نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

يمسها زوجها إن شاء قبل أن تغتسل (١). لكنه مكروه لقول الصادق عليه‌السلام : لا يصلح حتى تغتسل (٢).

فإن غلبته الشهوة ، أمرها بغسل فرجها ثم يأتيها ، لما تقدم في الخبر (٣)

ولو لم يجد الماء فالأقرب عدم وجوب التيمم لو شرطنا الطهارة ، فإن قلنا بالتيمم وفقد التراب ، فالأقرب تحريم الوطي لعدم الشرط ، بخلاف الصلاة فإنه يأتي بها لو قلنا به ، تشبها لحرمة الوقت والتحريم مشترك.

فإن جامع في الوقت عامدا عالما ، عزر ، لإقدامه على المحرم ، ووجب عليه الاستغفار ، لصدور الذنب عنه. وهل تجب الكفارة؟ الأقرب الاستحباب ، لأصالة البراءة ، ولقول الصادق عليه‌السلام : لا أعلم فيه شيئا يستغفر الله (٤).

والكفارة دينار في أول الحيض ، ونصفه في أوسطه ، وربع في آخره ، فإن عجز تصدق بما استطاع ، فإن عجز استغفر الله ولا شي‌ء عليه. لقول الصادق عليه‌السلام : يتصدق إذا كان في أوله بدينار ، وفي وسطه بنصف دينار ، وفي آخره بربع دينار ، قلت : فإن لم يكن عنده ما يكفر؟ قال : فليتصدق على مسكين واحد ، وإلا استغفر الله ولا يعود ، فإن الاستغفار توبة وكفارة لكل امرئ لم يجد السبيل إلى شي‌ء من الكفارة (٥).

ولا يتوقف إباحة الوطي على التفكير لو قلنا بوجوبه. وإنما يثبت الكفارة على الزوج خاصة.

والدينار هنا قيمته عشرة دراهم جيادا. ولا يجب عين المثقال الأحمر. ويصرف إلى الفقراء والمساكين من أهل الإيمان وإن كان واحدا.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٧٢ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٧٤ ح ٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٧٢ ح ١.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٧٦ ح ١ ب ٢٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٧٤ ح ١.

١٢١

ولو وطئها ناسيا ، أو جاهلا بتحريم وطي الحائض ، أو بأنها حائض ، فلا شي‌ء عليه. ولو كانت الحائض أمته ، تصدق بثلاثة أمداد من طعام ، والأقرب التشريك في الأول بين الزوجة الحرة والأمة والأجنبية للشبهة أو للزنا ، لاستلزام ثبوت الحكم في الأدنى ثبوته في الأعلى ، مع احتمال التخصيص بمورد النص ، لاحتمال كونها مسقطة للذنب ، فلا يتعدى إلى الأعظم ، والأول والأوسط والآخر مختلف باختلاف طول الزمان وقصره ، فالثاني وسط لذات الثلاثة وأول لذات الستة.

ولو كرر ، تكررت إن اختلف الزمان ، أو تخلل التفكير ، وإلا فلا ، لصدق الفعل مع قيدي الوحدة والتعدد ، والكفارة تسقط ما ثبت لا ما تجدد.

ولو تجدد الحيض في أثناء الوطي ، وجب النزع ، فإن لم يفعل أثم وكفر.

ولو جامع الصبي ، فلا إثم ولا كفارة. ولو وطئ مستحلا ، فهو مرتد لإنكاره ما علم ثبوته من الدين ، ويجب الامتناع حالة الاشتباه لوجوبه حال الحيض وإباحته حال الطهر ، والأول أقوى.

ولا كفارة على المرأة وإن غرت زوجها ، لأصالة البراءة وعصمة المال.

ولا فرق في الإخراج بين المضروب والتبر لتناول الاسم ، ويجب أن يكون صافيا من الغش ، وفي إجزاء القيمة نظر.

ولا يحرم غير القبل ، كالدبر وما بين السرة والركبة ، عملا بالأصل ، ولقوله عليه‌السلام : افعلوا كل شي‌ء إلا الجماع (١). نعم يكره حذرا من الوقوع في المحذور ، ولا يكره ما فوق السرة وتحت الركبة للأصل ، سواء كان متلطخا بالحيض أو لا.

ويحرم طلاقها مع الدخول بها وخلوها من الحبل ، وحضور الزوج أو حكمه إجماعا ، ولا يقع عندنا ، لأن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فأمره‌

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٢١٢.

١٢٢

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برجعتها وإمساكها حتى تطهر (١).

ويحرم عليها الاعتكاف ، لأن الصوم واللبث في المسجد شرطان.

ويجب عليها الغسل عند انقطاع الدم إجماعا ، وهو شرط في الصلاة إجماعا ، وكذا في الطواف ، لقوله عليه‌السلام : الطواف بالبيت صلاة (٢).

وغسلها كغسل الجنابة ، لقول الصادق عليه‌السلام : غسل الجنابة والحيض واحد (٣). إلا أنه لا بد فيه من الوضوء ، ولا موالاة هنا واجبة كما في الجنابة.

وتجب عليها الاستبراء عند انقطاع الدم إن انقطع لدون العشرة ، باستدخال قطنة : فإن خرجت نقية فهي طاهرة ، وإن خرجت ملوثة صبرت المبتدئة حتى تنقي ، أو تخرج مدة الأكثر ، لقول الباقر عليه‌السلام : فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شي‌ء من الدم فلا تغتسل (٤).

وذات العادة تغتسل بعد عادتها بيوم أو يومين ، فإن انقطع على العاشر أعادت الصوم ، وإلا أجزأها فعلها ، وفي وجوب قضاء عبادة اليومين إشكال. ولو كان الانقطاع لعشرة ، فلا استبراء ، لأن غايته استعلام وجود دم الحيض وعدمه.

ويكره لها الخضاب ، لقول الصادق عليه‌السلام : لا تختضب الحائض (٥). ولا بأس أن تختضب قبل إتيان الدم وإن عرفته ، للأصل السالم عن معارضة الحيض.

ولو حاضت بعد دخول وقت الصلاة وإمكان أدائها قضت ، لتعلق الأمر بها في أوله ، ثم إن كانت قبل الوقت متطهرة ، لم يشترط مضي زمان لها ، لعدم وجوبها حينئذ ، وإلا اشترط لتوقف المأمور به عليها.

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٣٧٦.

(٢) سنن الدارمي ج ٢ كتاب المناسك باب الكلام في الطواف.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٦٦ ح ١.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٦٢ ح ١.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٩٣ ح ٨.

١٢٣

ولو قصر الوقت ، لم يجب القضاء ، لاستحالة ما لا يطاق ، وقول الباقر عليه‌السلام : في المرأة تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم : تقوم من مسجدها ولا تقضي الركعتين (١). وقول الصادق عليه‌السلام : في امرأة أخرت الصلاة حتى حاضت : تقتضي إذا طهرت (٢).

ولو طهرت في أثناء الوقت ، فإن بقي ما يتسع للطهارة وأداء ركعة كاملة وجبت كملا ، لقول الصادق عليه‌السلام : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة. ولا يشترط إدراك كمال الصلاة ، بخلاف أول الوقت.

ولو قصر عن إدراك ركعة ، سقط وجوبها واستحب قضاؤها ، قضاء لحق ما أدركته من الوقت.

ويستحب لها الوضوء عند كل صلاة ، والجلوس في مصلاها ، ذاكرة لله تعالى بقدر زمان صلاتها ، لما فيه من التشبيه بالطاعة والتمرين على فعلها ، إذ الترك في أكثر الأوقات يشق معه الفعل عند الوجوب ، فيحصل الإهمال.

ولا تنوي بهذا الوضوء رفع الحدث ولا استباحة الصلاة ، بل تنوي وضوءا متقربا إلى الله تعالى ، فإن توضأت بنية الندب في وقت تتوهم أنه حيض فإذا هو طهر ، لم تدخل به في الصلاة ، وكذا لو توضأت في وقت تتوهم أنه طهر فإذا هو حيض.

ولو اغتسلت عوض الوضوء ، لم يحصل الامتثال للمغايرة.

ولو فقدت ففي التيمم إشكال لعدم تناول النص وانتفاء الضرورة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٩٨ ح ٦.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٩٧ ح ٤.

١٢٤

الفصل الثالث

( في دم الاستحاضة )

وفيه مطالب :

المطلب الأول

( الماهية )

الاستحاضة قد يعبر بها عن كل دم تراه المرأة غير دمي الحيض والنفاس خارجا عن الفرج مما ليس بعذرة ولا قرح ، سواء اتصل بالحيض كالمتجاوز لأكثر الحيض ، أو لم يكن كالذي تراه المرأة قبل التسع ، فإنه وإن لم يوجب الأحكام عليها في الحال ، لكن فيما بعد يجب الغسل أو الوضوء على التفصيل ، ويوجب الأحكام على الغير فيجب النزح وغسل الثوب.

وقد يعبر بها عن الدم المتصل بدم الحيض وحده ، وبهذا المعنى ينقسم المستحاضة إلى معتادة ومبتدئة ، أيضا إلى مميزة وغيرها ، ويسمى ما عدا ذلك دم فساد ، لكن الأحكام المذكورة في جميع ذلك لا تختلف ، والدم الخارج حدث دائم كسلس (١) البول ، ولا يمنع الصوم والصلاة وغيرهما.

وهو في الأغلب أصفر بارد رقيق يخرج بفتور ، لقول الصادق عليه‌السلام : دم الاستحاضة أصفر (١).

__________________

(١) في « ق » السلس.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٣٧ ح ٢.

١٢٥

وقد يتحقق بهذه الصفات حيض ، فإن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطهر طهر.

وكل ما ليس بحيض ولا قرح ولا عذرة ولا جرح ، فهو دم استحاضة وإن كان مع اليأس.

وله طرفان وواسطة ، وطرف الكثرة أن يغمس القطنة ويسيل. وطرف القلة أن يظهر على القطنة كرءوس الإبر من غير أن يغمسها. والوسط أن يغمس القطنة ولا يسيل.

المطلب الثاني ( في الأحكام )

يجب على المستحاضة الاحتياط في التوقي من النجاسة ، فتغسل فرجها قبل الوضوء أو التيمم ، وتحشوه بقطنة وخرقة دفعا للنجاسة وتقليلا لها.

فإن كان الدم قليلا يندفع به ، اقتصرت عليه ، وإلا تلجمت واستثفرت بشد خرقة على وسطها كالتكة ، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الرأسين ، وتجعل أحدهما من قدامها والآخر من ورائها ، وتشدها بتلك الخرقة ، فإن تأذت بالشد واجتماع الدم ، لم يلزمها للضرر ، ولا تترك الصائمة الحشو نهارا.

ثم إن كان الدم كثيرا ، وجب عليها عند كل صلاة تغيير القطنة والخرقة والوضوء وثلاثة أغسال : غسل للظهر والعصر تجمع بينهما ، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما ، وغسل للغداة وصلاة الليل إن كانت متنفلة

وإن كان الدم متوسطا ، فكذلك ، لكن يسقط غسلا الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

وإن كان أقل سقطت الأغسال ، وفي وجوب تغيير الخرقة إشكال ، أقربه ذلك إن وصل الدم إليها ، وإلا فلا للروايات (١).

__________________

(١) راجع وسائل الشيعة ٢ ـ ٦٠٤.

١٢٦

وإذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال والوضوء صارت طاهرا ، فتصح كل ما يشترط فيه الطهارة ، كالصلاة والطواف ودخول المساجد وقراءة العزائم وإباحة الوطي.

ولو أخلت بالغسل أو الوضوء ، لم تصح صلاتها. ولو أخلت بالغسل ، لم يصح صومها.

ولو انقطع دمها للبرء ، أو كانت مجنونة وانقطع ، ففي وجوب الغسل إشكال ، أقربه ذلك.

ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد ، سواء كانتا واجبتين أو إحداهما ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لفاطمة بنت أبي حبيش توضئي لكل صلاة (١).

ولا بد أن يكون الصلاة عقيب الطهارة ، فإن قدمتها على الوقت ودخل عقيب فراغها منها صحت ، وإلا أعادتها بعده.

ولو أخرت : فإن كان للاشتغال بسبب من أسباب الصلاة ، كستر العورة ، والاجتهاد في القبلة ، والأذان والإقامة ، وانتظار الجماعة والجمعة ، جاز ، وإلا فلا ، لتكرر الحدث عليها وهي مستغنية عن احتمال ذلك قادرة على المبادرة.

ولو انتقض وضوؤها قبل الصلاة بريح ، لزمها الوضوء.

وهل يجب تجديد الاحتياط وهو تغيير القطنة بالخرقة؟ الأقرب ذلك إن زالت العصابة عن موضعها وظهر الدم على جوانبها ، لأن النجاسة قد كثرت وأمكن تقليلها فلا يحتمل ، وإن لم تزل العصابة ولا ظهر الدم ، فالأقرب العدم ، إذ لا معنى للأمر بإزالة النجاسة مع استمرارها ، لكن الأمر بطهارة الحدث مع استمراره معهود ، ويحتمل وجوبه ، كما يجب تجديد الوضوء.

ولو انتقض بالبول ، وجب التجديد لظهور النجاسة ، وهي غير ما ابتليت به.

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٢٢٧.

١٢٧

ولو خرج الدم بعد الشد ، فإن كان لغلبته لم يبطل الوضوء ، وإن كان لتقصيرها في الشد بطل ، وكذا لو زالت العصابة بضعف الشد وزاد خروج الدم بسببه. ولو اتفق ذلك في الصلاة ، بطلت.

وكما لا تؤدي بالوضوء إلا صلاة واحدة ، فكذا التيمم ، والأقرب عدم الاكتفاء بالواحد عن الوضوء والغسل ، نعم يتعدد ما هو بدل من الغسل حسب تعدده خاصة ، ويتعدد ما هو بدل من الوضوء بحسب تعدده أيضا. ولو اكتفينا بالواحد ، وجب ما هو بدل من الغسل في أولي صلاتي الجمع. وهل يكفي ما هو بدل من الوضوء في ثانيتهما أم يتعين الأول؟ إشكال.

وإذا انقطع الدم للبرء ، استأنفت الوضوء لما يتجدد من الصلوات ، لأنها طهارة ضرورية وقد زالت الضرورة ، وكذا المبطون وصاحب السلس ، ولا يجب استيناف الغسل.

ولو كان الانقطاع في أثناء الصلاة ، فالأقوى بطلانها كذلك ، بخلاف التيمم ، لعدم تجدد حدثه بعد التيمم. وهذه يتجدد بعد الوضوء ، ولأنها مستصحبة للنجاسة ، وساغ للضرورة وقد زالت ، بخلاف المتيمم حيث لا نجاسة له ، حتى لو كان على بدنه أو ثوبه نجاسة مغلظة ، ثم وجد الماء في أثناء الصلاة ، أبطلها على إشكال.

ولو كان لا للبرأ بل كان من عادتها العود أو أخبرها به العارف فإن قصر الزمان عن الطهارة والصلاة ، لم يجب إعادة الطهارة بل يشرع في الصلاة ، ولا عبرة بهذا الانقطاع ، لأن الظاهر عدم دوامه ، فإن صلت فتطاول زمانه فالوجه الإجزاء ، لأنها دخلت في الصلاة بأمر شرعي ، فكان مجزيا.

وإن طال الزمان بحيث يسع للطهارة والصلاة ، ففي إعادة الوضوء إشكال ، أقربه ذلك ، لتمكنها من الطهارة كاملة ، فلو عاد الدم على خلاف عادتها قبل الإمكان ، لم يجب إعادته ، لكن لو شرعت في الصلاة بعد هذا الانقطاع من غير إعادة الوضوء ، ثم عاد الدم قبل الفراغ ، وجب القضاء ، لحصول الشك في بقاء الطهارة الأولى حالة الشروع.

١٢٨

ولو انقطع دمها وهي لا تعتاد الانقطاع والعود ، ولم تخبرها العارف بالعود ، أعادت الوضوء في الحال ، ولا تصلي بالوضوء السابق ، لاحتمال أن يكون الانقطاع للبرء مع اعتضاده بالأصل ، وهو عدم العود بعد الانقطاع ، فلو عاد قبل إمكان فعل الطهارة والصلاة فالوضوء بحاله ، لأنه لم يوجد الانقطاع المغني عن الصلاة مع الحدث.

ولو انقطع فتوضأت وشرعت في الصلاة فعاد الدم ، استمرت.

والمستحاضة غالبا لا تعلم عند الانقطاع هل هو للبرء أم لا ، فطريقها أن تنظر هل تعتاد الانقطاع أم لا؟ وتجري على الحالين كما بينا.

وذات الدم الكثير إذا انقطع دمها في أثناء النهار للبرء ، لم يجب عليها بقية الأغسال. ولو انتقلت ذات الدم الكثير إلى القليل واستمر ، انتقل حكمها.

وهل يشترط في الصوم غسل العشاءين والظهرين ، أو تقديم غسل الغداة على الفجر؟ إشكال.

وغسلها كغسل الحائض ، إلا أن الأقوى وجوب الموالاة هنا.

١٢٩

الفصل الرابع

( في النفاس )

وهو دم الولادة ، ولا خلاف في أن الدم المتعقب للولادة نفاس ، والمتقدم ليس بنفاس.

والخلاف في المقارن ، والأقرب أنه نفاس ، لأنه خارج بسبب الولادة فصار كالمتعقب ، وقيل : ليس بنفاس.

والأقرب حينئذ إلحاقه بما قبل الولادة ، لأنها قبل انفصال كل الولد في حكم الحامل ، ولهذا جاز للزوج مراجعتها. ويحتمل إلحاقه بما يخرج بين التوأمين بخروج بعض الحمل ، وعلى ما اخترناه يجب به الغسل ، وإن لم تر ما بعد الولادة ، ويبطل صومها ، وعلى الآخر لا يجب الغسل ولا يبطل الصوم.

وذات الجفاف ليست نفساء وإن كان ولدها تاما ، وذات الدم نفساء وإن وضعت مضغة أو علقة وقالت القوابل إنه مبتدأ خلق آدمي.

ولا فرق في أحكام النفاس بين أن يكون الولد تاما ، أو ناقصا ، حيا أو ميتا. ولو خرج بعض الولد ، فهي نفساء.

وما تراه الحامل من الدم على أدوار الحيض ، حيض على ما تقدم ، لقوله‌

١٣٠

عليه‌السلام : ( دم الحيض أسود ) (١). والإطلاق يقتضي التشريك بين الحامل والحائل.

وقيل : ليس بحيض ، لقوله عليه‌السلام : لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض. جعل الحيض دليلا على براءة الرحم ، فلو قلنا الحامل تحيض لبطلت دلالته ، ولأن فم الرحم ينسد بالحمل فيمنع خروج الدم ، فإن الحيض يخرج من أقصى الرحم.

فإن قلنا إنه ليس بحيض ، فهو استحاضة ، وإن قلنا إنه حيض ، حرم الصلاة والصوم ، وبنت فيه جميع أحكام الحيض ، إلا أنه لا يحرم فيه الطلاق ، ولا ينقضي به العدة.

هذا في الدم التي ولدت بعد عشرة أيام فصاعدا من حين انقطاعه. أما لو ولدت قبل عشرة أيام. فالأقرب أنه دم استحاضة ، لعدم تخلل طهر كامل بينه وبين النفاس ، مع احتمال كونه حيضا ، لتقدم طهر كامل عليه ، ونقصان الطهر إنما يؤثر فيما بعده لا فيما قبله ، وهنا لم يؤثر فيما بعده ، لأن ما بعد الولد نفاس إجماعا ، فأولى أن لا يؤثر فيما قبله ، ويمنع حينئذ اشتراط طهر كامل بين الدمين مطلقا ، بل بين الحيضتين.

ولو رأت الحامل الدم على عادتها وولدت على الاتصال بآخره من غير تخلل نقاء ، فالوجهان ، ولا خلاف في أن ذلك الدم لا يعد نفاسا.

وابتداء مدة النفاس من وقت الولادة ، لا من وقت خروج الدم الذي مع الولادة أو بعدها ، ولا وقت خروج الدم البادي عند الطلق.

فلو ولدت ولم تر دما أياما ثم رأت ، فابتداء النفاس من وقت الولادة ، فإن صادف بقية المدة لحقها حكم النفاس ، وإلا فلا ، وأيام النقاء من الولادة إلى وقت رؤية الدم طاهر.

والدم المتخلل بين التوأمين نفاس ، لأنه خرج عقيب خروج نفس ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٣٧ و ٥٤٨.

١٣١

وخروجه قبل فراغ الرحم ليس مبطلا لحكمه ، وهو مع ما بعده الثاني نفاسان ، لانفصال كل واحدة من الولادتين عن الأخرى ، ولا تبالي هنا بمجاوزة أكثر عدد النفاس من الولادة الأولى. فلو ولدت ورأت الدم ، ثم مضت مدة أكثر أيام النفاس ، ثم ولدت الثاني ، تضاعفت المدة.

ولو سقط عضو من الولد وتخلف الباقي ورأت الدم ، فهو نفاس.

ولا حد لأقله فجاز أن يكون لحظة إجماعا ، لأن اليسير دم وجد عقيب الولادة ، فيكون نفاسا كالكثير.

واختلف في أكثره ، فالأقوى أنها ترجع إلى عادتها في الحيض ، لأنه في الحقيقة بقايا دم الحيض ، فلا يزيد على العشرة ، ولقول أحدهما عليهما‌السلام : النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها (١). ثم تغتسل كما تغتسل المستحاضة ، فإن تجاوز العادة ، والعشرة ، رجعت إلى العادة ، وإن انقطع على العادة فالجميع نفاس.

ولو كانت مبتدئة أو مضطربة أو مشتبه العادة ، فعشرة أيام.

ولو ولدت ولم تر دما إلا يوم العاشر ، فهو النفاس خاصة وما قبله طهر ، وما بعده إن وجد دم استحاضة.

ولو رأت يوم الولادة وانقطع ثم رأته يوم العاشر ، فالدمان وما بينهما من النقاء نفاس ، لأن الطهر لا يقصر عن العشرة ، كما أن الحائض لو رأت الدم ثلاثة متوالية ثم انقطع ثم رأته يوم العاشر وانقطع ، فالدمان وما بينهما حيض ، وعليهما فعل العبادة أيام النقاء ، لجواز أن لا يتعقبه حيض ولا نفاس ، مع اعتضاده بأصالة عدمه ، فإن تعقب ظهر بطلان ما فعلت ، فتقضي صومها.

وإذا انقطع الدم لدون عشرة أدخلت القطنة ، فإن خرجت نقية اغتسلت وصلت وحل لزوجها وطؤها ، لأصالة الطهارة ، فإن خرجت ملوثة صبرت إلى النقاء ، أو مضي الأكثر وهي عشرة إن كانت عادتها ، وإلا صبرت عادتها خاصة واستظهرت بيوم أو يومين.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٦١١ ح ١ ب ٣.

١٣٢

وحكم النفساء حكم الحائض في جميع المحرمات والمكروهات والمباحات ، وما يجب عليها ويسقط عنها ، لا فرق بينهما إلا في الأقل إجماعا ، وفي الأكثر على الخلاف. وفي انقضاء العدة ، فإن الحيض علة فيه ، بخلاف النفاس ، إذ المقتضي للخروج إنما هو الولادة. وفي الدلالة على البلوغ ، لحصوله بالحيض دونه لحصوله بالحمل قبله. وغسلها كغسل الحائض.

ولو تطهرت ثم ولدت ولم تر دما ، لم ينقض طهارتها ، فإن الولادة ليست ناقضة بمجردها.

١٣٣

الفصل الخامس

( في المستحاضات )

ونعني بها هنا من تجاوز دمها أكثر أيام الحيض ، أو أكثر أيام النفاس.

ولا تخلو المرأة : إما أن تكون مبتدئة ، أو ذات عادة مستقيمة معروفة ، أو منسية ، أو مضطربة ، وعلى التقادير : فإما أن يكون لها تمييز أو لا ، فالأقسام ثمانية :

القسم الأول

( مبتدئة ذات تمييز )

وهي التي ترى الدم على نوعين أو أنواع أحدها أقوى. ويشترط في التمييز أمور أربعة :

اختلاف لون الدم ، فلو اتفق لم يحصل تمييز لبعضه عن بعض.

وأن يكون ما هو بصفة دم الحيض لا ينقص عن أقله ولا يزيد على أكثره ، إذ مع النقصان لا يحصل فيه شرائط الحيض ، ومع الزيادة يحتمل الأول.

وأن يتجاوز المجموع العشرة ، إذ كل دم يمكن أن يكون حيضا وينقطع على العشرة ، فإنه حيض ، سواء اتفق لونه أو اختلف ، ضعيف أو قوي إجماعا.

١٣٤

وأن لا ينقص الضعيف وهو النقاء عن عشرة ، لأنا نريد أن نجعله طهرا ، والقوي بعده حيضة أخرى ، وإنما يمكن جعله طهرا إذا بلغ أقل الطهر ، فلو رأت ثلاثة أسود وتسعة أحمر ثم رأت الأسود فلا تمييز.

فإذا حصل لها تمييز ، ردت إليه ، فيكون حائضا في أيام القوي ، مستحاضة في أيام الضعيف ، ولا تتحيض بالأكثر ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : إن دم الحيض أسود وأن له رائحة ، فإذا كان ذلك فدعي الصلاة ، فإذا كان الآخر فاغتسلي وصلي (١).

وتعتبر القوة والضعف بإحدى صفات ثلاثة : اللون : فالأسود قوي بالنسبة إلى الأحمر ، والأحمر قوي بالنسبة إلى الأشقر ، والأشقر قوي بالنسبة إلى الأصفر والأكدر. والرائحة ، فذو الرائحة الكريهة أقوى مما لا رائحة له.

والثخن ، فالثخن أقوى من الرقيق.

ولا يشترط اجتماع الصفات ، بل كل واحدة تقتضي القوة.

ولو كان بعض دمها موصوفا بصفة واحدة والبعض خال عن الجميع ، فالموصوف أقوى.

ولو كان لبعض صفة ولبعض صفتان ، فذو الصفتين أقوى. وذو الثلاث أقوى من ذي الاثنتين.

ولو كان في البعض صفة وفي الآخر صفة أخرى ، احتمل تقديم السابق لقوته. وعدم التمييز ، لعدم الأولوية في الصفات المعتبرة ، وليس التقدم دليلا على الحيض.

وإذا وجدت الشرائط ، فإن تقدم القوي واستمر بعده ضعيف واحد ، كما لو رأت خمسة سواد ثم حمرة مستمرة ، فأيام القوي حيض وأيام الضعيف استحاضة ، سواء تمادى زمان الضعيف أو قصر ، لتناول إطلاق الخبر لهما.

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٢٢٦.

١٣٥

ولو وجد بعده ضعيفان ، كما إذا رأت خمسة سواد ، ثم خمسة حمرة ، ثم صفرة مطبقة ، احتمل إلحاق المتوسط بالأول ، إن لم يزد المجموع على عشرة ، لأنهما قويان بالنسبة إلى ما بعدهما ، وقد أمكن جعلهما حيضا ، فصار كما لو كان الجميع سوادا أو حمرة ، وإن لم يمكن لحق بالصفرة. وأن يلحق بالصفرة ، لاحتماله فيحتاط للعبادة بأولويته على احتمال إلحاقه بالأول.

ولو تأخر المتوسطة ، بأن رأت السواد ثم الصفرة ثم الحمرة ، فإن ألحقناها أولا بالسواد كان الحكم كما لو عاد السواد ، وإلا فكما لو استمرت الصفرة.

ولو تقدم الضعيف ، بأن رأت حمرة ثم سواد ثم حمرة ، فإن لم يتجاوز المجموع المجموع العشرة ، فالكل حيض ، وإلا فالأسود.

ولا اعتبار بقوة السبق ، وإن لم يزد السابق والسواد على العشرة ، كما رأت خمسة أحمر وخمسة أسود ثم عادت الحمرة ، ويحتمل ضعيفا (١) جعل الحيض السابق والأسود إن لم يزد المجموع ، وإلا فالأسود ، لقوة السبق وسقوط التمييز ، لأن العدول عن أول الدم مع حدوثه في زمان إمكانه بعيد ، والجمع بين السواد والحمرة يخالف عادة التمييز.

وعلى المختار وهو جعل السواد الحيض ، لو رأت عشرة حمرة ثم عشرة سواد ، تركت العبادة في الجميع. أما العشرة الأولى فلرجاء الانقطاع ، وأما الثانية فلأن السواد أظهر أن السابق استحاضة وأنه الحيض ، فتقضي ما تركته في العشرة السابقة.

ولو رأت بعد ذلك عشرة حمرة ، فالحيض السواد المتوسط ، والطرفان استحاضة.

ولو رأت عشرة سواد ثم عشرة حمرة ثم عشرة سواد ، فالطرفان حيضان ، والوسط طهر متخلل بينهما ، تعمل فيه ما تعمل المستحاضة.

__________________

(١) في « ق » ضعيفين.

١٣٦

وإذا كان القوي أقل من عشرة ثم انقلب إلى الضعيف ، لا تشتغل بالعبادات بانقلاب الدم ، لإمكان انقطاع المجموع على العشرة ، فيكون الضعيف حيضا ، فلا بد من التربص إلى أن يظهر الحال.

فإذا تربصت وجاوز المجموع العشرة ، عرفت أنها مستحاضة وأن الحيض متحقق في أيام القوي ، فتقضي ما تركته من صلاة وصوم في أيام الضعيف. ويحتمل اشتغالها بالعبادة ، لغلبة الظن بأنه استحاضة ، ولهذا جعله الشارع دلالة عليه ، مع أنه أحوط للعبادة.

وأما الثاني وما بعده ، فإذا انقلب الدم إلى الضعيف ، فإنها تغتسل وتصلي وتصوم من غير تربص. ولا تعتبر هنا ثبوت العادة مرتين ، لأن الاستحاضة علة مزمنة والظاهر دوامها ، ثم لو اتفق الانقطاع قبل العشرة في بعض الأدوار ، فالضعيف مع القوي.

وإذا لم يتجاوز الدم العشرة ، لم يبق بين تقديم القوي أو الضعيف في جعل الجميع حيضا ، وهل ضعيف الانقلاب كقوته؟ إشكال. فلو بقيت خطوط من السواد وظهرت خطوط من الحمرة ، فالأقرب انقطاع الحيض ، كما لو انقطع السواد بأجمعه.

القسم الثاني

( مبتدئة لا تمييز لها )

وهي التي تكون جميع دمها من نوع واحد ، قوي أو ضعيف أو متوسط ، أو فقدت بعض شرائط التمييز ، وهي التي تكون دمها على نوعين ، لكن يقصر القوي عن أقل الحيض ، أو يزيد عليه ، أو يقصر الضعيف عن عشرة ، فأقوى الاحتمالات ردها إلى نسائها ، كالأم والأخت والعم وبنتها والخالة وبنتها ، لتناسب الأمزجة بين الأقارب غالبا.

فإن فقدن أو اختلفن ، رجعت إلى عادة من هو مثلها في السن ، لقرب مزاجها منها.

١٣٧

فإن اختلفن أو فقدن تحيضت في كل شهر بسبعة أيام أو ستة ، أو بثلاثة من شهر وعشرة من آخر ، إذ هو الغالب على الحيض ، فردها إلى الغالب أولى من ردها إلى النادر ، كما هو عادة الشارع ، فإن الحيض خلقة وجبلة.

وفي الغالب تساوي المرأة والأقرباء والأقران وغيرهن فيه ، لأنه كالأمارة فصار كالتمييز والعادة. ولقول الباقر عليه‌السلام : تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها (١). وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحمنة بنت جحش : تلجمي وتحيضي في كل شهر في علم الله تعالى بستة أيام أو سبعة (٢). قال الصادق عليه‌السلام : هذه سنة التي استمر بها الدم أول ما تراه (٣).

ويحتمل ردها إلى أقل الحيض ، لأنه المتيقن والزائد مشكوك ، فلا يترك اليقين إلا بمثله ، أو أمارة ظاهرة كالتمييز والعادة. وردها إلى العشرة ، لأنه دم في أيام الحيض مع إمكانه فيكون حيضا ، ولأن العادة كثرة الدم للمبتدئة.

والأقرب ما قدمناه لما مر ، ولقول الصادق عليه‌السلام : المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلي عشرين يوما ، فإن استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما (٤).

فروع :

الأول : يحتمل في قوله عليه‌السلام « ستا أو سبعا » ردها إلى الاجتهاد ، فما غلب على ظنها أنه أقرب إلى عادة نسائها ، أو ما يكون أنسب (٥) بلونه جعلته حيضا ، والتخيير لأنه موضوع له ، والأول أقوى ، لئلا يلزم التخيير في السابع بين وجوب الصلاة وعدمها ، ولا تخيير في الواجب.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٤٦ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٤٧ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ ـ ٥٤٨ ح ٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٤٩ ح ٦.

(٥) في « ر » أشبه.

١٣٨

الثاني : لو كانت عادة نسائها أو أقرانها أقل من الستة أو أكثر من السبعة ، رجعت إليهن لا إليهما ، لأنهما مرتبان على العدم أو الاختلاف.

الثالث : المراد ب « نسائها » عشيرتها من أي الأبوين كان ، لقرب طباعها من طباعهن.

الرابع : الأقرب أنها مع الاختلاف ، تنتقل إلى الأقران ، لا إلى الأكثر من الأقارب ، فلو كن عشرا فاتفق تسع ، رجعت إلى الأقران ، وكذا الأقران ، مع احتمال الرجوع إلى الأكثر عملا بالظاهر.

الخامس : الأقرب اعتبار الأقارب مع تقارب الأسنان ، فلو اختلفن فالأقرب ردها إلى من هو أقرب إليها.

ولو كان بعض الأقارب تتحيض لست والآخر لسبع ، احتمل الرجوع إلى الأقران لحصول الاختلاف ، والرجوع إلى الست للجمع والاحتياط.

السادس : الأقرب تخييرها في الأيام أيها شاءت جعلته أيام حيضها لعدم الأولوية ، مع احتمال جعله أول الشهر لقوته.

السابع : إذا ردت إلى الثلاثة دائما أو في أحد الشهرين ، فالثلاثة حيض بيقين ، والزائد عن العشرة طهر بيقين ، وما بين الثلاثة إلى العشرة يحتمل أن يكون طهرا بيقين أو مشكوكا فيه ، فعلى الأول لا تحتاط ، كالزائد على العشرة والعادة.

وعلى الثاني تحتاط فتصلي وتصوم وتمتنع من الجماع ولا تقضي صلاتها ، لأنها إن كانت حائضا فلا قضاء ، وإن كانت طاهرا فقد صلت. وتقضي ما صامته ، لاحتمال مصادفته الحيض.

وإن ردت إلى الستة أو السبعة ، فالثلاثة حيض بيقين ، والزائد على العشرة طهر بيقين ، وما بين الثلاثة إلى السبعة أو الستة : إما حيض بيقين أو مشكوك ، فعلى الثاني تحتاط بقضاء صلاة تلك الأيام ، والزائد على الستة أو السبعة إلى العشرة فيه احتمالات.

١٣٩

ولو اتفق ذلك في رمضان ، قضت صوم عشرة عند علمائنا ، والأقرب عندي أحد عشر.

الثامن : إن رددناها في الحيض إلى الستة أو السبعة وهو الغالب ، فكذا نردها في الطهر إلى ثلاثة وعشرين [ أو أربعة وعشرين ، وإن رددناها إلى الأقل احتمل أنها ترد إلى أقل الطهر أيضا ، فيكون دورها ثلاثة عشر ] (١) يوما ، فإذا جاء الرابع عشر استأنفت حيضة أخرى.

والأصح أنها تجعل باقي الشهر طهرا ، لأن ردها إلى الأقل في الحيض للاحتياط ، فلو ردت في الطهر إلى أقله لتزائد الحيض ، لعوده عن قرب وهو ينافي الاحتياط.

ويحتمل ردها إلى ثلاثة وعشرين أو أربعة وعشرين بناء على الغالب ، لأن (٢) الظاهر اشتمال كل شهر على حيض وطهر ، سواء ردت إلى الأقل أو الغالب ، وهو يؤيد ما قلناه.

التاسع : غير المميزة كالمميزة في تركها العبادة في الشهر الأول إلى كمال العشرة ، فإن جاوز الدم العشرة عرفت أنها مستحاضة. وإن ردها (٣) إلى الأقل أو الغالب على الخلاف ، فإن ردت إلى الأقل قضت صلاة سبعة أيام ، وإن ردت إلى الستة أو السبعة ، قضت صلاة أربع أو ثلاث.

وأما في الشهر الثاني وما بعده فتنتظر إن وجدت تمييز بالشرائط السابقة قبل تمام الرد أو بعده ، ولا عبرة بما تقدم ، فهي في ذلك الدور كمبتدئة ذات تمييز ، كما لو رأت الشهر كله أحمر ، ثم في الثاني خمسة أسود والباقي أحمر ، فحيضها في الأول الأقل أو الغالب ، وفي الثاني خمسة السواد ، عملا بالتمييز لأنه دليل عليه ، فالعمل به أولى.

وإن فقدت التمييز في الثاني ، اغتسلت وصلت وصامت بعد تمام الرد ،

__________________

(١) الزيادة من « ر ».

(٢) في « ر » لكن.

(٣) في « ر » ردت.

١٤٠