مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وخصوصها.

مثل رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل سرق من بستان عذقا (١) قيمته درهمان؟ قال : يقطع به (٢).

وما في صحيحة جميل بن درّاج قال : اشتريت انا والمعلّى بن خنيس طعاما بالمدينة فأدركنا المساء قبل ان ننقله فتركناه في السوق في جواليقه فانصرفنا ، فلمّا كان من الغد غدونا الى السوق ، فإذا أهل السوق مجتمعون على اسود قد أخذوه وقد سرق جوالقا من طعامنا فقالوا لنا : انّ هذا قد سرق جوالقا من طعامكم فادفعوه إلى الوالي فكر هنا ان نتقدم على ذلك حتّى نعرف رأي أبي عبد الله عليه السّلام ، فدخل المعلّى على أبي عبد الله عليه السّلام فذكر ذلك له فأمرنا أن نرفعه فرفعناه فقطع (٣) ، فتأمّل.

ورواية الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا أخذ الرجل من النخل والزرع قبل ان يصرم فليس عليه قطع ، فإذا صرم النخل وأخذ وحصد الزرع فأخذ ، قطع (٤).

وما في حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل يأخذ اللص يرفعه أو يتركه؟ فقال : إنّ صفوان بن أميّة كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداءه وخرج يهريق الماء فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه فقال : من ذهب بردائي؟ فذهب يطلبه فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله

__________________

(١) كفلس النخلة بحملها واما العذق بالكسر فالكباسة وهي عنقود التمر والجمع أعذاق كاحمال ومنه ما قام لي عذق بيثرب ، والعذق المذلل الذي وضع على جريدة النخل (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٦.

(٣) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٣١.

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٧.

٢٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال النبي صلّى الله عليه وآله : اقطعوا يده ، فقال صفوان : يقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله؟ قال : نعم ، فقال ، انا أهبه (فانا ـ ئل) له فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فهلا كان قبل ان ترفعه اليّ؟ قلت : فالإمام بمنزلته إذا رفع اليه؟ قال : نعم ، قال : وسألته عن العفو قبل ان ينتهي الى الامام؟ فقال : حسن (١).

هذه تدلّ على كون العفو حسنا وان كان المعفو عنه فاسقا.

وانّ العفو بعد الرفع ، لا ينفع.

وانّ الامام والنبي (صلوات الله عليهما) فيه سواء.

ولعلّ الرداء كان يسوى نصاب القطع ، وتحقيق ذلك سيجي‌ء.

وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : يقطع السارق في كلّ شي‌ء بلغ قيمته خمس دينار ان سرق من سوق أو زرع (أو ضرع ـ خ) أو غير ذلك (٢).

وحملها الشيخ (تارة) على التقيّة من جهة اشتمالها على خمس دينار و (تارة) على انّه قد تكون هذه مختصة بمن يرى الإمام المصلحة في القطع في خمس دينار ، وقال : فيكون ذلك نهاية ما يقتضي (ما يقتص ـ خ) ولا يقتصّ بأقلّ من ذلك.

وأيّده بما رواه محمّد بن مسلم ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : ادنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار ، والخمس آخر الحدّ الذي لا يكون القطع في دونه : ويقطع فيه وفيما فوقه (٣).

فلو لم يكن إجماع على شرط الحرز لأمكن القول بعدمه.

وعلى تقدير الاشتراط ، فهو المتعارف بمعنى انّه كلّ موضع يقال : انّه حرز

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٢٩.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

٢٢٢

وإخراج المتاع بنفسه أو بالشركة إمّا بالمباشرة أو بالتسبيب كوضعه على دابّة أو جناح طائر أو على وجه الماء أو أمره للصبيّ بإخراجه.

ولو نقب واخرج ليلة أخرى قطع الّا مع إهمال المالك بعد اطلاعه.

______________________________________________________

لمثل هذا المتاع فهو حرز له ، مثل الإصطبل للدواب ، والبيوت للظروف والفروش ، ولكن الظاهر مع الغلق.

ويحتمل كفاية وجود الناظر (١) وعلى هذا القياس ، البواقي.

ويحتمل ان يكون المراد حرز الوديعة ، فعموم الأدلّة يقتضي العدم الّا فيما ثبت انّه ليس بحرز بالإجماع ونحوه ، فتأمّل.

قوله : «وإخراج المتاع بنفسه إلخ» وخامس الشروط أنّه لا بد أن يخرج الهاتك إمّا بنفسه أو شركة غيره إمّا بالمباشرة ، مثل أن يأخذ بيده ، أو يأخذ مع غيره بيده فيخرجه ، أو بأن يعلّقه على حبل في الحرز ثم يجرّ الحبل حتّى يخرجه ، أو على دابّة ثم جرّ الدابة ، أو علّقه على جناح طائر ثم اخرج الطائر أو رماه في الحرز على الماء فأخرجه الماء أو أمر الصبي أو أعطاه للصبي فأخرجه الصبيّ.

قوله : «ولو نقب اخرج إلخ» أي لو هتك بان نقب الحائط في ليلة ثم اخرج المتاع من حرز في ليلة أخرى ، النصاب ، قطع يده ، لصدق السرقة ، الموجب للحدّ مع شرائطها الّا ان يطلع المالك على هتك الحرز والنقب ولم يسدّه ، فإنّه حينئذ لا قطع عليه لو أخرجه بعد ذلك ، لانه ما أخرجه من الحرز ، فانّ ذلك بمنزلة ان يخلّى المالك المال أوّلا في ذلك الموضع مع عدم كونه حرزا فلا يوجب شيئا ، وهو ظاهر.

__________________

(١) زاد في بعض النسخ عندنا بعد قوله قدّس سرّه : (الناظر) : فإنه عادة.

٢٢٣

ولو اشتركا في النقب والإخراج قطعا ان بلغ نصيب كلّ واحد نصابا.

ولو اشتركا في النقب واخرج أحدهما ، اختص بالقطع.

ولو أخرجه أحدهما إلى حدّ النقب فادخل الآخر يده فأخرجه ، قطع خاصّة.

ولو أخرجه الأوّل إلى ظاهر النقب فأخذه الآخر قطع الأول خاصّة.

______________________________________________________

قوله : «ولو اشتركا في النقب إلخ» أي لو اشترك اثنان في هتك الحرز بان نقبا جميعا ، الحائط فأخرجا معا متاعا ، قطع يداهما معا ان كان نصيب كلّ واحد منهما نصابا أي يكون ما اخرج بحيث لو قسم بينهما يكون ما وصل الى كلّ واحد منهما ربع دينار ليصدق على كلّ واحد سرقة ما يوجب الحدّ ، فإنه لو كان نصيب كلّ واحد أقلّ لم يصدق عليه انه سرق نصابا.

وان هتكا معا واخرج النصاب أحدهما فقط دون الآخر يقطع مخرج النصاب لصدق إخراج النصاب من الحرز الموجب للحدّ ولا يضرّ اشتراك الآخر في الهتك كما مضى انّه لو هتكا وأخرجا قطعا ، إذ الاستقلال في الهتك ليس بشرط للأصل وصدق السرقة الموجبة للحدّ بدونه ولا يقطع الآخر لعدم الإخراج ، وهو ظاهر.

ولو نقبا جميعا وأخذ أحدهما وجاء به الى حدّ النقب وما ادخله فيه وأخرجه الآخر يقطع المخرج لصدق السرقة الموجبة دون الآخر لعدم إخراجه عن الحرز ، لا استقلالا ، ولا شركة.

ولو نقبا وأخرجه أحدهما إلى ظاهر النقب أي أخرجه عنه بالكلّية وأخذه الآخر بعد ذلك وذهبا به قطع الأوّل خاصّة دون الثاني لتحقيق السرقة الموجبة منه

٢٢٤

ولو جعله في وسط النقب فأخذ آخر ، فالأقرب سقوط القطع عنهما ، إذ لم يخرجه كلّ منهما عن كمال الحرز.

______________________________________________________

دون الثاني ، لأخذه من غير الحرز.

ولو نقبا ووضعه أحدهما في وسط النقب ، وأخذه بعد ذلك الآخر ، فذكر الأصحاب احتمالات ثلاث :

(١) قطعهما معا لتحقق الإخراج من الحرز منهما.

(٢) والأخير لحصول كمال الإخراج منه.

(٣) وعدم قطع احد وهو الأقرب عند المصنف ، لعدم تحقق الموجب من كلّ واحد ، إذ النقب ليس بموجب ، واحد هما ما اخرج من الحرز بالكلّية فإنّ الأوّل ما أخرجه من الحرز ، ولهذا لو لم يخرجه الآخر ما يقطع الأول جزما ، بل وضعه في وسط النقب فهو غير مخرج عن الحرز ، والآخر أيضا كذلك ، فإنّه ما أخرجه من الحرز ، آخذ بل أخذ بعد ان اخرج عنه بعضه.

ويمكن ان يقال : يقطع الأوّل ، لأنّه أخرجه عن الحرز بالكلّية ، إذ النقب ليس بحرز ، فانّ الحرز ما وراءه ، وهو ظاهر فان الحرز بعد الحائط ، والنقب في الحائط ، وهو ليس بحرز.

هذا إذا أدخل كلّه في النقب بحيث ما بقي شي‌ء منه في داخل الدار.

وان لم يدخله كان القطع على الثاني وان اخرج بعضه من الدار وبقي بعضه فيها وبعضه في النقب فاخرج الآخر منه قطع يداهما معا ، لأنّهما أخرجاه عن كمال الحرز فهو مثل ما إذا قبضاه معا واخرجاه عن الحرز معا.

ويحتمل قطع الثاني فإنّه حمل إخراجه ولم يتحقق الإخراج التام الّا منه.

ويحتمل قطع الأوّل فقط ، لأنّه الذي أخرجه عن الحرز ، فانّ المال إذا كان بعضه في الحرز وبعضه خارجا وكان امرا واحدا متصلا ، لم يكن في الحرز ولهذا لو وضع المال هكذا وأخذه السارق ، فالظاهر عدم قطعه ، لعدم أخذه من الحرز ، فانّ

٢٢٥

ولو أكل في الحرز ابتلع جوهرة ولم يقصد الانفصال عنه ، فلا قطع.

ولو قصد قطع.

ويشترط أن لا يكون والدا من ولده ، فإنه لا قطع.

______________________________________________________

المحروز هو الذي كلّه في الحرز ، فتأمّل.

قوله : «ولو أكل في الحرز إلخ» أي لو أكل شخص في الحرز متاعا كان قيمته نصابا ـ مثل النبات والسكر أو الحلاوة أو بعض المعاجن والتراكيب ـ أو ابتلع جوهرة ولم يقصد بذلك إخراج الجوهرة وانفصاله عنه ، فلا قطع عليه ، إذ الا كل ليس بسرقة وإخراج مال عن الحرز الموجب للقطع ، بل هو إتلاف ، فهو ضامن (لردّ ـ خ) يؤدّي القيمة ويؤدّب ، وهو ظاهر.

وكذا ابتلاع الجوهرة مع عدم القصد ، بل هو أيضا أكل ، وإتلافها في الحرز ليس بسرقة والموجب هو السرقة.

ويحتمل ذلك ان كانت عادتها الخروج ، وهو بعيد ، لأنه يدّعي عدم قصد الإخراج فهو شبهة ويدرأ بها الحدّ.

وامّا إذا قصد الإخراج بذلك والانفصال بعده ، فهو إخراج عن الحرز ، فانّ الابتلاع حينئذ بمنزلة وضعها على الدابة وجناح الطير ، فان ذلك من حيل الوسائل للإخراج وأحد طرق الإخراج ، وهو ظاهر.

ويمكن ان يصبر حينئذ ، فإن خرج وقيمته ما نقص عن النصاب يقطع ، وإلّا فلا ، فتأمّل.

قوله : «ويشترط ان لا يكون إلخ» من جملة شرائط القطع ان لا يكون السارق والد المسروق ماله ، فإنّ الأب ان سرق مال ولده لا يقطع به وان اجتمع فيه باقي الشرائط.

٢٢٦

وبالعكس يقطع ، وكذا تقطع الام لو سرقت مال الولد.

وان يأخذ سرّا ، فلو أخذه قهرا أو بالخيانة لوديعته ، فلا قطع.

______________________________________________________

لعلّ دليله الإجماع المخصص لعموم الكتاب والسنة ، وما سبق ، قوله صلّى الله عليه وآله لمّا ادّعى عليه ولده ، للولد : (انك ومالك لأبيك) (١)

ولانّه لو قتله لا يقتل به فلا يقطع يده بيده فكيف يقطع يده بماله؟!

وامّا دليل القطع لو سرق الولد من ماله أو سرقت الام من مال ولدها ، وكذا سائر الأقارب ، فهو عموم الكتاب والسنة والإجماع من غير مخصّص ثابت ، وما سيجي‌ء ممّا يدلّ على عدم قطع الولد ، والأخ ، والأخت ، على (٢) عدم الحرز عنهم

قوله : «وان يأخذ سرّا إلخ» من شرائطه أخذ المال سرّا.

لو قدمه كان أولى ، ولو أهمله لكان ممكنا أيضا فافهم.

لان السرقة أخذ المال خفية ، فلو أخذه قهرا أو بالاختلاس ، والطرّ أو بالخيانة لوديعة وغيرها ، فلا قطع لانّ الموجب هو السرقة وهما ليسا منها (منه ـ خ).

ويدلّ أيضا على عدم قطع الآخذ قهرا ما سيجي‌ء من أدلّة حكم المحارب.

وعلى عدمه بالخلس والطر أيضا رواية أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام قال : سمعته يقول : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا اقطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكن أعزره (٣).

ورواية محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل اختلس ثوبا من السوق ، فقالوا : قد سرق هذا الرجل فقال : إني لا اقطع في الدغارة المعلنة ، ولكن اقطع من يأخذ ثم يخفي (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٧٨ ذيل حديث ١ من أبواب ما يكتسب به ج ١٢ ص ١٩٤.

(٢) هكذا في النسخ كلّها مخطوطة ومطبوعة والظاهر حذف كلمة (محمول) كما لا يخفى.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٢.

(٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٣.

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لعلّ في جوابه عليه السلام إشارة إلى ان هذا ليس بسرقة.

ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ليس على الذي يسلب (يستلب ـ ئل) قطع وليس على الذي يطرّ الدراهم من ثوب ، قطع (١).

ومضمرة سماعة ، قال : قال : من سرق خلسة اختلسها (خلسها ـ خ ئل) لم يقطع ، ولكن يضرب ضربا شديدا (٢).

ورواية السكوني ، عن عبد الله عليه السلام ، قال : اتي أمير المؤمنين عليه السلام بطرّار قد طر بدراهم (دراهم ـ خ ئل) من كمّ رجل ، قال : فقال : ان طرّ من قميصه الأعلى لم اقطعه ، وان كان طر من قميصه الداخل (السافل ـ خ) قطعته (٣).

ومثله رواية مسمع (٤).

لعلّ المراد انه ان أخذ خفية من التحت قطعت ، لانه سرق (سرقه ـ خ ل) من الحرز.

ورواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : أربعة لا قطع عليهم ، المختلس ، والغلول ، ومن سرق من الغنيمة ، وسرقة الأجير فإنّها خيانة (٥).

فيه عدم القطع في الأجير والأخذ من الغنيمة للشركة والخيانة.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٤.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٤.

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٤ بالسند الأول.

(٤) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٤ بالسند الثاني.

(٥) الوسائل باب ١٢ حديث ٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٣.

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي رواية اخرى انّ أمير المؤمنين عليه السّلام اتي برجل اختلس درة من اذن جارية ، قال : هذه الدغارة المعلنة فضربه وحبسه (١).

لعلّ الحبس لانّه عليه السّلام رآى المصلحة في ذلك.

وتدلّ على عدم القطع في الخيانة ، الروايات ، مثل صحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن الرجل يستأجر أجيرا فيسرق من بيته فهل يقطع يده؟ قال : هذا مؤتمن ليس بسارق ، هذا خائن (٢).

وحسنة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : الضيف إذا سرق لم يقطع ، وان (إذا ـ خ ل ئل) أضاف الضيف ضيفا فسرق قطع ضيف الضيف (٣).

لعلّ سبب قطع ضيف الضيف تحقق السرقة المشترطة مع عدم الامانة.

وفي مضمرة سماعة ، قال : سألته عمن (عن رجل ـ ئل) استأجر أجيرا فأخذ الأجير متاعه ، فسرقه؟ قال : (فقال ـ ئل) هذا مؤتمن ثم قال : الأجير والضيف أمناء ليس يقع عليهم حدّ السرقة (٤).

وحسنة أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن قوم اصطحبوا في سفر ، رفقاء فسرق بعضهم متاع بعضه؟ فقال : هذا خائن لا يقطع ولكن يتبع بسرقته وخيانته.

قيل له : فان سرق من (منزل ـ خ) أبيه؟ فقال : لا يقطع ، لانّ ابن الرجل لا يحجب عن الدخول الى منزل أبيه ، هذا خائن ، وكذلك ان أخذ سرق من منزل

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٣.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٦.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٨.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٦.

٢٢٩

ولا فرق بين المسلم والكافر والحرّ والذكر وغيرهم.

ولا يقطع الراهن ، ولا المؤجر ، ولا (يقطع ـ خ) عبد المسروق

______________________________________________________

أخيه أو أخته ان كان يدخل عليهم لا يحجبانه عن الدخول (١).

كأنّ عدم قطع هؤلاء لعدم الحجب ، بناء على عدم الحرز ، فإنّه إذا لم يحجبوا عن الدخول دائما فهم أكثر الأوقات يدخلون ، وان أخذوا شيئا لم يأخذوه عن حرزه وحفظه عنهم فهي تدل على اعتبار الحرز في الجملة.

ولا ينافي ما تقدم من قطع الولد إذا سرق من مال أبيه.

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انّه قال في رجل استأجر أجيرا فأقعده (وأقعده ـ ئل) على متاعه فسرقه؟ قال : هذا مؤتمن ، وقال : في رجل أتى رجلا فقال : أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا وكذا فأعطاه وصدّقه فلقي صاحبه ، فقال له : انّ رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا فقال : ما أرسلته إليك وما أتاني بشي‌ء وزعم الرسول انّه قد أرسله وقد دفعه إليه؟ فقال : ان وجد عليه بيّنة انّه لم يرسله قطع يده ومعنى ذلك ان يكون الرسول قد أقرّ مرّة انّه لم يرسله ، وان لم يجد بيّنة فيمينه بالله ما أرسلته ويستوفي الآخر من الرسول ، المال ، قلت : أرأيت ان زعم انّه انّما حمله على ذلك الحاجة؟ فقال : يقطع لانّه سرق مال الرجل (٢).

والظاهر ان قوله : (ومعنى) و (ان لم يجد إلخ) من كلام الكافي في بيان وجه البيّنة ، ولهذا لم يوجد في التهذيب فصحّ الحكم بالبينة (بالبينتين ـ خ) وظهر وجهه ولكن لم يظهر للقطع وجه ، فتأمّل.

قوله : «ولا فرق بين المسلم إلخ» أي لا فرق في القطع بشرائطه بين الكافر والمسلم ، والحرّ والعبد ، والذكر والأنثى لعموم الأدلة وعدم مخصّص وفارق.

قوله : «ولا يقطع الراهن ولا المؤجر إلخ» يعني لا يقطع مملوك إنسان

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٩.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٧.

٢٣٠

منه وان كان للغنيمة ، بل يؤدّب.

ويقطع الأجير لو أحرز من دونه ، والضيف كذلك.

______________________________________________________

بسرقة ماله ولو كان ذلك المملوك عبدا ، من الغنيمة وسرق منها ماله.

تدل عليه الاخبار ، مثل صحيحة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قال : إذا أخذ رقيق الامام لم يقطع ، وإذا سرق واحد من رقيقي من مال الامارة قطعت يده ، قال : وسمعته يقول : إذا سرق عبد أو أجير من مال صاحبه فليس عليه قطع (١).

وفي رواية أخرى عنه عليه السّلام موجود مثله (٢).

ومرسلة يونس ، عن بعض أصحابه (عن بعض أصحابنا ـ ئل) ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : المملوك إذا سرق من مواليه لم يقطع ، وإذا سرق من غير مواليه ، قطع (٣).

وقريب منه رواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : عبدي إذا سرقني لم اقطعه ، وعبدي إذا سرق غيري قطعته وعبد الإمارة إذا سرق لم أقطعه لأنّه في‌ء (٤).

ويؤيّده الاعتبار ، إذ لا فائدة في قطع المملوك فإنّه زيادة تضييع للملك.

وامّا تأديبه فلارتكابه المحرّم لينزجر ولم يفعل مرّة (٥) أخرى بالسرقة كما في سائر المحرمات.

قوله : «ويقطع الأجير إلخ» قد مرّ انّ الأجير والضيف لا يقطعان

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٦.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٦.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٦.

(٤) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٧.

(٥) هكذا في النسخ والظاهر (ولا يفعل) كما لا يخفى وجهه.

٢٣١

والزوج والزوجة.

ولو ادّعى السارق الهبة أو الإذن أو الملكيّة قدّم قول المالك ولا قطع.

______________________________________________________

بالسرقة لعدم الحرز عنهما ، لأنّهما مؤتمنان ، فلو سرق الأجير المال الذي لم يحرز عنه ، لم يقطع وان كان محروزا عن غيره.

ولو سرق المال الذي ليس في تصرفه وأحرز عنه قطع ، وكذا الضيف.

وظاهر المتن انّه إذا أحرز المال الذي سرقه الأجير والضيف عن غيرهما ، قطعا وان لم يكن محروزا عنهما ، وفيه تأمّل ، فتأمّل.

وكذا قطع الزوج إذا سرق مال زوجته الذي أحرز عن غيره ، وكذا الزوجة وفيه تأمّل ، والتقدير والزوج والزوجة كذلك.

ويؤيّد عدم القطع في الكلّ ما تقدم.

وفي حسنة أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام من عدم قطع رفقاء سفر إذا سرق بعضهم عن بعض فإنّه خائن ، وعدم قطع الابن والأخ والأخت إذا كانا يدخلان ولا يحجبان (١).

قوله : «ولو ادّعى السارق إلخ» إذا ادّعى السارق ان المال الذي بيده وادّعى سرقته انه وهبه صاحبه إيّاه أو أذن له في التصرف أو ادّعى انه ملكه وليس بملك المسروق منه وأنكره ، قدّم قوله مع يمينه ، لأنّه منكر وصاحب يد سابق وأخذ من ملكه ، وعلى السارق بيّنة ان كانت ، والّا فيحلف المنكر ويأخذ المال من يده ولكن لا يثبت بذلك ، السرقة الموجبة للقطع ، فلا يقطع ، لأنّ الأصل عدمه وعدم ثبوته شرعا ويدرأ الحدود بالشبهات وهو ظاهر.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٨.

٢٣٢

المطلب الثاني : (في ـ خ) المسروق

وشرطه أن يبلغ (المال ـ خ) قيمته ربع دينار ذهبا خالصا مضروبا بسكّة المعاملة قطعا لا باجتهاد المقوم من أيّ نوع كان المال.

______________________________________________________

قوله : «وشرطه ان يبلغ إلخ» من شرائط المسروق ان يبلغ قيمته ربع دينار ذهبا ـ لا فضة ـ خالصا لا مشوبا بالغش مضروبا بسكّة معاملة يعامل بها بين الناس ، لا غير مضروب مثل السبيكة ، أو مضروبا بغير ضرب المعاملة بين الناس.

وبلوغ ذلك يكون قطعيّا وحقيقيا ، لا باجتهاد المقوّمين ، من أيّ نوع كان ذلك المال المسروق ، ثوبا كان أو جوهرا أو فاكهة أو غيرها ممّا يملكه المسلم.

والدليل على ذلك ، الروايات بعد الإجماع المدّعى مع عدم ظهور مخالف على انّه يعتبر فيه نصاب ، فعموم الآية والاخبار مخصّصة بهما ، فإنّه لا يقطع بأي شي‌ء كان ويصدق عليه المال والسرقة في الجملة.

ومن الروايات العامّة ، مثل ما روي عنه صلّى الله عليه وآله : انّه قال : يقطع اليد في ربع دينار فصاعدا.

وفي رواية أخرى : لا يقطع إلّا في ربع دينار (١).

ومن الخاصّة ، صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : في كم يقطع السارق؟ فقال : في ربع دينار ، وقال : قلت له : في درهمين؟ فقال : في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ ، قال : فقلت له : رأيت من سرق أقلّ من ربع دينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ وهل هو عند الله سارق في تلك الحال؟ فقال : كلّ من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق وهو عند الله السارق ، ولكن لا يقطع إلّا في ربع دينار أو أكثر ، ولو قطعت يد السارق (أيدي السراق ـ كا) فيما هو أقلّ من ربع دينار لألقيت عامّة الناس

__________________

(١) راجع سنن أبي داود ج ٤ باب ما يقطع فيه السارق ص ١٣٦.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مقطعين (١).

وصحيحة يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا يقطع يد السارق إلّا في شي‌ء تبلغ قيمته مجنّا ، وهو ربع دينار (٢).

ولا يضرّ الاشتراك والقطع ، فانّ الظاهر انه ابن عبد الرحمن ، وقالوا الطريق اليه صحيح (٣) وان كان فيه محمّد بن عيسى وفيهما قول.

وغيرهما من الاخبار المشتملة على انّه لا يقطع يد السارق إلّا إذا بلغ ربع دينار ، وفي أكثرها : أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قطع يد السارق في بيضة حديد كانت قيمتها ربع دينار (٤).

وتدلّ على غيره أيضا أخبار ، مثل صحيحة أبي حمزة ـ كأنه الثمالي ـ قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام في كم يقطع السارق؟ فجمع كفيه ثم قال في عددها من الدراهم (٥).

وحملها الشيخ على انه كانت عدد تلك الدراهم في ذلك الوقت ربع الدينار ولا اعتبار بالدرهم ، وانّما المعتبر هو الدينار ، واليه أشار في رواية محمّد المتقدمة : (قلت له : في درهمين ، فقال : في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ) (٦).

ومضمرة سماعة ، قال : سألته على كم يقطع السارق؟ قال : أدناه على

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٢.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٣.

(٣) طريقه اليه كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان.

(٤) راجع الوسائل باب ٢ حديث ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ٨ و ١٠ ـ ١٥ ـ ٢٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥ و ٤٨٧.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ٩ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

(٦) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٢.

٢٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ثلث دينار (١).

وهي ضعيفة بعثمان بن عيسى (٢) ، وسماعة والإضمار ، والمخالفة للمشهور ، وحملها الشيخ على احتمال ان يكون حكاية حال قطع أمير المؤمنين عليه السّلام وأيّده برواية عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قطع أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا في بيضة ، قلت : وأي بيضة؟ قال : بيضة حديد قيمتها ثلث دينار ، فقلت : هذا أدنى حدّ السارق؟ فسكت (٣).

ولا يخفى بعد هذا الحمل وعدم التأييد ، ولا يحتاج إلى هذا لما فيها من الضعف كما ترى ، والمخالفة للمشهور والصحيحة ، وعدم القائل.

نعم ربما يشكل بما يدلّ على اعتبار الخمس ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار (٤).

ومثلها صحيحة أبان ، عن زرارة لعلّه ابان بن عثمان ، فلا يضرّ الاشتراك ولا القول بأنّه فطحي.

وما في صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : يقطع السارق في كلّ شي‌ء بلغ قيمته خمس دينار ان سرق من سوق أو زرع أو غير ذلك (٥).

قال الشيخ : فالوجه في هذه الاخبار ان نحملها على ضرب من التقيّة ، لأنّها موافقة لمذهب بعض العامّة ، ويحتمل هذه الأخبار ان تكون مختصّة بمن يرى الإمام

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

(٢) فان سندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن عثمان عن سماعة.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١٠ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ١٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥ وتمامه : والخمس آخر الحدّ الذي لا يكون القطع في دونه ويقطع فيه وفيما فوقه.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ١٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

٢٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

من حاله ان المصلحة تقتضي فيه قطع يده فيما هذا قيمته ، لانّ ذلك من فرائضه التي يقوم بها هو أو من يأمره هو به ، والذي يكشف عمّا ذكرناه ما رواه يونس ، عن محمّد بن حمران ، عن محمّد بن مسلم ، قال : قال أبو جعفر عليه السّلام : أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار ، والخمس آخر الحدّ الذي لا يكون القطع في دونه ويقطع فيه وفيما فوقه (١).

وفي الحمل بعد ، وفي التأييد خفاء.

ويفهم التردد من الفقيه ، قال : سئل ـ أي الصادق عليه السّلام ـ عن أدنى ما يقطع فيه السارق؟ قال : ربع دينار وفي خبر آخر خمس دينار (٢).

والعمدة في روايات كانت كثيرة ، الربع ، وانّ صحيحة محمّد بن مسلم ، وقد روى هو ، الخمس أيضا في الصحيح فيمكن أن يسقط روايتاه ويعمل بعموم الآية والاخبار بعد إخراج ما لا يقطع به للإجماع وخصوص صحيحة زرارة وصحيحة الحلبي.

على انه قد يمكن الجمع بينها بأنّه لا منافاة صريحا بين قوله : (يقطع في الربع) وبين قوله : (ادنى ما يقطع فيه الخمس) نعم ظاهر الاولى انّ الربع ادنى فيترك بالصريح أيضا.

ويمكن الجمع أيضا بالتخيير في الخمس ، والتحتم في الربع ، فتأمّل.

فمرجّح الخمس عموم الكتاب والسنة (وخصوصها وإمكان الجمع والاسقاط بالتعارض وبقاء الزائد خصوصا مثل صحيحة زرارة والحلبي وعموما الكتاب والسنة ، ومرجّح الربع الأصل ، والشهرة ، والكثرة والاحتياط ، ومبني الحدود على التخفيف ، والدرء بالشبهة فليتأمّل.

ولكن الأمر في ذلك هيّن ان كان الأمر الى الامام عليه السّلام حال

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٥.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١٦ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٦.

٢٣٦

ويقطع في خاتم وزنه سدس وقيمته ربع.

ولو ظن الدنانير فلوسا لا تبلغ نصابا ، قطع.

ولو سرق قميصا و (قيمته) أقلّ وفيه نصاب لا يعلم (لا يعلمه ـ خ) ففي القطع اشكال.

______________________________________________________

ظهوره على ما يظهر من كلام الشيخ ، المتقدم ، فهو عليه السّلام يعرف ما يفعل ونحن في هذا بل في أكثر هذا الباب (بل الكتاب ـ خ) غير مضطرين إلى معرفة ما يختصّ به وهو ظاهر وكذا الى تحقق الدينار حتّى يعلم ربعه وكأنّ المراد ، المتعارف ولو كان الدينار الذي استعمل في هذا الزمان ما استعمل في زمانهم عليهم السّلام.

ولا الى رفع الإشكال بأن ربع الدينار المضروب بضرب المعاملة من الذهب الخالص غير موجود ، فلا يوجد مال يكون قيمته ربع المذكور.

على انّه ما رأينا في الأدلّة كونه كذلك بل الذي رأينا ما رأيت مثل كون المال المسروق ربع دينار أو خمسه أو ما يبلغ قيمته قيمته أو ما يساوي قيمته بمعنى انّه ما يشترى بربع دينار في المعاوضة وان لم يكن الربع المذكور موجودا ، فتأمّل.

قوله : «ويقطع في خاتم إلخ» أي لو سرق شخص خاتما يكون بالوزن سدس الدينار المذكور ، ولكن قيمته يكون ربعه ـ يعني يشتري بربع الدينار لما فيه من الصنعة ـ يقطع يده ، لانّه سرق ما قيمته ربع الدينار وان لم يكن هو ربعا ، فانّ المراد من الربع ما كان قيمته قيمة الربع.

قوله : «ولو ظن الدنانير إلخ» إذا سرق الدنانير بظن انها فلوس لا يبلغ نصاب القطع ـ أي ربع الدينار ـ يقطع يده به لصدق انّه سرق النصاب الموجب ولا يشترط علمه بأنّه موجب أو عدم اعتماده ببعضه للأصل وعدم الأدلّة ويمكن ان يقال : انه لا شبهة في انّه شبهة والحدّ يدرأ بالشبهة فمبنى الحدود على التخفيف يقتضي العدم ، فتأمّل.

قوله : «ولو سرق قميصا إلخ» وجه الإشكال في القطع بسرقة قميص لم

٢٣٧

ولو اخرج نصف الثوب من النقب فلا قطع وان كان المخرج أكثر من نصاب.

______________________________________________________

يكن قيمته نصاب القطع ولكن في جيبه ما يبلغ ذلك عموم أدلة السرقة وإخراج النصاب الموجب للقطع والشبهة والدرء بها ، مع عدم العلم بحصول الموجب ، فإنّ السرقة لا بد ان يكون مع القصد ، ولا شك في انّه ما قصد إخراج ما في الجيب فإنه ما علم ذلك ، والقصد فرعه ، فتأمّل.

ولا يبعد ترجيح الأخير ، لعدم تحقق الموجب والدرء بالشبهة والتفصيل المنسوب الى المحقّق ـ وأشار إليه في الشرح أيضا ـ غير واضح ، وهو انّه إن شهدت القرائن ـ بأنّه بحيث لو علم بالنصاب لسرقة ـ قطع وتحقق القصد إليه إجمالا والا فلا ، لانه يعلم اعتباره (١) القصد.

فعلى تقدير ذلك ، فالظاهر عدم تحققه مع عدم العلم بما في جيبه ، انتهى.

فانّ مجرد الكون بحيث لو علم بقصد إخراجه وأخرجه ليس بقصد ولا يستلزم له تفصيلا ولا إجمالا.

نعم يتحقق ذلك في الفلوس المسروق فإنّه قصدها يقينا ولكن ما علم كونها دراهم فكأن القصد هنا موجود مع ان فيه أيضا تأمّلا.

قوله : «ولو اخرج نصف الثوب إلخ» ولو اخرج السارق بعض متاع من الحرز ـ وبقي بعضه فيه وان كان المخرج أكثره ويكون نصابا وأكثر مثل ان اخرج أكثر ثوب من نقب وبقي بعضه فيه وان كان المخرج نصابا ـ لا يقطع.

دليله عدم صدق إخراج النصاب من الحرز الموجب للقطع فانّ المتبادر من الإخراج إخراج كلّ ذلك المقبوض المسروق ، فانّ بعضه ليس بمسروق ومنفصل ، بل هو جزء متصل وبعضه داخل فالكلّ ليس بخارج وخروج بعض شي‌ء لا

__________________

(١) هكذا في النسخ ولعل الصواب اعتبار القصد بإسقاط الضمير كما لا يخفى.

٢٣٨

ولو اخرج نصابا من حرزين فلا قطع.

وان يكون محرزا بقفل أو غلق أو دفن ، فلا قطع في المأخوذ من غير حرز كالحمّامات والمساجد وان راعاه المالك.

______________________________________________________

يوجبه ، لانّه ليس بإخراج الشي‌ء ، فتأمّل.

قوله : «ولو اخرج نصابا إلخ» ولو اخرج السارق مقدار نصاب من حرزين ولم يكن المخرج من كل واحد منهما نصابا ، لا قطع ، لان المتبادر ان الموجب هو السرقة الواحدة وحدها مستقلة فلا بد من كونها مشتملة على الإخراج التام وهو إخراج مقدار النصاب من حرز واحد ، فلم يتحقق الموجب ، وبضم المخرجين من حرزين لم يتحقق سرقة واحدة موجبة للقطع ، بل يتحقق به السرقتان وهما ليستا بموجبتين إذ الموجب انما هو السرقة الواحدة التامّة.

ويؤيّده الدرء بالشبهة ، والبناء على التخفيف (التحقيق ـ خ ل) ، والشهرة ، فتأمّل.

قوله : «وان يكون محرزا إلخ» ومن شرائط المسروق ان يكون محرزا بقفل من حديد أو غلق من خشب أو مدفون في أرض فلا قطع في موضع يجوز دخوله من غير استيذان مثل الحمامات ، والمساجد ، والمشاهد وان كان المالك جالسا عنده وينظره وقد مرّ البحث في ذلك مفصلا.

وكأنّ قوله : (بقفل إلخ) لما تقدم في رواية السكوني عن أمير المؤمنين عليه السّلام من انه لا قطع في مكان مباح الدخول (١).

ولروايته الأخرى بخصوصها (من كسر القفل) (٢).

ولكن أنت تعلم ان الحرز ليس بمنحصر فيما له قفل وغلق ، مع ان الرواية كانت ضعيفة وان عدم القطع في المباحات مع كون المالك جالسا عنده ناظرا له ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٨ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٩.

(٢) راجع الوسائل باب ١٨ حديث ٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٩.

٢٣٩

ولا في سارق ستارة الكعبة على رأي.

ولا في السارق من الجيب والكم الظاهرين بل يقطع من الباطنين.

______________________________________________________

غير ظاهر ، فإنه ينبغي ان يكون المراد بحرز كلّ شي‌ء محلّه الذي يحفظ عنه عرفا كما بيّن في الوديعة ، فتأمّل.

قوله : «ولا في سارق ستارة الكعبة على رأي إلخ» وجه رأيه ظاهر ، لما تقدم من أنه محلّ مباح يدخله كلّ أحد بغير اذن وليس يحرز.

وأيضا يؤيّده بناء الحدّ على التخفيف.

ووجه الرأي الآخر انه هكذا يكون حرز الستارة فإنه في موضعه مع ملاحظة الخدّام له.

ويؤيّده الرواية (١) التي انه إذا ظهر الامام يقطع يد بني شيبة ، فتأمّل.

وامّا وجه عدم القطع من الجيب والكم الظاهرين أيضا كونهما عدم الحرز ، ولان المراد ان يوضع فيهما الشي‌ء مثلا مثل النقدين ويبيّن من الخارج وهو غير مستور مثل ان يعقد النقد مثلا في كمّه وجعل العقد خارجا ظاهرا الّا ان يجعل النقد داخلا ويعقد حتّى يكون العقد داخلا غير بارز ، وان يوضع بطانة على ظاهر القميص ويخيط فيحطّ فيه النقد.

ويحتمل ان يكون المراد بالكم والجيب الظاهرين ، الثوب الفوقاني وجيبه مطلقا ، وكون المراد بالجيب ـ بل هو الظاهر ـ الّا على الذي على الصدر والعنق ، وبالباطن ، كمّ ، وبالثوب ، التحتاني وجيبه.

ويؤيّد الثاني دليله ، وهو رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام قال : اتي أمير المؤمنين عليه السّلام بطرار قد طر دراهم من كمّ رجل فقال : ان كان قد طر من

__________________

(١) إرشاد المفيد : في ذكر الامام المنتظر (ع) ص ٣٦٤.

٢٤٠