مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

وَالسَّرِيرَةِ ، وَتَرْكُ التَّصْدِيقِ بِالْإِجَابَةِ ، وَالنِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ ، وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا (١).

وفِيهِ : « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ » (٢). أي يستحق أن يسمى عبادة ، لدلالته على الإقبال عليه تعالى ، والإعراض عما سواه.

و « دَعَوْتُ الله أَدْعُوهُ دُعَاءً » ابتهلت إليه بالسؤال ، ورغبت فيما عنده من الخير.

ويقال : دَعَا أي استغاث.

وفِي الْحَدِيثِ : « ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ » (٣). أي كونوا وقت الدُّعَاءِ على شرائط الإجابة ، من الإتيان بالمعروف ، واجتناب المنهي ، ورعاية الآداب.

وفِيهِ : « لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ». أي لا تقولوا شرا وويلا.

وفِيهِ « أَفْضَلُ الدُّعَاءِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ». قيل : لأنه سؤال لطيف يدق مسلكه ، ومنه قول الشاعر :

إذا أثنى عليك المرء يوما

كفاه من تعرضه الثناء

ولأن التهليل والتمجيد والتحميد دُعَاءٌ ، لأنه بمنزلته في استيجاب الله وجزائه.

وَالدُّعَاءُ الَّذِي عَلَّمَهُ جَبْرَئِيلُ لِيَعْقُوبَ فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِ ابْنَهُ هُوَ : « يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ ، يَا مَنْ سَدَّ السَّمَاءَ بِالْهَوَاءِ وَكَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ وَاخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَحْسَنَ الْأَسْمَاءِ ائْتِنِي بِكَذَا ».

وفِي الْحَدِيثِ : « لَا دِعْوَةٌ فِي الْإِسْلَامِ ». وهي بالكسر وبالفتح عند بعض ، أي لا تنسب ، وهو أن تنسب إلى غير أبيه وعشيرته ، وقد كانوا يفعلونه ، فنهى عنه ، وجعل الولد للفراش.

__________________

(١) في عدة الداعي ص ١٥٤ يذكر حديثا عن الإمام زين العابدين (ع) يقول فيه : « والذنوب التي ترد الدعاء : سوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق مع الإخوان ، وترك التصديق بالإجابة ، وتأخير الصلوات المفروضة حتى تذهب أوقاتها ».

(٢) عدة الداعي ص ٢٤.

(٣) بحار الأنوار ج ١٩ ص ٤٠.

١٤١

وفِيهِ : « لِكُلِّ نَبِيٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ». قيل : أي مجابة البته ، وهو على يقين من إجابتها ، وقيل : جميع دَعَوَاتِ الأنبياء مستجابة ، ومعناه : لكل نبي دَعْوَةٌ لأمته.

وفِيهِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ ». أي من الظلم ، لأنه يترتب عليه دَعْوَةُ المظلوم ، وليس بينها وبين الله حجاب.

وفِي الدُّعَاءِ : « اللهُمَّ رَبَ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ». قيل : النافعة ، لأن كلامه تعالى لا نقص فيه ، وقيل : المباركة ، وتمامها فضلها وبركتها ، ويتم الكلام في « تم ».

وفِي الْحَدِيثِ : « أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ (ع) » (١). هي قوله تعالى : ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) [ ١٤ / ٤٠ ].

وفيه : « دَعْوَةُ سليمان » ، وهي : ( هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ) [ ٣٨ / ٣٥ ].

وفيه : « دَعْوَةُ إبراهيم » ، هي ( رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ ) [ ٢ / ١٢٩ ].

وفِيهِ « الطَّاعُونُ دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ (ص) ». هي قَوْلُهُ : « اللهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءِ أُمَّتِي بِالطَّاعُونِ ».

وقول بعضهم : « هو مني على دَعْوَةِ الرجل » أي ذاك قدر ما بيني وبينه ، ومثله « سناباذ من موقان على دَعْوَةٍ » (٢) أي قدر سماع صوت ، وربما أريد من ذلك المبالغة في القرب.

والدُّعَاءُ واحد الْأَدْعِيَةِ ، وأصله « دُعَاو » ، لأنه من دَعَوْتُ (٣).

و « دُعَاءُ المؤذن إلى الله فهو دَاعٍ » والجمع

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ص ٥٣.

(٢) « سناباذ » قرية بطوس فيها قبر الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ، بينها وبين طوس نحو ميل. و « موقان » ولاية فيها قرى ومروج كثيرة يحتلها التركمان المرعى ، فأكثر أهلها منهم ، وهي من آذربيجان. مراصد الاطلاع ص ٧٤٢ و ١٣٣٤.

(٣) يذكر في « جوب » حديثا في استجابة الدعاء ، وفي « رغب » و « رهب »

١٤٢

« دُعَاةٌ » ، مثل قاض وقضاة وقاضون.

والنبي (ص) دَاعِ الخلق إلى التوحيد.

و « ادَّعَيْتُ الشيء » طلبته لنفسي ، ومنه « الدَّعْوَةُ في الطعام » اسم من « دَعَوْتُ الناس » إذا طلبتهم ليأكلوا عندك ، والاسم « الدَّعْوَى ».

و « دَعْوَى فلان كذا » أي قوله ، والجمع « الدَّعَاوِي » بكسر الواو وفتحها ، وقال بعضهم : والفتح أولى ، لأن العرب آثرت التخفيف وحافظت على ألف التأنيث التي بني عليها المفرد.

وفِي الْحَدِيثِ : « الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ » (١). والمراد بِالْمُدَّعِي على ما يفهم من الحديث من يكون في إثبات قضية على غيره ، ومن « الْمُدَّعَى عليه » المانع من ذلك ، وهو المعبر عنه بالمنكر.

و « الْمَدْعَى » موضع دون الروم في مكة ، يعبر عنه بالرقطاء ، سمي بذلك لأنه مَدْعَى الأقوام ومجتمع قبائلهم (٢) ، يقال : « تَدَاعَتْ عليه الأمم من كل جانب »

__________________

كيفية الدعاء ، وفي « ضرب » وقته ، وفي « نصب » الدعاء بعد الصلاة ، وفي « مسح » مسح الرقبة بعد الدعاء ، وفي « مخخ » و « صلح » و « نجح » و « ردد » الدعاء ، وفي « جهر » الجهر بالدعاء ، وفي « خسر » و « وخز » حديثا في الدعاء ، وفي « شكر » دعاء الشكر في الصباح والمساء ، وفي « ظهر » كيفية رفع اليد إلى السماء في الدعاء ، وفي « هجس » شيئا من شروط إجابته ، وفي « بصبص » رفع السبابتين إلى السماء في الدعاء ، وفي « شفع » شيئا في دعاء من يسعى في المسعى ، وفي « هيع » الدعاء على الكفار ، وفي « نبل » الدعاء بالأصابع ، وفي « بهل » الدعاء باليدين ، وفي « حطم » مسح الوجه باليدين عند الدعاء ، وفي « حيا » إجابة الدعاء ـ ز.

(١) التهذيب ج ٢ ص ٧١.

(٢) « مدعا » ـ بفتح الميم وسكون الدال ـ ماء لبني جعفر بن كلاب ... هو خير مياههم. كذا في مراصد الاطلاع ص ١٢٤٥ ، وأما « المدعى » المذكور في الكتاب فلم أجد له ذكرا في المعاجم المتيسرة لدي.

١٤٣

أي اجتمعت عليه (١).

و « التَّدَاعِي » التتابع.

و « تَدَاعَتِ الحيطان » تساقطت أو كادت.

و « الدَّعِيُ » من تبنيته ، و « الْأَدْعِيَاءُ » جمع « دَعِيٍ » ، وهو من يدعي في نسب كاذبا. ويقال : « الْأَدْعِيَاءُ » الذين ينتسبون إلى الإسلام وينتحلون أنهم على سنة النبي (ص) ، كأهل بدر وغيرهم. وقولهم : « أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الإسلام » قيل : أي بِدَعْوَتِهِ ، وهي كلمة الشهادة التي يُدْعَى إليها أهل الملل الكافرة.

( دفا )

قوله تعالى : ( لَكُمْ فِيها دِفْءٌ ) [ ١٦ / ٥ ] الدِّفْءُ ـ كحمل ـ : ما اسْتُدْفِئَ به من الأكسية والأخبئة وغير ذلك ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : « الدِّفْءُ نَسْلُ كُلِّ دَابَّةٍ ». وعن الأموي : « نتاج الإبل » ، وقال الجوهري : الدِّفْءُ » ـ بالكسر ـ : ما يُدْفِئُكَ ، والجمع « الْأَدْفَاءُ » ، وتقول : « أقعد في دِفْءِ هذا الحائط » أي كنه ، و « قد أَدْفَأَهُ الثوب » و « تَدَفَّأَ هو به » و « يوم دَفِيءٌ » ـ على فعيل ـ و « ليل دَفِيئَةٌ ». وقال في باب المعتل : « دَفَوْتُ الجريح أَدْفُوهُ دَفْواً » إذا أجهزت عليه ... انتهى.

وفِي الْحَدِيثِ : « وكَانَ (ع) لَا تُدْفِئُهُ فِرَاءُ الْحِجَازِ » (٢). أي لا تقية من البرد.

و « دَفِئَ البيت يَدْفَأُ » مهموز من باب تعب ، في المصباح قالوا : ولا يقال في اسم الفاعل : « دَفِيءٌ » وزان « كريم » بل وزان « تعب » ، يقال : « دَفِئَ الشخص فهو دَفِئٌ » ، والذكر « دَفْآنُ » والأنثى « دَفْأَى » ، مثل غضبان وغضبى.

( دكا )

يقال : « دَكَأْتُ القوم دَكَاءً » إذا زاحمتهم ، و « تَدَاكَأَ القوم » أي ازدحموا

__________________

(١) ويذكر المدعى في « رقط » و « روم » أيضا ـ ز.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٩٣.

١٤٤

ومنه : « تَدَاكَأَتْ عليه الديون ».

( دلا )

قوله تعالى : ( فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ ) [ ٧ / ٢٢ ] قيل : قربهما إلى المعصية ، وقيل : أطمعهما ، قال الأزهري : أصله العطشان يُدْلِي في البئر فلا يجد ماء فيكون مُدِلًّا بغرور ، فوضع التَّدْلِيَةُ موضع الإطماع فيما لا يجدي نفعا ، وقيل : جرأهما على الأكل ، من « الدَّالِ » و « الدَّالَّةِ » أي الجرأة ، وقيل : دَلَّاهُمَا من الجنة إلى الأرض ، وقيل : أضلهما.

قوله تعالى : فَأَدْلى دَلْوَهُ [ ١٢ / ١٩ ] أي أرسلها ليملأها.

قوله تعالى : ( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى ) [ ٣٥ / ٨ ] يعني دنا جبرئيل من رسول الله (ص) فتعلق عليه في الهواء ، وهو مثل في القرب ، وفيه إشعار أنه عرج فيه غير منفصل عن محله ، فإن التَّدَلِّي إرسال مع تعلق كَتَدَلِّي الثمرة.

قوله تعالى : ( وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ) [ ٢ / ١٨٨ ] أي تلقوا حكومة الأموال إلى الحكام ، و « الْإِدْلَاءُ » الإلقاء ، وفي الصحاح : ( وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ) يعني الرشوة.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ (ع) فِي أَمْرِ الْخِلَافَةِ : « حَتَّى إِذَا مَضَى الْأَوَّلُ بِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ » (١). ويريد بالأول أبا بكر وبفلان بعده عمر ، أي ألقاها إليه ، وكنى بذلك عن نص أبي بكر عليه بالخلافة بعده.

وقد تكرر في الحديث ذكر « الدِّلَاءِ » وهي جمع « دَلْو » للتي يستقى بها ، ويجمع في القلة على « أَدْلٍ » ، وفي الكثرة على « دِلَاءٍ ».

و « دُلِيّ » كفعال وفعول ، قال في المصباح : تأنيث الدَّلْوِ أكثر فيقال : « هي دَلْوٌ ».

و « دَلَوْتُهَا » و « دَلَوْتُ بها » أي أخرجتها مملوءة.

وفِي الْخَبَرِ : « يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ مُدِلًّا ».

__________________

(١) من خطبته (ع) المعروفة بالشقشقية.

١٤٥

أي منبسطا لا خوف عليه.

وَفِي الدُّعَاءِ : « مُدِلًّا عَلَيْكَ فِيمَا قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ ». هو أيضا من « الْإِدْلَالِ » على من لك عنده منزلة وقرب كالأول.

وفِي الْحَدِيثِ : « فِيمَا سَقَتِ الدَّوَالِي نِصْفُ الْعَشْرِ ». هي جمع « دَالِيَةٍ » ، و « الدَّالِيَةُ » جذع طويل يركب تركيب مدال الأرز ، وفي رأسه مغرفة كبيرة يستقى بها. قال في المغرب : وفي المصباح : « الدَّالِيَةُ » دَلْوٌ ونحوها ، وخشبة تصنع كهيئة الصليب وتشد برأس الدَّلْوِ ، ثم يؤخذ حبل يربط طرفه بذلك وطرفه الآخر بجذع قائمة على رأس البئر ويستقى بها ، فهي فاعلة بمعنى مفعولة ـ انتهى.

وقال الجوهري : هي منجنون تديرها البقرة.

( دما )

قوله تعالى : ( فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ ) [ ٧ / ١٣٣ ] (١) فَالدَّمُ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي أَرْسَلَهَا اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَسَالَ النِّيلُ عَلَيْهِمْ فَصَارَ دَماً ، فَمَا يَسْتَقُونَ مِنَ الْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ إِلَّا دَماً عَبِيطاً أَحْمَرَ ، فَشَكَوْا إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ : إِنَّهُ قَدْ سَحَرَكُمْ ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْقِبْطِيِّ وَالْإِسْرَائِيلِيِّ عَلَى إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ مَا يَلِي الْإِسْرَائِيلِيَّ مَاءً وَمَا يَلِي الْقِبْطِيَّ دَماً ، حَتَّى كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ تَأْتِي الْمَرْأَةِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ جَهَدَهُمُ الْعَطَشُ ، فَتَقُولُ : ضَعِي فِي فَمِي مَاءً فَلَمَّا تَضَعُهُ فِي فِيهَا يَصِيرُ دَماً عَبِيطاً ، حَتَّى ذَاقُوا الْعَذَابَ الشَّدِيدَ (٢).

وفِي الْحَدِيثِ : « كُلَّمَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ » (٣). أي نفس سائلة كالعقارب والخنافس والديدان ونحوها.

وفي الخبر نهى عن الدَّمِ ، أي لا يجوز

__________________

(١) يذكر آية الدم في « ضفدع » أيضا ـ ز.

(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص ٢٢١.

(٣) الوسائل ، كتاب الطهارة ص ١٧٣.

١٤٦

بيعه ، وقيل : يعني أجرة الحجام.

وفِيهِ : « ثُمَّ ائْتِ مَقَامَ جَبْرَئِيلَ بِالْمَدِينَةِ ، ثُمَّ تَدْعُو بِدُعَاءِ الدَّمِ ، وَهُوَ مَقَامٌ لَا تَدْعُو فِيهِ الْحَائِضُ ـ يَعْنِي الْمُسْتَحَاضَةَ ـ ، فَتَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، إِلَّا رَأَتِ الطُّهْرَ ».

وهو دعاء مشهور مذكور في الفقيه (١).

وفِيهِ : « لَا يَبْطُلُ دَمُ امْرِءٍ مُسْلِمٍ ».

أي لا يذهب دمه هدرا.

و « دَمِيَ الجرح دَمىً » من باب تعب ، و « دُمِيّاً » أيضا : خرج منه الدم ، فهو « دَمٍ » على النقص (٢).

و « شجة دَامِيَةٌ » للتي خرج منها الدَّمُ ، فإن سال فهي الدامعة ، ومنه « في الدَّامِيَةِ بعير » (٣).

ويقال : « أَدْمَيْتُهُ أنا » و « دَمَّيْتُهُ تَدْمِيَةً » إذا ضربته فخرج منه الدم.

وأصل الدَّمِ « دَمْيٌ » بسكون الميم ، لكن حذفت اللام وجعلت الميم حرف أعراب ، وقيل : الأصل بفتح الميم ، ويثنى بالياء ، فيقال : « دَمَيَانِ » ، وقيل : أصله واو ، لقولهم : « دَمَوَانِ » ، وقد يثنى الواحد ، فيقال : « دَمَانِ » ـ كذا في المصباح.

وفِي الْحَدِيثِ : « وتَغْتَسِلُ الْمَرْأَةُ الدَّمِيَّةُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاةٍ ». هي في كثير من النسخ بالدال المهملة ، يعني صاحبة الدَّمِ ، وفي بعضها ـ بل ربما كان أغلب ـ بالذال المعجمة ، وفسرت بمن اشتغلت ذمتها بالصلاة ، وكونها نسبة إلى أهل الذمة غير مناسب ـ كما لا يخفى.

وفِي وَصْفِهِ (ص) : « كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٣٤٠.

(٢) يذكر في « دوا » أن الإجّاص يسكّن الدّم ، وفي « صلصل » طبيعة الدّم ، وفي « عدم » دم الأخوين ، وفي « نعم » شيئا من أسماء الدّم وفي « غنى » فصدّ الدّم ـ ز.

(٣) يذكر الدّامية في دمع أيضا ـ ز.

١٤٧

دُمْيَةٍ » (١). هي بضم دال مهملة وسكون ميم : صنم يتخذ من عاج ، أو صورة يتنوق في صنعتها ويبالغ في تحسينها.

وجمع الدُّمْيَةِ « دُمىً ».

وفِي الْخَبَرِ : « وجَدْتُ الْأَرْنَبَ تَدْمَى ». أي تحيض.

و « سهم مُدَمَّى » للذي دَمَّى فيه فأصابه الدَّمُ.

( دنا )

قوله تعالى : ( فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) [ ٣٠ / ٣ ] قيل : في أطراف الشام ، أي في أدنى أرض العرب. وقيل : هي أرض الجزيرة ، وهي أَدْنَى أرض الروم إلى فارس.

قوله تعالى : ( عَرَضَ هذَا الْأَدْنى ) [ ٧ / ١٦٩ ] يعني الدنيا ، من « الدُّنُ و » بمعنى القرب ، فكأنه أجل قريب.

قوله تعالى : ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ ) [ ٣٢ / ٢١ ] قيل : العذاب الْأَدْنَى عذاب الدنيا ، من القتل والأسر وما محنوا به من المحل سبع سنين حتى أكلوا الجيف ، وقيل : هو القتل يوم بدر بالسيف ، وقيل : عذاب القبر وعذاب الآخرة. و « الْأَدْنَى » يصرف على وجوه : فتارة يعبر به عن الأقل فيقابل بالأكثر والأكبر ، وتارة على الأذل والأحقر فيقابل بالأعلى والأفضل ، وتارة عن الأقرب فيقابل بالأقصى ، وتارة عن الأول فيقابل بالآخر ، وبجميع ذلك ورد التنزيل.

قوله تعالى : ( الَّذِي هُوَ أَدْنى ) [ ٢ / ٦١ ] أي الذي هو أخس.

قوله تعالى : ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ ) [ ٣٣ / ٥٩ ] أي يرخينها ويغطين بها وجوههن أو أعطافهن ليعلم أنهن حرائر.

قوله تعالى : ( قُطُوفُها دانِيَةٌ ) [ ٦٩ / ٢٣ ] أي دانية المتناول ، ومثله قوله تعالى : ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ ) [ ٥٥ / ٥٤ ].

وفِي الْخَبَرِ : « عَلَى مَ تُعْطَى الدُّنْيَا ».

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٠.

١٤٨

أي الخصلة المذمومة المحقورة.

ومِنْهُ : « إِنَّ الْمَنِيَّةَ قَبْلَ الدَّنِيَّةِ » (١). يعني الموت خير للإنسان من الإتيان بخصلة مذمومة ، والأصل فيه الهمز فخفف.

و « الدَّنِيَّةُ » أيضا : النقيصة ، ومنه يقال : « نفس فلان تُدْنِؤُهُ » أي تحمله على الدَّنَاءَةِ.

و « الجمرة الدُّنْيَا » القريبة ، وكذا « السماء الدُّنْيَا » لقربها ودنوها ، والجمع « الدُّنَى » مثل الكبرى والكبر.

و « الدُّنْيَا » مقابل الآخرة ، سميت بذلك لقربها.

وفِي الْحَدِيثِ : « الدُّنْيَا دُنْيَيَانِ : دُنْيَا بَلَاغٍ ، وَدُنْيَا مَلْعُونَةٍ » (٢). البلاغ ما يتبلغ به لآخرته ، والملعونة بخلافه.

وقد جاء في ذم الدُّنْيَا الكتاب والأحاديث المتواترة ، قال تعالى : ( أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ) [ ٥٧ / ٢٠ ] وذلك مما يندرج تحته جميع المهلكات الباطنة : من الغل والحسد والرياء والنفاق والتفاخر وحب الدُّنْيَا وحب النساء. قَالَ (ع) : « حُبُ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ » (٣). قال بعض العارفين : وليس الدُّنْيَا عبارة عن الجاه والمال فقط بل هما حظان من حظوظهما ، وإنما الدُّنْيَا عبارة عن حالتك قبل الموت كما أن الآخرة عبارة عن حالتك بعد الموت ، وكل ما لك فيه حظ قبل الموت فهو دنياك ، وليعلم الناظر أنما الدُّنْيَا خلقت للمرور منها إلى الآخرة ، وأنها مزرعة

__________________

(١) قد وردت هذه الكلمة في كتاب تحف العقول ص ٩٥ في حديث عن الإمام علي (ع) وذكرها ابن قتيبة عن أوس بن حارثة في كتابه الشعر والشعراء ص ٢٣. ونقل في نهج البلاغة قوله عليه السلام « المنية ولا الدنية ».

(٢) مشكاة الأنوار ص ٢٤١.

(٣) إرشاد القلوب ج ١ ص ١٩.

١٤٩

الآخرة في حق من عرفها ، إذ يعرف أنها من منازل السائرين إلى الله ، وهي كرباط بني على طريق أعد فيها العلف والزاد وأسباب السفر ، فمن تزود لآخرته فاقتصر منها على قدر الضرورة من المطعم والملبس والمنكح وسائر الضروريات فقد حرث وبذر وسيحصد في الآخرة ما زرع ومن عرج عليها واشتغل بلذاتها وحظوظها هلك ، قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ) [ ٣ / ١٤ ] وقد عبر العزيز عن حظك منها بالهوى فقال : ( وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ) [ ٧٩ / ٤٠ ، ٤١ ] ـ انتهى.

وفِي الْحَدِيثِ : « كَانَتِ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لِآدَمَ وَلِأَبْرَارِ وُلْدِهِ ، فَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَعْدَاءُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ بِالْحَرْبِ وَالْغَلَبَةِ فَهُوَ فَيْءٌ ، وَمَا رَجَعَ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ سُمِّيَ أَنْفَالاً ، وَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».

وفِيهِ « لَرَوْحَةٌ أَوْ غُدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » (١). أي من إنفاقها لو ملكها ، أو من نفسها لو ملكها ، أو تصور تعميرها ، لأنه زائل لا محالة ، وهما عبارة عن وقت وساعة.

و « أَدْنَوْهُ مني » ـ بفتح همزة ـ أي قربوه مني.

و « التَّدَانِي إلى الشيء » التقرب منه.

و « أَدْنَاهُمَا من فيه » قربهما.

و « أَدْنَى من صداقها » أي أقل من مهرها.

و « أَدْنَى خيبر » أي أسفلها وطرفها مما يلي المدينة.

وفِي حَدِيثِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : « مَا فِيهِ دَنِيءٌ » أي دون أو خسيس ، « وإِنَّمَا فِيهِمْ أَدْنَى ». أي أقل رتبة.

و « الدَّنِيءُ » الخسيس من الرجال.

و « الدَّنِيُ » القريب ـ غير مهموز.

و « دَنَا يَدْنُ » ومثل قرب يقرب.

و « دَانَيْتُ بين الأمرين » قاربت بينهما.

و « ادْنُ » ـ بضم الهمزة وسكون

__________________

(١) التاج ج ٤ ص ٢٩٢.

١٥٠

الدال ـ : أمر المخاطب ، وربما لحقته الهاء فيقال : « ادْنُهْ » ، وقد تكرر في الحديث.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « قَطَعْتُمُ الْأَدْنَى مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللهِ ». يعني تركتم بيعة الحق وبايعتم أولاد العباس.

( دوا )

فِي الْحَدِيثِ : « وأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ » (١). أي أشد ، أي أي عيب أقبح منه.

وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هَذَا الدَّاءِ الدَّوِيِ ». أي الشديد ، استعار لفظ « الداء الدوي » لما هم عليه من مخالفة أمره ، ولفظ « الأطباء » لنفسه وأعوانه.

وفِي حَدِيثٍ : « الْإِجَّاصُ يُسَكِّنُ الدَّمَ وَيُسِيلُ الدَّاءَ الدَّوِيَ » (٢). قال في النهاية : « الدَّوِيُ » منسوب إلى « د و » من « دوي » بالكسر « يدوى دوا فهو دوي » إذا هلك بمرض باطن (٣).

وفِي الْخَبَرِ : « ويَسْمَعُ دَوِيَ صَوْتِهِ » (٤). بفتح الدال وكسر الواو ، وهو صوت ليس بالعالي كصوت النحل. قال في المشارق : وجاء عندنا في البخاري بضم الدال والصواب فتحها ، وهو شدة الصوت وبعده في الهواء.

و « دَوِيُ الريح » حفيفها ، وكذلك دَوِيُ النحل والطائر.

و « الدَّاءُ » المرض ، والجمع « أَدْوَاءٌ » ،

__________________

(١) الكافي ٤ / ٤٤ ، من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٧٢.

(٢) مكارم الأخلاق ص ١٩٩.

(٣) في النهاية ج ٢ ص ٣٦ : وفي حديث علي : « إلى مرعى وبي ومشرب دوي » أي فيه داء ، وهو منسوب إلى « د و » من دوي ـ بالكسر يدوى.

(٤) النهاية ج ٢ ص ٣٦.

١٥١

مثل باب وأبواب ، وبابه « تعب ».

ومنه الْحَدِيثُ : « إِذَا بَلَغَ الْمُؤْمِنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً آمَنَهُ اللهُ مِنَ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ : الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ » (١).

و « الدَّوَاءُ » ما يتداوى به ، وفي الصحاح « الدَّوَاءُ » ممدود واحد « الْأَدْوِيَةِ » ، و « الدِّوَاءُ » بالكسر لغة ـ انتهى.

وقولهم : « به دَوَاءُ الظبي » معناه أنه ليس به داء كما لا داء في الظبي.

و « دَاوَاهُ » عالجه ، و « يُدَاوِي بالشيء » يعالج به.

و « الدَّوَاةُ » التي يكتب منها ، والجمع « دَوَيَاتٌ » كحصاة وحصيات.

( دها )

قوله تعالى : ( أَدْهى وَأَمَرُّ ) [ ٥٤ / ٤٦ ] أي أشد وأنكر.

و « الدَّاهِيَةُ » النائبة العظيمة النازلة ، والجمع « الدَّوَاهِي » ، وهي فاعل من « دَهَاهُ الأمر يَدْهَاهُ » إذا نزل به.

و « دَوَاهِي الدهر » عظيم نوبه.

وعن ابن السكيت : دهته داهية دهياء ودهواء أيضا ، وهي توكيد لها.

وفِي الْخَبَرِ : « كَانَ رَجُلاً دَهْيَاءَ ». أي فطنا جيد الرأي.

وفي الصحاح : « الدَّهْيُ » ـ ساكنة الهاء ـ : النكر وجودة الرأي.

باب ما أوله الذال

( ذا )

قوله تعالى : ( وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) [ ٦ / ٥٧ ] أي عليم بنفس الصدور ، أي ببواطنها وخفياتها. قوله تعالى : ( وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ) [ ٨ / ١ ] أي حقيقة أحوال بينكم ،

__________________

(١) الكافي ٨ / ١٠٧.

١٥٢

والمعنى : أصلحوا ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق ومودة ، ومثله » وأصلح ذَاتَ بيننا وبينهم من الأحوال ».

و « ذَاتُ الشيء » نفسه وحقيقته ، وإذا استعمل في « ذَاتِ يوم » و « ذَاتِ ليلة » و « ذَاتِ غداة » ونحوها فإنها إشارة إلى حقيقة المشار إليه نفسه. وحكي عن الأخفش أنه قال في قوله تعالى : ( وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ) : إنما أنثوا ذَاتَ لأن بعض الأشياء قد يوضع له اسم مؤنث ولبعضها اسم مذكر ، كما قالوا : « دار » و « حائط » أنثوا الدار وذكروا الحائط ـ انتهى.

وقولهم : « فلما كان ذَاتُ يوم » يقال بالرفع والنصب ، بمعنى : كان الزمان ذات يوم أو يوم من الأيام.

قوله تعالى : ( ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ) [ ٢٢ / ٣٠ ]. قال بعض المفسرين : الأحسن في ذَلِكَ أن يكون فصل خطاب ، كقوله : ( هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ). وقوله : ( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ) ابتداء كلام ، وكثيرا ما يتكرر ذكر « ذَلِكَ » في الكلام ويراد به الإشارة إلى ما تقدم ، وتقديره « الأمر ذَلِكَ ». وأما « كَذَلِكَ » مثل قوله تعالى : ( كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) [ ٢ / ١٨٧ ] أي مثل ذلك البيان يبين الله آياته للناس ، وقد تكررت في القرآن الكريم. والمراد من « ذَلِكَ » قوله : ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ ) [ ٣٥ / ٢٨ ] أي كاختلاف الثمرات والجبال.

و « ذا » لامه محذوف ، وأما عينه فقيل : ياء ، وقيل : واو ، وهو الأقيس قاله في المصباح.

وقال الجوهري في بحث الألف اللينة : « ذَا » اسم يشار به إلى المذكر ، و « ذِي » ـ بكسر الذال ـ للمؤنث ، فإن وقفت عليها قلت : « ذِهْ » بهاء ، فإن أدخلت عليها هاء التنبيه قلت : « هَذَا زيد »

١٥٣

و « هَذِهِ أمة الله » ، و « هَذِهِ » بتحريك الهاء. فإن صغرت « ذا » قلت : « ذيا » وتصغيره « هذيا ». إن ثنيت « ذا » قلت : « ذان » فتسقط أحد الألفين ، فمن أسقط ألف « ذا » قرأ : ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ) ومن أسقط ألف التثنية قرأ ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ) لأن ألف « ذا » لا يقع فيها أعراب ، قال : وإن خاطبت جئت بالكاف فقلت : « ذَاكَ » و « ذَلِكَ » فاللام زائدة والكاف للخطاب ، وفيه دليل على أن ما يومى إليه بعيد. وتدخل الهاء على « ذَاكَ » ولا تدخل على « ذَلِكَ ». ولا تدخل الكاف على « ذِي » للمؤنث ، وإنما تدخل على « تا » تقول : « تلك » و « تيك » ولا تقل : « ذِيكَ » ، وتقول في التثنية : « جاءني ذَانِكَ الرجلان » ، وربما قالوا : « ذَانِّكَ » بالتشديد تأكيدا وتكثيرا للاسم. قال : وأما « ذَا » و « الذي » بمعنى صاحب فلا يكون إلا مضافا ، وأصل « ذ و » ذوا مثل عصا ، يدل على ذلك قولهم : « هاتان ، ذواتا مال » ، قال تعالى : ( ذَواتا أَفْنانٍ ) [ ٥٥ / ٤٨ ]. ثم قال : وأما « ذُ و » التي في اللغة بمعنى « الذي » فحقها أن يوصف بها المعارف ، ثم حكى قول سيبويه ، وهو أن « ذَا » وحدها بمعنى « الذي » مستشهدا بقول لبيد (١) :

__________________

(١) هو ( أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة الكلابي الجعفري ) الشاعر المشهور ، كان فارسا شجاعا سخيا من مشاهير الشعراء ، ولما من الله على الناس بالإسلام أسلم وهجر الشعر وحفظ القرآن الكريم عوضا عنه ، قال النبي (ص) : أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة ( لبيد ) : « ألاكلُّ شىء ماخلا الله باطل » ، مات سنة ٤١ ه‍ وقد بلغ من العمر أكثر من ١٣٠ سنة ، وأشهر قصيدة له قصيدته الهائية ، وهي إحدى المعلقات السبع التي تعد من عيون الشعر العربي. الإصابة ج ٣ ص ٣٠٧ ، المؤتلف والمختلف ص ١٧٤ ، جواهر الأدب ج ٢ ص ٨٦.

١٥٤

ألا تسألان المرء ما ذَا يحاول

ـ انتهى. وفِي الْحَدِيثِ : « مَا أَنْتَ وَذَاكَ ». كأن المعنى : لا يليق بك ذَلِكَ ولا تصل إليه.

ومن كلامهم : « إيها الله ذَا » و « لاها الله ذَا » قال الخطابي نقلا عنه : « لاها الله ذَا » و « إيها الله ذا » بغير ألف قبل الذال ، ومعناه في كلامهم : « لا والله ذا » و « أي والله ذا » يجعلون الهاء مكان الواو ، ومعناه : لا والله يكون ذا. وعن الأخفش : أنه من جملة القسم توكيد له ، كأنه قال : « ذَا قسمي » قال : والدليل عليه أنهم يقولون : « لاها الله ذا لقد كان كَذَا » فيجيئون بالمقسم عليه بعده.

( ذرا )

قوله تعالى : ( تَذْرُوهُ الرِّياحُ ) [ ١٨ / ٤٥ ] أي تطيره وتفرقه ، من قولهم : « ذَرَتِ الريحُ الترابَ تَذْرُوهُ » فرقته ، و « ذَرَأَكُمْ » خلقكم ، وبابه نفع.

قوله تعالى : ( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) [ ٤٢ / ١١ ] أي في هذا التدبير ، وهو أن جعل لكم من الذكور والإناث من الناس والأنعام للتوالد والتناسل ، والضمير في « يَذْرَأُ » يرجع إلى المخاطبين والأنعام.

قوله تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) على أن مصيرهم إلى جهنم بسوء اختيارهم ، وهم الذين علم الله أنه لا لطف لهم.

قوله تعالى : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ ) [ ١٧ / ٣ ] عزير وعيسى (ع) ، و « الذّرِّيَّةُ » مثلثة ، اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى ، كالأولاد وأولاد الأولاد وهلم جرا ، قيل : وأصلها الهمز لأنها فعولة من « يَذْرَأُ الله الخلق » فأبدلت الهمزة ياء كنبي ، فلم يستعملوها إلا غير مهموزة ، وقيل :

١٥٥

أصلها « ذُرُّورَةٌ » على وزن فعلولة من « الذرّ » بمعنى التفريق ، لأن الله ذَرَّهُمْ في الأرض ، فلما كثر التضعيف أبدلوا الراء الأخيرة ياء فصارت « ذروية » فأدغمت الواو في الياء فصارت « ذُرِّيَّةً » ، وتجمع على « ذُرِّيَّاتٍ » و « ذَرَارِيّ » بالتشديد.

قوله تعالى : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) ـ الآية [ ٦ / ٨٤ ] قال المفسِّر : أي من ذرية نوح (ع) ، لأنه أقرب المذكورين ولأن فيمن عددهم ليس من ذرية إبراهيم (ع) ، وقيل : أراد ومن ذرية إبراهيم (ع) ، وإنما سمي ذُرِّيَّتِهِ إلى قوله : ( كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ثم عطف عليه قوله : ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى ) ، قال : ولا يمتنع أن يكون غلب الأكثر الذين هم من نسل إبراهيم (ع).

قوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ ) [ ٣٦ / ٤١ ـ ٤٢ ] قال المفسر : ذُرِّيَّتَهُمْ أولادهم ومن يهمهم حمله. وقيل : إن اسم الذُّرِّيَّةِ يقع على النساء لأنهن من مزارعها.

وفِي الْحَدِيثِ نَهَى عَنْ قَتْلِ الذَّرَارِيِ ، وَخَصَّهُمْ بِالْحَمْلِ لضعفهم ، ولأنهم لا قوة لهم على السفر كقوة الرجال ، و ( مِنْ مِثْلِهِ ) أي من مثل الفلك ( ما يَرْكَبُونَ ) ، يعني الإبل وهي سفن البر ، وقيل : ( الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) سفينة نوح (ع) ، و ( مِنْ مِثْلِهِ ) أي مثل ذلك الفلك ( ما يَرْكَبُونَ ) من السفن والزوارق (١).

قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) [ ٥٢ / ٢١ ] رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (ع) قَالَ : « قَصُرَتِ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ فَأَلْحَقُوا الْأَبْنَاءَ بِالْآبَاءِ لِتَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ » (٢).

وعَنْهُ (ع) أَنَّهُ قَالَ : « إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَكْفَلَ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ أَطْفَالَ

__________________

(١) انظر مجمع البيان ج ٤ ص ٤٢٦.

(٢) البرهان ج ٤ ص ٢٤١.

١٥٦

الْمُؤْمِنِينَ يَغْذُونَهُمْ بِشَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ لَهَا أَخْلَافٌ كَأَخْلَافِ الْبَقَرِ فِي قَصْرٍ مِنْ دُرَّةٍ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُلْبِسُوا وَطُيِّبُوا وَأُهْدُوا إِلَى آبَائِهِمْ ، فَهُمْ مُلُوكٌ فِي الْجَنَّةِ مَعَ آبَائِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ (١).

وقال الشيخ أبو علي (ره) في تفسير الآية : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) عطف على ( بِحُورٍ عِينٍ ) أي وبالذين آمنوا ، أي بالرفقاء والجلساء ، فيتمتعون تارة بملاعبة الحور وتارة بمؤانسة الإخوان ، وقرئ ( وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) وذُرِّيَّاتُهُمْ وأتبعناهم ذُرِّيَّاتِهِمْ و ( أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) وذُرِّيَّاتِهِمْ ـ انتهى.

وعَنِ النَّبِيِّ (ص) : « الْمُؤْمِنُونَ وَأَوْلَادُهُمْ فِي الْجَنَّةِ ». وقرأ هذه الآية (٢) والمعنى : أن الله سبحانه يجمع لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم وبمزاوجة الحور العين وبمؤانسة الإخوان المؤمنين المتقابلين وباجتماع أولادهم ونسلهم معهم.

قوله تعالى : ( وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ) [ ٥١ / ١ ] وهي الرياح تَذْرُو الشيء ذَرْواً وذَرْياً : تنسفه وتذهبه ، ويقال : « ذَرَتْهُ الريح وأَذْرَتْهُ » طيرته.

وفِي الْحَدِيثِ : « سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَنِ الذَّارِياتِ ذَرْواً فَقَالَ : الذَّارِيَاتِ هِيَ الرِّيحُ ، وَعَنْ ( الْحَامِلَاتِ وِقْراً ) فَقَالَ : هِيَ السَّحَابُ ، وَعَنِ ( الْجَارِيَاتِ يُسْراً ) فَقَالَ : هِيَ السُّفُنُ ، وَعَنِ ( الْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً ) قَالَ : الْمَلَائِكَةُ ، وَهُوَ قَسَمٌ كُلُّهُ » (٣).

وفِي الْحَدِيثِ : « كَسْبُ الْحَرَامِ يَبِينُ فِي الذُّرِّيَّةِ ». قيل عليه : أنه ينافي قوله

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٢٤٢. ويلاحظ أن الآية الكريمة وردت في الحديث موافقة لقراءة أبي عمرو ،.

(٢) الدر المنثور ج ٦ ص ١١٩.

(٣) تفسير علي بن إبراهيم ص ٦٤٦.

١٥٧

تعالى : ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) [ ٦ / ١٦٤ ] ويمكن الجواب بأن كسب الحرام له تأثير في الذُّرِّيَّةِ يسبب التربية منه ، فيفعلون الأفعال القبيحة ، أو هو للتوبيخ والتحذير عن تناوله.

وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « يَذْرُو الرِّوَايَةَ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ ». أي يسرد الرواية كما تنسف الريح هشيم النبت.

و « الذِّرْوَةُ » ـ بالكسر والضم من كل شيء ـ : أعلاه ، وسنام كل شيء : أعلاه أيضا.

ومنه الْحَدِيثُ : « ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ وَسَنَامُهُ الْجِهَادُ ».

ومنه قَوْلُهُ (ع) : « عَلَى ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ » (١).

ومنه « ذُرَى الآكام » ـ بالضم ـ فإنها جمع « ذُرْوَةٍ » يعني أعاليها.

و « الذُّرْوَةُ » ـ بالضم ـ : الشيب أو أول بياضه في مقدم الرأس.

و « الذَّرَى » ـ بالفتح ـ كلما استترت به.

و « الذُّرَةُ » ـ بضم معجمة وخفة مهملة وها عوض عن لام محذوفة ـ : حبّ معروف.

و « أَذْرَأَتِ العين دمعها » صبته.

و « الْمِذْرَى » خشبة ذات أطراف يُذَرَّى بها الطعام.

( ذكا )

قوله تعالى : ( إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ) [ ٥ / ٣ ] أي إلا ما أدركتم ذبحه على التمام ، ومعنى « ذكيتم » ذبحتم ، أي قطعتم الأوداج وذكرتم اسم الله عليه إذا ذبحتموه.

وفِي حَدِيثِ السَّمَكِ : « ذَكَّاهَا اللهُ لِبَنِي آدَمَ ». هو كناية عن إحلال السمك لهم من غير تذكية.

و « التَّذْكِيَةُ » الذبح والنحر ، والاسم « الذَّكَاةُ » ، والمذبوح « ذَكِيٌ ».

وفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ :

__________________

(١) الكافي ٦ / ٥٤٢.

١٥٨

« ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ » (١). قال في النهاية : ويروى هذا الحديث بالرفع والنصب ، فمن رفعه جعله خبر المبتدأ الذي هو « ذَكَاةُ الجنين » ، فتكون ذكاة الأم هي ذكاة الجنين ، فلا يحتاج إلى ذبح مستأنف ، ومن نصب كان التقدير : « ذكاة الجنين كَذَكَاةِ أمه » فلما حذف الجار نصب ، أو على تقدير : « يُذَكَّى تَذْكِيَةً مثل ذكاة أمه » فحذف المصدر وصفته وأقام المضاف إليه مقامه ، فلا بد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حيا. ومنهم من يرويه بنصب الذكاتين ، أي ذَكُّوا الجنين كَذَكَاةِ أمه ـ انتهى.

فِي الْحَدِيثِ : « كُلُّ يَابِسٍ ذَكِيٌ » (٢). أي طاهر ، ومِنْهُ : « ذَكَاةُ الْأَرْضِ يُبْسُهَا ». أي طهارتها من النجاسة.

وفِيهِ : « أَذْكِ بِالْأَدَبِ قَلْبَكَ ». أي طهره ونظفه عن الأدناس والرذائل.

« وذَكِيَ الشخص وذَكَا » من باب تعب ومن باب علا لغة يريد سرعة الفهم.

وعن بعض المحققين : « الذَّكَاءُ » حدة الفؤاد ، وهي شدة قوة النفس معدة لاكتساب الآراء. وقيل : هو أن يكون سرعة إنتاج القضايا وسهولة استخراج النتائج ملكة النفس كالبرق اللامع بواسطة كثرة مزاولة المقدمات المنتجة.

« الذَّكِيُ » ـ على فعيل ـ : الشخص المتصف بذلك ، والجمع « أَذْكِيَاءُ ».

و « ذُكَاءُ » ـ بالضم ـ اسم للشمس معرفة.

و « الذَّكَاءُ » ـ بالفتح ـ : شدة وهج النار واشتعالها ، وفي القاموس : « ذَكَتِ النار ذُكُوّاً وذَكاً وذَكَاءً » ـ بالمد ـ : اشتد لهبها.

و « الذَّكَوَاتُ » جمع « ذَكْوَةٍ » الجمرة الملتهبة من الحصى ، ومنه الْحَدِيثُ : « قَبْرُ

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٢٠٩ ، التّهذيب ج ٢ ص ٢٩٧ ، التّاج ج ٣ ص ٩٥.

(٢) الوسائل ب ٣١ أبواب الخلوة ج ٥ ، وفي الإستبصار ٥ / ٥٧ « كلّ شيء يابس زكيّ ».

١٥٩

عَلِيٍّ (ع) بَيْنَ ذَكَوَاتٍ بِيضٍ » (١). وأحب التختم بما يظهره الله بِالذَّكَوَاتِ البيض.

وذَكْوَانُ قبيلة من سليم (٢).

و « أذكوتكين » بالذال المعجمة بعد ألف ثم الكاف فالتاء المثناة الفوقانية بعد الواو ثم الياء التحتانية بعد الكاف ثم النون أخيرا على ما وجدناه في النسخ : اسم حاكم جائر.

( ذوا )

قوله تعالى : ( ذَواتا أَفْنانٍ ) [ ٥٥ / ٤٨ ] تثنية « ذُ و » التي بمعنى صاحب ، و « أفنان » أغصان ، ومثله قوله : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) [ ٦٥ / ٢ ] و « ذَوَى العود والبقل » من باب رمى « يَذْوِي ذَوْياً فهو ذَاو » أي ذبل.

وفي الدر « ذَوَى العود » يبس.

وفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْمَهْدِيِّ (ع) : « قُرَشِيٌّ يَمَانٍ لَيْسَ مِنْ ذِي وَلَا ذَوَا ». أي ليس نسبه نسب أَذْوَاءِ اليمن ، وهم ملوك حمير مثل ذي يزن وذو رعين (٣) ، وقوله : « قرشي النسب يمان » أي يماني المنشإ.

__________________

(١) الوافي ج ٨ ص ٢٠٩.

(٢) يذكر قبيلة ذكوان في « بجل » و « رعل » و « لحا » ـ ز.

(٣) انظر تفصيل تاريخ ملوك حمير في كتاب العرب قبل الإسلام لجرجي زيدان ص ١٢١ ـ ١٢٥.

١٦٠