مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

تمزق السحاب. وعن بعض أهل التحقيق أن الصَّبَا محلها ما بين مطلع الشمس والجدي في الاعتدال ، والشمال محلها من الجدي إلى مغرب الشمس في الاعتدال ، والدبور من سهيل إلى المغرب ، والجنوب من مطلع الشمس إليه. وقد نظم ذلك بعضهم فقال :

مهب الصبا من مطلع الشمس واصل

إلى الجدي والشمال حتى مغيبها

وبين سهيل والغروب تفردت

دبور ومطلعها إليه جنوبها

( صحا )

الصَّحْوُ : ذهاب الغيم ، يقال : « أَصْحَتِ السماء » بالألف أي انقشع عنها الغيم فهي مُصْحِيَةٌ. وعن الكسائي لا يقال : « أَصْحَتْ فهي مُصْحِيَةٌ » وإنما يقال : صَحَتْ فهي صَحْوٌ ، وأَصْحَى اليوم فهو مُصْحٍ ، و « أَصْحَيْنَا » صرنا في صَحْوٍ. وعن السجستاني : العامة تظن أن « الصَّحْو » لا يكون إلا ذهاب الغيم ، وليس كذلك وإنما الصَّحْوُ تفرق الغيم مع ذهاب البرد.

و « صَحَا من سكره صَحْواً » أي زال سكره فهو صَاحٍ.

( صدا )

قوله تعالى : ( مُكاءً وَتَصْدِيَةً ) [ ٨ / ٣٥ ] قيل : المكاء الصفير ، والتَّصْدِيَةُ تفعلة من الصدى وهو أن يضرب بإحدى يديه على الأخرى فيخرج بينهما صوت وهو التصفيق.

قوله تعالى : ( فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ) [ ٨٠ / ٦ ] أي تعرض وتقبل عليه بوجهك ، من « التَّصَدِّي » وهو الاستشراف إلى الشيء ناظرا إليه ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ (ره) : وَقِرَاءَةُ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) تُصَدَّى بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتُلَهَّى بِضَمِّ التَّاءُ أَيْضاً (١).

وَفِي الْخَبَرِ : « فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّى لَهُ (ص) لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ ». أي يتعرض له ، والْمُصَادَّةُ : المعارضة.

و « صَدَى » كنوى : ذكر البوم.

و « صَدَأَ الحديد » وسخه ، وصَدِئَ

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٣٦.

٢٦١

الحديد صَدَءاً من باب تعب إذا علاه الخرب وَفِي الْخَبَرِ : « إِنَّ هَذَا الْقَلْبَ يَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ ». أي يركبه الرين بمباشرة المعاصي والآثام فيذهب بجلائه.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : « يَصْدَأُ الْقَلْبُ فَإِذَا ذَكَرْتَهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ انْجَلَى ».

و « صَدِيَ صَدىً » من باب تعب : عطش ، فهو صَادٍ وصَدْيَانُ وامرأة صَدْيَا وقوم صِدَاءٌ أي عطاش.

و « الصَّدَى » صوت يسمعه المصوت عقيب صوته راجعا إليه من جبل أو بناء مرتفع.

و « الصَّدَى ما يخرج من الآدمي بعد موته وحشو الرأس والدماغ.

( صرا )

فِي الْحَدِيثِ : « لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَإِنَّهُ خِدَاعٌ ». أي لا تفعلوا ذلك فإنه خداع ، التَّصْرِيَةُ فيما بينهم هي تحفيل الشاة والبقرة والناقة وجمع لبنها في ضرعها بأن تربط أخلافها ويترك حلبها اليوم واليومين والثلاثة ليتوفر لبنها ليراه المشتري كثيرا فيزيد في ثمنها وهو لا يعلم. يقال : « صَرِيَتِ الناقة » من باب تعب فهي صَرِيَةٌ ، و « صَرَيْتُهَا صَرْياً » من باب رمى ، والتضعيف مبالغة وتكثير : إذا تركت حلبها وجمعت لبنها.

( صعا )

في الحديث ذكر « الصَّعْوَةِ » كتمرة ، قيل : هي اسم طائر من صغار العصافير أحمر الرأس ، والجمع صَعْوٌ وصِعَاءٌ كدلو ودلاء.

( صغا )

قوله تعالى : ( وَلِتَصْغى إِلَيْهِ ) [ ٦ / ١١٣ ] أي يميل إليه ، أي إلى هذا الوحي ( أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) ، أي قلوبهم. فالعامل في قوله تعالى : ( وَلِتَصْغى ) قوله ( يُوحِي ) ولا يجوز أن يكون العامل فيه ( جَعَلْنا ) لأن الله لا يريد إصغاء القلوب إلى الكفر ووحي الشياطين.

قوله تعالى : ( إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ) [ ٦٦ / ٤ ] قال الشيخ

٢٦٢

أبو علي : هو خطاب لعائشة وحفصة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما ، ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ) أي وجد منهما ما يوجب التوبة وهو ميل قلوبكما عن الواجب فيما يخالف رسول الله (ص) من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه ، أو إن تتوبا إلى الله مما هممتما من الشتم فقد زاغت قلوبكما.

و « صَغِيَ يَصْغَى صَغاً » من باب تعب وصُغِيّاً على فعول و « صَغَوْتُ » من باب قعد لغة. وبالأولى جاء القرآن.

و « صَغَتِ النجوم » مالت للغروب.

و « أَصْغَيْتُ بسمعي ورأسي » أملتهما.

( صفا )

قوله تعالى : ( أَفَأَصْفاكُمْ ) [ ١٧ / ٤٠ ] أي آثركم.

قوله تعالى : ( إِنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) [ ٢ / ١٥٨ ] هما جبلان معروفان بمكة يسعى بينهما ، ويجوز التذكير والتأنيث في الصَّفَا باعتبار لفظ المكان والبقعة ، ويستعمل في الجمع والمفرد ، فإذا استعمل في المفرد فهو الحجر وإذا استعمل في الجمع فهو الحجارة الملساء ، الواحدة « صفوانة ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّمَا سُمِّيَ الصَّفَا صَفَا لِأَنَّ الْمُصْطَفَى آدَمَ هَبَطَ عَلَيْهِ فَقُطِعَ لِلْجَبَلِ اسْمٌ مِنِ اسْمِ آدَمَ ، وَهَبَطَتْ حَوَّاءُ عَلَى الْمَرْوَةِ فَسُمِّيَتِ الْمَرْوَةَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ أُهْبِطَتْ عَلَيْهَا فَقُطِعَ لِلْجَبَلِ اسْمٌ مِنِ اسْمِ الْمَرْأَةِ » (١).

قوله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) [ ٣٥ / ٣٢ ] قيل : هم علماء الأمة لما رُوِيَ : « أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ » (٢). وَفِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ (ع) قَالا : « هِيَ لَنَا خَاصَّةً وَإِيَّانَا عَنَى » (٣). وقوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ١٦٩.

(٢) الكافي ج ١ ص ٣٢.

(٣) البرهان ج ٣ ص ٣٦٩.

٢٦٣

ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) قيل : الضمير للعباد ، لأن من عباده من هو ( ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) ومن هو ( مُقْتَصِدٌ ) ومن هو ( سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ). وقيل : الضمير للذين اصطفاهم لكنه لا يلائم قوله : ( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) كما ترى. وفِي تَفْسِيرِ الشَّيْخِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (١) : ( فَمِنْهُمْ ) أَيْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ ( ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) وَهُوَ الْجَاحِدُ لِلْإِمَامِ ( وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) وَهُوَ الْمُقِرُّ بِالْإِمَامِ ( وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) هُوَ الْإِمَامُ (٢). قوله تعالى : ( كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ ) [ ٢ / ٢٦٤ ] صَفْوَانٌ اسم للحجر الأملس ، وهو اسم واحد معناه جمع واحده « صفوانة » أيضا.

و « صَفَا الماء صُفُوّاً » من باب قعد وصَفَاءً ممدودا : إذا خلص من الكدر.

و « صَفَّيْتُهُ من القذر تَصْفِيَةً » أزلته عنه.

و « صَفْوُ الشيء » خالصه وخياره.

وَفِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ (ع) : « نَحْنُ قَوْمٌ فَرَضَ اللهُ طَاعَتَنَا ، لَنَا الْأَنْفَالُ وَلَنَا صَفْوُ الْمَالِ » (٣). أي جيده وأحسنه كالجارية الفاره والسيف القاطع والدرع قبل أن تقسم الغنيمة ، فهذا صفو المال.

وفِي آخَرَ : « لِلْإِمَامِ صَوَافِي الْمُلُوكِ ». وهي ما اصطفاه ملك الكفار لنفسه ، وقيل : الصَّوَافِي ما ينقل والقطائع ما لا ينقل ، وقد اصْطَفَى رسول الله يوم بدر سيف منبه بن الحجاج وهو ذو الفقار اختاره لنفسه.

و « محمد (ص) صَفْوَةُ الله من خلقه » أي اصطفاه.

__________________

(١) هو أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب ، سمع فأكثر ، وصنف كتبا كثيرة ، وأضر في وسط عمره ، توفي سنة ٢٠٢ ه‍ ، طبع تفسيره بإيران سنة ١٣١٣ ه‍. رجال النجاشي ص ١٩٧ ، تنقيح المقال ج ٢ ص ٢٦٠.

(٢) انظر التفسير ص ٥٤٦.

(٣) الكافي ج ١ ص ١٨٦.

٢٦٤

و « صَفْوَةُ المال » بحركات الصاد : جيده ، فإذا نزعوا الهاء قالوا : « صَفْوُ المال » بالفتح لا غير.

و « الصَّافِيَةُ » أحد الحيطان السبعة لفاطمة (ع).

وصَفْوَانُ بن يحيى البجلي الثقة أحد رواة الحديث (١).

والصَّفْوَانِيُ هو محمد بن أحمد [ بن عبد الله ] بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمال شيخ الطائفة ثقة فقيه فاضل (٢).

وصَفْوَانُ بن أمية الجمحي هو الذي استعار درعا حطمية وكان ذلك قبل إسلامه وهو الذي سرق رداؤه من المسجد بعد إسلامه (٣).

وصَفِيَّةُ بنت عبد المطلب والدة الزبير ولذا كان علي ابن خاله (٤).

__________________

(١) هو أبو محمدصفوان بن يحيى بياع السابري ، أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم ، روى عن الرضا والجواد وأبي جعفر عليه السلام وروى عن أربعين رجلا من أصحاب الصادق (ع) ، كان وكيلا للإمام الرضا (ع) ، له كتب كثيرة ، توفي سنة ٢١٠ ه‍ الفهرست للطوسي ص ١٠٩.

(٢) ناظر قاضي الموصل في الإمامة بين يدي ابن حمدان فطلب القاضي من الصفواني المباهلة غدا ، وعند ما باهله حم ومات ، قيل إنه كان أميا وله كتب أملاها من ظهر قلبه. الفهرست للطوسي ص ١٥٩ ، رجال النجاشي ص ٣٠٦.

(٣) هو أبو وهب صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، قتل أبوه يوم بدر كافرا ، وكان إليه أمر الأزلام في الجاهلية قيل : إنه مات سنة ٤١ أو ٤٢ ه‍. الإصابة ج ٢ ص ١٨١.

(٤) تزوجها في الجاهلية الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس أخو أبي سفيان فمات عنها فتزوجها العوام بن خويلد فولدت له الزبير وعبد الكعبة ، ولم يختلف في إسلامها أحد كما وقع الاختلاف في إسلام بقية عمات النبي (ص) تنقيح المقال ج ٣ ص ٨١ من فصل النساء.

٢٦٥

( صلا )

قوله تعالى : ( لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ ) [ ٢٢ / ٤٠ ] قيل : هي كنائس اليهود ، وسميت الكنيسة صلاة لأنه يصلى فيها. وَفِي قِرَاءَةٍ مَرْوِيَّةٍ عَنِ الصَّادِقِ (ع) « صُلُوَاتٌ » بِضَمِّ الصَّادِ وَاللَّامِ وَفَسَّرَهَا بِالْحُصُونِ وَالْآطَامِ (١) ، وَهِيَ حُصُونٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَالْبِيَعُ لِلنَّصَارَى.

و « الصَّلَاةُ » في كتاب الله جاءت لمعان :

( منها ) قوله تعالى : ( وَصَلِ عَلَيْهِمْ ) أي وادع لهم ( إِنَ صَلاتَكَ ) أي دعاءك ( سَكَنٌ ) وتثبيت ( لَهُمْ ) [ ٩ / ١٠٣ ].

و ( منها ) قوله تعالى : ( إِنَ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) [ ٤ / ١٠٣ ] ويريد بها الصَّلَاةَ المفروضة.

و ( منها ) قوله تعالى : ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) [ ٢ / ١٥٧ ] أي ترحم.

و ( منها ) قوله تعالى : ( أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ ) [ ١١ / ٨٧ ] أي دينك ، وقِيلَ : كَانَ شُعَيْبٌ كَثِيرَ الصَّلَاةِ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ.

و « الْمُصَلَّى » بفتح اللام موضع الصلاة والدعاء ، ومنه قوله تعالى : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) [ ٢ / ١٢٥ ].

قوله تعالى : ( اصْلَوْهَا ) [ ٣٦ / ٦٤ ] أي احترقوا بها. يقال : « صَلَيْتُ النار وبالنار » إذا نالك حرها.

قوله تعالى : ( فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً ) [ ٤ / ٣٠ ] أي نلقيه فيها.

قوله تعالى : ( وَيَصْلى سَعِيراً ) [ ٨٤ / ١٢ ] قرىء مخففا ومشددا فمن خفف فهو « من صلي » بكسر اللام يصلى صليا : احترق ، ومثله : ( هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا ) [ ١٩ / ٧٠ ].

قوله تعالى : ( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) [ ٥٦ / ٩٤ ] التَّصْلِيَةُ : التلويح على النار.

واختلف في اشتقاق الصَّلَاةِ بمعنى ذات الأركان : فعن المغرب أنها فعلة من « صلى » كالزكاة من زكى واشتقاقها من

__________________

(١) انظر البرهان ج ٣ ص ٩٤.

٢٦٦

« الصَّلَا » وهو من العظم الذي عليه الأليان ، لأن الْمُصَلِّي يحرك صَلْوَيْهِ في الركوع والسجود. وعن ابن فارس هي من « صليت العود بالنار » إذا لينته ، لأن الْمُصَلِّي يلين بالخشوع.

قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ ) [ ٣٣ / ٥٦ ] قرئ برفع مَلَائِكَتُهُ ، فقال الكوفيون بعطفها على أصل إن واسمها ، وقال البصريون مرفوعة بالابتداء كقول الشاعر (١) :

نحن بما عندنا وأنت بما

عندك راض والأمر مختلف

قال بعض الأفاضل : « الصَّلَاةُ » وإن كانت بمعنى الرحمة لكن المراد بها هنا الاعتناء بإظهار شرفه ورفع شأنه ، ومن هنا قال بعضهم : تشريف لله محمدا (ص) بقوله : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ ) أبلغ من تشريف آدم بالسجود.

وَفِي الدُّعَاءِ : « اللهُمَ صَلِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ » (٢). قيل : ليس التشبيه من باب إلحاق الناقص بالكامل ، بل لبيان حال من يعرف بمن لا يعرف ، وقيل : هو في أصل الصَّلَاةِ لا في قدرها. وقيل : معناه اجعل لمحمد صَلَاةً بمقدار الصَّلَاةِ لإبراهيم وآله ، وفي آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء وليس في آله نبي ، فطلب إلحاق جملة فيها نبي ، واحد بما فيه أنبياء.

واختلف في وجوب الصَّلَاةِ على محمد (ص) في الصَّلَاةِ : فذهب أكثر الإمامية وأحمد والشافعي إلى وجوبها فيها ، وخالف أبو حنيفة ومالك في ذلك ولم يجعلاها شرطا في الصلاة ، وكذلك اختلف في إيجابها عليه في غير الصَّلَاةِ : فذهب الكرخي إلى وجوبها في العمر مرة ، والصحاوي

__________________

(١) البيت لعمرو بن امرىء القيس الأنصاري أو لقيس بن الخطيم بن عدي الأوسي الأنصاري.

(٢) البرهان ج ٣ ص ٣٣٥.

٢٦٧

كلما ذكر واختاره الزَّمخشري ، وكذلك ابن بابويه من فقهائنا وهو قوي.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ (ص) أَفْضَلُ مِنَ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ ». ووجهه أن فيها ذكر الله وتعظيم النبي ، ومن ذكره عن مسألة أعطاه أفضل مما يعطي الداعي لنفسه ، ويدخل في ذلك كفاية ما يهمه في الدارين.

وفِيهِ : « مَنْ صَلَّى عَلَيَ صَلَاةً صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ عَشْراً ». أي دعت له وباركت وجاءت الصَّلَاةُ بمعنى التعظيم ، قيل : ومنه « اللهم صَلِ على محمد وآل محمد » أي عظمه في الدنيا (١) بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته ، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته.

وفِيهِ : « مَا مِنْ صَلَاةٍ يَحْضُرُ وَقْتُهَا إِلَّا نَادَى مَلَكٌ بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ .. إلخ » قال بعض الشارحين « من » صلة لتأكيد النفي « إلا نادى ملك » استثناء مفرغ وجملة « نادى ملك » حالية ، والمعنى : ما حضر وقت صَلَاةٍ على أي حالة من الحالات إلا مقارنا لنداء ملك ... إلخ وإنما صح خلو الماضي عن « قد » والواو مع كونه حالا لأنه في هذه المقامات قصد به تعقيب ما بعد « إلا » لما قبلها فأشبه الشرط والجزاء ـ انتهى. ويتم البحث في « يدا » إن شاء الله تعالى.

و « الصَّلَا » وزان العصا وهو مغرز الذنب من الفرس.

و « الصَّلَوَانُ » العظمان النابتان عن يمين الذنب وشماله ، ومنه قيل للفرس الذي بعد السابق « الْمُصَلِّي » لأن رأسه عند صَلَا السابق. وعليه حمل قوله تعالى : ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) [ ٧٤ / ٤٣ ] أي لم نك من أتباع السابقين.

و « الْمَصَالِي » الأشراك تنصب للطير ، ومنه « إِنَّ لِلشَّيْطَانِ فُخُوخاً وَمَصَالِيَ ». الواحدة مِصْلَاةٌ. وقيل : « ومَصَالِي الشيطان » ما يستفز الناس به من زينة

__________________

(١) في النسخ المطبوعة « أعطه في الدنيا » والتصحيح من النهاية ( صلا ).

٢٦٨

الدنيا وشهواتها.

و « الصِّلَاءُ » ككساء : الشواء لأنه يصلى بالنار.

و « الصِّلَاءُ » أيضا : صلاء النار. قال الجوهري : فإن فتحت الصاد قصرت وقلت « صَلَا النار ».

و « الِاصْطِلَاءُ بالنار » تسخن بها.

و « فلان لا يُصْطَلَى بناره » أي شجاع لا يطاق.

( صنا )

قوله تعالى : ( صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ ) [ ١٣ / ٤ ] الصِّنْوَانُ نخلتان وثلاث من أصل واحد ، فكل واحدة منهن صنو كجرو ، والجمع « صِنْوَانٌ ».

و « الصِّنْو » المثل ، ومنه حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ : « عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ ». أي مثله

( صوا )

« الصُّوَى » الأعلام من الحجارة ، الواحدة « صُوَّةٌ » مثل مدية ومدى. و « الصَّاوِي » اليابس ، ومنه صَوَتِ النخلة.

( صها )

يقال : صَهِيَ الجرح بالكسر (١) يَصْهَى صَهْياً إذا ندي وسال.

باب ما أوله الضاد

( ضحا )

قوله تعالى : ( وَالشَّمْسِ وَضُحاها ) [ ٩١ / ١ ] أي ضوئها إذا أشرقت.

قوله تعالى : ( وَأَخْرَجَ ضُحاها ) [ ٧٩ / ٢٩ ] أي نورها والضمير للشمس و « ضُحَى الشمس » امتداد ضوئها وانبساطه وإشراقه.

قوله تعالى : ( وَلا تَضْحى ) [ ٢٠ / ١١٩ ] أي لا يصيبك فيها أذى الشمس وحرها.

قوله تعالى : ( وَالضُّحى ) [ ٩٣ / ١ ]

__________________

(١) في الصحاح عن أبي عبيد : صهي الجرح بالفتح.

٢٦٩

أي وقت ارتفاع الشمس ، وخصه لقوة النهار فيه ، أو لتكليم موسى فيه ، أو أراد النهار لمقابلته بالليل.

قوله تعالى : ( يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها ) [ ٧٩ / ٤٦ ] قيل : معناه ( يَوْمَ يَرَوْنَها ) أي يعاينون القيامة ( لَمْ يَلْبَثُوا ) في الدنيا ( إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها ) وقيل : معناه إذا رأوا الآخرة صغرت الدنيا في أعينهم حتى كأنهم لم يقيموا بها إلا مقدار عشية أو مقدار ضُحَى تلك العشية. ومثله قوله : ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ ) [ ٤٦ / ٣٥ ].

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَضْحِ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ » (١). أي اظهر واعتزل الكن والظل. يقال : « ضَحَيْتُ للشمس وضَحِيتُ » إذا برزت لها وظهرت. وفي الصحاح : يرويه المحدثون أَضِحْ بفتح الألف وكسر الحاء وإنما هو بالعكس ـ انتهى.

و « ضَحْوَةُ النهار » بعد طلوع الشمس قال الجوهري : ثم بعده الضُّحَى وهي حين تشرق الشمس ، مقصورة تؤنث وتذكر فمن أنث ذهب إلى أنها جمع ضَحْوَةٍ ، ومن ذكّر ذهب إلى أنها اسم على فعل مثل صرد ، وهو ظرف غير متمكن مثل سحر ويقال : « لقيته ضُحَى » إذا أردت به ضحى يومك [ لم تنونه ] ، ثم بعده الضَّحَاءُ ممدود مذكر وهو عند ارتفاع النهار الأعلى ، تقول منه : « أقمت بالمكان حتى أَضْحَيْتُ ».

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ : « حَتَّى ضَاحَتْ بِلَادُنَا وَاغْبَرَّتْ أَرْضُنَا ». أي برزت للشمس وظهرت بعد النبات فيها ، من « ضَحَيْتُ للشمس » برزت ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ (ع) : « إِنْ ضَاحَتْ جِبَالُنَا ». وسيجيء في محله إن شاء الله تعالى.

والْأَضْحَى من الخيل : الأشهب والأنثى ضَحْيَاءُ.

و « ضَاحِيَةُ كل شيء » ناحيته البارزة ، ومنه « ينزلون الضَّوَاحِي » وفلان أَضْحَى

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٣٥٠.

٢٧٠

يفعل كذا » كما تقول : « ظل يفعل كذا ».

و « ضَحَّى تَضْحِيَةً » إذا ذبح الأضحية وقت الضحى يوم الأضحى ، وهذا أصله ثم كثر حتى قيل وضَحَّى في أي وقت كان من أيام التشريق ، ويتعدى بالحرف فيقال : « أَضْحَيْتُ بشاة ».

وفي الْأُضْحِيَّةِ لغات محكية عن الأصمعي أُضْحِيَّةٌ وإِضْحِيَّةٌ بضم الهمزة وكسرها وضَحِيَّةٌ على فعيلة والجمع ضَحَايَا كعطية وعطايا وأَضْحَاةٌ كأرطاة والجمع أَضْحىً كأرطى (١).

( ضرا )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « يَمْشُونَ الْحَفَاءَ وَيُدْنُونَ الضَّرَاءَ ». وهو بتخفيف الراء والمد والفتح : الشجر الملتف ، يريد المكر والخديعة ـ قاله في النهاية. وفيه نهي عن الشرب في الإناء الضَّارِي وهو الذي ضري بالخمر وعود بها فإذا جعل فيه العصير صار خمرا.

والضَّارِي من الكلاب ما لهج بالصيد. يقال : ضَرِيَ بالشيء كتعب ضَرَاوَةً اعتاده واجترى عليه فهو ضَارٍ ، وكلبة ضَارِيَةٌ ويعدى بالهمز والتضعيف فيقال : أَضْرَيْتُهُ وضَرَّيْتُهُ.

و « الذئب الضَّارِي » الذي اعتاد أكل لحوم الناس.

و « عرق ضَرِيٌ » لا يكاد ينقطع دمه.

( ضفا )

« ثوب ضَافٍ » أي سابغ من الضفو السبوغ ، يقال : ضَفَا الثوب يَضْفُو ضَفْواً فهو ضَافٍ أي تام واسع ، و « فلان في ضَفْوَةٍ من عيشه » و « رجل ضَافِي الرأس » كثير شعر الرأس ـ قاله الجوهري.

( ضنا )

فِي حَدِيثِ الْخِضَابِ : « يَذْهَبُ بِالضَّنَاءِ » (٢). بالفتح والمد اسم من ضَنِيَ بالكسر : مرض مرضا ملازما حتى أشرف على الموت ، فهو « ضَنٍ » بالنقص ، ومنه

__________________

(١) ذكر في « عشر » و « وتر » و « نقص » و « عظم » شيئا في الأضحى ـ ز ـ

(٢) من لا يحضر ج ٤ ص ٢٦٧.

٢٧١

الْخَبَرُ : « إِنَّ مَرِيضاً اشْتَكَى حَتَّى أَضْنَى ». أي أصابه الضنا حتى نحمل جسمه.

وأَضْنَاهُ المرض : أثقله.

وَفِي حَدِيثٍ : « الدُّنْيَا تُضْنِي ذَا الثَّرْوَةِ الضَّعِيفَ ». أي تمرض صاحب الثروة والغناء الضعيف الاعتقاد بإدخال الحرص والبخل وسوء الاعتقاد ، فلا ينتفع بشيء من غناه.

و « الضَّنَاءُ » بالفتح : الولد ، يقال : ضَنَتِ المرأة ضَنَاءً : كثر ولدها فهي ضَانِئٌ ، وضَانِئَةٌ وأَضْنَأَتْ مثله ـ قاله الجوهري. وقال في باب الألف : « ضَنَتِ المرأة ضَنَاءً » ممدود : كثر ولدها يهمز ولا يهمز و « الضَّنْو » الولد بفتح الضاد وكسرها بلا همز ـ نقلا عن أبي عمرو.

( ضوا )

قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) [ ١٠ / ٥ ] الضِّيَاءُ : الضوء وكذلك الضُّوْءُ بالضم. وفرق ما بين الضياء والنور هو أن الضِّيَاءَ ما كان من ذات الشيء كالشمس ، والنُّورُ ما كان مكتسبا من غيره كاستنارة الجدران بالشمس.

و « أَضَاءَ القمر إِضَاءَةً » أنار وأشرق ، وضَاءَ ضَوْءاً لغة.

والكواكب قيل : كلها مُضِيئَةٌ بذاتها إلا القمر فإن نوره مستفاد من الشمس. وقيل : إن الْمُضِيءَ بالذات هو الشمس فقط وما سواها مُسْتَضِيءٌ منها. وقيل : إن الثوابت مستضيئة بذاتها وما عدا الشمس من السيارة مستضيئة من الشمس.

قوله تعالى : ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) [ ٢٤ / ٣٠ ] قيل : هو مثل للنبي (ص) أي يكاد منظره يدل على نبوته وإن لم يتل قرآنا.

قوله تعالى : ( أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ) [ ٢ / ١٧ ] أي ما حول المستوقد.

و « ضَوَى إليه » و « انْضَوَى إليه » مال إليه ومثله ضَوَى إليه المسلمون.

ومنه حَدِيثُ مُوسَى (ع) : « فَمَنْ لَجَأَ إِلَيْكَ وَانْضَوَى إِلَيْكَ ». أي مال إليك وانضم و « ضِئْضِئُ الشيء » أصله ، ومنه

٢٧٢

حَدِيثُ عَلِيٍ : « سَيَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ».

و « الضَّوْضَاةُ » أصوات الناس وجلبتهم

وَفِي الْحَدِيثِ : « وقَعَ بَيْنَ أَبِي عَبْدِ اللهِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ ضَوْضَاةٌ » (١). أي معاركة ومصايحة.

( ضها )

قوله تعالى : ( يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ ٩ / ٣٠ ] يهمز ولا يهمز وبهما قرئ أي يشابهونه ، من الْمُضَاهَاةِ أعني المشابهة.

و « الْمُضَاهَاةُ » معارضة الفعل بمثله ، يقال : « ضَاهَيْتُهُ » إذا فعلت مثل فعله. ومنه الْخَبَرُ : « أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً الَّذِينَ يُضَاهِئُونَ خَلْقَ اللهِ ». أراد المصورين الذين يضاهئون خلق الله ويعارضونه. ويقال للمرأة التي لا تحيض « ضَهْيَاءُ » لأنها عارضت الرجال.

باب ما أوله الطاء

( طأطأ )

فِي الْخَبَرِ : « تَطَأْطَأَتْ لَكُمْ تَطَأْطُؤَ الدِّلَاءِ ». أي خفضت نفسي لكم كما يخفضها المستقون بالدلاء ، من قولهم : « تَطَأْطَأَ تطأطؤا » انحنى انحناء وخضع.

ومنه : « طَأْطَأَ كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ » (٢). أي تواضع وخضع.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ (ع) : وَقَدْ رَكِبَ بَغْلَةً تَطَأْطَأَتْ عَنْ سُمُوِّ الْخَيْلِ.

( طباطبا )

لقب ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم ابن الحسن ، وكان الأصل فيه قباقبا فعبّر

__________________

(١) عبد الله هذا هو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) الملقب بالمحض. انظر ترجمته في تنقيح المقال ج ٢ ص ١٧٧.

(٢) من زيارة الجامعة الكبيرة.

٢٧٣

عنه بذلك لرثاثة بلسانه (١).

و « الطَّبْيُ » للحافر والسباع كالضرع لغيرها.

ومن أمثلتهم : « قد بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطُّبْيَيْنِ » (٢) هو كناية عن المبالغة في تجاوز الحد في الشر والأذى ، لأن الحزام إذا انتهى إلى الطُّبْيَيْنِ فقد انتهى إلى أبعد غاياته فكيف إذا جاوزه.

و « طَبَيْتُهُ عن كذا » صرفته عنه. وطَبَاهُ يَطْبُوهُ ويَطْبِيهِ : إذا دعاه.

( طحا )

قوله تعالى : ( وَالْأَرْضِ وَما طَحاها ) [ ٩١ / ٦ ] أي بسطها فوسعها ، يقال : « طَحَوْتُهُ » مثل دحوته أي بسطته.

و « الطَّحَا » مقصور : المنبسط من الأرض ، والطَّاحِي الممتد.

( طخا )

فِي الْخَبَرِ : « إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ طَخَاءً عَلَى قَلْبِهِ فَلْيَأْكُلِ السَّفَرْجَلَ » (٣). أي ثقل وغشاء ، وأصله الظلمة.

ومِنْهُ : « لِلْقَلْبِ طَخَاءٌ كَطَخَاءَةِ الْقَمَرِ ». أي ما يغشيه من غيم يغطي نوره.

و « الطَّخَاءُ » بالمد : السحاب المرتفع.

و « الطَّخْيَاءُ » ممدودة : الليلة المظلمة.

( طرا )

فِي الْخَبَرِ : « لَا تُطْرِئْنِي كَمَا أَطْرَأَتِ النَّصَارَى عِيسَى ». الْإِطْرَاءُ مجاوزة الحد في المدح ، يقال : « طَرَأْتُ فلانا » مدحته بأحسن ما فيه ، وقيل : بالغت في مدحه وجاوزت الحد.

ويقال : « أَطْرَأْتُهُ » بالهمز : مدحته ، و « أَطْرَيْتُهُ » بدونه : أثنيت عليه.

ومنه الْحَدِيثُ : « فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ وَزَكَى وَأَطْرَأَ ».

وَفِي الْحَدِيثِ : « بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَكُونُ ذَا وَجْهَيْنِ وَذَا لِسَانَيْنِ يُطْرِي أَخَاهُ

__________________

(١) انظر ترجمته في الكنى والألقاب ج ٢ ص ٤٠٦.

(٢) انظر مجمع الأمثال ج ٢ ص ١٢٤.

(٣) البحار ج ١٤ ص ٨٤٨.

٢٧٤

شَاهِداً وَيَأْكُلُهُ غَائِباً » (١). أي يمدحه في وجهه ويستغيبه في غيبته.

و « الطري » هو الغصن البين الطراوة ، يقال : « طرو الشيء » وزان قرب فهو طري ، وطريء بالهمز وزان تعب.

و « طَرَأَ فلان علينا » بالهمز وفتحتين طُرُوءاً : اطلع ، فهو طَارِئٌ.

والأعرابي الطَّارِي : المتجدد قدومه.

و « الطَّارِيَةُ » قرية باليمن.

و « الطُّرْنُ » بالضم : الخز ، والطَّارُونِيُ ضرب منه ـ قاله في القاموس.

ومنه الْحَدِيثُ : « كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) [ الثَّانِي ] يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ وَغَيْرَهَا فِي جُبَّةِ خَزٍّ طَارُونِيٍ » (٢). والخز من الثياب ـ قاله في القاموس أيضا.

( طغا )

قوله تعالى : ( وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَ ) الآية [ ٢٠ / ٨١ ] أي لا تتعدوا حدود الله فيه.

قوله تعالى : ( أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ) [ ٥٥ / ٨ ] أي لا تتجاوزوا القدر والعدل.

قوله تعالى : ( اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ) [ ٢٠ / ٢٤ ] أي علا وتكبر وكفر بالله وتجاوز الحد في الاستعلاء والتمرد والفساد.

قوله تعالى : ( لَمَّا طَغَى الْماءُ ) [ ٦٩ / ١١ ] أي ارتفع وعلا وتجاوز الحد.

قوله تعالى : ( ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى ) [ ٥٣ / ١٧ ] أي ما جاوز القصد في رؤيته.

قوله تعالى : ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) [ ٦٥ / ٥ ] أي بالطغيان وقيل بالذنوب ، والطَّاغِيَةُ مصدر كالعافية والداهية.

قوله تعالى : ( فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) [ ٣ / ١٥ ] أي في غيهم وكفرهم يتحيرون ويترددون.

قوله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) [ ٤ / ٦٠ ] الطَّاغُوتُ

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٣٤٣.

(٢) من لا يحضر ج ١ ص ١٧٠.

٢٧٥

فعلوت من الطُّغْيَانِ ، وهو تجاوز الحد ، وأصله طغيوت فقدموا لامه على عينه على خلاف القياس ثم قلبوا الياء ألفا فصار طاغوت ، وقد يطلق على الْكَافِرِ والشَّيْطَانِ والْأَصْنَامِ وعلى كل رئيس في الضلالة وعلى كل من عبد من دون الله. ويجيء مفردا كقوله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) وجمعا كقوله : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ ).

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ رَفَعَ رَايَةَ ضَلَالَةٍ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ ».

وَفِي الدُّعَاءِ : « وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَطَاغٍ ». أي متجاوز للحد بطغيانه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ لِلْعِلْمِ طُغْيَاناً كَطُغْيَانِ الْمَالِ ». أي يحمل صاحبه على الترخيص بما اشتبه منه إلى ما لا يحل له ، ويترفع به على من دونه ولا يعطي حقه بالعمل به كما يفعل رب المال.

وطَغَا يَطْغُو من باب قال ، وطَغِيَ يَطْغَى من باب تعب ، ومن باب نفع لغة ، والاسم « الطُّغْيَانُ ».

( طفا )

قوله تعالى : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ) [ ٦١ / ٨ ] هو تهكم بهم لإرادتهم إبطال الإسلام بقولهم في القرآن : ( هذا سِحْرٌ ) فأشبه حالهم من ينفخ في نور الشمس بفيه ليطفئه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ الَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِصَلَاتِكُمْ » (١). أراد بها الذنوب على الاستعارة ، أي قوموا إلى ذنوبكم التي توجب دخول النار فَأَطْفِئُوهَا بصلاتكم أي كفروها بها ، وفيه دلالة صريحة على أن الصلاة تكفر الذنوب وتسقط العقاب ، وفي القرآن والأحاديث المتكثرة من الفريقين ما يدل على ذلك.

وفي الحديث : ذكر السمك الطَّافِي (٢)

__________________

(١) التهذيب ج ٢ ص ٢٣٨.

(٢) في الكافي ج ٦ ص ٢١٨ ، في حديث عن أبي عبد الله (ع) : « ولا يؤكل الطافي من السمك ».

٢٧٦

وهو الذي يموت في الماء ثم يعلو فوق وجهه. يقال : طَفَا الشيء فوق الماء يَطْفُو طَفْواً [ وطفوا ] : إذا علا ولم يرسب.

وَفِي الْخَبَرِ : « اقْتُلُوا مِنَ الْحَيَّاتِ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ ». الطُّفْيَةُ كمدية : خوصة المقل ، وذو الطُّفْيَتَيْنِ من الحيات ما على ظهره خطان أسودان كالخوصتين ، شبه الخطين على ظهر الحية بهما.

و « طَفِئَتِ النار تَطْفَأُ » بالهمز من باب تعب طُفُوءاً : خمدت.

وأَطْفَأْتُ الفتنة : سكنتها.

( طلا )

فِي الْحَدِيثِ : « إِذَا زَادَ الطِّلَاءُ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ حَرَامٌ » (١).

الطِّلَاءُ ككساء ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ويسمى بالمثلث.

والطِّلَا : ولد الظبية ، والولد من ذوات الظلف ، والجمع « أَطْلَاءٌ » مثل سبب وأسباب.

و « الطَّلِيُ » بالفتح : الصغير من أولاد المعز. قال الجوهري : وإنما سمي به لأنه يُطْلَى أي تشد رجله بخيط إلى وتد أياما ، وجمعه « طُلْيَانٌ » مثل رغيف ورغفان.

والطُّلَى : الأعناق ، واحدها طُلْيَةٌ. وعن الفراء طلاه.

والطَّلْيُ بالفتح فالسكون معروف ، يقال : طليته بالدهن وغيره طليا واطليت على افتعلت.

والطّلَاوَةُ مثلثة : الحسن والبهجة ، وطَلَاوَةُ الإسلام حسنه وبهجته. ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ : « فَمَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (ص) وَاجِبَ حَقِّ إِمَامِهِ .. وَعَلِمَ فَضْلَ طَلَاوَةِ إِسْلَامِهِ (٢).

( طما )

طَمَا الماء يَطْمُو طُمُوّاً ويَطْمِي طُمِيّاً فهو طَامٍ : إذا ارتفع وملأ النهر ـ قاله الجوهري

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٤٢٠.

(٢) الكافي ج ١ ص ٢٠٣.

٢٧٧

( طوا )

قوله تعالى : ( وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) [ ٣٩ / ٦٧ ] هو تصوير لجلاله وعظم شأنه لا غير ، من غير تصور قبضته بيمين لا حقيقة ولا مجازا. قيل : نسب الطي إلى اليمين لشرف العلويات على السفليات.

قوله تعالى : ( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) [ ٢١ / ١٠٤ ] أي كطي الصحيفة فيها الكتاب. وفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ : السِّجِلُّ اسْمٌ لِلْمَلَكِ الَّذِي يَطْوِي الْكُتُبَ. ومعنى يَطْوِيهَا أي يفنيها فتحول دخانا والأرض نيرانا (١).

قوله تعالى : ( إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً ) [ ٢٠ / ١٢ ] طُوىً وطِوىً يقرآن جميعا بالتنوين وعدمه ، فمن جعله اسم أرض لم يصرفه ومن جعله اسم الوادي صرفه لأنه مذكر ، وكذا من جعله مصدرا كقوله ناديته طوى وثنى أي مرتين. قيل : فكأنه طوي بالبركة كرتين. وفي كلام بعض المفسرين : من لم يصرف طوى احتمل قوله أمرين :

( أحدهما ) أنه جعله اسم بلدة أو اسم بقعة [ أو يكون معدولا كزفر وعمر ] ومن صرف احتمل أمرين أيضا :

( أحدهما ) أن يكون جعله اسم موضع أو بلد أو مكان ، و ( الآخر ) أن يكون مثل زحل وحطم ولكع (٢).

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ (ص) : « وطَوَى فِرَاشَهُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ». قيل : هو كناية عن ترك المجامعة لا حقيقة الطي في الفراش.

وفِيهِ : « سَأَلْتُمُونِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَمْ أَطْوِهَا عَنْكُمْ » (٣). أي أفسرها وأبينها لكم.

وَفِي الْحَدِيثِ : « أَخْرَجْتُ لَهُ ثِيَاباً فَقَالَ : « رُدَّهَا عَلَى مَطَاوِيهَا ». أي على

__________________

(١) انظر التفسير ص ٤٣٤.

(٢) انظر مجمع البيان ج ٥ ص ٤٣١.

(٣) من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٦٠.

٢٧٨

حالاتها التي كانت عليها.

وطَوَيْتُ الشيء طَيّاً فَانْطَوَى والطَّيَّةُ مثل الجلسة والركبة ـ قاله الجوهري.

وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ : « فَلَمَّا حَفَرَهَا وَبَلَغَ الطَّوِيَ طَوِيَ إِسْمَاعِيلَ » (١). الطَّوِيُ كعلي : السقاء ، والطوي في الأصل صيغته فعيل بمعنى مفعول فلذلك جمعوه على « أطواء » كشريف على أشراف ويتيم على أيتام.

و « ذو طَوىً » بفتح طاء وتضم والضم أشهر (٢) هو موضع بمكة داخل الحرم هو من مكة على نحو من فرسخ ترى بيوت مكة منه. قال في المصباح : ويعرف بالزاهر في طريق التنعيم. وفي القاموس : ذي طوىً مثلثة الطاء وينون موضع قرب مكة.

والطَّوَى : الجوع ، يقال : طَوِيَ بالكسر يَطْوَى طَوىً فهو طَاوٍ وطَيَّانٌ أي خالي البطن جائع لم يأكل.

وطَوَى بالفتح يَطْوِي طَيّاً إذا تعمد ذلك. ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ (ع) : « وصَبَرُوا عَلَى الطَّوَى ».

و « فلان يَطْوِي نفسه عن جاره » أي يجمع نفسه ويؤثر جاره بطعامه.

و « اطْوِ لنا الأرض » في حديث السفر أي قربها لنا وسهل السير فيها حتى لا يطول علينا ، فكأنما طويت.

و « الطَّيْطَوَى » اسم طائر معروف. وعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهَا تَقُولُ : كُلُّ حَيٍّ مَيِّتٌ وَكُلُّ جَدِيدٍ بَالٍ (٣).

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٢١٩.

(٢) في مراصد الاطلاع ( طوى`) : والفتح أشهر.

(٣) في حياة الحيوان ج ١ ص ١٠١ : قال أرسطاطاليس في كتاب النعوت : إنه طائر لا يفارق الآجام وكثرة المياه لأن هذا الطائر لا يأكل شيئا من النبت ولا من اللحوم وإنما قوته مما يتولد في شاطىء الغياض والآجام من دود النتن ـ إلخ.

٢٧٩

باب ما أوله الظاء

( ظبا )

فِي الْحَدِيثِ : « احْفِرْ ظَبْيَةً ، قَالَ : وَمَا ظَبْيَةٌ؟ قَالَ : زَمْزَمُ » (١). قيل : سميت بها تشبيها لها بِالظَّبْيَةِ وهي الكيس والخريطة لجمعها ما فيها.

و « الظَّبْيُ » معروف. والجمع أَظْبٍ مثل أفلس وظُبِيٌ مثل فلوس ، والتثنية « ظَبْيَانِ » على لفظه ، والأنثى « ظَبْيَةٌ » كسجدة بالهاء من غير خلاف بين أهل اللغة ، والجمع « ظَبَيَاتٌ » بالتحريك. و « الظِّبَاءُ » جمع يعم الذكور والإناث مثل سهم وسهام وكلبة وكلاب.

و « ظَبْيَةُ » اسم امرأة قيل تخرج قبل الدجال.

و « الظُّبَةُ » بالتخفيف حد السيف ، والجمع [ أظب في أقل العدد مثل أدل ] (٢) ظبات وظبون ، ولامها واو محذوفة.

وأبو ظَبْيَانَ كنية رجل من الرواة (٣).

( ظما )

قوله تعالى : ( يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً ) [ ٢٤ / ٣٩ ] هو بالفتح فالسكون : العطشان.

قوله تعالى : ( لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ) [ ٩ / ١٢٠ ] الظمأ بالتحريك : شدة العطش ، وفيها دلالة على أن كل تعب وجوع وإنفاق يحصل في حج أو زيارة أحد المعصومين أو طلب علم أو أي طاعة كانت فإن ذلك يكتب لصاحبه وإن لم يتحصل غايته وتعذرت

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٢١٩ : « احفر طيبة ».

(٢) الزيادة من الصحاح ( ظبي ).

(٣) هو حصين بن جندب الجنبي ، عد في أصحاب أمير المؤمنين (ع) ، توفي سنة ٩٠ بالكوفة. تنقيح المقال ج ١ ص ٤٣٩ وج ٣ ص ٢٢ من فصل الكنى.

٢٨٠