نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل السادس

( في الماء المستعمل )

وفيه مطلبان :

المطلب الأول

( في المستعمل في رفع الحدث )

الماء المستعمل في الوضوء ، وهو الذي جمع من المتقاطر من الأعضاء ، طاهر مطهر ، لعموم قوله عليه‌السلام : « خلق الماء طهورا لا ينجسه شي‌ء إلا ما غير طعمه أو ريحه » (١) ولا تغيير هنا ، ولم يحترز أحد من المطهرين عما يتقاطر إليهم وإلى ثيابهم ، ولأنه باق على إطلاقه فأشبه غيره.

سواء تأدت به عبادة مفروضة ، كالمستعمل في الوضوء الواجب. أو مندوبه كالمستعمل في الوضوء المندوب والمجدد والمرة الثانية ، إذ ليس الحدث شيئا محققا يفرض من انتقاله من البدن إلى الماء.

وأما المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، كغسل الجنابة والحيض مع خلو البدن عن النجاسة ، فإنه طاهر عند علمائنا أجمع للأصل ، ومطهر على الأصح لبقاء الإطلاق ، وقوله عليه‌السلام : الماء ليس عليه جنابة (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٠١ ح ٩.

(٢) سنن ابن ماجة ١ ـ ١٣٢.

٢٤١

وقول الشيخ : إنه طاهر غير مطهر (١). ضعيف ، مع أنه وافق على جواز إزالة الخبث به ، فزوال الحدث الأصغر أولى.

ولو بلغ المستعمل في الأكبر كرا ، زال عنه حكم المنع عنده ، وتردد في الخلاف (٢).

وإذا حصل الجنب عند غدير أو قليب وخشي أن نزل فساد الماء ، فليرش عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه ، ثم يأخذ كفا كفا يغتسل به ، وهذا على الاستحباب للرواية (٣).

ولو انغمس الجنب في ماء قليل ونوى ، فإن نوى بعد تمام الانغماس (٤) فيه واتصل الماء بجميع البدن ، ارتفع حدثه وصار مستعملا للماء ، وهل يحكم باستعماله في حق غيره؟ يحتمل ذلك ، لأنه مستعمل في حقه ، فكذا في حق غيره. وعدمه ، لأن الماء ما دام مترددا على أعضاء المتطهر لا يحكم باستعماله ، فعلى الأول لا يجوز لغيره رفع الحدث به عنده ويجوز على الثاني.

ولو خاص جنبان ونويا معا بعد تمام الانغماس ، ارتفع حدثهما. ولو نوى قبل تمام الانغماس ، إما في أول الملاقاة ، أو بعد غمس بعض البدن ، احتمل أن لا يصير مستعملا ، كما لو ورد الماء على البدن ، فإنه لا يحكم بكونه مستعملا بأول الملاقاة ، لاختصاصه بقوة الورود ، وللحاجة إلى رفع الحدث ، وعسر إفراد كل موضع بماء جديد ، وهذا المعنى موجود ، سواء كان الماء واردا أو هو.

ولو لم يرتمس بل اغتسل مرتبا ، فتساقط الماء من رأسه أو من جانبه عليه ، صار مستعملا ، فليس له استعمال الباقي على قول الشيخ.

__________________

(١) المبسوط : ١ ـ ١١.

(٢) الخلاف ١ ـ ٤٦ مسألة ـ ١٢٧.

(٣) وهي خبر ابن مسكان قال : حدثني صاحب لي ثقة أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ، فيريد أن يغتسل وليس معه إناء والماء في وهدة ، فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال : ينضج بكف بين يديه ، وكفا من خلفه ، وكفا عن يمينه ، وكفا عن شماله ، ثم يغتسل. وسائل الشيعة : ١ ـ ١٥٧ ح ٢.

(٤) في « س » انغماسه.

٢٤٢

ولو غسل رأسه خارجا ثم أدخل يده ليأخذ ما يغسل به جانبه ، ففي كونه مستعملا نظر. ولو نوى غسل يده صار مستعملا.

والمستعمل في الأغسال المندوبة ، أو في غسل الآنية والثوب الطاهرين ، ليس مستعملا.

ولو نوى غسل يده من الطعام أوله ، لم يكن مستعملا. وكذا لإزالة الوسخ.

ولو صرف البلل الذي على العضو في لمعة لم يصبها ماء الجنابة ، صح عندنا ، ويجي‌ء على قول الشيخ المنع ، لأنه لم يشترط في المستعمل الانفصال.

ولو اغتسل من جنابة مشكوك فيها واجبا ، كواجد المني في ثوبه المختص ، فكالمتيقن لها. والغسل إذا شك في السابق ، أو من حيض مشكوك فيه ، كالناسية للوقت أو العدد ، يحتمل أن لا يكون مستعملا ، لأنه طاهر في الأصل لم يعلم زوال الطهورية عنه. وأن يكون ، لأنه استعمل في غسل الجنابة وأزال مانعا من الصلاة ، فانتقل المنع إليه.

ويجوز للرجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة وماء غسلها من حيضها للأصل وللرواية (١). ويكره إن كانت متهمة تحرزا من النجاسة.

وكذا يجوز للمرأة أن تستعمل فضل وضوء الرجل وغسله من جنابة وغيرها.

المطلب الثاني

( في المستعمل في رفع الخبث )

الماء القليل المستعمل في إزالة النجاسة إن تغير بها ، نجس إجماعا ، لقوله « إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته » (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ ـ ١٠١ ح ٩.

(٢) لم أعثر عليها في مظانها.

٢٤٣

وإن لم يتغير احتمل أن يكون حكمه حكم المحل الذي انفصل عنه بعد الغسل ، إن كان طاهرا فطاهر ، وإن كان نجسا فنجس ، لأن البلل الباقي في المحل بعضه ، والماء الواحد القليل لا يتبعض في الطهارة والنجاسة ، ولأنه قد كان نجسا في المحل ، فلا يخرجه العصر إلى التطهير ، لعدم صلاحيته له.

وأن يكون نجسا مطلقا ، سواء انفصل من الغسلة المطهرة للمحل أو لا ، لأنه ماء قليل لاقى نجاسة فانفعل عنها كغيره.

فإن قلنا بالأول فتقاطرت قطرة من الماء الذي يجب فيه تعدد الغسل من النجاسة ثلاثا أو سبعا من الغسلة الأولى على ثوب ، وجب غسله مرتين أو ستا ، لأنه حكم المحل المغسول بعد تلك الغسلة. وعلى الثاني يغسل ثلاثا أو سبعا كالمحل قبل الغسل.

وهل زيادة الوزن تجري مجرى التغير؟ الأقرب ذلك ، فلو غسل به النجاسة ، فإن زاد وزنه فكالمتغير إن كان قليلا وإلا فلا. والمستعمل في مندوب الإزالة طهور.

ولا يجوز رفع الحدث بماء تزال به النجاسة عند القائلين بالتنجيس ، ولقول الصادق عليه‌السلام : الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا تتوضأ منه (١).

وعفي عن ماء الاستنجاء إذا سقط منه شي‌ء على ثوبه أو بدنه ، سواء وقع على الأرض الطاهرة أو لا. وهو طاهر مطهر ما لم يتغير ، أو يقع على نجاسة خارجة ، لعسر التحرز عن هذه المياه ، كما عسر التحرز عن الكثير الملاقي للنجاسة ، فسقط اعتبار ملاقاة النجاسة هنا ، كما سقط هناك ، لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل أخرج من الخلاء وأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به؟ فقال : لا بأس به (٢). وفي رواية : أينجس ذلك ثوبه؟ فقال : لا (٣).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٥٥ ح ١٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٦٠ ح ١ ب ١٣.

(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٦١ ح ٥.

٢٤٤

ولا فرق في الاستنجاء بين الفرجين. والظاهر اختصاص الحكم بالمخرج منهما من بول أو غائط دون المني والدم ، لندورهما فلا مشقة.

وغسالة الحمام وهي الماء المستنقع لا يجوز استعمالها ، ما لم يعلم خلوها من النجاسة على الأقوى ، لعدم انفكاكها من النجاسة غالبا ، ولقول الكاظم عليه‌السلام : ولا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها ماء الحمام ، فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم (١). وفي رواية : لا بأس (٢). وتعتضد بالأصل.

ولا فرق في نجاسة الماء بعد انفصاله عن المحل بين وروده على النجاسة وورود النجاسة عليه ، لوجود الملاقاة فيهما.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٥٨ ح ١ و ٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ ١٥٣ ح ٣.

٢٤٥

الفصل السابع

( في حكم الماء النجس )

يحرم استعمال الماء النجس في الطهارة الصغرى والكبرى ، بمعنى عدم الاعتداد بهما في رفع الحدث ، لا تعلق الإثم بذلك ، لانفعال الملاقي للنجس به ، فكيف يرفع النجاسة الوهمية.

وكذا في إزالة النجاسة ، لأنه يزيدها. ولا فرق بين كون نجاسة الماء خفيفة أو ثقيلة ، فلا يزيل خفته ثقل نجاسة المحل. ولا فرق بين الضرورة والاختيار في ذلك.

أما الأكل والشرب ، فلا يجوز استعماله فيهما حالة الاختيار إجماعا. ويجوز عند الضرورة والخوف من تلف النفس ، سواء كانت نجاسته ذاتية أو عارضية.

ولو تطهر بالنجس ، لم يرتفع حدثه ، فلو صلى به أعاد الطهارة والصلاة ، سواء كان عالما بالنجاسة والحكم ، أو جاهلا بهما أو بأحدهما ، لفوات شرط الصلاة.

أما لو غسل ثوبه أو بدنه به من نجاسة أو للتنظيف ، ثم صلى عامدا عالما ، فإنه يعيد الصلاة إجماعا ، لفوات الشرط. وإن كان جاهلا بالنجاسة أعاد في الوقت خاصة على الأقوى ، لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه. فإن (١)

__________________

(١) في « س » فلو.

٢٤٦

خرج الوقت فالأقوى سقوط القضاء ، لاحتياجه إلى دليل مغاير للأمر. ولو علم ثم نسي وصلى ، فالأولى (١) إلحاقه بالعلم ، لتفريطه بالنسيان.

وهل يقوم ظن النجاسة مقام العلم به؟ إشكال ، ينشأ : من عموم نقض اليقين إلا بمثله. ومن إلحاق الظن بالعلم في أكثر الأحكام الشرعية ، والأقرب إلحاقه إن استند إلى سبب ، وإلا فلا.

ولو عجن بالماء النجس ، لم يطهر بالخبز ، بل باستحالته رمادا على الأقوى. وروي يبيعه على مستحل الميتة أو دفنه (٢).

__________________

(١) في « س » فالأقوى.

(٢) وهو صحيح ابن أبي عمير عن حفص بن البختري قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : في العجين يعجن من الماء النجس كيف يصنع به؟ قال : يباع ممن يستحل أكل الميتة. وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يدفن ولا يباع. وسائل الشيعة : ١ ـ ١٧٤.

٢٤٧

الفصل الثامن

( في الماء المشتبه )

وفيه مطالب :

المطلب الأول

( في المشتبه بالنجس )

إذا اشتبه عليه ماء طاهر بماء نجس ، إما في إناءين أو غديرين ، لم يجز استعمال أحدهما في رفع الحدث ولا إزالة الخبث ، سواء زاد عدد الطاهر أو نقص ، وسواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة ، وينتقل فرضه إلى التيمم عند علمائنا أجمع.

ولا يجوز له التحري ، لقول الصادق عليه‌السلام : يهريقهما جميعا ويتيمم (١). ولأن الصلاة بالماء النجس حرام فالإقدام على ما لا يؤمن معه أن يكون نجسا إقدام على ما لا يؤمن معه فعل الحرام ، فيكون حراما ، ولأنه لو جاز الاجتهاد هنا لجاز بين الماء والبول ، أو المطلق والمضاف ، وفي الميتة والمذكاة ، والمحرم والأجنبية. ولا فرق بين أن يكون هناك أمارة تدل على طهارة أحدهما أو لا.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٩٦٦ ب ٤.

٢٤٨

ولا يشترط في التيمم إلى إراقتهما ، بل قد يحرم عند الحاجة للعطش ، وليس هنا وجدان ماء ، لعدم تمكنه من استعماله شرعا.

ولو انقلب أحدهما ، لم يجز التحري أيضا ، ويقين النجاسة وإن زال عنه ، لكنه لم يزل عما كان قبل الإراقة. ويحتمل وجوب استعمال أحدهما في غسل النجاسة عن الثوب والبدن مع عدم الانتشار ، لأولوية الصلاة مع شك النجاسة عليها مع تعينها (١) ، ومع الانتشار إشكال.

فإن أوجبنا استعمال أحدهما في إزالة النجاسة فهل يجب الاجتهاد أم يستعمل أيهما شاء؟ الأقوى الأول ، فلا يجوز له أخذ أحدهما إلا بعلامة تقتضي ظن طهارة المأخوذ ونجاسة المتروك ، لتعارض أصل الطهارة ويقين النجاسة ، وعرفنا أن ذلك الأصل متروكا إما في هذا أو ذاك ، فيجب النظر في التعيين ، ويحتمل عدمه ، لأن الذي يقصده بالاستعمال غير معلوم النجاسة ، والأصل الطهارة. وإنما منعناه للاشتباه ، وهو مشترك بينهما.

ولو شك في نجاسة الواقع ، بنى على أصل الطهارة ، لاعتضاده بأصالة طهارة الواقع ، وإن زالت جزئيات النجس منه على جزئيات طاهرة.

المطلب الثاني

( في المشتبه بالمغصوب )

الماء المغصوب لا يجوز الطهارة به من الحدث والخبث ، لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه ، وهو قبيح عقلا ، فإن استعمله في رفع الحدث لم يرتفع مع العلم بالغصبية ، سواء جهل الحكم على إشكال ، أو علمه ، للتنافي بين الأمر والنهي مع اتحاد المحل.

فإن أذن له المالك في الاستعمال جاز ، سواء علم بالإذن أو جهل على إشكال ، ينشأ : من إقدامه على طهارة يعتقد بطلانها ولا يصح منه التقرب بها. ومن امتثال الأمر ، ولا اعتبار بالظن الكاذب.

__________________

(١) في « س » مع يقينها.

٢٤٩

ولو أذن لغير الغاصب ، لم يتعد الإذن إليه. وكذا لو أذن مطلقا ، لأن شاهد الحال في الغاصب يعارض عموم الإذن ، فيبقى على أصالة المنع من مال الغير.

ولو أذن بعد الاستعمال ، لو يؤثر في رفع الحدث ، بل يجب عليه الإعادة ، ولا في سقوط المثل أو القيمة عنه.

ولو جهل الغصبية ، ارتفع حدثه ، لامتثال الأمر بالطهارة بما لا يعلم غصبيته ، إذ لا يشترط العلم بانتفاء الغصب.

ولو غصب أرضا فحفر بها بئرا ، فإن قلنا الماء مملوك وهو الأصح ، لم ينتقل إلى الغاصب بالإحياء ، لأنه منهي عنه فلا يثمر الملكية ، وإن قلنا لا يملك صح الوضوء.

ولو ساق إليها الماء المباح ، فإن حصل في ملكه أولا لم يكن مغصوبا ، وكذا إن لم يحصل إن قلنا إن المالك لا يملكه بحصوله في ملكه اتفاقا.

ولو استعمل المغصوب في رفع الخبث ، أثم وارتفع حكم النجاسة عن المحل ، سواء كان ثوبا أو بدنا ، وصحت الصلاة ، لأن إزالة النجاسة ليست عبادة ، ويجب عليه المثل أو القيمة. وغسل الميت إن قلنا إنه عبادة كالوضوء ، وإلا فكغسل الثوب.

ولو اشتبه المباح بالمغصوب ، وجب اجتنابهما جميعا ، إذ هو طريق كل مشتبه بالحرام ، لقبح الإقدام على ما لا يؤمن معه الضرر ، فإن تطهر بهما فالأقوى البطلان ، لأنه منهي عن استعمال كل واحد منهما ، فلا يقع مجزيا عن المأمور به ، وطهارته بماء مملوك لا يكفي ، لأنها لم يقع على وجهها المطلوب شرعا ، ولا يسوغ له الاجتهاد هنا مطلقا.

المطلب الثالث

( في المشتبه بالمضاف )

قد بينا أن المضاف لا يرفع حدثا ولا يطهر خبثا على الأصح ، فإن تطهر‌

٢٥٠

به أو زال نجاسة لم يؤثر حكما ، سواء كان عالما بكونه مضافا أو جاهلا ، وسواء كان عالما بالحكم أو جاهلا به ، لرجوع النهي إلى وصف ملازم ، لا إلى علم أو جهل.

وكما لا يجوز رفع الحدث بالمضاف ، كذا لا يجوز بالمشتبه به. فلو اشتبه إناء المطلق بإناء المضاف لم يتطهر بأحدهما عند بعض علمائنا ، والوجه عندي وجوب استعمالهما معا ، بأن يتطهر بكل واحد منهما طهارة كاملة ، ثم يصلي بالطهارتين معا.

ولو كان المزج لا يسلب الإطلاق ، فإن قلنا بوجوبه وجب ، ويحتمل التخيير ، وإن قلنا بعدمه فكذلك. ولا فرق بين كون المضاف ماء سلب إطلاقه ، أو استخرج من الأجسام. ولا يجوز له التحري هنا ، لإمكان التوصل إلى العلم ، فلا يقتنع بالظن.

ولو انقلب أحدهما ، احتمل وجوب التيمم خاصة ، لعدم تمكنه من طهارة مائية يخرج به عن العهدة. ووجوبه والوضوء بالباقي ، لاحتمال أن يكون مطلقا ، فلا يجوز له التيمم ، وأن يكون مضافا فلا يجوز استعماله وإنما يخلص عن الحرام بالمجموع وهو الأقوى ، وكذا يصلي في الباقي من الثوبين وعاريا مع احتمال الثاني خاصة لو حصل الإبهام في الثوبين.

ولو تعددت الأواني ، وجب استعمال ما زاد على عدد المضاف بواحد. ولا فرق بين أن يصلي عقيب كل طهارة الصلاة الواحدة ، وبين أن يصليها في آخر الطهارات ، وليس له أن يصلي بأحدهما صلاة وبالأخرى أخرى ، ثم بالآخر الأول وبالأول الأخرى مع وجوب الترتيب ، فإن فعل احتاج إلى الأخرى ثالثة.

أما المشتبه بالنجس ، فيحتمل وجوب أن يتطهر بأحدهما ويصلي ، ثم يغسل أعضاءه الملاقية للماء الأول ، ويتطهر بالآخر ثم يعيد الصلاة ، لأنه يخرج عن العهدة بيقين. وعدمه ، لأصالة البراءة ، وليس له هنا أن يجمع بين طهارتين لصلاة واحدة.

٢٥١

ولو اتحد الإناء فاشتبه أنه طاهر أو نجس ، أو أنه مطلق أو مضاف ، فإن احتمل اندراجه تحت متيقن المنع ، لم يجز استعماله إن كان نجسا ، وجاز مع التيمم إن كان مضافا.

ولا يجوز إزالة النجاسة بالمشتبه بالمضاف أيضا ، لجواز أن يكون المستعمل مضافا ، فلا يؤثر شيئا ، بل يجب إزالتها بهما معا ، بأن يغسله بأحدهما ثم يغسله بالآخر ، فإن تعذر غسله بهما ، إما لحاجته إلى الآخر ، أو لانقلابه ، أو لقهره عليه ، وجب غسله بالآخر إن لم ينتشر ، أو استوعبت النجاسة ، وفي الانتشار إشكال ينشأ : من أولوية شك النجاسة في الجميع على تيقنها في البعض وعدمه. وهل يجب الاجتهاد حينئذ؟ الأقرب ذلك. ولو اتحد الإناء ، فكتعذر الآخر.

المطلب الرابع

( في الاجتهاد )

وهو استفراغ الوسع في تحصيل أمارة يغلب معها الظن بطهارة أحد المشتبهين ونجاسة الآخر ، أو بكونه مما يسوغ به الطهارة بخلاف الآخر. ولا يشترط فيه زيادة عدد الطاهر أو المطلق ، وكذا يجتهد في الثياب لو تعذر عليه الصلاة المتعددة.

ومحل الاجتهاد إنما هو الاشتباه المستند إلى الحس واليقين دون الظن ، بل يبنى على يقين الطهارة. فلو أخبره عدل بنجاسة أحد الإناءين على الإبهام أو على اليقين ثم اشتبه عليه ، لم تقبل شهادته.

وهل تقبل من العدلين؟ الأقرب ذلك ، لوجوب رد النجس على البائع ، خلافا للشيخ ويحتمل مع إخبار العدل الواحد بنجاسة إناء بعينه وجوب التحرز عنه إن وجد غيره ، كما تقبل روايته والشهادة في الأمور المتعلقة بالعبادة كالرواية.

ولو لم يوجد غيره ، فالأقوى عدم الرجوع إليه ، لما فيه من تخصيص‌

٢٥٢

عموم الكتاب ، فإن أوجبنا الرجوع إليه وجب الاجتهاد مع الإبهام وإلا فلا. ولا فرق بين أن يستند العدل النجاسة إلى سبب أو يطلق.

ولو أخبر الفاسق بطهارة مائه ، قبل. وكذا لو أخبر بنجاسته على إشكال.

ولو شهد عدلان بنجاسة أحد الإناءين ، وآخران بنجاسة الآخر ، فإن أمكن الجمع وجب اجتنابهما معا ، وإلا ألحق بالمشتبه.

ولو تعذر استعمال أحد الإناءين في إزالة النجاسة ، إما بالانصباب ، أو بتقاطر شي‌ء من الآخر إليه ، لم يجب الاجتهاد في الباقي ، لوجوب الإزالة به على الأول وامتناعه على الثاني ، لأنه حينئذ يستعمل النجس.

وما لا يعلم نجاسته يبنى الأمر فيه على الأصل وهو الطهارة ، كما في الأحداث ، فثياب مدمني الخمر وأوانيهم والقصابين والصبيان الذين لا احتراز لهم ، وطين الشوارع ، وأواني الكفار ، طاهرة عملا بالأصل ، لكن يستحب الاحتراز عنها ، وورد في طين الطريق استحباب إزالته بعد ثلاثة أيام (١). لمشقة الإزالة قبلها ، وعدم انفكاكه من النجاسة غالبا بعدها.

ولو رأى نجاسة في ماء متغير وشك في استناد التغير إليها ، فالوجه البناء على أصل الطهارة. ولو استند ظن النجاسة إلى سبب ، فالأقرب إلحاقه بمعلومها. فلو اشتبه إناء طاهر بماء الغالب في مثله النجاسة كان كما لو اشتبه بمتيقن النجاسة ، فيحتاج إلى الاجتهاد. ولو اشتبه بمتيقن النجاسة فإن أوجبنا استعماله لو انفرد في إزالة متيقن النجاسة ، وجب الاجتهاد ، وإلا فلا.

وللاجتهاد شرائط :

الأول : أن يكون للعلامة فيه مجال في المجتهد فيه ، فيجوز في الثياب‌

__________________

(١) وهو مرسل محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه‌السلام في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شي‌ء بعد المطر ، فإن أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله الحديث وسائل الشيعة ٢ ـ ١٠٩٦.

٢٥٣

والأواني لوجود العلامات ، بخلاف المحرم بنسب أو رضاع إذا اشتبهت بأجنبية أو أجنبيات محصورات فليس له الاجتهاد ، بل يحرم الجميع ، لانتفاء العلامة المميزة.

ولو اشتبه عليه ميتة ومذكاة اجتنبا ، وروي أنه لو وجد لحما ولم يعلم أذكي هو أم ميت : يطرحه على النار فإن انقبض فهو ذكي ، وإن انبسط فهو ميت (١).

فإن ثبت فهل يثبت في المشتبه مع التعدد إشكال ، ينشأ : من الاقتصار على مورد النص ، ووجوب الاحتياط بالاجتناب. ومن جعل ذلك علامة فهنا أولى ، لاتحاد المحل هناك.

وكذا يجتنب لبن المحرمة والمحللة كالبقرة والخنزير مع الاشتباه.

ولو ذبح المشرف على الموت ، واشتبه هل حركته عند الذبح حركة المذبوح أو مستقر الحياة؟ احتمل وجوب الاجتناب ، وجواز التناول ، لأصالة بقاء الحياة.

الثاني : أن يعجز عن الوصول إلى اليقين ، فلو كان معه إناء ثالث متيقن الطهارة ، لم يجز الاجتهاد ، بل وجب الإعراض عن المشتبه واستعمال المتيقن. وكذا لو كان أحد نصفي الكر نجسا والآخر طاهرا ، وقلنا بطهارته لو مزجا ، وجب المزج ولم يجز الاجتهاد. وكذا لو اشتبه المضاف بالمطلق واحتاج إلى أحدهما ، ولو مزجا بقي الإطلاق ، وجب ولم يجز الاجتهاد.

ولا يشترط تأيد الاجتهاد باستصحاب الحال ، فلو اشتبه البول بالماء ، أو ماء الورد بالمطلق ، مع تعذر استعمالهما معا ، جاز الاجتهاد وإن انتفت أصالة طهارة أحدهما وإطلاقه.

الثالث : أن تظهر علامة النجاسة ، فلو علم أن سبب النجاسة ولوغ الكلب ، ثم رأى نقصان أحد الإناءين ، أو حركته ، أو ابتلال طرف الإناء ، أو قرب أثر قدم الكلب من أحدهما ، حصل ظن اختصاصه بالولوغ.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٦ ـ ٣٧٠ ح ١ ب ٣٧.

٢٥٤

ولو انتفت الأمارة ، فلا اجتهاد ، بل يستعمل أحدهما في إزالة متيقن النجاسة ويتيمم للصلاة ، ولا قضاء عليه ، سواء صبهما أو لا. ولا يجب الصب.

وعلى قول الشيخ بوجوبه هل هو لكونه واجدا للماء أو للأمر؟ احتمال ، فعلى الأول لا يصح التيمم قبله ، فإن تيمم وصلى احتمل القضاء ، لأنه تيمم مع وجود ماء طاهر ، ومع الصب سقط ذلك ، بخلاف ما لو صب الماء عبثا إن قلنا بالقضاء فيه ، لأن الصب في الأول يعذر فيه لدفع (١) القضاء.

وهل يجتهد الأعمى؟ يحتمل ذلك ، لأنه يعرف باللمس اعوجاج الإناء واضطراب الغطاء. وعدمه كالقبلة. فهل يقلد؟ احتمال.

وإذا غلب على ظنه طهارة أحد الإناءين استعمله ، ولا يستحب إراقة الآخر ، فإذا غسل ثوبه بأحدهما ثم تغيره اجتهاده ، احتمل وجوب إعادة الغسل عملا بالظن الطاري ، وعدمه لحصول العارض بالأول ، وهو الانتقال من نجاسة متيقنة إلى مشكوك فيها.

أما لو صلى في أحد الثوبين الظهر باجتهاد ثم تغير ، صلى في الآخر العصر ، إذا لم يتمكن من النزع وتعدد الصلاة. وكذا لو احتاج إلى ماء أحد الإناءين المشتبه بالمضاف ، وأوجبنا استعمال أحدهما وتغير الاجتهاد ، وجب الوضوء والتيمم من الثاني مع تجدد الاستغناء.

ولا تجوز الصلاة في المشتبه مع وجود متيقن الطهارة ، ولا في متيقن النجاسة مع وجود المشتبه. وكذا حكم الماء.

ولو اجتهد أحد الشخصين في طهارة أحد الثوبين ، والآخر في الآخر ، أو في كون أحد الإناءين مضافا والآخر مطلقا ، ففي جواز ايتمام أحدهما بالآخر إشكال ، ينشأ : من صحة صلاة كل منهما في نظره. ومن كون المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام في صورة المضاف. أما الثوب فلا ، إلا إذا أبطلنا صلاة المأموم لو علم نجاسة ثوب إمامه دون الإمام.

__________________

(١) في « س » يرفع.

٢٥٥

ولو خاف العطش أمسك أي الإناءين شاء ، لاستوائهما في المنع ، لأنه يجوز له إمساك النجس فالمشتبه به أولى. وله أن يشرب أيهما شاء. وهل يلزمه الاجتهاد؟ إشكال ، أقربه ذلك. ولو لم يكونا مشتبهين ، شرب الطاهر وتيمم.

ولو علم بالنجاسة بعد الطهارة وشك في سبقها عليها ، فالأصل الصحة. ولو علم سبقها وشك في بلوغ الكرية ، فالأصل عدم البلوغ.

وينجس القليل بموت ذي النفس السائلة لما يأتي من نجاسة الميتة ، وإن كان من حيوان الماء كالتمساح ، دون ما لا نفس له فيه.

ولو خرج صيدا فمات في ماء قليل واشتبه استناد موته إلى الجرح أو الماء ، احتمل العمل بالأصلين ، من طهارة الماء وتحريم الأكل ، والحكم بنجاسة الماء عملا بالاحتياط ، لاستحالة اجتماع الحكمين المتنافيين ، والعمل بالأصلين إنما يصح لو أمكن ، وليس بممكن هنا ، فإنه كما يستحيل اجتماع الشي‌ء مع نقيضه ، كذا يستحيل اجتماع الشي‌ء مع نقيض لازمه ، وموت الحيوان تستلزم نجاسة الماء ، فلا يجامع الحكم بطهارته ، كما لا يجامع تذكيته.

ويكره التداوي بالمياه الحارة التي تشم منها رائحة الكبريت ، وما مات فيه الوزغ والعقرب أو خرجتا منه للرواية (١).

__________________

(١) وهي ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاستشفاء بالحمات وهي : العيون الحارة التي تكون في الجبال التي توجد منها رائحة الكبريت ، فإنها من فوح جهنم. وسائل الشيعة ١ ـ ١٦٠.

٢٥٦

الفصل التاسع

( في تطهير المياه النجسة )

ـ وفيه مطالب :

المطلب الأول

( في تطهير القليل )

القليل إذا تنجس بوقوع النجاسة فيه لم يطهر ، إلا بإلقاء كر عليه دفعة ، ولا يطهر بإتمامه كرا على الأصح ، لأن القاصر عن الكر ينفعل بالنجاسة. فلا يدفعها عن غيره ، ولأنه بملاقاته للقليل ينجس ، إذ لا فرق في نجاسته بين ملاقاته للنجاسة أو للنجس ، ولأن يقين النجاسة حاصل قبل البلوغ ، فلا يؤثر في العمل به الشك عنده. ولا فرق بين ورود الكر عليه أو وروده على الكر.

ولو نبع من تحته ، فإن كان على التدريج لم يطهره ، وإلا تطهر (١) ، وعند السيد المرتضى رحمه‌الله يطهر بالإتمام. فلو جمع نصفا كر نجسان طهرا ، وحينئذ لا يشترط خلوه من نجاسة عينية ، بل خلوه من التغيير.

وإنما يطهر الماء المطلق فلو كوثر القليل بماء ورد لم يطهر ، وكذا بماء الورد وإن قل وبقي الإطلاق. أما لو تمم المطلق كرا بماء ورد ، ثم وقعت فيه نجاسة ، لم يؤثر إن بقي الإطلاق.

__________________

(١) في « س » طهر.

٢٥٧

وإن نجس بالتغير ، لم يكف إلقاء الكر عليه ما لم يزل التغير ، فإن بقي التغير وجب كر آخر لا دونه ، وإن أزال التغير ، خلافا للمرتضى.

ولو غمس كوز فيه ماء نجس في ماء طاهر ، فإن كان قليلا نجس ولم يطهر الكوز ، وإن كان كثيرا طهر إذا دخل الماء فيه ، سواء كان الإناء ضيق الرأس إن قلنا يكفي الاتصال ، أو واسعه ، من غير مضي زمان ما لم يكن متغيرا. ويشترط مضي ما يظن فيه زواله.

المطلب الثاني

( في تطهير الكثير )

أما الجاري إذا تغير بالنجاسة ، لم يطهر إلا بزواله ، بتدافعه أو تكاثر الماء عليه ، حتى يزول التغير. وأما الواقف فإنما يطهر بزوال التغير بإلقاء كر عليه ، فإن زال وإلا وجب إلقاء كر آخر ، وهكذا إلى أن يزول تغيره ، ولا يكفي زوال تغيره بما دون الكر كالقليل.

ولا يطهر بزوال التغير من نفسه على إشكال ، لاختصاص التطهير بالمياه غالبا. ويحتمل الطهارة ، لزوال مقتضي النجاسة. ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه غير الماء ، سواء كانت مزيلة أو ساترة ، فإن زال بذلك وجب إلقاء كر ليطهر ، لأنه ماء نجس فلا يطهر غيره ، وإن قصر الكر عن الإزالة لو بقي التغير.

ولو تغير بعض الكثير ، طهر بزوال التغير بتموجه إن كان الباقي كرا فصاعدا ، لأنه كالإلقاء. وكذا يطهر لو زال التغير من قبل نفسه ، أو بوقوع أجسام مزيلة للتغير ، سواء كانت نجسة أو طاهرة. أما لو كانت ساترة ، كالمسك في متغير الرائحة ، والعسل في متغير الطعم ، والزعفران في متغير اللون إلى ما يوافق صفاته ، فالأقوى عدم الطهارة.

وأما المضاف إذا تنجس ، فإنه إنما يطهر بإلقاء كر عليه دفعة ، سواء كان قليلا أو كثيرا ، وسواء تغير المطلق بصفاته أو لا ، ما لم يسلبه الإطلاق ،

٢٥٨

فيخرج عن كونه طهورا ، وهل يخرج عن كونه طاهرا؟ إشكال. وأما (١) التغير بالنجاسة ، فيخرج عن الطهارة.

المطلب الثالث

( في تطهير ماء البئر )

قد بينا أن الأقوى أنها لا تنجس إلا بالتغير ، فإذا حصل لم تطهر إلا بالنزح. وهل يشترط نزح الجميع؟ أم يكفي المزيل للتغير؟ الأقوى الثاني ، لزوال المقتضي للنجاسة ، ولقول الصادق عليه‌السلام : فإن غلبت الريح نزحت حتى تطيب (٢).

وهل يطهر لو زال التغير باتصال نهر أو ساقية بها؟ الأقرب ذلك ، وكذا لو زال بإلقاء الكر على إشكال.

والقائلون بالنجاسة بمجرد الملاقاة أوجبوا نزح الجميع بوقوع المسكر ، أو الفقاع ، أو المني ، أو دم الحيض ، أو الاستحاضة ، أو النفاس ، أو موت بعير ، فإن تعذر تراوح عليها أربع رجال يوم ، كل اثنين دفعة.

وينزح كر لموت الدابة ، أو الحمار ، أو البقرة ، وسبعين دلوا لموت الإنسان. وخمسين للعذرة الرطبة ، والدم الكثير كذبح الشاة ، غير الدماء الثلاثة. وأربعين لموت الثعلب ، أو الأرنب ، أو الخنزير ، أو السنور ، أو الكلب ، أو لبول الرجل. وثلاثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب. وعشرة للعذرة اليابسة ، والدم القليل كذبح الطير ، والرعاف القليل. وسبع لموت الطير ، كالحمامة والنعامة وما بينهما ، وللفأرة مع التفسخ أو الانتفاخ ، ولبول الصبي ، واغتسال الجنب ، ولخروج الكلب منها حيا ، وخمسة لذرق جلال الدجاج ، وثلاث للفأرة والحية ، ويستحب للوزغة والعقرب‌

__________________

(١) في « س » أو يمكن التغير.

(٢) وسائل الشيعة ١ ـ ١٢٦ ـ ١٢٧.

٢٥٩

للطلب. ودلو للعصفور وشبهه ، وبول الصبي قبل اغتذائه بالطعام ، للروايات (١) ، وقول أكثر الأصحاب.

وعندي أن ذلك كله مستحب.

فروع :

الأول : لو وقع فيها نجاسة لم يرد فيها نص ، قيل : ينزح الجميع ، لأنه ماء محكوم بنجاسته ، فلا يطهر إلا بزواله. وقيل : ينزح أربعين لرواية كردويه.

الثاني : جزء الحيوان مساو له في الحكم عملا بالاحتياط ، ولا يقتضي الحكمة الأكثر. ولا فرق بين الصغير والكبير والذكر والأنثى. ولا بين كون الإنسان مسلما أو كافرا. أما لو وقع الكافر حيا وأوجبنا نزح الجميع بما لم يرد فيه نص ، وجب الجميع. ولو وقع ميتا وجب السبعون ، لأن نجاسة الكفر قد زالت بزواله.

الثالث : الحوالة في الدلو على المعتاد ، لعدم التقدير الشرعي به. فلو اتخذ آلة تسع العدد ، فالأقرب الاكتفاء ، إذ الاعتبار بالقدر المخرج.

الرابع : لو تغير البئر بالجيفة ، حكم بالنجاسة حين الوجدان ، لأصالة الطهارة المعتضدة بأصالة عدم سبق الوقوع.

الخامس : لا تجب النية في النزح ، فيجوز أن يتولاه الصبي والكافر مع عدم المباشرة ، لأنه إزالة نجاسة.

السادس : لو تعددت النجاسات (٢) المتساقطة في البئر ، تداخل النزح مع اختلاف النجاسة. وعدمه ، لصدق الامتثال مع التداخل.

السابع : إنما يجزي العدد بعد إخراج النجاسة أو استحالتها [ إلا العذرة‌

__________________

(١) راجع وسائل الشيعة : ١ ـ ١٣١ ـ ١٤٣.

(٢) في « س » النجاسة.

٢٦٠