الشيخ فخر الدين الطريحي
المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢
كقولهم : « الغدايا » و « العشايا ».
وفِي حَدِيثِ شَارِبِ الْخَمْرِ : « أَخْزَاهُ اللهُ » (١) ، وَيُرْوَى « خَزَاهُ ». أي قهره وأذله وأهانه ، من « خَزِيَ خِزْياً » إذا ذل وهان.
وقد يكون الْخِزْيُ بمعنى الفضيحة ، ومنه « اللهُمَ اخْزِ عَبْدَكَ فِي بِلَادِكَ ». في الوصل دون القطع ، أي افضحه ، وقيل : أهلكه أو أهنه أو أذله.
وفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْإِمَامِ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ : « ولَمْ يُخْزِهِمْ فِي بُعُوثِهِمْ ». قال بعض شراح الحديث : لعله من الخزي ، وخزاهم أنهم يغلبون فيقتلون ، ولكن يرفق بهم ، كأن يبعث جيشا مقاوما للأعداء. و « الْبَعَثُ » ـ بالتحريك ـ : الجيش ، والجمع « بعوث ».
و « الْمُخْزِيَةُ » ـ على صيغة اسم الفاعل ـ : الخصلة القبيحة ، والجمع « الْمُخْزِيَاتُ » و « الْمَخَازِي » ، ومنه « ذق مُخْزِيَةً في الدنيا ».
وقَوْلُهُ : « إِلَّا أَنَّ الْكَاذِبَ عَلَى شَفَا مَخْزَاةٍ وَهَلَكَةٍ » (٢). يقرأ على صيغة اسم المفعول ، من « الْخِزْيِ » بالكسر ، وهو الذل والهوان والمقت.
( خسا )
قوله تعالى : ( اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ) [ ٢٣ / ١٠٨ ] أي ابعدوا ، وهو إبعاد بمكروه. ومنه ( خاسِئِينَ ) [ ٢ / ٦٥ ] أي باعدين ومبعدين.
قوله ( خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ) [ ٦٧ / ٤ ] أي مبعدا وهو كليل ، و « الْخَاسِئُ » الصاغر.
وفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ : « واخْسَأْ شَيْطَانِي ». بهمزة وصل وآخره همزة ساكنة ، أي أسكته صاغرا مطرودا وأبعده عني حتى لا يكون سبيل له علي واجعله مبعدا
__________________
(١) لسان العرب ( خزى ).
(٢) بحار الأنوار ج ١٥ ق ٣ ص ٤٧. وفي مشكاة الأنوار ص ١٥٦ : « ردى » بدل « مخزاة » وفي تحف العقول ص ١٥١ : « مهواة ».
كالكلب المهين. قيل : وإنما قال : « شيطاني » لأنه أراد به قرينه من الجن ، أو أراد الذي يبغي غوايته ، فأضافه إلى نفسه.
قال الجوهري : وخَسَأَ بنفسه يتعدى ولا يتعدى.
( خشى )
قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) [ ٢٣ / ٥٧ ] أي من خوف ربهم. و « الْخَشْيَةُ » : الخوف. يقال : « خَشِيَ الرجل يَخْشَى خَشْيَةً » أي خاف ، ورجل خَشْيَان وامرأة خَشْيَاء.
والْخَشْيَةُ : الكراهة.
قوله تعالى : ( فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً ) [ ١٨ / ٨٠ ] أي كرهنا ، وقيل : ( فَخَشِينا ) علمنا ، ومنه قول جرير :
ولقد خَشِيتُ بأن من تبع الهدى |
|
سكن الجنان مع النبي محمد (١) |
قال المفسر في الجامع : فَخَشِينا أي خفنا أن يغشي الوالدين المؤمنين ( طُغْياناً وَكُفْراً ) فيعقهما بعقوقه وسوء صنعته ، ويلحق بهما بلاء ، أو يعذبهما على الطغيان والكفران.
قوله تعالى : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) [ ٤ / ٩ ] قيل : هم الذين يجلسون عند المريض
__________________
(١) لم أظفر على من نسب هذا البيت إلى ( جرير ) ـ فيما اطلعت عليه من الكتب اللغوية ـ وهو أيضا غير موجود في ديوانه المطبوع. وجرير ـ بفتح الجيم وكسر الراء ـ هو ( أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع ) ، الشاعر الذي اشتهر بكثرة هجائه وقذفه ، وفيه مع ذلك دين وعفة وحسن خلق ورقة طبع ، وكان بينه وبين ( الفرزدق ) مناوشات شعرية وأهاجي كثيرة ، ولد سنة ٤٢ ه باليمامة ومات فيها سنة ١١٤ ه. المؤتلف والمختلف ص ٧١ ، الشعر والشعراء ص ١٠٨ ، جواهر الأدب ج ٢ ص ١٥٠.
يقولون : إن أولادك لا يغنون عنك من الله شيئا ، فقدم مالك في سبيل الله ، فيفعل المريض بقولهم ، فيبقى أولاده ضائعين كلا على الناس ، فأمر هؤلاء بأن يخافوا الله في هذا القول. قوله تعالى : ( فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) أي موافقا بأن لا يشيروا بزائد على الثلث.
وفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ (ع) : « إِنَّ آكِلَ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً يَسْتَدْرِكُهُ وَبَالُ ذَلِكَ فِي عَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ » فَقَالَ : « ذَلِكَ أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ اللهَ قَالَ : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ ) وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً )(١).
قوله تعالى : ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) [ ٣٥ / ٢٨ ] قال الشيخ أبو علي (ره) : المعنى : إن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم ، إذ عرفوه حق معرفته وعلموه حق علمه. قال : وعَنِ الصَّادِقِ (ع) : « يَعْنِي بِالْعُلَمَاءِ مَنْ صَدَّقَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَلَيْسَ بِعَالِمٍ ». انتهى (٢).
وفي المغني : جزم النحويون بأن « ما » في هذه الآية كافة ، ولا يمتنع أن تكون بمعنى الذي ، و « العلماء » خبر ، والعائد مستتر في يخشى ـ انتهى.
وذلك مؤكد لما ذكره الشيخ (ره).
وفي كلام بعض الأفاضل : قرئ بنصب الجلالة ورفع العلماء وبالعكس ، على أن تكون الْخَشْيَةُ مستعارة للتعظيم ، وفيه بعد.
وفي بعض مؤلفات المحقق الطوسي ما حاصله : أن الْخَشْيَةَ والخوف ـ وإن كانا في اللغة بمعنى واحد ـ إلا أن بين خوف الله وخَشْيَتِهِ في عرف أرباب القلوب فرقا ، وهو أن الخوف تألم النفس من
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٣٤٦.
(٢) الحديث في البرهان ج ٣ ص ٣٦١.
العقاب المتوقع بسبب ارتكاب المنهيات والتقصير في الطاعات ، وهو يحصل لأكثر الخلق ـ وإن كانت مراتبه متفاوتة جدا ـ والمرتبة العليا منه لا تحصل إلا للقليل ، والْخَشْيَةُ حالة تحصل عند الشعور بعظمة الحق وهيبته وخوف الحجب عنه ، وهذه حالة لا تحصل إلا لمن اطلع على حال الكبرياء وذاق لذة القرب ، ولذا قال سبحانه : خوف خاص ، وقد يطلقون عليها الخوف أيضا ـ انتهى.
وفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعُمَرَ : « لَقَدْ أَكْثَرْتُ مِنَ الدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَسْهَلَ عِنْدَ نُزُولِهِ ». أي حتى رجوت ـ كذا قيل.
( خصا )
فِي الْحَدِيثِ : « سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَصِيِ يَبُولُ » (١). هو من خَصَيْتُ العبد أَخْصِيهِ خِصَاءً ـ بالكسر والمد ـ : سللت خُصْيَيْهِ ، فه و « خَصِيٌ » ـ على فعيل ـ بمعنى مفعول.
و « الْخُصْيَةُ » كمدية جمعها « خُصىً » كمدى.
وعن أبي عبيدة : « لم أسمع خِصْية » بالكسر.
وإذا ثنيت الْخُصْيَةَ قلت : « خُصْيَانِ » بإسقاط التاء ، وكذلك الألية.
و « الْخُصْيَانِ » هما : الجلدتان فيهما البيضتان.
وفِي الْحَدِيثِ : « سَأَلْتُهُ عَنِ الْخِصْيَانِ ». هو بكسر الخاء : جمع خصي (٢).
( خطا )
قوله تعالى : ( لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ ) [ ٦٩ / ٣٧ ] قيل : هو من « خَطِئَ الرجل خِطْئاً » ـ من باب علم ـ : إذا أتى بالذنب متعمدا ، فهو خَاطِئٌ.
__________________
(١) في الكافي ج ٣ ص ٢٠ : « كتبت إلى أبي الحسن (ع) في خصي يبول ».
(٢) يذكر في « أرب » حديثا في الخصى ، وكذا في « صلع » و « غير » شيئا في الخصاء ـ ز.
وعن أبي عبيدة : خَطِئَ وأَخْطَأَ بمعنى.
وقال غيره : « خَطِئَ في الدين وأَخْطَأَ في كل شيء » إذا سلك سبيل خَطَإٍ ـ عامدا أو غير عمد.
ويقال : « خَطِئَ » إذا أثم ، و « أَخْطَأَ » إذا فاته الصواب.
و « الْخِطْءُ » ـ بالكسر فالسكون ـ : الذنب وما فيه إثم ، و « الْخَطَأُ » ما لا إثم فيه ، قال تعالى : ( إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً ) [ ١٧ / ٣١ ] أي إثما كبيرا.
قوله تعالى : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) [ ٤ / ٩٢ ] ظاهره جواز القتل خَطَأً وليس كذلك. قال الشيخ أبو علي : أجمع المحققون من النحويين على أن قوله : ( إِلَّا خَطَأً ) استثناء منقطع من الأول ، على معنى : ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا البته إلا أن يَخْطَأَ المؤمن ... وقال بعضهم : الاستثناء متصل ، والمعنى : لم يكن لمؤمن أن يقتل مؤمنا متعمدا ، ومتى قتله متعمد ، لم يكن مؤمنا ، فإن ذلك يخرجه من الإيمان ، ثم قال : ( إِلَّا خَطَأً ) أي فإن قتله له خطأ لا يخرجه من الإيمان انتهى (١).
و « الْخَطَأُ » : نقيض الصواب ، وقد يمد. قال الجوهري : وقرئ بهما قوله : ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً ) ، ومثله قال في المصباح.
و « الْخَطَيِئَةُ » ـ على فعيلة ، ولك أن تشدد الياء ـ الاسم من الْخِطْءِ ـ بالكسر ـ : الإثم ، والجمع « الْخَطَايَا ».
قوله : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ) [ ٢ / ١٦٨ ] قيل : أعماله ، وقيل : خطراته التي تخطر بالبال ، وقيل : خَطَايَاهُ. وقرئ بضم الطاء وسكونها.
ويقال : « اتبع خُطُوَاتِهِ ووطئ على عقبه » في معنى اقتدى به واستن
__________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٩٠.
سنته.
فِي الْحَدِيثِ : « يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ ». أي يخطو خطوة ـ بالضم ـ وهي بعد ما بين القدمين في المشي ، وتجمع على « خطى » و « خطوات » مثل غرف وغرفات.
و « الْخَطْوَةُ » ـ بالفتح ـ : المرة من الخطو ، وتجمع على « خَطَوَاتٍ » مثل شهوة وشهوات.
و « خَطَا خَطْواً » : مشى ، ومنه « قصر الله خَطْوَكَ » أي مشيك.
و « يَخْطُو في مشيه » أي يتمايل ويمشي مشية المعجب.
و « تَخَطَّيْتُ الشيء » : تجاوزته ، ولا يقال : « تخطأته ».
وفِيهِ : « الرَّجُلُ يَأْتِي جَارِيَتَهُ وَهِيَ طَامِثٌ خَطَأً ». أي من غير تعمد.
وفِي الْخَبَرِ : « مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ » (١) ـ بالهمز ـ أي مذنب ، والمحرم منه ما يكون في الأوقات وقت الغلاء للتجارة ، ويؤخره ليغلو ، لا فيما جاء به من قريته ، أو اشتراه في وقت الرخص وأخره ، أو ابتاعه في الغلاء ليبيعه في الحال.
( خفا )
قوله تعالى : ( تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ) [ ٦ / ٦٣ ] الْخُفْيَةُ الاسم من الِاسْتِخْفَاءِ ، أعني الاستتار. و « خَفِيَ الشيء خَفَاءً » إذا استتر.
قوله تعالى : ( لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ ) [ ٦٩ / ١٨ ] وقرئ بالياء ، لأنه تأنيث غير حقيقيّ.
و « أَخْفَى الشيء » كتمه وستره.
قوله تعالى : ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) [ ٣٢ / ١٧ ] هو بالبناء للمجهول ، أي سُتِر عنهم. قال الشيخ أبو علي (ره) : وقرئ أَخْفَى لهم بالبناء للفاعل ، وهو الله تعالى ، و « ما »
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ١٨٧ ، وفي من لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ١٦٩ : « لا يحتكر الطعام إلاخاطىء ».
بمعنى الذي ، أو بمعنى أي ، وقرئ عن النبي ص : قُرَّات أعْيُنٍ ، أي لا تعلم النفوس كلهن ولا نفس واحدة منهن ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، أي نوع عظيم من الثواب جني لهم وادخر.
قوله تعالى : ( أَكادُ أُخْفِيها ) [ ٢٠ / ١٥ ] أي أسترها أو أظهرها ، يعني أزيل عنها خَفَاءً أي غطاءها ، وهو من الأضداد. وقال في المصباح ـ بعد أن ذكر خَفِيَ من الأضداد ـ : وبعضهم يجعل حرف الصّلة فارقا ، فيقول : « خَفِيَ عليه » إذا استَتَر ، و « خَفِيَ له » إذا ظَهَرَ.
و « الْخَفِيُ » الْخَافِي ، ومنه قوله تعالى : ( يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ ) [ ٤٢ / ٤٥ ].
قوله تعالى : ( وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ ) [ ١٣ / ١٠ ] أي مستتر به.
قوله تعالى : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) [ ٣٣ / ٣٧ ] قيل : أَخْفَى في نفسه أنه إن طلقها زيد وتزوجها لامه الناس أن يقولوا : أمره بطلاقها ثم تزوجها. وقيل : إن الذي أَخْفَاهُ هو أن الله سبحانه أعلمه بما ستكون من أزواجه ، وأن زيدا سيطلقها ، فأبدى سبحانه ما أَخْفَاهُ في نفسه بقوله ( زَوَّجْناكَها ) ولم يرد سبحانه بقوله : ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) خشية التقوى ، لأنه ـ ص ـ كان يتق الله حق تقاته ، ويخشاه فيما يجب أن يخشى فيه ، ولكن المراد خشية الاستحياء ، لأن الحياء من شيمة الكرام (١).
وفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَ الْخَفِيَ » (٢). يعني المعتزل عن الناس ، الذي يَخْفَى عليهم مكانه ، أو المنقطع إلى العبادة ، المشتغل بأمور نفسه.
وفِيهِ : « خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُ ». أي
__________________
(١) انظر تفسير الآية الشريفة في مجمع البيان ج ٤ ص ١٦٠.
(٢) في عدة الداعي ص ١٥٨ : « أحب العباد إلى الله الأتقياء الأخفياء ».
ما أَخْفَاهُ الذاكر.
و « الْمُخْفِي للصدقات » المستتر بها. ذَكَرَ الْمُؤَرِّخُونَ أَنَّ زَيْنَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليه السلام كَانَ يَعُولُ أَرْبَعَمِائَةِ بَيْتٍ فِي الْمَدِينَةِ ، وَكَانَ يُوصِلُ قُوتَهُمْ إِلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِمْ ، فَلَمَّا مَاتَ (ع) انْقَطَعَ عَنْهُمْ ذَلِكَ ، فَعَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ (١).
وفِي الْحَدِيثِ : « تَصَدَّقَ إِخْفَاءً حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ » (٢). قيل : هو ضرب مثل ، والمعنى حتى لا يعلم ملك شماله.
و « اسْتَخْفَيْتُ منه » تواريت ، ولا تقل « اخْتَفَيْتُ » ، وفيه لغة.
و « فعلته خفْيَةً » ـ بضم الخاء وكسرها.
وفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ : « سَقَطْتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ » (٣). الْخِفَاءُ : الكساء ، وكل شيء غطيت به شيئا فهو خِفَاءٌ.
__________________
(١) انظر تفصيل هباته وسخائه (ع) في أعلام الورى ص ٢٥٦ ، الإمام زين العابدين للمقرم ص ٣٣٤ ـ ٣٣٧.
(٢) في التاج ج ٢ في ص ٤٠ من حديث عن النبي (ص) : « ورجل تصدق بصدقةفأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ».
(٣) أبو ذر الغفاري هو جندب ـ بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة ابن جنادة الصحابي المشهور الذي قال فيه النبي (ص) : « ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر » وقال (ص) : « أبو ذر في أمتي شبيه عيسى بن مريم في زهده وورعه » أخرجه عثمان من المدينة إلى الشام فجعل يذكر هناك مساوىء معاوية ومخازيه ويبين ما جاء به معاوية من البدع ، فطلب معاوية إلى عثمان استرداد أبي ذر من الشام ، فأمره عثمان بالرجوع إلى المدينة ثم نفاه إلى ربذة فمات فيها سنة ٣١ أو ٣٢ ، وصلى عليه عبد الله بن مسعود في نفر من أصحاب النبي (ص) وكانوا مقبلين من الكوفة. الإصابة ج ٤ ص ٦٣ ، تنقيح المقال ج ١ ص ٢٣٤ ، الكنى والألقاب ج ١ ص ٧٢ ،
وفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ مَدِينَةَ لُوطٍ حَمْلَهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى خَوَافِي جَنَاحِهِ » (١). وهي الريش الصغار التي في جناح الطير عند القوادم ، واحدها « خَافِيَةٌ ».
( خلا )
قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ ) [ ٣٥ / ٢٤ ] أي مضى وأرسل.
قوله تعالى : ( وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ ) [ ٢ / ١٤ ] أي إذا خَلَا بعضهم إلى بعض ، يقال : « خَلَا الرجل إلى الرجل » إذا اجتمعا في خَلْوَةٍ. وقيل : « إلى » بمعنى « مع » مثل قوله تعالى : ( مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ).
قوله تعالى : ( وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ ) [ ٤٦ / ١٧ ] أي مضت ، ومثله قوله تعالى : ( قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ ) [ ١٣ / ٣٠ ].
قوله تعالى : ( وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ ) [ ٨٤ / ٤ ] تفعلت ، من الْخَلْوَةِ ».
وفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ اللهَ خِلْوٌ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلْقَهُ خِلْوٌ مِنْهُ (٢) ». بكسر الخاء وتسكين اللام ، والمراد المباينة الذاتية والصفاتية بين الخالق والمخلوق ، فكل منهما خِلْوٌ من شبه الآخر.
وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « فَيُخَلِّينِي أَدُورُ مَعَهُ كَيْفَ دَارَ ». قيل : هو إما من الْخَلْوَةِ « أو من التَّخْلِيَةِ » أي يتركني أدور معه كيف دار. وعن بعض الأفاضل : أنه ليس المراد الدوران الحسي ، بل العقلي ، والمعنى : أنه ـ ص ـ كان يطلعني على الأسرار المصونة عن
__________________
الاستيعاب ج ٤ ص ٦٢ ، أعيان الشيعة ج ١٦ م ١٧ ص ٤١٩ ـ ٥٣١ ، أمالي الشيخ المفيد ص ٧١ و ٩٦ ، علل الشرائع ج ١ ص ١٦٩.
(١) في البحار ج ٥ ص ١٥٣ عن علل الشرائع وتفسير العياشي : إن جبرئيل قال للنبي (ص) : « ثم عرجت بها في جوافي جناحي » ثم قال المجلسي : « الجوافي » جمع الجوفاء أي الواسعة ... والأظهر « الخوافي » بالخاء المعجمة ـ اه.
(٢) الكافي ١ / ٨٢.
الأغيار ، ويتركني أخوض معه في المعارف اللاهوتية والعلوم الملكوتية ، التي جلت عن أن تكون شرعة لكل وارد ، أو يطلع عليها جماعة إلا واحدا بعد واحد ـ انتهى.
وفِي الدُّعَاءِ : « لَا تُخَلِّنِي مِنْ يَدِكَ ». هو بالخاء المعجمة وتشديد اللام ، من التَّخْلِيَةِ ، وجوزوا أن يراد النعمة ، وحينئذ يقرأ بتخفيف اللام ، أي لا تجعلني خَالِياً من نعمتك.
وفِيهِ : « أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَتَخَلَّيْتُ ». قيل : أراد من التَّخَلِّي التبري من الشرك ، وعقد القلب على الإيمان.
والتَّخَلِّي التفرغ ، ومنه « أنت خِلْوٌ من مصيبتي » ـ بكسر الخاء ـ أي فارغ البال منها.
و « خَلَّى عنهم » أي تركهم ، وأعرض عنهم.
و « الْخَلِيُ » الْخَالِي من الهم ، وهو خلاف « الشجي ».
و « الْخَلَاءُ » ـ بالمد ـ : المتوضأ ، والمكان المعد للخروج ، سمي بذلك لأن الإنسان يَخْلُو فيه بنفسه.
وفِي الْحَدِيثِ : « وكَانَ (ص) إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ » (١). واختلف فيه أنه مختص بالبنيان أو يعم الصحراء ، ولفظ « دخل » يخصه.
و « تَخَلَّى » تغوط ، ومنه الْحَدِيثُ : « لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ » (٢). وعد منها الْخَلَاءَ ، يعني الغائط فقط ، لمقابلته بالبول والريح والصوت (٣).
و « تَخَلَّى » دخل الْخَلَاءَ.
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٨٠.
(٢) الكافي ج ٣ ص ٣٦٤.
(٣) يذكر في « قذا » دعاء في الخلاء ، وفي « وقى » شيئا في التخلي ، وكذا في « وهب » و « ضرب » ، وفي « سرع » شيئا من دعائه ، وكذا في « غفر » و « رجس » ، وفي « بعد » و « شرق » شيئا فيه ، وفي « لعن » في موضع التخلي ، وفي « خبث » شيئا في حديث الخلوة.
والْخَلَاءُ ـ أيضا ـ المكان لا شيء فيه.
و « خَلَا المنزل من أهله فهو خَالٍ » ، و « أَخْلَى » بالألف ـ لغة.
و « خَلَا الزوج بزوجته » انفرد بها ، وأَخْلَى لغة. قيل : ولا تسمى خَلْوَةً إلا بالاستمتاع والمفاخذة ، فإن حصل معها وطي فهو الدخول.
و « خَلَا من العيب خُلُوّاً » برئ منه ، فهو خَلِيٌ.
و « الْخَلَى » ـ بالقصر ـ : الرطب من النبات ، الواحدة خَلَاةٌ ، مثل حصى وحصاة.
و « اخْتَلَيْتُهُ » اقتطعته ، ومنه حَدِيثُ مَكَّةَ : « لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا (١) ـ بضم أوله وفتح اللام ـ أي لا يجز نبتها الرقيق ولا يقطع ما دام رطبا ، وإذا يبس فهو حشيش.
و « منتك نفسك في الْخَلَاءِ ضلالا » أي في الْخَلْوَةِ.
وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « سَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلَاءً » أي لا روح معها ، ومعناه الموت.
و « خَلَأَتِ الناقة خَلْئاً وخِلَاءً » ـ بالمد والكسر ـ : حرنت وبركت من غير علة ، ومنه حَدِيثُ سُرَاقَةَ : « مَا خَلَأَتْ وَلَا حَرَنَتْ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ». ومنه حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ : « خَلَأَتِ الْقَصْوَى » (٢) أي حرنت وتصعبت.
و « خَلَتِ المرأة من النكاح فهي خَلِيَّةٌ ». ومن كنايات الطلاق عندهم
__________________
(١) في من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٣٣٦ : « أن يختلى خلاها ».
(٢) في البحار ج ٦ أوائل حديث غزوة الحديبية : « ماخلأت القصوى ولكن حبسها حابس الفيل ». و « الحديبية » قرية سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله (ص) أصحابه عندها ، وبينها وبين مكة مرحلة. مراصد الاطلاع ج ١ ص ٣٨٦.
« أنت خَلِيَّةٌ » أي طالق.
و « خَلَاكُمْ ذَمٌّ ». في حديث علي عليه السلام أي أعذرتم وسقط الذم عنكم ، ومعنى آخر : أي عداكم وجاوزكم.
و « خَوَالِي الأعوام » مواضيها ، من أضافة الصفة إلى الموصوف.
و « خَلَا » كلمة يستثنى بها ، وتنصب ما بعدها وتجر ، فهي عند بعض النحويين حرف جر بمنزلة حاشا ، وعند بعضهم مصدر مضاف. أما « ما خَلَا » فلا يكون فيما بعدها إلا النصب ، لأن « خَلَا » بعد « ما » لا تكون إلا صلة لها ، وهي مع ما بعدها مصدر ـ كذا قرره الجوهري.
( خنا )
« الْخَنَا » ـ مقصور ـ : الفحش من القول.
و « أَخْنَى عليه الدهر » إذا مال عليه وأهلكه.
و « أَخْنَيْتُ عليه » أفسدت.
( خوا )
قوله تعالى : ( وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ) [ ٢ / ٢٥٩ ] أي ساقطة ، من « خَوَى النجم » إذا سقط ، أو خالية ، من « خَوَى المنزل » خلا من أهله ، وكل مرتفع أظلك ـ من سقف أو بيت أو كرم ـ فهو عرش ، فقوله : ( عَلى عُرُوشِها ) إن تعلق بِخَاوِيَةٍ ، فالمعنى : أنها ساقطة ، بأن سقطت سقوفها على الأرض ثم سقطت حيطانها عليها ، وإن كان خبرا بعد خبر ، فالمعنى : هي خَاوِيَةٌ وهي مظلة على عروشها ، على معنى أن العروش سقطت على الأرض وبقيت الحيطان مشرفة عليها.
وفِي الْحَدِيثِ : « كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَتَخَوَّى كَمَا يَتَخَوَّى الْبَعِيرُ الضَّامِرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ ». أي يجافي بطنه عن الأرض في سجوده ، بأن يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ولا يفرشهما افتراش الأسد ، ويكون شبه المعلق ، ويسمى هذا « تَخْوِيَةً » ،
لأنه ألقى التَّخْوِيَةَ بين الأعضاء.
ويقال : « نخل خَاوِيَةٌ » التي انقطعت من أصولها ، فَخَوَى مكانها ، أي خلا.
و « الْخَوِيُ » المكان الخالي.
و « خَوَتِ الدار خَوَاءً » ـ ممدودا ـ : أقوت ، وهو من باب ضرب (١).
باب ما أوله الدال
( دبا )
فِي الْحَدِيثِ : « إِنِّي أَصَبْتُ دَبَاةً وَأَنَا مُحْرِمٌ ».
وفِيهِ : « سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّبَا ». هو بفتح الدال المهملة وتخفيف الباء الموحدة والقصر : الجراد قبل أن يطير ، الواحدة « دَبَاةٌ ».
و « أرض مُدْبِيَةٌ » كثيرة الدَّبَاءِ.
و « الدُّبَاءُ » ـ فعال ، بالضم ـ : القرع ، وحكى القصر ، الواحدة « دَبَاءَةٌ » (٢).
وفِيهِ : « نَهَى رَسُولُ اللهِ (ص) عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ (٣) ». ثم فسر الدُّبَّاءَ بالقرع ، والمزفت بالدنان ، والختم بالجرار الخضر ، والنقير بخشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها ، وذلك لأنهم كانوا ينبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب.
و « الدُّبَّاءُ » لامه همزة ، لأنه لم يعرف انقلاب لامه عن واو أو ياء.
قال الزمخشري : وأخرجه الهروي في هذا الباب ، على أن الهمزة زائدة ، وأخرجه الجوهري في المعتل ، على أن همزته منقلبة. قال ابن الأثير : وكأنه
__________________
(١) يذكر في « أخا » الخوة بمعنى الأخوة ـ ز.
(٢) ويذكر الدبا في « قرع » و « دمغ » و « قطن » ـ ز.
(٣) معاني الأخبار ص ٢٢٤.
أشبه.
( دجا )
فِي الْحَدِيثِ : « فَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ مُلْتَبِسَاتِ الدُّجَى وَمُعَمِّيَاتِ السُّنَنِ » (١).
يريد : أنه عليه السلام عالم بما يرد عليه من الأمور المظلمة التي لا ظهور فيها لغيره ، من « عميت البيت تعمية » و « الشعر المعمى » وبالسنن المشبهة التي لا شعور لأحد في الاطلاع عليها.
و « ليل دُجىً » ـ كغنى ـ أي مظلم ، ومِنْهُ : « لَا يُوَارِي مِنْكَ لَيْلٌ دَاجٍ ».
و « غياهب الدُّجَى » ظلماته ، جمع « الغيهب ».
و « دَيَاجِي الليل » حنادسه.
و « الدَّوَاجِي المظلم » جمع الداجية.
و « دَجَا الإسلامُ » شاع وكثر.
( دحا )
قوله تعالى : ( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ) [ ٧٩ / ٣٠ ] أي بسطها ، من « دَحَوْتُ الشيء دَحْواً » بسطته.
وفِي الْحَدِيثِ « يَوْمُ دَحْوِ الْأَرْضِ ». أي بسطها من تحت الكعبة ، وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة.
وفِيهِ : « خَرَجَ عَلَيْنَا أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي الرِّضَا (ع) بِمَرْوَ فِي يَوْمِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَقَالَ : صُومُوا ، فَإِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِماً ، قُلْنَا : جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ قَالَ : يَوْمٌ نُشِرَتْ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَدُحِيَتْ فِيهِ الْأَرْضُ » (٢). قال بعض شراح الحديث : فيه إشكال ، وهو أن المراد من اليوم دوران الشمس في فلكها دورة واحدة ، وقد دلت الآيات على أن خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، فكيف تتحقق الأشهر في تلك المدة؟ ثم قال : وأجيب بأن في بعض الآيات دلالة على أن الدحو متأخر
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٢٠٢.
(٢) التهذيب ج ١ ص ٣٠٦.
عن خلق السماوات والأرض (١) والليل والنهار ، وذلك قول الله تعالى : ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها. رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها. وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ) [ ٧٩ / ٢٧ ـ ٣٠ ] ثم قال : وهذا غير واف بحل الإشكال ، والتحقيق أن يقال : الظاهر من معنى الدَّحْوِ كونه أمرا زائدا على الخلق ، وفي كلام أهل اللغة والتفسير : أنه البسط والتمهيد للسكنى ، وتحقيق الأيام والشهور بالمعنى الذي ذكر في الإيراد إنما يتوقف على خلق الأرض لا دَحْوِهَا ، والتقدير بالستة أيام إنما هو في الخلق أيضا ، فلا ينافي تأخر الدَّحْوِ بما يتحقق معه الأشهر.
وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) : « لَمَّا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّيَاحَ الْأَرْبَعَ فَضَرَبْنَ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى صَارَ مَوْجاً ، ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً ، فَجَمَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِنْ زَبَدٍ ثُمَ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ) (٢). فأول بقعة خلقت من الأرض.
وفِي الدُّعَاءِ : « اللهُمَ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ » ، وَرُوِيَ « الْمَدْحِيَّاتِ » (٣).
و « الْمَدْحُوَّاتِ » الأرضون ، من « دحا يدح و » ، و « المدحيات » من « دحى يدحي ».
و « الأداحي » جمع « أدحي » أفعول من الدَّحْوِ وهو الموضع الذي تفرخ فيه النعامة.
و « الدَّحْو » الرمي بقهر ، ومنه الْحَدِيثُ : « أَخَذَهُ ثُمَّ دَحَا بِهِ ».
__________________
(١) سيأتي في « بعد » حديث عن ابن عباس يدل على أن دحو الأرض كان قبل خلق السماء.
(٢) البرهان ج ١ ص ٢٩٨ ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ / ١٥٦.
(٣) النهاية ج ٢ ص ١٦.
وفيه : « دِحْيَةُ الكلبي » (١) ـ بكسر الدال ، ويروى الفتح أيضا ـ وهو دحية بن خليفة الكلبي رضيع رسول الله (ص) ، كان جبرئيل يأتي النبي (ص) في صورته وكان من أجمل الناس.
( درا )
قوله تعالى : ( فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ ) [ ٣ / ١٦٨ ] أي ادفعوا عنها.
و ( يَدْرَؤُنَ ) [ ١٣ / ٢٢ ] يدفعون.
و ( فَادَّارَأْتُمْ فِيها ) [ ٢ / ٧٢ ] تدافعتم واختلفتم في القتل ، فأدغمت التاء في الدال لأنهما من مخرج واحد ، فلما أدغمت سكنت فاجتلب لها ألف وصل للابتداء ، وكذلك ( ادَّارَكُوا ) و ( اثَّاقَلْتُمْ ) وما أشبهه.
وفِي الْحَدِيثِ : « ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ » (٢) أي ادفعوها بها ، ومثله قَوْلُهُ (ع) : « لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ وَلَكِنِ ادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٣).
وفِي الدُّعَاءِ عَلَى الْأَعْدَاءِ : « وأَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِهِمْ ». أي أدفع بك فيها لتكفيني أمرهم ، وخص النحر لأنه أسرع وأقوى في الدفع والتمكن من المدفوع.
وفِي الْحَدِيثِ : « يَتَدَارَءُونَ الحديثَ » أي يتدافعونه ، وذلك أن كل واحد منهم يدفع قول صاحبه بما ينفع له من
__________________
(١) هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرىء القيس بن الخزرج بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف الكلبي ، صحابي مشهور ، كان يضرب به المثل في حسن الصورة ، وكان جبرئيل عليه السلام ـ ينزل على صورته ، بعثه رسول الله (ص) إلى قيصر رسولا سنة ست في الهدنة فآمن به ، مات في خلافة معاوية. تنقيح المقال ج ١ ص ٤١٦ ، الإصابة ج ١ ص ١٦٣ ، ويذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ج ١ ص ٤٦٣ مع اختلاف في نسبه.
(٢) من لا يحضره الفقيه ج ٤ ص ٥٣.
(٣) الكافي ج ٣ ص ٣٦٥ ، وفيه : « ولكن أدرأ ما استطعت ».
القول ، وكأن المعنى : إذا كان بينهم محاجة في القرآن طفقوا يدافعون بالآيات ، وذلك كأن يسند أحدهم كلامه إلى آية ، ثم يأتي صاحبه بآية أخرى مدافعا له ، يزعم أن الذي أتى به نقيض ما استدل به صاحبه ، ولهذا شبه لهم بحال من قبلهم ، فَقَالَ : « ضَرَبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَلَمْ يُمَيِّزُوا الْمُحْكَمَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَالنَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ » .. الحديث.
وفِي حَدِيثِ الْخُلْعِ : « إِذَا كَانَ الدَّرْءُ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا ». يريد الخلاف والنشوز.
ودَرَأْتُهُ « ـ من باب نفع ـ : دفعته.
و « دَارَأْتُهُ » دافعته.
و « دَرَيْتُهُ دَرْياً » من باب رمى ، ودِرْيَةً و « دِرَايَةً » علمته.
ويعدى بالهمز ، فيقال : « أَدْرَيْتُهُ ».
و « دَارَيْتُهُ مُدَارَاةً » ـ بدون همزة ، وقد يهمز ـ : لاطفته ولاينته.
ومنه الْحَدِيثُ : « أُمِرْتُ بِمُدَارَاةِ النَّاسِ » (١). ومثله الْخَبَرُ : « رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ » (٢). أي ملاءمة الناس وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلا ينفروا.
ويقال : « دَارَأْتُهُ » ـ بهمز وبدونها ـ : اتقيته ولاينته.
وفِي حَدِيثِ غَسْلِ الْيَدِ عِنْدَ الْوُضُوءِ بَعْدَ النَّوْمِ : « فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ » (٣). قيل في توجيهه : كان أكثرهم يومئذ يستنجي بالأحجار فيقتصر عليها ، لإعواز الماء وقلته بأرض الحجاز ، فإذا نام عرق منه محل الاستنجاء ، وكان عندهم إذا أتى المضجع حل إزاره ونام معروريا ، فربما أصاب يده ذلك الموضع ولم يشعر به ، فأمرهم أن لا يغمسوها في الإناء حتى يغسلوها ، لاحتمال ورودها على النجاسة ،
__________________
(١) تحف العقول ص ٤٨ ، وفي مشكاة الأنوار ص ١٦١ : « أمرني ربي بمداراة الناس ».
(٢) تحف العقول ص ٤٢.
(٣) من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٣١.
وهو أمر ندب ، وفيه حث على الاحتياط.
والدِّرَايَةُ بالشيء : العلم به ، وهي في الاصطلاح العلمي : ما أخذ بالنظر والاستدلال الذي هو رد الفروع إلى الأصول.
وفِي الْحَدِيثِ : « حَدِيثٌ تَدْرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ تَرْوِيهِ ».
( دعا )
قوله تعالى : ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) [ ٢ / ١٨٦ ] قيل : هي الإجابة المتعارفة ، والسؤال الوارد مدفوع بتقدير « إن شئت » فتكون الإجابة مخصوصة بالمشيئة ، مثل قوله : ( فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ ) [ ٦ / ٤١ ] وقيل : مشروطة بكونها خيرا ، وقيل : أراد بالإجابة لازمها ، وهو السماع ، فإنه من لوازم الإجابة ، فإنه يجيب دَعْوَةَ المؤمن في الحال ويؤخر إعطاءه ، لِيَدْعُوَهُ ويسمع صوته فإنه يحبه.
قوله تعالى : ( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ) ـ الآية [ ١٧ / ١١٠ ] قال المفسرون : الحذف لمجرد الاختصاص. قوله تعالى : ( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ) على معنى إن « الدُّعَاءَ » بمعنى التسمية التي تتعدى إلى مفعولين ، أي سموه « الله » أو سموه « الرحمن » أيا ما تسموه فله الأسماء الحسنى ، إذ لو كان الدُّعَاءُ بمعنى النداء المتعدي إلى مفعول واحد لزم الاشتراك ـ إن كان مسمى « الله » غير مسمى « الرحمن » ـ ولزم عطف الشيء على نفسه ـ إن كان عينه ـ ، قال : ومثل هذا العطف ـ وإن صح بالواو باعتبار الصفات ـ ولكنه لا يصح في « أ و » لأنها لإحدى الشيئين المتغايرين ، ولأن التخيير إنما يكون بين الشيئين ، وأيضا لا يصح قوله : ( أَيًّا ما تَدْعُوا ) لأن ( أَيًّا ) إنما تكون لواحد من الاثنين أو جماعة.
قوله تعالى : ( وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ ) [ ٢ / ٢٣ ] قيل : هو بمعنى السؤال ، ومثله قوله : ( وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ ) [ ٣٥ / ١٨ ].
قوله تعالى : ( لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ
بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ) [ ٢٤ / ٦٣ ] قيل : أمروا أن يَدْعُوهُ في لين وتواضع ، وقيل : دُعَاؤُهُ إياكم الأمر والنهي ، أي سارعوا إلى ما يأمركم به ، ألا تراه يقول : ( قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ ) ـ الآية.
قوله تعالى : ( لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) [ ٢٥ / ٧٧ ] أي عبادتكم.
قوله تعالى : ( تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ ) [ ٧٠ / ١٧ ] قيل : أي تعذب ، يشهد له قول الأعرابي لآخر : « دَعَاكَ الله » أي عذبك ، وقيل : تنادي ، ويشهد له قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ : « نَارُ جَهَنَّمَ تُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ ».
قوله تعالى : ( دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ ) [ ١٠ / ١٠ ] قال المفسرون : معناه اللهم إنا نسبحك ، ويجوز أن يراد بِالدُّعَاءِ العبادة ، على معنى أنه لا تكليف في الجنة ولا عبادة إلا أن يسبحوا الله ويحمدوه ، ينطقون بذلك من غير كلفة ، ( وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ ) يقولوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ). و « أن » هي المخففة من المثقلة ، وأصله ( أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) ـ انتهى. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : « كُلَّمَا اشْتَهَى أَهْلُ الْجَنَّةِ شَيْئاً قَالُوا : ( سُبْحانَكَ اللهُمَ ) ، فَيَجِيئُهُمْ كُلُّ مَا يَشْتَهُونَ ، فَإِذَا طَعِمُوا قَالُوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) فَذَلِكَ ( آخِرُ دَعْواهُمْ ) (١).
قوله تعالى : ( أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً ) [ ١٩ / ٩١ ] أي جعلوا.
قوله : ( لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً ) [ ١٨ / ١٤ ] أي لن نعبد أحدا غيره.
قوله تعالى : ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ ) [ ١٣ / ١٤ ] هي ـ على ما قيل ـ : شهادة أن لا إله إلا الله.
قوله تعالى : ( يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ ) [ ٥٤ / ٦ ] أي منكر ، فسر الدَّاعِي بإسرافيل وقوله : ( إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ ) أي منكر فضيع.
قوله تعالى : ( وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ ) [ ٣٦ / ٥٧ ] أي ما يتمنون.
قوله تعالى : ( هذَا الَّذِي كُنْتُمْ
__________________
(١) انظر تفسير هذه الآية في مجمع البيان ج ٣ ص ٩٣.
بِهِ تَدَّعُونَ ) [ ٦٧ / ٢٧ ] أي تستنبطونه فتدعون به.
قوله تعالى : ( وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ) [ ٣٣ / ٤ ] أي من تتبنونه ، ولا يكون الرجل الواحد دَعِيّاً لرجل وابنا له ، لأن الابن هو المعروف في النسب ، والدَّعِيُ اللاصق في التسمية لا غير ، ولا يجتمع في الشيء أصيل وغير أصيل.
قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) [ ٢٩ / ٤٢ ] النفي ـ على ما قيل ـ إنما هو لصفة محذوفة ، والتقدير : « من شيء ينفهم » كما سيأتي تحقيقه في « نفا ».
قوله تعالى : ( فَما كانَ دَعْواهُمْ ) [ ٧ / ٥ ] أي ما يدعون من دينهم إلا اعترافهم ببطلانه وقوله لهم : ( إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ).
قوله تعالى : ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ ) [ ٣٣ / ٥ ] هو أمر بأن يُدْعَى الرجل باسم أبيه ، وهذا مثل ضربه الله في زيد بن حارثة ، وقصته مشهورة ، ( فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ ) أي بنو أعمامكم ، أو ناصروكم.
وفِي الْحَدِيثِ : « لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ » (١). قيل : أراد بالقضاء ما تخافه من نزول مكروه وتتوقاه ، وتسميته قضاء مجاز ، ويراد به حقيقة القضاء ، ومعنى رده تسهيله وتيسيره ، حتى كأن القضاء النازل لم ينزل ، ويؤيده ما رُوِيَ مِنْ أَنَ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، أَمَّا مِمَّا نَزَلَ فَصَبْرُهُ عَلَيْهِ وَتَحَمُّلُهُ لَهُ وَرِضَاهُ بِهِ ، وَأَمَّا نَفْعُهُ مِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَيَصْرِفُهُ عَنْهُ.
وفِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام ـ وَقَدْ سُئِلَ : كَيْفَ الدَّعْوَةُ إِلَى الدِّينِ؟ فَقَالَ : « يَقُولُ : أَدْعُوكَ إِلَى اللهِ وَإِلَى دِينِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَجِمَاعُهُ أَمْرَانِ » (٢).
وفِيهِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعَاءَ » (٣). وهي ـ كما جاءت به الرواية عَنِ الصَّادِقِ (ع) : سُوءُ النِّيَّةِ
__________________
(١) مكارم الأخلاق ص ٣١٤.
(٢) التّهذيب ٢ / ٤٧.
(٣) عدّة الدّاعي ص ١٥١.