مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

ولو ادّعى المملوك اكراه مولاه صدق.

ولو لاط بصبيّ أو مجنون قتل ، وأدّب الصبيّ.

______________________________________________________

فعلى تقدير تحققه ، فالحدّ الواجب هنا قتل الفاعل والمفعول معا ان كانا بالغين عاقلين مختارين.

وما ذكر (العالمين) ، لانّ تحريمه ممّا علم من الدين ضرورة.

ويمكن سماع دعوى الجهل ممّن يمكن في حقه ذلك.

ويحتمل النسيان أيضا كذلك ، بل مطلقا لعموم (ادرءوا).

وعدمه لقبح ذلك وعدم فتح مثله ، فان فتح مثله يوجب فسادا كثيرا ، فتأمّل.

ولا فرق في الحكم بين حرّين وعبدين ، وبالتفريق ، ومسلمين وكافرين وبالتفريق ، محصنين وغيرهما كذلك.

قوله : «ولو ادّعى المملوك إلخ» دليل قبول دعوى الإكراه من العبد من مولاه ، الاحتياط في الحدود و (ادرءوا) والتخفيف وتسلّط المولى عليه ، الموجب لظن ذلك فيحدّ المولى دونه.

قوله : «ولو لاط بصبيّ إلخ» دليل قتل اللائط بالصبي والمجنون عموم دليل قتله.

ودليل عدم قتلهما ، عدم تكليفهما ، وتأديبهما لا صلاحهما وامتناعهما ورفع الفساد كما في سائر المحرّمات ، وما تقدم في الزنا من الروايات الدالة على انّ من زنى بصبيّة ، حدّ الزاني وأدّبت الصبيّة ، وضرب دون الحدّ (١).

وكذا من زنت بصبي حدّت وضرب الصبي دون الحدّ (٢).

ورواية أبي بكر الحضرمي ، قال : أتى أمير المؤمنين عليه السّلام برجل وامرأة

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٢.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٩ حديث ٤ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٣.

١٠١

ولو لاط مجنون بعاقل قتل العاقل وأدّب المجنون.

ويتخيّر الإمام في القتل بين ضربه بالسيف والتحريق ، والرجم والإلقاء من شاهق وإلقاء جدار عليه ، والجمع بين أحدها مع الإحراق.

وان لم يوقب جلدا مائة حرّين كانا أو عبدين (مسلمين ـ خ) أو كافرين ، محصنين أو غيرهما أو بالتفريق على رأي.

إلّا الذمّي إذا لاط بمسلم ، فإنه يقتل ، ولو لاط بمثله تخيّر الحاكم بين رفعه الى أهل نحلته وبين اقامة الحدّ بشرعنا.

ولو تكرر الجلد قتل في الرابعة أو الثالثة على خلاف.

______________________________________________________

قد لاط زوجها بابنها من غيره ونقبه (ثقبه ـ خ ل ئل) وشهد عليه بذلك الشهود ، فأمر به أمير المؤمنين عليه السّلام فضرب بالسيف حتى قتل وضرب الغلام دون الحدّ ، وقال : امّا لو كنت مدركا لقتلتك ، لإمكانك إيّاه من نفسك بنقبك (١) (بثقبك ـ خ ل ئل).

يفهم منه إطلاق اللواط على دون النقب ، والظاهر أنّه أعمّ من الغيبوبة وانه لو لم يمكن ، ما عليه شي‌ء ، وهو ظاهر ، فان المكره معذور بالعقل والنقل.

قوله : «ولو لاط مجنون بعاقل إلخ» دليل عدم قتل المجنون اللائط وتأديبه فقط وقتل المفعول العاقل ان كان بالغا مختارا ، يفهم ممّا مرّ.

وكذا تأديب المفعول أيضا ان لم يكن مشروطا بشرائط التكليف والقتل ويجي‌ء الخلاف في قتل المجنون الفاعل كما إذا زنى وهو ممنوع كالأصل لعدم التكليف ، فتأمّل.

قوله : «ويتخيّر الإمام إلخ» بيان كيفيّة قتل اللائط ، وهو القتل مطلقا

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب حدّ اللّواط ج ١٨ ص ٤١٨.

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على المشهور الّا انّ الامام مخيّر بين أقسامه المذكورة ، الضرب بالسيف ، والتحريق ، والرجم ، والإلقاء من شاهق جبل وغيره ، وإلقاء جدار عليه ، والجمع بين أحدها غير الخرق والحرق.

هذا مع الإيقاب ، لعل المراد به ، الدخول مطلقا ، ومع عدمه مثل التفخيذ والفاعل بين الأليتين حدّه ، جلد مائة.

ولا فرق في ذلك كلّه بين حرين وعبدين وبالتفريق ، وبين مسلمين وكافرين وبالتفريق ، محصنين وغيرهما وبالتفريق ، إلّا الذمي اللائط بمسلم ، فإنّه يقتل.

فالحكم بعدم التفريق شامل لهذا القسم أيضا الّا انّه لما كان حكمه غير ذلك استثناه.

ولعلّ وجهه دعوى الإجماع في الشرح وغيره ، وانّه لا بدّ من فرق بين المسلم والذمّي ، وانّه أهان الإسلام وأهله ، فلا بدّ من التغليظ وعموم دليل قتل اللائط.

ويحتمل ان يكون الحربي كذلك بالطريق الاولى ، وظاهر العبارة ، التخصيص بالذمي ، فتأمّل.

وقد مرّ دليل تخيير الامام بين اجراء حكم المسلمين عليه وبين ردّه الى أهل نحلته كما ان لاط بمثله.

وكذا مرّ دليل القتل في الثالثة أو الرابعة لو تكرّر اللّواط الموجب للحدّ وحدّ لانّه مثل الزنا الموجب للجلد ، فتذكر.

وامّا دليل القتل في الإيقاب على الوجه المذكور والمشهور ، فهو الروايات.

مثل حسنة مالك بن عطيّة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : بينا (بينما ـ خ ل ئل) أمير المؤمنين عليه السّلام في ملأ من أصحابه ، إذ أتاه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين إني أوقبت على غلام فطهرني ، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام : يا هذا امض إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك ، فلمّا كان من غد عاد إليه فقال : يا أمير

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

المؤمنين إني أوقبت على غلام فطهّرني ، فقال له : يا هذا امض إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك حتّى فعل ذلك ثلاثا بعد مرّته الاولى ، فلمّا كان في الرابعة ، قال له : يا هذا انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حكم في مثلك ثلاثة أحكام فاختر أيّهن شئت ، قال : وما هي (هن ـ خ ل) يا أمير المؤمنين؟ قال : ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت ، أو إهدارك (اهذاء ـ ئل) عن جبل مشدود اليدين والرجلين ، أو إحراق بالنار ، قال : فقال : يا أمير المؤمنين ، فأيهن أشدّ عليّ؟ قال : الإحراق بالنار ، قال : فقال : فاني قد اخترتها يا أمير المؤمنين ، قال له : خذ (لذلك ـ ئل) أهبتك ، فقال : نعم قال : فصلّى ركعتين ثم جلس في تشهد ، فقال : اللهم اني قد أتيت من الذنب ما قد علمته واني قد تخوّفت من ذلك فجئت (أتيت ـ خ ل ئل) إلى وصيّ رسولك وابن عم نبيّك وسألته ان يطهّرني فخيّرني بين ثلاثة أصناف من العذاب واني قد اخترت أشدّها (هن ـ خ ل) اللهم فإني أسألك أن تجعل ذلك كفارة لذنوبي وان لا تحرقني بنارك في آخرتي ثم قام وهو باك حتّى جلس (دخل ـ ئل) في الحفرة التي حفرها له أمير المؤمنين عليه السّلام وهو يرى النار تأجج (تتأجح ـ ئل) حوله ، قال : فبكى أمير المؤمنين عليه السّلام وبكى أصحابه جميعا فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام : قم يا هذا فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الأرض وانّ الله قد تاب عليك ، فقم ولا تعاودنّ شيئا ممّا قد فعلت (١).

ولا يذهب عليك ان ليس فيها ، الرجم ، ولا إلقاء جدار عليه ، ولا الحرق مع كلّ واحد من المذكورات.

نعم يوجد القتل بضرب العنق ثم الحرق في رواية عبد الرحمن العرزمي (٢)

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤٢٢.

(٢) العرزمي بالعين المهملة المفتوحة ، ثم الراء المهملة الساكنة ، ثم الزاي المعجمة المفتوحة ، ثم الميم

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

انّه اتى في زمان عمر برجل قد نكح في دبره فأمر أمير المؤمنين عليه السّلام بضرب عنقه وحرقه بعد ذلك (١).

وفي أخرى له : وجد رجل مع رجل في أمارته فهرب أحدهما ، واتى بالآخر أمر بضرب عنقه وحرّقه بعد ذلك (٢).

وليس فيها تصريح بقتل الفاعل ، وقد صرّح في رواية أبي بكر بقتله.

ويمكن فهم جواز الرجم باللائط الناقب المحصن من الزاني المحصن.

من (ومن ـ خ ل) صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : إن في كتاب علي عليه السّلام : إذا أخذ الرجل مع غلام في لحاف واحد مجرّدين ، ضرب الرجل وأدّب الغلام ، وان كان نقب وكان محصنا ـ أي الرجل ـ رجم (٣).

فيبقى جواز الرجم مطلقا ، من غير دليل.

ثم انّه ما نقل الخلاف ، في الحكم المذكور في الإيقاب.

وفي الروايات ما يدل على انّ حكمه حكم الزاني فيرجم مع الإحصان ، ويجلد مع عدمه ويمكن فهم الأوّل من صحيحة أبي بصير المتقدمة (٤) صريحا ، والثاني أيضا ضمنا ، فافهم.

وتدل عليه صحيحة حماد بن عثمان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام :

__________________

والياء نسبة الى جبانة عرزم بالكوفة نسب إليها بعض رواة العامّة ، أو إلى عرزم علم رجل من قبيلة فزارة (تنقيح المقال للمتتبع المامقاني) ج ١ ص ١٢٢.

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤٢٠ ، والحديث منقول بالمعنى فلاحظه.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤٢٠ منقول بالمعنى أيضا فلاحظ.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤٢١

(٤) تقدمت آنفا.

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

رجل أتى رجلا؟ قال : ان كان محصنا فعليه القتل (١) ، وان لم يكن محصنا فعليه الجلد ، قال : قلت : فما على المؤتى؟ قال : عليه القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن (٢).

هي صحيحة في الفقيه ، وان كان في طريق الكافي والتهذيب معلى بن محمّد والحسن بن علي (٣).

فقول شارح الشرائع : انّها ضعيفة ب «معلّى بن محمّد ، محلّ التأمل».

ورواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : المتلوط (الملوط ـ ئل) ، حدّه ، حدّ الزاني (٤).

ولا يضرّ وجود ابان (٥) ، والظاهر انّه ابن عثمان للتصريح باسم أبيه في مثل هذا السند بعينه بعد في باب السحق (٦).

فسقط قول شارح الشرائع : انّه مشترك بين الثقة وغيره فتأمّل.

ورواية العلاء بن الفضيل ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : حدّ اللوطي مثل حدّ الزاني.

وقال : ان كان قد أحصن رجم والّا جلد.

واعلم ان ليس في هذه الروايات ما ينافي المذهب المشهور في الحكم

__________________

(١) في الوسائل : عليه ان كان محصنا ، القتل.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤١٧.

(٣) طريقه في الكافي هكذا : الحسين بن محمّد ، عن معلى بن محمّد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤١٦.

(٥) سندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن زرارة.

(٦) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب حدّ السحق والقيادة ، ج ١٨ ص ٤٢٥.

١٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بالقتل مع الإيقاب ولهذا حملها في التهذيب على غير الإيقاب قال :

إذا كان الفعل دون الإيقاب يعتبر فيه الإحصان وغير الإحصان وقد فصل ذلك فيما رواه سليمان بن هلال ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يفعل بالرجل؟ قال : فقال : ان كان دون النقب (الثقب ـ ئل) فالحدّ وان كان نقب (ثقب ـ ئل) أقيم قائما ثم ضرب بالسيف أخذ السيف منه ما أخذ ، فقلت له : هو القتل؟ قال : هو ذاك (١).

لكنّها ضعيفة ، وأراد بالحدّ الجلد ، ويقال على الفعل دون الإيقاب مثل التفخيذ أو بين الأليين (الأليتين ـ خ) : اللواط.

وهو في رواية حذيفة بن منصور ـ الضعيفة ـ ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن اللواط فقال (قال ـ خ ل ئل) : بين الفخذين ، قال : وسألته عن الذي يوقب؟ قال : فذلك الكفر بما انزل الله على نبيّه صلّى الله عليه وآله (٢).

كأنّه باعتبار الاستحلال أو كناية عن كثرة عقابه كالكفر.

وبالجملة ما وجدت خبرا صحيحا صريحا على الحكم المشهور في الموقب ، بل على قتل الفاعل محصنا أو غير محصن أيضا ، ولكن الحكم مشهور ، بل قيل : لا خلاف فيه وان كان مقتضى بعض الاخبار ان حكم الناقب حكم الزاني ورجم المحصن وجلد غيره ، مثل صحيحة حماد ورواية زرارة والعلاء بن الفضيل وأبي بصير المتقدمات (٣).

وصحيحة ابن أبي عمير ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤١٦.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب النكاح المحرم ج ١٤ ص ٢٥٧.

(٣) راجع الوسائل باب ١ حديث ٤ ـ ٣١ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤١٦.

١٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام في الذي يوقب انّ عليه الرجم ان كان محصنا وعليه الجلد (الحد ـ خ ل) ان لم يكن محصنا (١).

وقد حملها الشيخ في التهذيب على التقيّة فقط كما حمل ما تقدم عليها تارة ، وعلى كون الفعل دون الإيقاب أخرى.

وامّا غير الموقب بل الذي فعل بين الأليتين والفخذين ، ففيه الخلاف ، والمشهور ما اختاره المصنف من وجوب الجلد مائة لأصل عدم الزيادة ، وان حكمه حكم الزاني الذي في القرآن ، بل يمكن إطلاقه عليه.

ولما تقدم في بعض الروايات مثل رواية سليمان : «ان كان دون النقب فالحد» (٢) والظاهر منه جلد مائة هنا.

وذهب جماعة الى انّ حكمه حكم الزاني ، فمع الإحصان الرجم ، ومع عدمه الجلد ، لما تقدم في بعض الروايات مثل رواية زرارة ، والعلاء ، وحماد (٣) جمعا بينها وبين ما دلّ على القتل مطلقا حيث حملت المجملات على الموقب ، والمفصّلات على غيره كما نقلناه عن التهذيب فيما تقدم.

وقد عرفت عدم المنافاة حتّى يجمع ، فانّ المجمل يحمل على المقيّد فيجعل الكلّ على (في خ) الموقب بالتفصيل برجم المحصن وجلد غيره الّا انّه قيل : لا خلاف في القتل مع الإيقاب محصنا كان أو غيره.

وقد يفهم من الشرح وجوب القتل مطلقا عند بعض ، قال : وظاهر كلام ابن بابويه وابن الجنيد وجوب القتل مطلقا قالا : امّا اللواط فهو بين الفخذين ، واما الدبر فهو الكفر بالله العظيم ، عملا برواية حذيفة ، المتقدمة.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٨ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤٢١.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤١٦.

(٣) تقدم آنفا.

١٠٨

ويثبت بالإقرار أربع مرّات من البالغ العاقل الحرّ المختار ، وبشهادة أربعة رجال بالمعاينة ، فلو أقرّ دون الأربع عزر ، ولو شهد دونها حدّوا للفرية ويحكم الحكم (الحاكم ـ خ) بعلمه.

والمجتمعان في إزار (لحاف ـ خ) واحد مجرّدين ولا رحم ، يعزران من ثلاثين إلى تسعة وتسعين ، فان فعل بهما ذلك مرّتين حدّا في الثالثة.

______________________________________________________

وقد عرفت انّها ضعيفة به وبغيره (١) ، وانّها غير صريحة في المطلوب ، وانّها محمولة على المستحل أو المبالغة ، والتشبيه في كثرة الذنب بالكفر.

فالخلاف في القتل في الرابعة أو الثالثة يكون على غير قولهم ، فإنّه عندهم القتل أول مرّة مطلقا ، وعند غيرهما (٢) في غير الموقب ، فانّ في الموقب يقتل مطلقا عندهم كما مرّ.

قوله : «ويثبت بالإقرار إلخ» الظاهر ان هذا الحكم وما يترتب عليه من عدم الحدّ إذا لم يكن الإقرار أربعة ، من الذي يصحّ إقراره ، ومن حدّ الشاهد إذا لم يكن بالشرائط ، سواء كان عددا أو غيره ، ممّا علم من الزنا.

فكأنّهم يجعلونه باعتبار الثبوت مثله بغير نزاع ، وكأنّه إجماع أو عليه دليل آخر غيره ، وما رأيته.

وأما التعزير بالإقرار أقل من اربع مرات بحيث أويس عن الإكمال وامتنع منه ، فكأنه لأنّه حرام ، فإنّه تشييع فاحشة وليس له حدّ فيلزم التعزير للكلية التي تقدمت.

والظاهر انّ الإقرار في الزنا أيضا كذلك ، فتأمّل.

وحكم الحاكم بعلمه من غير حاجة الى البيّنة والإقرار ، كما مرّ في غيره.

قوله : «والمجتمعان في إزار (لحاف ـ خ) إلخ» يعني إذا اجتمع الرجلان

__________________

(١) سندها كما في التهذيب هكذا : سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمّد بن سنان عن حذيفة بن منصور.

(٢) يعني غير ابن بابويه وابن الجنيد.

١٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ويحتمل المرأتان ، والرجل والمرأة أيضا ـ مجردتان (١) لا حائل لعورة واحد عن الآخر ولا يكون أحدهما رحما للآخر.

ظاهره أعمّ من أن يكون ممن يجوز نكاحه على تقدير المخالفة أم لا ، فالمراد القرابة المعروفة.

وسبب التقييد غير ظاهر ، فإنّ أكثر الأدلة أعمّ ، والفحش في القرابة آكد الّا ان يحمل على عدم وقوع ذلك من الرحم بالنسبة إلى الآخر غالبا ألا ترى انّ الأخ لا ينظر إلى أخته (أخيه ـ خ ل) نظر الشهوة قط ، وكذا الوالد الى ولده وان كان أحسن من الخلائق ولم يكن الأخ والأب مقيّدين بالشرع.

وحينئذ ان كان بينهما رحم يحمل على وقوعهما مجردين هكذا اتفاقا وعدم وقوع شي‌ء يوجب الحدّ بينهما لبعدهما عن ذلك الّا ان يعلم ذلك ، فلا فرق ، بل يمكن أن يكون تعزيرهما أشدّ وأغلظ ، وهو موكول إلى رأي الحاكم.

ويمكن أن يكون التقييد لما في بعض الروايات وسيجي‌ء.

وينبغي التقييد بعدم الضرورة أيضا ، للعقل والنقل الذي سيجي‌ء.

ويجب على الحاكم تعزيرهما ، وقد عيّن طريق التعزير بأن أقلّه ثلاثون سوطا ، وأكثره تسعة وتسعون.

فان عزّرا مرّتين حدّا في الثالثة كمال حدّ الزنا ثم القتل بعد الثالثة أو الرابعة على الاحتمال.

وامّا الدليل على انّه الأقلّ فرواية سليمان بن هلال ، قال : سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله عليه السّلام ، فقال : جعلت فداك ، الرجل ينام مع الرجل في

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها والصواب مجردان كما لا يخفى.

١١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

لحاف واحد ، فقال : أذو (ذوا محرم ـ ئل) محرم؟ قال : لا ، فقال : (أ) من ضرورة؟ قال : لا ، قال : يضربان ثلاثين سوطا ثلاثين سوطا ، قال : فإنّه فعل ، قال : ان كان دون النقب (الثقب ـ ئل) فالحدّ ، وان هو نقب (ثقب ـ ئل) أقيم قائما ثم ضرب ضربة بالسيف أخذ السيف منه ما أخذه ، قال : قلت له : فهو القتل؟ قال : هو ذاك ، قلت : فامرأة نامت مع امرأة في لحاف (واحد ـ خ)؟ فقال : أذات محرم (ذواتا محرم ـ ئل)؟ قلت : لا ، قال : (أ) من ضرورة؟ قلت : لا ، قال : تضربان ثلاثين سوطا ثلاثين سوطا ، قلت : فإنّها فعلت قال : فشق ذلك عليه ، فقال : أف ، أف ، أف ، (ثلاثا ـ ئل) ، وقال : الحدّ (١).

هذه ضعيفة لسليمان وغيره (٢).

وامّا عدم كونه فوق تسعة وتسعين ، فتدلّ عليه رواية سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد؟ قال : يجلدان مائة مائة غير سوط (٣) وهذه أيضا ضعيفة ب «مفضل بن صالح» (٤).

ورواية ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجلين يوجدان في لحاف واحد؟ فقال : يجلدان حدّا غير سوط واحد (٥).

لعلّها صحيحة ، ولا يضرّ القطع الى يونس (٦) ، فانّ الظاهر انّه ابن

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٧.

(٢) فان سندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن سليمان بن هلال إلخ ولعل نظره قدّس سرّه من قوله قدس سرّه : (وغيره) هو القاسم بن سليمان ، والإرسال.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث مثل حديث ٣ بالسند الثاني ج ١٨ ص ٣٦٤.

(٤) سندها كما في التهذيب هكذا : يونس عن مفضل بن صالح عن زيد الشحام وسماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٥) الوسائل باب ١٠ حديث ١٨ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٧.

(٦) فان سندها هكذا : يونس ، عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام.

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

عبد الرحمن ، وقالوا : الطريق اليه صحيح (١) ، وان كان فيه محمّد بن عيسى عن يونس ، فتأمّل.

وصحيحة أبان بن عثمان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام ان عليّا عليه السّلام وجد امرأة مع رجل في لحاف واحد فضرب (فجلد ـ ئل) كل واحد منهما مائة سوط غير سوط (٢).

ولا يضرّ القطع (٣) بيونس (٤) لما مرّ ، ولا ابان لما مرّ غير مرّة.

وفيها دلالة على حكم الحاكم بعلمه من غير إقرار وإشهاد.

وانّ المرأة والرجل كالرجلين والمرأتين كما مرّ في رواية سماعة.

ومثلها صحيحة حريز عنه عليه السّلام الا انه قال : الا (سوطا) بدل (غير سوط) (٥).

والظاهر عدم الفرق بين المرأة والرجل ، والرجلين ، والمرأتين فوجد الصحيح في تعيين الطرف الأعلى (٦).

__________________

(١) في مشيخة التهذيب والاستبصار هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب عن يونس بن عبد الرحمن فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله والحميري ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرّار وصالح بن السندي عن يونس.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٧.

(٣) سندها كما في التهذيب هكذا : يونس عن ابان بن عثمان إلخ وليس المراد بالقطع في الموضعين القطع الاصطلاحي أعني عدم ذكر المعصوم عليه السّلام بل القطع في أول السند ولذا قال قدّس سرّه : ولا يضرّ الى يونس.

(٤) الصواب الى يونس كما مرّ.

(٥) الوسائل باب ١٠ حديث ٢٠ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٧.

(٦) يعني في اجتماعهما صور ثلاثة ١ ـ اجتماع الرجل والمرأة ٢ ـ اجتماع الرجلين ٣ ـ اجتماع المرأتين والأولى أعلاها لحرمتها بتا وجزما لاحتمال عدمها في الأخيرتين وقد وجد في الأولى التي هي الأعلى خبر صحيح وهو صحيح ابان وصحيح حريز فالقول بضعف الاخبار في الطرفين محلّ التأمّل والله العالم.

١١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فقول شارح الشرائع : والاخبار في الطرفين ضعيفة ، محلّ التأمّل.

وتدلّ أخبار معتبرة على الحدّ ، والظاهر منه ، الحدّ التام ، وحملها الشيخ على التعزير دون الحدّ التام للجمع.

وهي صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : حدّ الجلد ان يوجدا في لحاف واحد والرجلان يجلدان إذا أخذ (وجدا ـ ئل) في لحاف واحد الحدّ ، والمرأتان تجلدان إذا أخذتا في لحاف واحد الحدّ (١).

وصحيحة عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام يقول : سمعته يقول : حدّ الجلد في الزنا ان يوجدا في لحاف واحد (٢).

وصحيحته أيضا عنه عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : حدّ الجلد في الزنا ان يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان في لحاف واحد (٣).

وحسنة عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : كان عليّ عليه السّلام إذا أخذ (وجد ـ ئل) الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ ، وإذا أخذ المرأتين في لحاف واحد ضربهما الحدّ (٤).

وصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : إذا شهد الشهود على الزاني انّه قد جلس منها مجلس الرجل من امرأته أقيم عليها الحدّ (٥).

وامّا رواية عبد الرحمن الحذّاء ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول :

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٢٢ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٨.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٢٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٨.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٦ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٥.

(٥) الوسائل باب ١٠ حديث ١٣ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٦.

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد جلدا مائة جلدة (١) (مائة مائة ـ يب).

وعبد الرحمن هذا غير ظاهر التوثيق.

ونحوها ممّا يدل بالمائة صريحا رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن امرأة وجدت مع رجل في ثوب ، قال : يجلدان مائة جلدة ولا يجب الرجم حتى تقوم البيّنة الأربعة بأنهم (بأن قد رأوا ـ خ) قد رأوه يجامعها (٢).

وقريب منها رواية الكناني (٣).

ورواية سلمة ، عن أبي عبد الله عن أبيه ان عليا عليهم السّلام ، قال : إذا وجد الرجل مع المرأة في لحاف واحد جلد كل واحد منهما مائة (٤) (جلدة ـ يب).

فمع عدم اعتبار سند شي‌ء منها حملها في التهذيب على فعل الزنا ، أو اللواط ، أو السحق مع كونهما في لحاف واحد وعلم الامام بذلك وحينئذ يقام عليهما الحدّ كاملا ومطلقا.

ولا يثبت الرجم إلّا بالبيّنة حيث تضمنه خبر أبي بصير والكناني (٥) وأيّده برواية الحسين بن خالد المتقدمة (٦) في حكم الحاكم بعلمه.

واما رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام :

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٤.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٨ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٥.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١٠ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٥.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٢٤ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٨.

(٥) راجع الوسائل باب ١٠ حديث ٨ ـ ١٠ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٥.

(٦) راجع الوسائل باب ٣٢ حديث ٣ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٤٤.

١١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد وقامت بذلك عليهما البيّنة ولم يطلع منهما على سوى ذلك جلد كلّ واحد منهما مائة جلدة (١).

وكذا رواية سماعة بن مهران ، قال : سألته عن المرأتين توجدان في لحاف واحد قال : تجلد كل واحدة منهما مائة جلدة (٢).

فحمله على أن يكون الامام قد زبرهما (زجرهما ـ خ) وادّبهما بالكون في اللحاف مجردتين ثم وجدهما عادا الى مثل ذلك الفعل ، فحينئذ جاز له اقامة الحدّ تامّا وقال : هذا الوجه يحتمله الأخبار الأول أيضا ويمكن العكس أيضا.

وأيّده برواية عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، قال : لا ينبغي لامرأتين تناما في لحاف واحد الّا وبينهما حاجز ، فان فعلتا نهيتا عن ذلك فان وجدهما بعد النهي في لحاف جلدتا ، كلّ واحدة منهما حدّا حدّا ، فان وجدتا الثالثة في لحاف حدّتا ، فان وجدتا الرابعة قتلتا (٣).

والحمل لا يخلو من بعد مع ما في سند المؤيّدة ، فانّ عبد الرحمن مجهول وأبا خديجة ضعيف وكأنّها دليل الحدّ التام في الثالثة بعد التعزير مرّتين فتأمّل فإنّ استخراجه منها أيضا ، يحتاج إلى التأمّل ، وما رأيت غيرها ، فتأمّل.

ثم اعلم أنّ ظاهر الاخبار انّه لا بد من الحدّ التام بمجرد وجود الرجلين والمرأتين أو الرجل والمرأة في اللحاف مجردين كما مرّ.

ومثل صحيحة أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد فأتت عليهما البيّنة ولم يطلع منهما

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٥.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب حدّ السحق ج ١٨ ص ٤٢٦.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب حدّ السحق ج ١٨ ص ٤٢٥ والمذكور في النسخ كما أثبتنا ولكن ما في الكافي والتهذيب والوسائل غير هذه العبارة فراجع.

١١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

على سوى ذلك جلد كل واحد منهما مائة جلدة (١).

وحسنة أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : كان عليّ عليه السّلام إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجرّدين جلدهما حدّ الزاني مائة جلدة كلّ واحد منهما ، وكذا المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجردتين جلد (جلدهما ـ خ ئل) كلّ واحدة منهما مائة جلدة (٢).

وكونهما في لحاف واحد مثل الزنا والإيلاج ، بعيد.

ويبعد كون وجدانهما في لحاف واحد مجرّدتين ، موجبا للحدّ التام.

وفعل الرجل بالمرأة الأجنبيّة دون الإيلاج حتى التفخيذ ، بل إدخال بعض الحشفة لا يكون كذلك ، وهو ظاهر.

ولكن ما يثبت (ثبت ـ خ ل) أيضا فيما سبق انّه لا بدّ في الحدّ التام مطلقا ثبوت الزنا الحقيقي مثل الميل في المكحلة.

نعم هو مشهور وقد يكون إجماعيّا وكأنّ بعض الاخبار (٣) قد دل على انه لا بدّ منه في الذي يوجب الرجم بالبيّنة وفي الإقرار أيضا.

فيمكن الفرق بين الرجم وغيره بأنّ الإيلاج لا بدّ في الأوّل لا غير ، وبين ما يثبت بالبيّنة والإقرار وبعلم الحاكم ، فيشترط في الأوّل ذلك لا غير.

ولكن القول غير معلوم الّا ما تقدم من قول الشيخ ، وهو لا يخلو عن بعد.

وانّ الفرق بين الزنا بالإيلاج بغيبوبة الحشفة ، وبعدم الإيلاج والوجود في لحاف واحد بإسقاط سوط واحد كما دلّ عليه بعض الاخبار والعبارات ، بعيد.

وحمل الأخبار الدالّة على الحدّ عليه ـ مع تبادر كونه حدّا تامّا ـ كما ترى.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٩ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٥.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٦٦.

(٣) الظاهر كونه إشارة إلى رواية أبي بصير المتقدمة فراجع الوسائل باب ١٠ حديث ٨ ج ١٨ ص ٣٦٥.

١١٦

ويعزر من قبّل غلاما أجنبيا بشهوة.

______________________________________________________

فينبغي العمل بالاحتياط التام في الحدود خصوصا القتل ل «ادرأوا» (١) وبناء الحدّ على التخفيف مهما أمكن ، فتأمّل.

قوله : «ويعزّر من قبّل غلاما إلخ» الظاهر أنّ تقبيل الرجل البالغ العاقل والمرأة كذلك ، الغلام بشهوة ، حرام أجنبيّا كان أم لا.

فكأنّ التقييد بالأجنبيّ لبيان ان لا يكون تقبيل غير الأجنبيّ بشهوة ، إذ لا يبعد حمله على الذي لا يصح نكاحه شرعا ، والشهوة حينئذ لا شك في بعدها ، بل في مطلق الأقارب لا يبعد ذلك ، ولو فرضت الشهوة بينهما والتقبيل بها فالظاهر وجود الحكم ، بل أغلظ ، فإنه أقبح.

ويحتمل ان يكون الحكم في الغلامين الغير البالغين كذلك ويكون التأديب أقلّ.

والظاهر أنّ تقبيل الرجل والمرأة ، الصبيّة بشهوة ، كذلك ، وانّ هذا التعزير كسائر التعزيرات ، ينوط (منوط ـ خ) برأي الحاكم.

ودليل وجوب التعزير هو ما تقرّر عندهم من وجوبه في كلّ كبيرة ، ولعلّ التقبيل كبيرة.

وخصوص الروايات من طرق العامّة والخاصّة ، مثل ما روي : من قبّل غلاما لعنته ملائكة السماوات وملائكة الأرضين ، وملائكة الغضب وأعدّ له جهنّم وساءت مصيرا (٢)

وفي حديث آخر من قبّل غلاما بشهوة ألجمه الله بلجام من نار (٣).

وروى إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : محرم قبّل

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٣٦.

(٢) فقه الرضا (ع) : باب ٤٤ الزنا واللواطة ص ٢٧٨.

(٣) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب النكاح المحرّم ج ١٤ ص ٢٥٧.

١١٧

والتوبة قبل البينة تسقط الحدّ ، لا بعدها.

______________________________________________________

غلاما من شهوة؟ قال : يضرب مائة سوط (١).

لعلّ تخصيص المحرم لزيادة العقوبة ، ولهذا ضرب مقدار الحدّ ، وهو خلاف المشهور فانّ المشهور عدم بلوغ التعزير ، الحدّ.

قوله : «والتوبة قبل البيّنة إلخ» كون التوبة على اللواط قبل البيّنة مسقطا للحدّ ـ بحيث لا يجوز حدّه أصلا ، وعدمه بعدها وقبل الإقرار كذلك وتخيير الامام بين الإقامة والعفو إذا تاب بعده ـ هو المشهور مثل التوبة عن الزنا.

ويحتمل ، بل الظاهر أنّ المراد مطلق التوبة عن الزنا واللواط الموجبين للحدّ وما يتبعهما من النوم في لحاف واحد مجرّدين والتقبيل فيسقط التعزير أيضا بالتوبة إن تاب قبل الإثبات بالبيّنة.

وكذا بعد الإقرار وقبله ، يكون الامام مخيّرا بين العفو وبين الحدّ والتعزير لان التعزير أيضا يقال له : الحدّ.

ويحتمل اختصاصه بالحدّ فقط ، فتأمّل.

وامّا دليله فما رأيت هذا التفصيل في خبر ، نعم مرّ في حديث جميل عن أحدهما عليهما السّلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتّى تاب وصلح؟ فقال : إذا صلح وعرفت منه أمر جميل لم يقم عليه الحدّ (٢).

والنهي ظاهر في التحريم وعدم جواز الحدّ بعد ذلك.

ولكن ظاهرها أعمّ من الثبوت بالبيّنة وغيرها وان كان ظاهره في غير الإقرار.

كأنّهم حملوها على كون التوبة قبل الثبوت ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب حدّ اللواط ج ١٨ ص ٤٢٢.

(٢) الوسائل باب ١٦ صدر حديث ٣ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٢٧.

١١٨

وبعد الإقرار يتخيّر الامام.

______________________________________________________

وتدل على سقوطه بالتوبة مع الثبوت بالبيّنة رواية أبي بصير المتقدمة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل أقيمت عليه البيّنة بأنّه زنى ثم هرب قبل ان يضرب؟ قال : إن تاب فما عليه شي‌ء ، الخبر (١).

لعلّ المراد إن تاب قبل الثبوت بالبيّنة كما تقدّم ، وامّا حال الإقرار ، فما علم له دليل ، وكأنّه إجماعيّ أو ما أعرفه.

ويمكن ان يقال : لما كان الثبوت بقوله وقد تاب ورجع ، فصار التخيير الى الامام في أخذه بالأوّل أو بالثاني.

ويمكن ترجيح العفو لانّه حسن ، ولبناء الحدّ على التخفيف ول «ادرأوا» (٢) ولانّه حق الله تعالى ، ولما مرّ في الحديث من انّه إذا هرب بعد الإقرار لا يرد (٣) فلولا خوف خرق الإجماع لأمكن القول بالسقوط هنا حتما ، بل في الثبوت بالبيّنة أيضا.

ويؤيّد السقوط بالتوبة أنّها تسقط الذنب والعقوبة في الآخرة ففي الدنيا بالطريق الأولى.

وهذا يفيد السقوط على تقدير وقوع التوبة بعد الإثبات بالبيّنة أيضا الّا انّ الظاهر انّه ما ذهب بالإسقاط بعدها حتما احد.

نعم نقل التخيير حينئذ أيضا ـ كما مرّ في الإقرار ـ عن الشيخ المفيد وأبي الصلاح ومستندهما غير ظاهر.

ومستند عدم السقوط هو الثبوت شرعا فلا يسقط الّا بمسقط شرعيّ ولم يعلم انّ التوبة مسقطة للعقوبات الدنيويّة ، والطريق الاولى غير مسلّمة بل المساواة أيضا ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ قطعة من حديث ٤ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٣٢٨ وتمامه : وان وقع في يد الإمام أقام عليه الحدّ وان علم مكانه بعث إليه.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من أبواب مقدّمات الحدود ج ١٨ ص ٤٣٦.

(٣) راجع الوسائل باب ١٥ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٧٦.

١١٩

المقصد الثالث

في السحق والقيادة

تجلد المساحقة البالغة العاقلة مائة جلدة ، حرّة كانت أو أمة ، مسلمة أو كافرة ، فاعلة أو مفعولة ، محصنة أو غيرها على رأي.

______________________________________________________

قوله : «تجلد المساحقة إلخ» اشتراط البلوغ والعقل في حدّ المساحقة ، يظهر ممّا تقدم.

وكونه مائة جلدة وتعميمه بحيث يشمل مسحق (المسلمة ـ خ) الكافرة ، الفاعلة والمفعولة ، المحصنة وغير المحصنة ـ كما هو المشهور والتعميم بالفاعليّة والمفعوليّة ـ غير مناسب فافهم.

ويفهم من حسنة محمّد بن أبي حمزة وهشام وحفص ، عن أبي عبد الله عليه السّلام انّه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق؟ فقال : حدّها حدّ الزاني فقالت المرأة : ما ذكر الله عزّ وجلّ في القرآن؟ فقال : بلى ، قالت : اين (هنّ ـ ئل)؟ قال : هنّ أصحاب الرسّ (١).

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب حدّ السحق ج ١٨ ص ٤٢٤.

١٢٠