نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

وهو الأقل أو الغالب ، لأن الظاهر دوام الاستحاضة. ثم إن انقطع على العشرة ، ظهر أنها غير مستحاضة وأن الجميع حيض ، فتقضي ما تركته من الصوم في الرد وما صامته فيما جاوزه أيضا ، لظهور الحيض فيه ، فظهر بطلان غسلها عقيب انقضاء الرد ، ولا إثم في الصلاة والصوم والوقاع فيما تجاوز الرد ، للعذر بناء للأمر على الظاهر.

ولا تحتاط هذه كالمتحيرة ، لأنا قد جعلنا لها مردا في الحيض ، فلا عبرة بما بعده كالمعتادة والمميزة. ويحتمل الاحتياط إلى تمام العشرة ، لأن احتمال الحيض والطهر والانقطاع قائم هنا ، وإنما تحتاط المتحيرة لقيام هذه الاحتمالات فكذا هنا ، ولا يحل وطؤها إلى تمام العشرة.

ولا تقضي في هذه المدة فوائت الصوم والصلاة والطواف ، لاحتمال الحيض. ويلزمها الصوم والصلاة لاحتمال الطهر ، وتغتسل لكل صلاة لاحتمال الانقطاع ، وتقضي صوم العشرة أو الأحد عشر ، أما في الرد فلعدم صومها فيه ، وأما فيما بعده فلاحتمال الحيض.

وإن قلنا بعدم الاحتياط ، صامت وصلت ولا تقضي شيئا ، ويجامعها زوجها ولا غسل عليها ، وتقضي الفوائت ، ولا تقضي الصلوات المأتي بها بين الرد والعاشر ، لأنها إن كانت طاهرا فقد صلت ، وإن كانت حائضا فليس عليها قضاء الصلاة.

القسم الثالث

( ذات عادة مضبوطة وتمييز )

فإن توافق مقتضاهما تحيضت بما دلا عليه ، لاعتضاد كل من الدلالتين بصاحبتها ، كما لو كانت تحيض خمسة من أول كل شهر وتطهر الباقي ، فاستحيضت ورأت خمستها سوادا وباقي الشهر حمرة ، فحيضها تلك الخمسة إجماعا.

وإن اختلفا ، فإن تخلل بينهما أقل الطهر ، كما إذا رأت عشرين فصاعدا‌

١٤١

دما ضعيفا ثم خمسة قويا ثم ضعيفا ، وعادتها الخمسة الأولى ، فقدر العادة حيض بحكم العادة ، والقوي حيض آخر بحكم التمييز ، وقد تخلل زمان الطهر بينهما.

وإن قلنا بتقديم العادة خاصة ، فالخمسة [ الأولى حيض والباقي استحاضة ، وإن قلنا بتقديم التمييز خاصة ، فالخمسة ] (١) السواد حيض والباقي استحاضة.

وإن لم يتخلل بينهما قدر الطهر ، كما لو كانت تحيض خمسة أول الشهر ، فرأت في دور عشرة سواد ثم حمرة واستحيضت ، فالأقوى الرد إلى العادة ، فترد إلى الخمسة القديمة ، لقوله عليه‌السلام : فلتنظر إلى عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن (٢). ولم يفصل. ولأن العادة قد ثبتت واستقرت ، وصفة الدم في معرض البطلان ، ولهذا لو زاد القوي على عشرة بطلت دلالة قوته.

وقيل : ترد إلى التمييز ، لقوله عليه‌السلام : دم الحيض أسود (٣).

يعطي ظاهره أن عشرة حيضا.

القسم الرابع

( ذات عادة مضبوطة ولا تمييز لها )

فإنها ترجع إلى عادتها إذا استحيضت بلا خلاف ، وتثبت العادة بتوالي شهرين ترى فيهما الدم أياما سواء من غير زيادة ولا نقصان ، لأن العادة مأخوذة من العود ، ولقوله عليه‌السلام : فإذا اتفق شهران عدة أيام فتلك أيامها (٤). فلا تكفي المرة وإن كانت مبتدئة ، ولا يشترط الثلاث.

__________________

(١) الزيادة من « ر ».

(٢) جامع الأصول ٨ ـ ٢٢٧.

(٣) جامع الأصول ٨ ـ ٢٢٩.

(٤) جامع الأصول ٨ ـ ٢٣٦ ، وسائل الشيعة ٢ ـ ٥٤٥ ح ١.

١٤٢

وإذا عرفت المرأة شهرها صارت ذات عادة إجماعا ، والمراد بشهرها المدة التي لها فيها حيض وطهر ، وأقله عندنا ثلاثة عشر يوما.

ولو عرفت أيام حيضها دون أيام طهرها أو بالعكس ، فليست معتادة ، لكنها إذا جهلت شهرها ، رددناها إلى الغالب ، فحيضناها في كل شهر حيضة.

ولا يشترط في استقرار العادة استقرار عادة الطهر ، لقوله عليه‌السلام : تدع الصلاة أيام أقرائها (١). فلو رأت في شهر خمسة ، ثم رأت طهرا بقية الشهر ، ثم رأت في الآخر مرتين بعدد تلك الأيام بينهما عشرون ، وفي الثالث بالعدد بينهما أقل ، استقرت العادة. وقد تتقدم العادة وتتأخر ، فالعدد الحيض.

ولا يشترط تكثر الأشهر (٢) ، فلو رأت خمسة في شهر ثم فيه خمسة أخرى ، صار ذلك عادة في الشهر الثاني ، إذا استمر تحيضت فيه بالخمسة على إشكال.

ولو رأت خمسة في أول الشهر ، ثم خمسة وخمسين طهرا ، ثم خمسة في أول الثالث ، ثم خمسة وخمسين طهرا ، استقرت عادتها بخمسة حيضا وبخمسة وخمسين طهرا.

فروع :

الأول : لو اتفق العدد والوقت في المرة الثانية مع الأولى صار عادة ، أما العدد فظاهر ، وأما الوقت فلقول الصادق عليه‌السلام : فهذه سنة التي تعرف أيام أقرائها لا وقت لها إلا أيامها قلت أو كثرت (٣).

الثاني : لو اتفق العدد دون الوقت ، بأن رأت الخمسة الأولى ، ثم في الثاني الثانية ، ثم في الثالث الثالثة وهكذا ، استقرت العادة دون الوقت.

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٢٣٤.

(٢) في « ق » الشهر.

(٣) وسائل الشيعة ٢ ـ ٥٤٨.

١٤٣

ولو اتفق الوقت دون العدد ، استقرت في الوقت خاصة وعملت على أقله للاحتياط.

الثالث : لو رأت المبتدئة في الأول عشرة وفي الثاني خمسة ، صارت الخمسة عادة لتكررها ، وكذا لو انعكس ، ويحتمل عدم العادة فيهما ، لأنه لم يوجد لها أيام سواء.

الرابع : ليس من شرط العادة التي ترد إليها المستحاضة أن تكون عادة طهر وحيض صحيحي بالاستحاضة ، بل قد تكون كذلك وقد تكون بالتمييز وهي مستحاضة ، كما لو رأت المبتدئة خمسة سوادا ، ثم خمسة وعشرين هكذا مرارا ، ثم استمر السواد أو الحمرة في بعض الشهور ، فقد عرفت بما سبق من التمييز أن حيضها خمسة من أول كل شهر ، وصار ذلك عادة ، فترد هنا إليها ، ويحكم بالاستحاضة في الباقي.

ولو رأت في بعض الأدوار عشرة سوادا وباقي الشهر حمرة ، ثم استمر السواد في الدور الذي بعده ، فالأقرب تحيضها بالعشرة في ذلك الدور ، اعتمادا على صفة الدم ، مع احتمال ردها إلى الخمسة.

وعلى الأول هل ترد في الدور المستمر إلى الخمسة أو العشرة؟ إشكال ، أقربه الأول اعتبارا بالعادة. ويحتمل الثاني ، لأنها عادة تمييزية فنسخها مرة واحدة.

ولو كانت ترى الدم خمسة سوادا في أول الشهر وباقية حمرة ، فرأت في شهر الخمسة الأولى حمرة ، والخمسة الثانية سوادا ، ثم عادت الحمرة ، فعلى الأول تتحيض بخمسة الحمرة ، استنادا إلى العادة المستفادة من التمييز ، وعلى الثاني بالثانية بناء على التمييز.

الخامس : قد عرفت أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض ، وفي‌

١٤٤

أيام الطهر طهر للخبر (١). والصفرة شي‌ء كالصديد يعلوه اصفرار ، والكدرة شي‌ء كدر ، وليستا على ألوان الدماء.

ولا خلاف في كونهما حيضا في أيام العادة ، لأن الوقوع في أيام العادة يقتضي غلبة الظن بكون الأذى الموجود منه هو الحيض المعهود ، وأما فيما وراءها إذا انقطع على الأكثر ، فإنه بحكم الحيض أيضا ، لقوله تعالى ( قُلْ هُوَ أَذىً ) (٢) والصفرة والكدرة أذى ، ولأنها أيام الحيض ، سواء سبق دم قوي من سواد أو حمرة أو لا.

أما المبتدئة : فإذا رأتهما ثم انقطع على العشرة فما دون إلى الثلاثة ، فالأقوى أنه كذلك ، لأنها أيام الحيض لو كان أسود ، فإن الظاهر أن المراد بأيام الحيض زمان إمكانه.

السادس : العادة قد تكون متفقة ، كما إذا كانت عادتها خمسة في كل شهر ، فإذا تجاوز العشرة ردت إلى الخمسة. وقد تكون مختلفة : إما مرتبة أو لا ، فالأول كما لو رأت في الأول ثلاثة ، وفي الثاني أربعة ، وفي الثالث خمسة ، ثم عادت إلى ثلاثة ثم أربعة ثم خمسة وهكذا ، فإذا تجاوز العشرة في شهر تحيضت بنوبته ، ثم على تاليه على العادة.

فإن نسيت نوبته ، فالوجه جلوسها أقل الحيض ، لأنه المتيقن ، ثم تعمل ما تعمله المستحاضة باقي الشك ، وتغتسل عند كل صلاة ، لاحتمال الانقطاع عندها إلى آخر الشك ، ثم تعمل ما تعمله المستحاضة باقي الشهر.

ولو تيقنت الزيادة على الثلاثة ، جلست أربعة ، لحصول الشك في الخامس ، ثم تجلس في الأخيرين ثلاثة ثلاثة ، لاحتمال أن يكون ما حيضناها بالأربعة فيه شهر الخمسة والتالي له شهر ثلاثة ، وأن يكون شهر الأربعة (٣)

__________________

(١) وهو صحيح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها ، فقال : لا تصلي حتى تنقضي أيامها ، وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت. وسائل الشيعة ٢ ـ ٥٤٠ ح ١ و ٩.

(٢) سورة البقرة : ٢٢٢.

(٣) في « س » فالتالي شهر الثالثة لهما في الرابع إلخ.

١٤٥

والتالي لتالية شهر الثلاثة ، أما في الرابع فتتحيض بأربعة ثم يعود إلى الثلاثة ، وهكذا إلى وقت الذكر ، وتتحيض في زمان ثلاثة وتقضي خمسة. والثاني كما إذا رأت في الأول ثلاثة وفي الثاني خمسة وفي الثالث أربعة ، فإن أمكن ضبطه واعتاد فهو كالمتقين ، وإلا جلست الأقل.

القسم الخامس

( أن تكون ذات عادة منسية ولها تمييز )

فإنها ترجع إلى التمييز ، لتعذر الرجوع إلى العادة ، فتأخذ بدلالة التمييز. كيف؟ وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى التمييز مع إمكان الرجوع إلى العادة ، وفي هذه الحالة لا تحير ولا إشكال ، كما في المبتدئة ذات التمييز.

القسم السادس

( ذات عادة منسية لا تمييز لها )

وأقسامها ثلاثة :

الأول

( أن تكون ناسية العدد ووقته معا )

وتسمى « متحيرة » لتحيرها في أمرها ومحيرة ، لأنها تحير الفقيه في شأنها ، والأقرب أنها كالمبتدأة ، لأن العادة المنسية لا يمكن الرد إليها ، لعدم إمكان استفادة الحكم منها ، كما أن التمييز إذا فات بعض شرائطه صار كالعدم ، وتشبهها بالمبتدئة في عدد الأيام خاصة لا في الرجوع إلى النساء.

وللشيخ قول : إنها مأمورة بالاحتياط ، فتفعل من أول الشهر إلى آخره ما تفعله المستحاضة ، وتغتسل بعد الثالث لكل صلاة يحتمل انقطاع الدم عندها ، وتصلي وتصوم شهر رمضان ، إذ ما من زمان بعد الثلاثة إلا ويحتمل الحيض والطهر والانقطاع ، فإن ردت إلى المبتدئة تحيضت بستة أو سبعة ، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر وبالأقل على ما تقدم.

١٤٦

وإن قلنا بالاحتياط ردت إليه في أمور سبعة :

الأول : أن لا يجامعها زوجها أصلا ولا مالكها ، لاحتمال كل زمان أن تكون حيضا ، فإن فعل عصى ، ولا كفارة وأن أوجبناها في الحائض ، لعدم العلم به وأصالة البراءة ، وعليها الغسل من الجنابة ، فإن استوعب الشهر الوطي ، فعله ثلاث كفارات إن اتحد الزمان ، وإلا فكفارتان.

الثاني : لا تلبث في المساجد.

الثالث : لا تقرأ العزائم لا في صلاة نافلة ولا غيرها.

الرابع : تجب عليها الصلوات المفروضات ، إذ كل وقت يفرد بالنظر يجوز كونها طاهرا فيه ، فتأخذ بالاحتياط ، والأقرب أن لها التنقل ، كالمتيمم يتنفل مع بقاء حدثه ، ولأن النوافل من مهمات الدين ، فلا تمنع عنها سواء الرواتب وغيرها. وكذا الصوم المندوب والطواف.

ثم يلزمها الاغتسال لكل فريضة ، لاحتمال الانقطاع قبلها. ويجب أن توقع الغسل في الوقت ، لأنها طاهرة ضرورية فأشبهت التيمم. ولو أوقعته قبل الوقت (١) ، فإن انطبق أول الصلاة (٢) على أول الوقت وآخر الغسل جاز ، والأقرب وجوب المبادرة إلى الصلاة عقيب الغسل الذي تفعله لأجل الاستحاضة ، كما في وضوئها ، لا عقيب الغسل الذي تفعله ، لاحتمال الانقطاع ، بل تبادر عقيب الوضوء.

وإنما أوجبنا البدار إلى الصلاة عقيب الوضوء تقليلا للحدث ، والغسل إنما يؤمر به لاحتمال الانقطاع. ولا يمكن تكرر الانقطاع بين الغسل والصلاة. ولو بادرت أيضا ، فمن المحتمل أن يقع غسلها في الحيض وانقطع بعده ، فلا مدفع لهذا الاحتمال.

ويمكن الفرق بأن أصل الاحتمال وإن لم يمكن دفعه ، لكن الاحتمال في الزمان الطويل أظهر منه في القصير ، ومع المبادرة يقل الاحتمال ، وحينئذ لو‌

__________________

(١) كذا في « ر » و « س » وفي « ق » أول الوقت.

(٢) في « س » الوضوء.

١٤٧

أخرت لزمها لتلك الصلاة وضوء آخر ، لأن المستحاضة لا تؤخر الصلاة عن الطهارة.

الخامس : يلزمها صوم شهر رمضان بأجمعه ، لاحتمال أن يكون طاهرا فيه أجمع ، ثم لا يجزيها ذلك بل يجزيها عشرة ، لاحتمال أن تحيض في أول الشهر عشرة وتطهر عشرة ، ثم تحيض باقي الشهر فإن الغالب أنه لا بد وأن يكون لها في الشهر طهر صحيح ، وغاية امتداد الحيض ما قلناه ، فيقع صوم عشرة في الطهر.

ويحتمل أنه لا يجزيها إلا تسعة ، لاحتمال ابتداء الحيض في انتهاء نهار ، ويمتد عشرة فينقطع في أثنائها (١) ، فتبسط العشرة على أحد عشر ويفسد صومها.

ولو عرفت أن انقطاع دمها ليلا صحت ، أما قضاء الصلاة التي فعلتها فلا يجب للحرج ، بخلاف الصوم. ولأنها إن كانت طاهرا وقت الصلاة المؤداة أجزأها ما فعلت وإلا فلا صلاة عليها. ويحتمل وجوب القضاء ، لجواز انقطاع الحيض في أثناء الصلاة.

فإذا سلكنا طريق الاحتياط وجب سلوكه في جميع جهات الاحتمال ، فإذا اغتسلت في أول الصبح وصلت ، اغتسلت بعد طلوع الشمس مرة أخرى وتعيد ، لاحتمال وقوع الأولى في الحيض وانقطع بعده ، فيلزمها الصبح. وبالمرتين تخرج عن العهدة يقينا ، لأنها إن كانت طاهرا في الأولى ، فهي صحيحة ، وإلا فإن انقطع في الوقت أجزأتها الثانية ، وإن لم ينقطع فلا شي‌ء عليها.

ولا يشترط البدار إلى المرة الثانية بعد خروج الوقت ، بل متى قضتها قبل انقضاء العشرة من أول وقت الصبح خرجت عن العهدة ، ولأن الانقطاع إن كان في الوقت لم يعد إلى عشرة.

__________________

(١) في « س » في أثناء نهار.

١٤٨

ولا يشترط تأخير جميع الصلاة في المرة الثانية عن الوقت ، بل لو وقع في آخر الوقت جاز ، بشرط أن يكون دون ركعة ، لأن الانقطاع إن كان قبل الثانية ، فقد اغتسلت وصلت والانقطاع لا يتكرر. وإن كان في أثنائها ، فلا شي‌ء عليها في الفرض المذكور.

وينبغي أن يعتبر زمان الغسل أيضا ، فإن المرة الثانية يتقدمها الغسل ، فإذا وقع بعضها في الوقت والغسل سابق ، جاز وقوع الانقطاع في أثناء الغسل ، ويكون الباقي من وقت الصلاة من حينئذ قدر ركعة ، فيجب أن تنظر إلى زمان الغسل ، سواء الجزء الأول منه وإلى الجزء الواقع فيه الصلاة من الوقت. فإن كان دون ما يلزم به الصلاة جاز ، وإلا فلا ، ولا يقصر النظر على جزء الصلاة خاصة ، هذا في الصبح.

وكذا في العصر والعشاء. أما الظهر والمغرب ، فلا يكفي وقوعهما في المرة الثانية في أول وقت العصر وأول وقت العشاء ، لأنها لو أدركت قدر خمس لزمها الظهران والعشاءان ، ومن الجائز انقطاع حيضها في الوقت المفروض ، فتجب إعادة الظهر في الوقت الذي تجوز إعادة العصر فيه ، وذلك بعد وقت العصر ، وإعادة المغرب في الوقت الذي تجوز إعادة العشاء فيه وذلك بعد وقت العشاء. ثم إذا (١) عادت الظهرين بعد المغرب ، فإن قدمتها على أداء المغرب ، فعليها أن تغتسل للظهر وتتوضأ للعصر وتغتسل للمغرب.

وإنما يكفي لهما غسل واحد ، لأن دمها إن انقطع قبل المغرب فقد اغتسلت بعده ، وإن انقطع بعده فليس عليها ظهر ولا عصر. وإنما وجب إعادة الغسل للمغرب ، لاحتمال الانقطاع في خلال الظهر أو العصر أو عقيبهما ، وكذا إذا قضت المغرب والعشاء قبل أداء الصبح بعد الفجر ، فتكون قد صلت الفرائض الخمس بثمانية أغسال ووضوءين إن قلنا بالجمع في الوضوء وإلا فبعشر.

ولو أخرت الظهرين عند أداء المغرب ، كفاها غسل المغرب ، لأن الانقطاع إن كان قبل المغرب ، فلا يعود إلى آخر مدة الظهر. وإن كان بعده لم‌

__________________

(١) في « ق » إن.

١٤٩

يكن عليها ظهر ولا عصر ، لكن تتوضأ لكل منهما كالمستحاضة. وكذا المغرب والعشاء لو أخرتهما عن أداء الصبح ، وحينئذ تكون قد أدت الخمس مرتين بستة أغسال.

وإذا أخرت القضاء ، خرجت عن عهدة الفرائض الخمس. وإن قدمته على المغرب والصبح خرجت عن عهدة ما سواهما ، وأما هما فلا ، لأنها إذا أخرت الصلاة عن أول الوقت حتى مضى ما يسع الغسل وتلك الصلاة ، لم يكف فعلها مرة أخرى في آخر الوقت أو بعده على ما صورناه ، لجواز أن تكون طاهرا في أول الوقت ثم يطرأ الحيض ، فتلزمها الصلاة ، فتكون المرتان قد وقعتا في الحيض.

بل تحتاج إلى فعلهما مرتين آخرتين بغسلين ، بشرط أن تكون إحداهما بعد انقضاء وقت الرفاهية والضرورة ، وقبل تمام العشرة من افتتاح الصلاة المرة الأولى والثانية في أول الحادي عشر من آخر الصلاة المرة الأولى ، فتخرج عن العهدة بيقين ، لأن العشرة المتخللة إن كانت كلها طهرا صحت الثانية ، وإن كانت حيضا صحت الأولى أو الثانية ، أو يكون آخرها طهرا فيكون شي‌ء (١) مما بعدها طهرا أيضا ، فإن انتهى إلى آخر المرة الثالثة فهي واقعة في الطهر ، وإلا فالثانية واقعة فيه ، أو يكون أولها طهرا ، فيكون شي‌ء مما قبلها طهرا أيضا.

فإن كان افتتاحه قبل المرة الأولى ، فهي في الطهر. وإن كان في أثناء الأولى كانت الثانية في الطهر ، وبعد هذا كله لو اقتصرت على أداء الصلوات في أوائل أوقاتها ولم تقض شيئا حتى تمضي عشرة أيام ، فلا يجب عليها لكل عشرة إلا قضاء صلوات يوم كامل ، لأن القضاء إنما يجب لاحتمال الانقطاع ، ولا يتصور الانقطاع في العشرة إلا مرة. ويجوز أن يجب به تدارك صلاتي جمع ، وهما الظهران أو العشاءان.

فإذا أشكل الحال أوجبنا قضاء صلوات ثلاثة أيام عن الشهر (٢) ، لأن‌

__________________

(١) في « س » شيئا.

(٢) في « س » لكن.

١٥٠

احتمال الانقطاع لا يتطرق إلى الثلاثة الأولى ، لأنها ابتداء الحيض فرضا ، وإنما يتطرق فيما عداها. فإن أوجبنا في المنسي تعيينها الخمس فكذا هنا ، وإلا وجب أربع صلوات عن كل عشرة أيام.

ولو كانت تصلي في أوساط (١) الأوقات ، لزمها أن تقضي لعشرين صلاة صلوات يومين وليلتين ، لجواز أن يطرأ الحيض في وسط صلاة فتبطل ، وينقطع في وسط أخرى فتجب. ويجوز أن يكونا مثلين.

ومن فاتته صلاتان متماثلتان ولم تعرف عينهما ، وجب عليه صلاة يومين وليلتين ، بخلاف ما إذا كانت تصلي في أول الوقت ، فإنه لو فرض ابتداء الحيض في أثناء الصلاة لما وجبت ، لأنها لم تدرك في الوقت ما يسع لها ، بخلاف المنسي تعيينها ، حيث اكتفى في المتماثلين منها بست. بل تجب العشرة ، لأن الابتداء إن كان بعد مضي وقت ركعتي صبح الأول (٢) ، فالانتهاء بعد انقضاء مثله من الرابع ، فيجب الفرضان ، وكذا باقي الصلوات ، ولا يجب ما بينهما.

السادس : إذا أرادت قضاء صوم يوم ، فعلى اختيار الأصحاب تصوم يومين : إحداهما أي يوم شاءت ، والثاني الحادي عشر من ذلك اليوم. وعلى ما اخترناه تضيف إليهما الثاني والثاني عشر ، لأنها إما طاهر في اليوم الأول فيحصل الغرض به ، وإما حائض فإما أن تكون حائضا في جميعه أو في بعضه ، فإن كانت حائضا في جميعه ، احتمل أن يكون أول الحيض فيصح الحادي عشر ، أن يكون أخيره فيصح الثاني ، وأن يكون بين الأول والأخير ، فيصح الحادي عشر.

وإن كانت حائضا في بعضه ، فإن كانت حائضا في أوله وانقطع فيه ، صح الثاني ، وإن كانت في آخره وابتداء فيه ( صح ) (٣) فغايته أول الحادي عشر ، فتصح الثاني عشر.

__________________

(١) في « س » أوسط.

(٢) في « س » ركعتين صح الأول.

(٣) الزيادة من « ق ».

١٥١

فعلى كل التقادير يقع يوم في الطهر ، ولا يتعين الثاني للصوم الثاني ، ولا الحادي عشر للثالث ، لأنا أوجبنا الحادي عشر على تقدير أن يكون الأول أول الحيض ، أو بين الأول والأخير ، وحينئذ يصح لها صوم الثاني عشر والثالث عشر. وأوجبنا الثاني على تقدير أن يكون آخر الحيض ، وحينئذ يصح لها صوم الثالث إلى آخر الحادي عشر ، والقضاء إنما هو يوم واحد ، والزائد وجب بالتبعية كالصلاة المنسي تعيينها.

والحق ما قلناه في التذكرة ، وهو الاكتفاء بالأول والثاني عشر ويوما ما بين الثاني والحادي عشر.

ولو أرادت قضاء يومين ، ضعفت ما عليها وزادت يومين ، ثم تصوم نصف المجموع على التوالي متى شاءت ، وتصوم مثل ذلك من أول الحادي عشر ، وتخرج عن العهدة. فإذا صامت أي يوم شاءت وما بعده وتاليه ، ثم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ( خاصة ) (١) لأنها في الأولين إن كانت طاهرا ، صح صومها. وإن كانت حائضا في جميعهما ، فإن كان الأول أول الحيض فغايته إلى العاشر ، فيصح الحادي عشر والثاني عشر ، وإن كان أول الحيض آخر الأول ، فغايته أول الحادي عشر ، فيصح الثاني عشر والثالث عشر. وإن كان أول الثاني آخر الحيض ، صح الثاني والحادي عشر. وإن كانت ظاهرا في أحدهما ، فإن كانت في الأول ، صح مع الثالث.

ولو كانت تقضي ثلاثة أيام ، صامت أربعة ولاء ، ثم أربعة من أول الحادي عشر ، وعلى هذا.

ولو كانت تقضي عشرة ، ضاعفتها متوالية ، فيبقى يوم فتحتاج إلى إضافة آخرين إليه على هيئة ما قلناه في التذكرة.

ولو صامت ما عليها ولاء متى شاءت من غير زيادة ، وأعادت من أول‌

__________________

(١) الزيادة من « ق ».

١٥٢

الثاني عشر ، وصامت بينهما يومين مجتمعين أو متفرقين متصلين بالصوم الأول أو الثاني أو غير متصلين ، خرجت عن العهدة.

ولو قضت صوما متتابعا بنذر وشبهه ، فإن كان قدر ما يقع في شهر ، صامت على الولاء ، ثم مرة أخرى قبل الثاني عشر ، ثم مرة أخرى من الثاني عشر. فلو قضت يومين متتابعين صامت يومين وتصوم الثاني عشر والثالث عشر ، وتصوم بينهما يومين متتابعين.

ولو كانت عليها شهران متتابعان ، صامت مائة وسبعة وثلاثين يوما على التوالي أربعة أشهر لأربعة وخمسين يوما وسبعة عشر يوما لستة أيام. فإن دام طهرها شهرين ، صح ، وإلا فقدر شهرين من هذه المدة صحيح قطعا ، وتخلل الحيض لا يقطع التتابع. ولو عرفت حصول التتابع في أيام النقاء ، وجب على إشكال.

ولو أرادت قضاء فريضة واحدة وأداء منذور ، اغتسلت أي وقت شاءت لاحتمال الانقطاع ، وتوضأت وصلت ، ثم تمهل زمانا يسع الغسل وتلك الصلاة ، ثم تعيدها بغسل آخر ووضوء ، بحيث تقع في العشرة من أول الصلاة بالمرة (١) الأولى ، وتمهل من أول الحادي عشر قدر الإمهال الأول ، ثم تعيدها بغسل آخر قبل تمام عشرين من المرة الأولى. ويشترط أن لا تؤخر الثالثة عن أول الحادي عشر أكثر من الزمان المتخلل بين آخر المرة الأولى وأول الثانية.

ولو زادت الصلاة على الواحدة ، فعلت كالواحدة ، فتصليها على الولاء ثلاث مرات كما قلنا في الواحدة ، وتغتسل في كل مرة للصلاة الأولى ، وتتوضأ لكل واحدة بعدها إن كان الدم قليلا. ولا فرق بين أن تكون الصلوات متفقة كخمسة أصباح ، أو مختلفة كفريضة يوم.

ولها طريق آخر : بأن تنظر فيما عليها من العدد إن لم يكن فيه اختلاف ، فتضعفه وتزيد عليه صلاتين أبدا ، وتصلي نصف الجملة ولاء ، ثم النصف‌

__________________

(١) في « ر » المرة وفي « س » للمرة.

١٥٣

الآخر في أول الحادي عشر من أول الشروع في النصف الأول ، فتضعف خمسة أصباح وتزيد صبحين ، ثم تصلي ستة متى شاءت وستة في أول الحادي عشر.

وإن كان فيه اختلاف ، صلت ما عليها من الصلوات بأنواعه على الولاء متى شاءت ، ثم تصلي صلاتين من كل نوع مما عليها ، بشرط أن تقعا في العشرة من أول الشروع ، وتمهل من أول الحادي عشر زمانا يسع للصلاة المفتتح بها ، ثم تعيد ما عليها على ترتيب فعلها في المرة الأولى ، كما لو وجب صبح وظهران ، تصلي الخمس متى شاءت ، ثم تصلي بعدها في العشرة صبحين وظهرين ، وتمهل في الحادي عشر ما تسع لصبح وتعيد العشر كما فعلت أولا ، وتفتقر هنا في كل صلاة إلى غسل.

والطواف كالصلاة واحدا كان أو كثيرا ، وتصلي مع كل طواف بركعتيه. ولا بد لها من غسل ووضوء للطواف ، وكذا للركعتين.

أما إذا حيضناها كالمبتدأة بالستة أو السبعة ، فإن غاية حيضها حينئذ تكون سبعة أيام ، وأقصى ما يفرض انبساطه على ثمانية أيام ، فيصح لها من الشهر الكامل اثنان وعشرون يوما ، وكذا في قضاء الصلاة والصوم ، فيكفيها حينئذ عن قضاء يوم أن تصوم يومين بينهما سبعة أيام.

السابع : إذا طلقت انقضت عدتها بثلاثة أشهر ، لأن الغالب أن المرأة ترى في كل شهر حيضة ، ولا تكلف الصبر إلى سن اليأس من حيث احتمال تباعد الحيض ، لما فيه من المشقة العظيمة ، وللرواية (١) الدالة على اعتبار السابق من الأمرين.

ويحتمل إلحاقها بالمسترابة ، فإذا أراد طلاقها طلقها في يوم ما وما بعد ثانية إلى العاشر ، وفي حادي عشرة بعد مضي إيقاع الطلاق الأول من وقت وقوعه بقدر إيقاعه. فابتداء العدة بالنسبة إلى رجعة الزوج من بعد الإيقاع الأول ، وبالنسبة إلى تزويجها من بعد إيقاع الثالث ، وفي النفقة إشكال.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٥ ـ ٤١١.

١٥٤

الثاني

( أن تكون ناسية العدد خاصة وتذكر الوقت )

فيحكم بجميع أحكام الحيض في كل زمان تيقن فيه الحيض ، وبأحكام الطهر في كل زمان تيقنه فيه ، لكن بها حدث دائم. وكل زمان يحتمل فيه الأمران يحكم فيه بالأشق احتياطا ، ففي الاستمتاع وقضاء الصوم كالحائض ، وفي لزوم العبادات كالطاهر.

ثم إن احتمل ذلك الزمان الانقطاع أيضا ، كان عليها الاغتسال لكل فريضة ، فإذا تيقنت أن أول حيضها كان أول الشهر ، فثلاثة أيام حيض بيقين لأنه أقله ، وبعده يحتمل الثلاثة : الحيض ، والطهر ، والانقطاع إلى آخر العاشر ، وبعده إلى آخر الشهر طهر بيقين.

والمراد من الشهر في هذه المسائل الأيام التي تعينها لا الشهر الهلالي.

ولو تيقنت انقطاعه آخر كل شهر ، فالأول إلى آخر العشرين طهر بيقين ، لأن غاية الممكن افتتاح الحيض من ليلة الحادي والعشرين ، وبعده يحتمل الحيض والطهر دون الانقطاع إلى آخر السابع والعشرين ، والثلاثة الباقية والليلة السابقة حيض بيقين.

الثالث

( أن تكون ناسية للوقت ذاكرة للعدد )

وهذه إنما تخرج عن التحير المطلق لو حفظت مع العدد قدر الدور وابتداءه ، إذ لو قالت : حيضي خمسة أضللته في دوري ولا أعرف غير ذلك ، فلا فائدة فيما حفظت إلا في نقصان العدد وزيادته عن الروايات ، لاحتمال الحيض والطهر والانقطاع في كل زمان.

وكذا لو قالت : حيضي خمسة ودوري ثلاثون ولا أعرف ابتداءه. وكذا لو قالت : حيضي خمسة ودوري يبتدأ يوم كذا ولا أعرف قدره. وإذا حفظتهما معا مع القدر ، فإشكال الحال حينئذ إنما يكون لإضلال الحيض.

١٥٥

والإضلال قد يكون في جميع الدور وفي بعضه ، فإن استوعب فالجميع يحتمل الحيض والطهر. وقدر الحيض من أول الدور لا يحتمل الانقطاع ، وبعده يحتمل (١) أيضا ، كما لو قالت : دوري ثلاثون ابتداؤها كذا ، وحيضي عشرة أضللتها في الثلاثين ، فعشرة من أولها لا يحتمل الانقطاع والباقي يحتمله ، والكل يحتمل الحيض والطهر.

ولو عرفت مع ذلك شيئا آخر ، احتاطت بمقتضى الحال ، كما لو قالت : حيضي إحدى عشرات ولا أعرف عينها ، فإنها تفارق الصورة الأولى في أن احتمال الانقطاع بعد العشرة الأولى قائم إلى آخر الشهر ، وهنا لا يحتمل الانقطاع إلا في آخر كل عشرة من العشرات.

وإن كان الإضلال في بعض الدور ، كما لو قالت : أضللت عشرة في عشرين من أول الشهر ، فالعشرة الأخيرة طهر بيقين ، والعشرون من أوله يحتمل الحيض والطهر ، ولا يمكن الانقطاع في العشرة الأولى ويمكن في الثانية.

قاعدة :

كل ما كان القدر الذي أضلته زائدا على نصف محل الضلال ، كان لها حيض بيقين من وسطه. وقدره ضعف القدر الزائد من الحيض على نصف محل الضلال ، وإن قصر أو ساواه فلا حيض لها بيقين.

فلو قالت : حيضي ستة في العشر الأول ، فالخامس والسادس حيض بيقين ، لاندراجهما تحت تقدير تقديم الحيض وتأخيره وتوسطه (٢).

ولو قالت : سبعة فالرابع والسابع وما بينهما حيض بيقين. ولو كان خمسة من التسعة الأولى ، فالخامس حيض. ولو كان خمسة من العشرة أو أربعة ، فلا حيض معلوم لها ، فتعمل في العشرة ما تعمله المستحاضة ، وبعد الخمسة تغتسل لكل صلاة تصليها ، لجواز انقطاع الدم عندها.

__________________

(١) في « ق » يحتمله.

(٢) في « ق » ووسطه.

١٥٦

فروع :

الأول : لو قالت : حيضي عشرة والثاني عشر حيض بيقين ، فالأولان والتسعة الأخيرة طهر بيقين ، تعمل فيه ما تعمله المستحاضة ، وتعمل فيما بينهما كذلك إلا الثاني عشر ، ثم تغتسل في آخره مستمرا عند كل صلاة إلى آخر الحادي والعشرين للانقطاع ، ورده إلى القاعدة أن الثاني عشر يحتمل أن يكون أول الحيض وآخره ، فيحصل الاشتباه في تسعة عشر يوما ، وهو يقصر عن العدد بنصف يوم ، فيكون الحيض يوما كاملا والباقي مشكوك فيه.

ولو قالت : حيضي خمسة وأعلم طهر السادس إن كنت حائضا يوم السادس والعشرين ، وحيضه إن كنت طاهرا فيه ، فالأول ومن أول العشر الثاني إلى آخر الحادي والعشرين طهر قطعا ، ثم تغتسل في آخر السادس إلى آخر العاشر ، ومن آخر السادس والعشرين إلى آخر الشهر عند كل صلاة ، لاحتمال الانقطاع ، ولا توطأ ولا تطلق في أيام الاشتباه ، وتقضي صوم العدد بعد الزمان الذي تفرض عادتها في جملته.

الثاني : لو قالت : لي في كل شهر حيضتان كل واحدة ثمانية ، فمن الأول إلى آخر الرابع طهر مشكوك فيه ، وكذا من التاسع إلى آخر الثاني عشر ، ومن التاسع عشر إلى آخر الثاني والعشرين ، ومن السابع والعشرين إلى آخر الشهر.

ولها حيضتان بيقين من أول الخامس إلى آخر الثامن ، ومن الثالث والعشرين إلى آخر السادس والعشرين. ولها طهر بيقين من أول الثالث عشر إلى آخر الثامن عشر.

الثالث : المزج المطلق أن تقول : كنت أمزج شهرا بشهر حيضا ، أي كنت آخر كل شهر وأول ما بعده حائضا ، فلحظة من آخر كل شهر ولحظة من أوله حيض بيقين ، ومن اللحظة الأخيرة من العاشر إلى اللحظة الأولى من الحادي والعشرين طهر بيقين ، واللحظتان حيض بيقين والباقي مشكوك فيه.

ولو قالت : كنت أمزج الشهر بالشهر وكنت يوم الخامس حائضا ،

١٥٧

فلحظة من آخر الشهر إلى آخر خمسة أيام من الثاني حيض بيقين ، ولحظة من آخر العاشر إلى آخر الخامس والعشرين طهر بيقين ، وما بينهما مشكوك فيه.

الرابع : لو قالت : حيضي عشرة وكنت أمزج العشر بالعشر بيوم ، فالأول والآخر طهر قطعا ، فتعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة ، ثم تغتسل في آخر الحادي عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين والتاسع والعشرين ، للانقطاع. ولا حيض لها بيقين ، لنقصان عدد أيامها ، وهي عشرة عن نصف الزمان ، وهو ما بين الأول والآخر ، وتقضي صوم عشرة خاصة.

ولو مزجت بيومين ، فالأولان والأخيران طهر قطعا ، وتعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة ، ثم تغتسل آخر الثاني عشر والثامن عشر والثاني والعشرين والثامن والعشرين ، للانقطاع.

ولو كان المزج لخمسة ، فلا حيض بيقين أيضا ، لمساواة العدد نصف الزمان المشكوك فيه.

أما لو علمت هذه طهر الأول ومزج أربعة من الأول إن كان الحيض فيه ، فالسادس عشر حيض بيقين.

ولو علمت مزج أربعة من الأخير إن كان الحيض فيه ، فالخامس عشر حيض بيقين ، لنقص الزمان عن العدد بنصف يوم. ولو علمت طهرها (١) ومزج أربعة في الأول والآخر ، فهو والسادس عشر حيض بيقين. ولو مزجت ذات الخمسة إحدى العشرات بالأخرى بيوم ، فالستة الأولى والأخيرة (٢) والخامس عشر والسادس عشر طهر قطعا.

الخامس : لو مزجت ذات العشرة إحدى النصفين بصاحبه بيوم ، فستة من أول الشهر وستة من آخره طهر قطعا ، والخامس عشر والسادس عشر حيض قطعا ، لزيادة عدد أيامها عن نصف المشكوك فيه ، وهو ما بين السادس‌

__________________

(١) في « ق » طهرهما.

(٢) في « ر » و « س » الأواخر.

١٥٨

والخامس والعشرين ، فتعمل ما تعمله المستحاضة فيما عدا اليومين ، ثم تغتسل آخر السادس عشر والرابع والعشرين للانقطاع. وقول الشيخ : تعمل ما تعمله المستحاضة من يوم الخامس عشر إلى آخر الرابع والعشرين (١). ليس بجيد.

ولو مزجت بيومين ، فسبعة من أوله وسبعة من آخره طهر قطعا ، ومن الرابع عشر إلى آخر السابع عشر حيض قطعا ، والباقي مشكوك فيه.

السادس : لو مزجت ذات تسعة ونصف إحدى العشرات بالأخرى بيوم والكسر في الأول ، فالتسعة الأخيرة من الشهر طهر قطعا ، وكذا الأول ونصف الثاني ونصف الثاني عشر ، وتعمل في الباقي ما تعمله المستحاضة ، ثم تغتسل آخر الحادي عشر وآخر الحادي والعشرين للانقطاع.

ولو قالت الكسر في العشر الثاني ، فالتسعة الأولى طهر قطعا ، وكذا النصف الأخير من التاسع عشر ، والنصف الأخير من التاسع والعشرين واليوم [ الأول و ] (٢) الأخير والباقي مشكوك فيه ، تعمل ما تعمله المستحاضة ، وتغتسل آخر النصف الأول من التاسع عشر ، وآخر النصف الأول من التاسع والعشرين.

ولو مزجت إحدى النصفين بالآخر والكسر من الأول ، فلا تحير هنا بل ستة ونصف طهر بيقين ، ومن نصف السابع إلى آخر السادس عشر حيض بيقين ، ثم إلى آخر الشهر طهر بيقين. وينعكس الحكم بانعكاس الفرض.

القسم السابع

( ذات عادة مضطربة ولها تمييز )

فإنها تعمل عليه ، لعدم إمكان الرجوع إلى العادة المضطربة ، لعدم ضبطها ، ووجود دلالة مضبوطة ، فتكون أولى بالاعتبار.

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٥٦.

(٢) الزيادة من « ق ».

١٥٩

القسم الثامن

( ذات عادة مضطربة ولا تمييز لها )

كما إذا كانت ترى الدم تارة خمسة ، وأخرى أربعة ، ثم ترى ثلاثة ، ثم أربعة ، ثم خمسة ، ثم أربعة ، ثم خمسة ، ثم ثلاثة. وبالجملة لا يتسق (١) الحيض على نهج واحد ، لكن لا يزيد على الخمسة.

فإذا استحيضت في بعض الأشهر ، فالأقوى أنها ترد إلى الثلاثة لأنه المتيقن ، ثم تغتسل في آخرها لاحتمال الانقطاع ، ثم تعمل ما تعمله المستحاضة إلى آخر الخمسة ، وتغتسل عند كل صلاة لاحتمال الانقطاع ، وهل تعمل إلى آخر العاشر كذلك ، أو كما تعمله المستحاضة؟ الأحوط الأول لقيام المقتضي للاحتياط.

كلام كلي في الانتقال ، وهو قسمان :

انتقال عدد : بأن ترى زيادة على أيام عادتها ، كذات الثلاثة إذا رأت خمسة وانقطع ، فالجميع حيض. فإذا استحيضت فيما بعد فإنها ترد إلى الثلاثة ، لعدم الانتقال بالمرة ، فإن العادة مأخوذة من العود ، والعادة السابقة دليل على أيامها الذي اعتادت ، فلا يبطل حكم هذا الدليل إلا بدليل مثله.

أما لو رأته بعد الخمسة خمسة في آخر ، ثم استحيضت فيما بعد ، فإنها تحيض بالخمسة. وكذا لو نقصت كذات الخمسة لو رأت في دور أربعا ، ثم استحيضت في الشهر اللاحق.

ولو رأت ذات الخمسة في دور ستة ، وفي دور عقيبه سبعة ، ثم استحيضت ، فالأقرب الرد إلى الستة ، لأن التكرار (٢) قد حصل فيها ، لوجودها مرة منفردة وأخرى مندرجة في السبعة. ويحتمل ردها إلى خمسة‌

__________________

(١) في « ق » لا يتفق.

(٢) في « د » التكرر وفي « ق » المتكرر.

١٦٠