مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

والاتفاق في جميع الصفات ، فلو شهد بعض بالمعاينة ، والباقي بدونها أو بعض في زمان أو زاوية والباقي في غير ذلك حدّا للفرية.

______________________________________________________

التحليل) ويكون ذلك صدقا وموجبا للحدّ عليهما ولم يجب عليهم شي‌ء ، وهو بعيد وكثير المفاسد.

ويمكن ان يكون المراد يكفي ذلك للشهادة للفعل ويثبت بذلك لا الزنا ويثبت به ، ثم الحاكم يسأل من سبب التحليل فان ادّعوه درئ عنهما الحدّ ، سواء كان حلالا أو شبهة ، وسواء كانا صادقين في نفس الأمر أم لا.

وفيه أيضا بعد واضح فانّ الفعل لا يحتاج الى هذا القول ، فإنّه يثبت بالمعاينة المذكورة.

مع انّ الظاهر انّه لا يمكن اسناد الزنا بمجرد ذلك بل القول بأنّهما فعلا كذا ، فإنّه موجب للهتك وكشف العورة وعدم الستر وذكر عرض الناس فينبغي أن لا يجوز فلو لم يحدّ القائل ، فلا أقل أن يعزّر فيبقى التعزير البتّة ، فكيف ثبوت الزنا به ، فتأمّل.

وبالجملة الذي يقتضيه النظر عدم جواز الشهادة بالزنا حتّى يعلم يقينا من غير شبهة بانتفاء عقد وملك وشبهة بل عدم جواز الشهادة انّ فلانا فعل بفلانة ، ولا نعلم سبب التحليل بمجرد المعاينة وعدم العلم بالمال فانّ ذلك موجب لهتك عرضهم مع عدم الموجب ، فانّ على الإنسان ان يستر على المسلمين ويكفّ عنهم الّا مع العلم بالفساد والغرض الصحيح ، والفرض عدمه ، فان رجع كلام الأصحاب الى هذا ، والّا فهو مشكل جدّا ، فتأمّل.

قوله : «والاتفاق في جميع إلخ» الشرط الثالث للشهود ، الاتفاق في جميع الصفات التي عليها الفاعل ، والمفعول ، بل المكان ، والزمان وغيرهما.

فلو شهد بعض الشهود على المعاينة ، والباقي لم يشهد بالمعاينة ، بل بأنّه وجد

٤١

ولو شهد اثنان بالإكراه واثنان بالمطاوعة حدّ الشهود على رأي والزاني على رأي ولا حد عليها.

______________________________________________________

معها في الخلوة ، بل على بطنها لم يثبت الزنا ويحدّ الشهود كلّهم.

وكذا لو شهد بعضهم انّه زنا في زمان كذا كيوم الجمعة أو مكان كذا ، مثل زاوية البيت الفلانيّة وشهد الباقي على غير ذلك مثل يوم السبت وفي الصحراء أو بيت آخر غير ذلك البيت أو زاوية أخرى غير تلك الزاوية ، لم يثبت الزنا ويلزم الشهود كلّهم الحدّ.

وكذا لو شهد بعضهم مثل اثنين أن فلانا زنى بفلانة مكرها لها ، وشهد اثنان آخران انّها كانت مطاوعة له ، حدّ الشهود على رأي المصنف هنا على الظاهر وحدّ الزاني على رأي آخر.

وعلى كل حال لا حدّ عليها لعدم ثبوت الشهادة التامة عليها بالزنا الموجب للحدّ عليها فإنّ الشهادة تختلف بالإكراه والمطاوعة ، فإنّ أحدهما غير الآخر فما اتفقت الشهود على فعل واحد.

وامّا دليل حدّ الشهود دونه ، انه ما اتفق عليه أيضا الشهود كالمرأة ، فإنّ فعله مكرها لها غير فعله مع مطاوعتها له ، فما اتفق الشهود عليه كما إذا شهد البعض في زمان وبعض في زمان آخر أو اختلف المكان ، وذلك ممّا لا يثبت به الزنا الموجب للحدّ بالإجماع على ما يظهر فكذا هذا فيحدّ الشهود للفرية وعدم ثبوت الزنا.

ونقل عن المبسوط وتبعه ابن حمزة ، وابن إدريس ، وهو مختار ابن الجنيد ، انّ الرجل يحدّ دون الشهود.

ولانّه ثبت عليه الزنا على كلّ تقدير من الشهادتين ، لأنّه ان كان مكرها فثبت عليه الزنا ، وكذا ان لم يكن مكرها ، بل طاوعته هي.

ولانّ التفاوت في فعلها بالمطاوعة وعدمها لا في فعله.

٤٢

ولو سبق أحدهم بالإقامة حدّ للقذف ولم يرتقب إتمام الشهادة.

______________________________________________________

ويرد عليه انّه نعم يثبت على كلّ تقدير ولكن شهود كلّ تقدير ليس بتام ولا يثبت بأحدهما ولا بالمجموع لعدم اتحاد الفعل المشهود عليه.

وأيضا انّه منقوض باختلاف الزمان والمكان وغيرهما.

وأيضا ، التفاوت في فعلها وفي فعله أيضا ، فإنّ فعله مع إكراهه ايّاها غير فعله مع عدمه ، وهو ظاهر.

ويؤيّده الأصل ، والبناء ، والدرء.

ويحتمل عدم حدّ الشهود أيضا للمؤيّد وليس بلازم على تقدير عدم الأوّل كما سيجي‌ء.

قوله : «ولو سبق أحدهم الإقامة إلخ» أي إذا حضر بعض الشهود مجلس الحكم وشهد بالزنا قبل الباقي يجب حدّ الشاهد الّذي أقام ولا ينتظر باقي الشهود وإتمام الشهادة وعدمها.

فان كمل العدد لا يحدّ احد من الشهود بل المشهود عليه والّا حدّ ، بل يحدّ الذي شهد في الحال فحضور الشهود كلّهم مجلس الحاكم واجتماعهم فيه قبل الشهادة ـ سواء دخلوا مجتمعين أو متفرّقين ـ شرط لسماع شهادتهم واقامة شهادتهم وثبوت الحدّ بها على المشهود عليه وسقوطه عنهم ، فلا يجوز قبل الاجتماع ولا ينفع.

نعم يجوز التفرّق في الإقامة ، بل قالوا يستحب التفرقة بين الشهود بعد اجتماعهم حال الإقامة فيفرّق بعد الاجتماع ويستشهد واحد بعد واحد كما قالوا باستحباب ذلك في سائر الأحكام لكن مع الريبة وهنا مطلقا للاحتياط ، والتخفيف.

ودليل حدّ الشاهد السابق من غير انتظار الباقي ، هو انّه صدق عليه انّه

٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

افترى ورمى بالزنا ولم يأت بأربعة شهداء ، وانّه كاذب ، فيحدّ بالفعل للفرية ، إذ لا تأخير لحدّ على ما ثبت بالرواية (١) ، بل بالإجماع.

ويدلّ عليه أيضا رواية نعيم بن إبراهيم ، عن عباد البصري ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، وقالوا : الآن نأتي بالرابع؟ قال : يجلدون حدّ القاذف ثمانين جلدة كلّ رجل منهم (٢).

ورواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام عن أبيه ، عن علي عليهما السّلام في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : اين الرابع؟ فقالوا : الآن يجي‌ء فقال أمير المؤمنين عليه السّلام (علي عليه السّلام خ ـ ئل) حدّوهم فليس في الحدود نظرة ساعة (٣).

وقد ترى سندهما كأنّه انجبر بالشهرة ، وفيه ما مرّ مرارا.

وقد بالغ في القواعد في ذلك حيث قال باشتراط اجتماعهم في الحضور مجلس الحكم ، فلو تفرقوا بالحضور حدّوا.

وهو بعيد ، وكذا الأول أيضا ، لأنّ ثبوت الحدّ بعد غير معلوم حتّى يقال : (ولا تأخير لحدّ) ، فانّ الشاهد قد يكمل شهادته بالباقي ، وقد يكون ـ اعتمادا على ذلك ـ شهد ، فحدّه قبل شهادة الباقي ـ ومعلوميّة حالهم خصوصا مع العلم بوجود الباقي ، وانّه سيجي‌ء عن قريب ويشهد ـ محلّ التأمّل.

ولانّه يصدق بعد شهادة الباقي انّه أتى بأربعة شهداء فلا حدّ عليه ، بل لا يبعد الصدق قبله وان كان على سبيل المجاز.

وبالجملة إبطال هذه الشهادة وحدّ الشهود بمجرد السبق ، مشكل مع

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ و ٢٥ من أبواب مقدّمات الحدود ج ١٨ ص ٣٠٧ و ٣٣٦.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٧٣.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٨ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٧٢.

٤٤

ولو شهدوا بزنا قديم سمعت ، وكذا لو شهدوا على أكثر من اثنين

______________________________________________________

التخفيف في الحدود والدرء بالشبهات ، بل ينبغي أن يحمل على الوجه المتعارف في ذلك ، فان كمل الشاهد المسقط ، والّا حدّوا.

وكأنّه لذلك قال الشيخ في الخلاف بعدم اشتراط اتحاد المجلس ، لانّه قال : إذا تكاملت شهود الزنا فقد ثبت الحكم بشهادتهم ، سواء شهدوا في مجلس واحد أو مجالس وشهادتهم متفرقين أحوط.

وتأويل المختلف وحمله على تفرّقهم بعد اجتماعهم لإقامة الشهادة ودفعه ـ نظرا الى أنّ ذلك هو المذهب عندنا ـ بعيد الّا ان يثبت الإجماع وهو بعيد لخلاف الشيخ المتقدم على الظاهر.

نعم ان شهد البعض ونكل البعض حدّ الشاهد للفرية وعدم الإتيان بالأربعة ولحسنة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قال : لا أكون أوّل الشهود الأربعة (على الزنا ـ خ) أخشى ان ينكل بعضهم فأجلد (١) ، فتأمّل.

قوله : «ولو شهدوا بزنا قديم إلخ» أي لو شهد الشهود بزنا قديم أي زنا واقع قبل زمان اقامته بمدّة طويلة أو قصيرة ، سمعت الشهادة وقبلت إذا كانت على وجهها وشرائطها لعموم الأدلّة وعدم مخصّص بزمان قريب.

وكذا تجوز شهادة شهود معيّنة على أكثر من اثنين فيحدّ كلّ اثنين اثنين مع ثبوت الزنا عليهم ومع عدم ثبوته يحدّ الشهود فيتعدد حدودهما وحدود الشهود.

وامّا الشهادة المتعددة على شخصين شخصين ، فالظاهر انّه يجوز من شهود بعينه وغيرهم ، ولكن الظاهر انّه لا يتعدد الحدّ الّا مع توسط الحدّ ، والّا فهو حدّ واحد على المشهود عليها ، ويتعدد على الشهود مع عدم ثبوته عليهما.

لتعدد الموجب ، والافتراء ، والفرية ، والكذب.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ ذيل حديث ١١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٧٣.

٤٥

وينبغي تفريق الشهود في الإقامة بعد الاجتماع.

ولو شهد أربعة (بالزنا) (١) فشهد اربع نساء بالبكارة فلا حدّ ولا على الشهود على رأي.

______________________________________________________

وانّه حقّ للآدميّ أيضا بخلاف حدهما ، فإنّه حق الله ، فهو مبنيّ على التخفيف.

ويدلّ عليه ما رواه علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يزني في اليوم الواحد مرارا كثيرة؟ قال : فقال : ان زنى بامرأة واحدة كذا وكذا مرّة ، فإنّما عليه حدّ واحد ، فان هو زنى بنسوة شتى في يوم واحد ، وفي ساعة واحدة ، فإنّ عليه في كلّ امرأة فجر بها حدّا (٢).

ولعلّ المراد ، التفصيل الذي ذكرناه.

وتدل عليه في الجملة صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام في الرجل يقذف الرجل فيجلد ، فيعود عليه بالقذف؟ فقال : ان قال له ان الذي قلت لك حق لم يجلد ، وان قذفه بالزنا بعد ما جلد فعليه الحدّ ، وان قذفه قبل ما يجلد بعشر قذفات لم يكن عليه الّا حدّ واحد (٣).

ويؤيّده العقل ، فافهم.

والتعدد في النسوة المتعددة ، هو مذهب ابن الجنيد ، والصدوق.

وعدم التكرار مطلقا هو المشهور بين الأصحاب لبناء الحدّ على التخفيف ، والدرء للشبهة ، فإن التكرر غير معلوم فتحصل الشبهة ، والرواية ضعيفة والتأويل بها نادر.

وقد مر دليل قوله : «وينبغي إلخ».

قوله : «ولو شهد أربعة بالزنا إلخ» أي لو شهد أربعة رجال أو ثلاثة مع

__________________

(١) عن بعض النسخ ـ بعد قوله ـ : (بالزنا) (نسوة).

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٩٢.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٤٣.

٤٦

ويسقط بالتوبة قبل البيّنة لا بعدها.

______________________________________________________

المرأتين أو أربع نساء مع الرجلين على انّه زنا في قبلها الشهادة المعروفة المقبولة فشهدت اربع نساء متصفات بقبول الشهادة ، انّ تلك المرأة باكرة ، سواء كان مضيّ زمان بين الشهادتين يمكن عود البكارة فيه أم لا ، فلا حدّ على المشهود عليهما لتعارض البيّنات فلم يثبت الزنا ، ولا على الشهود بالزنا ، لعدم الترجيح ، ولسقوطه بالشبهات ، ولعدم ثبوت الكذب والفرية للتعارض ، ولاحتمال العود في بعض الصور ، وان بعد.

وقيل : يحدّ شهود الزنا ، إذ ردت شهادتهم بشهادة النساء بالبكارة ، وذلك مستلزم لكونهم مفترين وكاذبين وردّ شهادتهم بقبول شهادة النساء.

وقبول شهادتهن للروايات.

مثل رواية زرارة ، عن أحدهما عليهما السّلام في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا فادعت البكارة (فقالت : انا بكر ـ ئل) فنظر إليها النساء فشهدن بوجودها (فوجدنها بكرا ـ ئل) بكرا؟ فقال : يقبل شهادة النساء (١).

ومثلها رواية السكوني (٢).

وقبول شهادتهنّ مستلزم لردّ شهادة الرجال على الزنا ، وهو ظاهر.

وأنت تعلم انّ قبول شهادة النساء ـ بمعنى ان لا يحكم بوقوع الزنا ـ لا يستلزم ردّهم المستلزم للحكم بكذبهم ، الموجب للحدّ للفرية ، وهذا المعنى محتمل.

وبالجملة بناء سقوط الحدّ على ادنى شبهة وتخفيف ، يستلزم عدم الحدّ رأسا مهما أمكن ، فتأمّل.

قوله : «ويسقط بالتوبة إلخ» يعني إذا تاب من زنا قبل ان يثبت الزنا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٤ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٧.

(٢) لا حظ الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٩٥ منقول بالمعنى فقول الشارح قدّس سرّه ومثلها رواية السكوني يعني في أصل الحكم لا في ألفاظ الرواية.

٤٧

ويحكم الحاكم بعلمه.

______________________________________________________

بالبيّنة الشرعية عند الحاكم ، سقط الحدّ للشبهة والتخفيف ، والرواية.

ولو تاب بعد الثبوت بها لا يسقط لعدم الدليل مع عموم الأدلّة.

ويفهم ذلك كلّه من رواية جميل بن درّاج ، عن أحدهما عليهما السّلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنا فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتّى تاب وأصلح (صلح ـ ئل) وعرف منه أمر جميل ، لم يقم عليه الحدّ ، قال محمّد بن أبي عمير : قلت : ان كان امرا قريبا لم يقم؟ قال : لو كان خمسة أشهر أو أقلّ وقد ظهر منه أمر جميل لم يقم عليه الحدود وروي ذلك عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام (١).

ومرسلة صفوان بن يحيى ، عن بعض أصحابه (بنا ـ ئل) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل أقيمت عليه البيّنة بأنّه زنا ثم هرب قبل ان يضرب؟ قال : ان تاب فما عليه شي‌ء وان وقع في يد الإمام أقام عليه الحدّ وان علم مكانه بعث إليه (٢)

لعلّ المراد ان تاب قبل ان يثبت ، فما عليه حدّ ، فان وقع في يد الامام ، يضربه الحدّ ، والّا فإن عرف مكانه بعث اليه ليعلم الحاكم فيضربه الحدّ ، فتأمّل.

ويدل عليه ما سيجي‌ء في سقوط الحدّ عن السارق ان تاب قبل الأخذ.

قوله : «ويحكم الحاكم بعلمه.» قد تقدّم (٣) البحث في ذلك ، فتذكر.

وتدل عليه في الجملة رواية حسين بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : الواجب على الإمام إذا نظر الى الرجل يزني أو يشرب خمرا ان يقيم عليه الحدّ ولا يحتاج إلى بيّنة مع نظره ، لأنّه أمين الله في خلقه ، وإذا نظر الى رجل يسرق ، (فالواجب ـ خ) ان يزبره وينهاه ويمضي ويدعه ، قلت : فكيف ذاك؟

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٢٧.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٢٨.

(٣) تقدّم آنفا.

٤٨

ولو شهد بعض وردّت شهادة الباقين حدّ الجميع وان ردّت بخفي على رأي.

الفصل الثالث : في العقوبة

وهي أربعة : (الأوّل) في القتل ، ويجب على الزاني بالمحرّمات نسبا كالأم.

______________________________________________________

قال : لأنّ الحقّ إذا كان لله ، فالواجب على الإمام إقامته ، وإذا كان للناس فهو للناس (١)

قوله : «ولو شهد بعض إلخ» أي لو شهد النصاب ، ولكن ردّت شهادة بعضهم لعدم شرائط القبول معهم حدّ جميع الشهود المردودة وغيرهم ، سواء كان ردّهم بفسق خفّي أم ظاهر ، وهذا مذهب البعض.

ودليله ما تقدّم ـ فرارا ـ من عدم ثبوت الزنا وردّ شهادة البعض المستلزم لكون الباقي كاذبا ومفتريا ، فيلزم الحدّ ، ولعدم الإتيان بأربعة شهداء ، الموجب للسقوط.

وقد فصّل بعض بأنّه ان ردّت شهادة المردودين بأمر خفّي فلا حدّ على غير المردودين ، والّا يلزم سدّ باب الشهادة ، إذ يحتمل أن يعتقد الشهود ان يردّ بعضهم بفسق خفّي عليه ، فيمتنع من الشهادة فينسدّ باب ذلك ، وللشبهة ، والدرء ، والتخفيف ، ويحتمل مطلقا أيضا لذلك ، فتأمّل.

قوله : «الأوّل القتل إلخ» الأوّل من العقوبات الأربعة ، هو قتل الزاني بالسيف ، وسببه الزنا بالمحرّمات نسبا للأخبار.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ٣ من أبواب مقدمات الزنا ج ١٨ ص ٣٤٤.

٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل حسنة أبي أيوب ، قال : سمعت بكير بن أعين يروي عن أحدهما عليهما السّلام قال : من زنا بذات محرم حتّى يواقعها ضرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت وان كانت تابعة ، ضربت ضربة ، بالسيف أخذت منها ما أخذت ، قيل له : فمن يضربهما وليس لهما خصم؟ قال : ذاك الى الامام إذا رفعا اليه (١).

وبكير مشكور (٢) (مشهور ـ خ).

هذه تدل على كون الزانية مثل الزاني ، وان القتل الى الامام عليه السّلام فلا يكون الى المدّعي ، والحاكم أيضا مع احتمال كونه لهما أيضا.

ويشعر بالأوّل ، التقييد في الخبر بعدم الخصم ، وبالثاني كونه قائما مقامه ويؤيّده أنّه لو لم يكن كذلك لزم الفساد حين الغيبة وعدم تمكّن الامام من ذلك.

ورواية جميل بن درّاج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : اين يضرب الذي يأتي ذات محرم بالسيف؟ اين هذه الضربة؟ قال : يضرب عنقه أو قال : يضرب رقبته (٣)

في السند (٤) علي بن الحسن وعلي بن أسباط المشهوران ، والحكم بن مسكين المجهول.

وفي رواية أخرى ـ ضعيفة ـ عن جميل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يأتي ذات محرم أين يضرب بالسيف؟ قال : رقبته (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٥.

(٢) وفي التحرير الطاوسي بكير بن أعين مشكور مات على الاستقامة ، تنقيح المقال للمتتبع المامقاني ج ١ ص ١٨١ الطبع الأول الحجريّ.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٥.

(٤) السند كما في الكافي باب من زنى بذات محرم هكذا : احمد بن محمّد ، عن علي بن الحسن ، عن علي بن أسباط ، عن الحكم بن مسكين ، عن جميل بن درّاج.

(٥) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٥.

٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وروي عنه عليه السّلام أيضا ـ بسند ضعيف بالإرسال وغيره ـ ، قال : سألته عن رجل وقع على أخته؟ قال : يضرب ضربة بالسيف ، قلت : فإنّه يخلص؟ قال : يحبس أبدا حتّى يموت (١).

هذه تدل على عدم جواز قتله الّا بالضرب بالسيف ، فان لم يمت يحبس حتّى يموت ورواية ابن بكير ، عن رجل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يأتي ذات محرم؟ قال : يضرب (ضربة) بالسيف قال : ابن بكير : حدثني حريز ، عن بكير بذلك (٢).

والسند كما ترى (٣).

ورواية ابن بكير ، عن أبيه ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : من أتى ذات محرم ضرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت (٤).

وضعيفة أخرى ، عن جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : اين يضرب هذه الضربة؟ ـ يعني من اتى ذات محرم ـ قال : يضرب عنقه أو قال : رقبته (٥)

قال في الفقيه : وفي رواية جميل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : يضرب عنقه أو قال : رقبته (٦).

وكأنّها رواية جميل المذكورة فهي صحيحة ، فإن طريقه (٧) إليه كذلك.

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٥.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٦.

(٣) يعني ان الراوي ابن بكير وهو كما قيل فطحي مع كونها مرسلة.

(٤) الوسائل باب ١٩ حديث ٦ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٦.

(٥) الوسائل باب ١٩ حديث ٧ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٦.

(٦) الوسائل باب ١٩ حديث ١١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٧.

(٧) طريق الصدوق ـ كما في المشيخة هكذا : وما كان فيه ، عن محمّد بن حمران وجميل بن درّاج ، فقد.

٥١

وبامرأة الأب.

______________________________________________________

وجعل الشيخ في التهذيب الامام مخيّرا بين قتله بالسيف وبين الرجم ان استحق الزاني ذلك ، جمعا بين ما تقدم ورواية أبي بصير ـ الضعيفة ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا زنى الرجل بذات محرم حدّ حدّ الزاني الّا انّه أعظم ذنبا (١).

وهو بعيد كما ترى.

واعلم انّ الاخبار بلفظ (ذات محرم) كما سمعت مع سندها ، وهو اللغة فالظاهر (والظاهر ـ خ) التي يحرم نكاحها مؤبّدا ، فحينئذ يشمل المحرّمات النسبيّة والسببيّة رضاعا ومصاهرة ، فمع العمل بها يلزم قتل كلّ من زنا بهنّ ، وهو محتمل.

ولكن ظاهر كلام الأصحاب أنّهم حملوها على ذات المحرّمات نسبا فقط للتبادر ، وكأنّه وضع عرفيّ في ذلك.

ثم اختلفوا في إلحاق غيرهن بهنّ ، ويوجد في كثير من العبارات ، التصريح بقتل من زنا بامرأة الأب ، الظاهر منها الزوجة ، ويحتمل كونها كناية عن الحليلة ولو كانت أمة.

لعل ذلك لخصوص الرواية في ذلك والّا فحكمها حكم جميع المصاهرات مثل حليلة الولد.

وهي رواية إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه رفع إليه : رجل وقع على امرأة أبيه فرجمه وكان غير محصن (٢).

فكأنّه أراد به القتل ، أو كان مخيّرا بين الضرب بالسيف وبين الرجم ـ كما قاله الشيخ ـ واختار الرجم.

__________________

رويته عن أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي محمّد بن أبي عمر ، عن محمّد بن حمران ، وجميل بن درّاج.

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٨ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٦.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٦.

٥٢

وعلى المكره للمرأة.

______________________________________________________

وبالجملة العمل بظاهر الروايات يقتضي التعميم ، ولكن سند أكثرها غير صحيح ، ومبنى الحدود على التخفيف والسقوط للشبهة.

وفتوى الأكثر على خلاف ذلك على ما يظهر من تقييد الأكثر بالنسب والتردد في غيره أو السكوت مع ذكر امرأة الأب ، كما في المتن ، فتأمّل.

ثم انّ الظاهر على تقدير العمل ، الاقتصار على ضرب العنق لذكره في الروايات وترك الغير ، فلو كان معه شي‌ء آخر لذكره ، والّا لزم التأخر (تأخير البيان ـ خ) عن وقت الحاجة ويحتمل ضمّ الجلد مع عدم الإحصان ، والتخيير معه للجمع بين الأدلّة ، فإنّ دليل الجلد يقتضي عمومه في جميع الافراد وكذا الرجم ، ولما لم يكن الجمع تخيّر بين ضرب العنق ، والرجم في الجملة ثم يضرب العنق وهو غير مفهوم ولا مأنوس فيكون التخيير بين العقوبتين.

وأيضا لا شك انّ الرجم أعظم عقوبة والزنا بذات المحرم أعظم فلا يناسب سقوطه عنه وجوبا ، وانّما جوز غيره تعجيلا للعقوبة للنصوص الكثيرة فلمّا أمكن الجمع بين الجلد وضرب العنق يفعل ، عملا بالدليلين.

ويؤيّده ما سيجي‌ء من القتل في غصب الفرج محصنا كان أم لا.

ويحتمل حمل الروايات على غير المحصن ويكون القتل بدل الجلد فتخصّص آية الجلد بغير من زنا بذات المحرم كما خصّصت بغير المحصن.

وامّا دليل قتل المكره ، المرأة على الزنا فهو اخبار ، مثل صحيحة بريد العجلي ، قال : سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل اغتصب امرأة فرجها؟ قال : يقتل محصنا كان أو غير محصن (١).

وصحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : الرجل يغصب المرأة

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨١.

٥٣

وعلى الذمي بالمسلمة.

سواء الشيخ ، والشاب ، والحرّ ، والعبد ، والمحصن وغيره ، والمسلم ، والكافر.

______________________________________________________

نفسها؟ قال : يقتل (١).

وصحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا كابر الرجل المرأة على نفسها ضرب ضربة بالسيف مات منها أو عاش (٢).

وحسنة زرارة ، عن أحدهما عليهما السّلام في رجل غصب امرأة نفسها؟ قال : يقتل (٣).

واما قتل الذمي إذا زنا بمسلمة ، فكأنّه لما في الصحيح ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن يهودي فجر بمسلمة؟ قال : يقتل (٤).

ولا يضرّ القول في (حنان).

والإجماع المدعى في شرح الشرائع ، وادعاه على الأولين أيضا.

ويحتمل قتل المسلمة مثل الذمي إن زنت به ولزوم ما تقرر للزانية من الجلد والرجم.

قوله : «سواء ، الشيخ والشاب إلخ» تعميم للجميع الّا الكافر والمسلم ، فإنه مخصوص بالأولين يعني انّ الواجب على الذي زنا بذات محرمة ، والذي أكره امرأة على الزنا والذمي الذي زنا بمسلمة ، القتل فقط لا الجلد معه أو الرجم ، سواء كان الزاني شيخا أو شابا ، وسواء كان حرّا أو عبدا ، وسواء كان محصنا أو غير

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨١.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ٦ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٢.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ٤ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٨٢.

(٤) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠٧.

٥٤

(الثاني) الرجم والجلد ، ويجبان على المحصن والمحصنة.

واشترط الشيخ في الجميع الشيخوخة ، وأوجب على الشاب الرجم خاصّة ويبدأ بالجلد.

______________________________________________________

محصن ، وسواء كان الأولان مسلمين أو كافرين ، للنصّ المتقدم.

وربما يقال : بجواز الرجم أيضا ، لأدلته ، ولأنّه أعظم عقوبة ، فناسب أعظم ذنبا ، ولانه قتل أيضا.

وربما يقال : بالتفصيل ، وهو الجلد ثم القتل في غير المحصن ، والرجم فيه ان قيل بالرجم فيه فقط ، وان قيل فيه أيضا بالجلد والرجم ، يقال هنا أيضا فيه بالجلد والرجم أو القتل لعدم المنافاة بين دليل الجلد والقتل والرجم ، إذ يجوز إيجاب الجلد مع القتل ، ومع الرجم ، فينبغي القول به اعمالا لدليلي الكتاب والسنة ما أمكن ، فإنّ الأول موجود في الأول ، والثانيين موجودان في الثاني ، وسيجي‌ء أيضا ما يوضح ذلك.

قوله : «الرجم والجلد إلخ» ثاني عقوبات الزاني ، الأمران ، وهما الرجم والجلد وهما يجبان على الزاني المحصن والمحصنة مطلقا عند المصنف وجماعة حتّى الشيخ في التبيان.

ونقل اشتراط الشيخوخة عن الشيخ في ذلك مع جماعة أخرى في كتابي الأخبار.

وينبغي أن لا يكون أحد هؤلاء الذين تقدموا من الزاني بذات المحرم والزاني المكره والذمّي الزاني بالمسلمة.

دليل المصنف انّ الآية (١) قد وردت بالجلد ، وهي بظاهرها تدل على العموم عرفا ، لا لكون اللام في المفرد للعموم على ما قيل ، لما ثبت خلافه في الأصول

__________________

(١) هي قوله تعالى (الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) ، الآية ـ النور : ٢.

٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وورد الاخبار برجم المحصن والمحصنة ، ولا منافاة بينهما فيجب ان يعمل بهما مهما أمكن ، وأمكن في المحصن والمحصنة ذلك فيقال به.

وصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم (١).

وما في رواية الفضيل ـ كأنه ابن يسار ـ الطويلة : فإذا شهدوا ضربه الجلد مائة جلدة ثم يرجمه (٢) ، كأنّها صحيحة (٣).

ورواية موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : (الذي لم يحصن) المحصن يجلد مائة ويرجم ، ومن لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى ، والتي قد أملكت (والذي قد أملك ـ ئل) ولم يدخل بها ، يجلد مائة وينفى (٤).

واخرى له عنه عليه السّلام قال : قضى علي عليه السّلام في امرأة زنت فحبلت فقتلت ولدها سرّا فأمر بها فجلدها مائة جلدة ثم رجمت وكانت (كان ـ خ) أول من رجمها (٥).

وصحيحته عنه عليه السّلام أيضا مثل صحيحة محمّد بن مسلم بعينها (٦).

ودليل الشيخ ، رواية عبد الله بن طلحة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ، ثم رجما عقوبة لهما ، وإذا زنى النصف من الرجال رجم

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٨ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٨.

(٢) الوسائل باب ١ ذيل حديث ١٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٥٠.

(٣) فان سندها كما في التهذيب هكذا : الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل ، وطريق الشيخ إلى حسن محبوب صحيح.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٧ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٨.

(٥) الوسائل باب ١ حديث ١٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٩.

(٦) الوسائل باب ١ حديث ١٤ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٩.

٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولم يجلد إذا كان قد أحصن ، وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد ونفي سنة من مصره (١)

ورواية عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : كان علي عليه السّلام يضرب الشيخ والشيخة مائة ويرجمهما ، ويرجم المحصن والمحصنة ، ويجلد البكر والبكرة وينفيهما سنة (٢).

ورواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : (في ـ ئل) الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم والبكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة (٣).

قيل : هي صحيحة ، وليست بصحيحة ، لعبد الرحمن بن حماد (٤).

ورواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما ، وإذا زنا النصف من الرجال رجم ولم يجلد إذا كان قد أحصن وإذا زنا الشاب الحدث جلد ونفي سنة من مصره (٥).

لعلّ نسبة هذا المذهب والاحتجاج الى كتابي الأخبار لقوله ـ في التهذيب بعد نقل جميع ما تقدّم فامّا ما رواه ـ ونقل صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : الرجم حدّ الله الأكبر ، والجلد حدّ الله الأصغر ، فإذا زنى الرجل المحصن يرجم ولم يجلد (٦) فلا ينافي ما قدمناه من الاخبار من وجوب الجمع بين الجلد والرجم لانّه يحتمل شيئين (أحدهما) انّه خرج مخرج التقيّة ، لأن هذا الحكم لا يوافقنا عليه احد من العامة وما هذا حكمه يجوز التقيّة فيه. (والوجه الثاني) ان

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٩.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٩.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٨.

(٤) سندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن الحلبي.

(٥) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٩.

(٦) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٦.

٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون المراد به من لم يكن شيخا بل يكون حدثا لأن الذي يوجب عليه الرجم والجلد ، إذا كان شيخا (محصنا ـ خ ل) وقد فصّل ذلك في رواية عبد الله بن طلحة وعبد الرحمن بن الحجّاج ، والحلبي ، وزرارة ، وعبد الله بن سنان التي قدمناها (١).

وقد علم ان عبد الرحمن المذكور هو ابن الحجّاج ، كأن الشيخ علم بقرينة ما نعلمها.

وأنت تعلم ان ليس شي‌ء من هذه الروايات التي دلّت على المذهب المنسوب إلى الشيخ صحيحة ، بل ولا حسنة إلّا رواية الحلبي في الفقيه ، فإنّها صحيحة مع صحّة غيرها.

وان ليس فيما تقدم من روايات زرارة ، الشيخ والشيخة ، ولهذا ما قال في الاستبصار : (وزرارة).

وانّ ذلك ليس بصريح في اختياره هذا المذهب واحتجاجه عليه ، بل هو الاحتمال الثاني للجمع بين الاخبار ، والاحتمال الأوّل هو مذهب المصنف ، فإسناد الثاني إليه دون الأول محلّ التأمّل.

فقد علم ان لا دليل على المذهب المنسوب الى الشيخ ، بل ليس مذهبه على التعيين والتحقيق ومذهب المصنف لا بأس به لو لم يكن لدليله معارض مثل صحيحة أبي بصير الّا ان يمنع الصحّة باشتراك أبي بصير ، ولكن هذا الاشتراك ممّا قطع النظر عنه كأنّه قد علم وتقرّر عندهم أنّه المرادي الثقة.

وصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : المحصن يرجم ، والّذي قد أملك ولم يدخل بها يجلد (جلد ـ ئل) مائة ونفي سنة (٢).

__________________

(١) وقدمنا بيان مواضعها آنفا.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٦ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٨.

٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثلها رواية سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : الحرّ والحرّة إذا زنيا جلد كلّ واحد منهما مائة جلدة ، فأمّا المحصن والمحصنة فعليهما الرجم (١).

وحسنة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة ، وقضى للمحصن ، الرجم ، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا ، جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها (٢).

وما في صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام : قال : فان فجر بامرأة حرّة ، وله امرأة حرّة ، فإنّ عليه الرجم (٣) وأمثالها كثيرة.

وصحيحة أبي العباس ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : رجم رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يجلد ، وذكروا ان عليّا عليه السّلام رجم بالكوفة وجلد ، فأنكر ذلك أبو عبد الله عليه السّلام وقال : ما نعرف هذا ، قال يونس أي لم يحدّ رجلا حدّين (رجم وضرب ـ خ كا) في ذنب واحد (٤).

ولا يضرّ وجود ابان (٥).

وأيضا ما يدل على فعله صلّى الله عليه وآله وفعل أمير المؤمنين عليه السّلام على ما نقل انّهم رجموا وأمروا برجم من أقرّ عندهم اربع مرّات مثل فعله صلّى الله عليه وآله مع رجل وماعز (٦) وفعله عليه السّلام بامرأة مرّة ، وبأخرى اخرى ،

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٧.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٧.

(٣) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٥٤.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٤٧.

(٥) سندها كما في التهذيب (باب حدود الزنا حديث ١٩) هكذا : يونس بن عبد الرحمن ، عن أبان ، عن أبي العباس.

(٦) راجع سنن أبي داود ج ٤ (باب رجم ماعز بن مالك) ص ١٤٥.

٥٩

وكذا لو اجتمعت الحدود بدئ بما لا يفوت معه الآخر ولا يتوقع برء جلده.

______________________________________________________

وبرجل (١) ، وغير ذلك وقد مرّ بعضها ، فإنّها ظاهرة ، بل صريحة في عدم الجلد ، بل الرجم فقط.

فلا يبعد حمل ما ورد في الجلد والرجم معا على الجواز والاستحباب لا الوجوب ، فانّ المتبادر من الاخبار التي فيها الرجم ، انّه فقط ، وكذا المتبادر من أدلّة الجلد ، انّه فقط خصوصا مع المقابلة ، مثل (اما المحصن فيرجم) ونحو ذلك.

ولهذا قال المصنف ، ومن قال بالجمع بينهما ، على المحصن : بالقتل فقط في المكره والزاني بذات المحرم ، والذميّ إذا زنى بالمسلمة ، لأنّه كان في دليلها ، القتل ، والمتبادر منه ، انّه لا غير.

فالمناسب لقول المصنف ومن قال بقوله ، هذا القول (وـ خ) بالجمع فيهم أيضا ، والّا ينبغي هنا أيضا ، القول بالرجم فقط.

وعلى تقدير عدمه في هؤلاء ـ كما قاله المصنف ـ ينبغي استثناء هؤلاء من الحكم بالجمع ، وكأنّه المراد ، وترك للظهور ، فتأمّل.

وعلى تقدير الجمع يبدأ بالجلد ثم الرجم ، وكذا في جميع الحدود ، فإنّه على تقدير الاجتماع يبدأ بما لا يفوت معه الآخر ، مثل الجلد ، والقتل ، فيمن سرق ، وزنا بذات محرم ، وإذا لم يفت شي‌ء يتخيّر ، مثل ان قذف وسرق ، وزنا وهو غير محصن.

وجهه ظاهر ، ومع ذلك تدل عليه الاخبار.

مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل؟ فقال كان علي عليه السّلام يقيم (عليه ـ ئل) الحدود ثم

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٤ و ١٥ و ١٦ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٧٤.

٦٠