نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧
الجزء ١ الجزء ٢

ولا صلاة الجنازة ، لقوله عليه‌السلام : يا علي لا تؤخر أربعا وذكر الجنازة إذا حضرت (١).

ولا تحية المسجد وإن اتفق دخوله في هذه الأوقات لا لفرض ، لعموم « إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين » (٢). ولو دخل في هذه الأوقات ليصلي التحية لا غير ، فالأقرب عدم الكراهية.

ولا ركعتا الطواف المندوب ، لوجود سببهما في هذه الأوقات.

ولا صلاة الاستسقاء ، لدعو الحاجة إليها في الوقت.

ولا الصلاة الواجبة كالخسوف والكسوف ، لأنها ربما تفوت.

ولا ركعتا الإحرام ، لحاجته إلى الإحرام في هذه الأوقات.

ولا سجود التلاوة. ولا سجود الشكر ، لأن سببه السرور الحادث.

وفي كراهة قضاء النوافل قولان.

ولا يكره التنفل بركعتين حالة (٣) الاستواء يوم الجمعة ، لأنه عليه‌السلام : نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة (٤). أما باقي الأوقات الخمسة فلا يستثنى يوم الجمعة ، لأن الناس عند الاجتماع يوم الجمعة يشق عليهم مراعاة الشمس ، والتمييز بين حالة الاستواء وغيرها ، فخفف الأمر عليهم حينئذ ، ولأنهم يباكرون فيغلبهم النعاس فيطردوه بالتنفل ، لئلا يبطل وضوؤهم ، ومكة كغيرها ، لأنه معنى يمنع من التنفل ، فاستوت فيه مكة وغيرها كالحيض ، ولعموم النهي ، وليس النهي للتحريم بل للكراهة.

ولو دخل في النافلة وقت الكراهة ، احتمل الانعقاد كالصلاة في الحمام. والمنع كصوم يوم العيد.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢ ـ ٧٩٧ ما يدل على ذلك.

(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١٦٢.

(٣) في « ق » و « ر » حال.

(٤) جامع الأصول ٧ ـ ١٨٢.

٣٢١

فلو نذر النافلة في هذه الأوقات ، صح على الأول دون الثاني. فإن صححناه ، احتمل التخصيص بما نذره والمصير إلى غيره ، كما لو نذر أن يضحي شاة بسكين مغصوبة ، فإنه يصح نذره ويذبحها بغيرها.

ولو نذر صلاة مطلقا ، جاز إيقاعها في الأوقات المكروهة ، لأنها ذات سبب وواجبة كالفائتة.

المطلب الرابع

( في القضاء )

وسببه فوات الفريضة أو النافلة على المكلف ، وتجب قضاء الفريضة على كل من أخل بها إذا لم يكن ذا عذر مسقط ، سواء تركها عمدا أو سهوا ، يقظة ونوما ، أو بارتداد عن فطرة وغيرها ، أو بشرب مسكر أو مرقد ، لا بأكل الغذاء المؤدي إلى الإغماء ، لقوله عليه‌السلام : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها (١). وأمر المعذور بالقضاء يستلزم أولوية أمر غيره.

وينبغي القضاء على الفور محافظة على الصلاة وإبراء الذمة. وفي الوجوب قولان : أقربهما المنع ، لعدم اختصاص القضاء بوقت ، وإلا لزم قضاء القضاء. ولا خلاف في أن أول وقتها حين الذكر (٢) ، والأقرب امتداده بامتداد العمر.

ويجب القضاء كالأداء ، فلو تعددت ترتبت ، لأنه عليه‌السلام فاتته أربع صلوات يوم الخندق وقضاها على الترتيب (٣) فيجب المتابعة ، لقوله عليه‌السلام : صلوا كما رأيتموني أصلي (٤).

فلو فاته صلاة يوم ، وجب أن يبدأ في القضاء بصبحه قبل ظهره ، ثم بظهره قبل عصره وهكذا.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٤٨ ح ١ جامع الأصول ٦ ـ ١٣٤.

(٢) في « س » حين يذكرها.

(٣) جامع الأصول ٦ ـ ١٤٢.

(٤) صحيح البخاري كتاب الأذان باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة.

٣٢٢

ولو فاته عصر يوم وظهر آخر متأخر ، وجب قضاء العصر السابق أولا ثم الظهر ، لقوله عليه‌السلام : من فاتته صلاة فريضة فليصلها كما فاتته (١). ولأن القضاء هو الإتيان بعين الغائب في غير الوقت. ولا فرق بين كثرة الفرائض الفائتة وقلتها.

وهذا الترتيب شرط ، لو أخل به عمدا بطلت صلاته لا سهوا. وترتيب الحواضر كالفوائت إجماعا ، فيصلي ظهر يومه الحاضر بعد صبحه وقبل عصره ، وهكذا في الباقي (٢). وترتيب الفوائت على الحاضرة استحبابا لا وجوبا ، تعددت أو اتحدت ، لعموم ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٣).

ولو تضيق وقت الحاضرة لم يجز القضاء ، بل وجبت الحاضرة إجماعا. ولو دخل في الحاضرة والوقت متسع عامدا ، صحت صلاته عندنا وفعل مكروها. وإن كان ناسيا استحب له أن يعدل بنيته إلى الفائتة ما دام العدول ممكنا.

ولو دخل في المتأخرة الحاضرة من العصر أو العشاء ناسيا قبل السابقة ، عدل بنيته مع الإمكان ولو قبل التسليم.

فلو ذكر سبق المغرب وقد ركع في الرابعة من العشاء ، فإن كان في الوقت المشترك ، صحت وأعاد المغرب بعدها ، وكذا الظهر. وإن كان في المختص ولم يدخل المشترك قبل التسليم ، استأنفها (٤) مرتبا.

أما القضاء فلو ذكر السابقة وهو في اللاحقة ، فإن أمكنه العدول وجب ، وإلا أكملها ، وقضى الفائتة.

ولو فاتته صلاة من يوم ونسي تعيينها ، وجب عليه صبح وأربع ينوي بها ما في ذمته إما ظهرا أو عصرا أو عشاء ، ومغرب ، ويكتفي المسافر ثنائية ينوي‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٥٩ ح ١ ما يشبه ذلك ، عوالي اللئالي ٣ ـ ١٠٧.

(٢) في « س » وهكذا البواقي.

(٣) سورة الإسراء : ٧٨.

(٤) في « ق » استأنفهما.

٣٢٣

بها إحدى الأربع ، وبمغرب. وقيل : الخمس. والوجه الأول ، لأصالة البراءة ، وقول الصادق عليه‌السلام : صلى ركعتين وثلاثا وأربعا (١).

فروع :

الأول : لو تلبس بنافلة ، فذكر (٢) أن عليه فريضة ، أبطلها واشتغل بالفريضة ، وليس له العدول إليها ولا الإتمام ، لفوات الشرط ، وهو نية الفرض وحصول النهي عن التطوع بعد دخول الفريضة.

الثاني : لو ذكر فائتة وهناك جماعة في حاضرة ، دخل معهم بنية الفائتة إذا توافق (٣) النظم.

الثالث : لو شرع في الفائتة على ظن السعة ، فظهر التضيق ، عدل مع الإمكان ، فإن تعذر قطعها وصلى الحاضرة إن بقي من الوقت مقدار ركعة. ولو كان أقل أتم وقضى الحاضرة.

الرابع : لو فاته ظهر وعصر من يومين وجهل السابق ، فالأحوط الترتيب ، ليحصل يقين البراءة ، فيصلي الظهر مرتين بينهما العصر أو بالعكس. ويحتمل سقوطه ، لأصالة البراءة من الزائدة.

ولو كان معهما مغرب من ثالث ، صلى الظهر ، ثم العصر ، ثم الظهر ، ثم المغرب ، ثم الظهر ، ثم العصر ، ثم الظهر ، وكذا الزائدة.

الخامس : لو فاته مغربا من يومين ، نوى تقديم السابق ، وكذا لو فاته أيام متعددة.

السادس : لو فاته صلوات سفر وحضر ، وجهل السابق ، صلى عدد الأيام ، ويصلي مع كل رباعية صلاة قصر ، سواء تعدد أو اتحد أحدهما.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٦٥ ح ١ ب ١١.

(٢) في « س » ثم ذكر.

(٣) في « ق » إذا اتفق.

٣٢٤

السابع : لا ترتيب بين فوائت اليومية وغيرها من الواجبات ، ولا بين الواجبات أنفسها ، فلو فاته كسوف وخسوف بدأ بأيهما شاء ، ويحتمل الترتيب.

الثامن : الاحتياط يترتب بترتب المجبورات ، وكذا الأجزاء المنسية كالسجدة والتشهد ، سواء كانت من صلاة واحدة أو متعددة ، وسواء اتحد جنس المتروك أو اختلف.

التاسع : الأقوى عدم انعقاد النافلة لمن عليه فريضة ، لعموم : لا صلاة لمن عليه صلاة (١).

العاشر : لا يعذر جاهل الترتيب في تركه ، لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في العهدة.

الحادي عشر : لو نسي تعيين الرباعية ، كفاه العدد مرة واحدة ، وسقط الجهر والإخفات.

الثاني عشر : لو كان عليه منذورة وفائتة وصلى إحداهما ونسيه ، فإن اتفقتا عددا كفاه بنية واحدة مشتركة ، وإلا صلاهما معا.

الثالث عشر : لو ذكر في الأثناء التعيين ، عدل بنية الإطلاق إليه في الرباعية ، وبنية المعين إلى الفائتة إن خالفت ، مع إمكان العدول.

الرابع عشر : لو فاتته صلوات معلومة التعيين غير معلومة العدد ، صلى من تلك الصلوات إلى أن يغلب في ظنه الوفاء ، لعدم حصول البراءة من دونه. وكذا لو كانت واحدة غير معلومة العدد.

ويحتمل إلزامه بقضاء المشكوك فيه ، فلو قال : تركت ظهرا في بعض شهري وصليتها في الباقي ، وأعلم أن الذي صليته عشرة أيام ، كلف قضاء عشرين ، لاشتغال الذمة بالقرض ، فلا يسقط إلا بيقين ، وإلزامه بقضاء المعلوم تركه. فلو قال : أعلم ترك عشرة وصلاة عشرة ، وأشك في عشرة ، كلف العشرة المعلومة الترك ، بناء على أن ظاهر المسلم لا يفوته الصلاة.

__________________

(١) أورد الرواية في الجواهر ٧ ـ ٢٥٤ ، وسائل الشيعة ٣ ـ ٢٠٦ ح ٣ ما يدل على ذلك.

٣٢٥

ولو علم ترك صلاة واحدة في كل يوم ولا يعلم عددها ولا عينها ، صلى اثنتين وثلاثا وأربعا مكررا حتى يظن (١) الوفاء.

ولو علم أن الفائت الصلوات الخمس ، صلى صلوات أيام حتى يظن الوفاء.

ولو فاتته صلاة سفر حضر وجهل التعيين ، صلى مع كل رباعية صلاة قصر ، ولو اتحدت إحداهما.

الخامس عشر : يستحب قضاء النوافل المؤقتة ، لأنها عبادة فاتت ، فشرع قضاؤها كالفرائض ، وللرواية (٢). فإن تعذر القضاء ، استحب أن يتصدق عن كل صلاة ركعتين بمد ، فإن تعذر فعن كل يوم ، فإن تعذر فمد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار ، فإن تعذر فمد لهما للرواية (٣). ولا يتأكد القضاء لو فاتت بمرض.

السادس عشر : القضاء تابع للفوائت في الهيئة والعدد ، فيقضي الحاضر ما فاته سفرا قصرا ، والمسافر ما فاته حضرا تماما ، لأنه إنما يقضي ما فاته ، والفائت عدد مخصوص فلا يزيده ولا ينقصه ، لقوله « فليقضها كما فاتته » (٤) وكذا يجب الإتيان بالجهر والإخفات على حسب الفائت.

ولا يستحب الإتيان بالنافلة التابعة لها ، لأن براءة الذمة من الفريضة شرط في النافلة. نعم يستحب بعد الفريضة قضاء النافلة وإن كانت متقدمة في الأداء.

ولا يجوز المساواة في كيفية قضاء صلاة الخوف أو شدته حال الأمن بل في الكمية ، وإن كانت في الحضر إن استوعب الخوف الوقت ، وإلا فتمام. وكذا لا يجوز المساواة في كيفية صلاة المريض.

__________________

(١) في « ق » يغلب.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ ـ ٣٥٠ ح ٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ ـ ٥٦.

(٤) عوالي اللئالي ٣ ـ ١٠٧ ح ١٥٠.

٣٢٦

السابع عشر : المريض والخائف يصليان القضاء على ما يتمكنان منه كالحاضرة ، نعم لا يقصر الخائف في قضائه وإن قصر في أدائه. ولا يجب عليهما التأخير إلى زوال العذر ، بل ولا يستحب ، لما في المبادرة من المسارعة إلى فعل الطاعات.

المطلب الخامس

( في اللواحق )

وهي مباحث :

الأول : لا يتحقق معنى الجمع عندنا ، لأن لكل صلاة وقتين (١) : مختص ومشترك ، فالمختص بالظهر من الزوال إلى انقضاء قدر أدائها. وبالعصر قدر أدائها في آخر الوقت. والمشترك ما بينهما. وبالمغرب قدر أدائها بعد الغروب.

وبالعشاء قدر أدائها آخر الوقت. والمشترك ما بينهما.

ومن خصص من علمائنا كلا بوقت ، جوز الجمع عند العذر. ويتخير بين تقديم الثانية وتأخير الأولى. ولا يشترط نية الجمع ، ولا استيعاب العذر وقتهما ، ولا الموالاة ، بل يجوز أن يتنفل بينهما ، ولا طول السفر.

الثاني : الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا ، فلا يأثم بتأخيرها إلى آخره ، لقوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٢). ولو أداها في أول الوقت أو وسطه أو آخره ، يكون مؤديا للواجب.

ولو أخر من غير عذر ومات في أثناء الوقت ، قضي عنه ، لأنه ترك الواجب ، لكنه لا يأثم ما لم يظن الموت ، ويؤخر مع المكنة.

وإنما تجب القضاء إذا استقر الوجوب بإمكان الأداء ، فلا تجب القضاء لو قصر عن الكمال ، ولا يكفي إدراك ركعة. فإذا زالت الشمس دخل وقت الظهر للمختار ، وللمعذور بأول جزء أدركه بعد زوال عذره ، وإذا زال المانع‌

__________________

(١) في « ق » وقتان.

(٢) سورة الإسراء : ٧٨.

٣٢٧

من التكليف ـ كالحيض والجنون ـ في أثناء الوقت أو آخره بمقدار ركعة ، وجبت الصلاة.

الثالث : يستحب تقديم الصلاة في أول الوقت ، إلا للمفيض من عرفة ، فإنه يستحب له تأخير المغرب إلى المزدلفة وإن تربع الليل. والمتنفل يؤخر الفرض لأداء سبحته. وقاضي الفرائض يؤخر الحاضرة إلى آخر وقتها. ومصلي الظهر جماعة في الحر يؤخرها ليبرد الحر. والمستحاضة تؤخر الظهر. وكذا أصحاب الأعذار يؤخرون لرجاء زوال عذرهم.

والعشاء تؤخر حتى يسقط الشفق. والإبراد بالظهر أفضل ، للأمر به. ويحتمل كونه رخصة ، فلو تكلف القوم المشقة وصلوا في الأول فهو أفضل ، وكذا الجمعة لوجود المقتضي.

والأفضل في العشاء تعجيلها بعد غيبوبة الشفق للمبادرة. وفي المغرب التعجيل ، لأن جبرئيل عليه‌السلام صلاها في اليومين في وقت واحد (١). وفي العصر التعجيل بعد مضي أربعة أقدام ، وفي الصبح التغليس (٢) للمبادرة. وفي الظهر والمغرب يوم الغيم التأخير للاستظهار.

الرابع : لا يجوز تقديم الصلاة على وقتها ، فلو صلى قبله عمدا أو سهوا أو جهلا ، لم يصح صلاته ، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في العهدة.

ولو ظن الدخول فشرع في الصلاة قبله ، فإن دخل وهو في شي‌ء منها صحت صلاته ، لأن المأمور به التعويل على الظن مع تعذر العلم ، وإلا بطلت واستأنف لظهور كذب الظن.

الخامس : لا يجوز التعويل على الظن مع إمكان العلم ، لإمكان الخطإ. فإن تعذر العلم اكتفي بالظن المستند إلى الاجتهاد ، ولتعذر العلم فينتفي‌

__________________

(١) جامع الأصول ٦ ـ ١٤٧.

(٢) الغسل : محركة ظلمة آخر الليل.

٣٢٨

التكليف به ، فإن صلى بالظن واستمر أو ظهرت صحته أجزأ ، وإلا أعاد إن لم يدخل الوقت وهو في شي‌ء منها.

وإن دخل وهو في الأثناء ولو قبل التسليم ، أجزأ على الأقوى ، لقول الصادق عليه‌السلام : إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت ، فدخل وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك (١). ولو قلنا باستحباب التسليم ، فالأقوى اشتراط غيره ، حتى الصلاة على الأول.

ولو علم عدم الدخول وهو في الأثناء استأنف ، وإن علم الدخول قبل الإكمال لو أكمل. ولو ظن الدخول فصلى ، ثم ظن وقوع الجميع قبله ، ففي نقض الاجتهاد بمثله إشكال. ولو اختلف اجتهاد شخصين ، لم يجز لظان عدم الدخول الايتمام بالآخر.

ولو ظن الزوال أو الغروب فصلى ، ثم دخل الوقت متلبسا ، فإن قلنا بالاشتراك من حين الزوال إلى الغروب ، أو جعلنا التخصيص منوطا بالمكلف ، صح التعقيب بالعصر والعشاء ، وإلا وجب ارتقاب المشترك.

السادس : لا يجوز التعويل على شك مع تعذر العلم والظن ، بل يصبر حتى يحصل أحدهما ، لأصالة البقاء.

ويجوز للأعمى والمحبوس التقليد في الدخول ، ولو تمكن من الظن بعمل راتب أو درس مثلا لم يجز التقليد. وللأعمى والمحبوس تقليد المؤذن الثقة العارف.

ولو صلى قبل دخول الوقت ، لم يصح على ما قلناه. وهل يقع نفلا؟ الأقرب المنع ، لأنه لم يقصده. وتجب معرفة الوقت ، لتوقف الامتثال عليها.

السابع : لا فرق في المنع من التقديم على الوقت بين الفرائض والنوافل الموقتة ، إلا نوافل الظهر يوم الجمعة ، فإنه يجوز تقديمها على الزوال ، لشرفه فتساوت أجزاؤه ، وللشروع في الخطبة والتأهب لها واستماعها. وصلاة الليل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٥٠ ح ١ ب ٢٥.

٣٢٩

لشاب تمنعه رطوبة رأسه ، أو مسافر يصده سيره. وقضاؤها لهما أفضل ، وقضاء صلاة الليل بالنهار أفضل ، وكذا قضاء نوافل النهار بالليل للمبادرة.

الثامن : لو طلع الفجر وقد صلى من نوافل الليل أربعا ، أتمها وزاحم بها الفريضة ، لقول الصادق عليه‌السلام : إذا صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر ، فأتم الصلاة ، طلع أو لم يطلع (١).

ولو صلى من نوافل الظهرين ركعة ثم خرج الوقت ، أتمها وزاحم بها الفريضتين ، لقول الصادق عليه‌السلام : فإن مضى قدمان قبل أن تصلي ركعة بدأ بالأولى (٢).

ولو خرج وقت المغرب قبل إكمال نافلتها ، صلى العشاء وقضاها بعدها.

ولو نسي ركعتين من صلاة الليل وذكرهما بعد الوتر ، قضاهما وأعاد الوتر.

التاسع : وقت الوتر بعد صلاة الليل ، لقوله عليه‌السلام : الوتر ركعة من آخر الليل (٣). ويجوز تقديمه على الانتصاف ، ولو من أول الليل لمن تقدم صلاة الليل ، وقضاؤه أفضل ، وآخر الوتر طلوع الفجر.

العاشر : صلاة الصبح من صلوات النهار ، لأن أوله طلوع الفجر الثاني. والصلاة الوسطى صلاة الظهر ، لقول الباقر عليه‌السلام : والصلاة الوسطى هي صلاة الظهر (٤). ولأنها وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة والعصر ، وقيل : العصر ، لقول علي عليه‌السلام لما كان يوم الأحزاب صلينا العصر بين المغرب والعشاء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قلوبهم وأجوافهم نارا (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٨٩ ح ١ ب ٤٧.

(٢) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٠٩ ح ٣١ ما يدل على ذلك.

(٣) جامع الأصول ٧ ـ ٣٢.

(٤) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٤.

(٥) صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ص ٤٣٧.

٣٣٠

الحادي عشر : قال الشيخ رحمه‌الله : يكره تسمية العشاء بالعتمة (١). لما روي عنه عليه‌السلام : لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها العشاء ، فإنهم يعتمون بالإبل ، فإنهم كانوا يؤخرون الحلب إلى أن يعتم الليل ، ويسمون الحلبة العتمة (٢). قال : ويكره تسمية الصبح بالفجر ، بل تسمى بما سماه الله ( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) (٣).

الثاني عشر : لو ظن تضيق الوقت ، عصى بالتأخير إن استمر الظن ، فإن انكشف بطلانه فلا إثم. ولو ظن الخروج صارت قضاء ، فإن كذب ظنه كان الأداء باقيا.

ولو صلى عند الاشتباه من غير ظن ، لم يصح ، وإن وقعت في الوقت. ولو تمكن من اليقين احتمل وجوبه ، ليحصل يقين البراءة. وعدمه لعدم قدرته على اليقين حالة الاشتباه.

الثالث عشر : قد بينا أن من أدرك ركعة من آخر الوقت ، وجب عليه تلك الصلاة ، والأقرب أنها أداء بأجمعها اعتبارا بأول الصلاة ، ولقوله عليه‌السلام : من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (٤). ويحتمل كون الكل قضاء اعتبارا بالآخر ، فإنه وقت سقوط الفرض بما فعل ، ولأن الأجزاء بإزاء الأفعال ، وكون الواقع في الوقت أداء والخارج قضاء ، كما لو أوقع الجميع في الوقت أو خارجه.

ولو غاب الجدار وخفي الأذان وقد بقي مقدار ركعة ، فإن قلنا الجميع أو البعض قضاء أتم ، وإلا قصر إن اعتبرنا حالة الأداء.

ولا يجوز تأخير الصلاة إلى حد يخرج بعضه عن الوقت ، سواء قلنا إنها مقضية أو بعضها ، أو أنها مؤداة.

__________________

(١) المبسوط ١ ـ ٧٥.

(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١٧١.

(٣) المبسوط ١ ـ ٧٥ ، والآية سورة الروم : ١٧.

(٤) جامع الأصول ٧ ـ ١٦٢.

٣٣١

ولو شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع الجميع لكن مدها بطول القراءة حتى خرج الوقت ، فالأقرب أنه يأثم ، لأن إيقاعها في الوقت واجب ، فلا يترك بالمندوب ، وفي الصحة إشكال ، أقربه المنع إن علم أو ظن الخروج قبله ، لأنه منهي عنه ، فلا يخرج عن عهدة التكليف به.

الرابع عشر : روي أنه عليه‌السلام قال : أول الوقت رضوان الله ، وآخر الوقت عفو الله (١). وفيه لطيفة فإن الرضوان إنما يكون للمحسنين ، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين.

وتحصل فضيلة الأولية بالاشتغال بأسباب الصلاة ، كالطهارة والأذان وستر العورة حين دخوله ، ولا يعد حينئذ متوانيا ولا مؤخرا.

ولا يشترط تقديم ما يمكن تقديمه من الأسباب على الوقت ، لينطبق العقد على أول الدخول ، فلا يشترط تقديم الستر والطهارة على الدخول ، والشغل الخفيف كأكل لقمة وكلام قصير لا يمنع إدراك الفضيلة. ولا يكلف العجلة على خلاف العادة.

ولو نذر إيقاع الصلاة في أول الوقت ، احتمل قويا وجوب تقديم الطهارة وستر العورة على دخول الوقت ، تحصيلا للنذر. وعدمه ، لأنه يتبع وجوب الفعل ، فلا تجب الطهارة ولا الستر على من لم تجب عليه الصلاة.

الخامس عشر : قد بينا استحباب الإبراد بالظهر ، وهو أن يؤخر إقامة الجماعة عن أول الوقت في المسجد الذي يأتيه الناس من بعد ، إلى أن يقع للحيطان ظل يمشي فيه الساعون إلى الجماعة ، فلا ينبغي التأخير عن النصف الأول من الوقت.

ولو كانت منازلهم قريبة من المسجد ، أو حضر جمع في موضع ولا يأتيهم غيرهم ، أو أمكنهم المشي إلى المسجد في كن (٢) أو في ظل ، أو كان يصلي‌

__________________

(١) جامع الأصول ٦ ـ ١٧٥.

(٢) كن كنا وكنونا الشي‌ء : ستره في كنه وغطاه وأخفاه وصانه من الشمس.

٣٣٢

منفردا في بيته ، فلا إبراد ، لزوال المقتضي وهو المشقة والتأذي بالحر ، إذ لا كثير مشقة في هذه المواضع. ويحتمل ثبوته للخبر (١). والأقرب اختصاص الاستحباب بالبلاد الحارة ، لقلة المشقة في غيرها. ويحتمل عدمه ، لأن التأذي في إشراق الشمس حاصل في البلاد المعتدلة ، بخلاف النهي عن استعمال المشمس ، فإنه يختص بالبلاد الحارة على الأقوى ، لأن المحذور الطبي لا يتوقع مما (٢) يشمس في البلاد المعتدلة.

السادس عشر : لو اجتهد في موضع الاشتباه وصلى ، فإن لم يتبين الحال ، أو ظهر إيقاعها في الوقت ، أو قبله ودخل وهو في الأثناء ، صح فعله. وإن ظهر إيقاعها قبله ولم يدخل حتى فرغ استأنف. وإن ظهر إيقاعها بعد الوقت : احتمل وجوب الإعادة ، لأنه مأمور بالقضاء ولم يوقعه على وجهه. وعدمه للامتثال ، إذ هو مأمور بالاجتهاد فأشبه الصوم.

وهل يكون ما فعله قضاء أو (٣) أداء؟ إشكال ، ينشأ : من أنه فعله بعد وقته ، فأشبه غيره حالة الاشتباه. ومن أنه قائم مقام الواقع في الوقت ، لمكان العذر. ولو أوقع قبل الوقت أعاد ، وإن خرج الوقت.

السابع عشر : زوال الشمس ميلها عن وسط السماء وانحرافها عن دائرة نصف النهار ، وذلك أن الشمس إذا طلعت وقع لكل شي‌ء شاخص ظل في جانب المغرب طويلا ، ثم ينقص بنسبة ارتفاع الشمس ، حتى إذا بلغ كبد السماء ، ـ وهي حالة الاستواء ـ انتهى النقصان.

وقد لا يبقى له ظل أصلا في بعض البلاد ، كمكة وصنعاء اليمن في أطول أيام السنة ، ولا يكون إلا في يوم واحد. وإذا بقي فهو مختلف المقدار باختلاف البلاد والفصول.

ثم إذا مالت الشمس إلى جانب المغرب ، فإن لم يبق ظل عند الاستواء ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٠٤.

(٢) في « س » فيما.

(٣) في « ق » أم.

٣٣٣

حدث الآن في جانب المشرق. وإن بقي زاد الآن وتحول إلى المشرق. فحدوثه أو زيادته هو الزوال.

ثم إذا صار ظل الشخص مثله من أصل الشاخص إن لم يبق شي‌ء من الظل عند الاستواء ، أو من نهاية القدر الباقي في حالة الاستواء إن بقي شي‌ء منه ، خرج وقت الظهر.

ويعرف زيادة الظل بأن ينصب مقياس وبقدر ظله ، ثم يصبر قليلا ، ثم بقدره ثانيا. فإن كان دون الأول لم تزل ، وإن زاد أو لم ينقص فقد زالت.

والضابط : في معرفة ذلك الدائرة الهندسية وصفتها ، أن ينوي موضعا من الأرض خاليا من ارتفاع وانخفاض ، ويدير عليه دائرة بأي بعد شاء ، وينصب على مركزها مقياس مخروط محدد الرأس ، يكون نصف قطر الدائرة بقدر ضعف المقياس على زاوية قائمة.

ومعرفة ذلك : بأن يقدر ما بين رأس المقياس ومحيط الدائرة من ثلاثة مواضع ، فإن تساوت الأبعاد فهو عمود. ثم نرصد ظل المقياس قبل الزوال حين يكون خارجا عن محيط الدائرة نحو المغرب ، فإن انتهى رأس الظل إلى محيط الدائرة يريد الدخول فيه ، يعلم عليه علامة ، ثم يرصده بعد الزوال قبل خروج الظل من الدائرة ، فإذا أراد الخروج عنه علم عليه علامة ، ويصل ما بين العلامتين بخط مستقيم ، وينصف ذلك الخط ويصل بين مركز الدائرة ومنتصف الخط ، فهو خط نصف النهار. فإذا ألقى المقياس ظله على هذا الخط الذي قلنا إنه خط نصف النهار كانت الشمس في وسط السماء لم تزل. فإذا ابتدأ رأس الظل يخرج عنه ، فقد زالت الشمس. وبهذا يعرف القبلة أيضا.

وقد يزيد الظل وينقص ويختلف باختلاف الأزمان والبلدان ، ففي الشتاء يكثر الفي‌ء عند الزوال ، وعند الصيف يقل ، وقد يعدم بالكلية ، كما قلنا في مكة ، فإنه يعدم قبل أن ينتهي طول النهار بستة وعشرين يوما ، وكذا بعد انتهائه بستة وعشرين يوما.

وقد روي عن الصادق عليه‌السلام قال : تزول الشمس في النصف من‌

٣٣٤

حزيران على نصف قدم ، وفي النصف من تموز على قدم ونصف ، وفي النصف من آب على قدمين ونصف ، وفي النصف من أيلول على ثلاثة ونصف ، وفي النصف من تشرين الأول على خمسة ونصف ، وفي النصف من تشرين الآخر على سبعة ونصف ، وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف ، وفي النصف من كانون الآخر على سبعة ونصف ، وفي النصف من شباط على خمسة ونصف ، وفي النصف من آذار على ثلاثة ونصف ، وفي النصف من نيسان على قدمين ونصف ، وفي النصف من أيار على قدم ونصف (١).

واعلم أن المقياس قد يقسم مرة باثني عشر قسما ، فتسمى (٢) الأقسام « أصابع ». ومرة بسبعة أقسام ، أو ستة ونصف ، وتسمى الأقسام « أقداما » فيهما. ومرة بستين قسما ، وتسمى الأقسام « أجزاء ». وقيل في الهيئة : أطول ما يكون الظل المنبسط في ناحية الشمال ظل أول الجدي ، وأقصره أول السرطان ، وهو يناسب ما روي عن الصادق عليه‌السلام (٣).

وقد يعرف الزوال : بالتوجه إلى الركن العراقي لمن كان بمكة ، فإذا وجد الشمس على حاجبه الأيمن ، علم أنها قد زالت.

الثامن عشر : قال الشيخ : المعتبر في زيادة الظل قدر الظل الأول ، لا قدر الشخص المنصوب (٤). وقال غيره : قدر الشخص ، لقول الصادق عليه‌السلام : إذا صار ظلك مثلك فصل الظهر ، وإذا صار ظلك مثليك فصل العصر (٥).

والشيخ عول على رواية يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عما جاء في الحديث أن صل الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين ، وذراعا وذراعين ، وقدما وقدمين ، فكيف يكون هذا؟ وقد يكون‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٢٠ ح ٣.

(٢) في « س » فيقسم.

(٣) المتقدم آنفا.

(٤) المبسوط ١ ـ ٧٣.

(٥) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٠٥ ح ١٣.

٣٣٥

الظل في بعض الأوقات نصف قدم؟ قال : إنما قال : ظل القامة ، ولم يقل قامة الظل ، وذلك أن ظل القامة مرة يكثر ، ومرة يقل ، والقامة قامة أبدا لا تختلف.

ثم قال : ذراع وذراعين وقدم وقدمين ، وصار ذراعا أو ذراعان تفسيرا للقامة والقامتين في الزمان الذي يكون فيه ظل القامة ذراعا وظل القامتين ذراعين. فيكون ظل القامة والقامتين والذراع والذراعين متفقين في كل زمان معروفين ، مفسرا أحدهما بالآخر مسددا به ، فإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظل القامة وكانت القامة ذراعا من الظل ، وإذا كان ظل القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين.

فهذا تفسير القامة والقامتين والذراع والذراعين (١).

وفي طريقها ضعف (٢) مع إرسالها.

التاسع عشر : ظهر مما تقدم أن الوقت المختص بالظهر من الزوال إلى أن يمضي قدر أربع ركعات للحاضر ، وللمسافر قدر ركعتين ، ثم يشترك الوقت مع العصر إلى أن يبقى من النهار قدر أداء العصر ، فيختص بالعصر.

وقد بينه الصادق عليه‌السلام فقال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر ، حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس (٣). وكذا البحث في العشاءين.

العشرون : عند غروب الشمس تجب المغرب ويحل الإفطار ، وعلامته سقوط الحمرة المشرقية على الأصح ، لقول الصادق عليه‌السلام : وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ١١٠ ح ٣٤.

(٢) وهو صالح بن سعيد ، وهو مجهول.

(٣) وسائل الشيعة ٣ ـ ٩٢ ح ٧.

(٤) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٢٧ ح ٣.

٣٣٦

وقيل : غيبوبة القرص ، لقول الباقر عليه‌السلام : وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة (١). والأول أحوط.

وعلى الثاني يعتبر سقوط قرصها ، وهو ظاهر في الصحاري ، أما في العمران وقلل الجبال ، فالاعتبار بأن لا يرى من شعاعها شي‌ء على أطراف الجدران وقلل الجبال ، وتقبل الظلام من المشرق.

الحادي والعشرون : أول صلاة الغداة طلوع الفجر الثاني إجماعا.

وتحقيقه : أن ضوء النهار من نور الشمس وإنما يستضي‌ء بها ما هو كمد في نفسه كثيف في جوهره ، كالأرض والقمر وأجزاء الأرض المتصلة والمنفصلة كالهيئات وغيرها ، وكل جسم يستضي‌ء وجهه من الشمس ، فإنه يقع له ظل من ورائه.

وقد قدر الله تعالى بلطيف حكمته جعل الشمس دائرة حول الأرض بفلكها المحيط بها الخارج مركزه عن مركزها ، وباعتبار هذا الاختلاف تختلف المغارب والمشارق.

فإذا كانت الشمس تحت الأرض وقع ظلها فوقها على شكل مخروط قاعدته ، عند سطح الأرض الظاهر ، ورأسه عند منتهى الظل ، وليس له أثر عند الفلك الخامس. فيكون الهواء المستضي‌ء بضياء الشمس محيطا بجوانب المخروط ، فيستضي‌ء حواشي الظل بذلك الهواء المضي‌ء ، لكن ضوء النهار ضعيف ، لأنه مستفاد ، فلا يتعد كثيرا في أجزاء المخروط ، بل كل ما ازداد بعدا ازداد ضعفا ، فإذن الكائن في وسط مخروط الظل يكون في أشد الظلام.

فإذا قربت الشمس من الأفق الشرقي مال مخروط الظل عن سمت الرأس ، وقربت الأجزاء المستضيئة من حواشي الظل بضياء الهواء من التغير وفيه أدنى قوة ، فيدركه البصر عند قرب الصباح.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ١٣٠ ح ١٧.

٣٣٧

وعلى هذا كل ما ازدادت الشمس قربا من الأفق ازداد مخروط الضوء ، فيزداد الضوء من حواشي إلى أن تطلع الشمس ، وأول ما يظهر الضوء عند قرب الصباح ، يظهر مستدقا مستطيلا كالعمود ، ويسمى « الصبح الكاذب » ويشبه ذنب السرحان لدقته واستطالته ، ويكون ضعيفا دقيقا.

ويبقى وجه الأرض على ظلامه بظل الأرض ، ثم يزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طولا وعرضا ، فينبسط في عرض الأفق كنصف دائرة ، وهو الصادق ، فيمتلي أفق المشرق ضياء ونورا ويبلغ إلى وسط السماء.

ولا يزال يزداد ذلك الضوء إلى أن تحمر الأفق ، ثم تطلع الشمس. والحال في أمر الشفق كالحال في أمر الفجر لكن على العكس ، لأن الشمس متى غربت احمر الأفق في ناحية المغرب ، فيكون الهواء مضيئا بضياء واضح ، مثل ما كان قبل طلوع الشمس ، ثم يأخذ الضياء في الضعف إلى أن تغيب الحمرة ، ويبقى البياض مثل بياض الصبح الصادق.

ثم يزداد ضعفه شيئا فشيئا إلى أن يغيب ، ثم يتبعه خط البياض المستطيل ، لكن أقل ما يدرك ذلك ، لأنه وقت النوم ، ويدرك ظهوره عند الصباح ، لانتظار الناس إياه ، لانتشارهم في معايشهم.

الثاني والعشرون : تارك الصلاة عمدا مستحلا ، فإن كان مسلما ولد على الفطرة ، قتل من غير استنابة ، لأنه مرتد ، ولو تاب لم يسقط عنه القتل. ولو كان أسلم عن كفر ، فهو مرتد لها عن فطرة يستتاب ، فإن تاب قبلت توبته ، وإن لم يتب قتل. ولو كان كافرا ذميا لم يقتل. ولو كان قريب العهد بالإسلام ، أو نشأ في بادية وزعم أنه لا يعرف وجوبها عليه ، قبل منه وعرف الوجوب.

وإن كان غير مستحل لم يكن مرتدا ، بل يعزر على تركها ، فإن امتنع ، وإلا عزر ثانيا ، فإن امتنع وإلا عزر ثالثا ، فإن رجع وإلا قتل في الرابعة ، وقيل : في الثالثة.

ويطالب بها إلى أن يخرج الوقت ، فإذا خرج أنكر عليه وأمر بقضائها ، فإن لم يفعل عزر ، فإن انتهى وصلى برئت ذمته. وإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث‌

٣٣٨

صلوات وعزر فيها ثلاث مرات ، قتل في الرابعة. ولا يقتل حتى يستتاب ، ويكفن ، ويصلى عليه ، ويدفن في مقابر المسلمين ، وميراثه لورثته المسلمين.

ولو اعتذر (١) عن الترك بمرض أو كسل ، لم يقبل عذره ، وطولب المريض بالصلاة على حسب حاله قائما ، أو جالسا ، أو مضطجعا ، أو مستلقيا ، فإن الصلاة لا تسقط عنه بحال. ولا يحل قتله بمرة واحدة ولا بما زاد ما لم يتخلل التعزير ثلاثا ، فإن عزر ثلاثا قتل بالسيف. ويحتمل أن يضرب حتى يصلي أو يموت.

ولو اعتذر عن الترك بالنسيان أو بعدم المطهر ، قبل عذره إجماعا ، ويؤمر بالقضاء ، ولا يضيق عليه ، لجواز تأخيره مدة العمر.

ولا فرق بين ترك الصلاة ، أو ترك شرط مجمع عليه ، كالطهارة والقبلة. وكذا الجزء كالركوع. أما المختلف فيه كإزالة النجاسة وقراءة الفاتحة والطمأنينة ، فلا يوجب القتل ، فإن تركه معتقدا وجوبه ، وجب عليه إعادة الصلاة ، ولا يقتل بذلك ، لأنه مختلف فيه.

وصلاة الكافر ليست إسلاما عندنا مطلقا ، لأنه عبارة عن الشهادتين. ولا فرق بين دار الحرب والإسلام في ذلك.

__________________

(١) كذا في « ق » وفي « س » عند الترك وفي « ر » على الترك.

٣٣٩

الفصل الثالث

( في المكان )

ومطالبه أربعة :

المطلب الأول

( في شرائطه )

وهي اثنان : الأول الملك. الثاني الطهارة ، فهنا بحثان :

البحث الأول

( الملك )

ولا يشترط أصالته ، بل لو ملك المنفعة كالمستأجر والمستعير صح ، بل ولو لم يملك لكن جاز له التصرف ، كالمواضع المباحة المشتركة بين المسلمين ، صحت الصلاة فيه.

ولا يحل في المكان المغصوب إجماعا ، لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه. وتبطل صلاته فيه مع العلم بالغصبية والاختيار عند علمائنا أجمع ، لأن النهي في العبادات يدل على الفساد. والنهي في الأماكن المكروهة ليس عن الصلاة ، ولا عن شي‌ء من أجزائها ولوازمها ، بل عن وصف منفك ، كالتعرض للسيل ، وملاقاة النجاسة في الحمام والمزابل والمذابح ، وكنفار الإبل ، وبطون الأودية.

٣٤٠