نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

والقذى ، واجعلني من المتطهرين. فإذا تزجر قال : اللهم كما أطعمتنيه طيبا في عافية فأخرجه خبيثا في عافية (١).

الخامس : تقدم الرجل اليسري دخولا واليمين خروجا ، بخلاف المسجد فيهما ، لأن اليسار للأدنى واليمين لغيره. وهل يختص ذلك بالبنيان؟ الأقرب عدمه ، فيقدم اليسرى إذا بلغ موضع جلوسه في الصحراء ، وإذا فرغ قدم اليمين.

السادس : الاستبراء في البول ، بأن يمسح بيده من عند المقعد إلى أصل القضيب ثلاثا ، ثم يمسح القضيب ثلاثا ، وينتره ثلاثا ويتنحنح ، لقول الباقر عليه‌السلام : يعصر أصل ذكره ثلاث عصرات وينتر طرفه ، فإن خرج بعد ذلك شي‌ء فليس من البول لكنه من الحبائل (٢). ولاشتماله على الاستظهار في إخراج بقايا البول والتحرز منه.

ولو استظهر مع ذلك (١) بالمشي ، جاز. ولا يحشي الإحليل بالقطنة وشبهها.

فإذا وجد بللا بعد الاستبراء ، فإن عرف أنه بول تطهر منه ، وإلا لم يلتفت. ولو لم يستبرئ وتوضأ وصلى ، صحت صلاته ، لأن الظاهر انقطاعه. فإن وجد بللا قبل الصلاة مشتبها أعاد الطهارة ، لغلبة الظن بأنه بقايا من البول.

ولو وجده بعد الصلاة ، صحت صلاته ، لوقوعها على الوجه المشروع ، ويعيد الوضوء لحصول ما يساوي البول في الحكم. ولا فرق بين الرجل والمرأة والبكر وغيرها ، للتغاير بين موضع البكارة ومخرج البول.

السابع : الاعتماد في الجلوس على الرجل اليسرى ، لأنه عليه‌السلام علم أصحابه الاتكاء على اليسرى.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢١٧ ح ٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٥ ح ١.

(٣) في « ق » الاستبراء.

٨١

الثامن : إعداد أحجار الاستنجاء خوف الانتشار لو طلبها بعد قضاء الحاجة.

التاسع : أن يطلب لبوله الموضع المرتفع ، لأنه أحفظ من غيره ، ولأن الرضا عليه‌السلام قام في سفح آخر الليل فبال وتوضأ على موضع مرتفع ، وقال : من فقه الرجل أن يرتاد لموضع بوله ، ثم بسط سراويله وصلى صلاة الليل (١).

ويكره له أشياء :

الأول : يكره استقبال الشمس والقمر في البول والغائط ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يستقبل الرجل الشمس والقمر وهو يبول (٢). ولا فرق بين حالتي ظهور نورهما وستره بالكسف.

ولو فعل ذلك محاذيا لهما وبينهما حائل لم يكره ، لأنه لو استتر عن القبلة بالانحراف ، جاز فهنا أولى. ولا يكره استدبارهما.

الثاني : يكره استقبال الريح بالبول ، لئلا يرده عليه ، لقول الحسين عليه‌السلام : ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها (٣). والظاهر أن المراد بالنهي عن الاستدبار حالة خوف الرد إليه.

الثالث : يكره البول على الأرض الصلبة ، لئلا ترده عليه. قال الصادق عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشد الناس توقيا عن البول ، كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض ، أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير ، كراهة أن ينضح عليه البول (٤).

الرابع : البول قائما إلا لضرورة ، لئلا يرجع عليه ، ولقوله عليه‌السلام : البول قائما من غير علة من الجفاء (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٣٨ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤١ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢١٣ ح ٦ والرواية فيه عن الحسن عليه‌السلام.

(٤) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٣٨ ح ٢.

(٥) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤٨ ح ٣.

٨٢

ولو كان به علة ، زالت الكراهة ، والأقرب أن العلة التوقي من البول ، ولو كان في حالة لا يفتقر إلى الاحتراز منه كالحمام ، زالت الكراهة.

الخامس : أن يطمح ببوله في الهواء ، لئلا يرده عليه ، وكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للرجل أن يطمح ببوله من السطح في الهواء (١).

السادس : البول في الماء الجاري والراكد ، والراكد أشد كراهة ، لقوله عليه‌السلام : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم (٢).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنه نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة. وقال : إن للماء أهلا (٣).

وعن الصادق عليه‌السلام : لا بأس أن يبول الرجل في الماء الجاري ، وكره أن يبول في الراكد (٤). ولأنه إن كان قليلا أفسده وعطل فوائده.

وبالليل أشد لما قيل : من أن الماء بالليل للجن ، فلا يبال فيه ولا يغتسل ، حذرا من إصابة آفة من جهتهم.

السابع : الجلوس للحدث في المشارع والشوارع ، ومواضع اللعن للتأذي ، وتحت الأشجار المثمرة صيانة لها عن التلويث بالنجاسة ، فيضمن أرش الفاسد. وفي النزال ، ومساقط الثمار ، وجحرة الحيوان ، وأفنية الدور.

ولقول زين العابدين عليه‌السلام : يتقي شطوط الأنهار ، والطرق النافذة ، وتحت الأشجار المثمرة ، ومواضع اللعن ، قيل : وأين مواضع اللعن؟ قال : أبواب الدور (٥). ونهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبال في الجحر (٦) للتأذي بذلك.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤٩ ح ٨.

(٢) سنن ابن ماجة ١ ـ ١٢٤.

(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤٠.

(٤) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٠٧ ح ١.

(٥) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٨ ح ١.

(٦) سنن أبي داود : ١ ـ ٨.

٨٣

الثامن : السواك على الخلاء ، لقول الكاظم عليه‌السلام : إنه يورث البخر (١).

التاسع : الكلام على الخلاء ، لأن الرضا عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يجيب الرجل آخر وهو على الغائط أو يكلمه حتى يفرغ (٢).

ولا يكره الذكر ولا حكاية الأذان ولا آية الكرسي ، قال الصادق عليه‌السلام : لم يرخص في الكنيف في أكثر من آية الكرسي وحمد الله وآية (٣).

وروي أنه لما ناجى الله موسى بن عمران عليه‌السلام قال موسى : يا رب أبعيد أنت فأناديك أم قريب فأناجيك ، فأوحى الله جل جلاله أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى : يا رب إني أكون في أحوال أجلك أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى : اذكرني على كل حال (٤).

ويجب رد السلام لو سلم عليه حينئذ ، لعموم الأمر. ويستحب حمد الله على العطسة وتسميت العاطس ، لأنهما ذكر ولو احتاج إلى شي‌ء ولم يقدر بالتصفيق وشبهه ، تكلم.

العاشر : الاستنجاء باليمين ، لقوله عليه‌السلام : إنه من الجفاء (٥). ولو فعله أجزأه ، ولا يكره الاستعانة باليمين بصب الماء أو غيره ، لعدم تناول النهي له ، ولا الاستنجاء بها مع الحاجة ، كمرض اليسرى وغيره.

الحادي عشر : الاستنجاء باليسار وفيها خاتم عليه اسم من أسماء الله تعالى ، أو أسماء أنبيائه ، أو أحد الأئمة عليهم‌السلام ، أو فصه من حجر زمزم ، لاشتماله على ترك التعظيم المأمور به ، لقول الصادق عليه‌السلام : ولا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٣٧ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢١٨ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٠ ح ٧.

(٤) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٠ ح ٤.

(٥) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٦.

٨٤

يستنجي وعليه خاتم فيه اسم الله ، ولا يجامع وهو عليه ، ولا يدخل المخرج وهو عليه (١).

ولو كان عليه شي‌ء من ذلك ، فليحوله حذرا من المكروه.

الثاني عشر : الأكل والشرب على حال الخلاء ، لأن الباقر عليه‌السلام وجد لقمة في القذر لما دخل الخلاء فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه وقال : يكون معك لأكلها إذا خرجت ، فلما خرج عليه‌السلام قال للمملوك : أين اللقمة؟ قال : أكلتها يا ابن رسول الله ، فقال : إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة ، فاذهب فأنت حر لوجه الله تعالى ، فإني أكره أن أستخدم رجلا من أهل الجنة (٢). فتأخيره عليه‌السلام أكلها إلى الخروج مع ما فيه من الثواب يدل على كراهة الأكل حينئذ.

الثالث عشر : الحدث على شطوط الأنهار ورءوس الآبار ، لما فيه من أذى الواردين ، وقد نهى عليه‌السلام أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب ماؤها ، أو نهر يستعذب ، أو تحت شجرة فيها ثمرتها (٣).

الرابع عشر : طول الجلوس على الخلاء ، لقول الصادق عليه‌السلام : إنه يورث الباسور (٤).

الخامس عشر : مس الذكر باليمين عند البول ، لنهي الباقر عليه‌السلام عنه (٥).

السادس عشر : استصحاب دراهم بيض لنهي الباقر عليه‌السلام عنه (٦) ، إلا أن تكون مشدودة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٣٣ ح ٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٥٤ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٨ ح ٣.

(٤) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٣٧ ح ٤.

(٥) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٦ ح ٦.

(٦) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٣٤ ح ٧.

٨٥

البحث الثاني

( فيما يستنجى عنه )

لا يستنجى من النوم والريح إجماعا ، لقوله عليه‌السلام : من استنجى من ريح فليس منا (١).

والخارج من الأعيان إن أوجب الطهارة الكبرى كالمني والحيض يجب فيه الغسل ، فلا يمكن الاقتصار على الحجر وإن لم يوجبها ولا الصغرى وكان نجسا كدم الفصد والحجام ، وجبت إزالته بالماء ، كغيرهما من النجاسات ، ولا مدخل للحجر فيه ، لأنه تخفيف على خلاف القياس فيما يعم به البلوى للمشقة ، فلا يلحق به غيره.

وما يخرج من السبيلين من الأجسام الطاهرة ، كالحصاة والدود إذا لم يكن متلطخا ببول ولا غائط ، لا يجب منه طهارة عندنا ، ولا استنجاء منه بالماء ولا بالحجر ، لأن القصد إزالة النجاسة أو تخفيفها عن المحل ، فإذا لم يكن منفعلا بالنجاسة لم يكن للإزالة ولا للتخفيف معنى.

وأما البول : فلا يجزي فيه إلا الماء عند علمائنا أجمع ، عملا بالأصل من بقاء حكم النجاسة الشرعية ، إلا أن يرد المزيل شرعا ، ولقول الباقر عليه‌السلام : فأما البول فلا بد من غسله بالماء (٢).

ولو لم يجد الماء ، ينشف بخرقة أو حجر ، لوجوب إزالة العين والأثر ، فلا يسقط أحدهما بتعذر الآخر ، ليحصل أمن الانتشار ، ولا يفيد طهارة المحل ، فإنه باق على النجاسة ، فإذا وجد الماء وجب غسله.

ولو تعدت رطوبة عرق المحل إلى آخر نجسه.

وأما الغائط : فإن تعدى المخرج ، تعين الماء ، سواء انتشر أكثر من القدر المعتاد أو لا ، لأن الأصل إزالة النجاسة بالماء بحيث لا يبقى عين ولا‌

__________________

(١) راجع المنتهى ١ ـ ٤٧.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٢ ح ١.

٨٦

أثر. والاستنجاء في المحل المعتاد رخصة ، لأجل المشقة الحاصلة من تكرار الغسل مع تكرر النجاسة. أما ما لا تتكرر فيه حصول النجاسة ، فإنه باق على أصالة الغسل.

والجمع بينه وبين الأحجار أفضل ، مبالغة في الاستظهار ، ولقول الصادق عليه‌السلام : جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء (١) فإذا اجتمع (٢) قدم الأحجار ، إذ لا فائدة فيها بعد إزالة النجاسة بالماء ، وقبلها لا يجزي استعمالها لانتشار النجاسة بعد الغسل الناقص.

ونعني بالمخرج الحواشي ، فما جاوزها متعد وإن لم يبلغ الأليتين.

وإن لم يتعد المخرج تخير بين الماء والأحجار إجماعا ، ولقوله عليه‌السلام : إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزي عنه (٣).

والماء أفضل ، لاشتماله على المبالغة في الإزالة وعلى إزالة العين والأثر ، ولقوله تعالى ( رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ) (٤) قال : كانوا يستنجون بالماء.

والجمع بين الأحجار والماء أكمل ، لاشتماله على جمع المطهرين ، فالحجر يزيل العين ، والماء يزيل الأثر ، فلا يحتاج إلى مخامرة (٥) عين النجاسة ، وهي محسوسة.

البحث الثالث

( فيما يستنجى به )

وهو إما مائع أو جامد ، أما المائع فليس إلا الماء الطاهر المطلق على ما يأتي ، المملوك ، أو المباح. فلو استعمل المغصوب أو المشتبه به أثم وطهر ، لزوال النجاسة ، وليس عبادة محضة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤٦ ح ٤.

(٢) في « ر » جمع.

(٣) سنن أبي داود ١ ـ ١١.

(٤) سورة التوبة : ١٠٨.

(٥) في « ق » محامرة.

٨٧

وأما الجامد فيشترط فيه أمور :

الأول : أن يكون طاهرا ، لأن النجاسة لا تزال بالنجس كالماء النجس ، ولا فرق بين نجس العين والعرض.

فلو استنجى بالنجس احتمل وجوب الماء ، لأن الحجر رخصة وتخفيف فيما يعم به البلوى ، فيقف على موردها ، وهي نجاسة الغائط المختص بالمحل ، ولا يلحق به غيره. والاقتصار على الحجر ، لأن النجس لا يتأثر بالنجاسة ، فيبقى حكمه كما كان. والتفصيل فإن كانت نجاسته بغير الغائط تعين الماء ، وإلا اكتفى بثلاثة غيره.

الثاني : أن يكون منسفا (١) قالعا للنجاسة ، فلا يجزي غير القالع كالأملس واللزج وما ينثر أجزاؤه كالفحم الرخوة والتراب ، لالتصاقه بالنجاسة.

ولو استنجى بما لا يقلع ، لم يسقط الفرض به ، وإن أبقى العين خاصة ، ويتعين بعده الماء إن نقل النجاسة من موضع إلى آخر. وإن لم ينقل جاز الاقتصار على الحجر.

ولا يجوز الحجر الرطب ونحوه ، لأن البلل الذي عليه نجس بإصابة النجاسة إياه ، ويعود شي‌ء منه إلى محل النجو ، فيحصل عليه نجاسة أجنبية ، فيكون قد استعمل الحجر النجس ، ولأن الرطب لا يزيل النجاسة ، بل يزيل التلويث والانتشار. ويحتمل الإجزاء ، لأن البلل ينجس بالانفصال ، كالماء الذي يغسل به النجاسة لإصابة النجاسة.

الثالث : ألا يكون محرما كالمطعومات لحرمتها ، والعظم معدود منها ، لأنه عليه‌السلام نهى عن الاستنجاء بالعظم وقال : إنه زاد إخوانكم من الجن (٢). وليس له حكم طعامنا من تحريم الربا. ومن الأشياء المحترمة ما‌

__________________

(١) نسف نسفا البناء : قلعه من أصله.

(٢) جامع الأصول ٨ ـ ٦٨.

٨٨

كتب عليه شي‌ء من العلم كالحديث والفقه ، وكالتربة المأخوذة من مشاهد الأئمة عليهم‌السلام.

ولا حرمة هنا في جزء الحيوان المتصل به كاليد والعقب من المستنجي وغيره وكذنب الحمار ، فلو استنجى بذلك جاز ، ولا فرق بين يده ويد غيره ، لأنه لا حرج على الموفي (١) تعاطي النجاسات ، وكذا يجوز بجملة الحيوان ، كما لو استنجى بعصفورة حية وشبهها.

ولا يلحق بالمحرمات في هذا الحكم الذهب والفضة ، فيجوز الاستنجاء بالقطعة الخشنة من الذهب والفضة والأحجار النفيسة ، كما بالقطعة من الديباج.

وإذا استنجى بالمحرم كالمطعوم وغيره ، أثم وأجزأ على الأقوى ، لأن القصد قلع النجاسة وقد حصل ، فلا يتوجه إليه خطاب بإزالتها بعده ، وقيل : لا يجزيه ، لأن الحجر رخصة ، والرخص لا تناط بالمعاصي ، وينتقض بالحجر المغصوب ، وعلى الثاني له الاقتصار على الأحجار ، كأنه لم يستعمل شيئا ، إلا إذا نقل النجاسة عن موضعها كالأملس.

ويجوز استعمال الخزف والمدر والجلد الطاهر والصوف والقطن والخرق بدلا من الأحجار.

ولا فرق في الجلد بين المدبوغ وغيره من المأكول وغيره ، إلا المشوي لأنه مطعوم حينئذ ، مع احتمال المنع لذلك في غير المشوي إذا لم يكن مدبوغا.

ولو كان الطين نجسا وصار آجرا ، طهر وجاز الاستنجاء به.

ولا يجوز استعمال ما استنجى به أولا ، إلا بعد غسله ، أو إزالة النجاسة عن ظاهره بإزالة الأجزاء النجسة عنه ، إلا أن يكون طاهرا كالحجر الثاني والثالث إذا لم يبق على الموضع شي‌ء فيجوز.

الرابع : العدد ، ويجب ثلاثة أحجار ، لقوله عليه‌السلام : إذا جلس‌

__________________

(١) في « ق » الموافي.

٨٩

أحدكم لحاجته فليمسح ثلاث مسحات (١). وقال الباقر عليه‌السلام : يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

ولو نقي المحل بالأقل ففي الإجزاء إشكال ينشأ : من الأمر بالثلاثة ، قال سلمان : نهانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار (٣). ولحديث الباقر عليه‌السلام (٤). ولتعذر الإزالة الكلية بالحجر الواحد ، فلا بد من تخلف شي‌ء من أجزاء النجاسة ، وقليلها ككثيرها. ومن حصول الغرض وهو الإزالة ، فلا يبقى مخاطبا بها لامتناعها.

ولو لم ينق بالثلاثة وجب الزائد حتى يحصل الإنقاء (٥) إجماعا ، لأنه المقصود الأصلي من شرع الاستنجاء ، لكن يستحب الإيتار ، فلو أنقي بالرابعة استحب أن يوتر بخامسة ، لقوله عليه‌السلام : إذا استنجى أحدكم فليوتر بها وترا (٦). ونعني بالنقاء زوال عين النجاسة ورطوبتها ، بحيث يخرج الحجر نقيا لا أثر عليه.

ويجزي ذو الجهات (٧) الثلاث إذا استعملها إجماعا على الأصح ، لأنه استجمر ثلاثا منقية بما وجد فيه شرطا للاستجمار فأجزأه ، كما لو تعددت حسا ، ولأنه لو فصله لجاز استعماله إجماعا ولا فرق إلا هو الفصل ولا أثر له في التطهير ، ولأن الواجب التطهير ، وهو إنما يحصل بعدد المسحات دون الأحجار.

وكذا الخرقة الطويلة لو مسح ثلاث مواضع منها جاز ، ولو مسح بظاهرها وباطنها إذا لم ينفذ إليه جاز.

__________________

(١) راجع جواهر الكلام ٢ ـ ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤٦.

(٣) جامع الأصول ٨ ـ ٦٠.

(٤) المتقدم آنفا.

(٥) كذا في النسخ والظاهر : النقاء.

(٦) جامع الأصول ٨ ـ ٦١.

(٧) في « ر » ذو الشعب.

٩٠

ولو استعمل ثلاثة أنفس ثلاثة أحجار كل واحد منهم من كل حجر بشعبة ، أجزأهم.

البحث الرابع

( في كيفية الاستنجاء )

أما في البول فقد بينا وجوب الماء ، وكذا المتعدي من الغائط ، ولا يتعين في غيره ، فإذا استنجى بالماء لم يكن له حد سوى الإنقاء من العين والأثر دون الرائحة ، إذ بدونه لا يحصل الفرض وهو إزالة النجاسة ، ومعه ينتفي الخطاب بالإزالة.

وسئل الرضا عليه‌السلام للاستنجاء حد؟ قال لا ينقى ما ثمة قلت : فإنه يبقى الريح قال : الريح لا ينظر إليها (١). وعن الصادق عليه‌السلام وقد سئل عما يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟ قال : مثلا ما على الحشفة من البلل (٢).

والضابط : ما يزيل العين عن رأس الفرج. ولا فرق بين البكر والثيب ، ولا بين أن يخرج البول بحدة بحيث لا ينشر أو لا في وجوب الماء. والأغلف إن كان مرتتقا لا يمكنه إخراج البشرة فكالمختنين ، وإن أمكنه أخرجها إذا بال وغسل المخرج وما تعدى إليه البول ، فإن لم يمكنه (٣) منها وقت البول فالأقرب وجوب كشفها لغسل المخرج. ولو نجست بالبول وجب غسلها ، كما لو انتشر إلى الحشفة.

ولو توضأ قبل غسل المخرج جاز ، فإن صلى أعاد الصلاة خاصة ، لإجزاء الوضوء ، إذ ليس من شرطه طهارة غير محله ، وعدم إجزاء الصلاة لعدم الشرط.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٢٧ ح ١ ب ١٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٢٤٢ ح ٥.

(٣) في « ر » فإن لم يكشفها.

٩١

ولا يجب على المرأة إدخال إصبعها في فرجها ، لعدم قبول الباطن النجاسة.

ولا يجب على من بال غسل مخرج الغائط وبالعكس ، لعدم المقتضي.

ولو سال إلى فرج المرأة مني من ذكر أو أنثى ثم خرج ، لم يجب به وضوء ولا غسل ، بل حكمه حكم نجاسة ملاقية للبدن.

وأما الغائط : فإن استعمل الماء فيه ، وجب الإنقاء لجميع أجزاء المحل من العين والأثر دون الرائحة كما تقدم ، وإن استعمل الأحجار تخير بين توزيع الثلاثة على أجزاء المحل مع حصول الإنقاء ، وبين توارد كل منها على جميع أجزائه ، لصدق استعمال الثلاثة عليهما وحصول الغرض بهما ، والأحسن الثاني.

فيضع حجرا على مقدم الصفحة اليمنى فيمسحها به إلى مؤخرها ويدير إلى الصفحة اليسرى فيمسحها به من مؤخرها إلى مقدمها ، ويرجع إلى الموضع الذي بدأ منه ، ويضع الحجر الثاني على مقدم الصفحة اليسرى ويفعل به مثل ذلك ، ويمسح بالثالث الصفحتين.

وينبغي وضع الحجر على موضع طاهر بقرب النجاسة ، لأنه لو وضعه على النجاسة لأبقى منها شيئا وانتشرها ، فيتعين حينئذ الماء ، ثم إذا انتهى إلى النجاسة أدار الحجر قليلا حتى يرفع كل جزء منه جزءا من النجاسة.

ولو أمر من غير إدارة لنقل النجاسة من موضع إلى آخر ، فيتعين الماء.

ولو أمره ولم ينقل فالأقرب الإجزاء ، لأن الاقتصار على الحجر رخصة ، وتكليف الإدارة تضييق باب الرخصة. ويحتمل عدمه ، لأن الجزء الثاني من المحل يلقى ما ينجس من الحجر ، والاستنجاء بالنجس لا يجوز.

٩٢

الباب الثاني

( في الغسل )

ويجب بأسباب ستة : الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، ومس الأموات ، والموت ، فهنا فصول‌

٩٣
٩٤

الفصل الأول

( في الجنابة )

وفيه مطالب :

المطلب الأول

( في العلة )

الجنابة تحصل بأمرين إجماعا : التقاء الختانين ، والإنزال ، لقوله عليه‌السلام : إنما الماء من الماء (١). وقوله عليه‌السلام : إذ التقى الختانان فقد وجب الغسل (٢).

فهنا بحثان :

البحث الأول

( الجماع )

ويجب الغسل بالتقاء الختانين ، والمراد به تحاذيهما لا التصاقهما لاستحالته ، فإن مدخل الذكر في أسفل الفرج ، وهو مخرج الولد والحيض ، وموضع الختان في أعلاه وبينهما ثقبة البول ، والشفرات محيطان بهما جميعا.

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ ـ ١٩٩ الرقم ٦٠٧.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٦٩ ح ٢.

٩٥

وموضع الختان غير معتبر بعينه ، لا في الذكر ولا في الأنثى ، أما الذكر فلو كان مقطوع الحشفة وغيب من الباقي بقدرها وجب ، ومعلوم أنه ليس موضع ختان ، لكنه في معنى الحشفة ، ولقول أحدهما عليهم‌السلام : إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم (١).

ولو غيب بعض الحشفة ، لم يجب الغسل ، لعدم التحاذي غالبا. وأما في الأنثى فلأن موضع الختان قبل المرأة ، وكما يجب الغسل بإيلاج الحشفة فيه ، كذا يجب بإيلاجها في دبرها على الأصح عليهما معا ، لقوله تعالى ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ) (٢).

وفي إيجاب الغسل بالإيلاج في فرج البهيمة إشكال ينشأ : من أنه جماع في فرج ، فأشبه فرج الآدميين من عدم النص وأصالة البراءة.

ولا فرق بين الحي والميت ، لصدق التقاء الختانين. وكذا الصغيرة التي لا تشتهي.

وكذا يجب الغسل على من غاب فرج الميت والدابة في فرجه ، ولا يجب إعادة غسل الميت بسبب الإيلاج فيه.

وكذا يجب لو أولج في دبر الذكر ، سواء كان صغيرا أو كبيرا ، منتهى أو لا ، بقدر الحشفة عليهما معا ، لأنه مفهوم من قوله عليه‌السلام : أتوجبون عليه الرجم والجلد ولا توجبون عليه صاعا من الماء (٣). في جعل وجوبه تابعا لوجوبهما في التقاء الختانين الخالي عن الإنزال.

ولو لف على ذكره خرقة وأولج ، احتمل حصول الجنابة لحصول التحاذي. وعدمه ، لأن استكمال اللذة إنما يحصل مع ارتفاع الحجاب ، واعتبار الخرقة ، (٤) إن كانت لينة لا تمنع وصول بلل الفرج إلى الذكر ووصول الحرارة مع أحدهما إلى الآخر حصلت ، وإلا فلا.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٦٩ ح ١.

(٢) سورة النساء : ٤٣ ، وسورة المائدة : ٦.

(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٧٠ ح ٥.

(٤) كذا في النسخ ، والظاهر : فإن.

٩٦

ولو أولج أحد المشكلين في فرج الآخر ، فلا جنابة ولا حدث إن جعلنا مس باطن الفرج منه ، لجواز كونهما امرأتين أو رجلين. ويحتمل حصولهما ، لعموم الالتقاء. وفي وجوب الحد هنا إشكال ، نعم يجب التعزير قطعا.

وكذا يجب لو أولج كل منهما في فرج الآخر. ولو أولج كل منهما في دبر الآخر فلا جنابة أيضا ، لجواز كونهما امرأتين. ولو أولج أحدهما في فرج الآخر والآخر في دبر الأول ، فلا جنابة ، لاحتمال كونهما امرأتين ، وعلى غير هذا التقدير هما محدثان.

ولو أولج المشكل في فرج امرأة ، فلا جنابة لجواز كونه امرأة ، وكذا لو أولج في دبر رجل. ولو أولج الرجل في دبر المشكل فهما جنبان. ولو أولج في فرجه فلا جنابة ، لجواز كونه ذكرا.

ولو أولج رجل في فرج مشكل والمشكل في فرج امرأة ، فالمشكل جنب ، لعدم خلوه من الذكورية والأنوثية ، ولا جنابة للرجل ولا للمرأة على إشكال ، ينشأ : من العلم بجنابة أحدهما ، فيجب عليهما الغسل احتياطا. ومن أن أمر الطهارة لا يرتفع بالشك.

وكيف حصل إيلاج الحشفة حصلت الجنابة ، سواء كانا طائعين أو مكرهين أو نائمين ، أنزل أو لا.

ولو وطئ الصبي أو وطئت الصبية ، احتمل عدم الجنابة ، لعدم وجوب الصلاة في حقهما. وثبوته للعموم ، فحينئذ لا يوجب الغسل عليهما في الحال ، لكن يبقى في حقه شرطا كما في حق الكبير ، وإذا بلغ كان حكم الحدث في حقه باقيا كالأصغر ، فإنه تنقض الطهارة في حق الصغير والكبير.

ولو اغتسل صغيرا أو توضأ عن الحدث ، فالأقرب وجوب الإعادة عند البلوغ ، وفي استباحة ما يبيحه الغسل أو الوضوء إشكال.

ولو جامع الكافر ، لحقه حكم الجنابة ، فإذا أسلم لم يسقط وجوبه عنه ، ولو اغتسل في حال كفره لم يعتد به ، لأنه جنب بعد الإسلام ، وما فعله لم يقع طاعة ، لانتفاء شرطه حينئذ ، وكذا المرتد.

٩٧

ولا يبطل الغسل بالارتداد ، لأن حدث الجنابة قد زال بالغسل ولم يتجدد موجب آخر ، والحدث لا يعود بعد زواله إلا بإعادة السبب.

ولو استدخلت ذكرا مقطوعا فالأقرب عدم الجنابة ولو استدخلت ماء الرجل لم يجب عليها الغسل.

ولو استمتع بما دون القبل والدبر كالسرة والفم وغيرهما ، فلا جنابة ، لعدم تعلق أحكام الإيلاج في القبل من الحد والتحليل والتحصين وتقرير المهر وتحريم المصاهرة.

البحث الثاني

( الإنزال )

وتحصل الجنابة بإنزال الماء الدافق ، وهو المني الذي يخلق منه الولد ، وله ثلاث خواص ، الرائحة الشبيهة برائحة الكش والعجين ما دام رطبا ، فإذا يبس أشبه رائحة بياض البيض. والتدفق بدفعات ، قال الله تعالى ( مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ ) (١) والتلذذ بخروجه ، بحيث يستعقب فتور الجسد وانكسار الشهوة.

ومني الرجل غالبا ثخين أبيض ، ومني المرأة غالبا رقيق أصفر ، والودي يشبه مني الرجل في بياضه وثخنه ، والمذي مني المرأة في رقته.

ولو زالت الثخانة والبياض لمرض ، وجب الغسل عند وجوب شي‌ء من خواصه.

ولو خرج على لون الدم لاستكثار الجماع ، وجب الغسل أيضا ، اعتمادا على الصفات الخاصة. ويحتمل عدمه ، لأن المني في الأصل دم ، فإذا خرج على لونه أشبه سائر الدماء.

__________________

(١) سورة الطارق : ٦.

٩٨

ولو استيقظ ولم ير إلا الثخانة والبياض ، لم يجب الغسل ، لاحتمال كونه وديا ، فلا يجب بالشك.

ولو ظن أنه مني باعتبار أن الودي لا يليق بطبعه ، أو بتذكر وقاع تخيله ، احتمل استصحاب يقين الطهارة ، والبناء على الظن للاحتياط.

ولا يشترط اجتماع الخواص ، فلو خرج مني بغير دفق ولا شهوة ، لمرض أو حمل شي‌ء ثقيل ، وجب الغسل ، لقوله عليه‌السلام : الماء من الماء (١).

ولو اغتسل عن الإنزال ثم وجد بقية مني ، وجب الغسل ، سواء خرجت بعد البول أو قبله.

وكيف حصل الإنزال ، وجب الغسل ، سواء كان بشهوة أو لا ، وسواء كان نائما أو لا.

ولو اشتبه الخارج اعتبره الصحيح باللذة والدفق وفتور الجسد ، لقول الكاظم عليه‌السلام : إذا جاءت الشهوة ولها دفع وفتر بخروجه فعليه الغسل ، وإن كان إنما هو شي‌ء لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس (٢). والمريض بالشهوة وفتور الجسد ، لضعف قوته عن التدفق.

ولو خرج المني من غير الطريق المعتاد ، كثقبة في الصلب ، أو في الخصية أو الذكر ، فالأقرب إلحاق حكم الجنابة به ، لعموم « إنما الماء من الماء » (٣).

ويحتمل إلحاقه بالغائط الخارج من غير المعتاد ، فإن اعتبرنا هناك المعدة ، فالأقوى اعتبار الصلب هنا ، فقد قيل إنه يخرج من الصلب.

وحكمه مشترك بين الرجل والمرأة كالجماع ، لأن أم سليم جاءت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال : نعم إذا رأت المرأة الماء (٤).

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ ـ ١٩٩.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٧٧ ح ١.

(٣) سنن ابن ماجة ١ ـ ١٩٩.

(٤) جامع الأصول ٨ ـ ١٦٥.

٩٩

ولو خرج منها مني الرجل خاصة فلا غسل عليها ، وإذا احتلم فاستيقظ فلم يجد منيا فلا جنابة ، لقوله عليه‌السلام : ( إنما الماء من الماء الأكبر ) (١). فإذا رأى في منامه ولم ير الماء الأكبر فليس عليه غسل ، ولسقوط اعتبار رؤيا النائم في إيجاب الأحكام.

وهل تكفي الشهوة في المرأة أو لا بد من التدفق لو اشتبه؟ إشكال. ولو خرج منيها من غير شهوة وجب الغسل كالرجل.

ولو اغتسلت من الجماع ثم خرج منها المني ، لزمها إعادته بشرط أن تكون ذات شهوة ، بخلاف الصغيرة التي لا شهوة لها وإن نقص شهوتها بذلك الجماع ، لا (٢) كالنائمة والمكرهة ، لغلبة الظن معها بامتزاج منيها لمنيه ، فإذا خرج المختلط فقد خرج منيها معه.

أما الصغيرة والمكرهة والنائمة إذا خرج المني منها بعد الغسل ، لم يلزم إعادته ، لأن الخارج مني الرجل ، وخروج مني الغير لا يقتضي جنابة.

ولو استدخلت المرأة منيا ، لم يجب الغسل ، وإن وجبت به العدة إذا كان محترما ، لأن الاستدخال لا يندرج تحت النصوص ، ولا هو في معنى النصوص.

ولو أحس بانتقال المني عند الشهوة ، فأمسك ذكره فلم يخرج ، فلا غسل عليه ، لأن وجوبه معلق على الخروج ولم يحصل.

ولو خرج المني بعد الانتقال والإمساك لزمه الغسل ، سواء اغتسل أو لا ، لوجود المقتضي وهو الخروج. ولا اعتبار بالشهوة وعدمها ، ولا البول وعدمه.

وكذا لو خرج الماء فاغتسل ، ثم خرج شي‌ء آخر منه ، وجب إعادة الغسل إن كان بعد البول ، لأنه مني خرج فأوجب الغسل.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٧٩ ، جامع الأصول ٨ ـ ١٦٢.

(٢) كذا في النسخ والظاهر : ولا.

١٠٠