائعين ، وقرأ ابن عباس بالمد فيكون المعنى : « أعطينا الطاعة ».

قال الشيخ محمد بن محمد بن النعمان (ره) : هو سبحانه وتعالى لم يخاطب السماء بكلام ولا السماء قال قولا مسموعا ، وإنما أراد أنه عمد إلى السماء فخلقها ولم يتعذر خلقها عليه ، وكأنه لما خلقها قال لها وللأرض : ( ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ) فلما فعلتا بقدرته كانتا كالقائلتين : ( أَتَيْنا طائِعِينَ ) ، ومثل ذلك كثير في محاورات العرب.

قوله : ( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) أي أتى مكرهم من أصله ، وهو تمثيل لاستيصالهم ، والمعنى أنهم فعلوا حيلا ليمكروا الله بها فجعل الله هلاكهم في تلك الحيل ، كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين وأتى البنيان من الأساطين بأن ضعفت فسقط عليهم السقف فهلكوا.

وفي التفسير : أراد صرح نمرود.

قوله : ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) الضمير للقرآن ، أي ليس فيه ما لا يطابق الواقع لا في الماضي ولا في الحال ـ كذا روي عن أهل البيت عليهم‌السلام (١).

قوله : ( وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ) أي يشبه بعضه بعضا ، فجائز أن يشتبه في اللون والخلقة ويختلف بالطعم ، وجائز أن يشتبه بالنبل والجودة فلا يكون فيه ما يفضله غيره قوله حكاية عن الشيطان : ( ثُمَ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ) الآية ، أي لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي العدو منها في الغالب ، وهذا مثل لوسوسته إليهم على كل وجه يقدر عليه.

وعَنِ الْبَاقِرِ (ع) قَالَ : ( لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ) يَعْنِي أُهَوِّنُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ الْآخِرَةِ ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ ) آمُرُهُمْ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَالْبُخْلِ بِهَا عَنِ الْحُقُوقِ لِتَبْقَى لِوَرَثَتِهِمْ ( وَعَنْ أَيْمانِهِمْ ) أُفْسِدُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ بِتَزْيِينِ الضَّلَالَةِ وَتَحْسِينِ الشُّبْهَةِ ( وَعَنْ شَمائِلِهِمْ ) بِتَحْبِيبِ اللَّذَّاتِ إِلَيْهِمْ وَتَغْلِيبِ الشَّهَوَاتِ عَلَى قُلُوبِهِمْ (٢).

__________________

(١) البرهان ٤ / ١١٢.

(٢) البرهان ٢ / ٥.

١٩

وعن بعض المفسرين : إنما دخلت « من » في القدام والخلف و « عن » في الشمال واليمين لأن في القدام والخلف معنى طلب النهاية وفي اليمين والشمال الانحراف عن الجهة.

قوله : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي يعطون ما أعطوا.

وقرئ يُؤْتُونَ ما أَتَوْا بغير مدّ ، أي يفعلون ما فعلوا ( وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي يعملون العمل وهم يخافونه ويخافون لقاء الله.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ (ع) : « مَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ أَتَوْا وَاللهِ بِالطَّاعَةِ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَالْوَلَايَةِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ خَائِفُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ ، وَلَيْسَ ـ وَاللهِ ـ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ إِصَابَةِ الدِّينِ وَلَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي الْمَحَبَّةِ وَالطَّاعَةِ » (١).

والْمَأْتِيُ : الآتِي (٢) ومنه قوله تعالى : ( كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ).

وفِي حَدِيثِ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) قَالَ : « تَضَعَ عَنْهُ مِنْ نُجُومِهِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تُرِيدُ أَنْ تَنْقُصَهُ مِنْهَا .. » الحديث (٣).

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : « يَضَعُ عَنْهُ مِمَّا يَرَى أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَيْهِ ».

وفي كلام بعض المحقّقين : يجب على المولى إعانته من مال الزكاة لقوله تعالى : ( وَآتُوهُمْ ) الآية ، لأن مال الله هو الزكاة على ما هو المعروف ضد الإطلاق ،

__________________

(١) البرهان ٣ / ١١٤.

(٢) جاء الفاعل في القرآن بمعنى المفعول في موضعين : الأول قوله تعالى : ( لا عاصم اليوم من أمر الله ) أي لا معصوم ، الثاني قوله تعالى : ( ماء دافق ) بمعنى مدفوق. وجاء المفعول بمعنى الفاعل في ثلاث مواضع : الأول قوله تعالى : ( حجابا مستورا ) أي ساترا ، الثاني قوله تعالى : ( كان وعده مأتيّا ) أي آتيا ، الثالث قوله تعالى : ( جزاء موفورا ) أي وافرا ـ ه.

(٣) المراد من النجوم الأقساط التي يضمن السيد أن يأخذها من المكاتب. والحديث صحيح. الوسائل الباب التاسع من أبواب المكاتبة ـ ن.

٢٠