مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال.

ومثله : « خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَتْ غِنًى ». أي أبقت بعدها لك ولعيالك غنى. وقيل : ما أغنيت به من أعطيت عن المسألة و « الْغِنَى » كإلى أو كسحاب : ضد الفقر يقال : « ليس عنده غَنَاءٌ » أي ما يغتني به.

و « أوشك الله له بِالْغَنَاءِ » بالفتح والمد يريد به الكفاية.

وفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ يَسْتَغْنِ بِاللهِ وَعَطَائِهِ يُغْنِهِ اللهُ ». أي يخلق في قلبه غنى ، أو يعطيه ما يغنيه عن الخلق.

وغَنِيتُ بكذا من باب تعب وتَغَنَّيْتُ به : استغنيت به.

وتَغَانُوا : استغنى بعضهم عن بعض.

وَفِي الْخَبَرِ : « إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِالْحُزْنِ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا وَتَغَنَّوْا بِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا » (١). قال الشيخ أبو علي في تفسيره عند ذكر هذا : تأول بعضهم « تَغَنَّوْا » بمعنى استغنوا به وأكثر العلماء على أنه تزيين الصوت.

و « الْغِنَاءُ » ككساء : الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما يسمى بالعرف غِنَاءً وإن لم يطرب ، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما ، واستثني منه الحدو للإبل. وقيل : وفعله للمرأة في الأعراس مع عدم الباطل [ مباح ].

وَفِي الْحَدِيثِ : « جَوَارٍ يَتَغَنَّيْنَ وَيَضْرِبْنَ بِالْعُودِ ». أي يستعملن الغناء وضرب العود.

و « الْغَنِيُ » من أسمائه تعالى ، وهو من لا يحتاج إلى أحد وكل محتاج إليه وهو الغني مطلقا لا يشاركه فيه غيره.

و « الْمُغْنِي » من أسمائه تعالى أيضا ، وهو الذي يغني من يشاء من عباده.

( غوا )

قوله تعالى : ( فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) [ ١٩ / ٥٩ ] أي ضلالا وخيبة ، أو غيا عن طريق الجنة. وقيل : الْغَيُ واد في جهنم.

قوله تعالى : ( يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) [ ٢٦ / ٢٢٤ ] فسروا بقوم وصفوا عدلا

__________________

(١) جامع الأخبار ص ٤٩.

٣٢١

يعني حلالا وحراما بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره.

وَفِي حَدِيثِ مُوسَى (ع) لِآدَمَ : « أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَضْلَلْتَهُمْ ». من غوى : إذا خاب وضل.

وغَوَى يَغْوِي من باب ضرب : انهمك في الجهل ، وهو خلاف الرشد ، والاسم « الْغَوَايَةُ » بالفتح.

و « أمر بين غَيُّهُ » أي ضلاله.

وَفِي الدُّعَاءِ : « وأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ لِصٍ غَاوٍ ». أي مضل غير مرشد.

ومِنْهُ : « اللهُمَّ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْغَاوِينَ ». وغَاوٍ وغُوَاةٌ كقاض وقضاة.

وَفِي حَدِيثِ السَّفَرِ : « الْوَاحِدُ فِيهِ غَاوٍ وَالِاثْنَانِ غَاوِيَانِ وَالثَّلَاثَةُ نَفَرٌ » (١). وتفسيره الواحد شيطان والاثنان شيطانان والثلاثة صحب.

وأَغْوَاهُ الشيطان : أضله.

والْمُغْوِي : الذي يحمل الناس على الغواية والجهل.

( غيا )

فِي الْحَدِيثِ : « إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَلَا مَا قِيلَ فِيهِ فَهُوَ لِغَيَّةِ شَيْطَانٍ (٢) ». أي شرك شيطان أو مخلوق من زنا ، يقال : « هو لِغَيَّةٍ » بفتح الغين وكسرها وتشديد الياء : نقيض لرشدة.

وفي المصباح : لِغَيَّةٍ بالفتح والكسر كلمة يقال في الشتم كما يقال هو لزنية.

وفي القاموس : ولد غِيَّةٍ ويكسر : زنية.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْوَلَدُ لِغَيَّةٍ لَا يُورَثُ ».

والْغَايَةُ انتهاء الشيء ونهايته ، ومنه سميت الظروف ـ كقبل وبعد غايات لأن غاية الكلام كانت ما أضيفت هي إليه فلما حذفت صرن غايات ينتهى بهن الكلام.

والْغَايَةُ : العلة التي يقع لأجلها الشيء.

والْغَايَةُ : المسافة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْمَوْتُ غَايَةُ الْمَخْلُوقِينَ ». أي نهايتهم التي ينتهون إليها.

وَفِي وَصْفِهِ تَعَالَى : « هُوَ قَبْلَ الْقَبْلِ بِلَا

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ١٨٠.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٣٢٣.

٣٢٢

غَايَةٍ وَلَا مُنْتَهَى غَايَةٍ » (١). يعني ليس غاية بمعنى مسافة تكون ظرفه ولا غاية بمعنى النهاية ، والمعنى أن أزليته وأبديته يرجعان إلى معنى سلبي ، أي ليس له أول ولا آخر.

قَوْلُهُ : « انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْغَايَاتُ (٢) ». بمعنى كل مسافة عنده لأنه وراء الكل ، وإن شئت قلت انعدمت الْغَايَاتُ عنده ، بمعنى أنه ليست له غاية بشيء من معانيها لأنه لم يحط به سطح أو خط ولا أول لوجوده ولا آخر.

قَوْلُهُ : « وهُوَ غَايَةُ كُلِ غَايَةٍ » (٣). يعني ينتهي إليه كل ممكن أو نهاية كل امتداد

وَفِي حَدِيثِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى : « اسْمُ اللهِ غَيْرُهُ ... وَاللهُ غَايَةٌ مِنْ غَايَاتِهِ » (٤). أي لفظ الله اسم من أسمائه ، والْغَايَةُ أي الاسم غير موصوفة ، أي يجوز تحديدها وتعريفها.

باب ما أوله الفاء

الفاء المفردة جاءت لمعان :

( عاطفة ) وتفيد أمورا ثلاثة :

« الترتيب » وهو نوعان : معنوي « كقام زيد فَعَمْرٌو » وذكري وهو عطف مفصل على مجمل نحو ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ ) [ ٢ / ٣٦ ].

و « التعقيب » وهو من كل شيء بحسبه نحو « تزوجت فَوَلَدَتْ ».

و « للسببية » نحو : ( فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ ) [ ٢٨ / ١٥ ].

و ( رابطة للجواب ) نحو ( إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [ ٥ / ١١٨ ].

و ( زايدة ) [ نحو « زيد فَلَا تضربه ].

وبمعنى ( ثم ) ومنه قوله تعالى : ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ).

__________________

(١) هذه الجمل كلها من حديث في الكافي ١ / ٩٠.

(٢) هذه الجمل كلها من حديث في الكافي ١ / ٩٠.

(٣) هذه الجمل كلها من حديث في الكافي ١ / ٩٠.

(٤) الكافي ج ١ ص ١١٣.

٣٢٣

وبمعنى ( الواو ) كما في قوله (١) :

بين الدخول فحومل

لأنه يجوز « جلست بين زيد فعمرو » ـ نقلا عن الأصمعي.

واختلف في الفاء من قوله تعالى : ( بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ ) [ ٣٩ / ٦٦ ] فعند بعضهم هي جواب لأما مقدرة ، وزائدة عند الفارسي نقلا عنه ، وعاطفة عند غيره والأصل تنبه فاعبد.

وفي الفاء من نحو « خرجت فإذا الأسد » فعند بعضهم هي زائدة.

وفي الفاء من قوله تعالى ( فَكَرِهْتُمُوهُ ) [ ٤٩ / ١٢ ] فقدر بعضهم أنهم قالوا بعد الاستفهام : لا ، فقيل : فهذا كرهتموه فالغيبة فاكرهوها ، ثم حذف المبتدأ وهو هذا. وحكي عن الفارسي أنه قال : ( فَكَرِهْتُمُوهُ ) فاكرهوا الغيبة.

وأما فاء الجزائية مثل « من يقم فإني أكرمه » ففي دلالتها على التعقيب وعدمه قولان.

وأما الفاء في « فقط » فقيل : إنها لتزيين اللفظ ، فكأنه جواب شرط محذوف ، أي إذا كان كذلك فانته عن كذا.

( فأفأ )

رجل فَأْفَاءٌ على فعلان وفيه فَأْفَأَةٌ أي يتردد في الفاء إذا تكلم.

( فتا )

قوله تعالى : ( تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ ) [ ١٢ / ٨٥ ] أي لا تزال تذكره ، وجواب القسم « لا » المضمرة التي تأويلها تالله لا تفتأ ، يقال : ما أَفْتَأُ أذكره وما فَتِئْتُ أذكره أي ما زلت أذكره.

قوله تعالى : ( فَتَياتِكُمُ ) [ ٤ / ٢٥ ] أي إماؤكم.

وفَتَيانِ [ ١٢ / ٣٦ ] مملوكان لأن العرب تسمي المملوك شابا كان أو شيخا فتى ، ومنه قوله تعالى : ( تُراوِدُ فَتاها )

__________________

(١) من بيت من معلقة امرىء القيس وهو كما يلي :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ)

٣٢٤

[ ١٢ / ٣٠ ] أي عبدها.

قوله تعالى : ( وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ ) [ ١٨ / ٦٠ ] فَتَاهُ يوشع بن نون ، سماه فتاه لأنه كان يخدمه ويتبعه ليأخذ منه العلم وقيل : لعبده.

قوله تعالى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ) [ ١٨ / ١٣ ] أي شباب وأحداث آمنوا بربهم. حكم الله لهم بالفتوة حين آمنوا بلا واسطة.

قوله تعالى ( فَاسْتَفْتِهِمْ ) [ ٣٧ / ١١ ] أي سلهم واستخبرهم ، من اسْتِفْتَيْتُهُ : سألته أن يفتي.

قوله تعالى : ( وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً ) [ ١٨ / ٢٢ ] أي لا تسأل عن أصحاب الكهف أحدا من أهل الكتاب.

قوله تعالى : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ ) [ ٤ / ١٧٦ ] أي يطلبون منك الفتيا في ميراث الكلالة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْفَتَى الْمُؤْمِنُ ، إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا شُيُوخاً فَسَمَّاهُمُ اللهُ تَعَالَى فِتْيَةً لِإِيمَانِهِمْ » (١).

والْفَتَى : الشاب ، والْفَتَاةُ : الشابة ، والجمع « الْفِتْيَانُ » و « فِتْيَةٌ » في الكثرة والقلة ، والأصل أن يقال « الفتى » للشاب الحدث ثم أستعير للعبد وإن كان شيخا.

والْفَتَى أيضا : السخي الكريم.

وَفِي الْحَدِيثِ : تَذَاكَرْنَا عِنْدَ الصَّادِقِ (ع) أَمْرَ الْفُتُوَّةِ فَقَالَ : « أَتَظُنُّونَ أَنَ الْفُتُوَّةَ بِالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ؟ إِنَّمَا الْفُتُوَّةُ وَالْمُرُوءَةُ طَعَامٌ مَوْضُوعٌ وَنَائِلٌ مَبْذُولٌ » إِلَى أَنْ قَالَ : « وأَمَّا تِلْكَ فَشَطَارَةٌ » (٢). قيل : هو رد على ما كان يزعمه سفيان الثوري وغيره من فقهاء العامة من أن التوبة بعد التفتي والصبوة أبلغ وأحسن في باب التزهد من الزهادة والكف عن المعصية رأسا في بدء الأمر.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ (ص) : « أَنَا الْفَتَى

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص ٤٥٦.

(٢) معاني الأخبار ص ١١٨.

٣٢٥

ابْنُ الْفَتَى أَخُو الْفَتَى » (١). فقوله : أَنَا الْفَتَى. معناه ظاهر ، وقوله : ابْنُ الْفَتَى. يعني إبراهيم عليه السلام كما قال الله تعالى : ( سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ ) وقوله أَخُو الْفَتَى. يعني عليا (ع) كما دل عليه قَوْلُهُ : « لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ ».

وَفِي الْخَبَرِ : « لَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي وَلَكِنْ فَتَايَ وَفَتَاتِي ». أي غلامي وجاريتي ، وكان ذلك لما فيه من العبودية لغيره تعالى.

و « الْفُتْيَا » بالياء وضم الفاء و « الْفَتْوَى » بالواو وفتح الفاء : ما أفتى به الفقيه ، يقال : « اسْتَفْتَيْتُ الفقيه في مسألة فَأَفْتَانِي ».

وتَفَاتَوْا إلى الفقيه : إذا ارتفعوا إليه في الفتيا.

وأَفْتَانِي في المسألة : بين حكمها ، والجمع « الْفَتَاوِي » بكسر الواو. وقيل : ويجوز الفتح للتخفيف.

( فثأ )

قوله : يُفْثَأُ به حد الشدائد أي يكسر به حدها ، من قوله : فَثَأْتُ الرجل عنك بقول أو غيره ، أو من فَثَأْتُ القدر أي سكنت غليانها.

( فجا )

قوله تعالى : ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) [ ١٨ / ١٧ ] أي متسع ، وهي الفرجة بين الشيئين ، وقيل : موضع لا يصيبه الشمس ، والجمع « فجوات » مثل شهوة وشهوات.

و « الْفُجَاءَةُ » بضم الفاء والمد : أخذ الشيء بغتة ، وقيده بعضهم بفتح فاء وسكون جيم من غير مد كتمرة وهو من باب تعب ونفع.

ومنه الْحَدِيثُ : « مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَأَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى الْكَافِرِ » (٢). وإنما كانت راحة للمؤمن لأنه في الغالب مستعد لحلوله فيريحه من نصب الدنيا ،

__________________

(١) معاني الأخبار ص ١١٨ والشرح موجود في ذيل الحديث.

(٢) الكافي ج ٣ ص ١١٢ وفيه « تخفيف » بدل « الراحة ».

٣٢٦

وأخذة أسف على الكافر حيث لم يتركه للتوبة وإعداد زاد الآخرة ولم يمرضه ليكفر ذنوبه ، والإضافة بمعنى من أو اللام ، ولا يشترط صحة تقديرها كما في وعد حق ووعد صدق.

ومنه الدُّعَاءُ : « أَعُوذُ بِكَ مِنْ فَجْأَةِ نَقِمَتِكَ ». أي من وقوعها بغتة ، والنقمة العذاب.

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِذَا حَمَلَ الْمُؤْمِنُ الْمَيِّتَ فَلَا يُفَاجِئْ بِهِ الْقَبْرَ لِأَنَّ لِلْقَبْرِ أَهْوَالاً عَظِيمَةً ». أي لا يعجل به إلى القبر بل يصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته.

و « فَاجَأَتْنَا المضايق » أي أخذتنا ونزلت بنا.

ومات داود النبي مَفْجُوءاً من غير علة ومرض وتقدم سبب فأظلته الطير بأجنحتها

( فحا )

فِي الْخَبَرِ : « مَنْ أَكَلَ مِنْ فَحَا أَرْضٍ ». بالقصر وفتح الفاء وكسرها « لَمْ يَضُرَّهُ مَاؤُهَا ». يعني بصلها.

و « فَحْوَى القول » بالقصر ويمد معناه لحنه ، يقال : عرفت ذلك في فحوى كلامه.

( فدا )

قوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ ) [ ٢ / ١٨٤ ] قيل : كان القادر على الصوم مخيرا بينه وبين الفدية لكل يوم نصف صاع ، وقيل : مد ( فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً ) أي زاد على الفدية ( فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ) ولكن صوم هذا القادر خير له ، ثم نسخ ذلك بقوله : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وقيل : إنه غير منسوخ بل المراد بذلك الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن والشيخ والشيخة ـ كذا عن بعض المفسرين.

وَفِيمَا صَحَّ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) قَالَ (ع) : « الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالَّذِي بِهِ الْعُطَاشُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُفْطِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَيَتَصَدَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا ، فَإِنْ

٣٢٧

لَمْ يَقْدِرَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا » (١).

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَيْضاً عَنِ الْبَاقِرِ (ع) قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « الْحَامِلُ الْمُقْرِبُ وَالْمُرْضِعُ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا أَنْ تُفْطِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُمَا لَا تُطِيقَانِ الصَّوْمَ ، وَعَلَيْهِمَا أَنْ تَتَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ تُفْطِرُ فِيهِ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ ، وَعَلَيْهِمَا قَضَاءُ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَتَا فِيهِ تَقْضِيَانِهِ بَعْدُ » (٢).

والْفِدْيَةُ : الفداء ، ومنه : « عليه الفدية » قوله تعالى : ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) [ ٤٧ / ٤ ] قِيلَ : كَانَ أَكْثَرُ الْفِدَاءِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَقَلُّهُ أَلْفٌ. وَقِيلَ : كَانَ فِدَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً. وقَالَ ابْنُ سِيرِينَ : مِائَةُ أُوقِيَّةٍ « والْأُوقِيَّةُ » أَرْبَعُونَ دِرْهَماً.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ (ع) : « إِنَ الْفِدَاءَ كَانَ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالاً ، إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَ فِدَاءَهُ كَانَ مِائَةَ أُوقِيَّةٍ وَكَانَ قَدْ أُخِذَ مِنْهُ حِينَ أُسِرَ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً ذَهَباً ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (ص) : ذَلِكَ غَنِيمَةٌ فَفَادِ نَفْسَكَ وَابْنَيْ أَخِيكَ نَوْفَلاً وَعَقِيلاً ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ لَيْسَ مَعِي شَيْءٌ تَتْرُكُنِي أَتَكَفَّفُ النَّاسَ مَا بَقِيتُ ، فَقَالَ : أَيْنَ الذَّهَبُ الَّذِي دَفَعْتَهُ إِلَى أُمِّ الْفَضْلِ حِينَ خُرُوجِكَ مِنْ مَكَّةَ وَقُلْتَ لَهَا : مَا أَدْرِي مَا يُصِيبُنِي فِي وَجْهِي هَذَا فَإِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَهُوَ لَكِ وَلِعَبْدِ اللهِ وَلِعُبَيْدِ اللهِ وَالْفَضْلِ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا يُدْرِيكَ بِهِ؟ قَالَ : أَخْبَرَنِي بِهِ رَبِّي ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَاللهِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ وَلَقَدْ دَفَعْتُهُ إِلَيْهَا ».

وقد تكرر في الحديث ذكر الْفِدَاءِ أيضا وهو بكسر أوله يمد ويقصر وإذا فتح فهو مقصور ، والمراد به فكاك الأسير واستنقاذه بالمال ، يقال : فَدَاهُ من الأسر تَفْدِيَةً إذا استنقذه بمال. قال الجوهري : ومن العرب من يكسر فِدَاءً بالتنوين إذا جاور لام الجر خاصة ، فيقول : فداء

__________________

(١) الإستبصار ج ٢ ص ١٠٤.

(٢) التهذيب ج ٤ ص ٢٤٠.

٣٢٨

لك ، لأنه نكرة يريدون به معنى الدعاء.

وفَادَاهُ يُفَادِيهِ : إذا أعطى فداءه وأنقذه وفَدَتِ المرأة نفسها من زوجها وافْتَدَتْ : أعطت مالا حتى تخلصت منه بالطلاق.

و « افْتَدَى الرجل بماله » أي أعطى مالا تخلص به.

و « جعلني الله فِدَاكَ » أي أقيك المكاره.

وفَدَّاهُ بتشديد الدال يُفَدِّيهِ : إذا قال له : جعلت فداك.

( فرا )

قوله تعالى : ( لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا ) [ ١٩ / ٢٧ ] أي عجيبا ، ويقال : عظيما والِافْتِرَاءُ : العظيم من الكذب.

و « افْتَرَاهُ » افتعله من الفرية واختلقه والجمع « فِرًى » كلحية ولحى.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ بِفِرْيَةِ بَاطِلٍ عَلَى اللهِ ».

والْفِرْيَةُ : الكذبة العظيمة التي تتعجب منها.

والْفِرْيَةُ أيضا القذف ، وحد الفرية يكون بثلاثة وجوه : رمي الرجل الرجل بالزنا ، وإذا قال إن أمه زانية ، وإذا دعي لغير أبيه.

قوله تعالى : ( افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ) [ ٦ / ٢١ ] قال المفسر : الأصل في الِافْتِرَاءُ القطع ، من « فريت الأديم أفريه » ثم استعير للكذب مع العمد.

وَفِي حَدِيثِ الشَّهِيدِ : « يُنْزَعُ عَنْهُ الْخُفُّ وَالْفَرْو » (١). هو بفتح أوله : الذي يلبس من الجلود التي صوفها معها ، والجمع « الْفِرَاءُ » بالكسر والمد.

ومنه الْحَدِيثُ : « مَا تَقُولُ فِي الْفِرَاءِ ». أي شيء يصلى فيه.

والْفَرَاءُ كسحاب وجبل حمار الوحش والجمع : أفراء وفراء وفرى ، ومنه ما قيل لأبي سفيان : كل الصيد في جانب الفراء ، يعني أنت في الصيد كحمار الوحش كل الصيد دونه.

و « الْفَرْوَةُ » جلد الرأس وفَرْوَةُ الوجه : جلدته.

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٢١٠.

٣٢٩

و « أم فَرْوَةَ » أم جعفر الصادق عليه السلام (١) وقيل : « أم فروة » من بنات الصادق (ع) ، وبه صرح في أعلام الورى (٢).

وأَفْرَيْتُ الأوداج : قطعتها.

( فسا )

فِي الْحَدِيثِ : « مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا ضَرْطَةٌ تَسْمَعُ حِسَّهَا أَوْ فَسْوَةٌ تَشَمُّ رِيحَهَا ». ي من فسا فسوا من باب قتل : ريح تخرج من الحيوان بغير صوت يسمع ، والاسم « الفساء » بالضم والمد.

وفي المثل : « هو أفحش من فَاسِيَةٍ » ويريدون الخنفساء.

( فشا )

فِي الْحَدِيثِ : « أَفْشُوا السَّلَامَ » (٣). قطع همزة مفتوحة ، أي أظهروه وانشروه بين الناس ، من قولهم : « فَشَا خبره » أي ظهر وانتشر بين الناس ، أو من تَفَشَّأَ الشيء بالهمزة تَفَشُّؤاً إذا انتشر.

ومنه « إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا ». أي أخفاها « وإِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَفْشَاهَا ». ي أظهرها بين الناس ليعيب فيها.

( فصا )

يقال : تَفَصَّيْتُ من الديون : إذا أخرجت منها وتخلصت.

وتَفَصَّى الإنسان : إذا تخلص من المضيق والبلية ، والاسم « الْفَصْيَةُ » بالتسكين.

وفَصَيْتُ الشيء عن الشيء فَصْياً من باب رمى : أزلته.

( فضا )

قوله تعالى : ( أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ ) [ ٤ / ٢١ ] أي انتهى إليه فلم يكن بينهما

__________________

(١) هي بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، ولهذا كان الإمام الصادق (ع) يقول : ولدني أبو بكر مرتين تنقيح المقال ج ٣ ص ٧٣ من فصل النساء.

(٢) انظر ص ٢٨٤.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٦٤٤.

٣٣٠

حاجز عن الجماع ، يقال : « أَفْضَى الرجل إلى جاريته » جامعها ، و « أَفْضَى إلى الأخرى » صار إليها. قال بعضهم : « الْإِفْضَاءُ » أن يخلو الرجل بالمرأة جامعها أو لم يجامعها. وعن الشيخ أبي علي : « الْإِفْضَاءُ إلى الشيء » الوصول إليه بالملامسة ، وأصله من الْفَضَاءِ وهو السعة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الْفَضَاءِ ». وهو موضع بالمدينة.

والْفَضَاءُ : الخالي الفارغ الواسع من الأرض.

وقد فَضَا المكان فَضْواً من باب قعد : اتسع.

وأَفْضَى بيديه إلى الأرض : إذا مسها بباطن راحته في السجود ، عدي بالباء لأنه لازم.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْمَيِّتُ يُغَسَّلُ فِي الْفَضَاءِ ».؟ يعني من غير ستر بينه وبين السماء ، قَالَ : « لَا بَأْسَ وَإِنْ يُسْتَرْ بِسِتْرٍ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ » (١).

والْمُفْضَاةُ من النساء : التي مسلكها واحد يعني مسلك البول والغائط.

( فعا )

فِي الْخَبَرِ : « لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ بِقَتْلِ الْأَفْعَوْ ». ريد الأفعى فقلبت الألف واوا في الوقف.

و « الْأَفْعَى » قيل : هي حية رقشاء رقيقة العنق عريضة الرأس لا تزال مستديرة على نفسها لا ينفع منها ترياق ولا رقية ، و « هذه أَفْعًى » بالتنوين لأنه اسم وليس بصفة ، ومثله أروى وأرطى ، وألفها في الوقف مقلوبة عن الواو ، ومنهم من يقلبها ياء ، والذكر « أُفْعُوَان » بضم الهمزة والعين ، والجمع « الْأَفَاعِي ».

وتَفَعَّى الرجل : صار كالأفعى في الشر.

( فقأ )

فِي الْحَدِيثِ : « لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ

__________________

(١) التّهذيب ج ١ ص ٤٣١.

٣٣١

شَيْءٌ » (١). أي شقوها.

و « الْفَقْءُ » بالهمزة : الشق ، يقال : فَقَأْتُ عينه أَفْقَؤُهَا أي شققتها ، ومنه الدُّعَاءُ : « افْقَأْ عَنِّي عُيُونَ الْكَفَرَةِ الْفَجَرَةِ ». أي شقها وأعمها عن النظر إلي.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كَأَنَّمَا الرُّمَّانُ تُفْقَأُ فِي وَجْهِهِ ». يريد شدة الحمرة.

وتَفَقَّأَتِ السحابة عن مائها أي انفقأت وانشقت.

( فلا )

فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ : « الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ بِالتَّمْرَةِ وَنِصْفِ التَّمْرَةِ فَأُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي الرَّجُلُ فَلُوَّهُ وَفَصِيلَهُ ». الْفَلُوُّ بتشديد الواو وضم اللام : المهر يفصل عن أمه لأنه يُفْتَلَى أي يفطم ، والجمع « أَفْلَاءٌ » كعدو وأعداء وعن أبي زيد : إذا فتحت الفاء شددت الواو وإذا كسرت خففت ، والأنثى « فلوة » بالهاء ، وإنما ضرب المثل بالفلو لأنه يريد زيادة تربيته وكذا الفصيل.

والْفَلَاةُ : الأرض التي لا ماء فيها والجمع « فَلَا » كحصاة وحصى ، وجمع الجمع « أَفْلَاءٌ » كسبب وأسباب (٢).

وفَلَيْتُ رأسي فَلْياً من باب رمى : نقيته عن القمل.

( فنا )

« فِنَاءُ الكعبة » بالمد : سعة أمامها. وقيل : ما امتد من جوانبها دورا وهو حريمها خارج المملوك منها ، ومثله فِنَاءُ الدار ، والجمع « أَفْنِيَةٌ ».

ومنه الْخَبَرُ : « اكْنُسُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ ».

وَفِي الدُّعَاءِ : « نَازِلٌ بِفِنَائِكَ ». والخطاب لله ، وهو على الاستعارة.

وفَنِيَ المال يَفْنَى من باب تعب فَنَاءً : إذا باد واضمحل وأفناه غيره.

وكل مخلوق صائر إلى الْفَنَاءِ أي الهلاك

__________________

(١) ذكر الحديث في الكافي ج ٧ ص ٢٩١ باختلاف يسير.

(٢) في الصحاح ( فلا ) : والجمع الفلا والفلوات ، وجمع الفلا فلي على فعول ، مثل عصا وعصي.

٣٣٢

والاضمحلال.

ويقال للشيخ « فَانٍ » على المجاز لقربه ودنوه من الفناء.

ومن أمثالهم : نعوذ بالله من قرع الْفَنَاءِ وصغر الإناء " أي خلو الدار من سكانها والآنية من مستودعاتها. و « القرع » بالتحريك هو أن يكون في الأرض ذات الكلاء موضع لا نبات فيها كالقرع في الرأس.

وَفِي الدُّعَاءِ : « وأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ ». وهي ـ كما وردت به الرواية عن الصادق (ع) ـ الكذب والزنا وقطع الرحم واليمين الفاجرة وسد الطرق وادعاء الإمامة بغير حق.

( فوا )

فِي الْحَدِيثِ : « تُلْقِي فِيهِ الْمِسْكَ وَالْأَفَاوِيهَ ».

قيل : هو شيء معروف عند الأطباء مثل القرنفل والدارصيني وأمثالهما.

و « الْفُوَّةُ » وزان القوة : عرق يصبغ به معروف.

و « الثوب الْمُفَوَّى » المصبغ بالفوة.

( فيا )

قوله تعالى : ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ ) [ ٢ / ٢٤٩ ] الْفِئَةُ : الجماعة المنقطعة من غيرها ، والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه ، لأن أصله فَيْءٌ وجمعه « فِئَاتٌ » و « فِئُونٌ ».

قوله تعالى : ( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) [ ٤ / ٨٨ ] أي فرقتين وكانت طائفة تكفرهم وطائفة لا تكفرهم ، ونصب ( فِئَتَيْنِ ) على الحال.

قوله تعالى : ( فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ ) [ ٨ / ٤٨ ] أي تلاقى الفريقان.

قوله تعالى : ( يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ ) [ ١٦ / ٤٨ ] أي يرجع من جانب إلى جانب ، من قولهم : « تَفَيَّأَتِ الظلال » أي تقلبت.

قوله تعالى : ( وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) [ ٥٩ / ٦ ] أي والذي أفاءه الله ورده من أموال اليهود ، وأصل الْفَيْءِ الرجوع كأنه في الأصل لهم ثم رجع إليهم ، ومنه « أَفَاءَ الله على المسلمين » أي ارجعه إليهم وصيره لهم ، ومنه قيل للظل الذي بعد

٣٣٣

الزوال « فَيْءٌ » لرجوعه من المغرب إلى المشرق. وعن رؤبة : كلما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فَيْءٌ وظل ، وما لم يكن عليه الشمس فهو ظل والجمع : أَفْيَاءٌ وفُيُوءٌ.

وفَيْءُ النزال : موضع الظل المعد لنزولهم أو ما هو أعم كالمحل الذي يرجعون إليه وينزلون به.

و « الْفِئَةُ » هي العود إلى طاعة الإمام والتزام أحكام الإسلام.

( في )

قوله تعالى : ( فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ ) [ ٢٧ / ١٢ ] قيل : « في » هنا بمعنى من ، أي ( أَلْقِ عَصاكَ ) و ( أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ) آيتان من تسع آيات.

وقد جاءت في العربية لمعان :

الظرفية وهو كثير.

والمصاحبة مثل قوله تعالى : ( ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ ) [ ٧ / ٣٨ ] أي معهم ، ومثله قَوْلُهُ (ع) : « الْمُؤْمِنُ لَهُ قُوَّةٌ فِي دِينٍ وَحَزْمٌ فِي لِينٍ ». ويحتمل الظرفية.

وللتعليل نحو : ( فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ) [ ١٢ / ٣٢ ] و « إِنَّ امْرَأَةً دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا ».

وللاستعلاء نحو : ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) [ ٢٠ / ٧١ ].

وبمعنى الباء كقوله (١) :

بصيرون في طعن الأباهر والكلى

أي بطعن الأباهر. وبمعنى إلى كقوله تعالى ( فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ ) [ ١٤ / ٩ ].

وللمقايسة وهي الداخلة بين مفصول سابق وفاصل لاحق نحو ( فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ) [ ٩ / ٣٧ ].

وللسببية نحو : « في أربعين شاة شاة » أي بسبب استكمال أربعين شاة يجب شاة ، وَقَوْلُهُ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا فِي جَائِعِينَ ». قيل فيه ونحن بين جماعة جائعين.

__________________

(١) البيت لزيد الخيل ، وهو من قصيدة قالها في جواب زهير ، وبقية البيت :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ)

٣٣٤

باب ما أوله القاف

( قبا )

فِي الْحَدِيثِ : « مَسْجِدُ قُبَا » (١). هو بضم القاف يقصر ويمد ولا يصرف ويذكر ويؤنث : موضع بقرب المدينة المشرفة من جهة الجنوب نحوا من ميلين ، وهو المسجد الذي ( أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ).

و « الْقَبَاءُ » الذي يلبس ، والجمع « أَقْبِيَةٌ » قيل : أول من لبس القباء سليمان بن داود (ع).

( قثا )

قوله تعالى : ( وَقِثَّائِها ) [ ٢ / ٦١ ] الْقِثَّاءُ بالمد وتشديد الثاء وكسر القاف أكثر من ضمها : الخيار ، الواحدة « قِثَّاءَةٌ ». وبعض يطلق القثاء على نوع شبه الخيار ـ قاله في المصباح.

( قحا )

« الْأُقْحُوَانُ » بضم الهمزة والحاء : نبت طيب الريح حواليه ورق أبيض ووسطه أصفر ، وهو البابونج عند العرب ، ووزنه أفعلان ، ويجمع على « أَقَاحِي ».

( قدا )

قوله تعالى ( فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) [ ٦ / ٩٠ ] قال الزمخشري : الهاء فيه للوقف ، واستحسن إيثار الوقف لثبات الهاء في المصحف.

و « الْقُدْوَةُ » بضم القاف أكثر من كسرها : اسم من اقتدى به إذا فعل مثل فعله تأسيا ، ومنه « فلان قُدْوَةٌ » أي يقتدى به.

( قذا )

فِي دُعَاءِ الْخَلَاءِ : « اللهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الْقَذَا وَالْأَذَى ». الْقَذَا بالفتح والقصر : ما يقع في العين والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك ، ويريد بالأذى هنا الفضلة المؤذية لو حبست عليه

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٤٨.

٣٣٥

وَفِي الْحَدِيثِ : « صَرْفُ الْقَذَاءِ عَنِ الْمُؤْمِنِ حَسَنَةٌ ». كأنه يريد الكدورة التي حصلت للمؤمن من حوادث الدهر.

وفِيهِ : « غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ [ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَ ] يَنْفِي الْأَقْذَاءَ » (١). يعني الأوساخ التي في الرأس.

( قرأ )

قوله تعالى : ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) [ ٧٣ / ٢٠ ] قيل : دلت الآية على وجوب قراءة شيء من الْقُرْآنِ ، فيصدق دليل هكذا قراءة شيء من القرآن واجب ولا شيء من القرآن في غير الصلاة بواجب فيكون الوجوب في الصلاة وهو المطلوب. وأورد عليه أن الكبرى ممنوعة ، وسند المنع أن الوجوب إما عيني ولا إشعار به في الكلام أو كفائي فعدمه في غير الصلاة ممنوع بل يجب لئلا تندرس المعجزة وأجيب بأن المراد الوجوب العيني إذ هو الأغلب في التكاليف وهو المتبادر عند الإطلاق. وقيل : المراد بالقراءة الصلاة تسمية للشيء ببعض أجزائه ، وعني به صلاة الليل ثم نسخ بالصلوات الخمس. وقيل : الأمر في غير الصلاة لكنه على الاستحباب. واختلف في أقله ، فقيل : أقله في اليوم والليلة خمسون آية ، وقيل مائة ، وقيل مائتان ، وقيل ثلث القرآن.

قوله تعالى : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) [ ١٧ / ٧٨ ] أي ما يُقْرَأُ في صلاة الفجر ، والمراد صلاة الفجر.

قوله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) [ ٧٥ / ١٧ ] أي جمعه في صدرك وإثبات قراءته في لسانك ( فَإِذا قَرَأْناهُ ) جعل قراءة جبرئيل قراءته قوله تعالى : ( فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) أي فكن مقفيا له فيه ، فهو مصدر مضاف إلى المفعول أي قِرَاءَتُكَ إياه.

قوله تعالى : ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ) [ ٨٧ / ٦ ] الْإِقْرَاءُ : الأخذ على القارئ بالاستماع لتقويم الزلل ، والْقَارِئُ : التالي وأصله الجمع لأنه يجمع الحروف ، أي سنأخذ عليك قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فلا تنسى ذلك

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٥٠٤.

٣٣٦

ومعناه سيقرأ عليك جبرئيل بأمرنا فتحفظ فلا تنساه ، والنسيان : ذهاب المعنى عن النفس ، ونظيره السهو ، ونقيضه الذكر ـ كذا ذكره الشيخ أبو علي.

قوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) [ ٩٦ / ١ ] أكثر المفسرين على أن هذه الآية أول ما نزل من القرآن ، ويدل على ذلك حَدِيثُ الْبَاقِرِ (ع) قَالَ : « أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) ، وَآخِرُهُ ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ ) » (١). وقيل : أول ما نزل ( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ). وقيل : فاتحة الكتاب. وقيل : ومعنى اقْرَأْ الأول أوجد القراءة من غير اعتبار تعديته إلى مقروء به كما يقال : « فلان يعطي » أي يوجد الإعطاء من غير اعتبار تعديته إلى المعطى. قال بعض المحققين : وهذا مبني على أن تعلق ( بِاسْمِ رَبِّكَ ) ب اقْرَأْ الثاني ، ودخول الباء للدلالة على التكرير والدوام كقولك : « أخذت الخطام » و « أخذت بالخطام » والأحسن أن ( اقْرَأْ ) الأول والثاني كليهما منزلان منزلة اللازم ، أي افعل القراءة وأوجدها ، والمفعول محذوف في كليهما أي اقرأ القرآن ، والباء للاستعانة أو الملابسة ، أي مستعينا باسم ربك أو متبركا أو مبتدءا به قوله تعالى : ( وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ ) [ ٢٧ / ٩٢ ] هو اسم لكتاب الله تعالى خاصة لا يسمى به غيره ، وإنما سمي قُرْآناً لأنه يجمع السور ويضمها ، وقيل لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضها إلى بعض ، وهو مصدر كالغفران والكفران ، يقال : « فلان يَقْرَأُ قُرْآناً حسنا » أي قراءة حسنة.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْقُرْآنُ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَالْفُرْقَانُ الْمُحْكَمُ الْوَاجِبُ الْعَمَلُ بِهِ » (٢).

وَفِي الْحَدِيثِ : « نَزَلَ الْقُرْآنُ أَرْبَعَ أَرْبَاعٍ : رُبُعٌ فِينَا ، وَرُبُعٌ فِي عَدُوِّنَا ، وَرُبُعٌ

__________________

(١) جاء هذا الحديث في الكافي ج ٢ ص ٦٢٨ عن الصّادق (ع).

(٢) الكافي ج ٢ ص ٦٣٠.

٣٣٧

سُنَنٌ وَأَمْثَالٌ ، وَرُبُعٌ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ (١).

قوله تعالى : ( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) [ ٢ / ٢٢٨ ] الْقُرْءُ عند أهل الحجاز الطهر ، وعند أهل العراق الحيض. قيل : وكل أصاب لأن القرء خروج من شيء إلى شيء فخرجت المرأة من الحيض إلى الطهر ومن الطهر إلى الحيض ، وهذا قول أبي عبيدة ، وقال غيره الْقُرْءُ الوقت يقال : « رجع فلان لِقُرْئِهِ » أي لوقته الذي كان يرجع فيه ، فالحيض ثان لوقت الطهر والطهر ثان لوقت الحيض. قال الأصمعي : الإضافة فيه على غير قياس لأنه لا يقال ثلاثة فلوس بل ثلاثة أفلس. وقال النحويون : هو على التأويل والتقدير ثلاثة من قُرُوءٍ لأن العدد يضاف إلى مميزه ، وهو من ثلاثة إلى عشرة قليل ، فلا يميز القليل بالكثير. واحتمل البعض أن يكون قد وضع أحد الجمعين موضع الآخر اتساعا لفهم المعنى وذهب بعضهم إلى أن تمييز الثلاثة إلى العشرة يجوز أن يكون جمع كثرة من غير تأويل ، فيقال : خمسة كلاب وستة عبيد ، ولا يجب عند هذا القائل أن يقال : خمسة أكلب ولا ستة أعبد.

قوله تعالى : ( ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ) [ ٢ / ٥٨ ] قيل : هي بيت المقدس ، وقيل : هي أريحا من قرى الشام أمروا بدخولها بعد التيه.

قوله تعالى : ( الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها ) [ ٤ / ٧٥ ] يعني مكة شرفها الله تعالى.

قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ ) [ ١٨ / ٧٧ ] قيل : هي قرية تسمى الناصرية وإليها تنسب النصارى (٢).

قوله تعالى : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ )

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٦٢٨.

(٢) لم أظفر على أحد ينسب النصارى إلى الناصرية ، بل ينسبهم أصحاب المعاجم اللغوية وكتب البلدان إلى الناصرة أو نصورية أو ناصرت أو نصرانة أو نصرى ، وكل هذه أسماء لقرية واحدة قد اختلفوا في تسميتها.

٣٣٨

[ ٢ / ٢٥٩ ] المار عزير أو أرميا أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد بصيرة ، والقرية بيت المقدس حين خربه بختنصر. وقيل : الْقَرْيَةُ التي خرج منها الألوف حذر الموت والْقَرْيَةُ التي كانت حاضرة البحر ـ أي قريبة منه أيلة بين مدين والطور ، وقيل مدين ، وستأتي قصتها في سبت.

قوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ) [ ٢٥ / ٤٠ ] قيل : هي سدوم من قرى قوم لوط ، وكانت خمسا أهلك الله أربعا منها وبقيت واحدة ، و ( مَطَرَ السَّوْءِ ) الحجارة.

والْقَرْيَةُ التي في قوله تعالى : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ ) [ ٣٦ / ١٣ ] قيل : أنطاكية ، وكانوا عبدة أوثان.

قوله تعالى : ( وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) [ ٤٣ / ٣١ ] القريتان : مكة والطائف ، و ( مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ ) أي من إحدى القريتين وهما الوليد بن المغيرة من مكة وحبيب بن عمر الثقفي من الطائف ، وأرادوا بعظم الرجل رئاسته في الدنيا.

وَفِي حَدِيثِ الْحَائِضِ : « دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ » (١). هي جمع قرء بالضم كقفل وأقفال ، وجمع قرء بالفتح على أقرؤ وقُرُوءٌ كفلس وأفلس وفلوس ، وهو من الأضداد ، والمراد هنا الحيض للأمر بترك الصلاة ، كما أن المراد منه الطهر في قَوْلِهِ : « الْمَرْأَةُ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قُرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ ».

وفِيهِ : « لَا يُصَلَّى فِي قُرَى النَّمْلِ » (٢). هي بضم القاف جمع قرية ، وهي الأماكن التي يجتمع النمل فيها ويسكنها.

والْقَرْيَةُ : الضيعة والمدينة ، سميت بذلك لأن الماء يقرى فيها أي يجمع ، وربما جاءت بالكسر كلحية وهي لغة يمانية. قال الجوهري : جمع القرية على قرى على

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٨٤.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٣٩٠.

٣٣٩

غير القياس لأن ما كان على فعلة بفتح الفاء من المعتل فجمعه ممدود مثل ركوة وركاء وظبية وظباء ، وإذا نسب إلى القرية قلت : « قروي » بفتح الراء.

و « أم الْقُرَى » من أسماء مكة شرفها الله تعالى.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كُلُّ مَا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى كُلُّهُ مِنْ مَالٍ لِبَنِي فَاطِمَةَ ».

وقَرَيْتُ الضيف أقريه من باب رمى قرى بالكسر والقصر ، وقريته قراء : إذا أحسنت إليه ، فإن كسرت القاف قصرت وإن فتحت مددت.

والْقِرَى : الضيافة ، ومنه قَوْلُهُ (ع) : « وأَعَدَّ الْقِرَى لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ ».

وقرأت أم الكتاب قراءة بالكسر والمد وقرآنا يتعدى بنفسه وبالباء ، والفاعل قارىء ، والجمع قرأة بالتحريك وقراء وقارءون مثل كفرة وكافرون وكفار.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كَمْ مِنْ قَارِئٍ لِلْقُرْآن وَالْقُرْآنُ يَلْعَنُهُ ».

وفِيهِ : « يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ ». أي أعلمكم بالقراءة.

و « فلان يُقْرِئُكَ السلام » قيل : أي يحملك على قراءة السلام ، يقال : اقْرَأْ فلانا السلام ، واقْرَأْ عليه‌السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أنه يقرأ السلام ويرده ، كما إذا قَرَأَ الْقُرْآنَ أو الحديث على الشيخ يقول : أَقْرَأَنِي فلان أي حملني على أن أقرأه عليه ، ومِنْهُ « أَقْرَأَنِي النَّبِيُّ (ص) خَمْسَةَ عَشْرَةَ سَجْدَةً ».

أي حمله أن يجمع في قراءته لك ، وقيل : أَقْرَؤُهُ عليك أي أتلوه عليك ، وأَقْرِئَاهُ مني السلام أي بلغاه سلامي ، ويُقْرِئُكَ السلام أي يبلغك السلام ويتلوه عليك.

( قسا )

قوله تعالى : ( ثُمَ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ ) [ ٢ / ٧٤ ] أي يبست وصلبت عن قبول ذكر الله والخوف والرجاء وغيرها من الخصال الحميدة ، يقال : قَسَا قلبه قَسْوَةً وقَسَاوَةً وقَسَاءً بالفتح والمد : إذا صلب وغلظ ، فهو قَاسٍ ، والْقَسْوَةُ اسم منه ، وهي غلظ في القلب وقلة الرحمة ،

٣٤٠