نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

أو سهوا ، لقوله عليه‌السلام : اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب (١). وأخذ عليه‌السلام بأذن ابن عباس وهو في الصلاة ، فأداره من يساره إلى يمينه. ولعسر الثبات على هيئة واحدة في زمان طويل ، بل لا يخلو عن حركة واضطراب.

ولا بد للمصلي من رعاية التعظيم والخشوع ، فعفي عن القدر الذي لا يحمل (٢) على الاستهانة بهيئة الخشوع. بخلاف الكلام ، فإنه يجب الاحتراز عن قليله وكثيره لسهولته.

وأما الكثير من الأفعال ، فإنه مبطل إن وقع عمدا إجماعا ، لمنافاته الخشوع ، إلا حالة شدة الخوف ، وإلا القراءة من المصحف ، فإنه لا يضر ، بل يجب ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة ، ولو قلب الأوراق أحيانا ، لم يضر إذا كان يسيرا.

ولو كان ينظر في غير القرآن وتردد في نفسه ما فيه ، فالأقوى عدم البطلان ، لأن النظر لا يشغل بالإعراض عن الصلاة. وحديث النفس معفو عنه.

والمرجع في الفرق بين القليل والكثير إلى العادة ، فما يعده الناس قليلا لا بأس به ، كالإشارة بالرأس ، وتصفيق اليد ، وضرب الحائط ، وخلع النعل ، ولبس الثوب الخفيف ونزعه ، والخطوتين ، ودفع المار بين يديه. فالفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل ، وكذا الفعليان. وأما الثلاث فكثير.

وإنما يبطل الكثير إذا وجد على التوالي ، أما المتفرق كما لو خطا خطوة أو ضرب ضربة ، ثم بعد زمان فعل أخرى وهكذا ، ففي الإبطال إشكال ، أقربه ذلك اتباعا للاسم.

والفعلة الواحدة إذا أفرطت ، أبطلت على إشكال كالوثبة الفاحشة. والثلاث إذا خفت لم تبطل ، كحركة الأصابع في سبحة ، أو حكة أو عقد وحل ، لأنها لا تخل بهيئة الخشوع ، فهي مع الكثرة بمثابة فعل واحد.

__________________

(١) جامع الأصول ٦ ـ ٣٢٩.

(٢) في « ق » لا يحتمل الاستهانة.

٥٢١

ويجوز عد الركعات والتسبيحات بأصابعه ، أو بشي‌ء يكون معه من الحصى والنوى مع عدم التلفظ ، من غير كراهة. وعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العباس صلاة التسبيح وأمره في كل ركن بتسبيحات مقدرة (١). وليس الضبط بالقلب ، لتعذره واشتغاله به عن الخشوع ، وإنما يكون بعقد الأصابع.

أما الأكل والشرب فالأقرب إلحاقهما بالأفعال الكثيرة ، إذ تناول المأكول ومضغه وابتلاعه أفعال متعددة وكذا المشروب ، ولأنه ينافي هيئة الخشوع ، ويشغل بالإعراض عن الصلاة. أما لو كان قليلا ، كما لو كان بين أسنانه شي‌ء ، أو نزلت نخامة من رأسه فابتلعها ، فإنه غير مبطل.

ولو أكل ناسيا أو مغلوبا ، بأن نزلت النخامة ولم يمكنه إمساكها ، لم تبطل ، والجاهل بالتحريم عامد.

ولو وصل شي‌ء إلى جوفه من غير أن يفعل فعلا من ابتلاع ومضغ ، بأن يضع في فمه سكرة فتذوب وتسوغ مع الريق ، فالأقرب عدم البطلان ، لأنه لم يوجد فيه مضغ وازدراد. ولو مضغ علكا فكالأكل ، ولو وضع في فمه من غير مضغ فلا بأس.

ولا فرق في ذلك كله بين الفرائض والنوافل ، إلا أنه قد ورد رخصة في شرب الماء في دعاء الوتر إذا أصبح صائما وخاف العطش للحاجة فلا يتعدي الحكم.

البحث الخامس

( في باقي المبطلات )

وهي شيئان :

الأول : الالتفات إلى ما ورائه مبطل مع العمد دون النسيان ، لأن الاستقبال شرط والالتفات بجملته مفوت له ، ولقول الباقر عليه‌السلام : إذا‌

__________________

(١) سنن ابن ماجه ١ ـ ٤٤٢.

٥٢٢

استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة ، فتفسد صلاتك ، إن الله تعالى يقول لنبيه في الفريضة ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (١).

وقال الباقر عليه‌السلام : الالتفات تقطع الصلاة إذا كان بكله (٢). أما الالتفات يمينا وشمالا فإنه مكروه غير مبطل ، لدلالة مفهوم قوله « إذا كان بكله » عليه.

الثاني : التكفير مبطل ، وهو وضع اليمين على الشمال للإجماع ، قاله الشيخ والمرتضى ، لأنه فعل كثير ، ونهى الصادق عليه‌السلام عنه (٣). ويجوز للتقية ، قاله الشيخ (٤).

ولا فرق بين وضع اليمنى على الشمال وعكسه ، ولا بين كونه فوق السرة وتحتها ، وكذا لا فرق بين أن يكون بينهما حائل أو لا.

وفي تحريم وضع الكف على الساعد إشكال. وقال الشيخ : لا يجوز التطبيق في الصلاة ، بأن يطبق إحدى يديه إلى الأخرى ويضعهما بين ركبتيه.

المطلب الثاني

( في التروك المندوبة )

وقد تقدم بعضها وهي أمور :

الأول : نفخ موضع السجود ، لاشتماله على الشغل عن الخضوع وتأذي الغير به ، ولقوله عليه‌السلام : أربع من الجفاء : أن ينفخ في الصلاة ، وأن يمسح وجهه قبل أن ينصرف من الصلاة ، وأن يبول قائما ، وأن يسمع المنادي فلا يجيبه (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ٢٢٧ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة ٤ ـ ١٢٤٨ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة ٤ ـ ١٢٦٤ ح ٢.

(٤) النهاية ص ٧٣.

(٥) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٥٩ ما يدل على ذلك.

٥٢٣

الثاني : فرقعة الأصابع ، لقوله عليه‌السلام لعلي عليه‌السلام : لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي (١). وقول الصادق عليه‌السلام : إذا قمت إلى الصلاة فاعلم أنك بين يدي الله ، فإن كنت لا تراه فاعلم أنه يراك ، فأقبل قبل صلاتك فلا تمتخط ولا تبصق ولا تنقض أصابعك ، فإن قوما عذبوا بنقض الأصابع والتورك في الصلاة (٢).

الثالث : العبث ، لما فيه من سلب الخشوع.

الرابع : التثاؤب والتمطي ، للاشتغال بهما عن الخشوع ، ولما فيه من تغير هيئة الصلاة.

الخامس : التنخم والبصاق ، لأنه عليه‌السلام كان يأخذ النخامة في ثوبه وهو يصلي (٣).

السادس : مدافعة الأخبثين أو الريح ، لاشتغاله عن الصلاة ، ولقوله عليه‌السلام : لا صلاة لحاقن ولا حاقنة (٤).

السابع : لبس الخف الضيق ، لشغله عن الصلاة.

الثامن : التورك وهو أن يعتمد بيديه على ركبتيه ، وهو التخصر ، لأنه عليه‌السلام نهى عن التخصر في الصلاة (٥). وقال الصادق عليه‌السلام : ولا تتورك (٦).

التاسع : السدل ، لما فيه من الخيلاء ، وهو وضع الثوب على الرأس أو الكتف وإرسال طرفيه.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ١٢٦٣ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة ٤ ـ ٦٧٨ ح ٩.

(٣) جامع الأصول ٦ ـ ٣٢٩.

(٤) جامع الأصول ٦ ـ ٣٤٦.

(٥) نهاية ابن الأثير ٢ ـ ٣٦ ، جامع الأصول ٦ ـ ٢٥٤.

(٦) وسائل الشيعة ٤ ـ ٦٧٨ ح ٩.

٥٢٤

خاتمة :

تشتمل على مباحث :

الأول : يحرم قطع الصلاة لغير حاجة ، لقوله تعالى ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (١) ويجوز للحاجة ، لخوف فوت الدابة ، أو الغريم ، أو ضياع المال ، أو غرق الغلام ، أو الطفل ، أو سقوطه.

لقول الصادق عليه‌السلام : إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق ، أو غريما لك عليه مال ، أو حية تخافها على نفسك ، فاقطع الصلاة واتبع الغلام أو الغريم واقتل الحية (٢).

الثاني : لا تقطع الصلاة ما يمر بين يدي المصلي ، سواء الكلب الأسود والحمار والمرأة ، لأن الفضل بن عباس قال : أتانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن في بادية ، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة ، وحمارة لنا وكلبة يعبثان بين يديه ، فما بالي ذلك. وكان يصلي صلاته من الليل وعائشة معترضة بينه وبين القبلة (٣). وقال الصادق عليه‌السلام : لا تقطع الصلاة كلب ولا حمار ولا امرأة (٤).

الثالث : لا تقطع الصلاة رعاف ، ولا قي‌ء ، ولو عرض الرعاف في الصلاة أزاله وأتم ، ما لم يحتج إلى فعل كثير ، أو كلام ، أو استدبار ، فيستأنف.

الرابع : حكم المرأة في جميع الأحكام حكم الرجل ، لكن لا جهر عليها ، ولا أذان ، ولا إقامة ، فإن أذنت وأقامت خافتت فيهما.

ويستحب لها إذا قامت في الصلاة أن تجمع بين قدميها ، ولا تفرج بينهما ، وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثديها ، وإذا ركعت وضعت يديها فوق‌

__________________

(١) سورة محمد : ٣٣.

(٢) وسائل الشيعة ٤ ـ ١٢٧٤ ح ١ ب ٢١.

(٣) جامع الأصول ٦ ـ ٢٣٤.

(٤) وسائل الشيعة ٤ ـ ١٢٥٠ ح ١ ب ٤.

٥٢٥

ركبتيها على فخذيها ، لئلا يتطأطأ كثيرا ، فإذا جلست فعلى أليتيها كما يفعل الرجل ، فإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ، ثم تسجد لاطئة بالأرض ، وإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها ، فإذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا ، للرواية (١) وللستر.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ٦٧٦ ح ٤.

٥٢٦

الفصل الرابع

( في الخلل الواقع في الصلاة )

الخلل الواقع في الصلاة إما عن عمد ، أو سهو ، أو شك ، فهنا مطالب :

المطلب الأول

( في العمد )

كل من أخل بشي‌ء من واجبات الصلاة عمدا ، بطلت صلاته ، لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في العهدة ، سواء كان ما أخل به شرطا ، كالطهارة والاستقبال وستر العورة. أو جزءا ، كركوع أو سجود أو قراءة ، أو تسبيح ركوع أو تسبيح سجود ، أو كيفية ، كطمأنينة وإعراب قراءة ، أو تركا كالالتفات إلى خلف وكلام بلا خلاف.

وكذا لو فعل ما يجب تركه ، أو ترك ما يجب فعله عمدا جاهلا بوجوبه. أو بكونه مبطلا ، فإن الجهل ليس عذرا إلا في الجهر والإخفات ، فقد جعل الجهل بهما عذرا.

ولو جهل غصبية الثوب الذي يصلي فيه ، أو المكان ، أو نجاسة الثوب ، أو البدن ، أو موضع السجود ، لم يعد.

٥٢٧

ولو جهل غصبية الماء الذي توضأ به ، لم يعد الوضوء ولا الصلاة الذي صلى به ، لأن اطلاع على حقائق الأشياء عسر ، فيكون منفيا ، ويصير المطلوب شرعا عدم العلم بالغصبية. ولو علم قبل الطهارة ، أعادها مع الصلاة.

ولو لم يعلم أن الجلد ميتة وصلى فيه ، ثم علم. فإن كان قد أخذه من مسلم غير مستحل للجلد المدبوغ ، أو شراه من سوق المسلمين غير المستحلين ، صحت صلاته ، بناء على الظاهر من صحة تصرف المسلم. ولو أخذه من غير مسلم ، أو من مسلم مستحل لجلد الميتة ، أو وجده مطروحا ، أعاد. لأن الأصل عدم التذكية. ولو لم يعلم أنه من جنس ما يصلى فيه ، أعاد.

المطلب الثاني

( في السهو )

وفيه بحثان :

البحث الأول

( في السهو عن الركن )

قد بينا أن أركان الصلاة التي تبطل الصلاة بتركها عمدا خمسة على الأظهر ، فمن أخل بركن منها أعاد ، سواء تعمد أو سها ، كمن أخل بالقيام حتى نوى ، أو بالنية حتى كبر ، أو بتكبيرة الإحرام حتى قرأ ، أو بالركوع حتى سجد ، أو بالسجدتين معا حتى ركع فيما بعد ، أعاد الصلاة ، لأن الكاظم عليه‌السلام سئل عن الرجل ينسى التكبير حتى قرأ؟ قال : يعيد الصلاة (١).

ولا فرق بين الأولتين والأخيرتين في ذلك على الأقوى ، لأنه أخل بركن من الصلاة ، فأبطلها كالأولتين ، ولأنه أخل بركن حتى دخل في آخر ، فسقط الثاني. فلو أعاد الأول لزاد ركنا ، ولو لم يأت به نقص ركنا ، وكلاهما مبطل ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ٧١٦.

٥٢٨

ولقول الصادق عليه‌السلام : إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع ، استأنف الصلاة (١). وهو يدل بإطلاقه على الجميع.

وللشيخ قول آخر (٢) : إن ترك الركوع أو السجدتين ، إن كان في الأولتين بطلت صلاته ، وإن كان في الأخيرتين ، حذف الزائد وأتى بالفائت ولفق. فلو ترك ركوع الثالثة حتى سجد السجدتين ، أسقطهما وأعاد السجدتين. وكذا لو ترك السجدتين حتى ركع في الرابعة أسقط الركوع وسجد للثالثة ثم أتى الرابعة للرواية (٣). وهي محمولة على النفل ، وبعض علمائنا لفق مطلقا.

ولو ترك ركوعا ولم يدر من أي الركعات هو ، أعاد إجماعا ، أما عندنا فظاهر ، وأما عند الشيخ فلاحتمال أن يكون من الأولتين. ولو تيقن سلامتهما ، أضاف إليهما ركعة ، وعلى مذهب من لفق مطلقا يضيف الركعة. وكذا لو ترك السجدتين.

أما لو لم يعلم أهما من ركعة أو ركعتين ، فإنه يعيد مراعاة للاحتياط ، ويحتمل قضاؤهما والسجود للسهو ، لأنه شك في شي‌ء بعد التجاوز عن محله.

وكما أن نقصان الركن مبطل ، فكذا زيادته مبطلة ، سواء العمد والسهو ، إلا زيادة (٤) القيام سهوا. فلو زاد ركوعا أو سجدتين دفعة أعاد ، لأنه فعل كثير ، ولقول الصادق عليه‌السلام : لا تعيد الصلاة من سجدة وتعيدها من ركعة (٥).

ولو زاد ركعة على العدد الواجب عمدا ، بطلت صلاته. ولو كان سهوا ، فإن كان قد جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد ، صحت صلاته وتشهد‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٣٣ ح ٣.

(٢) المبسوط ١ ـ ١٢٠.

(٣) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٦٩ ح ٣.

(٤) في « ق » لزيادة.

(٥) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٦٨ ما يدل على ذلك.

٥٢٩

وسلم وسجد للسهو ، لقول الباقر عليه‌السلام في رجل استيقن أنه صلى الظهر خمسا فقال : إن كان علم أنه جلس في الرابعة فصلاته الظهر تامة ، ويضيف إلى الخامسة ركعة ، ويسجد سجدتين ، فتكون نافلة ولا شي‌ء عليه (١).

ولأن نسيان التشهد غير مبطل. فإذا جلس قدره يكون قد فصل بين الفرض والزيادة. ولو لم يجلس كانت الزيادة مغيرة لهيئة الصلاة ، فتكون مبطلة ، لقول الصادق عليه‌السلام : من زاد في صلاته فعليه الإعادة (٢).

ولو ذكر الزيادة قبل الركوع ، جلس وتشهد وسلم وسجد للسهو ، لأنه لم يأت بركن مغير لهيئة الصلاة.

ولو ذكرها بعد السجود وكان قد جلس بعد الرابعة ، سلم وسجد للسهو ، ويحتمل إضافة أخرى إلى الخامسة ، لتكونا نافلة للرواية (٣).

ولو ذكرها بعد الركوع قبل السجود ، احتمل الجلوس والتشهد والتسليم ويسجد (٤) للسهو ، لأنه واجب بعد الركعة ، فبعد بعضها أولى. والبطلان ، لأن السجود زيادة ركن وتركه زيادة ركوع.

ولو نقص من عدد صلاته ناسيا وسلم ، ثم ذكر ، تدارك إكمال صلاته وسجد للسهو ، سواء فعل ما يبطلها كالكلام أو لا.

أما لو فعل المبطل عمدا وسهوا كالحدث والاستدبار إن ألحقنا به ، فإنها تبطل لعدم إمكان الإتيان بالفائت من غير خلل في هيئة الصلاة ، ولقول أحدهما عليهما‌السلام : إذا حول وجهه عن القبلة استقبل الصلاة استقبالا (٥).

ولو فعل المبطل عمدا ساهيا وتطاول الفصل ، فالأقرب عدم البطلان ويحتمله ، لخروجه عن كونه مصليا ، فحينئذ يرجع في حد التطاول إلى العرف.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٣٣ ح ٥.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٣٢ ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٣٣ ح ٥.

(٤) في « ق » سجد.

(٥) وسائل الشيعة ٣ ـ ٢٢٧ ، وسائل الشيعة ٥ ـ ٣١٥ ح ٢.

٥٣٠

ولو ذكر بعد أن شرع في صلاة أخرى وتطاول الفصل ، صحت الثانية وبطلت الأولى. وإن لم يطل عاد إلى الأولى وأتمها. وهل تبنى الثانية على الأولى؟ فيه احتمال ، فيجعل ما فعله من الثانية تمام الأولى ، ويكون وجود التسليم (١) كعدمه ، لأنه سهو معذور فيه. والنية والتكبير ليستا ركنا في تلك الصلاة ، فلا تبطلها. ويحتمل بطلان الثاني ، لأنه لم يقع بنية الأولى ، فلا يضر بعد عدمه منها. ولو كان ما شرع فيه ثانيا نفلا ، فالأقرب عدم البناء ، لأنه لا يتأدى الفرض بنية النفل.

ولو نوى المسافر القصر ، فصلى أربعا سهوا ، ثم نوى الإقامة ، لم يحسب له بالركعتين ، بل يصلي ركعتين بعد نية الإتمام ، لأن وجوب الركعتين بعد الفراغ من الزيادة ، فلا يعتد بهما. وإذا أراد البناء على صلاته ، لم يحتج إلى النية ولا إلى التكبير ، لأن التحريمة الأولى باقية ، فلو كبر ونوى الافتتاح ، بطلت صلاته ، لأنه زاد ركعتين. ولو كان قد قام من موضعه ، لم يعد إليه ، بل يبني على الصلاة في موضع الذكر.

ولو شك بعد التسليم هل ترك ركعة أو لا ، لم يلتفت. لأن الشك لا يؤثر بعد الانتقال.

ولو سلم عن ركعتين ، فأخبره إنسان بذلك ، فإن حصل له شك ، احتمل عدم الالتفات للأصل. والإتمام ، لأن إخبار المسلم على أصل الصحة ، فإن اشتغل بجوابه ثم ذكر ، فأراد العود إلى صلاته جاز ، لأن الكلام وقع ناسيا. ولو لم يشك فأجابه وقال : بل أتممت ، ثم ذكر النقصان ، فإنه يبني أيضا.

ولا فرق بين الثنائية وغيرها ، فلو توهم أنه صلى ركعتين فتشهد وسلم ، ثم ذكر أنه صلى ركعة ، قام فأتم صلاته وسلم وسجد للسهو.

__________________

(١) في « ق » و « د » السلام.

٥٣١

البحث الثاني

( في السهو عن غير ركن )

وأقسامه ثلاثة :

القسم الأول

( ما لا حكم له )

وهو صور :

الأول : من نسي القراءة حتى ركع ، مضى في صلاته ، ولا يتدارك القراءة بعد الركوع ولا بعد الصلاة. وكذا أبعاضها كالحمد أو السورة ، لأنه عذر فيسقط معه التكليف.

ولأن منصور بن حازم سأل الصادق عليه‌السلام صليت المكتوبة ونسيت أن أقرأ في صلاتي كلها؟ فقال : أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ فقال له : بلى ، قال : تمت صلاتك (١).

الثاني : لو نسي الجهر والإخفات حتى فرغ من القراءة ، مضى في صلاته ، ولا يستأنف القراءة وإن لم يكن قد ركع ، لأن النسيان في أصل القراءة عذر ، ففي كيفيتها أولى.

الثالث : لو نسي الذكر في الركوع أو السجود ، حتى انتصب منهما لم يلتفت ، لأن عليا عليه‌السلام سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا؟ قال : تمت صلاته (٢). وسئل الكاظم عليه‌السلام عن رجل نسي تسبيحه في ركوعه وسجوده؟ قال : لا بأس بذلك (٣).

الرابع : ترك الطمأنينة في الركوع أو السجود ، ولم يذكر حتى ينتصب لم يلتفت. وكذا لو ترك الطمأنينة في الرفع من الركوع ، أو في الرفع من‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ٧٦٩ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٣٩ ح ١ ب ١٥.

(٣) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٣٩ ح ٢ ب ١٥.

٥٣٢

السجدتين ، أو في الجلوس من التشهد ، أو ترك عضوا من السبعة لم يسجد عليه فما زاد سهوا ، أو الرفع من الركوع ، أو من السجود ، ولم يذكر حتى ينتقل. أما لو كان في محله فإنه يأتي به.

الخامس : لا حكم للسهو في السهو ، لأنه لو تداركه لأمكن أن يسهو ثانيا ويدوم التدارك ، وهو مشقة عظيمة ، ولقول الصادق عليه‌السلام : ليس على السهو سهو (١).

وفسر بأمرين : أن يسهو عن السهو فيقول : لا أدري سهوت أم لا. أو يسهو فيما يوجب السهو ، كما لو شك هل أتى بسجدة من سجدتي السهو أو بهما ، فإنه يبني على أنه فعل ما شك فيه.

السادس : لا حكم للسهو إذا كثر وتواتر ، بل يبنى على وقوع ما شك فيه ، ولا يسجد للسهو ، لما في وجوب تداركه من الحرج ، ولقول الصادق عليه‌السلام : إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك (٢). وكذا قال الباقر عليه‌السلام وزاد : فإنه يوشك أن يدعك ، فإنما هو الشيطان (٣).

والمرجع إلى العرف في الكثرة ، إذ عادة الشرع رد الناس إلى المتعارف بينهم فيما لم يقدره.

وقيل : أن يسهو في فريضة واحدة أو شي‌ء واحد ثلاث مرات. أو يسهو في أكثر الخمس كالثلاث ، فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الرابعة. وقيل : أن يسهو ثلاث مرات متوالية.

ولو كان السهو فيما يوجب التدارك ، كما لو سها في القراءة وهو قائم ، أو في سجدة وهو جالس وقد بلغ حد الكثرة ، لم يلتفت أيضا ، عملا بالإطلاق. فإن تدارك ، احتمل البطلان ، لأنه فعل ما ليس من الصلاة فيها.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٤٠ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٢٩ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٢٩ ح ١.

٥٣٣

السابع : لا سهو على الإمام إذا حفظ عليه المأموم ، وبالعكس ، للأصل ، ولقوله عليه‌السلام : ليس على من خلف الإمام سهو (١). ولقول الرضا عليه‌السلام : الإمام يحفظ أوهام من خلفه إلا تكبيرة الافتتاح (٢).

وهل ينسحب إلى غيرهما لو حفظ عليه الثقة؟ الأقرب ذلك إن أفاد الظن وإلا فلا.

ولو اختص المأموم بالسهو ، فإن كان بالزيادة ، مثل أن يتكلم ناسيا ، أو يقوم في موضع قعود الإمام ناسيا ، أو بالعكس ، فالوجه عندي اختصاصه بموجبه من السجود له للعموم. وإن كان بالنقصان ، فإن كان في محله أتى به ، لأنه مخاطب بفعله ولم يحصل ، فيبقى في العهدة.

وإن تجاوز ، فإن كان ركنا بطلت صلاته ، لأنه كما لو سها عن الركوع وذكر بعد سجوده مع الإمام. وإن لم يكن ركنا كالسجدة ، قضاها بعد التسليم. ولو كان مما لا يقضى كالذكر في الركوع والسجود ، فلا سجود عليه للسهو عند أكثر علمائنا ، والوجه عندي وجوبه فيما يجب فيه على المنفرد ، لقول أحدهما عليهما‌السلام : ليس على الإمام ضمان (٣).

ولو انفرد الإمام بالسهو لم يتابعه المأموم في سجوده له ، لانتفاء سببه عنه ، خلافا للشيخ.

ولو لم يسجد الإمام له ، لم يسجد المأموم ، ويجي‌ء على قول الشيخ السجود.

ولو سها الإمام ، لم يجب على المسبوق بعد السهو متابعته في سجوده ، سواء قلنا إن السجود قبل التسليم أو بعده ، بل ينوي المأموم الانفراد ويسلم ، أو ينتظر إمامه ليسلم معه ، لأنه ليس موضع سجود للسهو في حق المأموم ، ولو انفرد هذا المسبوق فيما انفرد به سجد له.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٣٨ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٣٨ ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٤٣٣ ح ٢.

٥٣٤

ولو اشترك السهو بينهما ، فإن سجد الإمام تبعه المأموم بنية الايتمام ، أو الانفراد إن شاء. ولو لم يسجد الإمام ، سجد المأموم وبالعكس.

ولو قام الإمام إلى الخامسة ساهيا ، فسبح به المأموم فلم يرجع ، جاز أن ينوي الانفراد ، وأن يبقى على الايتمام ، فلا يجوز له متابعته في الأفعال ، لأنها زيادة في الصلاة غير مبطلة باعتبار السهو ، بل ينتظره قاعدا حتى يفرغ من الركعة ويعود إلى التشهد ويتشهد معه. فإن سجد الإمام للسهو ، لم يسجد المأموم. وإن لم يسجد الإمام ، لم يسجد المأموم أيضا.

ولو كان المأموم مسبوقا بركعة وقام الإمام إلى الخامسة ، فإن علم المأموم أنها خامسة ، لم يكن له المتابعة ، وإن لم يعلم وتابع ، احتسب له الركعة.

ولو صلى ركعة فأحرم الإمام بالصلاة ، فنوى الاقتداء به ، احتمل البطلان والصحة ، فحينئذ إن سها المأموم فيما انفرد فيه ثم سها أمامه فيما (١) تبعه فيه ، فلما فارق الإمام وأراد السلام ، وجب عليه أربع سجدات إن قلنا بالمتابعة ، وإلا فسجدتان عما اختص به.

ولو ترك الإمام سجدة وقام سبح به المأموم ، فإن رجع ، وإلا سجد ثم تابعه ، لأن صلاة الإمام صحيحة.

ولو ظن المأموم أن الإمام قد سلم ، فسلم ، ثم بان أنه لم يسلم بعد ، احتمل خروجه من الصلاة ، لأنه استوفى الأفعال وخطاؤه ليس بمفسد. وأن يسلم مع الإمام ، فيسجد إن قلنا به فيما ينفرد به ، وإلا فلا ، لأنه سهو في حال الاقتداء به.

ولو سلم [ إلى ] (٢) الإمام ، فسلم المسبوق ناسيا ، ثم ذكر ، بنى على صلاته وسجد للسهو ، لأن سلامه وقع بعد انفراده.

ولو ظن المسبوق أن الإمام سلم لصوت سمعه ، فقام ليتدارك ما عليه‌

__________________

(١) في « س » فيها.

(٢) الزيادة من « ق ».

٥٣٥

وفعله وجلس ، ثم علم أن الإمام لم يسلم ، احتسب ما فعله ، لأنه بقيامه نوى الانفراد وله ذلك. ولو قلنا بالتحمل كالشيخ ، فإنما يكون لو كانت صلاة الإمام صحيحة ، فلو تبين كون الإمام جنبا لم يسجد لسهوه ، ولا يتحمل هو عن الإمام.

ولو عرف أن الإمام مخطئ فيما ظنه من السهو ، لا يوافقه إذا سجد ، وكل موضع يلحقه سهو الإمام فإنه يوافقه. فإن تركه عمدا ففي إبطال الصلاة نظر.

ولو رأى إمامه قد سجد آخر صلاته سجدتين ، تابعه حملا على أنه قد سها وإن لم يعرف سهوه.

ولو اعتقد الإمام سبق التسليم على سجدتي السهو فسلم ، واعتقد المأموم خلافه لم يسلم ، بل يسجد ولا ينتظر سجود إمامه ، لأنه فارقه بالتسليم.

ولو سجد الإمام آخر صلاته عن سهو ، اختص به بعد اقتداء المسبوق ولم يتبعه (١) على الأقوى ، ويتبعه على الآخر ، لأن عليه متابعته. فإن تابعه فهل يعيد في آخر صلاته؟ يحتمل ذلك ، لأن المأتي به كان للمتابعة وقد تعدى الخلل إلى صلاته بسهو إمامه ، ومحل الجبر بالسجود آخر الصلاة. والعدم ، لأنه لم يسه ، والمأتي به سبب المتابعة ، وقد ارتفعت بسلام الإمام.

ولو اشترك الإمام والمأموم في نسيان التشهد أو سجدة ، رجعوا ما لم يركعوا. فإن رجع الإمام بعد ركوعه لم يتبعه المأموم ، لأنه خطأ فلا يتبعه فيه ، وينوي الانفراد.

ولو ركع المأموم أولا قبل الذكر ، رجع الإمام وتبعه المأموم إن نسي سبق ركوعه. وإن تعمد استمر على ركوعه ، وقضى السجدة وسجد للسهو. وإذا قضى المسبوق ما فاته مع الإمام لا يسجد للسهو لانتفاء سببه.

__________________

(١) في « ق » لم يتابعه.

٥٣٦

الثامن : لا حكم للسهو في النافلة ، فلو شك في عددها بنى على الأقل استحبابا ، ويجوز على الأكثر ، ولا يجبر سهوه بركعة ولا سجود ، لأنها لا تجب بالشروع ، فيقتصر على ما أراد.

القسم الثاني

( ما يجب تلافيه من غير سجود )

وهو أقسام :

الأول : من نسي قراءة الحمد حتى قرأ سورة ولم يركع ، رجع فقرأ الحمد ثم استأنف السورة أو غيرها ، لبقاء المحل.

الثاني : لو نسي الركوع وذكر قبل أن يسجد ، قام فركع ثم سجد ، لبقاء المحل.

الثالث : من ترك السجدتين أو إحداهما وذكر قبل الركوع ، رجع فتلافاه ، ثم قام ففعل ما يجب من قراءة أو تسبيح ثم ركع.

الرابع : لو سها عن التشهد ، فذكر قبل أن يركع ، رجع فتشهد ثم قام فاستأنف ، وكذا أبعاض التشهد ، كالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو على آله عليهم‌السلام ، أو إحدى الشهادتين ، سواء التشهد الأول والثاني.

القسم الثالث

( ما يجب تلافيه مع سجدتي السهو )

وهو من ترك سجدة ولم يذكر حتى يركع ، فإنه يمضي في صلاته ، لفوات محلها ، ويقضيها لأنها جزءا من الصلاة لم يأت به ، فيبقى في عهدة الأمر به ، ويسجد للسهو.

وكذا لو ترك التشهد ولم يذكر حتى يركع ، فإنه يقضيه بعد الفراغ من الصلاة ، ويسجد للسهو.

٥٣٧

قال الصادق عليه‌السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام قال : فليسجد ما لم يركع (١).

ولو نسي السجدة الثانية ثم ذكر ، ففي وجوب جلسة الفصل إن لم يكن قد جلس عقيب السجدة الأولى إشكال ، ينشأ : من عدم النص ، وقيام القيام مقامها في الفصل ، وأصالة البراءة. ومن أنها واجبة فيأتي بها.

ولو ترك أربع سجدات من أربع ركعات ، فإن ذكر قبل التسليم سجد واحدة عن الأخيرة ، لبقاء محلها ، ثم يعيد التشهد ويسلم ويقضي باقي السجدات ، لفوات محلها ، وسجد سجدتين لكل سهو. ولو ذكر بعد التسليم قضى الأربع ولاء ، وسجد لكل واحدة سجدتين.

المطلب الثالث

( في الشك )

وفيه مباحث :

البحث الأول

( في قواعد كلية )

كل شاك في فعل ، أو ساه عنه ، إذا كان محله باقيا فإنه يأتي به ، لأصالة العدم. وإن انتقل ، لم يلتفت في الشك ، ولا يجب به شي‌ء بناء على أصالة الصحة ، واستيفاء الأفعال ، ودفعا للحرج ، فإن الشك مما يعتور الإنسان في أغلب أحواله.

فلو شك في النية وقد كبر ، أو في تكبيرة الافتتاح وقد قرأ ، أو في القراءة وقد ركع ، أو في الركوع وقد سجد ، أو في السجود أو التشهد وقد قام ، لم يلتفت.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٦٨ ح ١.

٥٣٨

وكل شك يعرض للإنسان إذا غلب الظن على أحد طرفيه ، إما الفعل أو الترك ، فإنه يبنى على الغالب كالعلم ، لاستحالة العدول عن الراجح إلى المرجوح ، ولقول الصادق عليه‌السلام : ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلم وانصرف (١).

البحث الثاني

( في الشك في الأبعاض )

إذا شك في ركوع أو سجود أو ذكر فيهما ، أو طمأنينة ، أو قراءة ، فإن كان في محله أعاده ، وإلا مضى لسبيله.

ولو شك وهو قائم في الركوع ، وجب أن يركع. فإن ذكر في حال ركوعه أنه كان قد ركع ، أرسل نفسه ولا يرفع رأسه ، قال الشيخ والمرتضى ، لأن ركوعه مع هويه لازم فلا يعد زيادة. وقال ابن أبي عقيل : يعيد ، لأنه زاد ركنا. والأقرب أنه إن استوفى واجب الركوع ، استأنف ، وإلا أرسل نفسه.

وهل يحصل الانتقال عن محل السجود والتشهد باستيفاء القيام؟ خلاف ، الأقرب العدم ، كما في حالة السهو.

فلو شك في سجدة أو سجدتين أو في تشهد ، وهو قائم قبل الركوع ، رجع وفعل ما شك فيه ، ثم قام فأعاد ما فعله ، لأن القيام والقراءة ليستا ركنين عند الشيخ ، فيكون في حكم ركن السجود ، ولقول الصادق عليه‌السلام في رجل نهض من سجوده ، فشك قبل أن يستوي قائما ، فلم يدر سجد أو لم يسجد قال : يسجد (٢).

وقيل : لا يلتفت بخلاف الذكر ، لأنه قد انتقل إلى ركن القيام ، ولقول الصادق عليه‌السلام : إن شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شي‌ء شك وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه (٣). والفرق ظاهر بين الذكر والشك ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣١٦ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٧٢ ح ٦.

(٣) وسائل الشيعة ٤ ـ ٩٧١ ح ٤.

٥٣٩

فجاز اختلاف الحكم ، ونقول بموجب الرواية الأولى ، لأنه قبل استكمال القيام يجب الرجوع ، لأنها حالة السجود.

البحث الثالث

( في الشك في العدد )

الصلاة : إما ثنائية ، أو ثلاثية ، أو رباعية ، فالأولى إذا شك في عددها ، بطلت صلاته ، وكذا الثانية.

فلو شك هل صلى ركعة أو اثنتين في الصبح أو الجمعة أو العيدين أو الكسوف ، أو في الثلاثة هل صلى ركعة أو ركعتين ، أو هل صلى ركعتين أو ثلاثا ، أعاد الصلاة عند علمائنا إلا الصدوق ، لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا يخرج عن العهدة إلا به.

ولقول الصادق عليه‌السلام لما سأله العلاء عن الشك في الغداة : إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها (١). وسأل محمد بن مسلم أحدهما عليهم‌السلام عن السهو في المغرب؟ قال : يعيد حتى يحفظ ، أنها ليست مثل الشفع (٢).

وحكم الأولتين في الرباعية حكم الثنائية ، فلو شك فيهما فلم يدر هل صلى ركعة أو ركعتين أعاد الصلاة ، لأنها كالثنائية ، ولقول الصادق عليه‌السلام : إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك (٣).

ولو شك في جزء منهما لا في العدد ، كالركوع أو السجود أو القراءة أو الذكر ، أو في كيفية كالطمأنينة ، كان حكم الشك فيهما كالشك في الأخيرتين عند أكثر علمائنا ، لأصالة البراءة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٠٢ ح ١٨.

(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٠٤ ح ٤.

(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٠١ ح ١٣.

٥٤٠