مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

والله يَبْلُو العبد بما يحبه ليمتحن شكره ، وبما يكرهه ليمتحن صبره ، قال تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ).

قوله تعالى : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) أي تختبر السرائر في القلوب ، من العقائد والنيات وغيرها وما أسر وأخفى من الأعمال ، فيتميز منها ما طاب وما خبث.

قوله : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) أي ليعاملكم معاملة المختبرين لكم ، وإلا فعالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شيء ، وإنما يَبْلُو ويختبر من تخفى عليه العواقب.

وعَنِ الصَّادِقِ (ع) : « لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَكُمْ عَمَلاً وَلَكِنْ أَصْوَبُكُمْ عَمَلاً وَإِنَّمَا الْإِصَابَةُ خَشْيَةُ اللهِ وَالنِّيَّةُ الصَّادِقَةُ » (١).

وعن بعض المفسرين : جملة ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) تعليل لخلق الموت والحياة في قوله : ( خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ ) والنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة ، غير مخلوط فيه شيء سوى وجه الله سبحانه كمن يعتق عبده مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من مئونته أو سوء خلقه ونحو ذلك.

قوله : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ... ) لِيَبْلُوَكُمْ متعلق بما تقدم ، أي خلقهن لحكمة بالغة ، وهي أن يجعلها مساكن لعباده ، وينعم عليهم فيها بفنون النعم ويكلفهم ويعرضهم للثواب ، ولما أشبه ذلك اختبار المختبر. قال : لِيَبْلُوَكُمْ أي ليفعل بكم ما يفعل الْمُبْتَلِي لأحوالكم.

وفِي الْحَدِيثِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ ». وهي كما جاءت به الرواية عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عليه السلام : « تَرْكُ إِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ ، وَتَرْكُ مُعَاوَنَةِ الْمَظْلُومِ ، وَتَضْيِيعُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ».

وفِيهِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا ». أي أنعم علينا وتفضل ، من الْإِبْلَاءِ الذي هو الإحسان والإنعام.

وفِيهِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَى وَابْتَلَى ».

__________________

(١) البرهان ٢ / ٢٠٧.

٦١

أي على ما أبلى من النعم وابتلى من النقم.

يقال : « أَبْلَاهُ الله بَلَاءً حسنا » أي بكثرة المال والصحة والشباب ، وابْتَلَاهُ أي بالمرض والفقر والمشيب.

وفِيهِ : « لَا تَبْتَلِنَا إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ». أي لا تمتحنا ولا تختبرنا إلا بالتي هي أحسن.

وفِيهِ : « إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ ». أي لأمتحنك هل تقوم بما أمرت به من تبليغ الرسالة والجهاد والصبر ، وأَبْتَلِي بك قومك من يتبعك ومن يتخلف عنك ومن ينافق معك.

و « ابْتُلِيتُ بِهَذَا الْعِلْمِ ». أي اختبرت به وامتحنت.

والْبَلِيَّةُ والْبَلْوَى والْبَلَاءُ واحد ، والجمع الْبَلَايَا.

« ولا أُبَالِيهِ » : لا أكترث به ولا أهتم لأجله (١).

ومنه « ما بَالَيْتُ بِهِ ».

ومنه « لَا أُبَالِي أَبَوْلٌ أَصَابَنِي أَمْ مَاءٌ ».

ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ : « هَؤُلَاءِ إِلَى الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي ، وَهَؤُلَاءِ إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي ».

وفِيهِ : « مَنْ لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَمَا قِيلَ فِيهِ فَهُوَ لِغَيَّةٍ أَوْ شِرْكِ شَيْطَانٍ » (٢). وفسره بمن تعرض للناس يشتمهم وهو يعلم أنهم لا يتركونه.

و « بَلِيَ الثوب يَبْلَى » ـ من باب تعب « بِلًى » ـ بالكسر والقصر ـ و « بُلَاءً » ـ بالضم والمد ـ : خلق ، فه و « بَالٍ ».

و « بَلِيَ الميت » أفنته الأرض.

وفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ (ع) ـ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمَيِّتِ يَبْلَى جَسَدُهُ ـ قَالَ : « نَعَمْ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ لَحْمٌ وَلَا عَظْمٌ إِلَّا طِينَتُهُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْلَى بَلْ تَبْقَى فِي الْقَبْرِ مُسْتَدِيرَةً حَتَّى يُخْلَقَ مِنْهَا كَمَا خُلِقَ مِنْهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ».

و « بَلَى » حرف إيجاب ، فإذا قيل :

__________________

(١) في « قدر » أيضا حديث في من لا يبالي ، وكذا في « سفل » و « لغا » ـ ز.

(٢) يذكر مثل ذلك في « غيا » أيضا ـ ز. وانظر الكافي ٢ / ٣٢٣.

٦٢

« ما قام زيد » وقلت في الجواب « بَلَى » فمعناه إثبات القيام ، وإذا قلت : « ليس كان كذا » وقلت : « بَلَى » فمعناه التقرير والإثبات.

ولا يكون معناه إلا بعد نفي إما في أول كلام ـ كما تقدم ـ ، وإما في أثنائه كما في قوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى ) والتقدير : بَلَى نجمعها وقد يكون مع النفي استفهام وقد لا يكون ـ كما تقدم ـ فهو أبدا يرفع حكم النفي ويوجب نقيضه (١) ـ جميع ذلك قاله في المصباح.

وفِي الْحَدِيثِ : « تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ يَمْحُو لَا وَاللهِ وَبَلَى وَاللهِ ». أي يمحو ما وقع للعبد من القسم الكاذب في اليوم.

( بنا )

قوله تعالى : : الحائط ، والمرصوص الملصق بعضه على بعض.

قَوْلُهُ : ( ابْنُوا لَهُ بُنْياناً ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : بَنَوْا لَهُ حَائِطاً مِنْ حِجَارَةٍ طُولُهُ فِي السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ ذِرَاعاً وَعَرْضُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعاً وَمَلَئُوهُ نَاراً وَأَلْقَوْهُ فِيهِ.

قوله : ( وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ ) هو ـ على ما في الرواية عن أهل البيت (ع) ابْنُهُ ، وإنما نفاه عنه بقوله : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) لأنه خالفه في دينه. وفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (ره) : إِنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ ، إِنَّمَا هُوَ ابْنُ امْرَأَتِهِ ، وَهُوَ بِلُغَةِ طَيٍّ ، يَقُولُونَ لِابْنِ الِامْرَأَةِ : « ابْنَهُ » (٢).

وفِي تَفْسِيرِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ (ره) : وَقَرَأَ عَلِيٌّ (ع) : ابْنَهَ ـ بِفَتْحِ الْهَاءِ ـ اكْتِفَاءً بِالْفَتْحَةِ عَنِ الْأَلْفِ. وروي أيضا بالألف.

وقوله : ( هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ )

__________________

(١) يأتي في « نعم » أنها لا تبطل النفي كما تبطله بلى ، وفي التنزيل : ( ألست بربّكم؟ قالوا بلى ) ولو قالوا : نعم لكفروا ، وفي صحيحة أبي ولاد : ( قلت : أرأيت لو عطب البغل أو نفق أليس كان يلزمني؟ قال : نعم قيمة بغل يوم خالفته ) يعني ليس يلزمك ، وعلى ذلك يسقط الاستدلال بها على أن المدار في الضمان على قيمة يوم المخالفة ـ ن.

(٢) تفسير علي بن إبراهيم ١ / ٣٢٨.

٦٣

نسبهم إليه باعتبار أن كل نبي أب لقومه.

قوله : ( لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ) قال المفسر : المعنى : لا يزال هدم بنيانهم الذي بنوه سبب شك ونفاق في قلوبهم ، لا يضمحل أثره إلا أن تقطع ، أي تقطع قلوبهم قطعا وتتفرق أجزاء ، فحينئذ يميلون عنه ، والريبة باقية فيها ما دامت سالمة. وقرئ ( تَقَطَّعَ ) بالتشديد والتخفيف ، ويجوز أن يراد حقيقة تقطيعهم بقتلهم أو في النار. وقيل : معناه : إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما على تفريطهم.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ هَدَمَ بُنْيَانَ رَبِّهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ ». أي من قتل نفسا بغير حق لأن الجسم بُنْيَانُ الله تعالى.

وفِيهِ : « الْكَلِمَاتُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ أَرْبَعٌ : سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ ». أي الكلمات التي هي أصل الإسلام يُبْنَى عليها كما يُبْنَى على الأساس ، وكان الوجه في ذلك ـ على ما قيل ـ اشتمالها على عمدة أصول الدين : من التوحيد والصفات الثبوتية والسلبية.

وفِيهِ : « بَنَى بِالثَّقَفِيَّةِ ». أي نكح زوجة من ثقيف.

وفِيهِ : « تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ بِعَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ ». أي دخل بها وهي بنت تسع سنين.

قال في المصباح وغيره : وأصله أن الرجل كان إذا تزوج بَنَى للعرس خباء جديدا وعمره بما يحتاج إليه ، ثم كثر حتى كني به عن الجماع. ثم حكى عن ابن دريد أنه قال : « بَنَى عليها » و « بَنَى بها » والأول أفصح ، وحكى عن ابن السكيت أنه قال : « بَنَى على أهله » إذا زفت إليه ، والعامة تقول : « بَنَى بأهله » و « ابْتَنَى على أهله » إذا أعرس انتهى.

وفِي الْخَبَرِ : « أَوَّلُ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللهِ (ص) » أراد بِالْمُبْتَنَى هنا الِابْتِنَاءَ.

وفِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ « فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَقُوِّضَ ». أي نقض ، ويريد به واحد

٦٤

الْأَبْنِيَةِ ، وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحاري.

قال الجوهري : أَبْنِيَةُ العرب طِرَاف وأخْبِيَة ، فالطِّراف من أدم والخباء من صوف أو وبر.

وفِيهِ : « كُلُ بِنَاءٍ وَبَالٌ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ». قيل : أراد ما بُنِيَ للتفاخر والتنعم ، لا أَبْنِيَةَ الخير من المساجد والمدارس والربط ونحوها.

وفِيهِ : « اتَّقُوا الْحَرَامَ فِي الْبِنَاءِ ». أي احترزوا عن إنفاق مال الحرام فِي الْبُنْيَانِ « فَإِنَّهُ أَسَاسُ الْخَرَابِ ». أي خراب الدين ، والمعنى : اتقوا ارتكاب الحرام في البنيان ، فإنه أساس الخراب ، فإنه لو لم يُبْنَ لم يخرب ـ كما فِي الْحَدِيثِ : « لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ ».

والْبَنِيَّةُ ـ على فعيلة بفتح الباء ـ : الكعبة ، يقال : « ورب هذه الْبَنِيَّة » وكانت تدعى بَنِيَّةُ إبراهيم (ع) قالوا : أول من بَنَى الكعبة الملائكة ، ثم إبراهيم (ع) ، ثم قريش في الجاهلية ، وحضره النبي (ص) وله خمس وثلاثون أو خمس وعشرون ، ثم ابن الزبير ، ثم الحجاج. وقيل : بُنِيَتْ بعد ذلك مرتين أو ثلاثا.

والِابْنُ : ولد الرجل ، وأصله « بَنَو » ـ بالفتح ـ لأنه يجمع على « بَنِينَ » وهو جمع سلامة ، وجمع السلامة لا يتغير ، وجمع القلة « أَبْنَاءٌ » وأصله « بِنْو » ـ بكسر الباء ـ مثل حمل ، بدليل « بنت ».

ويطلق الِابْنُ على ابْنِ الِابْنِ وإن سفل مجازا.

وأما غير الأناسي مما لا يعقل « كَابْنِ مخاض » و « ابْنِ لبون » فيقال في الجمع : « بَنَاتُ مخاض » و « بَنَاتُ لبون » وما أشبهه.

قال في المصباح : قال ابْنُ الأنباري : واعلم أن جمع غير الناس بمنزلة جمع المرأة من الناس ، تقول فيه : « منزل » و « منزلات » و « مصلى » و « مصليات » وفي « ابْنِ عرس » : « بَنَاتَ عرس » وفي « ابْنِ نعش » : « بَنَاتَ نعش » وربما قيل في ضرورة الشعر « بَنُو نعش » وفيه لغة محكية عن الأخفش أنه يقال :

٦٥

« بَنَاتُ عرس » و « بَنُو عرس » و « بَنَاتُ نعش » و « بَنُو نعش » ، فقول الفقهاء « بَنُو لبون » يخرج إما على هذه اللغة وإما للتمييز بين الذكور والإناث ، قال : ويضاف الِابْنُ إلى ما يخصصه لملابسة بينهما نحو « ابْنِ السبيل » لمار الطريق المسافر ، و « ابْنِ الدنيا » لصاحب الثروة ، و « ابْنِ الماء » لطير الماء ، و « ابْنِ فاطمة » و « ابْنِ الحنفية » ونحو ذلك ، وهو قاعدة العرب ينسب الإنسان إلى أمه عند ذكره لأمرين : إما لشرفها وعلو منزلتها أو لخساستها ودناءتها ، ويريدون النقص في ولدها ، كما يقال في معاوية : « ابْنُ هند » وفي عمرو بن العاص « ابْنُ النابغة » لشهرتها بالزنا.

ومؤنث الِابْنِ « ابْنَةٌ » ، وفي لغة « بِنْتٌ » والجمع « بَنَاتٌ » قال ابن الأعرابي : وسألت الكسائي : كيف تقف على « بِنْتٍ »؟ فقال : بالتاء ، تبعا للكتاب ، والأصل بالهاء لأن فيها معنى التأنيث ... انتهى.

وفِي حَدِيثِ الْمَوَاضِعِ : « واذْكُرْ خُرُوجَ بَنَاتِ الْمَاءِ مِنْ مَنْخِرَيْكَ ». يريد الديدان الصغار ، والإضافة للملابسة.

و « بَنَاتُ الماء » أيضا سمكة ببحر الروم شبيهة بالنساء ذوات شعر سبط ، ألوانهن تميل إلى السمرة ، ذوات فروج عظام وثدي وكلام لا يكاد يفهم ويضحكن ويقهقهن ، وربما وقعن في أيدي بعض أهل المراكب فينكحوهن ثم يعيدوهن إلى البحر ـ كذا في حياة الحيوان.

والْبَنَاتُ أيضا : التماثيل الصغار التي يلعب بها الجواري.

وإذا نسبت إلى « ابْنٍ » و « بِنْتٍ » حذفت ألف الوصل والتاء ، ورددت المحذوف ، فقلت : « بَنَوِيّ ».

قال في المصباح : ويجوز مراعاة اللفظ فيقال : « ابْنِيّ » و « ابْنَتِيّ ».

ويصغر برد المحذوف ، فيقال « بُنَيّ » والأصل « بُنَيْو ».

وإذا اختلط ذكور الأناسي بإناثهم غلب التذكير وقيل : « بَنُو فلان » حتى قالوا :

٦٦

« امرأة بَنِي تميم » ولم يقولوا : « من بَنَاتِ تميم » بخلاف غير الأناسي حيث قالوا : « بَنَاتِ لبون ».

قال في المصباح : وعلى هذا لو أوصى لِبَنِي فلان دخل الذكور والإناث ـ كما عليه الفتيا.

( بوا )

قوله تعالى : ( باؤُ بِغَضَبٍ ) أي انصرفوا بذلك ، ولا يقال : إلا بالشر.

قوله : ( تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) أي تنصرف بإثم قتلي وإثمك الذي من أجله لم يتقبل قربانك ( فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ ) ، قوله : ( وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ ) أي أنزلناهم.

ويقال : « جعلنا لهم مَبَاءً » وهو المنزل الملزوم.

قوله : ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ) قيل : معناه : لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مَبَاءَةً حسنة ، وهي المدينة حيث آواهم الأنصار ونصروهم.

و ( الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ ) أي المدينة و ( الْإِيمانَ ) وهو كقولهم :

علفتها تبنا وماء باردا

و ( تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً ) أي اتخذا بناء.

و ( تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ ) أي تسوي وتهيىء لهم.

و ( نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ ) أي ننزل منازلها حيث نهوي.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ طَلَبَ عِلْماً لِيُبَاهِي بِهِ الْعُلَمَاءَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » (١) أي لينزل منزله منها ، أو ليهيىء منزله منها ، من « بَوَّأْتُ للرجل منزلا » : هيأته له أو من « تَبَوَّأْتُ له منزلا » : اتخذته له وأصله الرجوع ، من « بَاءَ » إذا رجع.

وسمي المنزل « مَبَاءَةً » لكون صاحبه يرجع إليه إذا خرج منه.

ومثله : « مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » وقد بلغ هذا الحديث غاية الاشتهار حتى قيل بتواتره لفظا.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ حَفَرَ لِلْمُؤْمِنِ قَبْراً فَكَأَنَّمَا بَوَّأَهُ بَيْتاً مُوَافِقاً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ». أي أنزله فيه وأسكنه.

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٧.

٦٧

و « بُؤْتُ بذنبي » ـ بالباء المضمومة والهمزة وتاء في الآخر ـ أقررت واعترفت.

ومثله « أَبُوءُ بنعمتك علي » أي أقر وأعترف بها.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ ـ يَعْنِي مُؤَنَ النِّكَاحِ ـ فَلْيَتَزَوَّجْ ».

والْبَاءَةُ ـ بالمد لغة ـ : الجماع ، ثم قيل لعقد النكاح.

وحكي في ذلك أربع لغات « الْبَاءَةُ » ـ بالمد مع الهاء ـ وهو المشهور ، وحذفها « والْبَاهَةُ » ـ وزان العاهة ـ ، « والْبَاهُ » مع الهاء ، وقيل : الأخيرة تصحيف (١).

ومنه حَدِيثُ أَبِي بَصِيرٍ « قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ بَاهَى ». من الْبَاهِ أي جامع ، وإنما سمي النكاح « بَاهاً » لأنه من الْمَبَاءَةِ : المنزل ، لأن من تزوّج امرأة بَوَّأَهَا منزلا.

وقيل : « لأن الرجل يَتَبَوَّأُ من أهله » أي يتمكن كما يَتَبَوَّأُ من منزله.

والبوّ : جلد الحُوار يحشى ثُماما فتعطف عليه الناقة ، إذا مات ولدها ـ قاله الجوهري.

( بها )

فِي الْحَدِيثِ : « يَتَبَاهَوْنَ بِأَكْفَانِهِمْ » ـ بفتح الهاء ـ أي يتفاخرون بها وبجودتها ، ويترفع بعضهم على بعض ، من « الْمُبَاهَاةِ » وهي المفاخرة.

وفِيهِ : « إِنَّ اللهَ لَيُبَاهِي بِالْعَبْدِ الْمَلَائِكَةَ » أي يحله من قربه وكرامته بين أولئك الملإ محل الشيء الْمُبَاهَى به ، وذلك لأن الله عزوجل غني عن التعزز بما اخترعه ثم تعبده ، ولأن الْمُبَاهَاةَ موضوعة للمخلوقين فيما يترفعون به على أكفائهم ، والله تعالى غني عن ذلك ، فهو من باب المجاز.

ومثله حَدِيثُ أَهْلِ عَرَفَةَ : « ثُمَ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ » ويحتمل الحقيقة ويكون راجعا إلى أهل عرفة ، لتنزلهم منزلة تقتضي الْمُبَاهَاةَ بينهم وبين الملائكة ، وأضاف الفعل إلى نفسه تحقيقا لكون ذلك هو موهبته تعالى ، وهو يجزي

__________________

(١) يذكر في « برر » حديثا في الباه ، وفي « حبر » و « كرفس » ما يزيد الباه ـ ز.

٦٨

في الأول.

والْبَهَاءُ : الحسن والجمال ، يقال : « بَهَاءُ الملوك » أي هيئتهم وجمالهم ، « وبهاء الله » عظمته (١).

و « أَبْهُوا الخيل » عطلوها من الغزو.

( بيا )

فِي حَدِيثِ آدَمَ (ع) : « حَيَّاكَ اللهُ وَبَيَّاكَ » (٢).

قال الجوهري : معنى « حياك » ملكك ، وقال في « بَيَّاكَ » قال الأصمعي اعتمدك بالتحية ، وقال ابن الأعرابي : جاء بك ، وقال خلف الأحمر : « بَيَّاكَ » معناه : بَوَّأَكَ منزلا ، إلا أنها لما جاءت مع حياك تركت همزتها وحولت واوها ياء.

قال : وفِي الْحَدِيثِ : « أَنَّ آدَمَ (ع) لَمَّا قُتِلَ ابْنُهُ مَكَثَ مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَضْحَكُ ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ : حَيَّاكَ اللهُ وَبَيَّاكَ ، فَقَالَ : وَمَا بَيَّاكَ؟ فَقِيلَ : أَضْحَكَكَ ». وقال بعض الناس : إنه إتباع ، وهو عندي ليس بإتباع ، وذلك لأن الإتباع لا يكاد يكون بالواو وهذا بالواو ... انتهى.

باب ما أوله التاء

( تأتأ )

يقال : « فيه تَأْتَأَةً » لمن يتردّد في التاء إذا تكلم قاله الجوهري. والتاء من حروف المعجم.

و « تا » اسم يشار به إلى المؤنث مثل « ذا » للمذكر و « ته » مثل « ذه » و « تان » للتثنية. ولك أن تدخل عليها هاء تقول : « هاتا هند » و « هاتان » فإن خاطبت جئت بالكاف ، فقلت : « تيك » و « تلك » والتثنية « تانك » وتشدد ، والجمع « أولئك » و « أولالك » فالكاف لمن تخاطبه في التذكير والتأنيث والتثنية والجمع ، وتدخل الهاء على « تيك » و « تاك » فنقول : « هاتيك هند » و « هاتاك » ولا تدخل على « تلك » لأنهم جعلوا اللام عوضا عن هاء التنبيه.

__________________

(١) يذكر في « كشف » و « ربل » بهاء الدين الإربلي ـ ز.

(٢) معاني الأخبار ص ٢٦٩.

٦٩

ثم قال : والتاء في القسم بدل من الواو كما أبدلوا منها في « تترى » وفي « تراث » و « تخمه » و « تجاه ».

وفي الكتاب العزيز : ( تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ ) وفيه حذف.

وفِي الْحَدِيثِ : « تَاللهِ أَنْتَ ». قلبت الواو تاء مع الله دون سائر الأسماء.

وفي المصباح : تكون التاء للقسم ، وتختص باسم الله على الأشهر.

( تلا )

قوله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ) من الجن أو الإنس أو منهما ( عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) أي عهده قِيلَ : كَانُوا يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ وَيَضُمُّونَ إِلَى مَا سَمِعُوا أَكَاذِيبَ وَيُلْقُونَهَا إِلَى الْكَهَنَةِ وَهُمْ يُدَوِّنُونَهَا وَيُعَلِّمُونَ النَّاسَ ، وَفَشَا ذَلِكَ فِي عَهْدِ سُلَيْمَانَ (ع) حَتَّى قِيلَ : إِنَّ الْجِنَّ تَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَإِنَّ مُلْكَ سُلَيْمَانَ يَتُمُّ بِهَذَا الْعِلْمِ ، وَإِنَّ سُلَيْمَانَ يُسَخِّرُ بِالسِّحْرِ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَالرِّيحَ.

قوله : ( وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَ ) الآية ، قيل في ( ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) إنه في محل الرفع على العطف ، أي الله يفتيكم والْمَتْلُوُّ في الكتاب.

قوله : ( وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها ) أي تبعها في الضياء ، وذا في النصف الأول من الشهر.

ومنه قرىء : ( هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ ) بمعنى تتبع (١) ، وقيل : تَتْلُو كتاب حسناتها وسيئاتها.

قوله : ( يَتْلُونَهُ حَقَ تِلاوَتِهِ ) قيل : يتبعونه.

وسمي القارىء تَالِياً لأنه يتبع ما يقرأ (٢) و

فِي الْحَدِيثِ عَنِ الْبَاقِرِ (ع) قَالَ : « يَتْلُونَ آيَاتِهِ ، وَيَتَفَقَّهُونَ فِيهِ ، وَيَعْمَلُونَ

__________________

(١) الآية في سورة يونس آية ٣٠ ( هنالك تبلوا ) ـ بالباء الموحّدة ـ على ما قرأ عاصم ، وغيره من أهل الكوفة قرءوا « تتل و » بالتّاء المثنّاة ، والمعنى على الأوّل : تختبر أيّ تذعن بجزاء ما أسلفت من خير أو شرّ ، وعلى الثّاني ما يثبته في المتن من الوجهين ـ ن.

(٢) يذكر في « مرّا » و « منّا » شيئا في تلاوة القرآن ـ ز.

٧٠

بِأَحْكَامِهِ ، وَيَرْجُونَ وَعْدَهُ ، وَيَخَافُونَ وَعِيدَهُ ، وَيَعْتَبِرُونَ بِقِصَصِهِ ، وَيَأْتَمِرُونَ بِأَوَامِرِهِ ، وَيَنْتَهُونَ بِنَوَاهِيهِ ، مَا هُوَ وَاللهِ حِفْظُ آيَاتِهِ وَدَرْسُ حُرُوفِهِ وَتِلَاوَةُ سُوَرِهِ وَدَرْسُ أَعْشَارِهِ وَأَخْمَاسِهِ ، حَفِظُوا حُرُوفَهُ وَأَضَاعُوا حُدُودَهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ تَدَبُّرُ آيَاتِهِ وَالْعَمَلُ بِأَحْكَامِهِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ).

قوله : ( فَالتَّالِياتِ ذِكْراً ) ، ( عُذْراً أَوْ نُذْراً )(١) قيل : هي الملائكة تلقي بالوحي إلى الأنبياء عذرا من الله وإنذارا.

و « تَلَوْتُ الكتاب تِلَاوَةً ».

والتَّالِي في قَوْلِهِمْ (ع) : « ويَلْحَقُ بِنَا التَّالِي ». هو المرتاد الذي يريد الخير ليؤجر عليه.

و « تَلَوْتُ الرجل أَتْلُوهُ تُلُوّاً » ـ على فعول تبعته ، فأنا تَالٍ ، و تِلْوٌ أيضا وزان حمل.

( توا )

فِي الْحَدِيثِ : « الْقَصْدُ مَثْرَاةٌ وَالسَّرَفُ مَتْوَاةٌ ». أي فقر وقلة.

والتَّوَى ـ مقصور ويمد ـ : هلاك المال يقال : « تَوِيَ المال » ـ بالكسر ـ « تَوىً » و « تَوَاءً » هلك. وهذا « مال تَو » ـ على فعل.

ومنه حَدِيثٍ السَّلَفِ فِي اللَّحْمَ : « يُعْطِيكَ مَرَّةً السَّمِينَ وَمَرَّةً التَّاوِيَ ». أي الضعيف الهالك.

ومنه قوله : « فما تَوِيَ فعلي » أي ما هلك من المال يلزمني.

ومنه الْحَدِيثُ : « جِهَادُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَصْبِرَ عَلَى مَا تَوِيَ مِنْ أَذَى زَوْجِهَا ».

__________________

(١) الآيتان المفسرتان معا هما في سورتي الصافات آية ٤ والمرسلات آية ٧ ولا نعلم ما الربط بينهما حتى فسرهما معا.

٧١

باب ما أوله الثاء

( ثبا )

قوله تعالى : ( فَانْفِرُوا ثُباتٍ ) أي جماعات متفرقة ، جمع « ثبة » من « ثَبَّيْتُ على فلان تَثْبِيَةً » إذا ذكرت متفرق محاسنه.

وتجمع أيضا على « ثُبِينٍ ».

وقال الجوهري : وأصلها « ثُبَيٌ » والجمع « ثُبَاتٌ » و « ثُبُونٌ » و « أَثَابِيُ ».

( ثدى )

فِي الْحَدِيثِ : « حَدُّ الْقَبْرِ إِلَى الثَّدْيِ » ـ بالفتح وسكون المهملة وخفة الياء يذكر ويؤنث ـ وهو للمرأة والرجل ، والجمع « أَثْدٍ » و « ثُدُيٌ » على فعول ، و « ثِدِيّ » بكسر الثاء ، وربما جاء على « ثِدَاء » كسهم وسهام ، والمعنى : أن منتهى الحفرة في الأرض ذلك ، وعد من الفضل دون الفرض.

والثَّنْدُوَةُ للرجل بمنزلة الثَّدْيِ للمرأة ـ قاله الجوهري.

قال : وقال الأصمعي : هي مغرز الثَّدْيِ وحكي عن ابن السكيت : هي اللحم الذي حول الثَّدْيِ.

و « ذو الثُّدَيَّةِ » لقب رجل من الخوارج ، اسمه ثرملة قتل يوم النهروان (١).

فمن قال في الثَّدْيِ : أنه مذكر ، يقول : إنما أدخلوا الهاء في التصغير لأن معناه اليد وهي مؤنثة ، وذلك أن يده كانت قصيرة مقدار الثدي ، يدل على ذلك أنهم يقولون فيه : « ذو الثُّدَيَّةِ » و « ذو اليدية » وقيل : هو تصغير الثَّنْدُوَةِ ـ بحذف النون ـ لأنها من تركيب الثَّدْيِ ، وانقلاب الياء فيها واوا لضم ما قبلها ، ولم يضر ارتكاب الشاذ لظهور الاشتقاق.

( ثرا )

قوله تعالى : : التراب الندي ، وهو الذي تحت

__________________

(١) يذكر ذا الثدية في « خدج » و « مرق » أيضا ـ ز.

٧٢

الظاهر من وجه الأرض ، فإن لم يكن فهو تراب ، ولا يقال : ثَرَى.

و « المال الثَّرِيُ » ـ على فعيل ـ الكثير (١).

ومنه : « رجل ثَرْوَانٌ » و « امرأة ثَرْوَى ».

والثَّرَاءُ ـ بالمد ـ : كثرة المال.

و « أَثْرَى الرجل » : كثرت أمواله. والثَّرْوَةُ : كثرة العدد.

وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « صِلَةُ الرَّحِمِ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ ». بالفتح فالسكون على مفعلة مكثرة للمال « مَنْسَأَةٌ لِلْأَجَلِ ». أي موسعة للعمر.

والثُّرَيَّا ـ بالقصر ـ : النجم المعروف ، تصغير « ثَرْوَى » ، يقال : إن خلال أنجمها الظاهرة كواكب خفية كثيرة العدد.

( ثغا )

الثُّغَاءُ ـ بالضم والمد ـ : صوت الشاة ، يقال : « ثَغَتِ الشاة تَثْغُو ثُغَاءً » مثل صراخ وزنا ومعنى ، فهي ثَاغِيَةٌ.

قالوا : « ما له ثَاغِيَةٌ ولا راغية » أي لا نعجة ولا ناقة ، أي ما له شيء.

( ثفا )

فِي الْحَدِيثِ : « أَثَافِيُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ : الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْوَلَايَةُ ، لَا تَصِحُّ وَاحِدَةٌ إِلَّا بِصَاحِبَتِهَا ». الْأَثَافِيُ : جمع الْأُثْفِيَّةِ ـ بالضم والكسر ـ على أفعولة ، وهي الحجارة التي تنصب ويجعل القدر عليها ، وقد تخفف الياء في الجمع ، واستعارها هنا لما قام الإسلام عليه وثبت كثبوت القدر على الْأَثَافِيِ.

( ثنا )

قوله : ثانِيَ اثْنَيْنِ أي أحد اثْنَيْنِ ـ كقوله ( ثالِثُ ثَلاثَةٍ ) ـ وهما رسول الله وأبو بكر ، وانتصابه على الحال ، أو هما بدل من ( إِذْ أَخْرَجَهُ ) و ( إِذْ يَقُولُ ) بدل ثَانٍ.

قوله : ( يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ) أي يطوون على معاداة النبي (ص) نُقِلَ : « أَنَّ قَوْماً مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا : إِذَا أَغْلَقْنَا أَبْوَابَنَا

__________________

(١) يذكر في « بنا » ابن الدّنيا لصاحب الثّروة وفي « طمح » حديثا في الثّروة ـ ز.

٧٣

وَأَرْخَيْنَا سُتُورَنَا وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابَنَا وَثَنَيْنَا صُدُورَنَا عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ كَيْفَ يَعْلَمُ بِنَا ، فَأَنْبَأَهُ اللهُ عَمَّا كَتَمُوهُ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ ).

قوله : ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) يعني اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا. قيل : وليست الواو هنا على حالها وإلا لزم الجمع بين تسع نسوة ، وأجيب : بأن الجمع في الحكم لا يستلزم الجمع في الزمان فلا محذور. قوله : ( مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ) الآية ، قَالَ (ص) : ( مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْأَهْلِيَّ وَالْجَبَلِيِ ( وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْأَهْلِيَّ وَالْجَبَلِيِ ( وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْأَهْلِيَّ وَالْوَحْشِيَ ( وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْبَخَاتِيِّ وَالْعِرَابَ (١).

قوله : ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) يعني سورة الحمد ، إذ هي سبع آيات اتفاقا ، وليس في القرآن ما هو كذلك ، غير أن بعضهم عد البسملة ، دون ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) وبعضهم عكس. قِيلَ : وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ مُطْلَقُ التَّكْرِيرِ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَصَاعِداً ، وَقِيلَ : لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ. وفي أنها مكية أو مدنية خلاف ، والأول مروي عن ابن عباس.

وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « أَنَّهُ قَالَ : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ تَمَامُهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (ص) يَقُولُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِي : يَا مُحَمَّدُ ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) وَإِنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَشْرَفُ مَا فِي كُنُوزِ الْعَرْشِ ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ مُحَمَّداً وَشَرَّفَهُ بِهَا ، وَلَمْ يُشْرِكْ مَعَهُ فِيهَا أَحَداً مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، خَلَا سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ فَإِنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، أَلَا فَمَنْ قَرَأَهَا مُعْتَقِداً لِمُوَالاةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ، مُنْقَاداً لِأَمْرِهَا ، مُؤْمِناً بِظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا ، أَعْطَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا حَسَنَةً ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا

__________________

(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ / ٢١٩.

٧٤

فِيهَا مِنْ أَصْنَافِ أَمْوَالِهَا وَخَيْرَاتِهَا ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى قَارِئٍ يَقْرَأُهَا كَانَ لَهُ مَا لِلْقَارِئِ ، فَلْيَسْتَكْثِرْ أَحَدُكُمْ مِنْ هَذَا الْخَيْرِ الْمُعْرَضِ لَكُمْ ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ لَا يَذْهَبَنَّ أَوَانُهُ فَيَبْقَى فِي قُلُوبِكُمْ حَسْرَةً » (١).

وسمي القرآن مَثَانِيَ لأن الأنباء والقصص تُثَنَّى فيه ، أو لاقتران آية الرحمة بآية العذاب.

وقيل : هي سبع سور ، وقيل : هي السبع الطوال والسابعة الأنفال وبراءة لأنهما في حكم سورة واحدة.

وفِي الْخَبَرِ عَنْهُ (ص) : « أُعْطِيتُ السُّوَرَ الطِّوَالَ مَكَانَ التَّوْرَاةِ ، وَأُعْطِيتُ الْمِئِينَ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ ، وَأُعْطِيتُ الْمَثَانِيَ مَكَانَ الزَّبُورِ ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ » (٢) ، ولعله أراد بِالْمَثَانِي سورة الفاتحة.

وفِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ : « نَحْنُ الْمَثَانِي الَّتِي أَعْطَاهَا اللهُ نَبِيَّنَا (ص) ». ومعنى ذلك ـ على ما ذكره الصدوق (ره) ـ : نحن الذين قرننا النبي (ص) إلى القرآن ، وأوصى بالتمسك بالقرآن وبنا ، وأخبر أمته بأن لا نفترق حتى نرد على الحوض.

وفِي حَدِيثٍ وَصَفَهُ (ص) : « لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُتَثَنِّي ». وهو الذاهب طولا ، وأكثر ما تستعمل في طويل لا عرض له.

وفِي الْحَدِيثِ : « الْوُضُوءُ مَثْنَى مَثْنَى ». أي مرتان في الغسل ، أو غسلتان ومسحتان.

__________________

(١) البرهان ١ / ٤١.

(٢) روى في الصافي هذا الخبر عن الكافي ، ثم قال : اختلف الأقوال في تفسير هذه الألفاظ ، أقربها إلى الصواب وأحوطها لسور الكتاب : أن الطول ـ كصرد ـ هي السبع الأول بعد الفاتحة على أن يعد الأنفال والبراءة واحدة لنزولهما جميعا في المغازي وتسميتهما بالقرينتين ، والمئين من بني إسرائيل إلى سبع سور سميت بها لأن كلا منها على نحو مائة آية ، والمفصل من سورة محمد إلى آخر القرآن سميت به لكثرة الفواصل بينها ، والمثاني بقية السور وهي التي تقصر عن المئين وتزيد على المفصل ، كأن الطول جعلت مبادىء ـ تارة ـ والتي تليها مثاني لها لأنها ثنت الطول أي تلتها ، والمئين جعلت مبادىء ـ أخرى ـ والتي تلتها مثاني لهما.

٧٥

و « صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى » أي ركعتان ركعتان.

و « الإقامة مَثْنَى مَثْنَى » (١) أي يكرر فيها اللفظ.

و « اثْنِ على ربك » أي اذكره ذكرا حسنا جميلا ، من « الثَّنَاءِ » ـ بالمد ـ وهو الذكر الحسن والكلام الجميل (٢) ، يقال : « أَثْنَيْتُ على زيد » ـ بالألف ـ مدحته.

والاسم « الثَّنَاءُ » واستعماله في الذكر الجميل أكثر من القبيح.

وقوله : « لا أحصي ثَنَاءً عليك » يأتي في « حصى » إن شاء الله تعالى.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُكَافِئْ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ ». أراد : فليثن على من جاء بها.

والثُّنْيَا ـ بالضم مع القصر ـ : الاسم من الاستثناء ، وكذلك الثَّنْوَى ـ بالواو مع فتح الثاء.

وفِي حَدِيثِ زُرَارَةَ ـ وَقَدْ حَصَرَ النَّاسَ بِمُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ ـ « فَأَيْنَ أَهْلُ ثَنْوَى اللهِ ». أي الذين اسْتَثْنَاهُمُ الله بقوله : ( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ ) الآية.

وفي بعض نسخ الحديث غير ذلك.

وفِي الْخَبَرِ : « الشُّهَدَاءُ ثَنِيَّةُ اللهِ ». أي الذين استثناهم في قوله : ( فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ).

وفِيهِ : « نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ ». وهي ـ على ما قيل ـ أن يستثنى في عقد البيع شيء مجهول ، وقيل : أن يباع شيء جزافا ، فلا يجوز أن يستثنى منه شيء قل أو كثر.

وفِيهِ : « مَنِ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ » أي ما استثناه.

والِاسْتِثْنَاءُ ـ من « ثَنَيْتُ الشيء أَثْنِيهِ ثَنْياً » من باب رمى ـ إذا عطفته ورددته.

و « ثَنَيْتُهُ عن مراده » إذا صرفته عنه

__________________

(١) يذكر في « ثلث » شيئا في المثنى ونحوه ـ ز.

(٢) يذكر شيئا في « نثا » في الثناء ـ ز.

٧٦

وعدلته.

وعلى هذا فَالاسْتِثْنَاءُ : صرف العامل عن الْمُسْتَثْنَى (١).

و « ثَنَّيْتُ الشيء » ـ بالتشديد ـ : جعلته اثْنَيْنِ.

والثِّنَى ـ بالكسر والقصر ـ : الأمر يعاد مرتين.

و « الثَّنِيَّةُ من الأسنان » جمعها « ثَنَايَا » و « ثَنَايَاتٌ » وهي في الفم أربع في الأعلى والأسفل.

و « الثَّنِيُ » الجمل الذي يدخل في السنة السادسة ، و « الناقة ثَنِيَّةٌ » و « الشيء » الذي ألقى ثَنِيَّتَهُ. وهو من ذوات الظلف والحافر في السنة الثالثة ، ومن ذوات الخف في السنة السادسة ، وهو بعد الجذع ، والجمع « ثِنَاءٌ » ـ بالكسر والمد ـ و « ثُنْيَان » مثل رغيف ورغفان.

ومِنْهُ : « سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَسْلَمَ فِي الْغَنَمِ ثَنِيَّانِ وَجَذَعَانِ » (٢). و « أثنى » : إذا ألقى ثنيته « فهو ثني » فعيل بمعنى فاعل.

وعلى ما ذكرناه من معرفة الثني الجمع من أهل اللغة.

وقيل : الثني من الخيل : ما دخل في الرابعة ، ومن المعز ، ما له سنة ودخل في الثانية.

وقد جاء فِي الْحَدِيثِ : « والثَّنِيُ مِنَ الْبَقَرِ وَالْمَعْزِ هُوَ الَّذِي تَمَّ لَهُ سَنَةٌ ». وفي المجمع : الثَّنِيَّةُ من الغنم : ما دخل في الثالثة ، وكذا من البقر والإبل في السادسة ، والذكر « ثَنِيٌ » ، وعن أحمد : من المعز : ما دخل في الثانية (٣) انتهى.

والثَّنِيَّةُ : الطريق العالي في الجبل ، وقيل : كالعقبة فيه.

ومنه : « مكة يأتيها رزقها من أعلاها

__________________

(١) يذكر في « سبح » شيئا في الاستثناء ، وكذا في « قول » و « الا » ـ ز.

(٢) يذكر في « سلم » معنى الإسلام والإسلاف وكيفيته ـ ن.

(٣) يذكر في « قرح » شيئا في ذي الحافر ، وفي « حور » شيئا في الإبل ، وفي « تبع » شيئا في البقر ـ ز.

٧٧

وأسفلها والثَّنِيَّةُ » يريد المعلى والمسفل وعقبة المدنيين.

ومنه الْخَبَرُ : « وكَانَ (ص) يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنَ السُّفْلَى ».

والثَّنِيَّةُ العليا : التي تنزل منها إلى المعلى مقابر مكة ، والسفلى عند باب شبكة.

قيل : والسر في ذلك قصد أن يشهد له الطريقان.

والِاثْنَانِ : اسم من أسماء العدد ، حذفت لامه ثم عوض همزة وصل فقيل : « اثْنَانِ » كما يقال : « ابنان » ومؤنثه « اثْنَتَانِ » وفي لغة « ثِنْتَانِ » بغير همز ، ثم سمي اليوم به فقيل : « يوم الْإِثْنَيْنِ » وهو أحد أيام الأسبوع ، لا يُثَنَّى ولا يجمع ، وإذا عاد عليه ضمير جاز الإفراد فيه على معنى اليوم ، وهو الأصح ، فيقال : « مضى يوم الْإِثْنَيْنِ بما فيه » والثاني اعتبار المعنى ، فيقال : « بما فيهما ».

و « جاء في أَثْنَاءِ الأمر » أي في خلاله.

و « ثَنَى رجليه » ـ بخفة النون ـ أي عطف ، و « يَثْنِى رجليه » أي يعطفهما.

ومنه الْحَدِيثُ : « مَنْ قَالَ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ ». أي عاطفهما.

والثَّنَوِيَّةُ : من يثبت مع القديم قديما غيره ، قيل : وهم فرق المجوس يثبتون مبدأين مبدأ للخير ومبدأ للشر وهما النور والظلمة ، ويقولون بنبوة إبراهيم (ع). وقيل : هم طائفة يقولون : إن كل مخلوق مخلوق للخلق الأول ، وقد شهد لبطلان قولهم قَوْلُهُ (ع) فِي وَصْفِ الْحَقِّ تَعَالَى : « لَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ وَلَا مِنْ شَيْءٍ خَلَقَ مَا كَانَ » ( وبهذا يبطل ) جميع حجج الثنوية وشبههم (١).

( ثوا )

قوله : ( أَكْرِمِي مَثْواهُ ) أي اجعلي مقامه عندنا كريما ، أي حسنا.

قوله : ( مَثْوىً لَهُمْ ) أي منزلا لهم.

قوله : ( ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ )

__________________

(١) يذكر في « بيض » و « زندق » شيئا في الثنوية ـ ز.

٧٨

أي مقيما عندهم.

قوله : ( النَّارُ مَثْواكُمْ ) أي مقامكم.

والثَّوَاءُ : الإقامة.

والْمَثْوَى ـ بالفتح ـ : المنزل ، من ثَوَى بالمكان يَثْوِي ثَوَاءً ـ بالمد ـ : إذا أقام فيه ، والجمع : « مَثَاوِي ».

ومنه : « أصلحوا مَثَاوِيكُمْ ».

ومنه الدُّعَاءُ : « اللهُمَّ عَظُمَ مَثْوَايَ ». أي منزلي عندك ومقامي.

ومِنْهُ : « واجْعَلْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي كُلِ مَثْوًى وَمُنْقَلَبٍ ».

وفِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ مَعَ إِخْوَانِهِ : « أَشْكُو إِلَيْكُمْ طُولَ الثَّوَاءِ فِي قَبْرِي ». أي الإقامة فيه.

وأما قول الأعشى :

لَقَدْ كَانَ فِي حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُهُ

تَقَضِّي لُبَانَات ويَسْأَمَ سائم

فحكى الجر في « ثَوَاءٍ » مع كونه اسما لكان لمجاورة « حول » ، و « تقضي » ممكن البدلية من اسم كان ، و « لُبَانَات » جمع « لُبَانَة » ـ بالضمّ ـ وهي الحاجة ، والسَّآمَة : الملالة ، والجملة مقدرة بالمصدر لصحة العطف ، أي سَآمَة السائم وملالة المال ، وربما احتمل غير ذلك من الإعراب فإنه باب واسع.

وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « عِبَادَ اللهِ إِنَّكُمْ وَمَا تَأْمُلُونَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ وَمَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ ». « أَثْوِيَاءُ » جمع « ثَوِيّ » وهو الضّيف ، ويتمّ الكلام في « دين ».

والثُّوَيَّةُ ـ بضم الثاء وفتح الواو وتشديد الياء ، ويقال : بفتح الثاء وكسر الواو ـ : موضع بالكوفة به قبر أبي موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة ـ قاله في المجمع وغيره.

والثَّوِيَّةُ : حدّ من حدود عرفة ، وفي الحديث : « ليست منها ».

٧٩

باب ما أوله الجيم

( جا )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « لَأَنْ أَطَّلِيَ بِجِوَاءِ قِدْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَّلِيَ بِالزَّعْفَرَانِ ». يريد به سواد القدر ، من الْجُؤْوَةِ ، وهي لون الحمرة تضرب إلى السواد.

و « جأى عليه جأيا » أي عض قاله الجوهري.

( جأجأ )

فِي الْحَدِيثِ : « يَنْبَغِي لِمَنْ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ أَنْ يُلْصِقَ جُؤْجُؤَهُ بِالْأَرْضِ ».

الْجُؤْجُؤُ : بضم المعجمتين من الطائر والسفينة صدرهما.

وقيل : الْجُؤْجُؤُ عظام الصدر ، ومنه حَدِيثُ سَفِينَةِ نُوحٍ (ع) : « فَضَرَبَتْ بِجُؤْجُؤِهَا حَوْلَ الْجَبَلِ » (١). والمراد بالجبل ما قرب من نجف الكوفة.

والجمع : الْجَآجِئ.

و « جَأْجَأْتُ بالإبل » إذا دعوتها للشرب ـ قاله الجوهري نقلا عن الأموي.

( جبا )

قوله تعالى : ( ثُمَ اجْتَباهُ رَبُّهُ ) أي اختاره واصطفاه وقربه إليه.

قوله : ( وَاجْتَبَيْناهُمْ ) أي اخترناهم ، ومثله : ( يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ).

قوله : ( لَوْ لا اجْتَبَيْتَها ) أي هلا اخترتها لنفسك ، وقيل : هلا تقبلتها من ربك ، وقيل : هلا أبيت بها من قبل نفسك ، فليس كل ما تقوله وحيا من السماء.

قوله : ( يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ ) أي يجمع ، قيل : كلهم قرأ بالياء من تحت غير نافع فإنه قرأ بالتاء على التأنيث.

و « يُجْبَى لهم الفيء » أي يجمع لهم الخراج.

والْجَابِي : الذي يدور في الْجِبَايَةِ (٢).

يقال : « جَبَيْتُ الخراج جِبَايَةً » و

__________________

(١) الكافي ٢ / ١٢٤.

(٢) يذكر في « شعر » الجبائي ـ ز.

٨٠