سورة الكوثر
[١٢٢٦] فإن قيل : ما الكوثر؟
قلنا : فيه قولان :
أحدهما : وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما أنه الخير الكثير فوعل من الكثرة ، كقولهم : رجل نوفل ، أي كثير النوافل. ومنه قول الشاعر :
وأنت كثير يا ابن مروان طيّب |
|
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا |
قيل لأعرابية رجع ابنها من سفر : كيف آب ابنك؟ قالت : آب بكوثر. ولقد أعطى النبيّ صلىاللهعليهوسلم خيرا كثيرا ، فإنه آتاه الحكمة ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، ومنهم من فسّر هذا الخير الكثير بالنبوة ، ومنهم من فسره بالعلم والحكمة ، ومنهم من فسره بالقرآن.
والقول الثاني : أنّ الكوثر اسم نهر في الجنّة ، وهو قول أكثر المفسرين ، وقد جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الكوثر نهر وعدنيه ربّي في الجنّة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمّتي يوم القيامة». وعنه صلىاللهعليهوسلم أيضا ، في الحديث أنّه قال : «بينا أنا أسير في الجنّة فإذا بنهر حافّتاه قباب اللّؤلؤ المجوّف ، فقلت : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الكوثر الّذي أعطاك ربّك ، فضرب الملك بيده فإذا طينه المسك الأذفر». وروي عن صفته أنّه أحلى من العسل ، وأشد بياضا من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزّبد ، حافتاه الزبرجد ، وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء ، لا يظمأ من شرب منه أبدا.
__________________
[١٢٢٦] يصعب تحديد نسبة هذا البيت لقائل معين. فهو ينسب إلى الكميت بن زيد الأسدي ، ومذكور في مجموع شعره : ٢ / ٢٠٩.
ونسبه ابن هشام إلى رجل من بني عبد مناة ومنه قوله :
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه |
|
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا |
وهذا البيت في كتاب سيبويه : ١ / ٣٤٩ من غير نسبة.
ونسب في شرح شواهد الكشاف للفرزدق ، وانظر خزانة الأدب : ٢ / ١٠٢.
ـ الحديث أخرجه أحمد في مسنده : ١ / ٢٣١ ، ٢٣٢.