مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

ولو جنى فيه حدّ.

ولا يسقط باعتراض الجنون ولا الارتداد.

______________________________________________________

وتدلّ عليه صحيحة هشام بن الحكم ـ في الفقيه ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يجي‌ء في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم؟ قال : لا يقام عليه حدّ (الحدّ ـ ئل) ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم ولا يبايع فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام الحدّ وان جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحدّ في الحرم فإنه لم يرد للحرم حرمة (١).

ولهذا قال عليه السّلام : (بأن لا يطعم ولا يبايع) وينبغي (٢) (ولا يتكلّم) كما في الرواية.

ولو جنى في الحرم قوبل بموجب جنايته حدّا كان أو تعزيرا ، لانّه كسر حرمة الحرم فلا حرمة له ودلّ عليه الخبر أيضا وقد مرّ ذلك مفصّلا فتذكر (٣).

قوله : «ولا يسقط باعتراض الجنون والارتداد» دليل عدم سقوط حدّ الواجب على كلّ عاقل بالغ مستجمع لجميع شرائطه بحصول جنون بعده ، أدلّة وجوب الحدّ وصحيحة أبي عبيدة ، عن الباقر عليه السّلام في رجل وجب عليه حدّ فلم يضرب حتّى خولط فقال : ان كان أوجب على نفسه الحدّ وهو صحيح لا علّة به من ذهاب عقله (عقل ـ خ ئل) ، أقيم عليه الحدّ كائنا ما كان (٤).

وهذا أجود ، والاستصحاب وعدم دليل مسقط ، فانّ الجنون مانع من وجوب الحدّ بفعل موجبه حينئذ لعدم التكليف ، لا انّه مسقط لما وجب عليه حال

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٤٦.

(٢) يعني ينبغي للمصنف أن يضيف الى قوله : بل يضيّق عليه إلخ وقوله : (ولا يتكلم كما في رواية هشام).

(٣) راجع ج ٧ ص ٤٢٤ و ٤٢٥ من هذا الكتاب.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣١٧.

٨١

ولا تؤخر الحائض ، ويؤخر المريض والمستحاضة إلى البرء ، فان اقتضت المصلحة التقديم ضرب بالضغث المشتمل على العدد ، ولا يشترط وصول كل شمراخ الى جسده.

______________________________________________________

تكليفه وكونه مانعا أوّلا لا يستلزم ذلك ، وهو ظاهر.

ويحتمل السقوط الى ان يفيق لعدم التكليف والنفع في الحدّ فإنه لا يدرك حتى ينتهي.

ولظاهر رواية حماد بن عيسى ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السّلام قال : لا حدّ على مجنون حتّى يفيق ، ولا على صبيّ حتّى يدرك ، ولا على النائم حتّى يستيقظ (١).

ويمكن حملها على الموجب وقت المانع ويحصل النفع في الجملة.

وكذا لا يسقط بعروض الارتداد الموجب للكفر والقتل ، لما تقدّم ، وأيضا الكفر ليس بمانع من الحدّ وليس من شروطه الإسلام ، فتأمّل.

قوله : «ولا يؤخّر الحائض إلخ» دليله واضح ، فانّ الحدّ واجب والحيض لا يمنع منه ، لا عقلا ، ولا شرعا ، وهو ظاهر ، وكذا النفاس.

نعم قد قيل : انّ الاستحاضة مرض فتكون المستحاضة كالمريضة يمنع مثلها فيؤخر الى أن تظهر وتبرأ ، وقد دلّت عليه الرواية وقد مرت مع تجويز الحدّ بالشمراخ المشتمل على عدد الحدّ والتعزير للروايات ، ولفعله صلّى الله عليه وآله ، بل فعلهم عليهم السّلام (٢).

وذلك منوط بنظر الحاكم فان رأى فيه المصلحة يضرب والّا يؤخّر فيحدّ حدّا كاملا.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣١٦.

(٢) راجع لذلك كله باب ١٣ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٢١ ـ ٣٢٥ وقد ذكرنا معنى الشمراخ عند شرح قول الماتن : (ويرجم المريض) إلخ.

٨٢

وتؤخّر الحامل في الجلد والرجم حتى تضع وترضع ان فقد الكافل.

ولو زنى في زمان شريف أو مكان شريف عوقب زيادة يراها الحاكم.

______________________________________________________

وعلى تقدير ضرب الشمراخ لا يشترط وصول كلّ شمراخ الى بدنه ، ويكفي ثقله.

ولا يبعد تعميم الحكم للمستحاضة لأنها كالمريضة.

ومعلوم انّ هذا في الجلد ونحوه لا الحدّ الذي هو القتل ، إذ قد مرّ عدم التأخير فيه ، لعدم القائل عندهم.

قوله : «وتؤخر الحامل إلخ» وجه وجوب تأخير جلد الحامل ورجمها بل قتلها واضح ، وانّه موجب لضرر غير المستحق ـ وهو الحمل ـ وذلك لا يجوز (لا يوجب ـ خ) ، فلا بدّ من التأخير مطلقا ، ومع ظهوره تدلّ عليه الروايات أيضا.

مثل ما في الفقيه : سئل ـ أي أبو عبد الله عليه السّلام ـ عن محصنة زنت وهي حبلى؟ قال : تؤخّر حتّى تضع ما في بطنها وتوضع ولدها ثم ترجم (١).

ومثل ان حكم عمر برجم حامل ، قال أمير المؤمنين : لا سبيل لك على الحمل فأخّر (٢).

وقال لامرأة أقرّت بالزنا : اذهبي حتّى تضعي ، ثم قال لها بعد ان وضعت : اذهبي حتّى ترضعيه وتربيّه الى ان يكبر ويستغني عنك وعن تربيتك (٣) ، وقال : وقد وردت مثلها مكرّرا.

قوله : «ولو زنى في زمان شريف إلخ» تغليظ الحدّ ـ ان وقع الموجب في

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب حدّ الزنا بالسند الثاني ج ١٨ ص ٣٨٠.

(٢) راجع الوسائل باب ١٦ حديث ٧ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨١.

(٣) راجع الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٧٨.

٨٣

(الرابع) الجلد خاصّة ، وهو ثابت في حق المرأة وغير المملك على رأي والعبد.

______________________________________________________

مكان شريف أو زمان كذلك كالمساجد ، والمشاهد ، وشهر رمضان نهارا أو ليلا ، والجمعة ، والأعياد ، وكون ذلك موكولا على رأي الحاكم ـ هو المشهور بينهم ويؤيّده الاعتبار ، فتأمّل.

هذا انّما يكون في الجلد والضرب دون القتل ، فإنّه لا شي‌ء فوقه.

الّا ان يقال باعتبار أقبح الافراد وأكثرها عقابا أو يراد امرا آخر غير القتل ، مثل ان يجلد ، ويضرب ، ويشنع فيقتل.

واعلم انّ مجرّد الشهرة لا يكفي بمثل هذا الحكم ، بل لا بدّ له من دليل ، نصّ أو إجماع فإنّ زيادة عقوبة ـ لا لدليل خصوصا فيما عيّن له الشارع حدّا ـ غير معقول وكذا تعيينها برأي الحاكم مهما أراد من الزيادة.

ويدل عليه ـ في الجملة ـ ما روي في الفقيه انّ أمير المؤمنين عليه السّلام اتى بالنجاشي (الحارثي ـ خ ل ئل) الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرين (سوطا ـ خ) ، فقال : يا أمير المؤمنين ضربتني ثمانين في شرب الخمر فهذه العشرون ما هي؟ فقال : وهذا لجرأتك (لتجرئك ـ خ) على شرب الخمر في شهر رمضان (١).

لعلّ زيادة التغليظ ـ ولو كان في ليلة شهر رمضان أيضا ـ مفهوم من هذه الرواية فافهم.

قوله : «الجلد خاصّة إلخ» رابع عقوبات الزنا ، الجلد خاصّة ، وهي توجد في المرأة الغير المحصنة ، والغير الزانية بذي محرمها باختيارها ، فإن المحصنة عليها ، الرجم مثل المحصن ، والمطاوعة في الزنا مع ذي محرمها ، تقتل مثله ، سواء أملك عليها

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب حدّ المسكر ج ١٨ ص ٤٧٥.

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

دائما أم لا فهي البكرة على قول.

وفي الرجل الغير الزاني بذات محرمه والذي لم يملك دائما ، وهو أيضا بكر على قول.

فثبوت الجلد خاصّة فيهما انّما هو على القول بانّ المراد بالبكر الذي وجب عليه الجلد ، والجزّ ، والتغريب ، هو الرجل الحرّ الذي لم عليه القتل ، والغير المحصن المملك على امرأة.

فيبقى الجلد خاصّة للمرأة الغير المحصنة ، والغير الزانية بذي محرمها مطلقا ، وللرجل الغير المحصن الغير المملك ، والزاني بذات محرمه.

فهذا على القول بتثليث القسمة ، المحصن ، والبكر ، وغيرهما ، فإنّه على هذا ، الرجم للمحصن ، والجلد والجزّ والتغريب للمملك ، والجلد خاصّة لغيرهما وهو الرجل والمرأة اللّذين ذكرناهما ، والعبد.

وامّا على القول بتثليث (١) القسمة ، المحصن ، والبكر ، وهو غيره وعدم الفرق بين الإملاك وغيره ، يكون الجلد خاصّة مخصوصا بالمرأة والعبد.

وقد مرّ هذا الخلاف ، ودليله ، وانّه ما رأيت دليلا بل قولا بجزّ المرأة صريحا وانّ القائل بنفيها (بهما ـ خ) ليس الّا ابن أبي عقيل ، وانّ النفي للمرأة أيضا موجود في الروايات مثل رواية الحلبي ومحمّد بن قيس ، والرواية العاميّة وردّ الأوّلين في الشرح (٢) باشتمالهما على نفي المرأة ولا قائل له الّا ابن أبي عقيل وقد مرّ ما فيه.

وبالجملة قد تقدم البحث فيه وما علم اختيار المصنف هنا أوّلا.

ويعلم من هذه انّ القسمة ثلاثيّة ، والإملاك شرط في البكر ، وانّ البكر

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها مطبوعة ومخطوطة والصواب تثنية القسمة كما لا يخفى.

(٢) كتاب الحدود في شرح قول المصنف : (الثالث الجلد والجز والتغريب إلخ) حيث قال : وهذان الخبران متروك ظاهرهما لتضمنهما النفي على المرأة ولم يذكره غير ابن أبي عقيل.

٨٥

ويجلد الحرّ والحرّة مائة ، والأمة خمسين وان كانا محصنين.

______________________________________________________

عليه ، العقوبات الثلاث بخلاف غير البكر ، وان ليست المرأة بكرة ، وانّ المرأة لا فرق فيها بين المملكة وغيرها ، وان حكم غير المحصن ، والتي يجب قتلها ، الجلد فقط ، فلا جزّ ولا تغريب عليها كلّ ذلك من قوله : (على رأي) حيث علم انّه إذا قال : (رأي) بغير شي‌ء يريد رأيه ، وانّ الجلد ثابت على العبد الزاني ، ولو ذكر الأمة أيضا أو يترك (يصرف ـ خ) العبد أيضا لما سيجي‌ء ، لكان أولى.

قوله : «ويجلد الحرّ والحرّة إلخ» دليل وجوب جلد مائة على الزاني الحرّ والحرّة في الجملة قوله تعالى «الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ» (١) ، خصّا بالحرّ لقوله تعالى «نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ» (٢) ، المراد إثبات نصف الجلد الذي أثبته للزاني والزانية للعبد والأمة ، فيكون المراد بها ، الحرّ والحرّة.

وتدل على ثبوت نصف الجلد للأمة والعبد مطلقا روايات كثيرة.

والجلد المذكور في الحرّ والحرّة مخصوص بغير المحصن وبغير المقتول بسبب الإكراه أو الزنا بذات المحرم على القول بوجوب القتل فيهم كلّهم.

ثم انّه لا شك في تحقّق وجوب الجلد بغيبوبة الحشفة ، فإنّه المعيار للدخول الموجب للغسل والمهر ، فإنّه يصدق عليه الدخول تحقيقا.

وللروايات ، مثل رواية منصور بن حازم ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا التقى الختانان فقد وجب الجلد (٣).

ولا يضرّ اشتراك أبي بصير ، ويونس بن عبد الرحمن (٤) ، فتأمّل.

ومثل رواية بريد العجلي ، عن أبي جعفر (عبد الله ـ خ ل ئل) عليه السّلام في

__________________

(١) النور : ٢.

(٢) النساء : ٢٥.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١٧ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٧.

(٤) سندها كما في التهذيب هكذا : يونس بن عبد الرحمن ، عن منصور بن حازم ، عن أبي بصير.

٨٦

ولو تكرر من الحرّ الزنا ثلاثا قتل في الرابعة أو الثالثة على خلاف.

______________________________________________________

الأمة تزني قال : تجلد نصف الحدّ كان لها زوج أو لم يكن لها زوج (١).

وصحيحة الحسن بن السري ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا زنى العبد والأمة وهما محصنان فليس عليهما الرجم ، انّما عليهما الضرب خمسين ، نصف الحدّ (٢).

وحسنة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في العبيد (والإماء ـ كا) إذا زنى أحدهم ان يجلد خمسين جلدة وان كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا ، ولا يرجم ، ولا ينفى (٣).

قوله : «ولو تكرر من الحرّ إلخ» يعني إذا تكرر الزنا من الحرّ الذي لا يقتل أوّلا مذكرا كان أو مؤنثا ، فإنّ المراد به ، الجنس ثلاثا وحدّ كلّ مرّة ، قتل في الرابعة ، وقيل : لو حدّ مرتين قتل في الثالثة.

وان تكرر من المملوك قتل في التاسعة.

ولو تكرر الزنا ممن كان من غير توسط حدّ ، فالواجب حدّ واحد وقد مرّ ذلك.

وامّا القتل في الرابعة ففيه مذاهب ، أشهرها (٤) وهو اختياره في النهاية والمبسوط ، وهو خيرة الشيخ المفيد ، والسيد ، وسلّار ، والقاضي ، والتقي ، والصهرشتي ، وابن زهرة ، وابن حمزة ، والكيدري (٥) ، والمحقق ، وصاحب جامع

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠١.

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٢.

(٣) الوسائل باب ٣١ حديث ٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٢.

(٤) هكذا في النسخ والصواب أشهرها ذلك.

(٥) هو قطب الدين صاحب الإصباح في الفقه ، وقال المحدث القمي في الكنى ج ٣ ص ٦٠ كان معاصرا للقطب الراوندي وتلميذا لابن حمزة الطوسي فرغ من شرحه على النهج سنة ٥٧٦ انتهى ولم يذكر سنة وفاته.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الجوامع (١) ، والمصنف رحمهم الله وهو ظاهر ابن الجنيد ، لقول الصادق عليه السّلام في حديث أبي بصير : الزاني إذا جلد ثلاثا ، يقتل في الرابعة (٢).

ولان فيه صورا للنفس المطلوب صونها عن التلف.

وأوسطها ـ وقال ابن إدريس : انه أظهرها واختاره ـ انه يقتل في الثالثة ، وهو فتوى ابن بابويه ، لرواية يونس عن الكاظم عليه السّلام : ان أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة (٣).

وخصّه الشيخ بما عدا حدّ الزنا كشرب الخمر لأنّ الخاص يقدم على العام والثالث ـ وهو أغربها ـ انّه يقتل في الخامسة ذكره في المختلف هكذا قال في الشرح (٤) ثمّ ذكر الخلاف في المملوك ، قيل : يقتل في الثامنة ، وقيل : في التاسعة وأسنده إلى جماعة كثيرة ولم يسم القائل بالثامنة.

ونقل عن الراوندي ، التفصيل بان يكون القتل في الثامنة مع ثبوت الموجب بالبيّنة ، وفي التاسعة مع الثبوت بالإقرار (٥).

وجهه ـ غير الحسن الظاهر ـ غير ظاهر فلا يمكن القول بمثله في مثله ، فتأمّل.

ثم اعلم ان القتل أمر عظيم لاهتمام الشارع بحفظ النفس ، فإنّه مدار التكاليف والسعادات ولهذا أوجبوا حفظها حتّى انّه ما جوّزوا الترك ليقتل ، بل أوجبوا عليها ان تقتل غيرها ولا تقتل ، والعقل أيضا يساعده في الجملة وحينئذ

__________________

(١) الظاهر ارادة صاحب مجمع البيان الطبرسي المتوفى سنة ٥٥٢ أو ٥٤٨ أو ٥٦١.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣١٤ وزاد فيه : يعني إذا جلد ثلاث مرّات ، كما يأتي من الشارح قدّس سرّه أيضا عن قريب.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣١٣.

(٤) في غاية المراد للشهيد عند قول المصنف في كتاب الحدود ولو تكرر من الحرّ الزنا إلخ.

(٥) إلى هنا مضمون كلام الشارح رحمه الله.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ينبغي الاحتياط التام في ذلك لظاهر الآية المقتضية للجلد فقط حتّى يثبت غيره ، ولمّا ثبت انّه استحق القتل في الرابعة بالاتفاق فلا حرج في اختياره.

وامّا قبلها فلا دليل عليه بحسب الظاهر إلّا رواية يونس ، عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال عليه السّلام : أصحاب الكبائر كلّها إذا أقيم عليهم الحدود مرّتين قتلوا في الثالثة (١).

وهي قاصرة من جهة السند ، لانّ سندها : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن صفوان ، عن يونس ، لاشتراك يونس وان كان الظاهر انّه ابن عبد الرحمن ، ومع ذلك فيه قول خصوصا لابن بابويه الذي هو صاحب هذا المذهب.

وقد يناقش في أحمد بن محمّد ، فإنّه أيضا مشترك ، بل في محمّد بن يحيى ، وصفوان أيضا هذا في الكافي.

وامّا في التهذيب فهي مقطوعة عن يونس ، وقيل : الطريق الى يونس بن عبد الرحمن (٢) صحيح ، فان كان هو ، فهو صحيح.

ولكن يرد عليه ان في الطريق محمّد بن عيسى ، عن يونس كما في السند الرابعة (٣) فتأمّل.

وفي الدلالة أيضا من حيث العموم مع نقل يونس خلافه ، فيمكن تخصيصها بغير الزاني جمعا بين الأدلة كما قاله في التهذيب وحملها على القتل بعد

__________________

(١) تقدّم ذكر موضعها آنفا فلا حظ.

(٢) وذكرنا طريق الشيخ الى يونس بن عبد الرحمن في أواخر شرح قول المصنف : (الثالث الجلد) فراجع.

(٣) يعني في الرواية المشتملة على القتل في المرتبة الرابعة.

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الثلاثة فيكون في الرابعة وان كان بعيدا.

والعجب من ابن إدريس انّه اختار هذا المذهب النادر بالنسبة مع عدم ظهور دليله عليه سوى هذه الرواية مع اقتضاء ظاهر الآية الجلد فقط ، فتأمّل.

وان كان سند المشهور أيضا لا يخلو عن قصور ، فإنّه روي في الكافي ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : الزاني إذا زنى جلد (يجلد ـ خ) ثلاثا ، ويقتل في الرابعة يعني إذا جلد ثلاث مرّات (١).

ولكنها مؤيّدة بظاهر الآية ، وبالشهرة ، بل الإجماع.

والأصل ما ذكرناه من اعتداد الشارع بحفظ النفس.

ورواية محمد بن عيسى ، عن يونس لا بأس بها ، وكذا لا بأس ب «إسحاق» وبالحقيقة العمل هنا بالإجماع ، فتأمّل.

ويؤيّده أيضا أنّ المملوك يقتل في الثامنة أو التاسعة كما سيجي‌ء ، وهو نصف الحرّ ، فينبغي في الحرّ ذلك.

وأيضا نعلم من الرواية الدالّة على قتل المملوك في الثامنة ، قتل الحرّ في الرابعة.

والتي تدل على ذلك رواية محمّد بن سليمان (المصري ـ ئل) ، عن مروان بن مسلم ، عن عبيد بن زرارة أو بريد العجلي ـ الشك من محمّد أي محمّد بن سليمان لا محمّد بن مسلم كما قاله في الشرح (٢) كأنّه غلط ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أمة زنت؟ قال : تجلد خمسين جلدة ، قلت : فإنّها عادت؟ قال : تجلد خمسين ، قلت : فيجب عليها الرجم في شي‌ء من الحالات؟ قال : إذا زنت ثماني

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣١٤.

(٢) تقدّم ذكر محله آنفا.

٩٠

ومن المملوك ثماني قتل في التاسعة ، ولو تكرر من غير حدّ فواحد.

______________________________________________________

مرّات يجب عليها الرجم ، قلت : كيف صار في ثماني مرّات؟ فقال : لانّ الحرّ إذا زنى اربع مرّات وأقيم عليه الحدّ ، قتل ، فإذا زنت الأمة ثماني مرّات رجمت في التاسعة ، قلت : وما العلّة في ذلك؟ قال : لان الله عزّ وجلّ رحمها ان يجمع عليها ربق الرق وحدّ الحرّ ، قال : ثم قال : وعلى امام المسلمين ان يدفع ثمنه الى مواليه من سهم الرقاب (١).

فيها دلالة على كون القتل في الحرّ بعد الرابعة من وجوه ثلاثة ، من إطلاق القتل إذا زنى ثمانية مرّات ، والمراد بعد التاسعة ، فيمكن ذلك في الثالثة كما مرّ ، ومن وجوب القتل في الثامن أو التاسع في المملوك ، ومن قوله : (إذا زنت اربع مرّات) وأراد بالرجم القتل ، ولهذا ما قاله به (٢) احد وصرّح في الحسنة الآتية عن بريد بالقتل.

وحسنة بريد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام (قال : ـ خ) إذا زنى العبد ضرب خمسين ، فان عاد ضرب خمسين فان عاد ضرب خمسين إلى ثماني مرّات ، فان زنى ثماني مرّات قتل وأدّى الإمام قيمته الى مواليه من بيت المال (٣).

واختلفوا في المملوك أيضا ، فذهب بعض كالمصنف والمحقق إلى انّه يقتل في التاسعة للرواية الاولى.

وجمع كثير مثل الشيخ المفيد ، والسيّد ، وابني بابويه ، وسلار ، والتقي ، وابن زهرة ، والكيدري وابن إدريس ، إلى انّه يقتل في الثامنة لهذه الحسنة.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٢.

(٢) هكذا في النسخ كلها ، والصواب ما قال به أحد أو ما قاله أحد.

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٣ وفي الكافي حميد بن زياد عن أبي عبد الله عليه السّلام.

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وكأنّ سبب الأكثر اختيار هذه ، إنها أوضح سندا ، فإنّ الأولى ضعيفة السند من وجوه.

ولكن هذه أيضا غير صحيحة ، بل حسنة كما قالوا ، مع إمكان المناقشة في ذلك أيضا لوجود جميل وبريد (١) من غير بيان واضافة ، فقد يكون غير الثقة وان كان الظاهر خلاف ذلك ، على انّ بدل (جميل عن بريد) في الكافي (حميد بن زياد) (٢) ، وقيل : انّه واقفي ، وقال المصنف في الخلاصة : نعتمد على روايته مع عدم المعارض.

والاعتماد على مثلها في القتل الذي يجب فيه الملاحظة ، والاحتياط التام كما مرّ.

وانّه خلاف ظاهر القرآن.

فيمكن ترجيح الأولى بالأصل والاحتياط.

وانّه لا خلاف في القتل بعد التاسعة فليس الدليل في الحقيقة تلك الضعيفة بل الإجماع ونفي ما دونها لعدم دليل صالح.

على انّه يمكن حمل الثانية على الاولى ، فإنّ القتل بعد الثامنة ـ بمعنى انّه ان زنى بعد ذلك يقتل ـ غير بعيد للجمع بين الأدلة ووجود مثلها في الرواية السابقة مع كونها عن بريد أيضا فإنّه قال فيها أو لا : (إذا زنت ثماني مرّات فيجب عليها الرجم) ثم بيّنه ثانيا بقوله : (فإذا زنت الأمة ثماني مرّات رجمت في التاسعة) فيبعد نظر الشارح في كلام المصنف حيث قال ـ بعد استدلال الجماعة بالحسنة ـ : وأجاب

__________________

(١) سندها كما في التهذيب هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل ، عن بريد عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٢) والسند في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل ، عن حميد بن زياد (عن بريد ـ خ).

٩٢

ويتخيّر الإمام في دفع الذميّ الزاني بذميّة إلى حاكمهم والحكم بينهم بشرع الإسلام.

______________________________________________________

المصنف بجواز ان يكون المراد ، القتل في التاسعة : ففيه (وفيه ـ خ ل) نظر لأنّه جزاء الشرط فلا يعلّق الشرط بغيره (١).

ثم اعلم انّه يفهم من الروايتين انّه على الامام ان يعطي قيمة المملوك الذي قتل بالزنا من الزكاة من سهم الرقاب ، ومن بيت المال.

وهو مستبعد ومخالف لبعض القوانين ، فانّ القتل جزاء الزاني وكفارة فعله فلا عوض ، وما قتل في مصالح المسلمين ، وليس من مواضع الزكاة فليس عليهم عوضه.

ولكن إذا كان دليل القتل الروايتين فينبغي الفتوى به أيضا ، إذ يبعد إسقاط البعض والعمل بالبعض وان كان جائزا.

قال في الشرح : قال بعض الأصحاب انّ المملوك إذا قتل كانت قيمته من بيت المال لمولاه ، وهو تعويل على تمام الروايتين المذكورتين فان في الاولى : (وعلى الامام ان يدفع ثمنه الى مواليه من سهم الرقاب) وفي الثانية : (وأدّى الإمام قيمته الى مواليه من بيت المال) وهو غير بعيد (٢).

وكان المراد من بيت المال في الثانية من وجه الزكاة أيضا ، فإنّها قد تكون بيده أيضا ، ويضعها في بيت المال ويصرف (يعرف ـ خ ل) مصرفها أو تكون زائدة وما بقي بها محلّ ، فجعلها في بيت المال ، فتأمّل.

قوله : «ويتخيّر الإمام إلخ» إذا زنى ذميّ بذميّة ، يتخيّر الامام والحاكم في ان يحكم عليهما بما في شرع الإسلام أو يردّهما الى أهل نحلتهما للحكم بينهما فيه

__________________

(١) قاله الشارح في ذيل العبارة المتقدم ذكرها.

(٢) الى هنا كلام الشارح رحمه الله.

٩٣

ومن وجد مع زوجته رجلا يزني بها فله قتلهما ولا يصدّق إلّا بالبيّنة أو تصديق وليّهما.

______________________________________________________

على وجهه ، فكأنّه ممّا لا خلاف فيه.

والذي يدل على حكم الإسلام قوله تعالى لنبيّه «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ» (١).

وقد روي انّ اليهود أتوا النبي صلّى الله عليه وآله برجل وامرأة منهم قد زنيا ، فرجمهما (٢).

ويدل على التخيير قوله تعالى «فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ» (٣) ، قال ابن عباس (رضي الله ـ خ) : خيّر الله تعالى نبيّه بقوله : (فَإِنْ جاؤُكَ) الآية) (٤) وهذا التخيير كما كان ثابتا له صلّى الله عليه وآله يكون للحكّام من أمته للتأسي وكون الامام مثله.

ودعوى نسخ هذه الآية غير ثابتة والأصل عدمه ، ويمكن كون التنافي بينهما ظاهرا ، قرينة النسخ ، وكذا بينها وبين ما يدلّ على إثبات حكم الزاني والزانية انّه عام في الكافر والمسلم.

ويؤيّده أنّ حكم الإسلام حق وحكمهم باطل بعده مع انّ الآية غير صريحة في التخيير ، فان كان إجماعيّا ، والّا التخيير مشكل ، ولا شكّ انّ الاولى حكم الإسلام ، فتأمّل.

قوله : «ومن وجد مع زوجته إلخ» من وجد من يجامع زوجته فله قتلهما بحسب نفس الأمر ولا اثم عليه في ذلك ، سواء كان دخل بزوجته أم لا ، وسواء

__________________

(١) المائدة : ٤٨.

(٢) راجع سنن أبي داود ج ٤ ص ١٥٣ باب في رجم اليهوديين تحت رقم ٤٤٥٥ ص ١٥٧.

(٣) المائدة : ٤٢.

(٤) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٠٤ في ذيل تفسير الآية.

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

كان حرّا أو عبدا ، وسواء كانت زوجته أمة أو حرّة ، وسواء كان الزاني بها حرّا أو عبدا ، محصنا أو غير محصن مما يجب قتلهما بالزنا أم لا ، وسواء كان الزوج حاكما ممن يجوز له قتل ذلك الزاني أم لا.

ودليله كأنّه الإجماع المؤيّد بالاعتبار العقلي.

وصحيحة داود بن فرقد (أبي يزيد ـ ئل) في التهذيب والكافي والفقيه ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : إنّ أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة : أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال : كنت اضربه بالسيف قال : فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : ماذا يا سعد؟ قال سعد : قالوا : لو وجدت على بطن امرأتك ما كنت تصنع (صانعا به؟ خ ـ ل ئل)؟ فقلت : اضربه بالسيف ، فقال : يا سعد وكيف بالأربعة الشهود؟ فقال : يا رسول الله : بعد رأي عيني وعلم الله انّه قد فعل؟ قال : أي والله بعد رأي عينك وعلم الله انّه قد فعل ، لأنّ الله عزّ وجلّ جعل لكل شي‌ء حدّا ، وجعل لمن تعدى ذلك الحدّ حدّا (١).

وفي استفادة الحكم المذكور خصوصا التعميم الذي ذكرناه أخذا من قول بعضهم ، تأمّل.

ولكن أصل الحكم مشهور ، بل يمكن ان يكون إجماعيا حيث لم يذكر الخلاف ثم الظاهر انّه لا بدّ من الرؤية التي اشترطت في الشهود ، فلا يجوز القتل بمجرّد الوجود على بطن المرأة ونحوه كما هو ظاهر أول الخبر هذا بحسب نفس الأمر.

وامّا بحسب ظاهر الشرع فهو مؤاخذ بذلك فيقتصّ منه الّا ان يجي‌ء بالشهود المثبت لذلك أو صدّقه ولي الدم بذلك.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٠٩.

٩٥

ومن افتض بكرا بإصبعه فعليه مهر نسائها ولو كانت أمة فعشر قيمتها.

______________________________________________________

وظاهر العبارات يشعر بأنّه لو اتى بالشهود أو أقرّ وليّ الدم انّه فعل ، كان كافيا في سقوط القود عنه مطلقا ، سواء كان الزنا موجبا للقتل أو للجلد.

وفي الثاني تأمّل ، فإنّ من وجب عليه الجلد فقط كيف يقتل ويهدر دمه؟

ويمكن أن يقال : ان يقال : الزنا الذي رآه الزوج موجب لجواز القتل له ، لا الجلد فقط كالزنا بذات المحرم ، فبعد ثبوته بالشهود أو الإقرار لا قصاص عليه حيث قتل.

ثم انّ الظاهر أنّ هذا الحكم مخصوص بالرؤية ، فلو أقرّ الفاعل بالفعل أو شهد الشهود بذلك ، لم يكن له القتل ، لا ظاهرا ، ولا بحسب نفس الأمر للأصل ، ولعدم جواز القتل الّا مع ثبوت الموجب ولم يثبت كون ذلك موجبا.

وهو ظاهر فانّ الموجب هو الرؤية أو الزنا ، وشهادة الشهود ، وحكم الحاكم في مواضع مثل الزنا بذات محرم ، والإحصان ونحو ذلك مع كون ذلك للإمام عليه السّلام ، لا لكل احد وان كان الظاهر من كلامهم ان للزوج الحدّ على زوجته.

فيمكن ان يكون مع ثبوته عند الحاكم وحكمه ، وان يكون ثبوته عنده بالشهود أو الإقرار من دون الحاكم ، وان يكون مخصوصا برؤيته ، الله يعلم.

ويحتمل كون الإقرار والشهود مثل المشاهدة.

ويحتمل سقوط القصاص أيضا بإقرار الفاعل به بعد رؤية الزوج.

والظاهر اختصاصه به فليس للأخ والأب وغيرهما من الأقارب ذلك لما تقدم وخرج الزوج بالإجماع.

قوله : «ومن افتضّ بكرا إلخ» دليل وجوب مهر المثل الذي ، على الذي افتضّ بكرا بإصبعه.

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

صحيحة ابن سنان وغيره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في امرأة افتضت (اقتضّت ـ ئل) جارية بيدها؟ قال : عليها المهر وتضرب الحدّ (١).

الظاهر أنّ المراد بالمهر مهر أمثالها للقادر ، وبالحدّ التعزير ، فإنّه كثيرا ما يطلق عليه.

ويحتمل الحدّ كما تدل عليه صحيحته أيضا عن أبي عبد الله عليه السّلام انّ أمير المؤمنين عليه السّلام قضى بذلك ، وقال : تجلد ثمانين (جلدة ـ خ) (٢) فتأمّل.

وحسنته ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في امرأة افتضّت (اقتضت ـ ئل) جارية بيدها؟ قال : قال : عليها مهرها وتجلد ثمانين (جلدة ـ خ) (٣) فتأمّل.

هذا إذا كانت حرّة ، وان كانت أمة ، فعلى المفتض (المقتض ـ خ ل) عشر قيمتها ، فإنه عقرها كما ثبت في الروايات على ما تقدّم.

ويحتمل الأرش ، فإنّ إزالة البكارة نقص في الجارية كقصّ (نقص ـ خ ل) بعض عضوه ، واحداث عيب فيها فيلزمه الأرش.

ويحتمل أكثر الأمرين من الأرش وعشر القيمة.

ويحتمل لزوم مهرها قياسا على الحرّة وأكثر الأمور فتأمّل ، وقد مرّ البحث في ذلك فتذكر.

قيل : ولو كان المفتض (المقتض ـ خ ل) زوجها استقرّ مهرها المسمّى وعزّر على التقادير.

وفي استقرار المهر تأمّل ، لأنّه يستقر بالدخول ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٩ وفيه : عن ابن سنان يعني ابن سنان وغيره.

(٢) الوسائل باب ٣٩ حديث ٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٩.

(٣) الوسائل باب ٣٩ حديث ٤ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤١٠.

٩٧

ومن تزوّج أمة على حرّة مسلمة ووطأ قبل الاذن فعليه ثمن حدّ الزاني.

______________________________________________________

وامّا التعزير فللرواية المذكورة ، ولانه فعل حراما ، وفي كلّ حرام تعزير عندهم وقد مرّ فتذكر.

قوله : «ومن تزوج أمة إلخ» من تزوّج وعقد أمة على حرّة مسلمة بدون إذن الحرّة ووطأها قبل إذن الحرّة ، فعليه ثمن حدّ الزاني ، وهو اثنا عشر سوطا ونصفا.

يحتمل كون النصف باعتبار الكيفيّة فيضرب ضربا أخفّ من الضرب الشديد المعتبر في ضرب الزاني بمقدار النصف ، أو بمقدار طول السوط فيؤخذ من نصفه فيضرب به ، وهو موجود في الروايات.

مثل صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : في نصف الجلدة وثلث الجلدة يؤخذ بنصف السوط وثلثي السوط (١).

وما في صحيحة الحلبي عنه عليه السّلام : في كتاب علي عليه السّلام كان يضرب بالسوط وبنصف السوط وببعضه في الحدود ، وكان إذا اتى بغلام وجارية لم يدركا ، لا يبطل حدّا من حدود الله عزّ وجلّ ، قيل له : وكيف كان يضرب؟ قال : كان يأخذ السوط بيده من وسطه ، أو من ثلثه ثم يضرب به على قدر أسنانهم ولا يبطل حدّا من حدود الله عزّ وجل (٢).

يفهم منها صحّة إطلاق الحدّ على التعزير ، وتعزير الصبيان ، وببعض السوط.

ويحتمل كون هذا حدّا كما هو الظاهر من تسميته بذلك ومن تعيينه ،

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣١١.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٠٧.

٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وكونه تعزيرا فإنه يسمّى حدا ، وهو كثير في الروايات ، ويكون تعيينه مستثنى من التعزيرات.

ولعلّ دليل الحكم المذكور الإجماع ، وانّه حرام ، فلا بدّ له من التعزير واتفق على تعيينه فانّ تزويج الحرّ الأمة على الحرّة المسلمة بغير اذنها لا يجوز وان قلنا بجواز أخذه الأمة بدون الشرطين (١) ، فإذا فعل يكون حراما فكأنه ليس بزنا ، بل الأمة حلال ، لكن لا يجوز الوطء إلّا بإذنها.

ولكن مقتضى ما تقدم من المصنف انّه زنا ، فان العقد بدون اذنها يقع باطلا ولا يصح فلا تحلّ به ، فإذا لم تحل يكون زنا ، ومع ذلك فلا بدّ من فرضه عمدا عالما من غير شبهة والّا يسقط كالحدود بل بالطريق الأولى ، فإذا كان كذلك لا معنى لهذا المقدار من الحدّ والتعزير.

نعم يحتمل ذلك على القول بانّ العقد لا يبطل ، بل يقع موقوفا ، فإن أذنت الحرّة والّا بطل.

وفيه أيضا تأمّل.

وبالجملة لو وجد له دليل صالح من إجماع أو نصّ يمكن إخراجه من الزنا أيضا بذلك وتخصّص أدلة حدّ الزنا به والّا يعمل عليها ولم يقل بهذا الحكم.

والتقييد بمسلمة ، يدل على انّها لو كانت ذميّة لم يكن الحكم ذلك.

كأنّه مبني على عدم اشتراط اذنها لعقد الأمة عليها وما قيّد فيما سبق ذلك ، فان ثبت له أيضا دليل ، يكون عاما.

ويحتمل مع عموم ذلك اختصاص هذا الحكم بالمسلمة بالإجماع في ذلك لو كان ، فتأمّل.

__________________

(١) وهما عدم استطاعة الطول ، والعنت المستفادان من الآية الشريفة.

٩٩

المقصد الثاني

اللواط

وهو وطء الذكران.

فان أوقب قتلا معا ان كانا بالغين عاقلين ، حرّين كانا أو عبدين ، مسلمين أو كافرين ، محصنين أو غيرهما ، أو بالتفريق.

______________________________________________________

قوله : «(في ـ خ) اللواط إلخ» ممّا يوجب الحدّ ، اللواط ، وهو وطء الذكران بعضهم بعضا بإدخال ذكره دبره ، سواء ادخل حشفته بحيث غابت أم لا ، وهو الظاهر منه.

وقد يطلق في هذا الباب في العبارات والروايات على التفخيذ (وـ خ) بين الأليتين كما سيجي‌ء.

قوله : «فإن أوقب إلخ» لعلّ المراد بالإيقاب إدخال الحشفة مطلقا ، سواء غابت أم لا ، فانّ معناه لغة الإدخال ، وهو أعم.

واعتبر في القواعد غيبوبة الحشفة فيحتمل كونه مرادا ، لعله للاحتياط وكون التخفيف في الحدود ـ ولو كان في الجملة ـ مطلوبا.

١٠٠