مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

( لِنَعْلَمَ ) فلم يعمل فيه ، وأَحْصى فعل ماض ، ومعناه : ( أَيُّ الْحِزْبَيْنِ ) من المؤمنين والكافرين من قوم أصحاب الكهف أضبط أمدا لأوقات لبثهم ، ولا يكون أَحْصى من أفعل التفضيل في شيء ، لأنه لا يبنى من غير الثلاثي المجرد ، ولم يزل سبحانه عالما بذلك وإنما أراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيمانا ، وقيل : يعني ب ( الْحِزْبَيْنِ ) أصحاب الكهف وإنهم لما استيقظوا اختلفوا في مقدار لبثهم.

قوله : ( وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ ) يعني أنه يعسر عليكم ضبط أوقات الليل وحصر ساعاته ، بل سبحانه هو المقدر لذلك ، أي العالم بمقداره ، قوله : ( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) قيل : معناه نسخ الحكم الأول ، بأن جعل قيام الليل تطوعا بعد أن كان فرضا ، وقيل : معناه لم يلزمكم إثما ولا تبعه ، وقيل : معناه خفف عليكم ، لأنهم كانوا يقومون الليل كله حتى انتفخت أقدامهم فخفف ذلك عنهم.

قوله : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) رُوِيَ : « أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (ع) هُوَ ذَلِكَ الْإِمَامُ ». ورُوِيَ : « أَنَّهُ (ع) مَرَّ بِأَصْحَابِهِ عَلَى وَادٍ يَضْطَرِبُ نَمْلاً ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : سُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ هَذَا النَّمْلِ ، فَقَالَ (ع) : لَا تَقُلْ كَذَا قُلْ : سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ هَذَا النَّمْلَ ، فَقَالَ : كَأَنَّكَ تَعْلَمُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (ع) قَالَ : نَعَمْ وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُ وَأَعْلَمُ الذَّكَرَ مِنْهُ مِنَ الْأُنْثَى ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ إِلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ (ع) : أَوَمَا قَرَأْتَ يس؟ فَقَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَمَا قَرَأْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ )؟ ».

وفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ». قيل : المراد من حفظها في قلبه ، وقيل : من علمها وآمن بها ، وقيل : من استخرجها من الكتاب والسنة ، وقيل : من أطاق العمل بها ، مثل من يعلم أنه سميع بصير يكف سمعه ولسانه عما لا يجوز له ، وكذا

١٠١

باقي أسمائه ، وقيل : من أخطر بباله عند ذكرها معانيها وتفكر في مدلولها معظما لمسماها ومقدسا معتبرا بمعانيها ومتدبرا راغبا فيها وراهبا.

وفِيهِ : « تَرْكُكَ حَدِيثاً لَمْ تَدْرِهِ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَتِكَ حَدِيثاً لَمْ تُحْصِهِ ». أي لم تحط به خبرا ، من « الْإِحْصَاءِ » : الإحاطة بالشيء حصرا وتعدادا.

وفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ : « لَا تُحْصِ فَيُحْصَى عَلَيْكَ ». المراد عد الشيء للقنية والادخار والاعتداد به ، « فَيُحْصَى عَلَيْكَ ». يحتمل أن يراد به يحبس عليك مادة الرزق ويقلله بقطع البركة حتى يصير كالشىء المعدود ، والآخر أنه يحاسبك في الآخرة.

و « الْمُحْصِي » من أسمائه تعالى ، وهو الذي أَحْصَى كل شيء بعلمه وأحاط به ، فلا يفوته دقيق منها ولا جليل ، ولا يعزب عنه مثقال ( ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ).

وفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ : « لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ». أي لا أطيقه ولا أُحْصِي نعمك وإحسانك وإن اجتهدت « أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ». وهو اعتراف بالعجز ، أي لا أطيق أن أثني عليك كما تستحقه وتحبه ، أنت كما أثنيت على نفسك بقولك : ( فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ ) و « ما » في « كما » موصولة أو موصوفة.

وفي المصباح : قال الغزالي في الإحياء : ليس المراد أنه عاجز عما أدركه ، بل معناه الاعتراف بالقصور عن إدراك كنه جلاله ، وعلى هذا فيرجع المعنى إلى الثناء على الله بأتم الصفات وأكملها التي ارتضاها لنفسه واستأثر بها مما هو لائق بجلاله تعالى ـ انتهى.

ويتم الكلام في « رضا » إن شاء الله تعالى.

وفِيهِ : « نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ ». وفسر بأن يقول : بعتك من السلع ما تقع حصاتك عليه إذا رميت بها ، وإذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع ، وهو بيع كان في الجاهلية.

و « الْحَصَاةُ » واحدة « الْحَصَى »

١٠٢

والجمع « حَصَيَاتٌ » مثل بقرة وبقرات ـ قاله الجوهري.

وفي القاموس « الْحَصَى » : صغار الحجارة الواحدة « حَصَاةٌ » والجمع « حَصَيَاتٌ » و « حُصِىّ ».

والْحَصَاةُ : اللب والعقل.

( حطا )

فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ : « أَخَذَ النَّبِيُّ (ص) بِقَفَايَ فَحَطَانِي حَطْوَةً ». الْحَطْوُ : تحريك الشيء مزعزعا ، وروي بالهمزة من « حَطَأَهُ » ـ بالهمز ـ : إذا دفعه بكفه بين الكتفين ، وإنما فعله (ص) ملاطفة وتأنيسا.

( حظا )

فِي حَدِيثِ أَزْوَاجِ النَّبِيِ : « تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ فِي شَوَّالٍ ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى مِنِّي ». أي أقرب إليه وأسعد به ، من قولهم : « حَظِيَتِ المرأة عند زوجها تَحْظَى حظْوَةً » ـ بالضم والكسر ـ : سعدت به ودنت من قلبه وأحبها.

وفيه من الرد على من كره التزويج في شوال ما لا يخفى.

والْحَظْوَةُ ـ بفتح الحاء ـ : بلوغ المرام يقال : « حَظِيَ في الناس يَحْظَى » من باب تعب « حِظَةً » وزان فعة و « حَظْوَةً » إذا أحبوه ورفعوه منزلة « فهو حَظِيٌ » على فعيل.

وفِي الدُّعَاءِ : « ومَا يُقَرِّبُ مِنْكَ وَيُحْظِي عِنْدَكَ ». أي ما يوجب لي الحظ عندك والتفضيل وبلوغ المرام ، من قولهم : « أَحْظَيْتُهُ على فلان » : فضلته عليه.

( حفا )

قوله تعالى : ( كَأَنَّكَ حَفِيٌ عَنْها ) أي كأنك استحفيت بالسؤال عنها حتى علمتها.

والْحَفِيُ : المستقصي بالسؤال عن الشيء.

و « أَحْفَى فلان في المسألة » : إذا ألح فيها وبالغ.

ومنه : ( فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا ) أي يلح عليكم ويجهدكم.

والْحَفِيُ : البار.

١٠٣

ومنه قوله تعالى : ( كانَ بِي حَفِيًّا ) أي بارا معينا.

وفِي الْحَدِيثِ : « سَأَلُوا النَّبِيَّ (ص) حَتَّى أَحْفَوْهُ ». أي استقصوه بالسؤال.

وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) مَعَ رَسُولِ اللهِ (ص) : « وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ النَّازِلَةُ بِكَ فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ ». أي استقصها فيه تحكي لك ما صدر من المنافقين وأعداء الدين.

ومن كَلَامِهِ (ص) : « لَزِمْتُ السِّوَاكَ حَتَّى كِدْتُ أُحْفِي فَمِي ». أي أستقصي على أسناني فأذهبها بالتسوك.

وفِي الدُّعَاءِ : « لَا يُحْفِيهِ سَائِلٌ ». قيل : معناه أي يمنعه ، من « حَفَوْتُ الرجل من كذا » : منعته.

ومِنْهُ : « إِنَّ رَجُلاً عَطَسَ عِنْدَهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، فَقَالَ (ص) لَهُ : حَفَوْتَ ». أي منعتنا من أن نشمتك بعد الثلاث.

وفِي الْحَدِيثِ : « كَانَ أَبِي (ع) يُحْفِي رَأْسَهُ إِذَا جَزَّهُ ». أي يستقصيه ويقطع أثر الشعر بالكلية ، من « أَحْفَى شاربه » من باب أكرم : إذا بالغ في جزه.

وفِيهِ : « أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ». يقرأ بفتح الألف مع القطع ، وبضمها مع الوصل ، أي بالغوا في جزها حتى يلزق الجز بالشفة.

وفي معناه : « أنهكوا الشوارب ».

ومثله : « نَحْنُ نَجُزُّ الشَّوَارِبَ وَنُعْفِي اللِّحَى ». أي نتركها على حالها.

وفي كراهة حلق اللحى وتحريمها وجهان أما تحسينها فحسن ، واختلف في تحديده ، فمنهم من حده بجز ما زاد على القبضة ، وفي الخبر ما يشهد له.

و « حَفِيَ الرجل حَفَاءً » مثل سلام من باب تعب : مشى بغير نعل ولا خف « فهو حَافٍ » والجمع « حُفُاةٌ » كقاض وقضاة.

والْحِفَاءُ ـ بالكسر والمد ـ : اسم منه.

ومنه : « حَفِيَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَشْيِ حَتَّى رَقَّتْ قَدَمَاهُ ».

والْحَفْيَا ـ بالمد والقصر ـ : موضع بالمدينة على أميال.

١٠٤

( حقا )

في الحديث ذكر الْحَقْوِ ـ بفتح المهملة وسكون القاف ـ : موضع شد الإزار ، وهو الخاصرة ، ثم توسعوا حتى سموا الإزار الذي يشد على العورة « حَقْوا » والجمع « أَحْق » و « حُقِيّ » مثل فلس وأفلس وفلوس ، وقد يجمع على « حِقَاءٍ » كسهام.

وفِي حَدِيثِ الرَّحِمِ : « قَامَتْ وَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ». هو على الاستعارة والتمثيل أي استمسكت به كما يستمسك القريب بقريبه والنسيب بنسيبه.

( حكا )

فِي الْحَدِيثِ « أَلَا أَحْكِي لَكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ (ص) ». هو من قولهم : « حَكَى الشيء عن غيره حِكَايَةً » : إذا أتى به على الصفة التي أتى بها غيره قبله من غير زيادة ولا نقصان منه.

ومنه الْحِكَايَةُ في العربية ، وهو أن تأتي بالقول على ما تسمعه من غيرك كما تقول : « قرأت ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) » ولا تعمل قرأت.

والْحُكْأَةُ العضاءة وجمعها « حُكاً » بالقصر (١).

و « الْحُكَاءُ » ممدودة ذكر الخنافس.

( حلي )

قوله تعالى : ( مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً ) هو بضم الحاء وتشديد الياء جمع « حَلِي » ـ بفتح الحاء وخفة الياء ـ اسم لكل ما يتزين به من الذهب والفضة (٢).

ومنه قَوْلُهُ (ص) : « تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَ ». وقَوْلُهُ (ع) : « لَيْسَ فِي الْحُلِيِ زَكَاةٌ ». وَقَوْلُهُ (ع) فِي حَدِيثِ آدَمَ : « فَطَارَ الْحُلِيُ وَالْحُلَلُ مِنْ جَسَدِهِ ».

قوله تعالى : حِلْيَةٍ أي ذهب وفضة ( أَوْ مَتاعٍ ) : حديد وصفر ونحاس ورصاص.

وجمع الْحِلْيَةِ « حِلىً » كلحية ولحى ، ـ ويضم ـ وكذلك جمع « الْحِلْيَةِ » بالكسر بمعنى الصفة.

__________________

(١) في النهاية ( حكا ) : وجمعها حكاء ، وقد يقال بغير همز ، ويجمع على حكا مقصورا.

(٢) يذكر في « عطل » حديثا في تحلى المرأة ـ ز.

١٠٥

و « تَحَلَّى بِالْحُلِيِ » : تزين به.

و « حِلْيَةُ السيف » : زينته.

وفِي حَدِيثِ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ : « مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ؟ ». لأن الْحَدِيدَ زي بعض الكفار ، وهم أهل النار ، وقيل : إنما كرهه لريحه وزهوكته.

و « حَلَّاهُ تَحْلِيَةً » وصفه ونعته.

ومنه : « مَا نَبِيٌّ سَلَفَ إِلَّا كَانَ مُوصِياً بِاتِّبَاعِ رَسُولِ اللهِ (ص) وَمُحَلِّيَهُ عِنْدَ قَوْمِهِ ».

و « حَلِيَ الشيء بعيني » من باب تعب : أعجبني وحسن عندي.

و « حَلَّيْتُهُ في عين صاحبه » إذا جعلته حُلْواً.

و « حَلَا الشيء يَحْلُو حَلَاوَةً فهو حُلْوٌ ».

و « حَلَا لي الشيء » لذ لي.

و « اسْتَحْلَيْتُهُ » وجدته حُلْواً.

و « الْحَلَاوَةُ » نقيض المرارة.

و « احْلَوْلَى الشيء » مثل حَلَا ، مبالغة في العذوبة.

ومنه حَدِيثُ الدُّنْيَا : « قَدْ تَنَكَّرَتْ وَاحْلَوْلَتْ ».

وفِي الْحَدِيثِ : « حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَجِدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا ».

وقد اختلف في حَلَاوَةِ الإيمان هل هي معقولة أو محسوسة؟ ويشهد للثاني الحديث المذكور ، مع قول من قال : « وا طرباه غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه ».

والْحَلْوَاءُ بالفتح والمد ـ ويقصر ـ : الذي يؤكل ، وجمع الممدود « حَلَاوِيّ » كَصَحَاري بالتشديد ، وجمع المقصور « حَلَاوَى » بفتح الواو.

ومنه الْحَدِيثُ : « فَهُوَ لِحَلْوَائِهِمْ هَاضِمٌ ». يريد أن مثل هذا يأكل حلواء هؤلاء ويهضمها أي لم يبق لها أثرا في قلبه ، والكلام استعارة وتمثيل.

وفِي الْخَبَرِ : « نَهَى عَنْ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ ». وهو ما يعطى عند كهانته (١).

والْحُلْوَانُ ـ بالضم ـ العطاء غير الأجرة وأصله من الحلاوة.

__________________

(١) يذكر في « سحت » حديثا في حلوان الكاهن ـ وفي « كهن » أيضا ـ ز.

١٠٦

والْحُلْوَانُ أيضا : أن يأخذ الرجل من مهر ابنته ، وكانت العرب تعير من يفعل ذلك.

و « حُلْوَان » بلد مشهور من سواد العراق وهو آخر مدن العراق ، قيل : بينه وبين بغداد خمس مراحل ، وهي من طرف العراق من المشرق والقادسية من طرفه من المغرب ، قيل : سميت باسم بانيها ، وهو حُلْوَانُ بن عمران بن الحارث (١) بن قضاعة.

و « المحلأ عن الورد » : المطرود عنه.

ومنه : « غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِرْدٍ ». أي غير مطرودين عنه.

يقال : « حَلَّأْتُ الإبل ـ بالتشديد ـ عن الماء تَحْلِئَةً وتَحْلَاءً » طردتها عنه ومنعتها أن ترده ، وكذلك غير الإبل.

وفي بعض نسخ الحديث « مُجْلَيْنَ » بالجيم بدل الحاء ، وقد مر في بابه.

( حمأ )

قوله : جمع « حَمْأَةٍ » وهو الطين الأسود المتغير ، و « المسنون » المصور ، وقيل : المصبوب المفرغ ، كأنه أفرغ حتى صار صورة.

قوله : بالهمزة : ذات حَمْأَةٍ ، و « حَمِيَّةٌ » و « حَامِيَةٌ » بلا همز أي حارة ، قيل : وليس المعنى أنها تسقط في تلك العين بل خبر عن غاية بلغها ذو القرنين ووجدها تتدلى عند غروبها فوق هذه العين أو سمتها وكذلك يراها من كان في البحر.

والْحَمِيَّةُ ـ بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد التحتية ـ الأنفة والغضب (٢).

و ( حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) هي قولهم : قد قتل محمد أبناءنا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا ، لا تتحدث العرب بذلك.

قوله : الفحل إذا أنتج من صلبه عشرة أبطن ، قالوا : « حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلاء ولا ماء ».

وفِي الْحَدِيثِ : « لَمْ تَدْخُلِ الْجَنَّةَ حَمِيَّةٌ غَيْرُ حَمِيَّةِ حَمْزَةَ ». وذلك حين أسلم غضبا للنبي (ص)

__________________

(١) في معجم البلدان ٢ / ٢٩٠ « بن الحاف ».

(٢) يذكر في « حفظ » و « أنف » شيئا في الحمية ـ ز.

١٠٧

في حديث السلا (١) الذي ألقى على النبي (ص) » (٢) ، وحمزة هو عم النبي.

والْحِمَى ـ كإلى ـ المكان والكلاء والماء يحمي أي يمنع.

ومنه : « حِمَى السلطان » وهو كالمرعى الذي حماه فمنع منه ، فإذا سيب (٣) الإنسان ماشية هناك لم يؤمن عليها أن ترتع في حماه فيصيبه من بطشه ما لا قبل له به.

وتثنية الْحِمَى « حِمْيَانٌ » بكسر الحاء ، على لفظ الواحد.

ومنه الْحَدِيثُ : « أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ، فَمَنْ رَتَعَ حَوْلَ الْحِمَى أَوْشَكَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ ». أي قرب أن يدخله.

ومثله : « والْمَعَاصِي حِمَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ يَرْتَعْ حَوْلَهَا يُوشِكْ أَنْ يَدْخُلَهَا ». وفِي قَوْلِهِ (ع) : « إِنَ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ». إعلام بأن التجنب عن مقاربة حدود الله والحذر من الخوض في حماه أحق وأجدر من مجانبة كل ملك ، فإن النفس الأمارة بالسوء إذا أخطأتها السياسة في ذلك الموطن كانت أسوأ عاقبة من كل بهيمة خليع العذار.

وفِي الْحَدِيثِ : « جَعَلَ رَسُولُ اللهِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمىً ». أراد تحريم صيدها وقطع شجرها ٌ و « هذا شيء حِمىً » على فعل بكسر الفاء وفتح العين ، يعني محظور لا يقرب.

ومِنْهُ : « لَا حُمَّى فِي الْأَرَاكِ ».

وقَوْلُهُ (ع) : « لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ». هو رد لما كان يصنع في الجاهلية ، وذلك أن الشريف منهم كان إذا نزل أرضا حَمَاهَا ورعاها من غير أن يشرك فيها غيره وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه ، فجاء النهي عن ذلك ، وأضافه إلى الله ورسوله ، أي إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد والإبل

__________________

(١) السلا كحصى الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من الإنسان والمواشي تنزع من وجه الفصيل ساعة يولد وإلا قتلته ـ ه. والحديث مروي في أصول الكافي باب العصبية.

(٢) الكافي ٢ / ٣٠٨.

(٣) سيب الدابة تركها تسيب : ( ترعى ) حيث شاءت ـ ه.

١٠٨

التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة.

وقوله : « القرض حِمَى الزكاة » أي حافظ لها ، بمعنى إذا مات المقترض أو أعسر احتسبت عليه.

و « حَمَيْتُ المكان » من باب رمى « حِمْياً » و « حِمْيَةً » بالكسر : منعته عنهم.

و « حَمَيْتُهُ حِمَايَةً » إذا دفعت عنه ومنعت و « حَمَيْتُ القوم الماء » أي منعتهم إياه.

و « حَمَاهُ عن الدنيا » حفظه من مالها ومناصبها وما يضر بها.

و « احْتَمَى من الطعام » لم يقربه.

ومنه الْحَدِيثُ : « عَجِبْتُ لِمَنْ يَحْتَمِي مِنْ طَعَامٍ مَخَافَةَ الدَّاءِ كَيْفَ لَا يَحْتَمِي مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَةَ النَّارِ » (١).

وإطلاق الْحِمْيَةِ على الذنوب من باب المشاكلة.

و « حَمَيْتُ الحديدة » من باب تعب : إذا اشتد حرها بالنار فهي حامية.

و « حَمِيَ الوحي » كثر نزوله.

والْحَمُ « واحد الْأَحْمَاءِ » وهم أقارب الزوج ، مثل الأب والأخ ، وفيه أربع لغات ذكرت في الصحاح والمصباح.

وعن ابن فارس : « الْحَمُ » أب الزوج وأبو امرأة الرجل (٢).

و « حَمَاةُ المرأة » وزان حصاة : أم زوجها ، ولا يجوز فيها غير القصر.

ومن أسمائه (ص) في الكتب السالفة « حِمْيَاطَى » (٣) ومعناه يحمي الحريم [ ويمنع من الحرام ] ويوطىء الحلال كذا فسره من أسلم من اليهود

( حنا )

فِي الْحَدِيثِ : « أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ : التَّعَطُّرُ وَالسِّوَاكُ ، وَالنِّسَاءُ وَالْحِنَّاءُ » (٤).

وفِيهِ : « سُمِّيَتِ الْحِنَّاءُ حِنَّاءً لِأَنَّهَا حَنَّتَ

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٦٨.

(٢) يذكر الأحماء في « صهر » أيضا ـ ز.

(٣) في نسخ الكتاب والنّهاية واللّسان ( حمياطا ) بالألف من دون ضبط ، ولكن في تاج العروس ( حمياطى ) وضبطه بقوله : بالكسر.

(٤) رواه الشّيخ الصّدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلا وفي الخصال مسندا وصححناه عليهما ،.

١٠٩

إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ (ع) وَهِيَ خَشَبَةٌ خَرَجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ ».

قال الجوهري : الْحِنَّاءُ ـ بالمد والتشديد ـ معروف ، والْحِنَّاءَةُ أخص منه وحَنَّأْتُ لحيته بِالْحِنَّاءِ : خضبت (١).

وفي المصباح : والتخفيف من باب نفع لغة.

قال بعض شراح الحديث من العامة : افترق أهل الرواية في قَوْلِهِ : « الْحِنَّاءُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ ». على ثلاث طوائف ، منهم من يرويه الختان بإسقاط النون ، قال وهذا أشبه الألفاظ ، لأن الختان لم يزل مشروعا في الرسل من لدن إبراهيم (ع) إلى زمان نبينا (ص) إلا عيسى (ع) فإنه ولد مختونا على ما نقل ، ومنهم من يرويه الحياء ـ بالياء المثناة التحتانية ـ من الستر والانقباض عما يفحش ويستقبح قوله ، ومنهم من يرويه بالنون ، وقد قيل : إنه تصحيف ، ومن الشواهد على ذلك أنه لو كان لكان من حقه أن يقول : « التَّحْنِيَةُ » أو « استعمال الْحِنَّاء ِ » أو « الخضاب بِالْحِنَّاءِ » ولو قدر ذلك لكان إما في الأطراف أو في الشعور ، أما في الأطراف فمنفي في حقهم ، لأن ذلك من دأب أهل التصنع وقد نزه الله أقدارهم عن ذلك ، كما دل عليه قَوْلُهُ (ص) : « طِيبُ الرِّجَالِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ ». وكان (ص) يأمر النساء بتغيير أظفارهن بِالْحِنَّاءِ ، وأما في الشعور والخضاب فيها فمن شعار هذه الأمة لم يشاركهم فيها أحد ، لأنه لم يبلغنا عن أحد من الرسل قبل نبينا (ص) أنه كان يختضب ، فاللفظ غير محفوظ ، والأكثرون أنه تصحيف ... انتهى.

وفيه ما فيه ، فإن ارتكاب التصحيف لا حاجة إليه ، وما ذكره من الشواهد غير شاهدة ، وإلا لجري مثله في نظائرها ، ودعوى أن خضاب الشعور من مخصوصات

__________________

(١) يذكر الحناء في « خضب » أيضا ، وفي « نكب » حديثا فيه ، ويذكر في « سهك » و « بهرم » شيئا فيه ـ ز.

١١٠

هذه الأمة تحكم لا شاهد له ، وقوله : لم يبلغنا عن أحد من الرسل قبل نبينا أنه كان يختضب غير مسلم ، كيف وقد اشتهر بين الفريقين الخبر به.

وفي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ : « وتَحْتَشِي وَتَسْتَثْفِرُ وَلَا تَحَنَّى ». أي لا تختضب بِالْحِنَّاءِ فتكون الكلمة عبارة عن مضارع حذفت منه أي إحدى التاءين ، وفي بعض نسخ العارفين » ولا تحَيِّي » بياءين أولهما مشددة وهي الأشهر من النسخ ، أي لا تصلي تحية المسجد ، وفي بعضها « وتحتبي » من الحبوة وهي جمع الساقين بعمامة ونحوها ، ليكون ذلك موجبا لزيادة التحفظ من الدم ، وفي بعض حواشي المنتهى بخط العلامة عليه الرحمة « ولا تَجْثِي » بالجيم والثاء المثلثة ثم الياء ، ويكون معناه : ولا تجلس على الركبتين ، قال : ويمكن أن يكون بالهاء المهملة والنون ثم الياء بمعنى لا تنحرف حفظا لعدم تفرق الدم.

وفِي الْحَدِيثِ : « لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالْحَنَايَا ». هي جمع « حَنِيَّةٍ » أو « حَنِيّ القوس » لأنها مَحْنِيَّةٌ معطوفة ، وسيأتي « حتى تكونوا كالحنايز » في « حنز ».

وفِيهِ : « فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِيَ الْهَرَمِ ». جمع « حَانِيَةٍ » وهي التي تحني ظهر الشيخ وتكبه.

و « حَنَوْتُ عليه » عطفت عليه.

و « حَنَّتِ المرأة على ولدها تَحْنِي ـ وتَحْنُو حُنُوّاً » عطفت وأشفقت فلم تتزوج بعد أبيهم.

ومنه : « المرأة الْحَانِيَةُ ».

وفِي الْحَدِيثِ : « لَيْسَ أَحْنَى عَلَى وَلَدٍ مِنْ نِسَاءِ قُرَيْشٍ ». أي أشفق وأحن وأعطف ، من قولهم : « فلان أَحْنَى الناس ضلوعا عليك » أي أشفقهم وأعطفهم وأحنهم.

ومِنْهُ : « لَا يَحْنِي عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلَّا الصَّابِرُونَ ».

و « حَنَى ظهره » أي أماله في استواء من رقبته ومن ظهره من غير تقويس.

و « حَنَيْتُ العود ـ وحَنَوْتُهُ أَحْنُوهُ حَنْواً » ثنيته.

١١١

ويقال للرجل إذ انْحَنَى من الكبر : « حَنَاهُ الدهر ، فهو محني ومحنو ».

والحنو واحد الْأَحْنَاءِ ، وهي الجوانب.

ومِنْهُ : « لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ ». بفتح الهمزة ، أي في جوانبه ، أي ليس له غور وتعمق ، في بعض النسخ « أحيائه » بالياء المثناة من تحت ، أي في ترويجه وتقويته.

( حوا )

قوله تعالى : ( غُثاءً أَحْوى ) أي أسود ليس بشديد السواد ، من « الحوة ».

ومنه قولهم : « ولدت أَحْوَى » أي ليس بشديد السواد.

قوله : أو الْحَوَايَا هي جمع « حَاوِيَةٍ » وهي ما تحوي البطن من الأمعاء.

ومنه الشعر المنسوب إلى تأبط شرا :

وأطوي على الخمص الْحَوَايَا كأنها

خيوطة ماري تغار وتقتل

ويتم معناه في مرا إن شاء الله تعالى. وفِي الْخَبَرِ : « خَيْرُ الْخَيْلِ الْحُوُّ ».

جمع « أَحْوَى » وهو الكميت الذي يعلوه سواد.

و « الْحُوَّةُ » لون تخالطه الكمتة مثل صدا الحديد وعن الأصمعي : حمرة تضرب إلى السواد.

و « حَوَيْتُ الشيء أَحْوِيهِ حِوَايَةً » إذا ضممته واستوليت عليه.

و « حَوَيْتُهُ » ملكته وجمعته.

و « حَوَى الشيء » إذا أحاط به من جهاته.

و « احْتَوَى الشيء » جمعه واشتمل عليه.

و « حَوَّاءُ » اسم أم البشر (١) ، ومَعْنَى « حَوَّاءَ » أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ وَهُوَ آدَمُ (ع) (٢) ـ قَالَهُ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ ، عَاشَتْ بَعْدَ آدَمَ سَنَةً ، وَدُفِنَتْ مَعَهُ ـ كَذَا فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ

( حيا )

قوله : ( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ )

__________________

(١) يذكر في « صفا » شيئا في حواء ، وكذا في « سرندب » و « زوج » و « وتر » و « جمع » ، ويذكر في « قور » و « طول » قامتها ، وفي « عصا » تزويجها ـ ز.

(٢) روي أنها والحمام والنخلة جميع ذلك خلقوا من فضل طينة آدم ـ م.

١١٢

الآية. قال المفسر : الحَيَاءُ تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من تخوّف ما يعاب به ويذمّ ، فإن قيل : كيف جاز وصف الله سبحانه به ولا يجوز عليه التغير والخوف والذم ، وذلك فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ : « إِنَّ اللهَ حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الْعَبْدُ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صُفْراً حَتَّى يَضَعَ فِيهِمَا خَيْراً ».

قلت : هو جارٍ على سبيل التمثيل ، كقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي ) أي لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يَسْتَحْيِي أن يمثِّل بها لحقارتها.

قوله تعالى : ( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) أصل التَّحِيَّة تَحْيِيَةٌ ويُعدَّى بتضعيف العين ، قيل : وإنما قال : بِتَحِيَّةٍ بالباء لأنه لم يُرِد المصدر بل المراد نوع من التَّحَايَا ، والتنوين فيها للنوعية ، واشتقاقها من « الْحَيَاةِ » لأن المسلِّم إذا قال : « سلام عليك » فقد دعا لمخاطب بالسلامة من كل مكروه ، والموت من أشد المكاره ، فدخل تحت الدعاء ، والمراد بِالتَّحِيَّةِ السلام وغيره من البر ـ كما جاءت به الرواية عنهم (ع). إذا تم هذا فاعلم أن الجمهور من الفقهاء والمفسرين اتفقوا على أنه إذا قال المسلم : « سلام عليكم ورحمة الله » فأجيب ب « سلام عليكم ورحمة الله » فهو رد بالمِثْل ولو زِيدَ « وبركاتُه » فهو أحسن ، وإذا قال : « سلام عليكم ورحمة الله وبركاته » فليس فوقها ما يزيد عليها ، ويقال : أمر الله تعالى المسلمين بردّ السلام للمسلّم بأحسن مما سلم إن كان مؤمنا ، وإلا فليقل : « وعليكم » لا يزيد عليها ، فقوله : ( بِأَحْسَنَ مِنْها ) للمسلمين خاصة ، وقوله : ( أَوْ رُدُّوها ) لأهل الكتاب.

قوله : ( وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ ) معناه : أن يُحَيِّيَ بعضهم بعضا في الجنة بالسلام ، وقيل : هي تَحِيَّةُ الملائكة إياهم ، فيكون المصدر مضافا إلى المفعول ، وقيل : هي تحية الله لهم.

قوله : ( فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) أي ثابتة مشروعة من عنده ، لأن التسليم طلب سلامة المسلم عليه ،

١١٣

والتَّحِيَّةُ طلب حَيَاةِ الْمُحَيَّا من عند الله ، ووصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من عند الله زيادة الخير وطيب الرزق.

ومنه قَوْلُهُ (ع) : « سَلِّمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ ». فـ تَحِيَّةً منسوب إلى ( فَسَلِّمُوا ) لأنها في معنى تسليما ، مثل « حمدت شكرا ».

قوله : ( وَمَنْ أَحْياها ) أي بالإنقاذ من قتل أو غرق أو حرق أو هدم ( فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ).

والإحْيَاءُ الاستبقاء ، قوله حكاية عن نمرود : ( أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ) قال المفسر يريد : أُخلِّي مَن وجب عليه القتل ، وأميت بالقتل (١).

قوله : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ) أي منفعة ـ عن أبي عبيدة ـ وعن ابن عرفة : إذا علم القاتل أنه يقتل كفّ عن القتل.

قوله : ( حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) أي يقولون في تحيّتك : « السام عليك » والسام : الموت.

قوله : ( لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى ) النفي ـ على ما قيل ـ إنما هو لصفة محذوفة ، أي لا يحيى حياة طيبة.

قوله : ( لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ ) قال في الكشاف : فإن قلت : لم قال : ( عَلى حَياةٍ ) بالتنكير؟ قلت : لأنه أراد حَيَاةً مخصوصة ، وهي الحياة المتطاولة.

قوله : ( وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ ) قد يفسران بالخيرات التي تقع في حال الحياة منجزة والتي تصل إلى الغير بعد الموت كالوصية للفقراء بشيء ، أو معناه : أن الذي أتيته في حياتي وأموت عليه من الإيمان والعمل الصالح لله خالصا له.

قوله : ( الْحَيُ الْقَيُّومُ ) أي الباقي الذي لا سبيل للفناء عليه. قال الزمخشري : وهو ـ على اصطلاح المتكلمين ـ الذي يصح أن يعلم ويقدر ، و ( الْقَيُّومُ ) : الدائم القيام

__________________

(١) يأتي الكلام في ( أحييتنا اثنتين ) في « موت » ـ ز.

١١٤

بتدبير الخلق وحفظه.

قوله : ( وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ ) بالتحريك ، أي ليس فيها إلا حياة مستمرة دائمة خالدة لا موت فيها ، فكأنها في ذاتها حياة ، والْحَيَوانُ مصدر « حَيِيَ » وقياسه « حَيَيَانِ ».

والْحَيَاةُ حركة كما أن الموت سكون ، فمجيئه على ذلك مبالغة في الْحَيَاةِ ـ كذا قاله الزمخشري نقلا عنه (١) ويقال : الحيوان جنس للحي ، والْحَيَوَان الْحَيَاةُ ، وماء في الجنة (٢).

وفي شمس العلوم : الْحَيَوَانُ ـ بفتح الفاء والعين ـ : كل ذي روح ، هو على نوعين : مكلّف وغير مكلّف (٣).

وقوله : ( لَهِيَ الْحَيَوانُ ) أي الباقية .. انتهى.

قوله : الأفعى ، يذكر ويؤنث ، فيقال : « هي الحية » و « هو الحية » (٤).

قوله ( تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ ) في موضع الحال ، أي مُسْتَحْيِيَةً.

قوله : ( يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ ) يستفعلون من الْحَيَاةِ أي يستبقونهن.

قوله : ( وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ ) لا يأمر بِالْحَيَاءِ فيه.

وفِي الْحَدِيثِ : « الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ » (٥).

__________________

(١) باختصار وتغيير في بعض ألفاظه.

(٢) يذكر في « خضر » عين الحياة ، وفي « قرر » الحياة المستقرة في الصيد ، وفي « بين » حديثا فيما قطع من حي ، وفي « جنن » خلق الحياة قبل الموت ـ ز.

(٣) يذكر في « جند » شيئا في حيوانات البحر ، وفي « فسد » أن فساد الحيوان أسرع من فساد النبات ، وفي « حشر » شيئا في الحيوانات ، وفي « صبر » قتل شيء منها صبرا ، وفي « ظفر » المحرم منها ، وفي « عصعص » أول ما يخلق فيها وآخر ما يبلى ، وفي « فسق » قتل خمسة منها ، وفي « عجم » حديثا فيها ـ ز.

(٤) يذكر في « طفا » و « سرندب » حديثا في الحية ، وفي « فخت » و « سيد » و « عمر » و « طوس » شيئا فيها ، وفي « فسق » قتلها ـ ز.

(٥) تحف العقول ص ٥٦.

١١٥

و « الْحَيَاءُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ » (١). وذلك لأن الْمُسْتَحْيِي ينقطع بِحَيَائِهِ عن المعاصي ، وإنما جعله بعضه ومن شعبه لأن الإيمان ينقسم إلى الائتمار بما أمر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه ، فإذا حصل الانتهاء بِالْحَيَاءِ كان بعض الإيمان.

والْحَيَاءُ ـ ممدودا ـ : الاسْتِحْيَاءُ ، وهو الانقباض والانزواء عن القبيح مخافة الذم (٢) ، قال الأخفش : يتعدى بنفسه وبالحرف ، فيقال : « اسْتَحْيَيْتُ منه » و « اسْتَحْيَيْتُهُ » وفيه لغتان : إحداهما للحجاز ـ وبها جاء القرآن ـ بياءين ، والثانية لتميم بياء واحدة.

وقَوْلُهُمْ : « الِاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللهِ حَقُ الْحَيَاءِ ». فسّر بأن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى.

ومِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ : « إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ». ومعناه : إذا لم تَسْتَحِ من العيب ولم تَخْشَ من العار مما تفعله فافعل ما تحدِّثك به نفسُك من أغراضها ، فقوله : « اصْنَعْ » أمر ومعناه التهديد والتوبيخ ، أي اصْنَع ما شئت فإن الله يَجزيك ، وفيه إشعار بأن الرادع عن المساوئ هو الْحَيَاءُ ، فإذا انخلع عنه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطى كل سيّئة ، قيل : ويمكن حمل الأمر على بابه ، ومعناه : إذا كنتَ في فِعلك آمنا أن تستحيي ، لجريك فيه على سنن الصواب وليس من الأفعال التي يستحيا منها فاعمل ما شئت.

و « التَّحِيَّاتُ لله » قيل : معناه المُلك لله (٣) ، وإنما قيل للمُلك : التَّحِيَّةُ لأنهم كانوا يخصّون الملوك بتحيّة مخصوصة بهم ، فلما كان الملك موجبا للتحية المذكورة على نعت التعظيم سمّي بها ، وقيل : أراد بها السلام وقيل : « التَّحِيَّاتُ » المال ، وقيل : البقاء

__________________

(١) يذكر مثل الحديث في « شعب » أيضا ـ ز.

(٢) يذكر في « جلب » حديثا في الحياء ، وكذا في « رقق » و « قرن » ، وفي « خرم » موضع الحياء من الإنسان ـ ز.

(٣) هذا مضمون حديث ورد في التهذيب ٢ / ٣١٦.

١١٦

و « حَيَّاكُمَا الله من كاتبين » من التحية ، وهي الدعاء بالبقاء لهما والسلام عليهما من الله تعالى ، من قولهم : « حَيَّاكَ » أي سلم عليك ، وفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً وَحَياً رَبِيعاً ». بقصر : الْحَيَا ، وهو المطر ، سمّي بذلك لإحيائه الأرض ، وقيل : الخِصْب وما يحيا به الناس.

والْحَيُ : ضد الميّت.

والْحَيُ : واحد أَحْيَاءِ العرب.

ومنه : « مسجد الْحَيِ » أعني القبيلةَ.

وحَيٌ من الجن : قبيلة منها.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ أَحْيَا مَوَاتاً فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ». والْمَوَاتُ : أرض لم يجْرِ عليها مِلْكٌ لأحد ، وإحياؤها بتأثير شيء فيها من إحاطة أو زرع أو عمارة أو نحو ذلك ، تشبيها بِإِحْيَاءِ الميت ، كما فِي قَوْلِهِ : « شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ ». أي ترك نومَه الذي هو أخو الموت واشتغل بالعبادة.

والْحَيَاءُ ـ بالمدّ ـ : الفَرْج.

ومنه الْحَدِيثُ : « كُرِهَ مِنَ الذَّبِيحَةِ الدَّمُ وَالْمَرَارَةُ وَالْحَيَاءُ (١) ».

وما لا تحُلُّه الْحَيَاةُ من الذبيحة حُصِر في عشرة : الصوف والشعر والوَبَر والعظم والظفر والظِّلْف والقَرْن والحافِر وقشر البَيض الأعلى والإنْفَحَة.

وفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ : « مَا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ مِنَ الْمَيِّتِ عَشَرَةٌ : الْقَرْنُ وَالْحَافِرُ وَالْعَظْمُ وَالسِّنُّ وَالْإِنْفَحَةُ وَاللَّبَنُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالرِّيشُ وَالْبَيْضُ ».

و « حَيَ على الصلاة » أي هلُمَّ وأقبِلْ وأسرع وعجِّل ، وفتحت الياء لسكون ما قبلها كما قيل ليتَ ولعلَّ.

و « الْحَيْعَلَةُ » كلمة جمعت بين كلمتين ، مثل « بَسْمَلَة » من « بسم الله ».

و « الْحَيْعَلاتُ الثلاث » معروفة (٢).

وقَوْلُهُمْ : « إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بِعَلِيٍّ ». أي ابدأ به وعجل بذكره.

__________________

(١) يذكر حياء الذبيحة في « رحم » أيضا ـ ز.

(٢) يذكر في « أيا » حي على خير العمل ، وكذا في « نبح » ـ ز.

١١٧

و « حَيَّهَلَا » كلمة مركبة من « حَيّ » و « هلا » و « حَيّ » بمعنى « هلم » ، و « هلا » بمعنى « عجل ».

ويجيء متعديا بنفسه وبالباء وبإلى وعلى ، ويستعمل حَيّ » وحده و « هلا » وحده كذا قيل.

وحَيِيَ يَحْيَا ـ من باب تعب حياة فهو حَيٌ ، والجمع « أَحْيَاءٌ ».

ويقال في تصريفه : حَيِيَ حَيِيَا حَيِيُوا ، ويجوز : « حَيُوا » كرضوا ، ووزنه « فعوا » ويجوز « حَيَ » بالإدغام « حَيَّا » (١) في الاثنين « حَيُّوا » في الجمع المذكر ، فهم « أَحْيَاءٌ » وتقول في غير الثلاثي : أَحْيَا يُحْيِي ولا تدغم ، وحَايَا يُحَايِي مُحَايَاةً.

وتقول : اسْتَحْيَا يَسْتَحْيِي اسْتِحْيَاءً ، بالياء ومنهم من يحذفها لكثرة الاستعمال كما في « لا أدر ».

ويَحْيَى بن زكريا معروف ، قيل : كان هو وعيسى بن مريم ابني خالة (٢).

ويَحْيَى بن أكثم كان قاضيا في سُرَّ مَنْ رَأَى (٣).

باب ما أوله الخاء

( خبا )

قوله تعالى : ( يُخْرِجُ الْخَبْءَ ) أي الْمَخْبُوءَ ، سماه بالمصدر ، وهو النبات للأرض والمطر للسماء وغيرهما مما خَبَأَهُ الله في غيوبه ، وقرىء « الْخَبَ » بتخفيف الهمزة بالحذف.

__________________

(١) يذكر في « شتت » شيئا في حيان بن السمين ـ ز.

(٢) يذكر في « سما » حديثا في يحيى (ع) ، وفي « نبا » و « صبح » و « حور » و « بلس » و « خنن » شيئا فيه ، وفي « نذر » وصيته ـ ز.

(٣) يذكر في « فتح » يحيى بن أم الطويل ، وفي « زيد » يحيى بن زيد ، وفي « أمم » يحيى بن المغيرة ، وفي « كثم » يحيى بن أكثم ، وفي « سما » يحيى بن علي (ع) ـ ز.

١١٨

قوله : ( كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً ) أي سكنت ، يقال « خَبَتِ النار خَبْواً » من باب قعد : خمد لهبها ، ويعدى بالهمز.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَا عُبِدَ اللهُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخِبَاءِ ». يعني التقية والاستتار ، يقال : « خَبَأْتُ الشيء خَبْأً » من باب نفع : سترته.

ومنه « الْخَابِيَةُ » وتركت الهمزة تخفيفا ، وربما همزت على الأصل ، وخَبَّأْتُهُ » حفظته ، والتشديد مبالغة.

والْخَبَاءُ : اسم لما خُبِئَ وستر.

ومنه الْحَدِيثُ « اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الْأَرْضِ ». يريد الزرع وما خَبَأَهُ الله في معادن الأرض.

و « اخْتَبَأْتُ عند الله خصالا » ادخرتها وجعلتها عنده.

وفِي الْحَدِيثِ : « هَذَا مِنَ الْمَخْبِيَّاتِ مِمَّا عَلِّمْنِي رَبِّي » (١). أي المستورات التي لم تظهر لكل أحد والْخِبَاءُ ـ بالكسر والمد كالكساء ـ : ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر ، والجمع « أَخْبِيَةٌ » بغير همز ، ويكون على عمودين أو ثلاثة ، وما فوق ذلك فهو بيت ، قاله الجوهري وغيره.

ومنه الْحَدِيثُ : « ضَعُوا لِيَ الْمَاءَ فِي الْخِبَاءِ ». أي في الخيمة.

والْخِبَاءُ ـ أيضا ـ يعبر به عن مسكن الرجل وداره ، ومِنْهُ : « أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ ». يريد منزلها ، لأنه يخبأ به ويستتر.

( خثا )

فِي الْخَبَرِ : « فَأَخَذَ مِنْ خِثْيِ الْإِبِلِ ». أي روثها ، وأصله للبقر واستعاره للإبل ، يقال : « خَثَى البقر خَثْياً » من باب رمى ، أي روث ، وهو كالتغوط للإنسان.

( خرا )

الْخِرَاءَةُ ـ بالكسر والمد ـ أي أدب التخلي والقعود للحاجة ، وبعضهم يفتح الخاء ككره كراهة قال في المجمع (٢)

__________________

(١) القياس فيه « المخبوآت » ولعله في المقام « المخبآت » من باب الإفعال. والحديث في التهذيب ٢ / ١٠٨.

(٢) المراد به فيما تقدم ويأتي كثيرا هو كتاب مجمع البحار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار للشيخ محمد طاهر الصديقي الفتني المتوفى ٩٨١ كما أشار إليه المؤلف في المقدمة.

١١٩

ولعله بالفتح المصدر وبالكسر الاسم.

وفي المجمع الْخَرَا » : الغائط كتبت الهمز بالألف في الحديث ، إما بحذف حركتها أو قلبت ألفا بنقل الحركة فصار « كالعصا ».

وفي المصباح : يقال خَرِئَ بالهمز يَخْرَأُ ـ من باب تعب ـ إذا تغوط واسم الخارج « خَرْءٌ » والجمع « خُرُوءٌ » مثل فلس وفلوس ، وقيل : هما مثل جند وجنود ... انتهى.

وقد تكرر ذكر الْخَرْءِ كَخَرْءِ الطير والكلاب ونحو ذلك ، والمراد ما خرج منها كالعذرة من الإنسان.

ويقال للمخرج : مُخْرُؤَةٌ » و ( مَخْرَأَةٌ ) بضم الراء وفتحها.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ (ع) : « فَأَمَرَ بِرَجُلٍ فَلُوِّثَ فِي مَخْرَأَتِهِ ».

( خزا )

قوله تعالى : ( مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ) أي أهلكته ، وقيل : باعدته من الخير ، من قوله : ( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَ ) قوله : ( مُخْزِي الْكافِرِينَ ) أي مهلكهم.

ويقال : « أَخْزَاهُ الله » أي مقته.

وقد يكون الْخِزْيُ بمعنى الهلاك والوقوع في بلية.

فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ : « غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى ». هو من « خَزِيَ » بالكسر من باب علم « فهو خَزْيَان » إذا استحيا حياء مفرطا.

وجمع الْخَزْيَانِ « خَزَايَا » والندامى جمع نادم ، وحقه في القياس نادمين (١) وإنما جمع على ذلك إتباعا للكلام الأول ، والعرب تفعل ذلك للازدواج بين الكلمتين

__________________

(١) والمحفوظ من حديث الدعاء وروده على القياس كما في الغريبين للهروي والنهاية واللسان والتاج ففيها جميعا : ( غير خزايا ولا نادمين ) نعم ذكر فيهاحديث وفد عبد القيس : ( مرحبا بالوفد غير خزايا ولا ندامى ).

١٢٠