مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

يضمن ما يتلفه بعلاجه.

وهذه تدلّ على الإجماع ، وكأنّه ما التفت الى خلاف ابن إدريس ، وكذا نقل عن ابن زهرة.

ولا يخفى ما فيه إذ شغل الذمة غير معلوم الثبوت ، فالأصل ، باق والاذن لمّا كان في العلاج بمعنى أنّه يفعل ما يعلم في ذلك المرض ولا يكون عليه بشي‌ء إلّا أنّه يعالج في نفس الأمر ، وهو ظاهر ، فهو مستلزم للاذن بمعنى أنّه لو ترتب عليه تلف يكون بإذنه فلا يضمن ، فإن الإذن لذلك ، لا لعلاج النفس الأمري وهو ظاهر.

وقوله : لا منافاة بين الجواز والضمان نعم ، ولكنّ الأصل عدمه حتى يثبت بالدليل وهو غير ظاهر ، فان ثبت في الضارب فهو وإلّا هناك أيضا غير مسلّم ، وكذا الختان ، فإن الراوي السكوني وحاله معلوم.

نعم ان ثبت الإجماع فهو الحجة ، وإلّا فالحق مع ابن إدريس ، والإجماع مما قد عرفت ما فيه.

ثم على تقدير الضمان هل يبرأ بالإبراء قبل العلاج أم لا؟ فيه خلاف ، قيل : نعم.

لرواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : من تطبّب أو تبيطر فيأخذ (فليأخذ ـ ئل) البراءة من وليه وإلّا فهو ضامن (١) ولأنّ العلاج مما يمسّ به الحاجة فلو لم يشرع الإبراء تعذر العلاج.

وقيل : لا يبرأ لأنّه إسقاط الحق قبل ثبوته ، وقد عرفت انّ من جملة أدلّة الضمان هذه فهي على تقدير حجيّتها تكون حجة للسقوط بالبراءة.

ولا بعد في سقوط الحق بمعنى عدم ثبوته في الذمة بالإبراء فيكون المراد

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ من أبواب موجبات الضمان الرواية ١.

٣٨١

الأوّل : في سببه

وهو إمّا مباشرة كالذّبح والخنق وسقي السّم والضرب بالسيف والسّكين والحجر الغامز والجرح في المقتل ولو بغرز (بغرزه ـ خ ل) الإبرة.

وإمّا تسبيب كالرّمي بالسهم والحجر والخنق بالحبل حتّى يموت أو الضرب بالعصا مكرّرا ما لا يحتمله (ما لا يحتمل ـ خ ل) مثله ، أو يحتمله لكن أعقبه مرضا ومات به.

أو الحبس عن الطعام والشراب مدة لا يصبر مثله.

أو طرحه في النار فاحترق وان قدر على الخروج ، إلّا مع العلم بالتّخاذل.

أو سرت جراحته وان ترك التداوي تخاذلا ، أو فصده فلم ينقطع الدّم حتّى مات إلّا ان يترك شدّه الموجب للقطع ، أو رمى به (رماه ـ خ ل) في الماء ولم يمكنه الخروج ، إلّا أن يمسك نفسه تحته مع القدرة على الخروج ، أو أوقع نفسه أو غيره على انسان قصدا فمات ولو كان الوقوع لا يقتل مثله غالبا فشبيه عمد ، أو أقرّ أنّه قتله بسحره.

______________________________________________________

بالبراءة المعنى المجازي ، أو يكون ساقطا على تقدير ثبوته ، ولا بعد في ذلك بعد الدليل فقد يكون من الولي باعتبار الأوّل إليه وقد يكون من المعالج بان يكون إتلاف عضو ، فتأمّل.

قوله : «الأوّل في سببه إلخ». أي سبب القتل عمدا ، الأولى ، ان يجعل البحث في سبب القصاص كما في غيره ، وهو إمّا بالمباشرة ، أي قد يحصل القتل عمدا ، بأن باشر القاتل قتل المقتول بأن يترتب على فعله بغير واسطة فعل آخر

٣٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

كالذّبح والخنق بيده وسقي السم والضرب بالسيف والسكين والحجر الغامز ـ أي القاطع ـ بان يكون في يده حين الضرب ، لا أن يرمى به ، والجرح في المقتل ، ولو كان مما لا يقتل غالبا كغرز إبرة بل الجرح القاتل أيّ موضع بقصد القتل أو بقصد الفعل على الخلاف الذي تقدم.

وإمّا بالتسبيب وهو الذي يترتب القتل على فعله بواسطة مثل رمي شخص بيده على إنسان (إنسانا ـ خ ل) بسهم فوصل اليه السهم فجرح به ومات (فمات ـ خ ل) بذلك الجرح وكذا رمي الحجر والخنق بحبل حتّى يموت فإن الموت بالأثر الحاصل من الحبل والحجر والسهم الذي حصل من الرامي والخانق ، فتأمّل.

وكذا الضرب بالعصا مكرّرا ضربا لا يحتمل هذا الضرب مثل هذا المضروب فيموت في الحال أو ضربا يحتمله ولا يموت به في الحال ، ولكن حصل منه مرض فمات به.

وفيه تأمّل أيضا إذ الظاهر عدم الفرق بينه وبين الضرب بالسيف في كونه مباشرا ولا بين التكرير وعدمه ، ولا بين ما يحتمله أم لا ، وإن وجد بينها الفرق من جهة أخرى.

إلّا أن يريد المباشرة التي توجب القصاص ، وذلك أيضا غير صحيح ، وهو ظاهر فهو مثل حبسه ومنعه من أكل وشرب الماء حتّى مات.

وهنا أيضا قيد (مدّة لا يصبر مثله فيها) محلّ التأمّل.

ومثل طرحه في النار فيقتله بالحرق وإن كان الملقى قادرا على الخروج من النار بحسب الظاهر ولم يخرج ، فإنّ السبب لقتل العمد هنا هو الملقى.

نعم إن علم بالتحقيق أنّ الملقى كان قادرا على الخروج وترك ذلك باختياره ولم يخرج يحتمل أن يكون هو أيضا سببا بل سببا مقدّما على ذلك السبب فلم يكن هذا موجبا للقصاص ولم يستند إليه القتل العمد الموجب له ، فتأمّل.

٣٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثل سراية جراحته وان ترك المجروح التداوي مخاذلا وعمدا من غير سبب.

ومثل ان فصد شخصا ولم ينقطع دمه حتّى مات ، فإنّ سبب مجي‌ء الدّم الموجب للقتل هو الفصّاد ، إلّا ان يترك المفصود شدّ محل فصده الموجب لقطع الدم باختياره وقدرته ، فإنّه حينئذ يكون هو السبب لا الفصّاد.

وفيه أيضا تأمّل فإنّه السبب وان قصر المفصود أيضا في ترك الشدّ.

ثم أنّه يحتمل عدم شي‌ء مع ذلك عليه ان كان باذنه وكذا اذن الولي مع المصلحة التي اقتضاها الطبّ وقول الحذّاق منهم ، إذ السبب القوي هو الطبيب لا الفصّاد ، فيحتمل ضمانه ، كما قيل ذلك في العلاج ، فإنّه علاج ، وقد مرّ ما في الضمان في العلاج أيضا ، فتأمّل وتذكّر.

وكذا لو رمى شخصا في الماء ولم يمكنه الخروج منه ومات فيه فإنّه السبب القويّ فعليه الضمان ، إلّا ان يمسك المرمى نفسه تحت الماء مع القدرة على الخروج حتّى مات فيكون هو سببا أقرب فلم يكن ضمانه على الرامي.

ويحتمل ان لو قبض نفسه في الماء حتّى مات ، يكون كذلك ، ولم يحتجّ الى كونه تحت الماء ، فيحتمل أن يكون ذلك مرادا (في الماء) ، فلو كان ذلك (١) بقوله (تحت الماء) لكان أظهر.

وفيه ما مرّ في ترك شدّ محلّ الفصد.

وكذا لو رمى نفسه أو غيره على انسان وقصد الوقوع و (فلو ـ خ) كان (في ـ خ) ذلك ممّا يقتل غالبا أو قصد القتل فمات بذلك.

ولو كان الوقوع ممّا لا يقتل مثله غالبا ولكن اتّفق ذلك اتفاقا ، لم يكن

__________________

(١) إشارة إلى قول المصنف رحمه الله في المتن يعني فلو كان ذلك مرادا بقوله إلخ.

٣٨٤

ولو قدّم اليه طعاما مسموما فأكله عالما فلا قصاص ولا دية ، وان جهل فالقود.

ولو جعل السّم في طعام صاحب المنزل فأكله ، قال الشيخ : عليه القود.

______________________________________________________

هذا عمدا بل يصير حينئذ شبيه عمد.

وكذا من السبب القتل بالسحر فلو أقرّ من فيه شرائط قبول الإقرار به الزم به فصار قاتلا عمدا ، بالسبب لا بالمباشر.

ظاهر هذا أعمّ من ان يكون للسحر حقيقة أم لا ، لأنّ إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، مع جواز القتل بعمله خوفا أو نحو ذلك وإن لم يكن للسحر حقيقة ، فتأمّل.

قوله : «ولو قدّم إليه طعاما إلخ». أي لو قدّم شخص الى غيره طعاما مسموما فأكله ذلك الغير عالما بالسّم وكونه قاتلا ، لا شي‌ء على المقدّم من القصاص والدّية لأنّه السبب القوي بل المباشر ، فهو القاتل لنفسه لا غير ، وإن جهل أحدهما يكون المقدّم قاتل عمد فعليه القصاص مع علمه بهما ، والدية عليه مع جهله بأحدهما.

قوله : «ولو جعل السّم إلخ». لو جعل شخص سمّا في طعام صاحب المنزل فأكله ، قال الشيخ : عليه القصاص فإنه قتل نفسا بالتسبيب وهو موجب للقصاص.

وقيل : بالدّية ، لأنّه أكل بنفسه طعام نفسه فلا يلزم على الغير ، إذ صدق القاتل عمدا عليه غير ظاهر ، ولكن لمّا صار سببا للقتل في الجملة ـ ولا بدّ لدم امرئ مسلم من شي‌ء ، ولمّا لم يلزم القود للشك في كونه قاتلا ـ لزم الدّية.

ويحتمل عدم شي‌ء أصلا ، لأنّه ما فعل إلّا إلقاء السّم وهو غير قاتل ، ولا

٣٨٥

ولو حفر بئرا في طريق ودعا غيره مع الجهل فوقع فمات ، قتل (به ـ خ).

______________________________________________________

سبب موجب ، لعدم الإلجاء.

وهذا ضعيف.

وينبغي التفصيل وهو أنّه ان كان الملقى عالما بأنّه سم قاتل وأكل الآكل جاهلا بذلك فعليه القصاص ، لأنّه تعمّد القتل أو ما يؤول إليه غالبا لأنّ إلقاءه مع عدم مانع أكله بمنزلة فعل السبب ، ولأنّه لو لم يكن مثل هذا موجبا للزم منه وجود قتل كثير مع عدم القصاص يلزم عدم القود في مقدّم الطعام المسموم أيضا إذ لا إلجاء هنا أيضا كذلك ، وكذا في أمثال ذلك وهو ظاهر ، وفتح للفساد والقتل الكثير وهو مناف لحكمة شرع القصاص ، فتأمّل.

وإن أكل عالما لا شي‌ء عليه وأنّ (١) الآكل هو القاتل نفسه لا غير.

وإن فعل جاهلا فعليه الدية لعدم قصد القتل ولا إلى موجبه التامّ ولو نادرا فلا يكون عامدا مع ثبوت عدم إبطال دم امرئ ، وعدم اعتبار القصد والعمد في الدّية ، فتأمّل.

ثم اعلم أنّه لم يظهر فرق بين طعامه أو طعام غيره ، فتأمّل.

قوله : «ولو حفر بئرا إلخ». لو حفر شخص بئرا في طريق فدعا غيره الجاهل بذلك الى ذلك الطريق فوقع فيه فمات ، قتل به.

وجهه ظاهر ولا فرق بين إن قصد بالحفر إلقاءه فيه أم لا.

نعم إن كان هو عالما فأوقع نفسه فيه لم يلزم الحافر شي‌ء ، وهو ظاهر.

ولكن يرد على أمثاله شي‌ء وهو أنّ الموجب للقصاص هو قتل العمد المحض وهو قصد القتل أو الفعل القاتل غالبا وتحققهما في كلّ ما أوجبوا فيه القصاص محلّ

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب لانّ الآكل إلخ.

٣٨٦

ولو داوى جرحه بسم (بسمّي ـ خ ل) مجهز فعلى الجارح قصاص الجرح خاصّة ، وان كان غير مجهّز والغالب التلف أو السلامة فعليه نصف (دية ـ خ) النفس ، ولو ألقاه إلى الحوت فالتقمه فالقود.

ولو ألقاه إلى البحر فالتقمه الحوت قبل الوصول ففي القود نظر ،

______________________________________________________

التأمّل ، فتأمّل.

قوله : «ولو داوى جرحه ، إلخ». لو جرح شخص آخر جرحا غير قاتل وداوى المجروح نفسه بدواء ذي سم قاتل فمات فعلى الجارح قصاص الجرح إن كان ممّا يقتصّ وإلّا أرش الجرح ، لأنّه ما جنى الجاني إلّا الجرح ، وإنّما قتله المداوي بالسّم فليس عليه إلّا أرش جنايته ، وهو ظاهر فهو مثل إن جرحه شخص وقتله آخر فعلى الجارح مقتضى جرحه وعلى القاتل القتل.

وإن داواه بسم غير قاتل يقينا فمات لا يقتل الجارح سواء كان قاتلا غالبا أم لا فعلى الجارح نصف الدّية فإنّه مات بالتداوي والجرح.

قوله : «ولو ألقاه إلخ». إذا ألقى شخص آخر الى ما بين يدي الحوت فأكله ، لزمه القود والقصاص لأنّه سبب قوي مقدّم على المباشر لعدم كونه مكلّفا ، ولأنه صار بالطبع فهو كآلة القتل مثل السيف.

قوله : «ولو ألقاه إلى البحر ، إلخ» وجه النظر أنّه قصد القتل أو الفعل الذي يترتّب عليه الفعل غالبا وحصل فهو موجب للقود ، ولا يضرّ القتل بغير ما قصد إذ يصدق عليه أنّه قصد القتل وقتل بسببه مع ضعف المباشر.

وليس مثله الإلقاء من شاهق وقدّه آخر نصفين قبل وقوعه إلى الأرض ، فإنّ المباشر هنا أقوى ومقدم على السبب ، وأنّه قتل بغير ما قصد بل بغير فعله فهو كالقتل بغير قصد بل بغير فعله فإنّه قتل بالتقام الحوت.

ولعلّ الأوّل أوجه ، فتأمّل.

٣٨٧

ولو ألقاه إلى أسد ولا مخرج له أو أغرى العقور به فقتله أو أنهشه حيّة قاتلا فمات أو طرحها عليه فنهشته فالقود.

ولو جرحه وعضّه الأسد فسرتا ، قتل الجارح بعد ردّ نصف الدية.

______________________________________________________

ثم الظاهر أنّه يلزم الملقى الدية على تقدير عدم القول بالقود لئلا يبطل دم امرء مسلم غير مستحق للقتل مع كونه مقتولا بسبب فعله ، فتأمّل.

قوله : «ولو ألقاه إلى أسد ، إلخ». دليل لزوم القود على ملقى إنسان إلى اسد ـ ولا مخرج له أو كان ولم يقدر فقتله الأسد ـ أنّه سبب للقتل العمد العدوان مع ضعف المباشر لعدم شعوره وتكليفه.

ولا فرق في ذلك بين ان يكون قصده القتل أو مجرد الإلقاء ، فإنه موجب للقتل غالبا ، وهو دليل القود على مغري الكلب العقور على انسان ولا مخلص منه فقتله ، وكذا لزومه على منهشي ومغري الحيّة على انسان فنهشته ولسعته وقتلته.

وكذا لزومه على مطرح الحيّة عليه ولم يقدر على الخلاص وإن كان بسبب غلبة خوف الحيّة حتّى قتلته.

ولو قدر وأهمل من غير سبب من جهة الملقى لم يكن القصاص على الملقى لتقصيره فإنّه سبب لقتله مع تكليفه وقدرته فهو أقوى من الملقى ، فتأمّل.

ويحتمل هنا أيضا القصاص فإنّه سبب للقتل ، ولكنّه بعيد ، فتأمّل.

قوله : «ولو جرحه إلخ». أي لو جرح انسان إنسانا آخر وعضّه أسد أو لسعته حيّة أو حصل عليه جناية أخرى ، ثم سرتا حتّى مات لزم الجارح القتل به لكن بعد ردّ نصف ديته إليه لأنّه قتل بجرحه وبغيره وكلّ واحد نصف ، فعليه نصف النفس ولا يمكن الاستيفاء من الأسد ونحوه ، فيكون هدرا ، فالولي إذا أراد قتل شخص فعليه نصف الدّم لا بد من إعطاء عوض نصفه وهو ظاهر.

٣٨٨

وكذا لو شاركه الأب أو شارك حرّ عبدا في عبد

ولو ألقاه مكتوفا في مسبعة فافترسه السبع اتفاقا فالدّية.

______________________________________________________

وكذا لو شارك في قتل انسان يلزمه قتله به. ومن لا يلزمه شي‌ء بقتله مثل ان قتل شخص بمشاركة أب ولده فإنّ الأب لا شي‌ء عليه مثل الأسد.

فإذا أراد وليّ الدّم قتل شريكه في الدّم لا بد ان يعطيه نصف ديته حتّى يقتله.

وكذا لو شارك حرّ وعبد في قتل عبد فعلى كلّ واحد نصف العبد ولا يمكن قتل الحر ، نعم لمولى المقتول قتل العبد القاتل ، ولكن ردّ نصف قيمته الى مولاه كائنا ما كان ما لم يتجاوز نصف الدّية ويأخذ من الحرّ نصف قيمة عبده كائنا ما كان ما لم يتجاوز نصف الدية.

قوله : «ولو ألقاه إلخ». أي لو القى شخص إنسانا مربوط اليدين في محلّ السبع ولم يكن السبع حاضرا فأكله السبع اتفاقا لزمه الدية لا القود ، لأنّه ما قصد القتل ولا فعلا قاتلا غالبا ، فلا عمد وقد تلف نفس بسببه.

ويحتمل القود أيضا ، فإنّه قتل نفسا بالتسبيب فيدل «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (١) عليه.

وهو بعيد إذا لم يكن قاصدا للقتل ، وإلقائه في فم السّبع وإلّا فليس ببعيد ، فإنّ إلقاء المربوط في محلّ السبع ـ ولو كان مجيئه اليه نادرا ـ لا يخلو عن قصد قتله ، بل ولو ثبت عدم قصده فان فعله موجب لذلك.

وينبغي التأمّل في ذلك ، وهو فرع التأمّل في معنى العمد ، وقد مرّ ، فتذكر.

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

٣٨٩

ولو كان به بعض الجوع فحبسه عالما بجوعه حتّى مات جوعا فالقصاص ، كما لو ضرب المريض بما يقتل مثله (فعله ـ خ ل) المريض دون الصحيح.

ولو لم يعلم جوعه احتمل القصاص أو الدية أو نصفها.

______________________________________________________

والظاهر أنّه كذلك إذا لم يكن مربوط اليدين أيضا وما تمكن من التخلص من السبع وهلك ، فحكمه حكم المربوط.

نعم لو كان قادرا وتخاذل مع القدرة لا شي‌ء على الملقي ، فتأمّل.

قوله : «ولو كان به بعض الجوع إلخ» لو كان انسان جوعانا وحبسه العالم بذلك ومنعه من الأكل حتّى مات لزمه القصاص فإنّه فعل فعلا قاتلا غالبا ، وهو موجب للقصاص وإن لم يقصد القتل كما مرّ مرارا.

مثل ما لو ضرب مريضا ضربا يقتل مثله المريض ولم يقتل الصحيح فإنّ ذلك موجب للقصاص وهو ظاهر.

ولو لم يكن عالما بجوعه ولم يقصد القتل ولم تمض مدّة يموت فيها مثله من الجوع لو لم يكن جوع سابق ، ففيه احتمالات ثلاث :

الأوّل : القصاص لحصول القتل بفعله ، وحاله ظاهر ممّا تقدم ولو كان مدة لا يعيش فيها مثله أو قصد قتله به لزم القود وقد مرّ ما يفهم منه ذلك أيضا.

الثاني : الدية لأنّه مثل شبيه العمد فيكون عليه الدية.

الثالث : نصف الدية لأنّه قتل بالجوع السابق والحبس ، والأخير ظلم بخلاف الأوّل فالسبب الموجود منه ، نصف فعليه نصف الدية.

وضعف هذا ظاهر ، فإنّ الموت إنّما يحصل بحبسه والجوع ليس علّة ، وذلك مثل ضرب مريض جاهلا بمرضه بما لم يكن قاتلا لو لم يكن مريضا فإنّه لا ينقص من ديته بذلك شي‌ء ، وهو ظاهر ، فالظاهر تمام الدية.

٣٩٠

وإمّا بشرط (شرط ـ خ ل) كحفر البئر ، فإن التردّي علّته المشي عند الحفر لا (بالحفر ـ خ) ولا يتعلق القصاص بالشرط.

المطلب الثاني : في اجتماع العلل

لا اعتبار بالشرط مع المباشرة كالممسك مع القاتل والحافر مع الدافع.

______________________________________________________

قوله : «وإمّا شرط إلخ». عطف على قوله : (إمّا مباشر) فسبب القتل العمد ثلاثة المباشرة وهو (هي ـ ظ) العلّة الّتي يستند الفعل إليه مثل القتل بالسيف.

والسبب وهو ماله أثر ظاهر في الفعل كما للعلة لكنه يشبه بالشرط من وجه آخر وهو عدم ترتب القتل عليه.

والشرط وهو ما يتوقف عليه تأثير المؤثّر ولا مدخل له في العلية كحفر البئر بالنسبة إلى الوقوع والتردي فيها وهو علة والمشي على حافتها وطلبه إلى ذلك سبب ، وتحقيق ذلك بحيث يمتاز كلّ واحد عن آخر ، لا يخلو عن إشكال ، فتأمّل.

قوله : «لا اعتبار إلخ» إذا اجتمع علّتان وسببان من الأسباب الثلاثة الموجبة للقصاص أو الدّية ، يقدّم الأقوى على الأضعف ، فإذا اجتمع الشرط والمباشر المباشر مقدم ، لأنّه أقوى ما لم يعرض عارض مثل إن أمسك انسان إنسانا وقتله آخر ، لا شك أنّ القاتل أقوى فالضمان عليه ، فيقتصّ به ، ويحبس الممسك لإعانته على الظلم.

وتدلّ عليه الروايات ، مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين (علي ـ ئل) عليه السّلام في رجلين أمسك أحدهما وقتل الآخر ، قال يقتل القاتل ويحبس الآخر حتّى يموت غمّا كما حبسه حتّى مات غمّا

٣٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

(الحديث ـ ئل) (١).

وكذا إذا حفر إنسان بئرا في غير ملكه ودفع آخر إنسانا فيها ، فالضمان على الدافع ، لا الحافر.

ومن جملة ما يقدّم الشرط والسبب دون المباشر ، جهل المباشر بالسبب مثل ان حفر بئرا في غير ملكه وغطّاه ودفع غيره شخصا فوقع فيها ، فالضمان هنا على الحافر.

وكذا لو وقع فيها بنفسه فالحافر ضامن ولا يسقط بأنّه المباشر فلا ضمان هنا لأنّ السبب أقوى.

وتؤيده صحيحة أبي الصباح ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : من أضرّ بشي‌ء من طريق المسلمين ، فهو له ضامن (٢).

ورواية زرارة عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : رجل حفر بئرا في غير ملكه فمرّ عليها رجل فوقع فيها؟ فقال : عليه الضمان لأنّ كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان (٣) ولا يضر ضعف سندها (٤).

وأمّا إذا حفر في ملك نفسه فسترها ودعا إنسانا إلى ملكه فوقع فيها ، ففيه خلاف ، والمشهور الضمان على الحافر لأنّه سبب وغارّ بالطلب والستر.

وقيل بعدم الضمان لرواية زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لو أنّ رجلا حفر بئرا في داره ثم دخل رجل فوقع فيها لم يكن عليه شي‌ء ولا ضمان ولكن ليغطها (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب القصاص الرواية ١ ج ١٩ ص ٣٥ هكذا في الفقيه وفي التهذيب : كما كان حبس عليه حتّى مات غمّا وفي الكافي : كما كان حبسه عليه حتى مات وفي بعض النسخ المخطوطة : كما كان حبس عليه إلخ.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب موجبات الضمان الرواية ٢ ج ١٩ ص ١٧٩.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب موجبات الضمان الرواية ١ ج ١٩ ص ١٧٩.

(٤) فان سندها كما في التهذيب هكذا : ابن أبي نجران عن مثنى عن زرارة.

(٥) الوسائل الباب ٨ من أبواب موجبات الضمان الرواية ٤ ج ١٩ ص ١٨٠.

٣٩٢

وان اجتمع المباشر والسبب فقد يغلب السبب بان تباح المباشرة كقتل القاضي مع شهادة الزّور فالقصاص على الشهود ، وقد يغلب المباشر كما لو ألقاه من عال فقدّه انسان نصفين (بنصفين ـ خ ل) فلا قصاص على الدافع ، بخلاف الحوت.

______________________________________________________

ومضمرة سماعة قال : سألته عن الرّجل. يحفر البئر في داره أو في أرضه؟ فقال : أمّا ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان وأمّا ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيها (فيه ـ ئل) (١).

ومثلها موثقة سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام (٢).

وهما دليلا المسألة السابقة.

ويمكن حملهما على ظهور البئر وعدم تغطيها وسترها ، وعدم الإذن في دخول الغير الى ملكه.

ويؤيّده ما في رواية بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته ، قلت : جعلت فداك (سألته عن رجل ـ ئل) رجل دخل دار قوم فوثب كلبهم عليه في الدار فعقره؟ فقال : ان كان دعي ، فعلى أهل الدّار أرش الخداش (الخدش ـ ئل) وإن لم يدع (فدخل ـ ئل) فلا شي‌ء عليه (٣).

وإذا اجتمع المباشر والسبب ، المباشر مقدّم ، ولكن قد يغلب السبب على المباشر بأن يكون المباشرة ذوي السبب ، مثل ان شهد الشهود بما يوجب قتل شخص فقتل القاضي المشهود عليه ثم ظهر كون الشهود شهود زور وكذب عمدا ، فالقصاص والضمان على الشهود الذين هم سبب دون المباشر وهو القاضي أو من امره به.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب موجبات الضمان الرواية ٣ ج ١٩ ص ١٨٠.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب موجبات الضمان الرواية ٣ بالسند الثاني.

(٣) الوسائل الباب ١٧ من أبواب موجبات الضمان الرواية ١ مع اختلاف يسير في بعض التعابير ج ١٩ ص ١٨٩.

٣٩٣

ولو اعتدلا كالإكراه على القتل فالقصاص على المباشر ، ويحبس المكره دائما.

______________________________________________________

ومن صور تغليب المباشر ، من قد شخصا رماه آخر من سطح مثلا فالقصاص على القادّ لا الرامي.

وليس إلقاء شخص إنسانا في البحر فالتقمه الحوت ، منها فإنّه من العكس ، فالضمان حينئذ على الملقي.

قوله : «ولو اعتدلا إلخ» أي لو اعتدل وتساوى المباشر والسبب بغير رجحان من العقل أي لم يجد العقل الرجحان ، بل يحكم بالتساوي وحينئذ الحكم على المباشر لا السبب ، كما إذا أكره إنسان آخر على قتل آخر فالقصاص على المباشر لا المكره ، بل يحبس المكره دائما وحينئذ لا بدّ من رجحان جانب المباشر من نصّ أو إجماع.

فيمكن أن يقال هنا : لقوله (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (١) أو الإجماع ، ولعدم تحقق الإكراه عند أصحابنا ، يعني لا يسوغ له القتل بوجه.

ولخصوص رواية ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، في رجل أمر رجلا بقتل رجل (فقتله ـ خ ئل)؟ فقال : يقتل الذي قتله ويحبس الآمر بقتله في السّجن حتّى يموت (٢) كأنّها صحيحة.

وقال في الشرائع وفي رواية علي بن رئاب ، يحبس الآمر بقتله حتّى يموت.

لعلّ فيه إشارة إلى توقفه فيه ، ووجهه غير ظاهر بعد الصحة ووجود الفتوى وعدم خلاف الأصول.

__________________

(١) المائدة : ٤٩.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ونقل فيه عن الفقيه أمر رجلا حرّا ج ١٩ ص ٣٢.

٣٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مع أنّه ينبغي أن يقول : رواية زرارة فإنّه الراوي عن الامام عليه السّلام.

هذا في النفس واما في الأطراف الّتي يتحقق فيها الإكراه بمعنى يجوز بل يجب عليه ارتكاب المكره ولا يتركه فحينئذ لا شك أنّ السبب أقوى فلا قصاص ولا دية على المباشر.

ويحتمل القصاص على المكره فإنّه الفاعل ، والمباشر كالآلة ، والدّية (١) لأنّه غير مباشر حقيقة ، وهو ظاهر.

هذا كلّه إذا كان المكره والمكره بالغين عاقلين وحرّين أمّا إذا كان المكره غير مكلّف ، فالظاهر عدم الحبس ، بل التعزير والتأديب حتّى لا يعود الى مثله.

والظاهر عدم الفرق فيه بين الحرّ وغيره.

وأمّا المكره الغير المميّز فالظاهر عدم شي‌ء عليه فيقتل المكره لأنّه أقوى ، وغير المميّز مثل الآلة له.

وإن كان مميّزا فيحتمل كون القصاص على الآمر أيضا لعدم التكليف على المكره وإسقاط الدّم غير معقول ، بل والدّية أيضا لأنّه عمد.

ويحتمل الدية على عاقلة المكره لأنّ عمده خطأ وخطائه على عاقلته وحينئذ يحتمل حبس الآمر للخبر.

ولا يضرّ عدم العمل بجزئه الآخر لعدم التكليف وعدم القتل عليه.

ويحتمل الدية على الآمر.

ونقل عن الشيخ في النهاية والمبسوط القصاص من المكره إن بلغ عشر سنين (٢).

ووجهه غير ظاهر.

__________________

(١) عطف على قوله قدّس سرّه : القصاص.

(٢) راجع الوسائل الباب ٤٤ من كتاب الوصايا ج ١٣ ص ٤٢٨.

٣٩٥

ولو أكرهه على صعود (صعوده ـ خ ل) شجرة فزلق فعليه الدّية.

ولو قال اقتلني والّا قتلتك سقط القصاص والدية دون الإثم.

______________________________________________________

ويحتمل أن يكون للرواية.

ويحتمل لعموم أدلة قصاص المباشر وإخراج ما دون العشرة بالإجماع ويؤيّده الاخبار في لزوم بعض احكامه فيمن بلغ عشرا.

وقال في الشرائع : وهو مطرح (مطروح ـ خ ل).

ونقل عن الشيخ المفيد والصدوق إطلاق الاقتصاص إذا بلغ خمسة أشبار لرواية السكوني (١).

ويمكن اجراء ما تقدم في قول الشيخ.

وأمّا المملوك فقيل : لا فرق بين الحرّ والمملوك الغير المميّز والبالغ.

وأمّا المميّز فقيل يتعلق الجناية برقبته وعلى السيد المكره السجن.

وفي الاستبصار : إن كان السيد الآمر معتادا لذلك قتل ، وخلّد العبد السجن ، وان كان نادرا فالعكس ، جمعا بين رواية زرارة المتقدمة (٢) ورواية السكوني وإسحاق (٣) فتأمّل.

قوله : «ولو أكره إلخ» لو أكره شخص آخر على صعود شجرة فزلق ووقع من الشجرة ومات فعليه الدية ، لأنّه ليس بقاتل عمدا بل تلف النفس بسبب منه فهو ضامن لها فعليه الدية.

الظاهر أنّها في ماله دون العاقلة لعدم الخطأ.

قوله : «ولو قال إلخ» لو قال انسان لآخر اقتلني وان لم تقتلني فأنا

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٦٦.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب القصاص الرواية ١ ج ١٩ ص ٣٢.

(٣) أمّا رواية السكوني فقد تقدمت آنفا. واما رواية إسحاق نقلها في الوسائل الباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ٣ ج ١٩ ص ٣٠٧.

٣٩٦

ولو اجتمع المباشر مع مثله قدّم الأقوى.

______________________________________________________

أقتلك ، فقتله ، اختار المصنّف هنا ، وهو المشهور أن لا قصاص ولا دية بل عليه إثم القتل فقط ، لأنّه إنّما فعل بامره وخوفا من قتله إيّاه فليس بضامن فإنّ الإتلاف بإذنه ، مع الخوف ، فسقط حقّه ، وحق الوارث فرع حقّه ، وأمّا الإثم فلأنّه منهي مع ذلك إذ (فإنه ـ خ) لا يباح بإذنه ولا بتخويفه إيّاه ، إذ لا إكراه في القتل ، كما مرّ ، فيكون حراما ، بل موجبا لدوام دخول النار ، ان كان المقتول مؤمنا.

ومنه علم النظر في سقوط (ثبوت ـ خ) القصاص ، لأنّه قد ثبت بقاء النهي لعدم تحقق الإكراه في القتل فكان عليه أن لا يقتل ، ولو قتل فصدق (يصدق ـ خ) عليه أنّه قتل النفس المحرم ف «النفس بالنفس» (١) يقتضي القصاص.

وفيه شي‌ء فإنّه يجب عليه الدفع عن نفسه فإن كان قتله للدفع فلا شي‌ء.

إلّا ان يقال : المراد أنّه إنّما قتله بغير ذلك القصد بل بأمره بالقتل.

وبالجملة سقوط الحق بإذنه غير معلوم إذ كون الحق له غير معلوم ، ولهذا تردد في القواعد في سقوط القصاص وكذا الدية لو لم نقل بالقصاص.

ويمكن أن يقال : ان قتله دفعا عن نفسه فهو مسقط للإثم والقصاص والدية أيضا ، وان قتله لا للدفع ثبت القصاص والإثم معا فيجب على المأمور حينئذ قصد الدفع ، فتأمّل.

قوله : «ولو اجتمع إلخ» لو اجتمع المباشر مع مباشر آخر قدّم الأقوى منهما ، مثل أن جرح انسان إنسانا (٢) عمدا عدوانا وصار كالمذبوح وأزال استقرار حياته.

المراد بعدم استقرار الحياة مع عدم بقاء حركة ونطق اختياريين وبالجملة زوال الروح وإن كان يتحرّك مثل حركة الشاة والطير المذبوحين فكمّل الآخر قتله ،

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) متعلق بقوله قدّس سرّه مثل ان جرح انسان إنسانا إلخ.

٣٩٧

فلو جرحه حتّى جعله كالمذبوح وقتله الثاني فالقود على الأوّل ولو قتل من نزع احشائه وهو يموت بعد يومين أو ثلاثا قطعا فالقود على القاتل لاستقرار الحياة بخلاف حركة المذبوح.

ولو قطع يده من الكوع والآخر من المرفق وسرتا تساويا.

______________________________________________________

فالقصاص على الأوّل لأنّه القاتل حقيقة ، وعلى الثاني مقتضى جنايته على الميت.

ولو جرحه جرحا قاتلا يقينا ، ولكن يعيش يومين أو ثلاثة مثل إن شقّ بطنه وأخرج حشاه بحيث علم أنّه يموت بعد يومين وقتله الآخر حينئذ ، فالقود على الثاني لا الأوّل ، لأنّه القاتل إذ الغرض استقرار الحياة فهو قتل جفاء مثل من قتل مريضا مشرفا على الموت ، بخلاف أن جعله في حكم المذبوح وأزال استقرار حياته فإنّه بحكم الميت فالقاتل هو الأوّل فليس الثاني إلّا الجارح على ميت فعليه مقتضى جنايته.

قوله : «ولو قطع إلخ» أي إذا قطع أحد يد آخر من الزند الذي هو محل التيمّم وقطع الآخر أيضا يد ذلك من المرفق وسرت الجنايتان ، إن علم موته بهما فهما قاتلان وشريكان في القتل على السواء.

فللولّي قتلهما بعد ردّ نصف دية كلّ واحد كما في باقي الشركاء في القتل.

والظاهر أنّه يكفي في العلم بسرايتها موته بعد جرحهما مع عدم العلم باستقلال أحدهما في القتل وان ذلك يظهر فيما إذا كانت اليد المقطوعة ثانيا غير الاولى.

وأمّا إذا كانت الأولى فهو مشكل فإنّه ينقطع ألمه وأثره بالقطع الثاني.

إلّا ان يقال : بقطعه حصل ألم وسراية أثّرت في البدن وانضم إليه القطع الثاني فهو بمنزلة جرحة جرحها واحد ووسعها الآخر.

إن علم هذا فهو جيّد ولكن العلم به مشكل ، ولهذا استشكله في الشرائع.

٣٩٨

ولو قطع أحدهما يده وقتله آخر انقطعت سراية الأوّل.

ولو قتل مريضا مشرفا فالقود.

ولو أمسك واحد وقتل ثان ونظر ثالث قتل القاتل وخلّد الممسك (في ـ خ) السّجن وسملت (١) عين الناظر.

______________________________________________________

ويحتمل كون الثاني هو القاتل فقط ، والأوّل هو قاطع ، فعليه مقتضى جنايته ، وهو قطع يده أو ديتها كما إذا قطع أحد يده ثم قتله الآخر ، فتأمّل.

قوله : «ولو قطع إلخ» ولو قطع أحد الشخصين يد شخص والآخر قتله ، ينقطع سراية القطع بالقتل ، فعلى الأوّل أرش جنايته وهو قطع يده قصاصا أو الدية ، وعلى الثاني القصاص مع العمد ، والدية مع عدمه ، فهذه ليست مثل سابقتها ، فإنّ سراية الأوّل ينقطع بالقتل.

قوله : «ولو قتل إلخ» لو قتل أحد من أشرف على الموت ولم يمت بعد ولم يصرّ بحكم الميّت كالمريض المشرف على الموت ، فعلى قاتله ، القصاص مع العمد العدوان ، لأنّه قتل نفسا حيّة ، وقد مرّ.

قوله : «ولو أمسك إلخ» قد دلّ على قتل القاتل وحبس الممسك ، الاعتبار والأخبار ، مثل صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجلين أمسك أحدهما وقتل الآخر ، قال : يقتل القاتل ويحبس الآخر حتّى يموت غمّا كما (كان ـ خ) حبسه عليه حتّى مات غمّا (٢).

وغيرهما من الاخبار (٣).

وقد دلّ عليهما وعلى الأخيرة وهو سمل عين الناظر ـ أي فقأ عينه ـ رواية

__________________

(١) أي قلعت.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب القصاص الرواية ١ ج ١٩ ص ٣٥.

(٣) راجع الوسائل الباب ١٧ من أبواب القصاص ج ١٩ ص ٣٥.

٣٩٩

ولو قهر الصبي والمجنون على القتل فالقصاص عليه ، لأنّهما كالآلة ، ولو كان مميّزا غير بالغ حرّا فالدية على عاقلته ولو كان مملوكا فالدية في رقبته.

ويتحقق الإكراه فيما دون النفس.

______________________________________________________

السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، أنّ ثلاثة نفر رفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام ، واحد منهم أمسك رجلا واقبل الآخر فقتله والآخر يراهم ، فقضى في (صاحب ـ خ ئل) الرؤية ان تسمل عيناه وفي الذي أمسك أن يسجن حتّى يموت كما أمسكه ، وقضى في الذي قتل ان يقتل (١) وسندها ضعيف الّا أنّها محمولة ومشتملة على ما اشتمل عليه الصحيحة المتقدمة (٢).

ولكنّ الأصل عدم عقوبة على الناظر ، وما فعل ما يوجبها بحسب الظاهر ، فالحكم الأخير لو لم يكن مجمعا عليه ، فهو محلّ التأمّل ، فتأمّل.

قوله : «ولو قهر الصبيّ إلخ» ولو قهر بالغ عاقل الصبيّ الغير المميز أو المجنون على القتل حتى قتل شخصا ، فالقصاص على المكره لأنّهما كالآلة له.

ولو كان مميّزا عاقلا حرّا فلا قود ولا دية على المكره لأنّه غير قاتل ، والقاتل مميّز حرّ كالبالغ ، وتلزم الدية عاقلة القاتل ، لعدم ابطال دم امرء مسلم ، وليست على القاتل (الفاعل ـ خ) ، لأنه صبي وعمده خطأ وخطأه على عاقلته وقد مرّ ، فتأمّل.

ولو كان المكره صبيّا مملوكا مميّزا ـ إذ غير المميّز والبالغ حكمه حكم الحرّ على ما مرّ ـ لزم الدية على السيّد في رقبة الفاعل ، وفيه أقوال أخر ، وقد مرّ بعضها مع بعض البحوث.

قوله : «ويتحقق الإكراه إلخ» قد مرّ أنّ الإكراه عند الأصحاب

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب القصاص الرواية ٣ ج ١٩ ص ٣٥.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب القصاص الرواية ١.

٤٠٠