مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

ولو برئ بعد الاقتصاص في النفس مع ظنّ الموت ، فان ضربه الولي بالممنوع اقتصّ بعد القصاص منه والّا قتله من غير قصاص.

______________________________________________________

عبّروا (برواية سورة) ـ محلّ التأمّل.

وعلى تقدير صحة الرواية لا دلالة لها على هذا الاحتمال هنا.

بل يمكن أن يقال أنّها تدلّ على عدم هذا الاحتمال ، فإنّ فيها تفصيل أنّ اليدان كانت قطعت جناية وقصاصا أو أخذ صاحبها ديتها وقتل ، يردّ ولي دمه دية يده ، ثم يقتصّ له.

وان كانت يده قطعت من غير جناية وقصاص ولا أخذ ديتها ، فلهم قتل القاتل من غير ردّ.

وجعل العفو قائما مقام أخذ الدية خلاف الظاهر سيّما إذا كان القاتل هو القاطع الذي عفي عنه وأحسن إليه ، فتأمّل.

والرواية الثانية ضعيفة لما قاله ، فإنّ الحسن قالوا : ضعيف جدا ، وضعف سهل بن زياد أيضا ، والعمل بمضمونها مشكل ، وعمل الأكثر ليس بحجة.

ولهذا قال في المختلف : مذهب ابن إدريس لا بأس به ، فتأمّل.

ومن هذا الكلام ظهر وجه قوله : ولو قطع كفّا بغير أصابع قطعت كفّه بعد ردّ دية الأصابع ، وهو عدم قطع الكامل للناقص والرواية. وضعفه أيضا (١) ، إذ يحتمل الحكومة والأرش ، فلا قصاص للكامل بالناقص ، والرواية ضعيفة ، وأنّ المصنف رجع عن هذا القول ، حيث نفي البأس عن مذهب ابن إدريس في المختلف ، فتأمّل.

قوله : «ولو برأ إلخ» إذا أراد ولي الدّم ان يقتصّ في النفس وضرب الجاني وجرحه وتركه لظنّه أنّه قتله ومات ، وكان مجروحا فداوى نفسه حتّى برأ ففي

__________________

(١) يعني وظهر ضعفه أيضا.

٤٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

رواية أنّه يقتل ثانيا بعد ان يقتصّ هو الضرب والجرح من الوليّ الذي جرحه أوّلا وعمل بها الأصحاب.

وهي مرسلة أبان بن عثمان ، عمّن أخبره عن أحدهما عليهما السّلام قال : أتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل فدفعه إليه وأمره بقتله فضربه الرّجل حتّى رأى أنّه قد قتله فحمله (فحمل ـ ئل) إلى منزله فوجدوا به رمقا فعالجوه فبرأ فلمّا خرج أخذه أخ المقتول الأوّل ، فقال : أنت قاتل أخي ، ولي أن أقتلك ، فقال : قد قتلتني مرّة فانطلق به الى عمر ، فأمره بقتله ، فخرج وهو يقول : ايّها الناس والله قد قتلني مرّة ، فمرّوا (فمرّوا على أمير المؤمنين عليه السّلام ـ ئل) به إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فأخبره خبره ، فقال : لا تعجل حتّى أخرج إليك فدخل على عمر فقال : ليس الحكم فيه هكذا ، فقال : ما هو يا أبا الحسن؟ فقال : يقتصّ هذا من أخي المقتول الأوّل ما صنع به ثم يقتله بأخيه ، فنظر الرّجل أنّه إن اقتصّ منه أتى على نفسه فعفا عنه وتتاركا (١).

ولما كانت ضعيفة تركها المصنف هنا ، وكذا المحقق بعد ان أشارا إليها ، وقالا : بأنّه ان كان الذي أراد القصاص وجرحه فإن ضربه بما يجوز له ذلك في القصاص مثل ان ضربه بسيف على عنقه وظنّ أنّه مات ولم يكن ، فله أن يقتصّ من غير قصاص ، ولا شي‌ء عليه ، لأنّ له القصاص بمثل ذلك ، فلو لم يحصل بالمرّة الأولى فيقتله الثانية وهكذا ولهذا لو علم أوّلا ما قتل بذلك ، كان له قتله بالثانية وهكذا من غير قصاص ، ولأنّ فعله كان جائزا فلا يستعقب القصاص ، وان كان ممّا لا يجوز إمّا لكون الآلة غير السيف كالخشب والحجر ، أو وقوع الضرب على غير العنق ، فعليه القصاص فيقتصّ منه ، لأنّ ما فعله ، ممّا له القصاص فيجب عليه

__________________

(١) الوسائل الباب ٦١ من أبواب القصاص الرواية ١ ج ١٩ ص ٩٤.

٤٤٢

ويدخل قصاص الطرف في قصاص النفس مع اتّحاد الجاني والضربة ، فلو تكرّر (تكثّر ـ خ ل) الجاني أو ضربه الواحد ضربتين لم يدخل.

______________________________________________________

القصاص ، وان كان ممّا له الدية فيأخذ ثم يقتل.

ويمكن حمل الرواية على وقوعه بما لا يجوز وما له القصاص ، فتأمّل.

قوله : «ويدخل قصاص الطرف إلخ» في دخول قصاص الطرف والجراحات في قصاص النفس إذا حصل موجبها ، أقوال :

(الأوّل) الدخول مطلقا ، لصحيحة أبي عبيدة الحذاء ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتّى وصلت الضربة إلى الدّماغ ، فذهب عقله؟ فقال : إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له ، فإنّه ينتظر به سنة فإن مات فيما بينه وبين السّنة أقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجّة شيئا؟ قال : لا ، لأنّه إنما ضربه ضربة واحدة ، فجنت الضربة جنايتين ، فألزمته أغلظ الجنايتين ، ـ وهي الدية ـ ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جناية ، كائنا ما كان ، إلّا ان يكون فيهما الموت بواحدة وتطرح الأخرى فيقاد به ضاربه ، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه قال : فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها تلك العشر ضربات كائنة ما كانت (ما لم يكن فيها الموت ـ يب فيه) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب ديات المنافع الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٨١ ولم يذكر فيه قوله : كائنة ما

٤٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه بعد ، إذ يلزم ان لو قطع يده مثلا في وقت ثم يده الأخرى في سنة أخرى ثم رجله في سنة واخرى في أخرى ثم قتله في سنة أخرى ، لم يلزمه إلّا القود أو دية النفس ، فينبغي اشتراط اتحاد الوقت أو تقاربهما ، ولكنه غير منضبط ، مع أنها منافية لظاهر الآيات والاخبار الدالة على عدم الدخول مطلقا ، هو مذهب ابن إدريس وهي مثل «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» (١) و «الْجُرُوحَ قِصاصٌ» (٢) و «الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ» (٣) وهو القول الثاني.

ويمكن حمل صحيحة أبي عبيدة على عدم شي‌ء إلّا القتل والقود على تقدير تعدد الجنايات بما إذا كانت الجنايات ، للقتل ، وما أوجب قصاصا في طرف مثل قطع يد وأنف بل مجرّد ضرب أو جرح لا يمكن اقتصاصه من دون القتل ، فليس حينئذ إلّا القتل.

ولكن كيفية القتل قد مرت أنّه يجوز بأيّ شي‌ء أراد أو بما فعله القاتل أو يقتصر على ضرب العنق بالسيف الحادّ.

وأنّه لا يبعد القتل على الوجه الذي فعله القاتل إلّا المثلة للرواية (٤) ، فتأمّل.

أو على عدم إيجاب الديات المتعددة ان قتل بالجنايات المتكثرة ، لا أنّه لا يجوز القود والقصاص على الوجه الذي فعله الجاني ، فإنّ قوله (فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنا ما كان ما لم يكن فيه الموت فيقاد به ضاربه) ليس فيه إلّا العمل بمقتضى تعدّد الجنايات والضربات وتعدد العوض والموجب مع عدم الموت والقتل

__________________

كانت إلخ ولكنه موجود في النسخ كما في التهذيب والفقيه.

(١) البقرة : ١٩٤.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) المائدة : ٤٥.

(٤) الوسائل : ب ٦٢ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٩٥.

٤٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والقود مع الموت.

وأن مأله (وأمّا أن مأله ـ خ) حينئذ غير ذلك من دون الإتيان في القتل على الوجه الذي فعله أو الإتيان بمقتضى كلّ جنايات فلا ، فتأمّل.

وإن قلنا أنّها ظاهرة في ذلك ، يحتمل ما قلناه للجمع.

(الثالث التفصيل) وهو أنّه ان كان القتل وقطع الأطراف الموجب للقصاص فيهما بضربة واحدة فلا يتعدّد وليس إلّا القود والقصاص في النفس ، فيدخل الطرف فيها.

وإن كانت بمراتب متعددة يتعدّد ، ولا يدخل ، لأنّ مع الوحدة يقال أنّه قتله فقط ، ومع التعدد يقال قطع يده مثلا ثم قتله ، فيجب هنا التعدد دون الأوّل.

وأيضا في المتعدد ثبت موجب الضرب الأوّل به فيستصحب ، ولم يعلم سقوطه بجناية أخرى أقوى ، فإنّ ذلك غير مستلزم له عقلا ولا نقلا صريحا في ذلك.

ويمكن تخصيص العمومات المتقدمة ويشعر به ما في صحيحة أبي عبيدة (لأنّه إنّما ضربه ضربة واحدة فجنت إلخ) (١) فتأمّل.

ولحسنة حفص بن البختري ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل ضرب على رأسه فذهب سمعه وبصره واعتقل لسانه ثم مات؟ فقال إن كان ضربه ضربة بعد ضربة اقتص منه ثم قتله ، وان كان اصابه هذا من ضربة واحدة قتل ولم يقتصّ منه (٢)

ورواية محمّد بن قيس ، عن أحدهما عليهما السّلام ، في رجل فقأ عين رجل وقطع اذنه ثمّ قتله؟ فقال : إن كان فرق ذلك اقتصّ منه ثم يقتل ، وإن كان ضربه

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب ديات المنافع الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٥١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ٨٢.

٤٤٥

وتدخل دية الطرف في دية النفس مع اتحاد الجاني.

______________________________________________________

ضربة واحدة ضرب عنقه ولم يقتص منه (١).

فيها اشتراك محمّد بن قيس ، لعله لا يضرّ ، فتأمّل ، هذا مع اتحاد الجاني.

وأمّا مع تعدده فتعدد القصاص وموجب الجنايتين ظاهر.

قوله : «وتدخل دية الطرف إلخ» قد ادّعى إجماعنا في الشرائع على دخول دية الطرف في دية النفس مع اتّحاد الجاني.

الظاهر أنّ المراد بالطرف مطلق الجرح الموجب للدية.

هذا مع اتحاد الضرب الموجب لدية الجرح والقتل.

وكذا مع تعددهما مع تقارب زمانهما بأن يكونا في مجلس واحد أو متعدد بحيث يكون أحدهما قريبا من الآخر ، غير بعيد.

أمّا بعد زمانهما مثل كون أحدهما في سنة والآخر بعد سنة أو سنتين ، فمشكل.

على أنّ الدليل العقلي لعدم التداخل في القصاص جار هنا ولا يمكن أن يقال : ما ثبت مستقرا موجب الأوّل حتّى يعلم أنّه لم يقتله ، إذ مثله جار في القصاص أيضا.

إلّا ان يقال : يجوز القصاص في الطرف بمقتضى الأوّل ، ولا يمكن عوضه ، إذ بعد تجويز القصاص لا معنى للقصاص بخلاف الدية ، فإنّه يمكن تجويزها ثم أخذ عوضه كما في المتعدد حين جوازها ، فتأمّل.

ويمكن عدم التداخل فيما ان استوفى مقتضى الأوّل في القصاص والدية ، وإلّا فالتداخل ، كما قيل ذلك في الكفّارات وأمثالها ، فتذكّر.

ويفهم من تقرير الاحتمالات في مسألة الصيد ـ إذا جرحه شخص فنقص

__________________

(١) الوسائل الباب ٥١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٨٢.

٤٤٦

المطلب الرابع : في الاستيفاء مع الاشتراك

لو اشترك الأب أو من لا يقتصّ منه مع من يقتصّ اقتصّ من الشّريك بعد ردّ الآخر عليه فاضل جنايته ، ولو كان الشريك سبعا ردّ الولي.

ولو اشترك جماعة في قتل واحد فللولي قتل واحد ويردّ الباقون

______________________________________________________

قيمته ثم جرحه آخر فنقص شي‌ء آخر ، ثم مات بهما ـ ، عدم الإجماع في دخول دية الطرف في النفس ، فتذكر.

قوله : «لو اشترك الأب إلخ» يعني إذا اشترك من يجوز أن يقتصّ للمقتول منه مع من لا يجوز الاقتصاص له ، منه ـ مثل ان قتل أب ولده مع غيره ممّن يجوز له الاقتصاص له منه قريبا كان أو بعيدا مثل الأخت أو الأخ ـ فلولي الدّم أن يقتل الشريك الذي يجوز الاقتصاص منه بعد ردّ الذي لم يجز قتله نصف دية المقتول الى الشريك ، وهو الفاضل عن جناية الشريك المقتول وأرش جناية الذي لم يقتص منه ، والتعبير بالثاني أحسن من الأوّل.

وكذا إذا اشترك حرّ وعبد في قتل عبد ، قتل العبد وأخذ نصف قيمة العبد المقتول لمولى المقتول.

ولو كان احد الشريكين ممّن يجوز قتله والاقتصاص منه والآخر غير مكلّف ولا من يلزم بفعله ضمان على مالكه كالأسد ، فلولي الدم قتل الشريك الذي يجوز قتله بعد ردّ نصف دية الشريك إليه ، إذ ليس له إلّا نصف الدم على الشريك ونصفه الآخر هدر ولهذا لو كان الأسد مستقلا لكان كلّه هدرا ، ولا قصاص ولا دية على أحد ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو اشترك جماعة إلخ» إذا اشترك اثنان أو أكثر في قتل واحد

٤٤٧

ما فضل من جنايته ، وقتل أكثر فيردّ ما فضل عن دية المقتول ، ويردّ الباقون دية جنايتهم على المقتولين ، وقتل الجميع ، ويردّ ما فضل عن دية المقتول ، فيأخذ كلّ منهم ما فضل من ديته عن جنايته.

______________________________________________________

يجوز الاقتصاص له منهم ، فولي الدم مخيّر بين قتل أيّهم أراد واختار وبين قتل أكثر من واحد حتّى الكلّ ، فإذا اختار قتل واحد منهم له ذلك ويردّ الباقون فاضل جناية المقتول الثاني ، وهو ما قابل جنايتهم على المقتول الأوّل ثم يقتل ، وهو نصف الدية في الاثنين وثلثاها في الثلاثة على كلّ واحد من الباقين الثلث وفي الأربعة ثلاثة أرباعها ، وعلى كلّ واحد من الثلاث الباقين ربعها وهو ظاهر.

ولولي الدّم قتل أكثر من واحد أيضا ، ولكن يردّ حينئذ على الذين يريد قتلهم الزائد على عوض مقتوله من دياتهم ويردّ الباقون أيضا عليهم ما قابل جنايتهم حتّى يكمل لهم فاضل جنايتهم ، فإذا قتل اثنين من أربعة مثلا يردّ ولي الدّم دية كاملة ويردّ كلّ من الباقين ربع دية فصار المجموع دية وربعين يردّ إلى كلّ واحد من الذين يقتلهما ثلاثة أرباع دية ، وهو فاضل جنايتهما ، فإن جناية كلّ واحد ربع ، وهو ظاهر

وله قتل جميع الشركاء ، ولكن يردّ ما فضل عن عوض دم صاحبه ، وهو دية الكلّ إلّا دية شخص واحد تكون ديته فيأخذ كلّ واحد من المقتولين قبل قتلهم فاضل جنايتهم فلو كان عشرة وأراد قتلهم كلّهم يردّ تسعة ديات على كلّ واحد تسعة أعشار دية كاملة ، فإن جناية كلّ واحد عشر وهو الساقط فقط.

والدليل على ذلك كأنّه الإجماع ، والاعتبار ، والاخبار.

مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في عشرة اشتركوا في قتل رجل؟ قال : يخيّر أهل المقتول فأيّهم شاؤوا فتلوا ، ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٣ ج ١٩ ص ٢٩.

٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في رجلين قتلا رجلا؟ قال : إن أراد أولياء المقتول قتلهما أدّوا دية كاملة وقتلوهما ، وتكون الدية بين أولياء المقتولين ، فإن أرادوا قتل أحدهما قتلوه ، وأدّى المتروك نصف الدية الى أهل المقتول ، وإن لم يؤدّ دية أحدهما ولم يقتل أحدهما قبل الدية صاحبه من كليهما (١).

ولا يضرّ علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس (٢).

ورواية ابن مسكان ـ بالسند المتقدم ـ ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا قتل الرجلان والثلاثة رجلا ، فإن أرادوا قتلهم ترادّوا فضل الديات ، فان قبل أولياؤه الدية كانت عليهما ، والّا أخذوا دية صاحبهم (٣).

ورواية الفضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : عشرة قتلوا رجلا؟ فقال (قال ـ ئل) : ان شاء أولياؤه قتلوهم جميعا ، وغرموا تسع ديات ، وان شاؤوا تخيّروا رجلا فقتلوه وادّعى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عشر الدية كلّ رجل منهم ، قال : ثمّ الوالي بعد يلي أدبهم وحبسهم (٤).

فيها دلالة على تعزير الباقين بالضرب والحبس وما ذكره الأصحاب وان كان الأمر إلى الامام فقط فهو العالم ، وإلّا فلا بد من العلم به للعامل به ، فيكون برأي الحاكم التعزير ، فلو اقتضى رأيه ذلك لدفع الفتنة حين عرف أنّهم يفعلون ذلك لا يبعد الحبس ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٤ ج ١٩ ص ٣.

(٢) وسند الرواية ـ كما في الكافي ـ هكذا : علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن مسكان.

(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٥ ج ١٩ ص ٣٠ هكذا في الوسائل ولكن النسخ المطبوعة والمخطوطة والكافي والتهذيب جملة (فإن قبل أولياء الدية كانت عليهما).

(٤) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٦.

٤٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي سند هذه الرواية أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان (١) ، كأنّه ابن عثمان ولا يضرّ القول فيه ، ولا في وقف أحمد الميثمي ، فتأمّل.

وصحيحة داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في رجلين قتلا رجلا ، قال : ان شاء أولياء المقتول ان يؤدوا دية ويقتلوهما جميعا قتلوهما (٢).

وروايته عنه أيضا ، في رجلين قتلا رجلا ، قال : يقتلان ان شاء أهل المقتول ، ويردّ على أهلهما دية واحدة (٣).

ويدل على انّ الحكم في الأطراف أيضا على هذا القياس ، صحيحة أبي مريم الأنصاري ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل ، قال : ان أحبّ ان يقطعهما أدّى إليهما دية يد احد واقتسماها ، وان أحبّ أخذ منهما دية يد ، قال : وان قطع يد أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية (٤).

ولا ينافيهما ظاهر آية «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (٥) و «الْحُرُّ بِالْحُرِّ» (٦) و «الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ» (٧) فإنّهما فيما إذا كانت النفس الجانية واحدة لا مطلقا.

على أنّ دلالتهما بالمفهوم على نفي الزائد ، والمنطوق مقدّم.

وأنّه فيما ذكرناه يحصل بدل النفس الأخرى ، وكان المراد النفس بالنفس

__________________

(١) وسندها ـ كما في الكافي ـ هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن احمد بن الحسن الميثمي ، عن ابان ، عن الفضيل بن يسار.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٢٩.

(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١١.

(٤) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب القصاص الطرف الرواية ١ ج ١٩ ص ١٤٠.

(٥) المائدة : ٤٥.

(٦) البقرة : ١٧٨.

(٧) المائدة : ٤٥.

٤٥٠

ولو قتله امرأتان قتلتا به ولا ردّ.

______________________________________________________

فقط إذا لم يرد عوض غيرها ، وان ليس بالأصالة ومن دون ردّ شي‌ء إلّا النفس.

فلا ينافيه ثبوت الزيادة بالدية وردّها إلى أهلها ، فتأمّل.

وكذا رواية أبي العباس وغيره عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا اجتمع العدّة على قتل رجل واحد حكم الوالي ان يقتل أيّهم شاؤوا ، وليس لهم ان يقتلوا أكثر من واحد ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» (١).

زاد في التهذيب والاستبصار : وإذا قتل ثلاثة واحدا خيّر الولي (الوالي ـ خ) أي الثلاثة شاء ان يقتل ، ويضمن الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول (٢).

قال في الكتابين : هذه محمولة على من أراد قتل الأكثر من غير ردّ شي‌ء ، فإنّه ليس له إلّا قتل واحد حينئذ ، جمعا بين الأدلة.

وكأنّه ردّ على بعض من تقدم على أمير المؤمنين عليه السّلام ، فإنّه كان يجوّز قتل أكثر من غير ردّ ، ويحتمل التقية أيضا ، قاله في الاستبصار ، فتأمّل.

على أنّها غير صحيحة لعدم ثبوت توثيق قاسم بن عروة (٣) وعدم وضوح أبي العباس ، وان كان الظاهر أنّه البقباق ، فتأمّل.

قوله : «ولو قتله امرأتان إلخ» إن قتل المرأتان رجلا قتلتا به معا ، فإنّهما قاتلتاه ، ولا ردّ حينئذ ، إذ هما بمنزلة رجل واحد ، وكلّ واحدة نصف الرّجل ، وديتها نصف ديته ، وقد تقرّر ذلك ، كأنّه مجمع عليه.

ويدلّ عليه الاخبار من غير اختلاف مثل صحيحة عبد الله بن مسكان ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٧ ج ١٩ ص ٣٠ والرواية ٨ ج ١٩ ص ٣٠ والآية الشريفة في سورة الإسراء : ٣٣.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٧ ج ١٩ ص ٣٠ والرواية ٨ ج ١٩ ص ٣٠ والآية الشريفة في سورة الإسراء : ٣٣.

(٣) والسند كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي العباس وغيره.

٤٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا قتلت المرأة رجلا قتلت به ، وإذا قتل الرّجل المرأة ، فإنّ أرادوا القود أدّوا فضل دية الرجل على دية المرأة وأقادوه بها ، وان لم يفعلوا قبلوا الدية دية المرأة كاملة ودية المرأة نصف دية الرّجل (١).

وصحيحة أبي بصير (يعني المرادي ـ ئل) ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : ان قتل رجل امرأة وأراد أهل المرأة ان يقتلوه أدّوا نصف الدية إلى أهل الرّجل (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول في رجل قتل امرأته متعمدا ، فقال (قال ـ ئل) : ان شاء أهلها ان يقتلوه قتلوه ويؤدّوا إلى أهله نصف الدية ، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم ، وقال في امرأة قتلت زوجها متعمدة ، قال : ان شاء اهله ان يقتلوها قتلوها ، وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه (٣).

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال في الرّجل يقتل المرأة متعمّدا فأراد أهل المرأة ان يقتلوه ، قال : ذلك (ذاك ـ ئل) لهم إذا أدّوا إلى أهله نصف الدية ، وان قبلوا الدية فلهم نصف دية الرّجل ، وان قتلت المرأة الرّجل قتلت به وليس لهم إلّا نفسها ، وقال : جراحات الرجال والنساء سواء ، سنّ المرأة بسنّ الرجل وموضحة المرأة بموضحة الرّجل وإصبع المرأة بإصبع الرّجل حتّى تبلغ الجراحات ثلث الدية ، فإذا بلغت ثلث الدية أضعفت دية الرجل على دية المرأة (٤) وغيرها من الاخبار.

فظهر منها أنّه ان قتلت المرأتان رجلا قتلتا به من غير ردّ.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ٥٩.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٦ ج ١٩ ص ٦٠.

(٣) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٥٩.

(٤) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٣ ج ١٩ ص ٥٩ إلى قوله نفسها.

٤٥٢

ولو كنّ ثلاثا قتلن وردّ (يردّ ـ خ ل) الولي نصف الدية بين الثلاث ، ولو قتل اثنتين ردّت الباقية ثلثي ديتها عليهما.

ولو قتله رجل وامرأة فقتلهما الولي ردّ دية المرأة على الرّجل.

ولو قتل الرّجل خاصّة ردّت المرأة على ورثة الرّجل ديتها.

ولو قتل المرأة خاصة أخذ من الرّجل نصف الدية مع التراضي.

ولو قتله حرّ وعبد فقتلهما الولي ردّ نصف دية الحرّ عليه ، والزائد من قيمة العبد عن النصف ما لم تتجاوز دية الحرّ على مولاه.

______________________________________________________

وان قتلته ثلاث فللولي قتلهنّ بعد ردّ دية واحدة يقسّم عليهنّ أثلاثا ، وله قتل اثنتين ولا ردّ عليه وتردّ الباقية ثلثي ديتها عليهما بالسوية لأنّ عليها ثلث دية الرّجل ، وهو ثلثي ديتها ، فحصل لكلّ واحدة ثلث ديتها وفات ثلثاها بجنايتها ثلث الرّجل وهو ظاهر.

ولو قتل رجلا رجل وامرأة فلوليّه قتلهما ، ولكن بعد ردّ نصف دية الرّجل وهو دية المرأة على الرجل ، ولا ردّ للمرأة ، فإنّ ديتها نصف دية الرّجل ، وقد جنت النصف.

ولو قتل الرّجل خاصّة ردّت المرأة الشريكة ديتها وهي نصف دية الرّجل عليه لأنّها شريكة في قتله بالنصف.

ولو قتل المرأة خاصّة لا ردّ لها ويأخذ نصف دية الرّجل من الرّجل مع التراضي.

وان لم يرض ليس لها الإجبار ، على المشهور وقد مرّ التأمّل فيه بل لا بدّ من ردّ نصف الدية ان أراد قتله.

قوله : «ولو قتله حرّ وعبد إلخ» إذا قتل رجلا حرّ وعبد فلا شك أنّ

٤٥٣

وان قتل الحرّ دفع المولى العبد الى ورثته ما لم تتجاوز قيمته النّصف وما ساوى النّصف ان زادت ، أو يفديه بنصف الدية.

______________________________________________________

للوليّ قتلهما ، ولكن بعد ردّ نصف دية الحرّ عليه والزائد عن نصف دية الرّجل من قيمة العبد ان كانت زائدة عن نصف دية الرجل ما لم تتجاوز قيمته عن دية الحرّ على مولى العبد المقتول ، لأنّ جناية كلّ واحد نصف ، فليس على كلّ واحد إلّا نصف النفس ، فلا بد من ردّ نصف القيمة أو أقلّ على المولى ان زادت قيمته عن نصف دية الحرّ ، لأنّ دية المملوك قيمته.

ولكن اشترط عدم تجاوزها عن الدية.

كأنّه للإجماع والاعتبار والاخبار ، مثل صحيحة ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : دية العبد قيمته ، فإن كان نفيسا فأفضل قيمته عشرة آلاف درهم ، ولا يتجاوز دية الحرّ (١).

وغير ذلك من الأخبار الصحيحة وغيرها ، ويحمل عليها ما في بعض الأخبار : دية المملوك ثمنه (٢).

وان قتل الوليّ الحرّ دفع المولى العبد القاتل إلى ورثة الحر إن لم تكن قيمته زائدة على نصف دية الحرّ ، ودفع مقدار ما يساوي نصف الدية من العبد ان كان قيمته زائدة على نصف الدية ، مثل ان يكون تمام الدية ، فيكون نصفه له للجناية ونصفه لمولاه الأوّل ، أو يفديه المولى بنصف الدية فيعطي نصف الدية إلى المقتول الثاني الذي كان العبد شريكا معه في قتل الحرّ ، فالخيار له إمّا ان يدفع من العبد ما يساوي نصف الدية ان كان كلّه أو بعضه ، أو يعطي نصف الدية ، وجهه ظاهر.

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب ديات النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ١٥٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٥ قطعة منها ج ١٩ ص ٧١.

٤٥٤

وان قتل العبد ولم تزد قيمته على النّصف أخذ من الحرّ نصف الدّية مع التراضي ، وإن زادت أعاد الحرّ على مولاه الزيادة ، فإن كملت الدّية ، والّا أخذ الوليّ التّمام.

ولو قتله عبد وامرأة فقتلهما الولي فلا ردّ ان لم تتجاوز قيمة العبد النصف ، والّا ردّ الزائد على مولاه ان لم تتجاوز دية الحرّ.

______________________________________________________

وان قتل العبد ، فان لم تكن قيمته زائدة على نصف دية الحرّ ، فصار هو عوض جنايته ، سواء كان مساويا أو ناقصا ، إذ لا يجني الجاني أكثر من نفسه ، ولهذا لو قتلت امرأة رجلا ، أو عبد قيمته ادنى شي‌ء حرّا ، ليس عليهما الّا قتلهما ، فلا شي‌ء للوليّ الّا قتلهما.

وتدلّ عليه الاخبار ، وكأنه مجمع عليه أيضا ، وأخذ من الحرّ نصف الدية مع التراضي ، والّا يقتله ويردّ عليه نصفها بناء على المشهور وان كانت قيمته دية أو زائدة ردّ الحرّ الشريك على مولى العبد المقتول نصف الدية ، ولا شي‌ء لوليّ الدم وان كانت ناقصة عن الدية يعطيه لولي الدم والكلّ واضح ، الحمد لله.

وزائدة على نصفها مثل ان تكون القيمة ثلث الدية فيردّ الحرّ على مولاه ، الزائد على نصف الدية وما يكمل به نصف الدية.

ولو قتل الحرّ عبد وامرأة ، للولي قتلهما ، وما يدلّ على قتلهما كثير ، يعلم مما تقدم أيضا.

ولا ينافي «الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ» (١) ذلك لانّ الظاهر انّ مفهومه ليس بمراد ، فإنه مفهوم لقب ، وان قيل : انه صفة وسلم اعتبارها ، فيقال : انها متروكة بالمنطوق ، من الإجماع والاخبار.

وليس عدم قتل الحرّ بالعبد باعتبار مفهوم «الْحُرُّ بِالْحُرِّ» (٢) بل بالاعتبار

__________________

(١) البقرة : ١٧٨.

(٢) البقرة : ١٧٨.

٤٥٥

ولو قتل المرأة أخذ العبد ان لم نزد قيمته على النّصف أو قدر النّصف.

وان قتل العبد ولم تزد قيمته على النصف أخذ من المرأة ديتها ، وان زادت ردّت المرأة الزيادة ، ما لم تتجاوز دية الحرّ ، فان نقصت فالتمام للولي.

ويقدّم الردّ على الاستيفاء.

______________________________________________________

والاخبار ، بل الإجماع ، فتأمّل.

فإن قتلهما ، فلا ردّ للمرأة فإنّ جنايتها نصف وديتها نصف ، وأمّا للعبد فإن لم تكن قيمته زائدة على نصف الدية فلا ردّ أيضا وان زادت فيردّ الزائد على مولاه ما لم يتجاوز عن نصف الدية ، وهو ظاهر.

ولو قتل المرأة أخذ العبد كلّه ، إن لم يزد قيمته على النصف ، ويأخذ قدر نصف الدية منه ، فيكون مشتركا بينه وبين مولاه بأن يكون مقدار نصف الدية له والباقي للمولى ، فإن كان قيمته ديته فيكون مشتركا بالنصف.

وإن كان أقل فبالنسبة والزائد لا اعتبار به.

ولو قتل العبد ولم تزد قيمته على النصف أخذ من المرأة ديتها فإنّها نصف دية الحرّ وهي جنايتها.

وإن زاد قيمته على النصف ردّت المرأة الزائدة على مولاه ما لم تتجاوز عن دية الحرّ ، فإن ساوته فلا شي‌ء لولي الدّم ، وان نقصت عنه فتعطي المرأة الزائدة على النصف المولى وتتمة ديتها فعلى ولي الدم.

قوله : «ويقدّم إلخ» يجب تقديم الردّ على الاستيفاء ، بمعنى أنّه ليس لصاحب الحق ان يستوفي قبل الردّ إلى صاحبه وله أن يمتنع من التسليم للاستيفاء قبله ، وأمّا إذا رضي فيجوز قتله ، فيجب أوّلا ان يردّ على من يريد قتله أو على وليّه

٤٥٦

وتحصل الشركة بفعل كلّ منهم ما يقتل لو انفرد أو تكون له شركة في السراية مع قصد الجناية ، ولا يشترط تساوي الجناية فلو جرحه واحد جرحا وآخر مائة وسرى الجميع تساويا.

ولو قطع يد رجل وقتل آخر قدّم القطع.

______________________________________________________

إذا كانت جنايته أقلّ من نفسه كما مرّ في الأمثلة في جميع المسائل المتقدمة ، ووجهه ظاهر.

قوله : «وتحصل الشركة إلخ» بيان للشركة الموجبة للقصاص بأنّها تحصل بقتل كلّ من الشركاء ما يقتل لو كان منفردا مستقلا من دون الشريك ، ويكون القتل مستندا إليهم جميعا ، بأن أثر كلّ منهم حتّى قتل ، مع قصد الكلّ تلك الجناية ليكون (فيكون ـ خ) ذلك موجبا للقصاص ، ويكفي ذلك في تحقق الاشتراك ، ولا يشترط فيه تساوي الجنايات في العدد والمقدار ، فلو جرح المقتول أحدهم جرحا واحدا والآخر مائة وسرى الجميع حتّى مات تساوى الجميع في انّه قاتل على السواء ، فعلى كلّ واحد نصف الدم ، لأنّ المدار على القاتل ، ولما كان القاتل الجارح اثنين ، كان على كلّ واحد نصف الدية ، لعلّ لا خلاف في ذلك.

قوله : «ولو قطع إلخ» لو قطع شخص يد واحد وقتل آخر ، قدم القطع ، يعني في القصاص فيقتصّ أوّلا يده فيقطع به في القصاص ، ثم يقتل بالآخر لئلا يفوت شي‌ء ممّا وجب عليه بالجناية ولا يفوت حقّ أحد.

إذا كان القطع مقدّما لا كلام فيه فإنّه استحق قطع يده قبل القتل ، فكأنّه صار مقطوع اليد ، ثمّ قتل آخر.

وكذا لو فعلهما معا ، فإنّه حصل وجوب القطع والقتل دفعة ، وبتقديم القتل يفوت الآخر بخلاف العكس.

وأمّا على تقدير التأخير ، ففيه تأمّل ، لأنّه استحق القتل أوّلا ، فكأنّه صار

٤٥٧

وإن بدأ بالقتل فان سرى القطع أخذ (أخذت ـ خ ل) نصف الدية من تركته.

ولو اقتصّ من قاطع يديه ثم سرت جراحته فللوليّ القصاص في النفس.

______________________________________________________

اليد ممّا تعلقت بها الجناية ، ثم قطع.

والظاهر عدم الفرق ، فتأمّل.

قوله : «وان بدأ إلخ» ان قدم القتل على قطع اليد قصاصا فات قصاص اليد ، فيتعلق ديتها بمال الجاني ، فيأخذ منه نصف ديته.

وان سرى القطع ومات المقطوع بعد قتل الجاني ، قال المصنف : ليس عليه الّا نصف الدية من تركته.

وفيه تأمّل لأنّ القتل وقع من جرحه ـ ولمّا لم يبق للقصاص محل ، ولم يبطل دم امرئ مسلم ـ وجب كمال الدية في ماله.

ولعلّ نظر المصنف إلى أنّ الموت لما وقع بعد قتل الجاني ، ولا معنى (١) للزوم شي‌ء على الميّت.

وفيه تأمّل لأنّ الموت بفعله ، لا أنّه أثر ذلك بالعرض ، وذلك يكفي ، وإلّا يلزم أن لو مات الجاني بعد الجناية الموجبة للقتل قبل موت المجني عليه ، ان لا يلزمه تمام الدية في ماله.

قوله : «ولو اقتصّ إلخ» أي لو قطع شخص يدي آخر وقطع يداه قصاصا ، ثم سرت الجناية الأولى فمات المجني عليه بذلك ، كان لوليه القصاص في النفس.

دليله عموم الآيات ، والأخبار ، والاعتبار ، والإجماع ، وهو ظاهر.

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب (فلا معنى).

٤٥٨

ولو قطع يهودي فاقتصّ المسلم وسرت جراحته فللولي قتل الذمّي ولو طلب الدّية أخذ إلّا دية يد ذمّي.

______________________________________________________

قوله : «ولو قطع يهودي إلخ» لو قطع يهودي يد مسلم فاقتصّ المسلم منه ، ثم سرى الجناية التي كانت على المسلم ، فلولي المسلم قتل الذمّي قصاصا ، ولا ردّ ، لأن النفس بالنفس.

على أنّه ان قتل مقطوع اليد فقتل كذلك ، وان قتل صحيحها فقتل مقطوعها ، ولكن بعد القصاص فكأنه قتل الصحيح بالصحيح ، وهو ظاهر ، ومعلوم ممّا قبله أيضا.

وكأنّه ذكره لقوله : «ولو طلب إلخ» أي لو طلب ولي الدم المسلم الدية من اليهودي فله ذلك ، ولكن يسقط دية يد ذمّي لانه (لان ـ ظ) جناية الذمّي بعد السراية صارت نفسا فقصاص اليد منه وقع في غير محلّه (١) فله عوضها ، وهو دية يد الذمي ، ثمّ يأخذ تتمة دية المسلم الكاملة ، وفيه إشكال سيجي‌ء.

واعلم أنّه لا خصوصية له باليهودي ، فإنّه في المسلم أيضا كذلك ، بل لو ذكر قوله : «ولو طلب» بعد قوله : «في النفس» الذي قبيل هذا لكفى في فهم هذه المسألة.

ثم ان ظاهر هذا الكلام انّ للولي أخذ الدية عن الذمي وان لم يرض هو ، وما تقرّر ان مقتضى القتل العمد مطلقا هو القصاص ، ينافي هذا ، إلّا ان يكون الذمي خارجا عنه عنده هنا ، وهو بعيد.

ويمكن أنّه ترك اشتراطه برضا اليهودي للظهور والثبوت ، فإنّه قد تقرر أنّ أخذ الدية إنّما يكون في القتل العمد مع التراضي ، ولهذا ترك هذا القيد فيما بعده أيضا.

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة زاد بعد قوله : «في غير محله» : «فيسقط دية يد الذمي» ولم يذكر جملة : «فله عوضها وهو دية يد الذمي» ولعلّه الأصح.

٤٥٩

ولو اقتصّ الرّجل من يد المرأة ثم سرت جراحته فللولي القصاص ولو طلب الدية أخذ إلّا الرّبع.

ولو قطع يده ورجله فاقتصّ ثم سرت فللوليّ القصاص لا الدية لاستيفاء ما يقوم مقامها.

وفي الكلّ إشكال ينشأ من انّ للنفس دية والمستوفي وقع قصاصا.

______________________________________________________

في قوله : «ولو اقتص الرّجل إلخ» أي إذا قطعت المرأة يد رجل واقتصّ منها في يدها ، ثم سرت جنايتها عليه فمات بها فلوليه القصاص منها في النفس ، ولا ردّ هنا مثل اليهودي ، وأما إذا طلب الدية منها يأخذها مع التراضي ، ولكن بعد إسقاط دية يد المرأة ، وهي ربع دية الرّجل.

وجه هذه المسألة بعينه ما تقدم في مسألة اليهودي وفيها أيضا الإشكال الآتي.

قوله : «ولو قطع يده ورجله إلخ» إذا قطع شخص يد شخص ورجله قطعا موجبا للقصاص فاقتصّ له منه ثم سرت جناية المجني عليه حتّى مات ، فلولي الدم هنا القصاص فقط ، وليس له الدية فإنّه قد استوفى موجب دية تامّة فلا معنى لأخذ الدية ، والّا لزم أخذ الديتين لقتل نفس واحدة.

هكذا حكم المصنف في هذه المسائل أوّلا ، ثم قال : «وفي الكلّ إشكال» ينشأ من أنّ للنفس دية والذي استوفاه من الجاني من قطع اليد في الأوليين واليد والرجل في الأخيرة لمّا وقع قصاصا حيث وجد من الجاني مقتضاه وموجبه ، فلا عوض له لما ثبت من عدم العوض لما يؤخذ قصاصا ، بل لا يضمن سرايته أيضا فكيف نفسه.

هذا أحد طرفي الاشكال وقد تقدم الآخر.

٤٦٠