نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

فإن لم يحصل نداوة ، فالأقوى إمساس أعضاء الطهارة بالثلج. وقيل : يتيمم به مطلقا. وقيل : إن لم يحصل نداوة أخر الصلاة. ولو لم يتمكن للبرد فكالفاقد.

والأقرب هنا أنه ينوي الاستباحة ، لأنه ليس وضوءا تاما ، وإن قلنا ينوي رفع الحدث إن أوجبنا الاستيعاب ، ففي الإعادة لو وجد الماء إشكال. ولو قلنا بالتيمم به نوى الاستباحة خاصة. وهل يجب إعادته لو وجد التراب إشكال ، أقربه ذلك ، إذ استعماله مشروط بفقدان التراب ، وقد فات شرطه.

ولو فقد الماء والتراب الطاهر ، سقطت الصلاة أداء وقضاء على الأقوى ، لفوات شرط الأداء وتبعية القضاء له. نعم يستحب الأداء لحرمة الوقت وللخلاص من الخلاف.

وقيل : يجب القضاء لعموم الأمر به. ولو صلى في الوقت ، لم تسقط الإعادة إن أوجبناها ، وعلى تقدير الأمر بالأداء لا يباح غيرها ، كحمل المصحف وقراءة العزائم للجنب ، والجماع للحائض.

ولو قدر على أحد المطهرين في الأثناء ، بطلت صلاته.

الرابع : لو اشترى الماء أو التراب بثمن مغصوب ، فإن كان بالعين بطل الشراء ، وإلا صح.

ولو كانت الآنية مغصوبة دون الماء أو التراب ، صحت الطهارة ، للامتثال السالم عن معارضة الفساد الناشي بغصبية ما يتطهر به ، والتصرف بأخذ الماء أو التراب من الآنية منهي عنه ، ولا يتوجه إليه فساد ، لأنه ليس عبادة ، وصرف الماء أو التراب إلى الأعضاء تصرف فيهما لا في الآنية.

الخامس : لو أصاب التراب بول أو ماء نجس ، لم يجز التيمم به وإن لم يتغير رائحته ، لأنه ليس طيبا ، فإن جف هذا التراب بالشمس طهر وجاز التيمم منه ، وإلا فلا.

٢٠١

الفصل الثالث

( في كيفيته )

وفروضه ستة :

الأول

( نقل التراب )

فلو تعرض لمهب الريح فسفت (١) عليه التراب ، فأمر اليد عليه لم يصح ، سواء نوى عند الوقوف أو لم ينو ، لقوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً ) (٢) والتيمم القصد. ولو يممه غيره ، فإن كان مع العجز صح للضرورة ووجب ، وإلا فلا ، لأنه لم يأت بالمأمور به وهو القصد.

ولو كان على وجهه تراب فردده بالمسح ، لم يجز ، إذ لا نقل. أما لو أخذه منه ثم نقله ، فالأقرب الصحة ، لأنه بالانفصال انقطع حكم ذلك العضو عنه. ولو نقله من عضو من أعضائه ، صح ، سواء كان من الأعضاء الممسوحة أو لا.

ولو تمعك في التراب فوصل إلى وجهه ويديه ، أو معك وجهه وكفيه ، صح‌

__________________

(١) سفي سفيا وأسفى إسفاء الريح التراب : ذرته أو حملته.

(٢) سورة المائدة : ٦.

٢٠٢

مع العذر ، وإلا فلا ، لأنه لم ينقل التراب إلى أعضاء التيمم ، بل نقل العضو إليه.

ولو سفت الريح ترابا على كمه ، فمسح وجهه به ، أو أخذ التراب من الهواء حالة إثارة الريح إياه ، فالأقرب الجواز.

وليس النقل جزءا من التيمم ، فلو أحدث بعد أخذ التراب قبل المسح ، لم يبطل ما فعله كما لو أحدث بعد أخذ الماء في كفه ، وحينئذ لو غربت النية بعد النقل قبل المسح ، وجبت إعادتها.

ولو يممه غيره لعجزه وأحدث أحدهما بعد الضرب وأخذ التراب ، لم يضر.

الثاني

( النية )

وهي واجبة هنا إجماعا ، قال عليه‌السلام : ليس للمرء من عمله إلا ما نواه (١). وهي القصد إلى الفعل على وجهه لوجوبه أو ندبه ، متقربا إلى الله تعالى.

وفي وجوب نية الاستباحة إشكال ، أقربه ذلك ، فينوي استباحة الصلاة أو غيرها مما لا يباح إلا بالطهارة. ولا يشترط نية استباحة صلاة معينة ، بل له الإطلاق. ويستبيح به ما يستبيح بالوضوء. ولو عين واحدة ، جاز له أن يصلي غيرها.

وإذا نوى فريضة جاز له النقل وبالعكس ، قبل الفريضة وبعدها ، قبل خروج الوقت وبعده ، وأن يؤدي غيرها من الفرائض المنذورة واليومية. وبالجملة حكمه كالوضوء والغسل في ذلك.

ولو نوى استباحة عدة فرائض ، صح ، لأنه يحصل له الزيادة وإن لم ينوها.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ ـ ٣٤ ما يشبه ذلك.

٢٠٣

ولو ظن أن عليه فائتة ، فنوى استباحتها في غير وقت فريضة ، ثم ظهر كذب الظن ، فالأقوى البطلان ، كما لو عين إماما وأخطأ ، بخلاف الوضوء لأن نية الاستباحة فيه غير لازمة.

ولو نوى استباحة فائتة ظهر ، ثم ظهر أن التي عليه العصر ، فالأقوى صحة التيمم ، لأن التعيين غير لازم ، فلا يضر الخطأ مع وجوب مطلق الصلاة. وكذا لو تيمم في الأول في وقت فريضة.

ولو نوى بتيممه حمل المصحف ، أو قراءة العزائم ، أو مس كتابة القرآن ، أو الطواف ، صح الدخول به في الصلاة. وكذا لو نوى الجنب الاعتكاف ، أو اللبث في المساجد ، أو نوت الحائض استباحة الوطي إن قلنا بإباحة ذلك للمتيمم.

ولو تيمم لصلاة الجنازة ، فالأقرب عدم الدخول به في الصلاة ، لأنه لم يرفع حدثا ، ولم يستبح ما كان ممنوعا.

ولو نوى فريضة التيمم ، أو إقامة التيمم المفروض من غير تعرض للاستباحة ، فالأقرب الجواز.

ولو نوى رفع الحدث احتمل الصحة ، لتضمنه الاستباحة ، ونية الملزوم تستلزم نية اللازم. وعدمها ، لاستحالة رفع الحدث ، وإلا لما بطل إلا بعروض الحدث ، فلا يصح التيمم بنيته ، كما لو نوى شيئا لا يقبل (١) التيمم.

ولا يجوز تقديمها على أول جزء من التيمم ، وأول أفعاله المفروضة الضرب باليدين على الأرض ، لكن لا يتضيق عنده بل يجوز تأخيرها إلى أول المسح ، ولا يجوز تأخيرها عن أول فعل واجب.

ولا يشترط بقاؤها حقيقة بل حكما ، فلو قارنت النية أول الفعل ثم غربت قبل مسح شي‌ء من الوجه ، فالأقوى الصحة. ولو غربت في أثناء المسح ، صح قطعا.

__________________

(١) في « س » لا يفيده‌

٢٠٤

ولو بلغ الصبي المتيمم نفلا لإحدى الصلوات الخمس ، جاز له الدخول في الصلاة الواجبة ، إن قلنا أن عبادته شرعية.

ولو تيمم لقضاء فريضة ، فلم يصلها حتى دخل وقت أخرى ، جاز أن يصليها به.

الثالث

( استيعاب الجبهة )

بالمسح من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف الأعلى ، ولا يجب استيعاب الوجه على الأقوى ، لقوله تعالى ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ) (١) والباء للتبعيض ، قال الباقر عليه‌السلام : فعرفنا حين قال « برءوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء (٢). ولأن الباقر عليه‌السلام مسح جبهته (٣).

ويجب الابتداء من قصاص الشعر ، والانتهاء إلى طرف الأنف ، فلو نكس أعاد ، كالوضوء المبدل ، والأصل المساواة.

ولا يجب مسح ما تحت شعر الحاجبين بل ظاهره كالوضوء ، ولو قلنا بوجوب الاستيعاب لم يجب إيصال التراب إلى منابت الشعور ، وإن خفت أو كانت بارزة لعسره ، ولا مسح المسترسل من شعر اللحية كالوضوء.

الرابع

( مسح الكفين )

من الزند إلى أطراف الأصابع ، لقوله تعالى ( وَأَيْدِيَكُمْ ) (٤) والمراد الكف قضية للتبعيض المستند إلى الباء ، ولأن الباقر عليه‌السلام مسح كفيه (٥).

__________________

(١) سورة النساء : ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٨٠ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٨١ ح ٣.

(٤) سورة النساء : ٤٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٦ ح ٣ و ٥.

٢٠٥

ولا يجب الاستيعاب إلى المرفقين على الأقوى ، لقوله عليه‌السلام لعمار : يكفيك ضربة للوجه وضربة للكفين (١).

ويبتدأ من الكوع إلى أطراف الأصابع ، فإن نكس استأنف. ولو قلنا بالاستيعاب بدأ بالمرفق.

ويجب استيعاب ظاهر الكفين بالمسح ، فلو أخل بشي‌ء لم يجز. ولو كان له زائد أو إصبع (٢) زائدة ، وجب مسحه كالوضوء.

ولو أخل ببعض الفرض ، مسح عليه وعلى ما بعده ، ولا يجب مسح باطنها ولا تخليل الأصابع. ولو استوعبنا ، وجب مسح ظاهر الذراعين وباطنهما كالوضوء.

الخامس

( الترتيب )

فيجب أن يبدأ بمسح الوجه ، ثم اليد اليمنى ، ثم اليسرى ، لدلالة الأحاديث (٣) بلفظة « ثم » عليه. فلو نكس ، أعاد على ما يحصل معه الترتيب.

السادس

( المباشرة )

لتعلق الأمر به ، فلو تولاه غيره لم يجز إلا مع العذر.

وصورة التيمم : أن يضرب بيديه (٤) على الأرض ناويا ، مفرجا أصابعه ، ثم ينفضهما مستحبا ، ثم يمسح بهما وجهه ، ثم يمسح ظهر يده اليمنى ببطن يده اليسرى ، ثم ظهر يده اليسرى ببطن يده اليمنى ، لأنه عليه‌السلام ضرب بيديه‌

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ١٤٨.

(٢) في « ق » أو أصابع.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٩ ح ٥.

(٤) في « س » بيده.

٢٠٦

على الأرض ، ثم نفضهما ومسح بهما وجهه وكفيه (١). وكذا فعل الباقر عليه‌السلام (٢).

ولا يجب استعمال التراب في الأعضاء الممسوحة ، لأنه عليه‌السلام نفض يديه.

ولو كان مقطوع اليدين من الزند ، سقط مسحهما لفوات محله ، لكن يستحب مسح شي‌ء من الذراعين.

قال الشيخ : ولو كان مقطوعهما من المرفق ، استحب مسح ما بقي (٣) ، ولا يسقط مسح الجبهة.

ولو كان مقطوعا من الزند ، احتمل وجوب مسح موضع القطع ، لأن الرسغين في التيمم كالمرفق في الوضوء. والعدم لتعلق الفرض بالكف.

ولو أوصل التراب إلى محل الفرض بخرقة أو خشبة أو غيرهما ، لم يجز.

ولو كان على محل الفرض جبائر يتمكن من نزعها ، وجب ، وإلا مسح عليها للضرورة كالماء. فلو نزعها لم يجب إعادة الصلاة ، لأنه أوقعها على الوجه المأمور به ، أما إعادة التيمم فالإشكال كالوضوء.

واختلف في عدد الضربات ، فالمشهور التفصيل للوضوء ضربة واحدة للوجه والكفين ، وللغسل ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين ، لأن الباقر عليه‌السلام ضرب بيديه الأرض ثم نفضهما ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة (٤) وقال الباقر عليه‌السلام : في تيمم الغسل مرة للوجه ومرة لليدين (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٩٩ ح ١ ب ٢٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٦ ح ٣.

(٣) قال في المبسوط [ ١ ـ ٣٣ ] : وإذا كان مقطوع اليدين من الذراعين سقط عنه فرض التيمم ، ويستحب أن يمسح ما بقي.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٦ ح ٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٨ ح ٤.

٢٠٧

ولو ضرب فيما هو بدل من الوضوء مرتين ، فإشكال ينشأ : من وجوب الموالاة ، ومن كونه غير مخل بها لقصر زمانه. أما لو ضرب فيما هو بدل من الغسل مرة ، لم يجزيه.

والوجه في الأغسال غير الجنابة تعدد التيمم ، لتعدد الواجب ، فتضرب مرة للوجه والكف عوضا عن الوضوء ، ومرتين عوضا عن الغسل ، ولا يكفي ثلاث ضربات متفرقة على الأعضاء. وفي رواية : مساواة تيمم الجنب والحائض (١).

والموالاة هنا واجبة ، لقوله ( فَتَيَمَّمُوا ) (٢) والفاء للتعقيب ، ولأنه بدل عما يجب فيه الموالاة. أما الغسل ، فكذلك إن قلنا بوجوب التضييق ، وإلا فإشكال ينشأ : من أصالة البراءة ، ومن قول الباقر عليه‌السلام وقد سئل كيف التيمم؟ هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة (٣).

ولا بد من نزع الخاتم وشبهه. وفي إجزاء مسح الوجه بكف واحد إشكال. ولو قلنا أن مس الفرج حدث لو ضرب يده (٤) على فرج امرأة عليه تراب ، صح التيمم ن لأن أول الأركان المسح لا النقل.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٩ ح ٧.

(٢) سورة النساء : ٤٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٧٨ ح ٤.

(٤) في « س » بيديه.

٢٠٨

الفصل الرابع

( في الأحكام )

وهي ثلاث مطالب :

المطلب الأول

( إلى متى تباح العبادة بالتيمم )

وتمتد غاية إباحته إلى وجود حدث ، أو ما يمكن من استعماله ، لقوله عليه‌السلام : التراب ( الطاهر ) طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يحدث أو يجد الماء (١) وقول الصادق عليه‌السلام في رجل تيمم : يجزيه ذلك أن يجد الماء (٢).

ورخصة التيمم إما مع وجود الماء كالمريض ، فلا يبطل برؤيته ، بل بالتمكن من استعماله. وإما لا معها كفاقد الماء والمحتاج إليه والخائف من الاستقاء وشبهه ، فيبطل تيممه بوجود ما يتمكن من استعماله ، فلو وجد ماء مع غير باذل فكالفاقد.

ولو تمكن ورآه خارج الصلاة ، بطل تيممه إجماعا ، لقوله عليه‌السلام

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ١٥٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٩٠ ح ١.

٢٠٩

لأبي ذر : إذا وجدت الماء فامسسه جلدك (١). ولأنها طهارة ضرورية وقد زالت الضرورة ، فيزول الترخص المنوط بها ، فإن عدم الماء قبل استعماله ، استأنف التيمم.

ولا ينتقض بتوهم وجود الماء ، كما لو طلع عليه ركب ، أو رأى خضرة ، أو أطبقت السماء بالقرب منه غمامة ، وإن وجب الطلب ، لأنه على يقين من الطهارة ، فلا ينتقض بالشك ، ووجود الطلب ليس بناقض ، لعدم النص ومعناه.

ولو وجده في أثناء الصلاة ، فإن كان بعد ركوع الثانية ، لم يلتفت وأتم صلاته إجماعا. وإن وجده بعد ركوع الأولى ، أو فيه ، فكذلك على الأصح ، أو بعد القراءة ، أو بعد تكبيرة الإحرام على الأقوى ، سواء كانت الصلاة غير معينة عن القضاء ، كالمتعمد للجنابة وخائف الزحام إن قلنا بالإعادة ، أو لم يكن لأنه شرع في الصلاة بطهور أمر باستعماله ، فيتمها محافظة على حرمتها ، ثم يتوضأ ويعيد.

فإن فقد ، لم يتيمم للإعادة ، بل ينتظر وجود الماء ، ويقضي وإن خرج الوقت ، ويحتمل الإعادة بالتيمم كغيرها. ويحتمل البطلان مع أمر الإعادة ، لوجوب الإعادة بعد الفراغ عند وجود الماء ، فليعد عند وجوده في الأثناء والمعينة عن القضاء أولى.

ولأنه بشروعه في الصلاة قد تلبس بالمقصود ، ووجدان الأصل بعد التلبس بمقصود البدل لا يبطل حكم البدل ، كما لو شرع في الصيام ثم وجد الرقبة.

فإن أوجبنا الخروج ، وجب استيناف الصلاة ، لأن الطهارة شرط وقد فاتت ببطلان التيمم ، ولا يكفي البناء. وهل يسوغ الخروج منها ليتطهر ويستأنف؟ الأقرب ذلك لجوازه لناسي الأذان وسورة الجمعة وطلب الجماعة ،

__________________

(١) جامع الأصول : ٨ ـ ١٥٥.

٢١٠

فهنا أولى ، سواء كان في الأولى أو الثانية. وهل هو أولى؟ الأقرب ذلك إن كان في الأولى ليخرج من الخلاف ، فإن من علمائنا من حرم الاستمرار. ويحتمل المنع للنهي عن إبطال العمل.

والأولى عدم أولوية الخروج المطلق ، بل قلب الفرض نفلا ويسلم عن ركعتين ، صيانة للعبادة عن الإبطال ، وأداء الفريضة بأكمل الطهارتين.

أما مع تضيق الوقت ، فلا يجوز الخروج قطعا ، وإذا لم يخرج منها وأتم الفريضة ، بطل تيممه حين الإتمام إن كان الماء باقيا ، حتى أنه يحتمل أن لا يسلم التسليمة الثانية ، لأنه بالتسليمة الأولى كملت صلاته إن أوجبناه ، وإلا فبالصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام.

وإن لم يكن الماء باقيا ولم يعرفه المصلي حتى فرغ فكذلك ، وإن عرفه وعرف فواته وهو بعد في الصلاة ، أو لم يعرف فواته ، احتمل البطلان في الصلوات (١) المتجددة دون ما هو فيها لحرمتها ، لأن وجود الماء مع التمكن مبطل ، والمنع الشرعي لا يبطل المكنة الحقيقية. وعدمه ، لأنه غير متمكن من استعماله شرعا ، والمنع الشرعي كالمنع الحسي في الحكم.

أما لو رآه في نافلة ، فالأقرب أنه يبطل بالنسبة إليها ، ويبطل أيضا بالنسبة إلى المتجددة من فريضة أو نافلة ، لقصور حرمتها عن حرمة الفريضة ، فإنها لا تلزم بالشروع بخلاف الفريضة. ويحتمل عدم البطلان كالفريضة.

فإن شرع في نافلة من غير تعيين عدد ، لم يزد على ركعتين ، لأن الأولى في النوافل أن يكون مثنى. وإن نوى ركعة أو ركعتين ، لم يزد ، لأن الزيادة كافتتاح نافلة بعد الماء. ويحتمل الزيادة مطلقا ، لأن حرمة تلك الصلاة باقية ما لم يسلم ، بخلاف ما إذا سلم. ولو نوى زائدا عن ركعتين ، استوفى ما نواه ، لأنه عقد الإحرام لذلك العدد.

وهل ينزل الصلاة على الميت منزلة التكبير (٢) إشكال ، الأقرب المنع ،

__________________

(١) في « س » الصلاة.

(٢) في « ق » وهل يترك الصلاة على الميت من التكبير.

٢١١

فيجب الغسل ، وفي إعادة الصلاة حينئذ إشكال ، أقربه العدم ، لاقتضاء الأمر الإجزاء.

وإنما يبطل التيمم بوجود ما يصح استعماله في الطهارة وإن كان مكروها كسور الحمار ( وإن كان مشتبها ) (١) لا كالمشتبه بالنجس والمغصوب والمشتبه بالمضاف إلا مع حضورهما ، وإن أوجبنا الوضوء والتيمم لو انفرد.

المطلب الثاني

( في ما يباح به التيمم )

ويباح به كلما يباح بالطهارة المائية ، فيجوز الجمع بين الفرائض المتعددة ، اتفق نوعها كاليومية أو اختلف ، وبينها وبين النوافل ، لقوله عليه‌السلام : الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين (٢). وسئل الصادق عليه‌السلام عن رجل لا يجد الماء أيتيمم لكل صلاة؟ فقال : لا هو بمنزلة الماء (٣). ولأنها إحدى الطهارتين فاشتبهت الأخرى.

ولا فرق بين الفرائض المؤداة والقضاء ، وكذا بين الصلاة والطواف المفروض وركعتيه. وبالجملة حكمه حكم المائية في ذلك.

ولا يبطل التيمم بخروج وقت الصلاة ، ولا بدخول وقتها ، ولا بنزع العمامة والخف.

ولو وجد من الماء ما لا يكفيه للطهارة وإزالة النجاسة بل لإحداهما ، لم ينتقض تيممه ، سواء تجددت النجاسة بعد التيمم وقبله. وهل يستحب تجديد التيمم إشكال ، ينشأ : من عدم النص ، ومن اندراجه تحت العلة ، وهو تجويز إغفال شي‌ء في (٤) في المرة الأولى. فيستظهر بالثانية ، وكذا في الاغتسال.

__________________

(١) الزيادة من « ق ».

(٢) جامع الأصول : ٨ ـ ١٥٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٩٠ ح ٣.

(٤) في « ق » من.

٢١٢

فلو نذر تجديد التيمم لكل صلاة ، وجب إن قلنا باستحبابه ، فلو نذر تعدده بتعدد الفريضة اليومية ، صح.

فإن أراد قضاء منسية التعيين ، وجب ثلاث صلوات أو خمس على الخلاف ، وهل يكفيه تيمم واحد للجميع ، أو يفتقر لكل صلاة إلى تيمم ، إشكال ينشأ : من أن الواجب فعله من الفرائض اليومية هنا واحد بالقصد الأول ، وما عداه كالوسيلة إليه. ومن وجوب كل واحدة بعينها ، فأشبهت الواجبة بالأصالة.

ولو نسي صلاتين من يوم وأوجبنا الخمس ، احتمل تعدد التيمم لكل صلاة تيمم ، وإن قلنا بعدم تعدده في الأول اقتصر هنا على تيممين وزاد في عدد الصلوات ، فيصلي بالتيمم الأول الفجر والظهرين والمغرب ، وبالثاني الظهرين والعشاءين ، فيخرج عن العهدة ، لأنه صلى الظهر والعصر والمغرب مرتين بتيممين. فإن كانت الفائتتان من هذه الثلاث ، فقد تأدت كل واحدة بتيمم. وإن كانت الفائتتان الفجر والعشاء ، فقد تأدى الفجر بالتيمم الأول والعشاء بالثاني. وإن كانت إحداهما من الثلاث والأخرى من الآخرتين فكذلك. ولا بد من زيادة في عدد الصلوات.

والضابط : أن يزيد في عدد المنسي فيه عددا لا ينقص عما يبقى من المنسي فيه بعد إسقاط المنسي ، وينقسم المجموع صحيحا على المنسي صلاتان ، والمنسي فيه خمسة تزيد عليه ثلاثة ، لأنها لا تنقص عما يبقى من الخمسة بعد إسقاط الاثنين بل تساويه ، والمجموع وهو ثمانية ينقسم على الاثنين على صحة ، ولو صلى عشرا ، كان أولى.

ويبتدأ من المنسي فيه بأية صلاة شاء ، ويصلي بكل تيمم ما يقتضيه القسمة ، لكن يشترط في خروجه عن العهدة بالعدد المذكور أن يترك في كل مرة ما ابتدأ به في المرة التي قبلها ، ويأتي في المرة الأخيرة بما بقي من الصلوات.

فلو صلى في المثال بالتيمم الأول الظهرين والعشاءين ، وبالثاني الغداة والظهرين والمغرب ، فقد أخل بالشرط إذ لم يترك في المرة الثانية ما ابتدأ به في‌

٢١٣

المرة الأولى ، وإنما ترك ما ختم به في المرة الأولى ، فيجوز أن يكون ما عليه الظهر والعصر أو المغرب مع العشاء ، فبالتيمم الأول صحت تلك الصلاة ولم يصح العشاء بالتيمم ، وبالثاني لم يصل العشاء ، فلو صلى العشاء بعد ذلك بالتيمم الثاني خرج عن العهدة.

ولو نسي ثلاث صلوات من يوم ، اقتصر على ثلاث تيممات وزاد في عدد الصلوات ، فيضم إلى الخمس أربعا ، لأنها لا تنقص عما بقي من الخمسة بعد إسقاط الثلاثة ، بل يزيد عليه ، وينقسم المجموع وهو تسعة صحيحا على الثلاثة.

ولو ضم إلى الخمسة اثنين أو ثلاثة لما انقسم ، ثم يصلي بالتيمم الأول الصبح والظهر والعصر ، وبالثاني الظهر والعصر والمغرب ، وبالثالث العصر والمغرب والعشاء.

ولو صلى بالأول العصر ثم الظهر ثم الصبح ، وبالثاني المغرب ثم العصر ثم الظهر ، وبالثالث العشاء ثم المغرب ثم العصر ، لم يخرج عن العهدة ، لجواز أن يكون التي عليه الصبح والعشاء والثالثة الظهر أو العصر ، فيتأدى بالأول الظهر أو العصر وبالثالث العشاء ويبقى الصبح ، فيحتاج إلى تيمم رابع له.

ولو كان المنسي صلاتين متفقتين من يومين فصاعدا ، يكفيه تيممان يصلي بكل واحدة منهما الخمس ، ولا يكفي هنا ثمان صلوات بتيممين كما في الاختلاف ، لأنه لو فعل ذلك لم يأت بالصبح إلا مرة واحدة بالتيمم الأول ، ولا بالعشاء إلا مرة واحدة بالتيمم الثاني ، ويجوز أن يكون ما عليه صبحان أو عشاءان.

ولو لم يعلم أن فائتته متفقتان أو مختلفتان ، أخذ بالأسواء وهو الاتفاق ، فيحتاج إلى عشر صلوات بتيممين.

واعلم أن نذر التجديد عند (١) كل صلاة وإن صح ، فإنها تفيد وجوب‌

__________________

(١) في « س » لكل.

٢١٤

الكفارة مع المخالفة ، لا إعادة الصلاة ، سواء كان المنذور وضوءا أو غسلا أو تيمما ، لحصول رفع الحدث أو الاستباحة بالأول.

ولو صلى منفردا بتيمم ثم أدرك جماعة وأراد إعادتها معهم ، فإن قلنا المعاد سنة كفاه تيمم واحد ، وإن قلنا الفرض أحدهما لا بعينه ، فكذلك على الاحتمال.

ولو صلى الفرض بتيمم على وجه يحتاج إلى قضائه وأراد القضاء بالتيمم ، فإن قلنا الواجب هو المعاد أو كلاهما ، افتقر إلى تيمم آخر ، وإن قلنا الفرض الأول فلا حاجة إلى إعادة التيمم ، وإن قلنا الفرض أحدهما لا بعينه فالاحتمال.

ويجوز التيمم لكل ما يتطهر له من فريضة ونافلة ، ومس مصحف ، وقراءة عزائم ، ودخول مساجد وغيرها ، لقول الصادق عليه‌السلام : فإن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا (١).

وإذا تعذر تغسيل الميت بالماء ، لفقده أو لشدة برد ، وجب أن يؤمم كما يؤمم الحي ويؤمم من يؤممه ثم يدفن. ولو وجد الماء بالثمن ، وجب أن يشترى من تركة الميت ، لأنه كالكفن.

ويجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء ، لأنها غير مشروطة بالطهارة ، ولا يدخل به في غيرها من الصلوات.

وهل يجب على الجنب إذا تعذر عليه الغسل قبل الفجر (٢) أو الحائض أو المستحاضة إشكال. ولو انقطع دم الحيض وأوجبنا الغسل للوطي فتعذر ، جاز التيمم له ، لأن الصادق عليه‌السلام سئل عن المرأة إذا تيممت من الحيض هل تحل لزوجها؟ قال : نعم (٣). والاستدلال به لا يخلو من دخل في المتن والراوي.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٩٤ ح ١.

(٢) في « ق » وقت العجز.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٦٥ ح ٢ ب ٣١.

٢١٥

ولا يحتاج كل وطي إلى تيمم وإن أوجبنا الغسل. ولو تيممت للوطي فأحدثت أصغر ، احتمل تحريم الوطي لبقاء الحيض.

ويباح بالتيمم الإمامة على كراهية من غير تحريم على الأصح ، لأنها صلاة صحيحة والنقص يثمر الكراهة.

ولو تيمم لنافلة ندبا دخل به في الفريضة. وكذا لو تيمم لفائتة قبل وقت الحاضرة ، دخل به فيها بعد دخول وقتها. ولا يباح به الصلاة للحاضرة لو وقع قبل دخول وقتها إجماعا ، لأنها طهارة ضرورية ولا ضرورة قبل الوقت. وهل يقع النفل؟ الوجه المنع ، لأنه لم ينوه.

وكما لا يتقدم التيمم للمؤداة على وقتها ، كذا لا يقدم للفائتة على وقتها ، وهو تذكرها.

ولو تيمم لفائتة ضحوة ، جاز أن يؤدي به حاضرة الظهر وإن لم يقض الفائتة.

ويصح عند التضيق إجماعا. وهل يشترط؟ إشكال ، أقربه ذلك إن كان العذر مما يمكن زواله في الوقت ، لأنها طهارة ضرورية ولا ضرورة في أول الوقت ، ولأنه كما استحب (١) تأخير الصلاة لشدة الحر طلبا لزيادة الخشوع ، ولطلب فضيلة الجماعة المندوبين ، كذا يجب التأخير طلبا لتحصيل الشرط الواجب ، ولقول أحدهما عليهما‌السلام : إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت (٢). وفي حديث آخر : فأخر التيمم إلى آخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم يفتك الأرض (٣).

وهل التضيق شرط في دوام الإباحة كما هو في ابتدائها؟ إشكال ، ينشأ : من أنه متطهر ، ومن وجود المقتضي. فلو تيمم لفائتة قبل الوقت ، أو لحاضرة‌

__________________

(١) في « ق » يستحب.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٨٢ ح ٣.

(٣) نفس المصدر.

٢١٦

عند التضيق ، ثم دخل أخرى ولما يحدث ، ففي الصلاة به في أول الوقت نظر ، فإن منعناه لم نوجب تيمما آخر عند التضيق.

ويتيمم للنوافل الموقتة في آخر أوقاتها ، وللعيدين كذلك ، وللخسوف والكسوف بابتدائهما وإن ظن الاستمرار ، لأنه يكذب كثيرا. وللاستسقاء باجتماع الناس لها في الصحراء ، وللجنازة بحضورها.

ولو تيمم لنافلة في وقت كراهة (١) أدائها ، ففي صحته إشكال ، ينشأ : من أنه ليس وقتا لها. ومن تسويغ الوضوء في تلك الحال ، فكذا بدله. ويحمل الوقت على الجواز لا الاستحباب.

ولا يشترط طهارة اليدين (٢) عن النجاسة ، فلو تيمم وعلى يديه (٣) نجاسة ، صح تيممه إن فقد المزيل ، وإلا فلا إن كان العذر مما يمكن زواله والوقت متسع لهما. وإزالة النجاسة عن البدن أولى من التيمم ، ومن إزالتها عن الثوب. وإزالتها عن الثوب أولى من التيمم ، لأن التيمم بدل الطهارة بخلاف الإزالة. والوضوء أولى من استنجاء يجزي فيه الحجر مع وجود المزيل ، بخلاف المتعدي والبول. ولو قصر عن إزالة النجاسة أو الاستنجاء وكفاه للوضوء ، توضأ به وصلى من غير تيمم ولا إعادة.

المطلب الثالث

( في حكم القضاء )

إذا صلى بالتيمم المأمور به ، لم يعد صلاته مطلقا على الأقوى ، لأنه فعل المأمور به على وجهه ، فخرج عن عهدة التكليف.

ولو كان محبوسا فصلى بتيممه ، لم يعد بعد الوقت ، لتعذر الماء عليه فأشبه المسافر.

__________________

(١) في « س » كراهية.

(٢) كذا في « ق » وفي « ر » و « س » البدن.

(٣) كذا في « ق » و « ر » وفي « س » بدنه.

٢١٧

ولو كان محبوسا بدين قادر على قضائه ، لم يكن عذرا وصار كما لو كان الماء قريبا منه ويمكن من استعماله حتى ضاق الوقت ، بحيث لا يتمكن من المضي إليه واستعماله والصلاة ، فإن أوجبنا الصلاة والإعادة هنا فكذا ثم. ولا فرق بين أن يكون العذر نادرا أو غالبا.

ولو سوغنا التيمم في أول الوقت ، فتيمم لفقد الماء ، ثم وجده في الأثناء ، فإن كان حاضرا أو يتمكن من الوصول إلى الماء أعاد ، لأنه أخل بما وجب عليه ، وإلا فلا يعيد وإن وجده في الوقت.

لأن رجلين خرجا في سفر ، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء ، فتيمما وصليا ثم وجدا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ، ثم أتيا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرا له ذلك ، فقال للذي أعاد : لك الأجر مرتين ، وللذي لم يعد : أصبت السنة وأجزأتك صلاتك (١).

ولو كان السفر معصية ، فتيمم وصلى فإشكال ، ينشأ : من وجوب الصلاة عليه حينئذ ، والماء متعذر ، فوجب بدله ، فخرج (٢) عن العهدة بالامتثال. ومن كون سقوط الفرض رخصة فلا يناط بسفر المعصية.

ولو تعذر استعمال الماء لجراحة فيه ، تيمم ولا إعادة ، لأصالة البراءة. ولو كان به عذر يمنع من استعمال الماء في بعض محل الطهارة دون بعض فتيمم ، لم يعد صلاته. وكذا ذو الجبيرة إذا تعذر مسحها بالماء ، فتيمم وصلى لم يعد.

ولو تيمم لشدة البرد وصلى ، لم يعد ، سواء كان مسافرا أو حاضرا يعجز عن تسخينه ، وسواء كان محدثا أو جنبا ، وسواء تعمد الجنابة أو لا.

ولو منعه زحام يوم الجمعة عن الوضوء فتيمم وصلى ، أو كان على جسده أو ثوبه نجاسة لا يتمكن من غسلها فتيمم وصلى ، لم يعد للامتثال. وكذا لا يعيد لو أراق الماء في الوقت أو قبله.

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ١٥٨.

(٢) في « س » فيخرج.

٢١٨

أما لو نسي الماء في رحله ثم وجده ، أو مع أصحابه بعد أن صلى بتيممه ، فإنه يستأنف لتفريطه بترك الطلب.

ولو ضل عن رحله ، أو عن بئر كان يعرفها ، فتيمم وصلى ثم وجدهما ، لم يعد لأصالة البراءة.

ويجوز للفاقد الجماع وإن كان معه ما يكفيه للوضوء خاصة قبل الوقت ، لعموم « فَأْتُوا » (١) وليس مكروها لأصالة العدم.

ولو دخل الوقت ومعه ماء يكفيه للوضوء خاصة ، احتمل تحريم الجماع عليه حتى يصلي ، لما فيه من تفويت الواجب ، وهو الصلاة بطهارة الماء. ولو لم يكن معه ماء جاز ، لعدم وجوب المائية عليه حينئذ ، والتراب كما قام مقام الصغرى كذا يقوم مقام الكبرى.

ولو كان على طهارة ، فدخل الوقت ثم فقد الماء وعلم استمراره ، وجب عليه فعل الصلاة بتلك الطهارة ، وحرم عليه نقضها قبل الفعل مع التمكن.

ولو كان الثوب نجسا ولا ماء معه ، نزعه وصلى عاريا بتيمم ولا إعادة عليه. ولو لم يتمكن من نزعه صلى فيه ولا إعادة أيضا للامتثال ، ورواية (٢) الإعادة محمولة على الاستحباب.

ومتعمد الجنابة إن أوجبنا عليه الإعادة وجبت عند وجود الماء ، والتمكن من استعماله ، لحصول الصلاة بالتيمم ، ولقول الصادق عليه‌السلام : فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة (٣). والأقرب عدم إجزاء إعادتها بتيمم أخرى ، لحصول المصلحة الناشئة من فعلها بالتيمم أولا. فإن فقد الماء بعد تمكنه فالأقرب (٤) الإجزاء.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ١٠٠٠.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٨٢ ح ٦.

(٤) كذا في « ق » وفي « ر » و « س » الأولى.

٢١٩

أما لو أوجبنا الإعادة على المصلي في الثوب النجس ، فإنه يكفيه الإعادة بتيمم ، لكن بعد غسل الثوب ، أو الصلاة في غيره ، أو عاريا عند تمكنه.

ولو نسي الجنابة فتيمم للحدث ، فإن ساوينا بينهما فالأقرب الإجزاء ، وإلا أعاد التيمم والصلاة.

ويكفي تيمم غسل الجنابة عن الوضوء بخلاف غيره ، فلو تيمم بدلا عن الجنابة ، أو عنها وعن الحدث ، أو الاستباحة ، أو الجنابة دون الحدث ارتفعا.

ولو أحدث المتيمم في صلاته حدثا أصغر ووجد الماء ، قال الشيخان : توضأ وبنى على ما مضى من صلاته إن كان ناسيا ، ما لم يتكلم أو يستدبر القبلة (١).

ولو تعمد الحدث أو فعل أحدهما استأنف. والرواية (٢) الصحيحة الدالة على الوضوء والبناء على ما مضى من صلاته ، محمولة على صلاة قد كملت دون هذه ، لانتقاضها بالحدث ، فأشبهت المائية. ولأن الوضوء ونيته فعل كثير تخلل بين أفعالها مع إمكان تركهما ، لوجود الحدث مع التيمم والصلاة ، فالمتجدد سهل.

ولا يجب التيمم إلا من حدث يوجب إحدى الطهارتين أو كليهما ، فلو كان على بدنه نجاسة ولم يتمكن من غسلها بالماء ، صلى إن كان على طهارة من غير تيمم ، وإن كان العجز لعدم الماء أو لخوف الضرر باستعماله ، إذ القصد من غسل النجاسة إزالتها ، وهو لا يحصل بالتيمم.

ولا يصح تيمم الكافر بنية الإسلام ، فلو أسلم بعده وجب إعادته ، لأن النية شرط. ولا يصح من الكافر وكذا المرتد. ولا يبطل التيمم بالارتداد.

__________________

(١) قال الشيخ المفيد في المقنعة [٨] : ولو أن متيمما دخل في الصلاة ، فأحدث ما ينقض الوضوء من غير تعمد ووجد الماء ، لكان عليه أن يتطهر ويبني على ما مضى من صلاته ، ما لم ينحرف عن الصلاة إلى استدبارها ، أو يتكلم عامدا بما ليس من الصلاة. واستدل عليه الشيخ الطوسي (ره) في التهذيب ١ ـ ٢٠٤.

(٢) تهذيب الأحكام ١ ـ ٢٠٥ ح ٦٨.

٢٢٠